27. الفرق بين حسن السلوك والتغيير في الشخصية
كلمات الله القدير في الأيام الأخيرة
يشير التحوُّل في الشخصية بصورة رئيسية إلى تحوُّلٍ في طبيعة المرء. لا يمكن النظر إلى الأمور في طبيعة الشخص من التصرفات الظاهرية؛ إذ إنها ترتبط مباشرةً بقيمة وأهمية وجوده، بنظرته إلى الحياة وقِيَمِه، التي تشمل الأمورِ الكامنةِ في أعماق نفسه وجوهره. إن لم يستطع الشخص قبول الحق فلن يحدث له أي تحوُّل في هذه الجوانب. ولا يمكن القول بأن شخصية المرء قد تغيَّرَت إلَّا من خلال اختبار عمل الله، والدخول كليةً في الحق، وتغيير قيمه ووجهات نظره حول الوجود والحياة، وجعل وجهات نظره عن الأشياء تتوافق مع كلمة الله، وقدرته على الخضوع الكامل لله والوفاء له. في الوقت الحاضر قد يبدو أنَّك تبذل بعض الجهد، أو أنك مرن في مواجهة المشقة بينما تؤدي واجبك، أو قد تتمكَّن من تنفيذ ترتيبات العمل المرسلة من الأعلى، أو قد يكون باستطاعتك الذهاب إلى أي مكان يُطلب منك الذهاب إليه. قد يبدو ظاهريًا كما لو كنتَ مطيعًا إلى حد ما، ولكن عندما يحدث شيء لا يتماشى مع مفاهيمك، فإن تمردك يأتي إلى الواجهة. على سبيل المثال، أنت لا تخضع للتهذيب، وتكون أقل خضوعًا عند وقوع الكارثة؛ حتى أنك تجد داخلك أنك تتذمر من الله. لذلك فإن ذلك القليل من الخضوع والتغيير الظاهري هو مجرد تغيير بسيط في السلوك. ثمة القليل من التغيير، ولكنه لا يكفي ليُشكّل تحوّلًا في شخصيتك. قد تكون قادرًا على الركض في مسارات كثيرة، وتلاقي مصاعب كثيرة، وتتحمَّل ذُلًا كبيرًا؛ قد تشعر أنَّك قريب جدًا من الله، وقد يعمل الروح القدس عملًا ما في داخلك. لكنْ، عندما يطلب الله منك أن تفعل شيئًا لا يتوافق مع أفكارك، فلعلك مع ذلك لا تخضع، بل تبحث عن الأعذار، وتتمرَّد على الله وتقاومه، حتى في المناسبات العصيبة، تشكك فيه وتقاومه. ستكون هذه مشكلة خطيرة! سيبيّن هذا أن لديك طبيعةً مقاومةً لله، وأنك لا تفهم الحق حقًّا، وأن شخصيتك الحياتية لم تتغير على الإطلاق. بعد إعفاء أو إخراج بعض الناس، يظلون يجدون في أنفسهم الجرأة لدينونة الله ويقولون إن الله ليس بارًا. بل إنهم يجادلون الله ويقاومونه، وينشرون مفاهيمهم حول الله وعدم الرضا عن الله أينما ذهبوا. أناس مثل هؤلاء هم أبالسة أشرار يقاومون الله. والأشخاص الذين لديهم طبائع إبليسية لن يتغيروا أبدًا ويجب نبذهم. وحدهم أولئك الذين يستطيعون طلب الحق وقبوله في كل موقف، والخضوع لعمل الله، لديهم أمل في ربح الحق وتحقيق تغيير في الشخصية. يجب أن تتعلم في اختباراتك التمييز بين الحالات التي تبدو ظاهريًا طبيعية. قد تنتحب وتبكي في أثناء الصلاة، أو تشعر أن قلبك يحب الله كثيرًا، وقريب جدًا من الله، ومع ذلك فهذه الحالات ليست سوى عمل الروح القدس، ولا تدل على أنك شخص يحب الله. إذا كان لا يزال بوسعك أن تحب الله وتخضع له حتى حينما لا يعمل الروح القدس، وحينما يقوم الله بأشياء لا تتوافق مع مفاهيمك، حينئذ فقط تكون شخصًا يحب الله حقًا. وحينئذ فقط تكون شخصًا تغيرت شخصيته الحياتية. وهذا الشخص وحده هو الذي لديه واقع الحق.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. ما ينبغي معرفته عن تغيير شخصية المرء
إلامَ يشير التحوُّل في الشخصية؟ هو عندما يقبل شخص يحب الحق، دينونة كلام الله وتوبيخه ويخضع لجميع أنواع المعاناة والتنقية بينما يختبر عمل الله، ويُطهَّر من السموم الشيطانية الموجودة بداخله ويتخلص تمامًا من شخصياته الفاسدة، ويتمكن من الخضوع لكلام الله وجميع تنظيماته وترتيباته، ولا يتمرد أو يقاوم مرَّة أخرى أبدًا. هذا تحوُّل في الشخصية. ... التحول في الشخصية يعني أنَّ شخصًا ما، لأنه يحب الحق ويمكنه قبوله، يتوصل أخيرًا إلى معرفة طبيعته المتمردة على الله والمعارضة له. إنه يفهم أن البشر فاسدون بعمق شديد، ويفهم سخافة الجنس البشري وخداعه وحالة الجنس البشري المُفقَرَة والمثيرة للشفقة، وفي النهاية يفهم جوهر طبيعة الجنس البشري. وبمعرفة هذا كله، يصبح قادرًا على إنكار نفسه والتمرد عليها تمامًا، والعيش وفقًا لكلمة الله، وممارسة الحق في جميع الأشياء. هذا شخص يعرف الله، وشخص تغيَّرت شخصيته.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. كيفية معرفة طبيعة الإنسان
تختلف التغييرات في الشخصية في جوهرها عن التغييرات في السلوك، كما تختلف عن التغييرات في الممارسة – تختلف كلّها في جوهرها. يركِّز معظم الناس بصورةٍ خاصة على السلوك في إيمانهم بالله، ونتيجةً لذلك تحدث بعض التغييرات في سلوكهم. بعد أن يكونوا قد بدأوا يؤمنون بالله، يتوقَّفون عن التدخين والشراب مُفضِّلين التحلِّي بالصبر عندما يعانون الخسارة، ويخضعون لبعض التغييرات السلوكيَّة. يشعر بعض الناس أنهم بمُجرَّد إيمانهم بالله فإنهم يفهمون الحقّ من خلال قراءة كلمة الله ممَّا يجعلهم مُتحمِّسين بشكلٍ خاصّ، ولا يوجد شيءٌ لا يمكنهم التخلِّي عنه أو تحمُّله. ومع ذلك، بعد أن آمنوا لمدة ثماني أو عشر سنوات أو حتى عشرين أو ثلاثين سنة، ولأنه لم يوجد تغيير في شخصياتهم الحياتية، ففي النهاية ينزلقون مرة أخرى إلى الطرق القديمة، ويزداد تكبُّرهم وغرورهم وضوحًا، ويبدؤون في التنافس على السلطة والربح، ويشتهون أموال الكنيسة، ويحسدون أولئك الذين استغلّوا بيت الله. إنهم يتحوَّلون إلى طفيِّلياتٍ وآفات داخل بيت الله، بل وإن بعضهم ينكشف ويُستبعد كقادةٍ كذبة وأضداد للمسيح. فماذا تثبت هذه الحقائق؟ إن التغييرات في مجرد السلوك ليس إلا لا تدوم. إن لم يكن هناك تغيير في موقف الناس تجاه الحياة، فعاجلًا أم آجلًا سيظهرون على حقيقتهم. وهذا لأن التغييرات في السلوك مصدرها الحماسة، وباقترانها بعملٍ ما للروح القدس في ذلك الوقت، يصبح من السهل للغاية بالنسبة إليهم أن يصيروا متحمسين، أو أن تكون لهم مقاصد حسنة لوقت قصير. وكما يقول غير المؤمنين: "إن القيام بعملٍ صالحٍ أمرٌ سهل، لكن الأمر الصعب هو القيام بالأعمال الصالحة مدى الحياة". لماذا يعجز الناس عن القيام بالأعمال الصالحة طوال حياتهم؟ لأن الناس بطبيعتهم خبثاء وأنانيون وفاسدون، فطبيعة المرء هي التي توجّه سلوكه؛ ومهما تكن طبيعة المرء، يَكُنْ السلوك الذي يكشف عنه، ولا يمثل طبيعة المرء سوى ما يُكشف عنه بشكل طبيعي. فلا يمكن أن تدوم الأشياء الزائفة. عندما يعمل الله لخلاص الإنسان، لا يهدف بذلك إلى تزيينه بالسلوك الحسن؛ فالغاية من عمل الله هي تغيير طباع الناس لجعلهم يولدون ثانيةً أشخاصًا جددًا. تسهم دينونة الله وتوبيخه وتجاربه وتنقيته للإنسان في تغيير شخصيته حتى يحقق الخضوع التام لله ويتوصل إلى عبادته بصورة طبيعية. هذا هو هدف عمل الله. إن التصرف الحسن ليس هو بالضبط كالخضوع لله، فضلاً عن أن يكون منسجمًا مع المسيح. ترتكز التغيرات في السلوك على التعاليم، وتتولد من الحماس؛ فهي لا تستند إلى المعرفة الحقيقية بالله، أو إلى الحق، فضلًا عن أن ترتكز على إرشاد من الروح القدس. وبالرغم من قيام الروح القدس أحيانًا بإنارة أو توجيه بعض الأعمال التي يقوم بها الناس، فإن هذا ليس إظهارًا لحياتهم. إنهم لم يدخلوا بعد في وقائع الحقّ، وشخصيَّتهم الحياتيَّة لم تتغيَّر على الإطلاق. وبغض النظر عن مدى صلاح سلوك الشخص، فإنه لا يُثبت أنَّه يخضع لله، أو أنَّه يطبّق الحق. إن التغييرات السلوكيَّة لا تُمثِّل تغييرات في الشخصيَّة الحياتيَّة ولا يمكن اعتبارها إظهارًا للحياة.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث
ما يعتقده الإنسان تغييرًا في الشخصية هو مجرد تغيير في السلوك، وهذا شيء مختلف وطريق مختلف عن تغيير الشخصية الذي يتحدث الله عنه. هل يمكن لما يعتقده الإنسان تغييرًا في الشخصية أن يضمن أن الناس لن يتمردوا على الله أو يقاوموه أو يخونوه؟ هل يمكن أن يجعلهم ذلك في النهاية يتمسكون بشهاداتهم ويرضون مقاصد الله؟ إن تغيير الشخصية الذي يتحدث عنه الله يعني أنه من خلال ممارسة الناس للحق، واختبارهم لدينونة الله وتوبيخه، ومن خلال تهذيب الله وتجربته وتنقيته لهم، يحققون فهمًا لمقاصد الله ولمبادئ الحق، ويتوصلون إلى امتلاك الخضوع وقلب يتقي الله، ومن ثم يعيشون وفقًا لمبادئ الحق، حيث ينالون قلوبًا تخضع لله وتتقيه، دون أي سوء فهم له، ويمتلكون معرفة وعبادة حقيقيتين لله. ما يتحدث عنه الله هو تغيير في شخصية الإنسان، ولكن إلامَ يشير تغيير الشخصية الذي يتحدث عنه الإنسان؟ إنه يشير إلى تحسين السلوك، وإلى الظهور بمظهر حُسن التصرف والهدوء، وإلى عدم التكبر، ويعني التحدث بأسلوب مهذب ومنضبط، وألا يكون بذيئًا ومؤذيًا، كما يشير إلى أن يتحلى المرء بالضمير والعقل والمعايير الأخلاقية في حديثه وسلوكه. هل هناك أيّ فرق بين تغيير الشخصية الذي يتحدث عنه الإنسان وتغيير الشخصية الذي يطلبه الله؟ ماهو الفرق؟ إن تغيير الشخصية الذي يتحدث عنه الإنسان هو تغيير في السلوك الظاهري، وهو تغيير يتوافق مع المفاهيم والتصورات البشرية. أما تغيير الشخصية الذي يطلبه الله فهو يعني أن يتخلص الإنسان من شخصيته الفاسدة، وهو تغيير في الشخصية الحياتية ينجم عن فهم الحق، كما أنه تغيير في نظرة الإنسان إلى الأشياء، وفي نظرته إلى الحياة وفي قِيَمه. إذًا هناك فرق. سواء كنت تتعامل مع أشخاص أو مع أشياء، يجب أن تكون دوافعك ومبادئ أفعالك ومعيار تقييمك جميعها متوافقة مع الحق، وعليك أن تسعى إلى مبادئ الحق؛ فهذه هي الطريقة الوحيدة لتحقيق تغيير في الشخصية. إذا كنت دائمًا تقيس نفسك بمعايير سلوكية، وإذا كنت دائمًا تركز على التغييرات في سلوكك الظاهري، وتعتقد أنك تحيا بحسب شبه الإنسان، وتحظى باستحسان الله لمجرد أنك تتمتع بالقليل من السلوك الحسن، فهذا خطأ تمامًا؛ إذ نظرًا لأنك تمتلك شخصيات فاسدة، ويمكنك معارضة الله، ولأنك معرض لخيانة الله، فمهما كان مدى حسن سلوكك الظاهري، فإنك لن تكون قادرًا على تحقيق الخضوع الحقيقي لله، ولن تتمكن من اتقاء الله والحيدان عن الشر إذا لم تسعَ إلى الحق لإيجاد حل لشخصيتك الفاسدة. هل يستطيع السلوك الظاهري الحسن فحسب أن ينتج قلبًا يتقي الله؟ هل يمكنه أن يجعل الإنسان يتقي الله ويحيد عن الشر؟ إذا لم يكن الناس قادرين على اتقاء الله والحيدان عن الشر، فلا يدل أي قدر من السلوك الحسن لديهم على أنهم يمتلكون خضوعًا حقيقيًا لله؛ وبالتالي، لا يدل أي قدر من السلوك الجيد على تغيير في الشخصية.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. لا يدل السلوك الحسن على تغير الشخصية
إذا كان شخصٌ ما يتَّصف بالعديد من السلوكيَّات الحميدة، فهذا لا يعني أنه يملك وقائع الحقّ. لا يمكنك أن تملك وقائع الحقّ إلّا من خلال ممارسة الحقّ والتصرُّف وفقًا للمبادئ. ولا يمكنك أن تملك وقائع الحقّ إلّا من خلال اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ. يتَّقد بعض الناس بالحماس، ويمكنهم التكلُّم بالتعاليم، واتباع الأنظمة، وأداء العديد من الأعمال الصالحة، ولكن كلّ ما يمكن قوله عنهم هو أنهم يملكون قدرًا ضئيلًا من الإنسانيَّة. وأولئك الذين يمكنهم التكلُّم بالتعاليم ويتبعون الأنظمة دائمًا لا يمكنهم بالضرورة ممارسة الحقّ. فعلى الرغم من أن ما يقولونه صحيحٌ ويبدو خاليًا من المشكلات، فليس لديهم ما يقولونه في الأمور المرتبطة بجوهر الحقّ. ولذلك، بصرف النظر عن مقدار التعاليم التي يمكن أن يتكلَّم بها شخصٌ ما، فهذا لا يعني أنه يفهم الحقّ، وبصرف النظر عن مقدار التعاليم التي يفهمها، فإنهم لا يمكنهم حلّ أيّ مشكلاتٍ. يمكن لجميع المُنظِّرين الدينيّين شرح الكتاب المُقدَّس، ولكن جميعهم يسقطون في النهاية؛ لأنهم لا يقبلون الحقّ الكامل الذي عبَّر عنه الله. يختلف عن ذلك الناس الذين اختبروا تغييرًا في شخصياتهم؛ إذ أنهم قد فهموا الحق، ويُميِّزون كل القضايا، ويعرفون كيف يتصرَّفون وفقًا لمقاصد الله، وكيف يتصرَّفون وفقًا لمبدأ الحق، وكيف يتصرَّفون لإرضاء الله، ويفهمون طبيعة الفساد الذي يكشفون عنه. وعندما تُكشف أفكارهم ومفاهيمهم، فإنَّهم يقدرون على التمييز والتمرد على الجسد. هكذا يظهر التغيير في الشخصية. والمظهر الرئيسي للناس الذين حدث تغير في شخصياتهم هو أنَّهم فهموا الحق بوضوح، وعندما ينفِّذون أمورًا، فإنَّهم يمارسون الحق بدِقَّةٍ نسبيَّة ولا يشكفون عن الفساد في كثيرٍ من الأحيان. وبوجه عام، يبدو الناس الذين تغيَّرَت شخصياتهم بوجه خاص عقلاء وفطنين تمامًا، ونتيجةً لفهمهم للحق، لا يكشفون عن البر الذاتيّ أو التكبّر بنفس القدر. فهم قادرون على أن يروا بوضوح ويميزوا الكثير من الفساد الذي كُشف عنه فيهم، لذلك لا يصيرون متكبِّرين. وهم قادرون على اقتناء إدراك متوازن للمكانة التي ينبغي أن يتخذوها وأي الأشياء ينبغي لهم القيام بها وتعتبر عقلانية، وكيف يكونون أوفياءً لواجبهم، وماذا يقولون وماذا لا يقولون، وماذا يقولون وماذا يفعلون لأي الأشخاص. وهكذا فإن الأشخاص الذين تغيرت شخصياتهم هم عقلاء نسبيًا، وأمثال هؤلاء الأشخاص هم وحدهم من يعيشون حقًا بحسب شبه الإنسان، وبما أنهم يفهمون الحق فهم قادرون دائمًا على قول الأشياء ورؤيتها بحسب الحق، ويتبعون المبادئ في كل ما يفعلونه. لا يخضعون لتأثير أي شخص أو حدث أو شيء ولديهم جميعًا آراؤهم ويمكنهم التمسك بمبادئ الحق. شخصياتهم ثابتة نسبيًا، فهم لا يتقلّبون في رأيهم، وبغض النظر عن ظروفهم، فإنَّهم يفهمون كيف يقومون بواجباتهم بصورة صحيحة وكيف يتصرفون بشكل يُرضي الله. أولئك الذين قد تغيَّرَت شخصياتهم حقًّا لم يُركِّزوا على ما يجب فعله ظاهريًا ليجعلوا الآخرين يحسنون الظن بهم، فقد اكتسبوا وضوحًا داخليًا متعلقًا بما يجب فعله لإرضاء الله. ولذلك قد لا يبدون من الخارج متحمِّسين للغاية أو كأنَّهم قد فعلوا أي شيءٍ مهم، ولكنّ كلّ ما يفعلونه هو ذو معنى وذو قيمة ويحقق نتائج عملية. ومن المؤكد أنّ أولئك الذين قد تغيَّرَت شخصياتهم يمتلكون الكثير من وقائع الحق، وهذا يمكن تأكيده من خلال وجهات نظرهم حول الأمور ومبادئهم في أفعالهم. أمَّا أولئك الذين لم يحظوا بالحقّ فلم يُحقِّقوا أيّ تغييرٍ في الشخصيَّة الحياتية على الإطلاق. كيف يجري بالضبط التغيير في الشخصيَّة؟ لقد أفسد الشيطان البشر إفسادًا شديدًا، فجميعهم يقاومون الله، وجميعهم لديهم طبيعةٌ مقاومة لله. والله يُخلِّص الناس من خلال تحويل أولئك الذين لديهم طبيعة مقاومة لله والذين يمكنهم مقاومة الله إلى أولئك الذين يمكنهم الخضوع لله واتّقاؤه. وهذا معنى أن تكون شخصًا تغيَّرت شخصيَّته. بصرف النظر عن مدى فساد الشخص أو عدد طباعه الفاسدة، ما دام يمكنه قبول الحقّ وقبول دينونة الله وتوبيخه، وقبول مختلف التجارب والتنقيات، فسوف يكون لديه فهمٌ حقيقيّ لله، وفي الوقت نفسه سوف يمكنه رؤية جوهر طبيعته بوضوحٍ. وعندما يعرف نفسه حقًّا، سوف يتمكَّن من كره نفسه والشيطان، وسيكون على استعدادٍ للتمرد على الشيطان وعلى الخضوع لله تمامًا. وبمُجرَّد أن يكون لدى الشخص هذا الإصرار يمكنه طلب الحقّ. فإذا كان لدى الناس معرفةٌ حقيقيَّة بالله، وتطهَّرت شخصيَّتهم الشيطانيَّة، وتأصَّل كلام الله في داخلهم وأصبح حياتَهم وأساس وجودهم، وإذا كانوا يعيشون وفقًا لكلام الله وتغيَّروا تمامًا وأصبحوا أناسًا جددًا – فإن هذا يُعتبر تغييرًا في شخصيَّتهم الحياتيَّة. لا يعني التغيير في الشخصيَّة التمتُّع بطبيعةٍ إنسانيَّة ناضجة ومُتمرِّسة، ولا يعني ذلك أيضًا أنَّ شخصيات الناس الخارجية تكون أكثر وداعة من ذي قبل، وأنَّهم كانوا متكبّرين ولكنهم الآن يتكلمون بالعقلانيَّة، أو أنَّهم لم يعتادوا الاستماع إلى أي شخص ولكن الآن يمكنهم الإصغاء إلى الآخرين قليلًا؛ لا يمكن أن يُقال إن مثل هذه التغييرات الخارجية تحولات في الشخصية. إن التغييرات في الشخصية بالطبع تشمل مظاهر كهذه، ولكن المكوِّن الأهم هو أنَّ حياتهم الداخلية قد تغيَّرَت. والسبب في هذا تمامًا هو أن كلام الله والحقّ قد تأصَّلا فيهم، ويسودان في داخلهم، وقد صارا حياتهم. كما تغيَّرت أيضًا وجهات نظرهم حول الأشياء. يمكنهم أن يدركوا مباشرةً ما يحدث في العالم ومع البشريَّة، وكيف أن الشيطان يُفسد البشريَّة، وكيف أن التنِّين العظيم الأحمر يقاوم الله، وجوهر التنِّين العظيم الأحمر. يمكنهم أن يكرهوا التنِّين العظيم الأحمر والشيطان في قلوبهم، ويمكنهم أن يلجؤوا تمامًا إلى الله ويتبعوه. هذا يعني أن شخصيَّتهم الحياتيَّة قد تغيَّرت، وأن الله ربحهم. التغييرات في الشخصيَّة الحياتيَّة تغييرات أساسيَّة، في حين أن التغييرات في السلوك سطحيَّة. فأولئك الذين حقَّقوا تغييرات في الشخصيَّة الحياتيَّة هم وحدهم الذين ربحوا الحقّ وهم وحدهم الذين ربحهم الله.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث
أنت الآن تُقِر فحسب بأن كلام الله صالح وصحيح، وبالنظر إلى سلوك الخارجي، فإنك لا تفعل الأشياء التي تتعارض بوضوح مع الحق، ولا تفعل أشياء تحكم بها على عمل الله. أنت قادر أيضًا على الخضوع لترتيبات عمل بيت الله. هذا هو الانتقال من كونك غير مؤمن إلى تابع لله لديه وَرَع القديسين. أنت تنتقل من شخص، يعيش بلا تردد حسب فلسفات الشيطان ومفاهيم الشيطان وقوانينه ومعارفه، إلى شخص، بعد أن سمع كلام الله، صار يشعر بأن كلام الله هو الحق، وهو يقبله ويسعى إلى الحق، ويصبح شخصًا يستطيع أن يعتنق كلام الله كحياة له. إنه ذلك النوع من العمليات؛ ولا شيء أكثر من ذلك. خلال هذه الفترة، سيخضع سلوكك وطرقك في فعل الأشياء لبعض التغييرات بالتأكيد. ومهما بلغ مقدار تغيرك، فإنَّ ما يظهر فيك – بالنسبة إلى الله – ليس أكثر من تغييرات في سلوكك وأساليبك، وتغييرات في رغباتكم وتطلعاتكم الداخلية. ليس الأمر أكثر من تغييرات في أفكارك ووجهات نظرك. قد تكون قادرًا الآن على تقديم حياتك لله عندما تستجمع قواك ويكون لديك الدافع، لكنك لا تستطيع أن تحقق الخضوع التام لله في أمر تجده مكروهًا للغاية. هذا هو الفرق بين تغيير في السلوك وتغيير في الشخصية. ربما يمكِّنك قلبك الطيب من التضحية بحياتك وكل شيء من أجل الله، قائلاً، "أنا مستعد وراغب في بذل دم حياتي من أجل الله. في هذه الحياة، لا أشعر بأي ندم ولا شكوى! لقد تخليت عن الزواج، وعن التطلعات الدنيوية، وعن كل المجد والثروات، وأنا أقبل هذه الظروف التي وضعها الله. أستطيع أن أتحمل كل استهزاء العالم وقدحه". لكن في اللحظة التي يطرح فيها الله ظرفًا لا يتناسب مع مفاهيمك، يمكنك أن تقف وتحتج عليه وتقاومه. هذا هو الفرق بين تغيير في السلوك وتغيير في الشخصية. من الممكن أيضًا أن تستطيع بذل حياتك من أجل الله وتتخلى عن أكثر مَن تحبهم من الناس أو أكثر ما تحبه من الأشياء، والتي لا يحتمل قلبك فراقها؛ لكن عندما تُدعى إلى التحدث إلى الله من القلب وأن تكون شخصًا صادقًا، تجد الأمر صعبًا جدًا ولا تستطيع فعل ذلك. هذا هو الفرق بين تغيير في السلوك وتغيير في الشخصية. من ناحية أخرى، ربما لا تشتهي الراحة الجسدية في هذه الحياة، فلا تأكل طعامًا فاخرًا ولا تلبس ثيابًا فاخرة، وتعمل كل يوم حتى الإرهاق والإنهاك في أداء واجبك. يمكنك أن تتحمل كل أنواع الآلام التي يجلبها لك الجسد، لكن إذا كانت ترتيبات الله لا تتوافق مع مفاهيمك، فلا يمكنك أن تفهم، وتبدأ الشكاوى وسوء الفهم تجاه الله في الظهور داخلك. تصبح علاقتك مع الله غير طبيعية بشكل متزايد. تكون مقاومًا ومتمرِّدًا على الدوام، وغير قادر على الخضوع لله كليًا. هذا هو الفرق بين تغيير في السلوك وتغيير في الشخصية. أنت على استعداد للتخلي عن حياتك من أجل الله، فلماذا لا تستطيع أن تقول له كلمة صادقة؟ أنت على استعداد لأن تستغنى عن كل شيء خارج نفسك، فلماذا لا يمكنك أن تكون مخلصًا بشكل ملحوظ للإرسالية التي كلَّفك الله بها؟ أنت على استعداد للتخلي عن حياتك من أجل الله، فلماذا لا يمكنك أن تتأمل في نفسك عندما تعتمد على مشاعرك في فعل الأشياء ودعم علاقاتك مع الآخرين؟ لماذا لا تستطيع أن تتخذ موقفًا لدعم عمل الكنيسة ومصالح بيت الله؟ هل هذا شخص يعيش أمام الله؟ لقد نذرت بالفعل أمام الله أن تبذل نفسك من أجله طوال حياتك، وأن تقبل كل معاناة تأتي في طريقك، فلماذا حالة واحدة من الإعفاء من واجبك تجعلك تغرق في السلبية لدرجة أنك لا تستطيع الزحف إلى الخارج لأيام عديدة؟ لماذا يمتلئ قلبك بالمقاومة والشكوى وسوء الفهم والسلبية؟ ما الذي يحدث؟ هذا يدل على أن قلبك يحب المكانة أكثر من أي شيء، وهذا مرتبط بنقطة ضعفك الأساسية. لذا، عندما تُعفى، تسقط ولا تستطيع النهوض. هذا كافٍ لإثبات أنه على الرغم من تغيُّر سلوكك، فإنَّ شخصيتك الحياتية لم تتغير. هذا هو الفرق بين تغيير في السلوك وتغيير في الشخصية.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن للمرء أن ينطلق في المسار الصحيح للإيمان بالله إلا من خلال معالجة مفاهيمه (3)
أصعب جزء من الإيمان بالله هو إجراء تغييرات في الشخصية. ربما تبقى بلا زواج طوال حياتك، أو قد لا تتناول طعامًا دسمًا أو لا ترتدي ملابس أنيقة مطلقًا، بل وقد يقول بعض الناس: "لا يهم ما إذا كنت أعاني طوال حياتي، أو إذا كنت وحيدًا طوال حياتي، سوف أتحمَّل هذا – فهذه الأشياء لا تعني شيئًا ما دام الله إلى جانبي". من السهل التغلب على هذا النوع من آلام الجسد ومشقاته والتعامل معه. ما الذي يصعب التغلب عليه؟ شخصيات الإنسان الفاسدة. لا يمكن حل مشكلة الشخصيات الفاسدة بمجرد كبح جماحها؛ إذ يستطيع الناس تحمُّل آلام الجسد لأداء واجبهم أداءً صحيحًا، وإرضاء مقاصد الله، والدخول إلى الملكوت في المستقبل، ولكن هل القدرة على المعاناة ودفع الثمن تعني حدوث تغيير في شخصياتهم؟ لا تعني ذلك. لقياس ما إذا كان يوجد تغيير في شخصية المرء، لا تنظر إلى مقدار المعاناة التي يستطيع تحملها، أو مدى حُسن تصرفه في الظاهر. السبيل الوحيد للقياس الدقيق لما إذا تغيرت شخصية امرئ ما يكون بالنظر إلى الأهداف، والدوافع، والمقاصد من وراء أفعاله، والمبادئ الكامنة وراء سلوكه وتعامله مع الأمور، وموقفه تجاه الحق.
بعد أن يؤمن بعض الناس بالله، يتوقفون عن اتباع الاتجاهات الدنيوية أو الاهتمام بملابسهم ومظهرهم، ويكونون قادرين على المعاناة والعمل بجد، وعلى إخضاع الجسد والتمرد عليه. ولكنهم نادرًا ما يكونون صادقين في تأدية واجباتهم وتفاعلهم مع الآخرين وتعامُلِهم مع الأمور، إذ لا يحبون أن يكونوا صادقين؛ فهم يريدون دائمًا أن يبرُزوا أنفسهم ويميزوها، وهناك مقصدٌ وراء كل ما يقولونه ويفعلونه. إنهم يقومون بحسابات مضنية ودقيقة من أجل إظهار مدى طيبتهم للناس، وليكسبوا قلوبهم، فيفضلهم الناس ويعبدونهم لدرجة أن يأتوا ويطلبوا منهم كلما أصابهم شيء. وهم يقومون بذلك بقصد التباهي. ما الشخصية التي يكشفون عنها؟ إنها شخصية شيطانية. هل يوجد كثير من الناس هكذا؟ الجميع هكذا. في الظاهر، هم ملتزمون بجميع اللوائح، وقادرون على المعاناة قليلًا، ومستعدون إلى بذل أنفسهم إلى حد ما، بل إنهم قادرون على التخلي عن بعض الأشياء الدنيوية، كما يتحلون ببعض العزيمة والرغبة في السعي إلى الحق، وقد أرسَوا لأنفسهم أساسًا على طريق الإيمان بالله، إلا أن شخصيتهم الفاسدة تبقى كما هي؛ فهم لم يتغيروا على الإطلاق؛ إذ حتى لو فهموا الحق، فلن يتمكنوا من ممارسته. هذا هو ما يعنيه عدم التغير على الإطلاق. مَن يعيشون في شخصيات شيطانية يتصرفون وفقًا لرغباتهم في كل الأشياء، وعندما يكون المَقْصَد من وراء أفعالهم خاطئًا، فإنهم لا يُصَلُّون إلى الله، ولا يهملون رغباتهم، ولا يسعون إلى مبادئ الحق، ولا يلجؤون إلى الآخرين أو يقومون بالشركة معهم. إنهم يفعلون كل ما يريدون، وكل ما يرغبون فيه؛ ويتصرفون بتهور وبلا ضابط أو رادع. قد لا يفعلون الشر ظاهريًا، لكنهم أيضًا لا يمارسون الحق. إنهم يتبعون رغباتهم فيما يفعلونه، ويعيشون في شخصية شيطانية، مما يعني أنه ليس لديهم حب للحقِّ ولا قلوب تتقي الله، ولا يعيشون أمامه. حتى إن البعض منهم قد يفهم كلام الله والحق، ولكنهم يعجزون عن ممارستهما؛ وذلك لأنهم لا يستطيعون التغلب على رغباتهم وطموحاتهم. إنهم يعرفون بوضوح أن ما يفعلونه خطأ، وأنه يمثّل عرقلة واضطرابًا، وأن الله يمقته، ومع ذلك يفعلونه مرارًا وتكرارًا، قائلين لأنفسهم: "أليس الهدف من الإيمان بالله هو ربح البركات؟ ما العيب في سعيي لربح البركات؟ لقد عانيت كثيرًا خلال سنوات إيماني بالله، وتخليتُ عن وظيفتي وفُرَصي في العالم من أجل ربح استحسان الله وبركاته، وبناءً على كل المعاناة التي تحملتها، ينبغي أن يتذكرني الله ويباركني ويمنحني الحظ السعيد". هذه الكلمات تناسب أذواق البشر؛ فكل من يؤمن بالله يفكر بهذه الطريقة، حيث يشعر بأنه إن تلوث قليلًا بمَقْصَدِ ربح البركات فتلك ليست مشكلة كبيرة، لكن إن تأملتم هذا الكلام بعناية، فهل يتوافق أي منه مع الحق أو يشكل جزءًا من واقع الحق؟ كل ذلك الإهمال والمعاناة ما هو إلا نوع من أنواع السلوكيات البشرية الحسنة؛ فتلك الأفعال يحكمها مقصد نيل البركات، وهي ليست ممارسة للحق. إن كان لأحد أن يستخدم معايير الإنسان الأخلاقية لقياس سلوك هؤلاء الأشخاص، فسيعتبرهم كادحين ومقتصدين ومجتهدين وأشدَّاء؛ إذ إنهم في بعض الأحيان ينشغلون بعملهم لدرجة أنهم ينسون تناول الطعام والنوم، بل إن بعضهم يكون مستعدًا لإعادة الأشياء المفقودة إلى أصحابها، ولفعل الخير وتقديم المساعدة إلى الآخرين ومعاملتهم بتفهم وكرم، وألّا يكون بخيلًا أو صعب الإرضاء، بل يكون مستعدًا حتى للتخلي عن الأشياء التي يحبها أكثر من غيرها إلى الآخرين. يمتدح الإنسان كل هذه السلوكيات، ويعتبِرُ أولئك الأشخاص صالحين؛ إذ يبدون له محترمين ومثيرين للإعجاب، ويستحقون الاستحسان؛ فأفعالهم أخلاقية جدًّا وهم عادلون وعقلانيون. إنهم يبادلون الآخرين الإحسان بالإحسان ويهتمون بالأُخُوَّة لدرجة أنهم يضحون بأنفسهم من أجل أيٍّ من أصدقائهم، ويتحملون المعاناة، ويذهبون إلى أقاصي الأرض من أجل أقرب الناس إليهم. على الرغم من أن الكثير من الناس قد يمدحون هذا النوع من الأشخاص الصالحين، فهل يستطيع هؤلاء الأشخاص الصالحون في الواقع قبول الحق وممارسته؟ هل سيُقدمون حقًّا على التضحية بحياتهم من أجل تمجيد الله والشهادة له؟ ليس بالضرورة. هل يمكن تسميتهم بالأشخاص الصالحين إذن؟ إذا كنت تحاول الحكم على ما إذا كان شخص ما يتقي الله ويحيد عن الشر، أو على ما إذا كان يملك واقع الحق، فهل سيكون تقييمه دائمًا على أساس المفاهيم والتخيلات وقواعد السلوك والأخلاق البشرية دقيقًا؟ وهل سيكون ذلك متوافقًا مع الحق؟ لو كانت المفاهيم والتخيلات وقواعد السلوك والأخلاق البشرية هي الحق، لما احتاج الله إلى التعبير عن الحق، ولما احتاج إلى القيام بعمل الدينونة والتوبيخ. يجب أن ترى بوضوح أن العالم والبشر مظلمان وشريران، وأنهما خاليان تمامًا من الحق، وأن البشرية الفاسدة تحتاج إلى خلاص الله. عليك أن ترى بوضوح أن الله وحده هو الحق، وأن كلماته وحدها هي التي يمكنها تطهير الإنسان، وأنه وحده القادر على أن يخلص الإنسان، وأنه مهما كان سلوك الشخص حسنًا، فهو ليس واقع الحق، بل وإنه أبعد ما يكون عن الحق نفسه. وعلى الرغم من أن هذه السلوكيات الحسنة أصبحت منتشرةً ومعروفة بين الناس، فإنها ليست الحق، ولن تكون الحق أبدًا، ولا يمكنها تغيير أي شيء. هل يمكنك أن تُقنع شخصًا يضحي بنفسه من أجل أصدقائه ويذهب إلى أقاصي الأرض من أجلهم بقبول الله والحق؟ بالتأكيد لا، لأن هذا الشخص ملحد. هل يمكنك أن تجعل شخصًا مملوءًا بالمفاهيم والتخيلات عن الله يحقق الخضوع الحقيقي لله؟ بالتأكيد لا، فعندما يكون المرء مملوءًا بالمفاهيم، يكون قبول الحق والخضوع له صعبًا جدًّا عليه. هل يمكن لأي كمِّ من السلوك الحسن أن يجعل الشخص قادرًا على الخضوع الحقيقي لله؟ هل يمكنه أن يحب الله حقًا؟ هل يمكنه أن يمجده ويشهد له؟ لا يمكنه ذلك أبدًا. هل يمكنك أن تضمن أن كل من يعظ ويعمل من أجل الرب سيصبح محبًا حقيقيًا لله؟ سيكون ذلك مستحيلًا تمامًا. لذلك، بغض النظر عن كمِّ السلوكيات الحسنة التي ينخرط فيها الشخص، فهذا لا يعني أنه تاب وتغير حقًا، فضلًا عن أن يعني أيضًا أن شخصيته الحياتية قد تغيرت.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. لا يدل السلوك الحسن على تغير الشخصية
يعيش جميع البشر الفاسدون من أجل أنفسهم. اللهم نفسي، وليبحث كل امرء عن مصلحته فقط – وهذا مُلخَّص الطبيعة البشرية. يؤمن الناس بالله لأجل مصالحهم؛ فعندما يتخلون عن أشياء ويبذلون ذواتهم من أجل الله، يكون هذا بهدف الحصول على البركة، وعندما يكونون مخلصين له، يظل هذا من أجل الحصول على الثواب. باختصار، يفعلون ما يفعلونه بغرض التبرك والمكافأة والدخول إلى ملكوت السماوات. في المجتمع، يعمل الناس لمصلحتهم، وفي بيت الله يقومون بواجب لكي يحصلوا على البركة. ولغرض الحصول على البركات، يترك الناس كُلّ شيءٍ ويمكنهم أن يتحمَّلوا الكثير من المعاناة: لا يوجد دليل أكبر من ذلك على الطبيعة الشيطانية للبشر. إن الناس الذين تغيرت شخصياتهم مختلفون؛ فهم يشعرون أن المعنى ينبع من العيش وفقًا للحق، وأن أساس الإنسان هو الخضوع لله واتقاء الله والحيدان عن الشر، وأن قبول إرسالية الله هو مسؤولية طبيعية ومبررة تمامًا، وأن الناس الذين يتممون واجبات الكائن المخلوق هم وحدهم الذين يستحقون أن يُدعوا بشرًا – وإن لم يتمكنوا من محبة الله ورد محبته بمثلها، فإنهم غير مستحقين لأن يُدعوا بشرًا. إنهم يشعرون أن عيش المرء لذاته أمر فارغ، وأنه يجب على الناس أن يعيشوا لإرضاء الله، ولأداء واجباتهم جيدًا، ولعيش حياة ذات معنى، حتى عندما يحين وقت موتهم، سيشعرون بالرضا ولن يشعروا بأي ندم، وأنهم لم يعيشوا عبثًا. يمكن للمرء أن يرى عند مقارنة هذين النوعين من المواقف أن الموقف الأخير يُمثِّل أشخاصًا تبدلت شخصياتهم. إذا تغيرت شخصية المرء الحياتية، ستكون نظرته للحياة قد تغيَّرت بالتأكيد أيضًا. أمام هذه القيم المختلفة، لن يعيش لنفسه مرَّةً أخرى على الإطلاق، ولن يؤمن بالله أبدًا لغرض كسب البركات لنفسه. سوف يكون مثل هذا الشخص قادرًا على القول: "معرفة الله قيّمة. إن مت بعد معرفة الله، فسيكون هذا رائعًا؟ إن كان يمكن أن أعرف الله وأخضع له، وأن أكون قادرًا على أن أعيش حياةً ذات معنى، عندها لن أكون قد عشت عبثًا، ولن أموت نادمًا؛ فليست لديَّ أيَّ شكاوى". لقد تبدل منظور ذلك الشخص للحياة. السبب الرئيسيّ للتغيير في شخصيَّة المرء الحياتية هو لأنه يملك واقع الحقّ، وربح الحق، ولديه معرفة بالله؛ لذلك تتغيَّر نظرة المرء للحياة وتختلف القيم عن ذي قبل. يبدأ التغيير من قلب المرء ومن داخل حياة الفرد؛ وهو بالتأكيد ليس تغييرًا خارجيًا. يترك بعض المؤمنين الجُدد، بعد أن بدأوا يؤمنون بالله، العالم الدنيوي وراءهم. عندما يواجهون غير المؤمنين لاحقًا، لا يكون لدى هؤلاء المؤمنون إلا القليل ليقولوه، ونادرًا ما يتّصلون بأقاربهم وأصدقائهم غير المؤمنين. يقول غير المؤمنين: "لقد تغيَّر هذا الشخص". ثم يُفكِّر المؤمنون: "لقد تبدلت شخصيَّتي الحياتية؛ غير المؤمنين هؤلاء يقولون إنني قد تغيَّرت". هل تبدلت شخصيَّة مثل هذا الشخص بالفعل؟ كلا، لم تتغير. ما يُظهره هي مُجرَّد تغييراتٍ خارجيَّة. لم يحدث أيّ تغييرٍ حقيقي في حياته وتظل طبيعته الشيطانيَّة مُتأصِّلة في قلبه دون أن يمسَّها شيءٌ نهائيًّا. أحيانًا ما يتأثَّر الناس بالحماسة بسبب عمل الرُّوح القُدُس؛ حيث قد تحدث بعض التغييرات الخارجيَّة ويُؤدِّون بعض الأعمال الحسنة. ولكن هذه ليست هي نفسها كإحداث تغيير في الشخصيَّة. إن لم تكن تتمتع بالحقّ، ولم تتغيَّر وجهة نظرك عن الأشياء حتى لدرجة أنها لا تختلف حتَّى عن وجهة نظر غير المؤمنين، وإن لم تتبدَّل نظرتك للحياة وقيمك، وإن لم يكن لديك حتَّى قلب يتقي لله، وهو أقلّ ما يجب أن يكون لديك، فأنت بعيد كل البُعد عن تحقيق تغيير في الشخصية. إن أهم شيء لتحقيق تغيير في الشخصية هو السعي لفهم الله وأن يكون لديك فهم حقيقي له. خُذ بطرس مثالًا. عندما أراد الله تسليمه للشيطان، قال: "حتى لو سلمتني للشيطان، فأنت لا تزال الله. أنت القدير، وكل شيء في يديك. كيف لا أسبّحك على ما تفعله من أشياء؟ لكن ألن يكون من الأفضل لو استطعت أن أعرفك قبل أن أموت؟" شعر أن معرفة الله هي الأهم في حياة الناس؛ فبعد معرفة الله، سيكون أي نوع من الموت مقبولًا، وأي طريقة يتعامل الله بها مع الأمر ستكون مقبولة. شعر أن معرفة الله هي أهم شيء؛ وإذا لم ينل الحق، فلن يرضى أبدًا، لكنه لن يتذمر من الله أيضًا. كان سيكره فقط حقيقة أنه لم يسعَ إلى الحق. بالنظر إلى روح بطرس، فإن سعيه الجاد لمعرفة الله يُظهر أن نظرته للحياة وقِيَمه قد تغيرت. إن توقه العميق لمعرفة الله يُثبت أنه قد عرف الله بحق. ومن ثم، من خلال هذا القول يستطيع المرء أن يرى أن شخصيته قد تغيرت؛ لقد كان شخصًا تحولت شخصيته. في نهاية اختباره، قال الله إنه كان أكثر مَن عرف الله؛ وإنه كان الشخص الذي أحب الله محبة حقيقية. لا يمكن أن تتغير الشخصية الحياتية للإنسان تغييرًا حقيقيًا بدون الحق. إذا كنتم تستطيعون فعليًا السعي إلى الحق ودخول واقع الحق، فعندها فقط يمكنكم تحقيق تغيير في شخصيتكم الحياتية.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث