45. كيفية فهم شخصية الله البارة
كلمات الله القدير في الأيام الأخيرة
إن شخصية الله في عمله الأخير المتمثل في اختتام العصر هي شخصية التوبيخ والدينونة، التي يكشف فيها عن كل ما هو آثم، لكي يدين جميع الشعوب علنًا، ويكمِّل أولئك الذين يحبونه بإخلاص. لا يمكن إلا لشخصية كهذه أن تنهي هذا العصر. لقد حانت الأيام الأخيرة بالفعل. كل الأشياء مصنفة حسب نوعها، ومقسمة إلى فئات مختلفة بناءً على صفاتها المختلفة. هذا تحديدًا هو الوقت الذي يكشف الله فيه عن عواقب الناس وغاياتهم. إذا لم يختبر الناس التوبيخ والدينونة، فلن يكون ثمة طريق لكشف تمردهم وإثمهم. فقط من خلال التوبيخ والدينونة يمكن الإعلان عن عواقب كل الأشياء. لا يظهر الناس على حقيقتهم إلا عند توبيخهم ودينونتهم. سيُوضع الشر مع الشر، والخير مع الخير، وسيُصَنَّفُ كل الناس بحسب نوعهم. من خلال التوبيخ والدينونة، ستُعلن عواقب كل الأشياء، حتى يُعاقَب الشر ويُكافأ الخير، ويستسلم جميع الناس لسيادة الله. لا بد من تحقيق كل هذا العمل من خلال التوبيخ والدينونة البارين. لأن فساد البشر قد وصل إلى ذروته وتمردهم شديد للغاية، فإن شخصية الله البارة وحدها، وهي شخصية مُركَّبة أساسًا من التوبيخ والدينونة ويُكشَف عنها في الأيام الأخيرة، هي التي يمكنها أن تغير الناس تمامًا وتجعلهم تامِّين، وتكشف الشر، وهكذا سيُعاقب جميع الأثمة عقابًا شديدًا. لذلك، فإن شخصية كهذه مشبعة بدلالة العصر. يُكشف عن شخصية الله ويُعلن عنها من أجل عمل كل عصر جديد. الأمر ليس أن الله يكشف عن شخصيته اعتباطًا وبدون دلالة. لنفترض أنه في الأيام الأخيرة للكشف عن عواقب الناس، كان الله لا يزال يحب الناس برحمة لا متناهية وعطف محب، ويستمر في أن يكون محِبًا تجاههم، ولا يخضعهم لدينونة بارة، بل يظهر لهم التسامح والصبر والغفران، ويعفو عنهم مهما كانت خطاياهم جسيمة، دون أي ذرة من الدينونة البارة. فمتى إذًا سيصل كل تدبير الله إلى نهايته؟ متى تكون مثل هذه الشخصية قادرة على قيادة الناس إلى الغاية المناسبة للبشرية؟ خذ، على سبيل المثال، قاضيًا محبًا للناس دائمًا، هو قاضٍ محب بوجه بشوش وقلب رقيق. إنه يحب الناس مهما ارتكبوا من جرائم، وهو محب للناس ومتسامح معهم بغض النظر عمَّن يكونون. في تلك الحالة، متى يمكن أن يصل إلى حكم عادل؟ خلال الأيام الأخيرة، وحدها الدينونة البارة هي التي تستطيع أن تصنف الناس بحسب نوعهم وتجلبهم إلى عالم جديد. بهذه الطريقة، يصل العصر بأكمله إلى نهايته من خلال شخصية الله البارة المتمثلة في الدينونة والتوبيخ.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. رؤية عمل الله (3)
أنا الإله الفريد ذاته، وأكثر من ذلك أنا شخص الله الوحيد. إضافة إلى كوني الجسد بكليته، فأنا الاستعلان الكامل لله. كل منْ يجرؤ على ألا يتقيني، ومن يجرؤ على إظهار المقاومة في عينيه، ومن يجرؤ على التحدث بكلمات تحدٍ ضدي، سوف يموت بالتأكيد من لعناتي وغضبي (سيكون هناك لعنة بسبب غضبي). إضافة إلى ذلك، كل منْ يجرؤ على ألا يكون مخلصًا أو ابنًا لي، ومن يجرؤ على محاولة خداعي، سيموت بالتأكيد من كراهيتي. وسوف يبقى بِرّي وجلالتي ودينونتي إلى أبد الآبدين. في البداية، كنت مُحبًا ورحيمًا، لكن هذه ليست شخصية ألوهيتي الكاملة؛ تتألف شخصيتي من البر والجلالة والدينونة، الإله الكامل ذاته. خلال عصر النعمة، كنت مُحبًا ورحيمًا. وبسبب العمل الذي كان عليَّ إتمامه، اتسمت بإحسان ورحمة. لكن بعد ذلك لم يكن هناك حاجة إلى هذه الأمور (ولم يعد هناك أيٌّ منهما منذ ذلك الحين). إنه كله البر والجلالة والدينونة؛ وهذه هي الشخصية الكاملة لطبيعتي البشرية المقترنة بألوهيتي الكاملة.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل التاسع والسبعون
وسوف أعاقب الأشرار وأكافئ الصالحين، وسوف يسري برّي وأنفذ دينونتي. وسأستخدم كلامي لإتمام كل شيء، وأجعل كل الناس وكل الأشياء تختبر يدي التي توبخ، وسأجعل كل الناس يرون مجدي الكامل، وحكمتي الكاملة، وسخائي الكامل. لا يجرؤ شخص على التمرد في الدينونة، لأن كل الأشياء تُنجز معي؛ والآن، ليرى الجميع جلالي الكامل، ويشهدوا غلبتي الكاملة، فكل شيء يتجلى فيّ. ومن هذا، يمكن رؤية قوتي العظيمة وسلطاني. لن يجرؤ أحد على إغضابي، ولن يجرؤ أحد على اعتراض طريقي. كل شيء معلن فيّ، فمنْ يجرؤ على إخفاء أي شيء؟ أجزم أنني لن أري ذلك الشخص أي رحمة! ويجب أن ينال مثل هؤلاء الأشقياء عقوبتي الشديدة، وتجب إزالة هذه النفاية من أمام ناظري. وسأحكمهم بقضيب من حديد وسأستخدم سلطاني لأدينهم دون أدنى رحمة ودون مراعاة مشاعرهم على الإطلاق؛ لأنني أنا الله ذاته الذي هو بلا مشاعر جسدية، والذي هو مهيب ولا يمكن إغضابه. وينبغي أن يفهم الجميع هذا ويرونه لئلا أقتلهم وأدمرهم إياهم "دون سبب أو مبرر"، لأن قضيبي سوف يقتل كل من يغضبني. ولا يهمني ما إذا كانوا يعرفون مراسيمي الإدارية أم لا؛ فلن يكون لهذا أي عاقبة أمامي؛ لأن شخصي لا يتحمل أن يقوم أي شخص بإغضابي. وهذا هو السبب في أنه قيل إنني أسد؛ فكل منْ ألمسه أقتله. وهذا هو السبب في أنه يقال إن القول الآن إنني أنا إله الشفقة والمحبة هو تجديف. أنا لست حملًا في الجوهر بل أسد. ولا يجرؤ أحد على إغضابي؛ فسوف أعاقب كل من يغضبني بالموت على الفور دون أي رحمة!
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل العشرون بعد المائة
أنا بار، وجدير بالثقة، وأنا الإله الذي يفحص صميم قلب الإنسان! وسأكشف في الحال مَنْ هو صادق ومَنْ هو كاذب. لا تفزع؛ فكل الأشياء تعمل وفقًا لوقتي. وسأخبركم عمّن يُريدني بإخلاص، ومن لا يُريدني بإخلاص، واحدًا تلو الآخر. لا تهتموا سوى بأن تأكلوا جيدًا، وتشربوا جيدًا، وتقتربوا مني عندما تأتون إلى محضري، وسأعمل عملي بنفسي. لا تتلهفوا إلى الحصول على نتائج سريعة؛ فعملي ليس شيئًا يمكن تحقيقه دفعةً واحدة، وفيه توجد خطواتي وحكمتي، وهذا هو السبب وراء أنه يمكن كشف حكمتي. وسأتيح لكم أن تروا ما الذي تعمله يدايَ – معاقبة الشر ومجازاة الخير. وفي الحقيقة لا أُحابي أي شخص. إنني أحبكم بإخلاص يا مَنْ تحبونني بإخلاص، أما أولئك الذين لا يحبونني بإخلاص، فسيكون دائمًا غضبي عليهم، حتى يتذكروا دائمًا أنني أنا الإله الحق، الإله الذي يفحص صميم قلب الإنسان. لا تتصرف بطريقة أمام الآخرين وبطريقة أخرى من وراء ظهورهم؛ فأنا أرى بوضوح كل شيء تفعله، ومع أنك قد تخدع الآخرين، لا يمكنك أن تخدعني. فأنا أرى كل شيء بوضوح، ولا يمكنك إخفاء أي شيء؛ فكل شيء في يديّ. لا تظن نفسك ذكيًا للغاية لأنك تجعل حساباتك الصغيرة التافهة تعمل لمصلحتك. وأقول لك: مهما كان عدد الخطط التي يضعها الإنسان، سواء آلاف أو عشرات الآلاف من الخطط، لكنه في النهاية لا يستطيع الإفلات من راحة يدي. تحكم يداي جميع الأشياء والأمور، فكم بالحريّ تحكم شخصًا واحدًا! فلا تحاول أن تتملَّص مني أو تختبئ، ولا تحاول أن تمكر أو تكتم شيئًا. أيمكن أن يكون الأمر أنك لا تستطيع أن ترى أن وجهي المجيد وغضبي ودينونتي قد أُعلنت على رؤوس الأشهاد؟ وسأُدين على الفور ودون رحمة كل أولئك الذين لا يريدونني بإخلاص. لقد وصلت شفقتي إلى نهايتها ولم يعد يوجد المزيد منها. فلا تكونوا منافقين بعد الآن وتوقفوا عن طرقكم الجامحة والطائشة.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الرابع والأربعون
لفهم شخصية الله البارة، لا بُد أولًا من فهم مشاعر الله: ما يكره، وما يبغض، وما يحب، ومَن يسامح، ومَن يرحم، وما نوع الشخص الذي يحظى بتلك الرحمة. وهذه نقطة رئيسية. لا بُد من أن يفهم المرء أنه مهما كان الله مُحبًّا، ومهما يكن مقدار ما لديه من رحمة وحب للناس، فإنه لا يتسامح مع أي شخص يسيء إلى هويته ومركزه، كما لا يتسامح مع أي أحد يمس جلاله. ومع أن الله يحب البشر، فإنه لا يدللهم، بل يهبهم محبته ورحمته وتسامحه، لكنه لم يدللهم مطلقًا؛ فالله لديه مبادئه وحدوده. بغض النظر عن مقدار شعورك بمحبة الله نحوك، وبغض النظر أيضًا عن مدى عمق تلك المحبة، يجب ألا تتعامل مع الله كما تتعامل مع شخص آخر. وعلى الرغم من صحة القول إن الله يعامل الناس بمودة شديدة، إن كان شخص ينظر إلى الله على أنه مجرد شخص آخر، وكما لو أنه مجرد مخلوق آخر، أو كصديق أو كمعبود، فسوف يخفي الله وجهه عنه وينبذه. هذه هي شخصيته، ويجب على الناس ألا يتعاملوا بلا مبالاة مع هذه القضية. ولذلك كثيرًا ما نرى كلامًا مثل هذا ينطقه الله عن شخصيته: مهما كان عدد الطرق التي سافرت فيها، والأعمال التي قمت بها، أو مدى ما تحملته من معاناة، بمجرد أن تسيء إلى شخصية الله، فسوف يجازي كلَ واحد منكم بناء على ما فعل. ما يعنيه هذا هو أن الله يعامل الناس بمودة شديدة، ولكن يتعين على الناس ألا يتعاملوا مع الله على أنه صديق أو قريب. لا تَدْعُ الله "صاحبك". فمهما كان نصيبك من محبة الله لك، ومهما وهبك من تسامح، عليك ألا تعامل الله على أنه مجرد صديق لك. هذه هي شخصية الله البارة.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (7)
يمثل عدم تسامح الله مع الإساءة جوهره الفريد، وغضب الله هو شخصيته الفريدة، كما أن جلال الله هو جوهره الفريد. المبدأ الكامن وراء غضب الله هو إظهار هويته ومكانته، اللتين يمتلكهما هو وحده. غني عن القول أيضًا أن هذا المبدأ هو رمزٌ لجوهر الله الفريد ذاته. إن شخصية الله هي جوهره المتأصل، والذي لا يتغير على الإطلاق بمرور الوقت، كما لا يتغير بتغير الموقع الجغرافي. إن شخصيته المتأصلة هي جوهره الفطري، وبغض النظر عمن يقوم هو بتنفيذ عمله عليه، فإن جوهره وشخصيته البارة لا يتغيران. عندما يُغضب أحدٌ الله، فإن ما يطلقه الله هو شخصيته المتأصلة؛ حيث لا يتغير في هذا الوقت المبدأ الكامن وراء غضبه، كما لا تتغير هويته ومكانته الفريدتان. وهو لا يغضب بسبب تغير في جوهره أو لأن عناصر مختلفة تظهر في شخصيته، ولكن لأن مخالفة الإنسان له تسيء إلى شخصيته. إن الاستفزاز الصارخ لله من جانب الإنسان يمثل تحدياً قوياً لهوية الله ومكانته. وعندما يتحداه الإنسان، فهو – في نظره – يعارضه ويختبر غضبه. وعندما يعارض الإنسان الله، ويناصبه العداء، وعندما يختبر الإنسان باستمرار غضب الله – ويكون في مثل هذه الأوقات أن الخطيئة تنتشر – يبرز غضب الله ويتجلى بالطبع. لذلك، فإن تعبير الله عن غضبه هو رمز لحقيقة أن كل قوى الشر سوف تختفي من الوجود، كما أنه رمز على أن جميع القوى المعادية ستُدمر. هذا هو تفرد شخصية الله البارة، وتفرد غضب الله. عندما يتم تحدي كرامة الله وقداسته، وعندما تُعاق قوى العدالة ولا يراها الإنسان، فحينها سيرسل الله غضبه. وبالنظر إلى جوهر الله، فإن كل تلك القوى على الأرض التي تناصب الله العداء وتعارضه وتجادله تعتبر شريرة وفاسدة وغير عادلة، وتأتي من الشيطان وتنتمي إليه. ولأن الله عادل، ومن النور وقدوس منزه عن العيوب، فإن كل الأشياء الشريرة والفاسدة والتي تنتمي إلى الشيطان سوف تختفي هندما ينطلق غضب الله.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (2)
عندما يطلق الله غضبه، تُكبح قوى الشر، وتُدمَّر الأشياء الشريرة، في حين تحظى الأشياء العادلة والإيجابية برعاية الله وحمايته، ويُسمح لها بالاستمرار. يرسل الله غضبه؛ لأن الأشياء الظالمة والسلبية والشريرة تحجب أو تزعزع أو تدمر النشاط العادي كما تمنع تطور الأشياء العادلة والإيجابية. إن هدف غضب الله ليس حماية مكانته وهويته الخاصة، بل ضمان وجود أشياء عادلة وإيجابية وجميلة وجيدة، لحماية القوانين وحماية البقاء الطبيعي للبشرية. هذا هو السبب الجذري لغضب الله. إن غضب الله هو إعلان مناسب وطبيعي وصحيح عن شخصيته. لا توجد دوافع خفية في غضبه، ولا يوجد غش أو تآمر، كما لا يوجد أي رغبة أو احتيال أو خبث أو عنف أو شر أو أي خصلة أخرى من الخصال التي تشترك فيها البشرية الفاسدة. قبل أن يرسل الله غضبه، كان يدرك مسبقاً حقيقة كل أمر بشكل واضح وكامل، وقد وضع بالفعل تعريفات واستنتاجات دقيقة وواضحة. وهكذا، فإن هدف الله في كل أمر يفعله واضح تمامًا، مثلما هو موقفه. فهو ليس مشوشًا، ولا أعمى، ولا مندفعًا ولا مهملًا؛ وهو بالتأكيد غير مجرد من المبادئ. هذا هو الجانب العملي لغضب الله، وبسبب هذا الجانب العملي لغضب الله، فإن البشرية قد حققت وجودها الطبيعي. بدون غضب الله، ستنحدر البشرية إلى ظروف معيشية غير طبيعية، وكل الأشياء العادلة والجميلة والجيدة ستدمر وتنتهي من الوجود. وبدون غضب الله، فإن قوانين ونظم وجود الخلق سوف تتعطل أو حتى تتحطم تمامًا. منذ خلق الإنسان، استخدم الله باستمرار شخصيته البارة لحماية الوجود الطبيعي للإنسانية والحفاظ عليه. وبما أن شخصيته البارة تشتمل على الغضب والجلال، فإن كل الأشخاص الأشرار، والأشياء، والكائنات وكل الأشياء التي تزعج وتضر بالوجود الطبيعي للإنسانية تُعاقب ويُسيطر عليها وتُدمر نتيجة غضبه. على مدى آلاف السنين الماضية، استخدم الله باستمرار شخصيته البارة في ضرب وتدمير كل أنواع الأرواح النجسة والشريرة التي تعارضه، والتي تعمل كشركاءَ وخدمٍ للشيطان، وذلك في عمل الله لتدبير الإنسانية. وهكذا، تقدم عمل الله لخلاص الإنسان دائمًا وفقًا لخطته، وهذا يعني أنه بسبب وجود غضب الله، فإن القضايا الأكثر عدلًا بين البشر لم تُدمر مطلقاً.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (2)
إن تعامل الله مع كل البشرية، في جهلها وغبائها، يعتمد في المقام الأول على الرحمة والتسامح. ومن ناحية أخرى، يظل غضبه محتجبًا في الغالبية العظمى من الوقت وفي الغالبية العظمى من الأحداث، وهو غير معروف للإنسان. ونتيجة لذلك، يصعب على الإنسان أن يرى الله يعبِّر عن غضبه، كما يصعب عليه أيضًا فهم غضبه. على هذا النحو، يستخف الإنسان بغضب الله، وعندما تواجه الإنسانية عمل الله الأخير وخطوة الغفران والتسامح مع الإنسان، أي عندما تأتي رحمة الله وتحذيره الأخير على البشر، إذا ما استمر الناس في استخدام الأساليب نفسها لمعاداة الله، ولم يبذلوا أي جهد للتوبة، ولا لإصلاح طرقهم ولا لقبول رحمته، فلن يمنحهم الله التسامح والصبر عليهم أكثر من ذلك. بل على العكس، سوف يتراجع الله عن رحمته في هذا الوقت. وبعد هذا، سوف يرسل غضبه فقط، وهو يمكنه التعبير عن غضبه بطرق مختلفة، تمامًا كما يستطيع استخدام أساليب مختلفة لمعاقبة الناس وإهلاكهم.
إن استخدام الله للنار لإهلاك مدينة سدوم يعتبر أسرع طريقة لإبادة بشر أو شيء آخر، إن حرق أهل سدوم قد دمر ما هو أكثر من أجسادهم المادية؛ لقد أهلك أيضًا أرواحهم وأنفسهم وأجسادهم بالكامل، تأكيدًا على أن الناس داخل هذه المدينة سوف يتم محوهم من الوجود في كل من العالم المادي والعالم غير المرئي للإنسان. هذه هي إحدى الطرق التي يكشف بها الله عن غضبه ويعبّر عنه، وتعتبر طريقة الكشف والتعبير هذه أحد جوانب جوهر غضب الله، تمامًا كما أنها بطبيعة الحال أيضًا إعلان عن جوهر شخصية الله البارة. فعندما يطلق الله غضبه، يتوقف عن إظهار أي رحمة أو شفقة ناشئة عن الحب، ولا يُظهر أي قدر من تسامحه أو صبره، ولا يوجد شخص أو شيء أو سبب يمكن أن يقنعه بالاستمرار في التحلي بالصبر، أو منح رحمته أو إبداء تسامحه مرة أخرى. بدلًا من هذه الأشياء، وبدون أن يتردد للحظة، يرسل الله غضبه وعظمته، ويفعل ما يريد، وسوف يفعل هذه الأشياء بطريقة سريعة ونقية وفقًا لإرادته الخاصة. هذه هي الطريقة التي يرسل بها الله غضبه وجلاله، ويجب ألا يسيء أحد إليها، وهي أيضًا تعبير عن جانب واحد من شخصيته البارة. عندما يرى الناس أن الله يُظهر الاهتمام والحب تجاه الإنسان، لا يستطيعون كشف غضبه، أو رؤية جلاله، أو الشعور بعدم التسامح مع الإساءة. لقد دفعت هذه الأمور دائمًا الناس إلى الاعتقاد بأن شخصية الله البارة ما هي إلا شخصية الرحمة والتسامح والمحبة. لكن عندما يرى المرء الله وهو يهلك مدينة أو يكره بشراً، فإن غضبه في هلاك الإنسان وجلاله يسمحان للناس بأن يلموا بالجانب الآخر من شخصيته البارة. ذلك هو عدم تسامح الله مع الإساءة. إن شخصية الله الذي لا يتسامح مع أية مخالفة تتخطى خيال أي كائن مخلوق، ولا يمكن لأي من الكائنات الأخرى غير المخلوقة التدخل أو التأثير فيها؛ كما لا يمكن تجسيدها أو تقليدها. وهكذا، فإن هذا الجانب من تصرفات الله هو الذي يجب أن تعرفه البشرية أكثر من غيره؛ فالله وحده هو الذي لديه هذا النوع من التصرفات، والله وحده هو الذي يمتلك هذا النوع من الشخصية. يتمتع الله بهذا النوع من الشخصية البارة؛ لأنه يكره الشر والظلمة والتمرد وأفعال الشيطان الشريرة التي تفسد وتهلك البشر، ولأنه يكره كل أفعال الخطيئة في عدائها له، وبسبب جوهره وذاته المقدسة والطاهرة؛ ولهذا السبب، فإنه لن يتحمل من أي كائن مخلوق أو غير مخلوق أن يناصبه علانية العداء أو المعارضة، حتى الشخص الذي كان قد أظهر له مرة الرحمة أو سبق واختاره، لا يحتاج إلا إلى استفزاز شخصيته وتجاوز مبادئه في الصبر والتسامح، وسوف يطلق الله ويعلن عن شخصيته البارة التي لا تتسامح مع أي إساءة دون أدنى رحمة أو تردد.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (2)
عندما تتعامل مع كل عمل من أعمال الله، يجب أن تكون على يقين من أن شخصية الله البارة خالية من أي عناصر أخرى، وأنها مقدسة ولا تشوبها شائبة. هذه الأعمال تشمل ضربات الله وعقابه وتدميره للإنسانية. فكل عمل من أعمال الله، بدون استثناء، يتم بالتوافق الكامل مع شخصيته المتأصلة وخطته، ولا يشمل أي جزء من المعرفة الإنسانية وتقاليدها وفلسفتها. يمثل كل عمل من أعمال الله تعبيراً عن شخصيته وجوهره، ولا علاقة لهما بأي شيء ينتمي إلى الإنسانية الفاسدة. لدى البشرية مفهوم أن محبة الله ورحمته وتسامحه تجاه الإنسانية هي الوحيدة المقدسة والنقية والمنزهة عن العيوب، ولا يعلم أحد أن غضب الله وسُخطه هما كذلك غير زائفين. وعلاوة على ذلك، لم يفكر أحد في أسئلة؛ مثل التساؤل عن سبب عدم تسامح الله مع أي مخالفة أو عن سبب غضبه الشديد. بل على العكس، يخطئ البعض في فهم غضب الله على أنه مزاج سيئ، مثل ذلك الذي تتسم به البشرية، ويسيئون فهم غضب الله على أنه نفس غضب البشرية الفاسدة. إنهم حتى يفترضون خطأ أن غضب الله يشبه تمامًا الكشف الطبيعي لشخصية الإنسانية الفاسدة وأن إطلاق غضب الله هو تماماً بمنزلة الغضب من الناس الفاسدين عندما يواجهون بعض المواقف الحزينة، ويعتقدون أن إطلاق غضب الله هو تعبير عن مزاجه. ... إن شخصية الله البارة هي الجوهر الحقيقي لله. إنها شيء لا يكتبه الإنسان ولا يعطيه شكل معين. إن شخصيته البارة هي شخصيته البارة، ولا علاقة أو صلة لها بأي كائن مخلوق، إن الله ذاته هو الله ذاته. لن يصبح أبدًا كائنًا مخلوقًا، وحتى إن أصبح فرداً من المخلوقات، فلن تتغير شخصيته المتأصلة وجوهره. لذلك، فإن معرفة الله ليست هي معرفة كائن من الكائنات؛ فإن معرفة الله ليست تحليلاً لشيء، ولا تشبه فهم شخص ما. إذا كان الإنسان يستخدم مفهومه أو طريقته في معرفة شيء ما أو فهم شخص ما لمعرفة الله، فلن يتمكن أبدًا من تحقيق معرفة الله. إن معرفة الله لا تعتمد على الخبرة أو الخيال، وبالتالي يجب عليك ألا تفرض خبرتك أو خيالك مطلقاً على الله. بغض النظر عن مدى ثراء خبرتك وخيالك، فإنهما ما يزالان محدودين، بل ما هو أكثر من ذلك، إن خيالك لا يتوافق مع الحقائق، ناهيك عن أن يتوافق مع الحق، ولا يتماشى مع الشخصية والجوهر الحقيقيين لله. لن تنجح أبدًا إذا اعتمدت على خيالك لفهم جوهر الله. الطريق الوحيد هو هذا: قبول كل ما يأتي من الله، ثم تجربته وفهمه تدريجيًا. سيكون هناك يومٌ عندما ينيرك فيه الله لفهمه ومعرفته على نحو صحيح بسبب تعاونك وبسبب جوعك وتعطشك للحقيقة.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (2)
عندما غيّر الله قلبه تجاه أهل نينوى، هل كانت رحمتُه وتسامحه تُعدان واجهة زائفة؟ بالطبع لا! إذًا، ما الذي أظهره التحول بين هذين الجانبين في شخصية الله أثناء تعامل الله مع هذا الموقف نفسه؟ إنَّ شخصية الله هي كلٌّ كاملٌ – إنها لا تتجزّأ مطلقًا. وبغض النظر عما إذا كان يعبّر عن غضبِه أو رحمته وتسامُحِه تِجاه الناس، فهذه كُلها ما هي إلّا تعبيرات عن شخصيته البارّة، فشخصية الله حيوية وظاهرة ظهورًا ملحوظًا، وهو يُغيّر أفكاره ومواقفه تبعًا لتطور الأمور. إنَّ التحول في موقفه تِجاه أهل نينوى يُخبر البشرية بأنه يملك آراءه وأفكاره؛ فهو ليس إنسانًا آليًا، أو تمثالًا حجريًا ولكنه الله الحيُّ بذاته. باستطاعته أنْ يكون غاضبًا من شعب نينوى، كما أنه يستطيع أنْ يَغفر لهم ماضيهم بسبب مواقفهم. يمكنه أن يقرر جلب البلاء على أهل نينوى، كما يمكنه أيضًا أنْ يُغيرَ قراره نتيجةً لتوبتهم. يحب الناس تطبيق القواعد بجمود، واستخدام مثل هذه القواعد لتحديد الله وتعريفه، تمامًا كما يحبون استخدام صيغٍ سعيًا منهم لفهم شخصية الله. ولذلك، عندما يتعلق الأمر بمجال الفكر الإنساني، فإن الله لا يُفكر، وليس لديه أي أفكار جوهرية. لكن في الواقع، أفكار الله في حالة من التغيير المستمر وفقًا للتغيرات في الأشياء وفي البيئات، وفي الوقت الذي تتغير فيه هذه الأفكار، تتكشف جوانب مُختلفة في جوهر الله. وأثناء عملية التغير هذه، وفي اللحظة الدقيقة التي يُغير فيها الله قلبه، ما يُعلنه للبشرية هو الوجود الواقعي لحياته، وأن شخصيته البارة مفعمة بالحيوية الديناميكية. في الوقت نفسه، يستخدم الله إعلاناته الحقيقية ليُثبت للبشرية حقيقة وجود نقمته ورحمته وحنانه وتسامحه. سيستعلن جوهره في أي وقت وفي أي مكان وفقًا لتطور الأشياء؛ فهو يَملُك غضب الأسد ورحمة الأم وتسامحها. لا تسمح شخصيته البارة لأي أحد بالتشكيك فيها أو انتهاكها أو تغييرها أو تشويهها. من بين جميع الأمور وجميع الأشياء، يمكن أن تستعلن شخصية الله البارة – أي غضب الله ورحمته – في أي وقتٍ وفي أي مكانٍ. إنه يعطي تعبيرًا حيًا لهذه الجوانب في كل جانب من جوانب الطبيعة، وينفذها بحيوية في كل لحظة تمر. شخصية الله البارة غير محدودة لا بالزمان ولا بالمكان، أو بمعنى آخر، إنَّ شخصية الله لا يُعبر عنها بطريقة آلية أو يُكشف عنها حسب حدود الزمان أو المكان، بل بالأحرى يُعَبَّرُ ويعلن عنها بسهولة تامة في كل زمان ومكان. عندما ترى قلب الله يعتريه تغيير ويوقف التعبير عن غضبه، ويكف عن تدمير مدينة نينوى، هل يمكنك القول إنَّ الله رحيم ومُحب فقط؟ هل يمكنك القول إنَّ غضب الله يتكون من كلام فارغ؟ عندما يغضب الله بشدة ويتراجع عن رحمته، هل تستطيع أن تقول إنه لا يشعُر بحب حقيقي تِجاه البشرية؟ يُعبر الله عن هذا الغضب الشديد ردًا على أفعال الناس الشريرة، وغضبه هذا لا يكون مَعيبًا. يتأثر قلب الله بتوبة الناس؛ وهذه التوبة هي التي تُحدث تغييرًا في قلبه. عندما يتأثر، وعندما يتغير قلبه، وعندما يُظهر رحمته وتسامحه تجاه الإنسان، تكون كُلها تامة دون أي نقصٍ؛ فهي طاهرة ونقية وخالصة لا تشوبها شائبة. إنَّ تسامح الله هو بالضبط: تسامح، مثلما أن رحمته هي رحمة محضة. تُظهر شخصيته غضبًا أو رحمةً وتسامحًا وفقًا لتوبة الإنسان ومظاهر سلوكه المتنوعة. وبغض النظر عما يُعلنه الله ويُعبر عنه، فهذه جميعُها مستقيمة ومباشرة، وجوهرها متميز عن جوهر أي شيء في الخليقة. عندما يعبر الله عن المبادئ التي تقوم عليها أفعاله، تكون خالية من أي عيوب أو شوائب، وكذلك أيضًا أفكاره وآراؤه وكل قرار يتخذه وكل فعل يفعله. فبما أن الله قرر هكذا وتصرف هكذا، كذلك يُكَمل تعهداته. إن نتائج تعهداته صحيحة وبلا عيب تحديدًا بسبب أنَّ مصدرها بلا عيب، ولا تشوبه شائبة. إن غضب الله بلا عيب، وكذلك رحمة الله وتسامحه، اللذان لا يمتلكهما أي مخلوق، ويتصفان بالقدسية والكمال، ويمكنهما الصمود في وجه المناقشة والاختبار العميقين.
من خلال فهمكم لقصة نينوى، هل ترون الآن الجانب الآخر لجوهر شخصية الله البارة؟ هل ترون الجانب الآخر من شخصية الله البارة الفريدة؟ هل يمتلك أي شخص من البشر هذا النوع من الشخصية؟ هل يَملُك أي أحد هذا النوع من غضب الله؟ هل يمتلك أي أحد رحمة وتسامحًا مثل هذين اللذين لدى الله؟ مَنْ مِن بين المخلوقات يستطيع أن يستدعي مثل تلك قوة النقمة الشديدة ويُقرر أنْ يُدمر أو يجلب كارثة على البشرية؟ ومَنْ هو مؤهل كي يمنح الرحمة للإنسان، ومسامحته والعفو عنه؛ وبذلك يغير قراره السابق في تدمير الإنسان؟ يُعبر الخالق عن شخصيته البارة من خلال طرائقه ومبادئه الفريدة، وهو لا يخضع للسيطرة أو القيود التي يفرضها أي أناس، أو أحداث، أو أشياء. وبشخصيته الفريدة، لا يقدر أحد أنْ يُغير خواطره وأفكاره، ولا يقدر أحد أنْ يُقنعه أن يُغير أيًا من قراراته. كل تصرفات الكائنات المخلوقة وأفكارهم تقع تحت دينونة شخصية الله البارة. لا أحد يستطيع أنْ يتحكم فيما إذا كان الله يمارس الغضب أم الرحمة؛ إن جوهر الخالق وحده، أو بتعبير آخر، شخصية الخالق البارة، قادر على تقرير ذلك. تلك هي الطبيعة الفريدة لشخصية الخالق البارة!
من تحليل وفهم تحول موقف الله تِجاه أهل نينوى، هل تقدرون أن تستخدموا كلمة "فريد" لوصف الرحمة الموجودة داخل شخصية الله البارة؟ قلنا قبلًا إن غضب الله هو جانب من جوهر شخصيته البارة الفريدة. يتعين عليّ الآن أن أعرّف جانبين، غضب الله ورحمة الله، على أنهما شخصيته البارة. شخصية الله البارة مُقدسة، ولا تتسامح مع الإساءة ولا تتسامح مع التشكيك فيها من جانب أي أحد؛ فهي شيء لا يمتلكه أحد من الكائنات المخلوقة أو غير المخلوقة. إنها فريدة وحصرية لله وحده. وهذا معناه أنَّ غضب الله مُقدس، وغير قابل للإساءة، وبالطريقة نفسها، يعتبر الجانب الآخر من شخصية الله البارة – رحمة الله – مُقدسًا ولا يمكن الإساءة إليه. لا يمكن لأي أحد من الكائنات المخلوقة أو غير المخلوقة أن يحل محل الله أو أن يُمثل الله في القيام بما ينوي إنجازه، كما أنه لم يمكن لأي أحد أن يحل محله أو يمثله في تدمير سدوم أو في خلاص نينوى. هذا هو التعبير الحقيقي عن شخصية الله البارة الفريدة.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (2)
إن رحمة الله وتسامحه موجودان بالفعل، ولكن قداسة الله وبرّه عندما يُعلِن غضبه يُظهِران للإنسان جانب الله الذي لا يحتمل أيّة إساءةٍ. عندما يكون الإنسان قادرًا تمامًا على طاعة وصايا الله والتصرّف وفقًا لمتطلّباته، يكون الله كثير المراحم تجاه الإنسان. وعندما يكون الإنسان مملوءًا بالفساد والكراهية والعداء ضده، يكون الله غاضبًا جدًّا. وإلى أيّ مدى يكون غضبه شديدًا؟ سوف يستمرُّ غضبه إلى أن تختفي من وجه الله مقاومة الإنسان وأعماله الشريرة، وحتّى لا تكون أمام عينيه. عندها فقط سيختفي غضب الله. وهذا يعني أنه بغضّ النظر عن طبيعة الشخص، إذا ابتعد قلبه بعيدًا عن الله وحاد عن الله ولم يرجع قط، فبغضّ النظر عن الكيفيّة التي يريد بها عبادة الله واتّباعه والخضوع لله في جسده أو في فكره، فيما يتعلّق بجميع مظاهره أو من حيث رغباته الذاتيّة، سوف يُعلِن الله عن غضبه دون توقّفٍ. وعندما يُعلِن الله غضبه الشديد، بعد أن يكون قد منح الإنسان فرصًا كثيرة، فبمُجرّد إعلان الغضب لن توجد طريقةٌ للتراجع عن غضبه، ولن يكون مطلقًا رحيمًا أو متسامحًا مع مثل هذا الإنسان مرةً أخرى. هذا جانبٌ من جوانب شخصيّة الله لا يحتمل أيّة إساءةٍ. ... إنه متسامحٌ ورحوم تجاه الأشياء اللطيفة والجميلة والجيّدة، ولكنه شديد الغضب تجاه الأشياء الشريرة والخاطئة والفاسدة، وكأن غضبه لا يتوقّف. هذان هما الجانبان الرئيسيّان البارزان في شخصيّة الله، إضافة إلى أنهما الجانبان اللذان كشف عنهما الله من البداية إلى النهاية: الرحمة الوفيرة والغضب الشديد.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (2)
وأيّ عمل يقوم به الله يكون صائبًا؛ فهو يعرف ما يفعله وكيف يفعله، وحتمًا لن يجعل الناس يفعلون أي شيء لا يقدرون على فعله بفطرتهم. يستند تعامل الله مع كل شخص إلى الأوضاع القائمة في أحوال هذا الشخص وخلفيته في حينه، كما في تصرفاته وسلوكه وجوهر طبيعته. لن يظلم الله أحدًا أبدًا. هذا أحد جوانب بِرِّ الله. على سبيل المثال، أغوت الحية حواء لتأكل من ثمر شجرة معرفة الخير والشر، لكن يهوه لم يؤنبها بقوله: "لقد نهيتك عن الأكل منها، فلماذا فعلت ذلك على أي حال؟ كان ينبغي لك أن تتحلّيْ بالتمييز؛ كان ينبغي لك أن تعلمي أن الحية تكلمت فقط لإغوائك". لم يؤنب يهوه حواء هكذا. ما دام البشر خليقة الله، فإنه يعرف فِطَرَهم، وما تقدر هذه الفِطَر على فعله، وإلى أي مدى يستطيع الناس التحكم في أنفسهم، وإلى أي حد يمكنهم التمادي. يعلم الله كل هذا بوضوح تام. إن تعامل الله مع شخص ما ليس بالبساطة التي يتصورها الناس. عندما يكون موقفه تجاه شخص ما موقف تقزز أو اشمئزاز، أو عندما يتعلق الأمر بما يقوله هذا الشخص في سياق معين، يكون لديه فهم جيد لحالاته؛ ذلك أن الله يفحص قلب الإنسان وجوهره بدقة. يفكر الناس دائمًا قائلين: "ليس لله غير ألوهيته. وهو بار ولا يتقبل أي إساءة من الإنسان، ولا يراعي صعوبات الإنسان أو يضع نفسه مكان الناس. إذا قاوم امرؤٌ الله، فسوف يعاقبه". ليست هكذا تسير الأمور على الإطلاق. إذا كانت هذه طريقة فهم المرء لبره وعمله ومعاملته للناس، فإنه يرتكب خطأً فادحاً. إن قرار الله بشأن عاقبة كل شخص لا يستند إلى مفاهيم الإنسان وتصوراته، بل إلى شخصية الله البارة. وسيجازي كل امرئ بحسب أعماله. الله بار، وعاجلاً أم آجلاً، سوف يحرص على أن يقتنع الناس اقتناعًا تامًّا.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث
يقول الناس إن الله هو إله بار، وإنه ما دام الإنسان يتبعه حتى النهاية، فإنه بالتأكيد سيكون منصِفًا تجاه الإنسان، لأن بره عظيم جدًا. إذا تبعه الإنسان حتى النهاية، فهل سيلقي بالإنسان جانبًا؟ أنا لست متحيزًا تجاه جميع البشر، وأدين جميع البشر بشخصيتي البارة، ومع ذلك هناك شروط مناسبة للمتطلبات التي أطلبها من الإنسان، والتي يجب على جميع البشر تحقيقها، بغض النظر عمَّنْ هم. لا يهمني مدى اتساع مؤهلاتك أو عظمتها، فلا أهتم إلا بما إذا كنت تتبع طريقي، وما إذا كنت تحب الحق وتتوق إليها أم لا. إذا كنت تفتقر إلى الحق، بل وتجلب العار على اسمي، ولا تسلك وفقًا لطريقي، وتمضي دون اهتمام أو انشغال، ففي ذلك الوقت سأضربك وأعاقبك على شرّك، وماذا ستقول حينها؟ هل تستطيع أن تقول إن الله ليس بارًا؟ اليوم، إذا كنت قد امتثلت للكلمات التي تحدثت بها، فأنت من النوع الذي أستحسنه. إنك تشكو أنك عانيت دائمًا أثناء اتباعك لله، وتدَّعي أنك تبعته في خضم العواصف، وكنت في معيته في الأوقات الجيدة والسيئة، لكنك لم تحيا بحسب الكلام الذي قاله الله؛ فطالما تمنيت مجرد السعي وبذل نفسك من أجل الله كل يوم، ولكنك لم تفكر قط في أن تحيا حياة ذات معنى. كما تقول أيضًا: "على أية حال أنا أؤمن أن الله بار: لقد عانيتُ من أجله، وانشغلتُ به، وكرَّستُ نفسي من أجله، وجاهدتُ مع أنني لم أحصل على أي اهتمام خاص؛ فمن المؤكد أنه يتذكرني". إن الله بار حقًا، ولكن لا تشوب هذا البر أي شائبة: فلا تتداخل في بره أية إرادة بشرية، ولا يدنسه الجسد، أو التعاملات الإنسانية. سوف يُعاقَب جميع المتمردين والمعارضين، الذين لا يمتثلون لطريقه؛ فلن يُعفى أحد، ولن يُستثنى أحد! بعض الناس يقولون: "اليوم أنا منشغل بك؛ وعندما تأتي النهاية، هل يمكنك أن تمنحني بركة قليلة؟". لذا أسألك: "هل امتثلت لكلامي؟". إن البر الذي تتحدث عنه يستند على صفقة. إنك لا تفكر سوى في أنني بار، ومُنصف تجاه كل البشر، وأن كل الذين يتبعونني حتى النهاية هم بالتأكيد مَنْ سيخلصون وينالون البركات. يوجد معني متضمن في كلامي بأن "كل الذين يتبعونني حتى النهاية هم بالتأكيد مَنْ سيخلصون"، بمعنى أولئك الذين يتبعونني حتى النهاية هم الذين سأقتنيهم اقتناءً كاملًا، إنهم أولئك الذين يسعون، بعد أن أُخضعوا، إلى الحق وسيُكمَّلون. ما هي الشروط التي حققتها؟ كل ما حققته ليس إلا أنك تبعتني حتى النهاية، ولكن ماذا أيضًا؟ هل امتثلت لكلامي؟ لقد حققت أحد متطلباتي الخمسة، ولكنك لا تنوي تحقيق الأربعة المتبقية. لقد وجدت ببساطة أبسط الطرق وأسهلها، وسعيت في إثرها بمسلك من يأمل أن يحالفه الحظ. إن شخصيتي البارة نحو شخص مثلك تتضمن التوبيخ والدينونة، إنه الجزاء العادل، والعقاب العادل لجميع الأشرار؛ فجميع أولئك الذين لا يتبعون طريقي سيعاقبون بالتأكيد، حتى لو اتبعوا الطريق حتى النهاية. هذا هو بر الله. عندما يُعبَّر عن هذه الشخصية البارة في عقاب الإنسان، فسيصاب بالذهول، ويندم على ذلك، فبينما يتبع الله، لم يكن يتبع طريقه. "لقد عانيت في ذلك الوقت مجرد معاناة قليلة أثناء تبعيتي لله، لكنني لم أتبع طريق الله. ما هي الأعذار لذلك؟ لا يوجد خيار سوى أن أخضع للتوبيخ!". لكنه يفكر في ذهنه: "على أية حال، لقد تبعتُ حتى النهاية، لذا فحتى لو وبختني، فلا يمكن أن يكون توبيخًا شديدًا جدًا، وبعد فرض هذا التوبيخ فستظل تريدني. أعلم أنك بار، ولن تعاملني بهذه الطريقة إلى الأبد. على أية حال، أنا لستُ مثل أولئك الذين سوف يُبادون؛ فسوف يتلقى أولئك الذين يبادون توبيخًا قاسيًا، في حين سيكون التوبيخ الذي أتلقاه أخف". إن شخصية الله البارة ليست كما تقول أنت. فالأمر لا يتعلق بأن يحظى أولئك الذين يجيدون الاعتراف بآثامهم بمعاملة أكثر تساهلًا. إن البر هو القداسة، وهذا معناه أنه شخصية لا تتساهل مع إساءات الإنسان، وهكذا يصبح كل ما هو دنس ولم يتغير هدفًا يمقته الله. إن شخصية الله البارة ليست قانونًا، بل مرسومًا إداريًا: إنه مرسوم إداري في الملكوت، وهذا المرسوم الإداري هو العقوبة العادلة لأي شخص لا يمتلك الحق ولم يتغير، ولا يوجد هامشًا للخلاص. لأنه عندما يصنَّف كل إنسان حسب نوعه، سيُكافأ الصالح وسيُعاقب الشرير. عندما يُكشف عن وجهة الإنسان، يكون هذا هو الوقت الذي ينتهي فيه عمل الخلاص، وبعدها لا يكون هناك عمل على خلاص الإنسان مرة أخرى، وسيحل العقاب على كل مَنْ يرتكب الشر.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اختبارات بطرس: معرفته بالتوبيخ والدينونة
يجب فَهم محبة الله وبِرّه فهمًا غير منقوص، ويجب شرحهما وفهمهما بحسب كلام الله والحق. أضف إلى ذلك أنه يجب على المرء أيضًا أن يخوض اختبارًا حقيقيًّا وينال من الله استنارة لكي يعرف محبة الله وبِرّه معرفةً حقة. ولا ينبغي أن يكون تقييم المرء لمحبة الله وبِرّه بحسب مفاهيم المرء وتصوراته. فبحسب تصورات الإنسان، يُجازى الصالح ويُعاقب الشرير؛ إذ يُجازى الصالحون بالخير، ويُجازى الأشرار بالشر، وأولئك الذين لا يصنعون شرًّا ينبغي أن يجازوا جميعًا بالخير وينالوا البركات. وسيظهر أنه في جميع الحالات التي يكون فيها الناس غير أشرار، ينبغي مجازاتهم بالخير؛ وهذا فحسب هو بِرّ الله. أليس هذا مفهوم الناس؟ لكن ماذا إن لم يُجازوا بالخير؟ هل ستقول حينها إن الله ليس بارًا؟ على سبيل المثال، في زمن نوح، قال الله لنوح: "نِهَايَةُ كُلِّ بَشَرٍ قَدْ أَتَتْ أَمَامِي، لِأَنَّ ٱلْأَرْضَ ٱمْتَلَأَتْ ظُلْمًا مِنْهُمْ. فَهَا أَنَا مُهْلِكُهُمْ مَعَ ٱلْأَرْضِ" (التكوين 6: 13). وبعد ذلك أمر نوحًا أن يصنع الفُلْك. وبعدما قبل نوح إرسالية الله وبنى الفُلك، انهمرت أمطار غزيرة على الأرض لمدة أربعين يومًا وليلة، وغمر الطوفان العالم كله، وأهلك الله جميع البشر في ذلك العصر، فيما عدا نوحًا وأفراد عائلته السبعة. ماذا تستنتج من هذا؟ هل ستقول إن الله غير مُحِب؟ بالنسبة إلى الإنسان، مهما يكن مدى فساد الجنس البشري، ما دام الله يُبيد الجنس البشري، فهذا يعني أنه غير مُحِب؛ هل هم على صواب في تصديقهم ذلك؟ أليس هذا الاعتقاد سخيفًا؟ لم يُحب الله الذين أهلكهم، لكن هل يمكنك أن تقول بصدق إنه لم يُحب أولئك الذين نجوا ونالوا خلاصه؟ أحب بطرس الله إلى أقصى درجة، وأحب الله بطرس؛ هل يُمكنك حقًّا القول إن الله غير مُحِب؟ يُحب الله الذين يُحبونه بصدق ويكره مُقاوميه والراغبين عن التوبة ويلعنهم. فالله يمتلك المحبة والكراهية على السواء، وهذه هي الحقيقة. ولا ينبغي أن يُصنِّف الناس الله أو يحكمون عليه بحسب مفاهيمهم وتصوراتهم؛ لأن مفاهيم الجنس البشري وتصوراته، التي هي الطريقة التي يرون من خلالها الأشياء، لا تنطوي على الحق بالمرّة. يجب أن يُعرَف الله بحسب مواقفه تجاه الإنسان، وبحسب شخصيته وجوهره. ويجب على المرء ألّا يُحاول مطلقًا تعريف جوهر الله بحسب ما يبدو عليه ظاهر تلك الأمور التي يعملها أو يتعامل معها. لقد أفسد الشيطان الجنس البشري بشِدة؛ فهم لا يعرفون جوهر طبيعة الناس الفاسدين، فضلًا عن ماهية الناس الفاسدين أمام الله، ولا الطريقة التي ينبغي أن يُعامَلوا بها وفقًا لشخصية الله البارة. انظر في حالة أيوب؛ لقد كان رجلًا بارًّا، وباركه الله. كان هذا بِرّ الله. وقد عقد الشيطان رهانًا مع يهوه: "هَلْ مَجَّانًا يَتَّقِي أَيُّوبُ ٱللهَ؟ أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَٱنْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي ٱلْأَرْضِ. وَلَكِنِ ٱبْسِطْ يَدَكَ ٱلْآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ" (أيوب 1: 9-11). فقال يهوه، "هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ، وَإِنَّمَا إِلَيهِ لَا تَمُدَّ يَدَكَ" (أيوب 1: 12). لذا مضى الشيطان إلى أيُّوب، وهاجمه وأغواه، وواجه أيُّوب التجارب، إذ جُرِّد من كلّ شيء؛ٍ حيث فقد أولاده وممتلكاته، وغطّت الدمامل جسمه كله. هل كانت تجارب أيُّوب تتضمَّن في ثناياها شخصيَّة الله البارَّة؟ لا يمكنك تحديد هذا بوضوحٍ، أليس كذلك؟ فحتى إذا كنت شخصًا بارَّا، فإنه يحقّ لله إخضاعك للتجارب والسماح لك بالشهادة له. شخصيَّة الله بارَّة؛ وهو يعامل الجميع بمساواة. ليس الأمر أن الأبرار ليسوا بحاجةٍ إذن إلى التعرض للتجارب حتى وإن كانوا يستطيعون تحملها، أو أنه ينبغي حمايتهم؛ فليست هذه هي الحال. يحقّ لله أن يُخضع الناس الأبرار للتجارب، وهذا هو الإعلان عن شخصيَّته البارَّة. وأخيرًا، بعدما انتهى أيُّوب من الخضوع للتجارب والشهادة ليهوه، باركه يهوه أكثر حتَّى من ذي قبل، بل وحتى أفضل من ذي قبل، ومنحه ضعف البركات. بالإضافة إلى ذلك، ظهر له يهوه وتكلَّم معه من العاصفة، ورآه أيُّوب كما لو كان وجهًا لوجهٍ. كانت هذه بركةً منحها له الله. كان هذا برّ الله. ماذا لو حدث – عندما انتهى أيُّوب من التعرض للتجارب ورأى يهوه كيف أن أيُّوب شهد له في محضر الشيطان وأخزى الشيطان – أن التفت عنه يهوه وانصرف، متجاهلًا إيَّاه، ولم ينل أيُّوب البركات بعد ذلك – هل كان هذا سينطوي على برّ الله؟ بصرف النظر عمَّا إذا كان أيُّوب قد بورك بعد التجارب أم لا، أو ما إذا كان يهوه قد ظهر له أم لا، فإن هذا كلّه يتضمَّن مشيئة الله الصالحة. فالظهور لأيُّوب كان من شأنه أن يكون برّ الله، وعدم الظهور له كان من شأنه أيضًا أن يكون برّ الله. فعلى أيّ أساسٍ تطالب الله أيُّها الكائن المخلوق؟ ليس الناس أهلًا لتقديم مطالب إلى الله. ولا يوجد شيءٌ أبعد عن العقلانية من تقديم مطالب إلى الله. سوف يفعل الله ما يجب أن يفعله، وشخصيَّته بارَّة. لا يعني البرّ بأيّ حالٍ من الأحوال الإنصاف أو المعقولية؛ فهو ليس مساواة، أو مسألة تخصيص ما تستحقّه وفقًا لمقدار العمل الذي أنجزته، أو الدفع لك مقابل أيّ عملٍ أدَّيته، أو منحك ما تستحقّه وفقًا لأيّ جهدٍ تبذله. فهذا ليس هو البرّ، بل هو مجرد الإنصاف والمعقولية. قلة قليلة من الناس قادرون على معرفة شخصية الله البارة. افترض أن الله أقصى أيُّوب بعد أن شهد له: فهل سيكون هذا بارًّا؟ الواقع أنه كذلك. لماذا يُسمَّى هذا برًّا؟ كيف ينظر الناس إلى البر؟ إن توافق شيءٌ مع مفاهيم الناس، فمن السهل جدًّا عليهم أن يقولوا إن الله بارٌّ؛ أما إن كانوا لا يرون أن ذلك الشيء يتوافق مع مفاهيمهم – إذا كان شيئًا لا يمكنهم فهمه – فسوف يكون من الصعب عليهم القول إن الله بارٌّ. لو كان الله قد أهلك أيُّوب في ذلك الوقت، لما قال الناس إنه بارٌّ. ومع ذلك، سواء كان الناس فاسدين في الواقع أم لا، وسواء كانوا شديدي الفساد أم لا، هل يتعيَّن على الله أن يُبرِّر نفسه عندما يُهلِكهم؟ هل يتعيَّن عليه أن يشرح للناس على أيّ أساسٍ يفعل ذلك؟ هل يتعين على الله أن يخبر الناس بالقواعد التي قدّرها؟ لا حاجة إلى ذلك. فالله يرى أن الشخص الفاسد والذي لديه قابلية لمعارضة الله، لا قيمة له، وكيفما تعامل الله معهم سيكون لائقًا، وكلّها ترتيبات الله. إذا كنت مثيرًا للاستياء في نظر الله، وإذا قال إنك لن تفيده بعد شهادتك وبالتالي أهلكك، فهل سيكون هذا أيضًا برَّه؟ نعم. قد تعجز عن إدراك هذا من الحقائق في الوقت الحالي، ولكن ينبغي أن تفهم في التعليم. ماذا تريدون أن تقولوا – هل إهلاك الله للشيطان تعبيرٌ عن برِّه؟ (أجل). ماذا لو سمح للشيطان بالبقاء؟ لا تجرؤون على القول، أليس كذلك؟ فجوهر الله هو البرّ. وعلى الرغم من أنه ليس من السهل فهم ما يفعله، إلَّا أن كلّ ما يفعله بارٌّ؛ وكلّ ما في الأمر هو أن الناس لا يفهمون. عندما ترك الله بطرس للشيطان، كيف تجاوب بطرس؟ "البشريَّة غير قادرةٍ على سبر غور ما تفعله، ولكن كلّ ما تفعله ينطوي على مشيئتك الصالحة؛ فالبر موجود فيه كله. فكيف لا أنطق بالتسبيح لحكمتك وأفعالك؟" يجب أن ترى الآن أن سبب عدم تدمير الله للشيطان وقت خلاصه للإنسان هو أنه يمكن أن يتضح للبشر كيف أفسدهم الشيطان، والدرجة التي أفسدهم بها، وكيف ينقّيهم الله ويخلّصهم. وفي نهاية المطاف، عندما يكون الناس قد فهموا الحق، ورأوا بوضوح وجه الشيطان البغيض، وعاينوا الخطيئة البشعة المتمثلة في إفساد الشيطان إياهم، سوف يدمر الله الشيطان، مظهرًا لهم برّه، والوقت الذي يدمر الله فيه الشيطان يمتلئ بشخصية الله وحكمته. إن كلّ ما يفعله الله بارٌّ. وعلى الرغم من أن البشر قد لا يستطيعون إدراك بر الله، فيجب عليهم عدم إصدار أحكامٍ كما يشاؤون. إذا بدا للبشر شيءٌ مما يفعله الله على أنه غير معقول، أو إذا كانت لديهم أيّ مفاهيم عنه، وقادهم ذلك إلى القول إنه ليس بارًّا، فهم أبعد ما يكونون عن العقلانية. أنت ترى أن بطرس وجد بعض الأشياء غير مفهومةٍ، لكنه كان مُتأكِّدًا من أن حكمة الله كانت حاضرة وأن مشيئته الصالحة كانت في تلك الأشياء. لا يستطيع البشر سبر غور كلّ شيءٍ، إذ توجد الكثير من الأشياء التي لا يمكنهم استيعابها. وبالتالي فإن معرفة شخصية الله ليست بالأمر الهيّن.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث
تجب رحمتي لأولئك الذين يحبونني وينكرون ذواتهم. ويُعد حلول العقوبة على الأشرار على وجه التحديد دليلاً على شخصيتي البارة، بل وأكثر من ذلك، أنها شهادة على غضبي. عندما تحل الكارثة، ستصيب المجاعة والطاعون كل أولئك الذين يعارضونني وسيبكي هؤلاء. إن الذين ارتكبوا كل أنواع الأعمال الشريرة، ولكن اتبعوني لعدة سنوات، لن يفلتوا من دفع ثمن خطاياهم؛ وسيأتون أيضًا للعيش في حالة مستمرة من الذعر والخوف؛ إذ يقعون في كارثة قلما يشاهد مثلها على مر ملايين من السنين. وسوف يبتهج من أتباعي أولئك الذين أظهروا الولاء لي وحدي، وسيهللون لقدرتي، ويشعرون بطمأنينة لا تُوصف ويعيشون في بهجة لم أمنحها أحدًا من البشر من قبل قط؛ لأنني أقدّر الأعمال الصالحة للناس وأكره أعمالهم الشريرة. منذ أن بدأت أول مرة في قيادة البشر، كنت أتطلع بشغف إلى ربح مجموعة من الناس لهم أسلوب تفكيري نفسه. لم أنسَ قط أولئك الذين لم يكونوا يحملون أسلوب تفكيري نفسه؛ فقد حملت لهم البغض في قلبي منتظرًا فقط فرصة لأجعلهم يحصدون نتيجة أعمالهم الشريرة، الذي هو شيء يسرني رؤيته. وأخيرًا جاء يومي اليوم ولم أعد أحتاج إلى الانتظار!
ليس الغرض من عملي الأخير هو مجرَّد عقاب الإنسان، وإنَّما أيضًا من أجل ترتيب غاية الإنسان. بل الأكثر من ذلك أنَّه من أجل الحصول على اعتراف من الجميع بكل أعمالي وأفعالي. سأجعل كل إنسان يرى أن كل ما قمتُ به هو حق وأنه تعبير عن شخصيتي؛ وأنه ليس من صُنع الإنسان، فضلًا عن الطبيعة، التي أخرجت البشرية، وأنني أنا هو الذي يُطعِم كل كائن حي في كل الأشياء. بدون وجودي، لن تلاقي البشرية سوى الهلاك ومعاناة ويلات الكوارث. لن يرى أي إنسان مرة أخرى الشمس البهيَّة والقمر الجميل أو العالم الأخضر؛ ولن يواجه البشر سوى الليل البارد المُظْلِم ووادي ظل الموت الذي لا يرحم. أنا هو فداء البشرية الوحيد. إنني الأمل الوحيد للبشرية، بل وأكثر من ذلك، أنا هو الذي يستند إليه وجود البشرية كلها. بدوني، ستصل البشرية على الفور إلى طريق مسدود، وبدوني، لن تعاني البشرية إلا كارثة مدمرة وستدهسها كل أنواع الأشباح، على الرغم من أن أحدًا لا يبالي بي. لقد أنجزتُ العمل الذي لم يكن في مقدور أحد غيري القيام به، وأملي الوحيد أن يستطيع الإنسان أن يفي بالدَّيْن لي ببعض الأعمال الصالحة. على الرغم من أن أولئك الذين يستطيعون الوفاء بالدَّيْن هم عدد قليل جدًّا، فإنني سأنهي رحلتي في عالم البشر وأبدأ الخطوة التالية من عملي الذي يوشك على التجلّي، لأن كل ما عندي من الاندفاع جيئة وذهابًا في وسط الإنسان خلال هذه السنوات العديدة كان مثمرًا، وأنا سعيد به جدًّا. إن ما يهمني ليس عدد الناس بل أعمالهم الصالحة. على أي حال، أتمنى أن تُعدُّوا ما يكفي من الأعمال الصالحة من أجل غايتكم. وعندئذٍ سأكون راضيًا، وإلا فلن يفلت أحد منكم من اجتياح الكارثة. تنبع الكارثة مني وبترتيب مني بالطبع. إذا لم تستطيعوا أن تبدوا صالحين في عيني، فلن تفلتوا من معاناة الكارثة.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أَعْدِدْ ما يكفي من الأعمال الصالحة من أجل غايتك
شهادات اختبارية ذات صلة
الله بار للغاية
عندما أُخرِج والداي من الكنيسة
ترانيم ذات صلة
دينونة الله تُكشف بالكامل
شخصية الله البارّة واقعية وحية
شخصيةُ اللهِ البارةُ فريدةٌ
الله سخيّ في رحمته وشديد في غضبه
شخصية الله رحيمة ومُحبَّة وبارّة ومهيبة