"احتجزني" والدي
في صيف عام 2020. حينذاك، أنا وشقيقتي ألبينا وقعت أعيننا بالصدفة على مقطع فيديو أعدته كنيسة الله القدير يدعى الاستيقاظ من الحلم. ذُكر في الفيديو أن الرب يسوع قد عاد بالفعل. وهذا ما أثار فضولنا ولذلك قمنا بتنزيل تطبيق كنيسة الله القدير وتواصلنا مع الإخوة والأخوات من الكنيسة. لقد شهدوا لنا كيف عبّر الله القدير عن الكثير من الحقائق، مؤديًا عمل الدينونة وكوَّن بالفعل مجموعة من الغالبين. تملكتني الحماسة الشديدة وواصلت قراءة الكثير من كلام الله القدير. رأيت أن كلماته كانت تفيض بالسلطان والقوة وكانت كلّ الحق، وأدركت أنه لا أحد بإمكانه التعبير عن مثل هذه الكلمات، لقد كان هذا صوت الله. إنّ الله القدير هو الربّ يسوع العائد! شعرت أنا وشقيقتي بالإلهام الشديد وقبلنا بسعادة عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. كنا غالبًا ما نجتمع مع الإخوة والأخوات عبر الإنترنت ونشارك عن كلام الله.
لكننا فوجئنا أنه حين رأى والدنا أننا نشارك في اجتماعات كنيسة الله القدير عبر الإنترنت ولا نصلّي أمام الأيقونات الأرثوذكسية، قال إننا كنا نعبد إلهًا مختلفًا ونخون الرب يسوع. لقد كان مخطئًا في قول هذا. من خلال قراءة كلام الله القدير، علمت أن الله القدير والرب يسوع هما نفس الإله، ونفس الروح. إنهما يمثِّلان الله وهو يقوم بعمل مختلف في عصرين مختلفين. في عصر النعمة، اتخذ الله اسم يسوع ليقوم بعمل الفداء. الآن، في الأيام الأخيرة، تجسّد الله واتخذ اسمًا جديدًا ليقوم بعمل الدينونة والتطهير. الله القدير هو الاسم الجديد الذي سيتخذه الرب يسوع عندما يعود. لم أخن الرب يسوع بالإيمان بالله القدير، بل كنت أرحب بعودة الرب وأتبع خُطى الله. لكن أبي لم يقرأ كلام الله القدير ولم يتعرف على عمل الله وهكذا لم يعرف أن الله القدير هو الرب يسوع العائد. حاولت أن أوضّح له، لكنه لم يعطني حتى فرصة للتحدث وتشبّث بآرائه، بل إنه ذهب إلى حدّ توبيخي. قال إذا اكتشف أننا نقرأ كلام الله القدير مجددًا، فسيضربنا، حتى ولو اضطر إلى ضربنا حتى الموت وزُجّ به في السجن، فسيفعلها ليُثنينا من الإيمان بالله القدير. صُدمت لسماع والدي وهو يتفوّه بهذه الأشياء. لم أتخيل قطُّ أنه يمكن أن يقذف بمثل هذا النقد اللاذع من أجل ثنينا عن الإيمان. لقد أجبرنا على مغادرة المنزل في ذلك اليوم وأُرغمنا على الجلوس في الخارج بملابس النوم لعدة ساعات. شعرت بالضيق حقًّا آنذاك وصليت إلى الله: "يا الله العزيز، أشعر بالضعف بعض الشيء، لكنني أعلم أنه يجب أن أكون قوية وأتحمَّل كل هذا. مهما اعترض والدي سبيلي، سأظل أؤمن بك. أرجو أن تمنحني الإيمان والقوّة". عندئذٍ، تذكرت مقطعًا من كلمات الله: "ينبغي أن تمتلك شجاعتي في داخلك، وينبغي أن تكون لديك مبادئ عندما يتعلق الأمر بمواجهة أقرباء غير مؤمنين. لكن لأجلي، يجب ألا ترضخ لأيٍّ من قوى الظلمة. اعتمد على حكمتي لسلوك الطريق القويم، ولا تسمح لمؤامرات الشيطان بالسيطرة. ابذل كل جهودك في أن تضع قلبك أمامي، وسوف أعزيك وأمنحك سلامًا وسعادة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل العاشر). أدخل كلام الله السرور على قلبي وساعدني على تمالك نفسي. من خلال كلام الله، رأيت أنه مهما اعترض والدي سبيلي، فهو لا يزال في يد الله ولذلك لا يجب أن أخافه. يجب أن أصلّي لله ليمنحني الشجاعة والحكمة لأتمكن من اجتياز هذه المحنة. بعدئذ، ومع أن والدي كان كثيرًا ما يوبّخني بقسوة ويمنعني من التواصل مع الإخوة والأخوات بل وكثيرًا ما كان يتفقد هاتفي، ظللت أبذل قصارى جهدي لتجنُّب مراقبته وغالبًا ما كنت أختبئ في دورة المياه أو الدش أو القبو أو الحديقة لأتمكن من التحدث مع الإخوة والأخوات.
لم يمض وقت طويل حتى شرعنا في التدريب كسُقاة من الوافدين الجدد وتولينا واجبات سِرًّا، لكن زاد عدد الوافدين الجدد الذين يحتاجون إلى السقاية شيئًا فشيئًا وانتهى بي الأمر إلى الشركة والاجتماع معهم في غرفتي يوميًّا. وهذا ما جعل والدي يشك أنني كنت أجتمع مجددًا ولذلك كثَّف من مراقبته. لم يتفقد هاتفي فحسب، بل عندما كنت وحدي في غرفتي، كان يتسلل خُلْسة ليرى ما كنت أفعله. كما ثبّت كاميرات مراقبة في المنزل بل وجعل أخي الأصغر يراقبني في مقابل الهدايا. أحيانًا، لم يكن لدي خيار سوى حذف كل ما يتعلق بالكنيسة وواجبي من على هاتفي ومغادرة اجتماع المحادثة الجماعية مؤقتًا، لكن في النهاية، ضبطني والدي وأنا أمارس إيماني. في ذلك اليوم، كان يشرب مجددًا وبدأ في توبيخي بل وقال تجديف على الله. لم أعد أستطع تحمُّل ذلك بعد اليوم، ولهذا قلت: "أؤمن بالإله الحقيقي، الرب يسوع العائد. لقد عبّر الله القدير عن الكثير من الحقائق ليُخلِّص البشرية ويحررنا من الخطيئة والكوارث. هذه فرصتي الوحيدة لنيل الخلاص، لذا لا بُدَّ أن أمارس إيماني. إذا واصلتَ محاولة ثنيي عن الإيمان بالله القدير، فلن يكون لدي خيار سوى مغادرة هذا المكان والعثور على مكان آخر للعيش فيه". لم يقل شيئًا ولبعض الوقت بعد ذلك، كان بالكاد يقول أي شيء عن إيماني وتوقف عن محاولة قمعي. اعتقدت أن كل هذا قد انتهى، ولم أتخيل قطُّ أن هذا لم يكن إلا الهدوء الذي يسبق العاصفة. في أحد الأيام، عندما كنت على وشك بدء الاجتماع، هرعت إليّ شقيقتي وقالت إن والدنا طلب رؤية هاتفي، لكنني لم أعطه إياه لأنني كنت أعرف أنه قد يكسره. كان الهاتف هو السبيل الوحيد لي للتواصل مع الكنيسة والسبيل الوحيد الذي كان لديّ لقراءة كلام الله القدير. لذا سارعت بالاتصال بإحدى الأخوات من الكنيسة وشرحت موقف عائلتي وعهدت إليها بالوافدين الجدد الذين رويتهم. بعد ذلك، أخفيت هاتفي.
في ذلك اليوم، دعا والدي عمّي إلى المنزل، وطلب منه منعنا عن الإيمان بالله القدير. لم يكن لديّ أدنى فكرة عن الأساليب التي سيستخدمونها لقمعنا. ثم تبادر إلى ذهني بعض من كلمات الله: "إن عمل الله الذي يقوم به في الناس يبدو ظاهريًا في كل مرحلة من مراحله كأنه تفاعلات متبادلة بينهم أو وليد ترتيبات بشرية أو نتيجة تدخل بشري. لكن ما يحدث خلف الكواليس في كل مرحلة من مراحل العمل وفي كل ما يحدث هو رهان وضعه الشيطان أمام الله، ويتطلب من الناس الثبات في شهادتهم لله. خذ على سبيل المثال عندما جُرِّبَ أيوب: كان الشيطان يراهن الله خلف الكواليس، وما حدث لأيوب كان أعمال البشر وتدخلاتهم. إن رهان الشيطان مع الله يسبق كل خطوة يأخذها الله فيكم، فخلف كل هذه الأمور صراعٌ" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. محبة الله وحدها تُعد إيمانًا حقيقيًّا به). "عندما يعمل الله، ويهتم بالشخص، ويراعي هذا الشخص، وعندما يفضل هذا الشخص ويوافق عليه، يتعقبه الشيطان عن كثب، محاولًا خداعه وإيذاءه. فإذا رغب الله في ربح هذا الشخص، فسيفعل الشيطان كل ما في وسعه لعرقلة الله، مستخدمًا حيلًا شريرة مختلفة لإغواء العمل الذي يقوم به الله وعرقلته وإفساده، وذلك من أجل تحقيق هدفه الخفي. وما هو هذا الهدف؟ إنه لا يريد أن يربح اللهُ أحدًا، ويريد أن يقتنص ملكية كل أولئك الذين يريد الله أن يربحهم، يريد أن يسيطر عليهم، ويتولى أمرهم حتى يعبدوه، وبذلك ينضمون إليه في ارتكاب الأفعال الشريرة ومقاومة الله. أليس هذا هو الدافع الشرير للشيطان؟ ... في حربٍ الشيطان مع الله، وتعقّبه لأثره، فإن هدفه هو أن يقوِّض كلّ العمل الذي يريد الله القيام به، وأن يحتلّ جميع مَن يريد الله أن يربحهم، وأن يسيطر عليهم بهدف القضاء التامّ على أولئك الذين يريد الله أن يربحهم. وفي حال عدم التخلّص منهم، فإنهم يكونون في حوزة الشيطان كي يستخدمهم – وهذا هدفه" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (4)]. أدركت من خلال كلام الله أن قمع عائلتي لإيماني كان اختبارًا وتعطيلًا من الشيطان. لم يُردني الشيطان أن أتبع الله وأنال خلاصه، لذا استخدم عائلتي لمهاجمتي وإرغامي على إنكار الله وخيانته. كانت هذه مؤامرة الشيطان الغادرة. فكرت كيف هاجم الشيطان أيوب عندما كان يُجرى اختباره. دُمِّرت كل ممتلكاته ومات أبناؤه وانتشرت الدمامل في سائر جسده. على الرغم من المعاناة الهائلة، كان أيوب لا يزال قادرًا على الشهادة لله وإذلال الشيطان. علمت أنه يجب عليَّ أن أحذو حَذو أيوب: مهما قمعني أبي وعمّي واعترضا سبيلي، كان عليّ أن أصرّ على إيماني بالله القدير وأصمد وأذلّ الشيطان.
بمجرد أن دخل إلى غرفتنا، بدأ يحثنا على التخلّي عن إيماننا. قال: "لقد تخليتما عن الرب يسوع ولا تذهبان إلى الكنيسة، هذه خيانة للرب!" فأجبت: "إن الله القدير والرب يسوع واحد وهما نفس الإله. لقد عبّر الله القدير عن ملايين الكلمات وكشف عن حقائق وأسرار لا حصر لها، مثل سر خطة تدبير الله البالغة 6000 آلاف عام والقصة الحقيقية لمراحل عمله الثلاث، وكذلك أسرار أسماء الله. كما كشف عن أصل خطيئة البشرية وحقيقة فسادنا من قِبل الشيطان، مبيّنًا لنا طريق الخلاص. الكثيرون في شتى أنحاء العالم يقرّون بأن كلام الله القدير هو الحق وصوت الله وقد رحّبوا بعودة الرب. إذن فكيف تقول إننا نخون الرب بالإيمان بالله القدير؟ عندما أتى الرب يسوع ليقوم بعمله، ترك الكثيرون الهيكل ليتبعوه فهل تقول إنهم خانوا الله يهوه؟ فقط أولئك الذين يعجزون عن سماع صوت الله واتباع الرب عندما يشهد الناس بعودته هم الذين يخونون الرب حقًّا". استشاط عمي غضبًا عند سماع هذا. قال: "فقط انظروا إليها! لم تعط ما قلته أدنى قدر من التفكير بل وحاولت أن تحاضرني بدلًا من ذلك. إنها تبشّرني وتحاول إغرائي بالكنيسة!" ثم حاولت زوجة عمي إقناعي. وبنبرة ساخرة ومُتهكِّمة، اقترحَت أن أتزوج مثل النساء الأخريات وأن أسعى إلى حياة أسرية وعملية مستقرة، بدلًا من تمضية جُلّ وقتي في ممارسة الإيمان والتبشير. فأجبتها بالمثل، قائلة: "منذ إيماني، قرأت الكثير من كلام الله القدير وربحت نفاذ بصيرة في كثير من الأمور وتعلّمتُ المغزى من الحياة وما هو الشيء الأكثر فائدة للسعي وراءه في الحياة. في هذه السنوات، ومع ازدياد حدّة الأوبئة والحروب والمجاعات، فهل يمكن للملذات الجسدية وأوقات الفراغ أن تضمن سلامتنا حقًّا أو تحمينا من الكوارث؟ فقط بقبول عمل الله القدير ونيل الحق والتخلص من الخطيئة يمكننا ربح حماية الله من الكوارث والدخول إلى ملكوته. هذا هو السبيل الوحيد للخلاص". لم يَنْبِسوا ببِنْت شَفَة. عند رؤيتهم لموقفي العنيد، اتصلوا بجدّي وعمي الآخر للاتحاد معًا ضدي. فكرت كيف يتمكن الإخوة والأخوات الصينيون من الوقوف بحزم في وجه الاضطهاد والخطر. أردت ان أتمسك بالشهادة لله وأذلّ الشيطان مثلهم تمامًا، فصليت إلى الله: "يا إلهي! لا أدري ماذا سيقول لي جدّي والبقية أو يفعلونه بي في المرحلة المقبلة، أرجو أن تملأني بالإيمان والقوّة". وبمجرد وصول جدّي، بدأ في توبيخي أنا وشقيقتي بل وحمل حزامه بتهديد، قائلًا: "إن لم تتخليا عن إيمانكما بالله القدير، فلستما حفيدتيّ بعد اليوم!" عند سماع هذا، قلت لنفسي: لن أتخلّى أبدًا عن إيماني بالله القدير حتى ولو تخلّت عني عائلتي بأكملها. قال الرب يسوع، "مَنْ يُنْكِرُنِي قُدَّامَ ٱلنَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ" (متى 10: 33). ليس مخيفًا أن يتخلّى عنك الناس، لأنه يمكن للمرء العيش دائمًا بدون إخوانه من البشر، لكن إذا تخلّى الله عنا، فقد انتهى الأمر. لذلك مهما اعترضوا سبيلي، فلن أنكر الله. فقلت بثبات: "لقد تعرّفت على الله القدير على أنه الإله الحقيقي. مهما قلتم، لن أتخلّى أبدًا عن إيماني بالله القدير". كما قالت شقيقتي إنها لن تتخلّى عن إيمانها بالله القدير. صُدم الجميع هناك مما قلناه. استشاط عمي غضبًا وانتزع هاتفي واستجوبني، قائلًا: "بمَن تتصلين على هذا الهاتف يوميًّا؟ مَن هم؟ وما أسماؤهم؟ أعطني أرقام هواتفهم! سأبلغ عنهم الشرطة!" ثم أمرني بفتح قفل هاتفي. وعندما لم أستجب له، ازداد غضبه وقال: "يبدو أنكِ حالة ميؤوس منها، لن تستمعي إلى أي شيء نقوله. يجب أن نرسلكِ إلى طبيب نفسيّ للعلاج". في نظرهم، كان الإيمان مجرد نوع من القناعة الدينية، واعتقدوا أن الأشخاص الذين يقدمون التضحيات ويبذلون أنفسهم من أجل الله هم أشخاص مختلّي العقل. بعدئذ، تناوب أفراد العائلة الآخرين على توبيخي وتعنيفي، لكن أنا وشقيقتي لم نتزعزع بل تجادلنا معهم. وأخيرًا سئموا منا وعادوا إلى منازلهم.
لم يتوقفوا عند هذا الحد. بعد يومين، عرض لنا والدنا عدة مقاطع فيديو تشوّه سمعة كنيسة الله القدير. لقد وجدتها مسيئة بشكل لا يُصدق، لأنني كنت أعلم أنها كانت زائفة وافتراء على الكنيسة. ربما لم أؤمن بالله القدير منذ فترة طويلة، لكنني قرأت كلماته وفهمت بعض الحق. علمت الطريق الذي يجب على المرء أن يسلكه ليتحرر من الخطيئة ويتطهّر وعلمت الأمور الأكثر أهمية في الحياة للسعي إليها. بدأت في ممارسة رؤية الأشياء بناءً على كلام الله وربحت بعض التمييز بين الخير والشر. لقد حققت بالفعل تحسنًا في بعض المجالات واستفدت كثيرًا من إيماني بالله القدير. شعرت بالسلام الداخليّ والرضا وكنت على اقتناع بأن هذا هو الطريق الحق، الطريق الذي كان يرشدنا الله إليه. فقلت لوالدي: "أنت لم تتحرّ عمل الله في الأيام الأخيرة وتصدق كل هذه الشائعات والمغالطات عبر الإنترنت. تلك هي أكاذيب الشيطان. إني أؤمن بالإله الحقيقي..." لكن بعد أن قلت هذا، قاطعني والدي على الفور وبدأ في توبيخي مجددًا. في وقت لاحق، عاد عمي مرة أخرى وبدأ يضغط عليَّ، قائلًا: "كيانا، أنتِ تمثِّلين عائلتنا وجميعنا يحبكِ حبًّا جمًّا. نحن نفعل هذا لمصلحتكِ. ستشكريننا فيما بعد. أرجوكِ اتركي هذه الكنيسة بأسرع ما يمكن". ذكّرتني كلماته بكيفية استخدام الشيطان لزوجة أيوب لمهاجمته. قالت زوجة أيوب: "أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بَعْدُ بِكَمَالِكَ؟ بَارِكِ ٱللهَ وَمُتْ!" (أيوب 2: 9). لكن أيوب لم يستجب لها، بل وبّخها بسبب حديثها "كما تتحدث امرأة حمقاء". الآن وقد أرغمتني عائلتي وأعاقتني أيضًا. زعموا أنهم كانوا يفعلون ذلك لمصلحتي، لكنهم في الواقع أرادوا إجباري على التخلّي عن الله القدير. لقد ضِقت ذَرْعًا بأكاذيبهم وخداعهم، لذا جلست هناك بهدوء وتجاهلتهم فحسب. كنت أرغب في إخبارهم بالكثير، لكنني كنت أعلم أنهم لن يستمعوا إليَّ. وعندما أدركوا أنني لم أرضخ لمطالبهم، أخذ والدي حزامه وجلدني عدة مرات على وجهي ويديَّ، تاركًا يديَّ تلسعني من الألم والدموع تنهمر على وجهي. وانتهى بهم الأمر بمصادرة هاتفي وهاتف شقيقتي وفقدنا قدرتنا على الاتصال بالكنيسة. بعدئذ، واصل والدي مراقبتنا وحظر علينا قراءة كلام الله. لقد تبعني أينما ذهبت حتى لا أكون وحدي بل وكان يراقب تعابير وجهي، إن بدا وكأن شيئًا يدور في ذهني، فإنه يصرخ: "إيّاكِ أن تجرؤي حتى على التفكير في الإله الذي تؤمنين به!" تذكرت بعضًا من كلمات الله القدير: "لا ينسجم المؤمنون وغير المؤمنين، بل بالأحرى يعارضون بعضهم بعضًا" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الله والإنسان سيدخلان الراحة معًا). "كل مَنْ لا يؤمن بالله المُتجسِّد هو شيطاني؛ وكذلك سوف يهلك. ... مَنْ هو الشيطان، ومَنْ هم الشياطين، ومَنْ هم أعداء الله إن لم يكونوا المقاومين الذين لا يؤمنون بالله؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الله والإنسان سيدخلان الراحة معًا). لقد كشف الله جوهر غير المؤمنين. كنت أعتقد أنه لا يوجد أحد أقرب إليَّ من عائلتي، لكن بعد قمعهم وإعاقتهم لي المرة تلو الأخرى ومقارنته بكلام الله، رأيت أخيرًا وجوههم الحقيقية. على الرغم من إيمانهم بالرب، لم تكن لديهم أدنى رغبة في السعي عند مواجهة شيء لا يُصدق مثل عودة الرب. لم يستمعوا إلى صوت الله ولم يرحّبوا بالرب بل وحتى استخدموا كل وسيلة ممكنة لمنعنا من قبول الله القدير، وتفوّهوا بكل أنواع الأحكام والإدانة عنه. لقد كانوا أناسًا يكرهون الله ويقاومونه. ولأنهم كانوا أعداء الله، كانوا أيضًا أعدائي. لم أكن مثلهم.
على الرغم من أنني ربحت بعض التمييز عن عائلتي، إلا أنهم كانوا يراقبونني على الدوام ولم أتمكن من المشاركة في الاجتماعات بل حتى لم أتمكن من التحدث مع شقيقتي على انفراد في الأمور الروحية، لذلك ومع مرور الوقت، بدأت أشعر بالضعف. فكرت آنذاك في مقطع من كلمات الله. "لا تيأس ولا تضعف، فسوف أكشف لك. إن الطريق إلى الملكوت ليس ممهدًا بتلك الصورة، ولا هو بتلك البساطة! أنت تريد أن تأتي البركات بسهولة، أليس كذلك؟ سيكون على كل واحد اليوم مواجهة تجارب مُرَّة، وإلا فإن قلبكم المُحبّ لي لن يقوى، ولن يكون لكم حب صادق نحوي. حتى وإن كانت هذه التجارب بسيطة، فلا بُدَّ أن يمرّ كل واحد بها، إنها فحسب تتفاوت في الدرجة. التجارب بركة مني، وكم منكم يأتي كثيرًا أمامي ويتوسَّل جاثيًا على ركبتيه من أجل نيل بركاتي؟ يا لكم من أبناء سذَّج! تعتقدون دائمًا أن بعض الكلمات الميمونة تُعتبَرُ بركة مني، لكنكم لا تدركون أن المرارة هي إحدى بركاتي. أولئك الذين يشاركونني مرارتي، حتمًا سوف يشاركونني حلاوتي. هذا وعدي وبركتي لكم" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الحادي والأربعون). ملأني كلام الله بالدفء وشعرت بقربه الشديد مني. لقد تفهّم الله ما كنت أفكر به وأعانيه واستخدم كلماته ليعزّيني ويشجعني. كنت أعلم أن الطريق إلى دخول ملكوت السماء مُضنٍ جدًا وأن الطريق الحق كان دائمًا مُضطهَدًا ومرفوضًا وهذا يرجع إلى أن الشيطان يحكم هذا العالم وذلك لا يسمح لله بالمجيء إلى هنا للتعبير عن الحق وخلاص البشرية، ناهيك عن السماح للناس باتباع الله والإيمان به. ونتيجة لذلك، يتعرض الناس الذين يفعلون ذلك للاضطهاد. في عصر النعمة، اضطُهِد الكثيرون وحتى استُشهدوا بسبب إيمانهم بالرب يسوع. الآن، في عصر الملكوت، تجسّد الله مجددًا ليُخلِّص البشرية. يوجد في الصين أعداد هائلة من المؤمنين بالله القدير اعتقلهم الحزب الشيوعي الصيني واضطهدهم وضربهم وعذبهم، لكنهم واصلوا الثبات على إيمانهم بالله وشهدوا له. وفي ظل هذا الاضطهاد من عائلتي بسبب إيماني بالله، كان التمسك بالشهادة لله شرفًا عظيمًا لي أمام الشيطان. لقد واجهت بعض الصعوبات، لكن هذا تضمّن مقاصد الله الحسنة. كان ينقصني الإيمان ولم أتمكن من إدراك حقيقة مؤامرة الشيطان، فعَمِل الله من خلال إعاقة واضطهاد عائلتي ليعلّمني الاتكال عليه والسعي إلى الحق لربح التمييز. لقد ساعدني هذا الموقف على فهم الحق والنمو في القامة. بعد إدراك مقاصد الله، شعرت بمزيد من الراحة وأقل توترًا وقررت الاتكال على الله في هذا الاختبار. طالما كان الله إلى جانبي، فلا يهم مَن عارضني أو أعاقني.
خلال تلك الفترة، كانت عائلتي تراقبنا وتقمعنا باستمرار. لم نتمكن من قراءة كلام الله وتملّكني شعور مريع للغاية لدرجة أنني أردت الهروب. وكما رأيتُ، كان الهروب هو المَخرج الوحيد. إذا غادرت المنزل، سأتمكن من ممارسة الإيمان بشكل طبيعي، لكن كل سُبُل الهروب كانت مغلقة. كان والدي دائمًا في المنزل ولم أدرِ كيفية تجنُّبه. كان أفراد العائلة الآخرين يراقبونني كذلك. وعلاوة على ذلك، لم يكن لدي مال ولم أدرِ إلى أين يمكنني الذهاب. خشيت أنني إذا هربت، سيبلغ والدي الشرطة عن الإخوة والأخوات. شعرت بالاكتئاب الشديد وكنت دائمة البكاء ولم أرغب في أن يراني أحد هكذا. خلال تلك الفترة، عشت في خوف دائم. عندما كنت أصلّي في غرفتي، كنت أخشى دائمًا أن يقتحم والدي المكان، ويكسر الباب ويصرخ في وجهي. ازداد قلقي من أنه سيضربني ويوبّخني أنا وشقيقتي. لم يكن لدي فكرة إلى متى سيستمر هذا الاضطهاد. عندما كنت أفكر كيف تمكن إخوتي وأخواتي من الاجتماع بانتظام وأداء واجباتهم، بينما لم تتح لي الفرصة للقيام بذلك، شعرت بالغيرة منهم فصليت إلى الله: "يا الله العزيز، أمرُّ بوقت عصيب للغاية في ممارسة الإيمان في المنزل. أريد مغادرة منزلي حتى أتمكن من الاجتماع وأداء واجبي بحرية. أرجو أن تفتح لي طريقًا".
في أحد الأيام، تمكنت أخيرًا من تجنب كلّ أفراد عائلتي ورأيت مقطعين من كلمات الله على هاتفي. يقول الله القدير، "أثناء اجتياز التجارب، من الطبيعي أن يكون الناس ضعفاءَ، أو أن تتملَّكهم السلبيَّة في داخلهم، أو أن يفتقروا إلى فهم إرادة الله أو طريقهم للممارسة فهمًا واضحًا. ولكن على أية حال، يجب أن يكون لك إيمان بعمل الله مثل أيوب، وألَّا تنكره. فمع أنَّ أيوب كان ضعيفًا ولعن يوم ولادته، فإنَّه لم يُنكِر أنَّ كل ما في الحياة الإنسانية قد منحه إياه يهوه، وأنَّ يهوه هو أيضًا الوحيد الذي يأخذ كل شيء. وبغضّ النظر عن الكيفية التي امتُحنَ بها، فقد احتفظ بهذا الإيمان. بغض النظر عن نوع التنقية التي تجتازها في اختبارك من خلال كلام الله، فإن ما يطلبه الله من البشر، باختصار، هو أن يؤمنوا به ويحبّوه. ما يكمّلُه بالعمل بهذه الطريقة هو إيمانُ الناس ومحبَّتُهم وتطلُّعاتهم. يقوم الله بعمل منح الكمال للناس وهم لا يمكنهم رؤيته أو الإحساس به، وفي ظل هذه الظروف يكون إيمانك مطلوبًا. إيمان الناس مطلوبٌ عندما لا يمكن رؤية شيء ما بالعين المجرَّدة، وإيمانك مطلوب حينما لا يمكنك التخلِّي عن مفاهيمك الخاصة. عندما لا تفهم عمل الله فهمًا واضحًا، فإن المطلوب هو أن يكون لديك إيمان، وأنْ تتَّخذ موقفًا ثابتًا، وتتمسَّك بالشهادة. حينما وصل أيوب إلى هذه النقطة، ظهر له الله وتكلَّم معه. بمعنى أنَّك لن تتمكن من رؤية الله إلَّا من داخل إيمانك، وسيكمِّلك الله عندما يكون لديك إيمان. بدون إيمان لا يمكنه فعل هذا" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أولئك المُزمَع تكميلهم لا بدّ أنْ يخضعوا للتنقية). "إذا أتت عليك أمور كثيرة لا تتوافق مع مفاهيمك، لكنَّك مع ذلك تستطيع أن تنحّيها جانباً وتربح معرفة تصرّفات الله من هذه الأمور، وإن كنت في وسط التنقية تكشف عن قلبك المحب لله، فهذا ما يعنيه التمسُّك بالشهادة. إذا كان منزلك ينعم بالسلام، وتتمتَّع بأسباب راحة الجسد، ولا يضطهدك أحدٌ، ويطيعك إخوتك وأخواتك في الكنيسة، فهل يمكنك إظهار قلبك المحب لله؟ هل يمكن لهذا الوضع أن ينقّيك؟ لا يمكن إظهار محبتك لله إلَّا من خلال التنقية، ولا يمكن تكميلك إلَّا من خلال أمور تحدث ولا تتماشى مع مفاهيمك. إن الله يريك وجه الشيطان القبيح بوضوحٍ من خلال العديد من الأمور المتناقضة والسلبيَّة، وباستخدام جميع أنواع مظاهر الشيطان – أفعاله واتّهاماته ومضايقاته وخدعه – وبذلك يكمِّل قدرتك على تمييز الشيطان بحيث تبغض الشيطان وتنبذه" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أولئك المُزمَع تكميلهم لا بدّ أنْ يخضعوا للتنقية). من خلال قراءة كلام الله، أدركت مقصده بوضوح ورأيت أنه في إيماننا لا بُدَّ أن نمر بتجارب وتنقيات. لا يمكننا تحقيق الإيمان الحقيقي بالله إلا من خلال هذه التنقيات. خذ قصة أيوب بعد أن خضع لتجربة وظل صامدًا في تمسّكه بشهادته، ازداد إيمانه بالله وانسلّ الشيطان خُلْسة في إذلال. كنت أعلم أنه يجب أن آخذ أيوب كنموذج يُحتذى به وأن أتمسك بالشهادة خلال هذه التجربة لكنني أظهرت لنفسي أنني أفتقر بشدة إلى الإيمان. عندما تمكنت من الاجتماع بانتظام في بيئة سلمية وآمنة، كان إيماني قويًّا بل وحتى قلت: "مهما يحدث، لن ألوم الله أبدًا". لكن حين اضطهدتني عائلتي واحتجزتني في قفص منزلي، حيث لم يكن لدي حرية، صرت سلبية وضعيفة. لم أتخلَّ عن إيماني بالله، لكنني كنت أشكو دائمًا ولطالما أردت تجنب المشقة والسعي إلى حياة هادئة وشكل من أشكال العبادة المريحة. لقد أظهر هذا بوضوح أن خيانة الله كانت طبيعتي. فكرت في مدى ثبات أيوب. عندما اختبره الشيطان وهاجمه، لم يَشْكُ إلى الله إطلاقًا ولم يطلب قطُّ من الله أي مطالب غير منطقية، ناهيك عن أنه سأل الله لسماحه بحدوث مثل هذه الأشياء له. خضع أيوب لله واتقاه ولكنني لم أفعل. أدركت أن الله كان يستخدم هذا الوضع لاختباري وتكميل إيماني. إذا كنت أرغب دائمًا في ممارسة الإيمان في أوقات الفراغ، وأتجنب المواقف التي ابتكرها ولم أتعلم منها، فسينتهي بي المطاف إلى لا شيء. خطر لي أنه على الرغم من أنني عانيت قليلًا، فإن الله كان دائمًا إلى جانبي ليرشدني. عندما أصابني الضعف، عزّاني كلام الله وشجعني. فكيف أشكو إلى الله؟ كنت أفتقر بشدة إلى الضمير. اعتدت أن أحسد أولئك الإخوة والأخوات الذين لم تضطهدهم عائلاتهم، لكن بعد أن فكرت في الأمر: مَن يربح أكثر في النهاية؟ هل الشخص الذي يعيش في أوقات فراغ ونعمة يربح أكثر، أم الشخص الذي يختبر الاضطهاد والمشقة؟ كانت الإجابة واضحة. كل شيء بيد الله ويخضع لترتيبه والله لا يقوم بعمل لا معنى له. الله وحده يعلم أي المواقف ستكون الأفضل للتقدم في حياتي وليس أنا، لذا يجب عليّ الخضوع والسعي.
بعد فترة وجيزة، وجد والدي عملًا وبدأ يخرج كثيرًا. خلال تلك الفترة، تمكنت أنا وشقيقتي من الاجتماع بأمان وعقد الشركة حول كلام الله. أما بالنسبة إلى كاميرات المراقبة التي ثبّتها والدي، لم تعمل ضدنا فحسب، بل ساعدت في الواقع على حمايتنا، لأنه في كل مرة كان يعود فيها والدي إلى المنزل، تمكّنا من رؤيته وهو عائد من خلال الكاميرات وقطعنا اجتماعنا. وبمجرد مغادرته مجددًا، كنا نواصل الشركة. عندما كان والدي في المنزل، لم نستطع المشاركة في الاجتماعات، لذا كنا نستأذنه في الذهاب إلى المتجر ثم ننتهز الفرصة للشركة بالخارج في المُتنزَّه. في عام 2020، كلّفني قائد كنيستي بمواصلة سقاية الوافدين الجدد وفيما بعد أصبحت مشرفة. لقد واصلت أداء واجبي حتى خلال قمع والدي وعوائقه.
لقد اختبرت كلام الله ورأيت قدرته وحكمته وربحت الإيمان به. لقد تعلمت الاتكال على الله ومارست أكل وشرب كلام الله وحدي لحلّ مشكلاتي. كما ربحت تمييز أفراد العائلة الذين لا يؤمنون وتعلمت كيفية التعامل معهم. لم أكن لأتعلم أيّ من هذا قطُّ عندما كنت أعيش في أوقات فراغي. إن عمل الله رائع وعمليّ للغاية. أشكر الله القدير من صميم قلبي!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.