الهروب من قفص عائلتي

2023 فبراير 5

قبلتُ عمل الله القدير في الأيام الأخيرة عام 2005. في ذلك الوقت، ومن خلال الاجتماعات وقراءة كلام الله، تعلمت الكثير من الحقائق والأسرار التي لم أسمع عنها من قبل قط: عرفت كيف يدير الله البشرية ويُخلِّصها، وعرفت الغرض من الحياة البشرية وقيمتها ومعناها، بالإضافة إلى عاقبة الإنسان ونهايته. من خلال قراءة كلام الله القدير، كنتُ قادرة على حل الكثير من المشكلات والصعوبات الموجودة في حياتي. أشعرني الإيمان بالله بشعور رائع. لكن عندما علم زوجي، كان حاسمًا في معارضة إيماني. اعتقلت شرطة الحزب الشيوعي الصيني عمي مرة بسبب إيمانه بالرب. وعلم زوجي أن الحزب الشيوعي الصينيّ يحظر كل أشكال الإيمان بالله، وخشى أن أُعتقَل أنا أيضًا، وأن يورِّط هذا العائلة بأكملها. لذا كان معارضًا لإيماني بشدة. كنت أيضًا مُعلِّمة بديلة في ذلك الوقت وكان قلقًا من أن تعرف المدرسة وتفصلني، لذا ضغط علي ضغطًا شديدًا وأعاقني.

لم يدعني أقرأ كلام الله ولا أسمع الترانيم، فضلًا عن أن يسمح لي بحضور الاجتماعات أو تأدية واجبي. أتذكر أنه أمسكني مرة أقرأ كلام الله، وجنّ جنونه. قال: "تمنعكِ حكومتنا من الإيمان، لكنكِ ما زلتِ مؤمنة! إذا أمسك بكِ عضو من أعضاء لجنة التعليم فستفقدين وظيفتكِ، بل وسيرسلونكِ إلى السجن أيضًا. ليس لدي مال لدفع الكفالة، لذا يُستحسن أن تتوقفي عن الإيمان قبل أن يفوت الأوان!" بعد هذا هددني، عندما استمررت في إيماني، قائلًا: "لا تحلمي حتى بممارسة إيمانكِ طالما حييتُ!" ضعف عزمي بسماع هذا. فكرتُ: "لن يدعني زوجي أمارس إيماني بأي حال من الأحوال، ومع هذا ما زلت مصرّة على الإيمان. إذًا ماذا سيفعل معي؟" حينها فكرت في مقطع من كلام الله: "ينبغي أن تمتلك شجاعتي في داخلك، وينبغي أن تكون لديك مبادئ عندما يتعلق الأمر بمواجهة أقرباء غير مؤمنين. لكن لأجلي، يجب ألا ترضخ لأيٍّ من قوى الظلمة. اعتمد على حكمتي لسلوك الطريق القويم، ولا تسمح لمؤامرات الشيطان بالسيطرة. ابذل كل جهودك في أن تضع قلبك أمامي، وسوف أريحك وأمنحك سلامًا وسعادة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل العاشر). كان كلام الله مشجعًا للغاية لي. فكرت كيف خدع الحزب الشيوعي الصيني زوجي حتى يهددني، ليجبرني على ترك إيماني. بدا في الظاهر أن زوجي يضغط عليَّ ويعيقني عن اتِّباع الله، لكن في واقع الأمر، كان الشيطان يعمل من خلاله ليجبرني على خيانة الله وخسارة خلاصه. لم يكن بإمكاني الوقوع في مكيدة الشيطان ولا المساومة معه. آمنت أنني طالما كنت معتمدة على الله وأتصرف وفق كلماته، فإنه سيقودني لأغلب إكراه زوجي. بعد هذا أخفيت كتب كلام الله التي أملكها ولم أكن أقرأ أو أحضر الاجتماعات أو أنشر الإنجيل إلا في غيابه. لم يكن ذلك حتى يوليو 2008 عندما علم زوجي أنني ما زلت أمارس الإيمان وأؤدي واجبي، وانفجر غضبه فيَّ. قلب المنزل بأكمله بحثًا عن كتب كلام الله التي أملكها ومشغل الموسيقى الذي كنت استخدمه في الاستماع إلى الترانيم. وسحق الجهاز محطمًا إياه. وحتى يمنعني من ممارسة الإيمان، أخذ إجازة من وظيفته مرتفعة الراتب حتى يتمكن من الإشراف على أنشطتي طوال اليوم في المنزل. لم يكن باستطاعتي حضور الاجتماعات، وشعرت بأنني أتعذّب حقًا، لذا، حين حانت الفرصة، تسللت لرؤية إخوتي وأخواتي. إلا أنني تفاجأت باتصاله بالشرطة ليبلغ عنَّا. لحسن الحظ لم يعثروا على أي كتب عن كلام الله أو أي دليل آخر لذا لم يعتقلونا. في وقت لاحق، حين اكتشف أن منزل أختي المجاور لنا كان مكان اجتماع، التقط صورًا للإخوة والأخوات المجتمعين وهدد بالإبلاغ عنهم. نتيجة لهذا لم يجرؤ الإخوة والأخوات على الاستمرار في الاجتماع هناك. كلما أمسك بي وأنا أتواصل مع إخوتي وأخواتي، كان يضربني أو يوبخني. ضربني عدد من المرات أكثر مما يمكنني عده، وأصبحت أسمع صوت رنين في إحدى أذناي لم يتوقف لمدة أشهر.

كثيرًا ما كنت أدندن بهذه الترنيمة في ذلك الوقت: "سأقدِّم محبتي وإخلاصي لله، وأُتمِّم واجبي لتمجيد الله. أنا عازم على الصمود في الشهادة لله، ولا أستسلم أبدًا للشيطان. أوه، قد ينكسر رأسي ويسيل الدم مني، ولا يفقد شعب الله حماسته. نصائح الله تستهدف القلب، وأنا عازم على إذلال إبليس الشيطان. الألم والمصاعب قد سبق وعيَّنها الله، وسأتحمَّل الإهانة لأكون أمينًا له. لن أكون سببًا في بكاء الله أو قلقه مرة أخرى" (اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة، أتمنى أن أرى يوم مجد الله). فكرت كيف أنني بحب الله العظيم وحده كنت، أنا المخلوقة، محظوظة بما يكفي لاتباع الله ونيل خلاصه. كنت أُفضِّل الموت عن الاستسلام للشيطان، ولم أكن لأخون الله أبدًا. كلما ازداد ضغط زوجي عليَّ، توجب عليَّ اتباع الله بصورة أكبر، والوقوف بثبات، وإذلال الشيطان. في وقت لاحق خشيت الكنيسة من أن يستمر زوجي في ضربي إذا حضرت الاجتماعات أو أديت واجبي، ومن أنه قد يُبلِغ عن إخوة وأخوات آخرين، لذا جعلوني أتوقف عن حضور الاجتماعات والاكتفاء بقراءة كلام الله في المنزل.

في السنوات الثلاثة التالية، لم أتمكن سوى من استغلال الأوقات التي يخرج فيها زوجي لقراءة كلام الله سِرًّا، والالتقاء بين حين وآخر بأختي التي تقطن بجواري للمشاركة ونشر الإنجيل بين الأصدقاء وأفراد العائلة. كنت مُقيَّدة كطائر حبيس. عدت بذاكرتي لأوقاتي مع الإخوة والأخوات الآخرين، حين كنَّا نقدم مشاركة عن الحق، ونرتل الترانيم تسبيحًا لله، كم كانت تلك الأوقات سعيدة ورائعة! فكرت أيضًا كيف أن عمل الله لخلاص البشرية في الأيام الأخيرة كان أمرًا يحدث مرة في العمر وأن الفرصة تختفي في لمح البصر، لذا لم يكن بإمكاني أن أفوَّتها. افتقدت عيش حياة الكنيسة الطبيعية، ونشر الإنجيل والشهادة لله مع الآخرين، لكن كل هذا تحوَّل إلى مجرد آمال فارغة. شعرت بإحباط وظلم شديدين، وكثيرًا ما كنت أختفي وحدي وأبكي. رغبت في الصراخ قائلة: "إن الإيمان بالله سير في الطريق الصحيح. لقد اخترت الاختيار الصحيح. فلِمَ لا ينجح الأمر معي؟" حينها فكرت في مقطع من كلام الله. "لقد بقيت هذه الأرض أرض الدنس لآلاف الأعوام. إنها قذرة بصورة لا تُحتمل، وزاخرة بالبؤس، وتجري الأشباح هائجة في كل مكان، خادعة ومخادعة ومقدِّمة اتهامات بلا أساس، وهي بلا رحمة وقاسية، تطأ مدينة الأشباح هذه، وتتركها مملوءة بالجثث الميّتة؛ تغطي رائحة العفن الأرض وتنتشر في الهواء، وهي محروسة بشدة. مَن يمكنه أن يرى عالم ما وراء السماوات؟ يحزم الشيطان جسد الإنسان كله بإحكام، إنه يحجب كلتا عينيه، ويغلق شفتيه بإحكام. لقد ثار ملك الشياطين لعدة آلاف عام، وحتى يومنا هذا، حيث ما زال يراقب عن كثب مدينة الأشباح، كما لو كانت قصرًا منيعًا للشياطين. في هذه الأثناء تحملق هذه الشرذمة من كلاب الحراسة بعيون متوهجة وتخشى بعمق أن يمسك بها الله على حين غرة ويبيدها جميعًا، ويتركها بلا مكان للسلام والسعادة. كيف يمكن لأناس في مدينة أشباح كهذه أن يكونوا قد رأوا الله أبدًا؟ هل تمتعوا من قبل بمعزة الله وجماله؟ ما التقدير الذي لديهم لأمور العالم البشري؟ مَن منهم يمكنه أن يفهم مشيئة الله التوَّاقة؟ أعجوبة صغيرة إذًا أن يبقى الله المتجسد مختفيًا بالكامل: في مجتمع مظلم مثل هذا، فيه الشياطين قساةٌ ومتوحشون، كيف يمكن لملك الشياطين، الذي يقتل الناس دون أن يطرف له جفن، أن يتسامح مع وجود إله جميل وطيب وأيضًا قدوس؟ كيف يمكنه أن يهتف ويبتهج بوصول الله؟ هؤلاء الأذناب! إنهم يقابلون اللطف بالكراهية، وقد بدأوا يعاملون الله كعدو منذ وقت طويل، ويسيئون إليه، إنهم وحشيون بصورة مفرطة، ولا يظهرون أدنى احترام لله، إنهم ينهبون ويسلبون، وليس لهم ضمير على الإطلاق، ويخالفون كل ما يمليه الضمير، ويغوون البريئين إلى الحماقة. الآباء الأقدمون؟ القادة الأحباء؟ كلّهم يعارضون الله! ترك تطفّلهم كل شيء تحت السماء في حالة من الظلمة والفوضى! الحرية الدينية؟ حقوق المواطنين المشروعة ومصالحهم؟ كلها حيلٌ للتستّر على الخطية!" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (8)). أدركت من خلال إعلان كلام الله حقيقة مقاومة شياطين الحزب الشيوعي الصيني لله. فكرت كيف ينشر الحزب الشيوعي الصيني الإلحاد بشكل تعسفي منذ توليه السلطة، قائلًا: "كل الأشياء تطوَّرَت طبيعيًا"، و"تطور الإنسان من القرود"، و"لم يكن هناك أبدًا أي مُخلِّص"، وأمثال ذلك. استخدموا تلك النظريات السخيفة ليخدعوا الناس، بهدف دفع الناس لإنكار الله وخيانته، ومقاومته معهم، وفي نهاية المطاف يدمرهم الله ويرافقونهم إلى القبر. في الأيام الأخيرة، وبما أن الله قد تجسد ليُخلِّص البشر، يطارد الحزب الشيوعي الصيني المسيح بشكل مسعور ويعتقل المسيحيين ويضطهدهم بتعسف بهدف قمع عمل الله في الأيام الأخيرة وترسيخ سيادة إلحادية في الصين. يُشكِّل الحزب الشيوعي الصيني جحافل تتخذ من الله عدوًا. إنه صورة تجسيدية للشيطان سفّاكة للدماء ومقاومة لله. لقد كان السبب وراء ضغط زوجي عليَّ وتعطيلي عن ممارسة إيماني، كان لأن مخه قد غسلته فلسفة الحزب الشيوعي الصيني الإلحادية. لم يؤمن بالله وكان خائفًا من أن يتورط إذا اعتقلني الحزب الشيوعي الصيني، لذا قاوم إيماني بالله بشدة. كل المعاناة التي مررت بها كانت من أفعال ملك الشياطين الحزب الشيوعي الصيني. كرهت تلك العصابة الشيطانية من أعماق قلبي. منذ أن بدأ إيماني بالله، ساير زوجي الحزب الشيوعي الصيني في اضطهادي، وعدم السماح لي بقراءة كلام الله، أو حضور الاجتماعات أو تأدية واجباتي، وضربي عدد لا يحصى من المرات، وحتى إبلاغ الشرطة عني وعن إخوتي وأخواتي. بإدراكي أن طبيعة زوجي وجوهره كانا كارهين للحق وماقتين لله، وأنه سيضطهدني دائمًا إذا ما حاولت ممارسة الإيمان في المنزل، فكّرتُ مرات عديدة في الطلاق منه وترك المنزل لممارسة إيماني والقيام بواجبي بشكل حقيقي. لكن كلما فكرت في مغادرة المنزل، كنت أقلق بشأن ابني. كان مجرد مراهق، وكان سيصعب عليه جدًا خسارة أمه! كان بإمكاني في المنزل قراءة حكايات الكتاب المقدس له، وعقد شركة معه عن كلام الله، وجلبه لله. فمن سيرشده في إيمانه إذا غادرت؟ كلما فكرت في ذلك شعرت بضعف بالغ، وافتقرت إلى الشجاعة للطلاق من زوجي، وتحملت في صمت حياتي في الأسر. عندما كانت المعاناة تدمرني، كنت أقف أمام الله في الصلاة وأقرأ كلامه في الخفاء. وحينها فقط كنت أشعر ببعض الراحة.

في أكتوبر 2011، تسللت لأحضر بضعة اجتماعات سِرًّا. وهدد زوجي الإخوة والأخوات قائلًا إنهم إذا استضافوني، فلن يكون مهذبًا معهم في المرة القادمة. وهددني أيضًا قائلًا: "طالما كنتِ مقيمة هنا، لن أدعكِ تؤمنين بالله! إذا رغبتِ في الإيمان، سيتعين عليكِ مغادرة هذا المنزل!" أصبت بخيبة أمل مُرّة لسماعه يقول هذا. للتفكير في أنه سيطردني لمجرد إيماني بالله، دون أدنى اعتبار لكل الأعوام التي عشناها معًا. في ذلك الوقت، فكرت في مقطع من كلام الله: "لماذا يحب زوج زوجته؟ لماذا تحب زوجة زوجها؟ لماذا يكون الأطفال مطيعين لوالديهم؟ لماذا يكون الوالدان مولعين بأطفالهما؟ ما أنواع النيَّات التي يكنَّها الناس حقًا؟ أليس غرضهم هو من أجل إرضاء خططهم ورغباتهم الأنانية؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الله والإنسان سيدخلان الراحة معًا). كان كلام الله واقعيًّا جدًا. ليس هناك حبًا حقيقيًا بين الناس. إن الحب بين الزوج وزوجته مؤسس على افتراض بوجود منفعة متبادلة. لم يهددني زوجي بتلك الطريقة قط قبل إيماني بالله. لكن بمجرد أن خشي من أن يتورط في حالة اعتقالي لإيماني بالله، لم يفكر على الإطلاق في كل الأعوام التي عشناها كزوجين معًا، وضربني، بل وهددني بالطرد من منزلي. ألم تكن قسوته الشديدة لمجرد حماية مصالحه الشخصية؟ بإدراك هذا، فكرتُ في نفسي: "حيث إنه يحاول دفعي بعيدًا، ربما كان عليَّ أنا أيضا أن أغادر وأكون حرة في الإيمان بالله وتأدية واجبي". لاحقًا، وبينما كان ابني في درس خصوصي مع عمته، غادرت إلى كنيسة تبعد نحو 50 كيلومترًا، وصرت قادرة أخيرًا على الانخراط في حياة الكنيسة والقيام بواجبي. لكن في ذلك الوقت، كنت ما زلت قلقة بشأن ابني. كلما كان لدي بعض الوقت للراحة وأثناء العطلات عندما كنت أرى الأطفال يعودون إلى منازلهم إلى أمهاتهم وآبائهم بعد انصراف المدرسة، كنت أفكر في مقدار الحزن الذي لابد أنه أصاب طفلي لعدم وجودي في المنزل، وكنت أرغب في العودة إلى المنزل لرؤيته. لكني خشيت من أن يضربني زوجي ويضطهدني ويوبخني، فلم أجرؤ على العودة. لم يكن بإمكاني سوى البكاء سرًا.

ثم في يوم من أيام سبتمبر 2012، قابلت نسيبي صدفة في الشارع، وأجبرني على العودة إلى المنزل. بعد عودتي إلى المنزل دعا زوجي العائلة كلها إلى اجتماع كبير. دعا أخويه الأصغر والأكبر، وزوج أمي ونسيبي لمحاولة إقناعي بالعدول. هددني نسيبي قائلًا: "إذا لم تكوني نسيبتي، لكنت أرسلتكِ بمكالمة واحدة إلى مكتب الأمن العام". وزاد زوج أميالطِّين بَلَّةً، مشجعًا زوجي على قمع تصرفاتي. عندما رأيت الطريقة التي تسير بها الأمور، صرت قلقة من أن زوجي، مع وقوف هذا العدد الكبير من الأشخاص ضد إيماني بالله، كان ليضطهدني اضطهادًا أعظم في المستقبل، لذا أشرت بحكمة إلى أنني عائدة لأعيش حياتي. حينها فقط هدأ أقاربي. في اليوم الثالث من عودتي للمنزل، رأيت قائدة كنيستي تزور أختي القاطنة بجواري لذا ذهبت بحماس لأسألها عن اجتماعات الكنيسة. وتفاجأت بأن زوجي تبعني وصرخ في وجهي بعدوانية لأعود إلى المنزل. لم أرغب في أن أتسبب في مشكلة لأختي، لذا عدت إلى المنزل سريعًا. عندما غادرَت قائدة الكنيسة منزل أختي، هددها زوجي بمجرفة قائلًا: "إذا اقتربتِ من هنا ثانية، فلن أكون بهذه الطيبة في المرة القادمة!" ثم أخذ سكين مطبخ واقتحم منزلها عازمًا على طعنها، وكان عليَّ أنا وزوجها أن نوقفه بسرعة. بعد هذا توقفت عن لقاء إخوتي وأخواتي خوفًا من تعريضهم للأذى.

في تلك الأثناء اختبرت الكثير من الألم العقلي، وكثيرا ما كنت أختفي وحدي وأبكي. في مرة، خرجت خلسة من المنزل لأدردش مع أخت بعد خروج زوجي، لكن أثناء عودتي رآني زوجي في الطريق أثناء قيادته عائدًا إلى المنزل. فزمجر في وجهي قائلًا: "هل تعلمين أن بإمكاني أن أدهسكِ بهذه السيارة؟" تحجر قلبي حين سمعت هذا. لقد رغب في دهسي بسيارته لمجرد إيماني بالله. أتاح لي هذا أن أرى بوضوح أكبر أن زوجي كان شيطانًا كارهًا لله وأنه لن يتوقف أبدًا عن اضطهاده لي. لن أتمكن من ممارسة إيماني في ذلك المنزل، فكان خياري الوحيد أن أغادر. لكن عندما فكرت في المغادرة، شعرت بحزن عميق. كنت قد لممت شملي لتوي بابني وإذا غادرت مرة أخرى سيكون الأمر في غاية الصعوبة عليه! إذا غادرت، فمن سيرشده إلى الإيمان بالله والسير في الطريق الصحيح؟ كلما أمعنت التفكير في الأمر، قلَّت قدرتي على تحمل هجر ابني. لم يكن بإمكاني سوى الوقوف أمام الله باستمرار والصلاة: "يا الله العزيز! يواصل زوجي اضطهادي وإعاقتي. أرغب في ترك هذا المكان حتى أمارس إيماني، لكن ليس بمقدوري ترك ابني. يا الله العزيز! لست قادرة على أن أقرر ماذا أفعل، وأصلي لكي تمنحني الاستنارة وترشدني". بعد ذلك صادفت ترنيمة من كلام الله: "هل لا يقدر الناس على تنحية جسدهم جانبًا لهذا الوقت القصير؟ ما الأمور التي يمكنها أن تحدث شقًا في الحب بين الإنسان والله؟ مَنْ يستطيع أن يمزق أواصر الحب بين الإنسان والله؟ هل الوالدان أم الأزواج أم الأخوات أم الزوجات أم التنقية المؤلمة؟ هل يمكن لمشاعر الضمير أن تمحي صورة الله داخل الإنسان؟ هل مديونية الناس وأفعالهم تجاه بعضهم بعضًا هي عملهم؟ هل يمكن لإنسان أن يعالجهم؟ مَنْ يقدر على حماية نفسه؟ هل الناس قادرون على إعالة أنفسهم؟ مَنْ هم الأقوياء في الحياة؟ مَنْ يستطيع أن يتركني ويعيش بمفرده؟ لماذا يطلب الله من جميع الناس المرة تلو المرة القيام بعمل التأمل الذاتي؟ لماذا يقول الله: "ولكن مَنْ الذي رتب معاناته بيديه؟" (اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة، ألا يستطيع الإنسان أن يُنحِّي جسده جانبًا لهذه الفترة القصيرة؟). كان لكلام الله تأثير عميق عليَّ، وشعرت بالذنب الشديد. فكرت كيف أن الله قد تجسد ليُخلِّص البشر، ويعبّر عن الحق، ويؤدي عمله بين البشر بحلم عظيم، مُتحمِّلًا خزيًا عميقًا، ومقدمًا كل محبّته للبشرية، هدف خلاصه. بالتفكير في كل المعاناة التي تحملها الله لخلاص الإنسان، أدركت كم أن محبّة الله عملية بشكل لا يصدق. يأمل الله أننا سنقف ونرعى مشيئته، طارحين كل شيء جانبًا لنشر الإنجيل والشهادة له. هذه هي محبّة الله لنا. لكنني كنت أنانية، لا أفكر إلا في أنه لن يكون هناك من يعتني بابني إذا غادرت، لكنني فشلت في الانتباه إلى مشيئة الله. مقتُّ ذاتي لكوني ضعيفة ودون فائدة ومفتقرة للضمير وغير قادرة على طرح كل شيء جانبًا لاتباع الله. ولأنني كنت غير قادرة على ترك ابني، تعين عليَّ قبول الاحتجاز في المنزل وضرب زوجي وحبسي والتحكم فيَّ دون فرصة لقراءة كلام الله، فضلًا عن فرصة لأداء واجبي ككائن مخلوق. لم يكن لدي أدنى حل للسعي وراء الحق ومحبّة الله. أراد إبراهيم التخلي عن ابنه الوحيد كتقدمة لله، فلِمَ لم أتمكن من الافتراق بشكل مؤقت عن ابني لأؤدي واجبي كمخلوقة، وأسعى إلى الحق، وأنال خلاص الله؟ لم أتمكن من طرح واجبي جانبًا، لأنني لم يعد بإمكاني التخلي عن ابني. علمت أن عمل خلاص الله قد أوشك على الانتهاء وأن البلايا العظيمة ستنكشف قريبًا. في المنزل، لم أكن قادرة على قراءة كلام الله، أو حضور الاجتماعات أو تأدية واجباتي؛ إذا استمر هذا الوضع، فلم أكن لأبلغ الحق، ولم أكن لأتمكن من إعداد الأعمال الصالحة. كنت عرضة للهلاك في أي من الكوارث القادمة. فكيف كنت سأرشد ابني حينها إلى الطريق الصحيح؟ ألم يكن مصير ابني أيضًا بين يدي الله؟ ليس لدي سيطرة على مقدار المعاناة المقدرة له أو ما إذا كان بمقدوره أن تطأ قدماه الطريق الصحيح. بإدراك هذا انحسر اضطرابي بعض الشيء.

بعدئذ قرأت المزيد من كلام الله، وعرفت المزيد عن الحق وتركت مخاوفي بشأن ابني تدريجيًا. قرأت هذا المقطع. "إلى جانب الولادة وتربية الأطفال، تتمثّل مسؤوليّة الوالدين في حياة أطفالهم ببساطةٍ في توفير بيئةٍ أساسية لهم للنموّ، لأنه لا شيء سوى سبْق تعيين الخالق يكون له تأثيرٌ على مصير الشخص. لا أحد يمكنه التحكّم في نوع مستقبل الشخص، فهو مُحدّدٌ منذ زمانٍ طويل، ولا يمكن حتّى لوالديّ المرء أن يُغيّرا مصيره. بقدر ما يتعلّق الأمر بالمصير، فإن كل شخصٍ مستقلّ وكل واحدٍ له مصيره. ولذلك لا يمكن لوالديّ المرء أن يُجنِّباه مصيره في الحياة أو ممارسة أدنى تأثيرٍ على الدور الذي يلعبه المرء في الحياة. يمكن القول إن العائلة التي يكون من مصير المرء أن يولد فيها والبيئة التي ينمو فيها ليستا أكثر من الشروط السابقة لإنجاز مهمّة المرء في الحياة. إنها لا تُحدّد بأيّ حالٍ مصير الشخص في الحياة أو نوع المصير الذي يُؤدّي فيه المرء مهمّته. ومن ثمَّ، لا يمكن لوالديّ المرء مساعدته على إنجاز مهمّته في الحياة، وبالمثل، لا يمكن لأقاربه مساعدته على أداء دوره في الحياة. كيفيّة أداء المرء مهمّته ونوع البيئة المعيشيّة التي يُؤدّي فيها دوره حدّدها مسبقًا بالإجمال مصير الشخص في الحياة. وهذا معناه أنه لا يمكن لشروطٍ موضوعيّة أخرى أن تُؤثّر على مهمّة الشخص التي يسبق فيحددها الخالق. ينضج جميع الناس في البيئات التي ينمون فيها؛ ثم ينطلقون بالتدريج، خطوة خطوة، في طرقهم الخاصة في الحياة ويُؤدّون المصائر التي سبق الخالق فرسمها لهم. بطبيعة الحال، يدخلون دون إرادتهم في بحر البشر الهائل ويتقلّدون مناصبهم في الحياة، حيث يبدأون في إنجاز مسؤوليّاتهم ككائناتٍ مخلوقة من أجل سبق تعيين الخالق ومن أجل سيادته" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (3)). أدركت من خلال قراءة كلام الله، أن مصير الطفل غير متعلق بأبويه، لكنه مُحدد من خلال سيادة الله. كان مصير ابني بين يدي الله. لم يكن بمقدوري التحكم في مقدار المعاناة التي سيعانيها ابني أو ما إذا كانت قدماه ستطأ الطريق الصحيح – كل هذا كان خاضعًا لإملاءات ترتيبات الله. تذكرت يوسف: بيع عبدًا في مصر في سن مبكرة وحُرِم من رعاية أبويه وإرشادهما، إلا أن الله يهوه وقف معه. وبغضّ النظر عن غواية زوجة رئيس شرطة فرعون، لم ينخدع أبدًا. عانى يوسف أيضًا من صعوبات عديدة في مصر، لكنها في واقع الأمر زادته تصميمًا، وعلمته الاتكال على الله. تأملت في أولئك الإخوة والأخوات الذين لم يغادروا منازلهم للقيام بواجبهم – كثيرًا ما شجعوا أبناءهم على ممارسة الإيمان والسير في الطريق الصحيح، وبعض أولئك الأطفال مارسوا الإيمان وتبعوا الله على المسار الصحيح، لكن الآخرين وقعوا ضحية للاتجاهات الشريرة العالمية وتدهور حالهم شيئًا فشيئًا. رأيت أن ما يسمح للطفل بالسير في الطريق الصحيح ليس والديه المصاحبين له، بل ما إذا كان حُب الحق في طبيعته وما إذا كان الله قد سبق فعين لهم أن يفعلوا ذلك. إذا كان لدى ابني إنسانية وكان هدفًا لخلاص الله، فحتى إذا لم أبق إلى جواره، فما زال سينمو بشكل صحي وسيؤمن بالله. كان هذا كله بين يدي الله، لم أكن بحاجة للقلق بشأنه. في الأعوام التي آمنت فيها، استمتعت كثيرًا بسقاية كلام الله ومدده، لكنني لم أكن قادرة على تأدية واجبي كمخلوقة بسبب تعلقي بابني. كم أنا أنانية! كان علي أن أقابل محبّة الله بنشر الإنجيل والشهادة له وجلب المزيد من الأشخاص إلى بيت الله. في فبراير 2013، تركت عائلتي وركبت قطارًا إلى كنيسة في مدينة بعيدة.

وعندما مر القطار بمدرسة ابني، حدَّقتُ في المبنى الذي كان ابني يحضر فصوله فيه وفكرت في نفسي: "من يعرف متى سأراه ثانية". لم أتمكن من حبس دموعي. زاد هذا من مقتي لحكم الشيطان إبليس السلطوي. لقد أبعدني عن عائلتي ومنعني من أن أتمكن من ممارسة إيماني والقيام بواجبي بحرية. في تلك اللحظة تقت أكثر لزمن السعادة والحرية القادم حين يحكم المسيح، وأشعل هذا حماسي للسعي وراء الحق واستهداف النور. رتلت ترنيمة من كلمات الله في عقلي: "أنت مخلوق وعليك أن تعبد الله وأن تنشد حياة ذات معنى. بما أنك مخلوق أن تبذل نفسك من أجل الله وأن تتحمل كل ضيق. عليك أن تقبل بسرور وثقة الضيق القليل الذي تكابده اليوم، وأن تعيش حياة ذات معنى مثل أيوب وبطرس. أنتم أناس يسعون نحو الطريق الصحيح، وينشدون التحسُّن. أنتم أناس قد نهضوا في أمة التنين العظيم الأحمر، ويدعوهم الله أبرارًا. أليس هذا أسمى معاني الحياة؟" (اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة، الحياة ذات المعنى الأعظم). بالتأمل في كلام الله، أدركت أن الله سبق فعين أن عليَّ أن أتبعه وأن أؤدي واجبي في هذه البيئة المناهضة – كان هذا هو المسار الذي أرشدني الله إليه. بصفتي كائن مخلوق، كنت مستعدة للتسليم لترتيبات الله، والسعي وراء الحق، وتنفيذ عملي بشكل مطيع لإرضاء الله وخزي الشيطان إبليس. بإدراك هذا شعرت براحة بال أكبر ويسر أكثر. شكرت الله لقيادتي نحو التحرر من أسر زوجي، والسماح لي بتأدية واجبي كمخلوقة والسير على المسار الصحيح.

بعد هذا، استمررت في أداء واجبي في كنيسة بعيدة عن المنزل. لقد اختبرت في تلك الأعوام كلام الله وعمله، وفهمت بعض الحقائق، وأشعر كما لو أني ربحت بعض الشيء. شكرًا لله على إرشاده!

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

إزالة الضباب لرؤية النور

بقلم شن-شين – الصين أنا عامل عادي. في نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2013، رأى أحد زملاء العمل أنّنا كنّا، أنا وزوجتي، نتجادل دائمًا حول...

اترك رد