أربعة عشر يومًا لن أنساها ما حييت

2025 يناير 18

في عام 2020، كنت أقوم بعمل نَصي في الكنيسة. وفي التاسعة صباحًا من العاشر من نوفمبر تلقيت أنا والأخت سو جين فجأة خطابًا من قائد الأعلى يقول في حوالي الثانية صباحًا، حشدت الشرطة قرابة 2,000 ضابط مزودين بالأسلحة الرشاشة للقيام باعتقال جماعي في مقر المقاطعة. واعتُقل القادة والعمال وكذلك بعض الإخوة والأخوات في كنيستنا. الإخوة والأخوات من ثلاثة بيوت للضيافة لا تبعد عنا سوى 300 متر فقط اعتُقلوا جميعًا، ومنهم بيت الضيافة الذي كنت أعيش فيه منذ بضعة شهور. عندما قرأت ذلك الخطاب، بدأت أشعر فورًا بتسارع تنفسي وضربات قلبي – فلولا انتقالنا مؤخرًا، لاعتُقلت. بإلقاء نظرة على قائمة مَن اعتُقلوا، رأيت أنني كنت على اتصال وثيق بالعديد منهم. كانت هناك كاميرات مراقبة في جميع أرجاء الشوارع، إن عادت الشرطة للقطات، ألن أصبح هدفًا سهلًا؟ بإدراك هذا، شعرت بأنني كنت في خطر عظيم، ويمكن أن أُعتقل في أي لحظة، لذلك ظللت أدعو الله في قلبي: "إلهي العزيز، أرجوك احفظ قلبي وامنحني الإيمان لأصمد خلال هذه المحنة في واجبي". بعد الصلاة، شعرت بأنني أهدأ قليلًا. وتذكرت أن كلمات الله تقول: "يجب أن تعرف أن كل الأشياء الموجودة في كل ما يحيط بك موجودة بإذنٍ مني، أنا أدبرها جميعًا. لتر رؤية واضحة ولترض قلبي في المحيط الذي منحته لك. لا تخف، سيكون الله القدير رب الجنود بلا ريب معك؛ هو يحمي ظهركم وهو دِرعكم" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس والعشرون). يحكم الله على جميع الأشياء وهو درعي. ولا يستطيع الشيطان إيذائي إلا بموافقة الله. بإدراك هذا، ملأني الإيمان والقوة ولم أعد أشعر بالخوف. بعد ذلك، سرعان ما انتقلت أنا وسو جين بعيدًا لكننا استمررنا في تأدية واجبنا.

في ذلك الوقت، كان العديد من الإخوة والأخوات يؤدون واجبهم في مقر المقاطعة وبعد الاعتقالات، فقدنا الاتصال بهم. وكتب إلينا قائدنا وأخبرنا بأن نتصل بالأعضاء المحليين الذين نعرفهم ونقل مَن لم يُعتقلوا لمواقع آمنة. لذلك، أعطيت الإخوة والأخوات المحليين عناوين بيوت الضيافة التي كنت أعرفها في المنطقة، وحثثتهم على محاولة الاتصال. وبعد خمسة أيام، تلقينا عددًا قليلًا جدًّا من الردود. لم نكن نحقق أي تقدم ووصلنا لطريق مسدود. قلت لنفسي: "الشخص الوحيد المتبقي الذي يعرف بيوت الضيافة هذه هو أنا. وليست سو جين محلية ولا تعرف المنطقة جيدًا. ربما يجب أن أخبرها بأنني أستطيع أن أذهب وأتحقق من الأمر بنفسي؟" لكن حالما فكرت في هذا، تذكرت فورًا أن مقر المقاطعة كان مكانًا خطيرًا آنئذ. هناك عيون للشرطة في كل مكان وكاميرات عالية الدقة تستطيع التعرف على الوجوه. وكان الضباط قد أتوا إلى منزلي من قبل ليسألوني عن إيماني. وعلاوة على ذلك، فإن العديد ممن اعتُقلوا يعرفونني. وكانت منهم أخت كنت قد عملت معها لأكثر من ثلاث سنوات. وإن كُشف وجودي إن ذهبت للتحقق، ألا يمكن أن أُعتقل في أي لحظة؟ وإن مت من ضرب الشرطة أو لم أستطع تحمل التعذيب وأصبحت مثل يهوذا، ألن تضيع كل سنوات إيماني هباءً؟ مهما يكن، لا يمكن أن أذهب ويجب أن أنتظر وأرى. لكن هذه الأفكار أشعرتني بالذنب، لذا صلَّيت لله في صمت: "إلهي! أعلم أنني يجب أن أذهب لمقر المقاطعة لأتحقق من الأمور، لكني أخشى أن أُعتقل. أرجوك أرشدني لأفهم نفسي بشكل أفضل".

بقراءة كلمات الله، ربحت بعض الفهم لحالتي في ذلك الوقت. يقول الله القدير، "أضداد المسيح أنانيون ولئيمون للغاية. يفتقرون إلى الإيمان الحقيقي بالله، فهيهات لهم أن يكرِّسوا أنفسهم لله. عندما يواجهون مشكلة، فإنهم لا يحمون أو يحرسون إلا أنفسهم. يعتبرون أنه لا شيء أهم من سلامتهم. لا يهتمون بمدى الضرر الذي يلحق بعمل الكنيسة – طالما هم على قيد الحياة ولم يُعتَقلوا، فإن هذا هو المهم. هؤلاء الناس أنانيون للغاية. إنهم لا يفكرون في الإخوة والأخوات على الإطلاق أو في عمل الكنيسة، بل يفكرون فقط في سلامتهم. إنهم أضداد المسيح. ... عندما يعرف أولئك المخلصون لله بوضوح أن بيئة ما خطرة، فإنهم يستمرون في مواجهة مخاطر التعامل مع مهمة ترتيب تداعيات خطورة تلك البيئة، ويقللون الخسائر في بيت الله إلى أدنى حد قبل أن ينسحبوا. إنهم لا يعطون الأولوية لسلامتهم. أخبرني، في هذا البلد الشرير للتنين العظيم الأحمر، من الذي يمكنه أن يضمن ألا يوجد خطر على الإطلاق في الإيمان بالله وأداء الواجب؟ مهما يكُن الواجب الذي يأخذه المرء على عاتقه، فهو ينطوي على بعض المخاطرة – ومع ذلك فإن أداء الواجب تكليف من الله. وبينما يتبع المرء الله، يجب عليه أن يتحمل مخاطر القيام بواجبه. يجب على المرء ممارسة الحكمة، كما يحتاج إلى اتخاذ التدابير لضمان سلامته، لكن لا يجب أن يعطي الأولوية لسلامته. يجب عليه أن يضع في اعتباره مشيئة الله، ويضع عمل بيت الله في المقام الأول ونشر الإنجيل أولًا. إن إتمام إرسالية الله لك هو أكثر ما يهم ويأتي في المقام الأول. يمنح أضداد المسيح أمنهم الشخصي الأولوية الأولى؛ فهم يؤمنون بأنه لا توجد علاقة لهم بأي شيء آخر، ولا يهتمون عندما يصيب شخصًا آخر خطب ما، بغض النظر عمَّن يكون هذا الشخص. وطالما لا يصيب أي ضرر أضداد المسيح أنفسهم، فهم مطمئنون. إنهم مجردون من أي ولاء، وهذا ما تمليه طبيعة ضد المسيح وجوهره" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الثاني)]. بعد قراءة إعلان كلمات الله، شعرت بالندم والمهانة. أدركت كيف أن أضداد المسيح أنانيون وحُقَراء بشكل لا يصدق – عندما يواجهون ظروفًا صعبة، فإنهم يراعون سلامتهم فقط، ولا يراعون خسائر الكنيسة، ناهيك عن حياة الإخوة والأخوات. بمقارنة سلوكي بما كشفه الله عن أضداد المسيح، أدركت أنني كنت مثلهم تمامًا: علمت بوضوح أنه إن لم يُنقل مَن لم يُعتقلوا بسرعة فقد يتعرضون لخطر الاعتقال في أي لحظة. وسيعاني عمل الكنيسة أيضًا الخسائر والعرقلة. كنت الوحيدة التي تعرف بيوت الضيافة هذه، لذا كان واجبي أن أهتم بهذا. لكن في وقت عصيب كهذا، لم أفكر إلا في سلامتي الشخصية. لأنني خشيت الاعتقال والتعذيب، لم أكن مستعدة لحماية مصالح الكنيسة وسلامة الآخرين. كنت أنانية جدًّا وأفتقر للإنسانية! عندئذ رأيت كلمات الله هذه. "يتم تحديد سعي الإنسان وراء الله بحق أم عدمه من خلال اختبار عمله، أي من خلال تجارب الله، ولا يتعلق الأمر بقرار الإنسان نفسه. لا يرفض الله أي شخص اعتباطًا؛ كل ما يفعله يمكنه أن يقنع الإنسان بالتمام. لا يفعل الله أي شيء غير مرئي للإنسان، أو أي عمل لا يمكنه إقناع الإنسان. سواء كان إيمان الإنسان صحيحًا أم لا فهذا تثبته الحقائق، ولا يمكن للإنسان إنكاره. بلا شك "لا يمكن تحويل الحنطة لزوان، ولا يمكن تحويل الزوان لحنطة". كل من يحبون الله بحق سيبقون في الملكوت، ولن يسيء الله معاملة أي شخص يحبه حقًّا" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. عمل الله وممارسة الإنسان). من كلمات الله، أدركت أننا حتمًا سنواجه المخاطر والمشاق عندما نؤدي واجبنا في أرض الحزب الشيوعي الصيني الملحدة. يسمح لنا الله باختبار هذه المحن ليختبرنا ويكمِّل إيماننا ومحبتنا. مَن يؤمنون بالله حقًّا ويراعون مشيئته يستطيعون مواجهة التحديات مباشرة عندما يتعرض عمل الكنيسة للخطر، ويتحملون أعباءهم ويحمون عمل الكنيسة، ويتكلون على الله ويستخدمون الحكمة في ترتيب آثار ما بعد الكارثة. وكان الواجب الذي واجهته ذلك اليوم اختبارًا من الله، ليرى ما إذا كان لي إيمان به ومخلصة له ولديَّ إحساس بالمسؤولية تجاه عمل الكنيسة. كان عليَّ أن أتوقف عن أن أكون أنانية وحقيرة، ومراعاة مصالحي الشخصية فقط. توجه كهذا سيؤذي الله ويخيب أمله تمامًا. حالما أدركت مشيئة الله، لم أعد أشعر بالخوف وأصبحت مستعدة لدراسة الوضع وإصلاحه في مقر المقاطعة.

ذهبت أنا ويانغ لي معًا وأقمنا مؤقتًا مع أقاربها غير المؤمنين. وعندما ذهبت لأول بيت للضيافة، وجدت الباب مغلقًا ولافتة معلقة بالحائط تجدف على الكنيسة وتشكك في مصداقيتها. وأخبرني جار مُسن بأن الشرطة اعتقلت جميع السكان منذ بضعة أيام. لذا، شققت طريقي بسرعة نحو البيت الثاني، واكتشفت أنه أيضًا مغلق ونفس اللافتة معلقة على الحائط. أدركت أن المقيمين بهذا البيت اعتُقلوا أيضًا. استمررت في المشي وبينما كنت أعبر أحد التقاطعات، رأيت سيارة شرطة تكتظ بالضباط متوقفة بجانب الطريق، ومصابيحها تومض. كان هناك عدد قليل جدًّا من المشاة بالجوار. مرة أخرى ترددت قليلًا، وفكرت: "اعتُقلت قائدتي، لي جوان، في مكان لا يبعد كثيرًا عن هنا، وأنا عشت في ذلك المنزل لأكثر من سنتين. ومنذ ثلاثة شهور، كنت أذهب وآتي من هناك يوميًّا. إن تعرفت عليَّ الشرطة، ألن أتورط في تسليم نفسي؟". تملكني التوتر واستمررت أدعو الله ليمنحني الشجاعة. لكني كنت بجوار سيارة الشرطة بالفعل، ولم أستطع الالتفاف، لذا كان عليَّ الهدوء وأنا أمشي بجوارهم. ولم أتمكن من الاسترخاء قليلًا إلا بعد أن تجاوزتهم. نظرت حولي، وبعد تأكدي من عدم وجود أحد يتعقبني، تقدمت نحو البيت التالي. ومثلما حدث مع الاثنين السابقين، كان الباب مغلقًا ولافتة التجديف نفسها معلقة خارج المنزل. شعرت بأن كل قوتي قد استُنزفت من جسدي. لقد اكتشفت بالفعل أن الإخوة والأخوات من ثلاثة بيوت قد اعتُقلوا ولم أعرف ما حدث لمن هم في المنازل الأخرى. لكن كانت اللافتات التشهيرية معلقة في كل شارع وتقاطع، وكانت الدوريات وسيارات الشرطة ورجال الشرطة بملابس مدنية ينتشرون في كل شارع وزقاق، وكانت كاميرات المراقبة في كل مكان. ألن تلاحظني الشرطة إن ذهبت للمنازل الأخرى؟ لم أجرؤ على الذهاب للمنازل الأخرى – أصبحت رجلاي ثقيلتين كالرصاص وشققت طريق العودة لمنزل أقارب يانغ لي والدموع تنهمر من عينيَّ. وبحزن شديد، أخبرت يانغ لي: "تعرضت تلك المنازل الثلاثة للمداهمة. ماذا يجب أن نفعل الآن؟". فأجابت: "من الحكمة أن نصلي لله ونتَّكل عليه". لذلك جثت كلتانا في الصلاة، وسألنا الله أن يمنحنا الشجاعة والإيمان لنكمل عمل ترتيب الأمور بعد الكارثة. بعد العشاء، ذهبنا للمنزل الرابع. صدمت الأخت مينغ فان لرؤيتنا وجذبتنا للداخل بسرعة. وقالت إن الأخوات الثلاث اللاتي كانت تستضيفهن قد نقلن بنجاح لمكان آخر. في الخامسة من صباح العاشر من نوفمبر، بينما كانت الأخوات الثلاث لا تزلن نائمات، وصل ثلاثة ضباط لتفتيش المنزل. وكان لديهم نسخ من بطاقات هوية الأخوات الثلاث وزعموا أنهن محتالات عبر الإنترنت. وسألوا مينغ فان وزوجها عما إذا كانا تعرفا عليهن، فأجاب زوجها بأنه يعتقد بأنهن ربما يقمن بالجانب الآخر من الشارع في الطابق العلوي. وعندئذ فقط، غادرت الشرطة. وعندما ذهبت مينغ فان لإغلاق الباب، رأت 60-70 شرطيًّا يجتاحون الشقة العليا بالجانب الآخر من الطريق. هكذا فلت ثلاثتهن من الاعتقال. عندما سمعت بأنهن نُقلن، انهمرت دموع الفرح على وجنتيَّ، وظللت أشكر الله. وعندما أدركت أن مينغ فان فعلت كل ما بوسعها للحفاظ على سلامة الأخوات في ذلك الوقت العصيب، بينما كنت أحمي نفسي بأنانية وخسة، شعرت بالخزي. وبينما كنت عائدة للمنزل، فكرت في كيفية نجاة الأخوات الثلاث بأمان من مواجهة وشيكة مع الشرطة وكيف كان هذا بسبب سلطان الله وسيادته. فلأن الله أعمى الضباط لم يُقبض على الأخوات الثلاث ونُقلن بأمان. أدركت كيف تخضع كل الأشياء لحكم الله. ومهما كان الشيطان شريرًا، فإنه لا يستطيع إيذاءنا، إلا بإذن الله. كلما فكرت في الأمر، أدركت أن الله قدير وحكيم، وازداد إيماني قوة.

في الصباح التالي، ذهبت لمنزلين آخرين لتفقد أمورهما وعرفت أن الإخوة والأخوات اعتُقلوا جميعًا، لذا أسرعت بالعودة إلى حيث أقيم. ولقد فوجئت عندما قالت يانغ لي إن أقاربها وجيرانها يسألون عما إذا كنا مؤمنين، وقالت إن دفعة كبيرة من الضباط جاءت لمقر المقاطعة قبل بضعة أيام واعتقلت العديد من المؤمنين. أصبح الناس هناك يشكون فينا. بسماع هذا، بدا أننا لم نعد آمنين هناك، وقررت العودة لمسكني في المنطقة الجبلية. أخبرت سو جين بما عرفته من الوقت الذي قضيته في مقر المقاطعة. بسماع هذا، أجابت: "لا يزال مصير البعض مجهولًا. هل من المحتمل أنهم اعتًقلوا أيضًا؟ يجب أن نعود لمقر المقاطعة لنتحرى الأمر". عندما سمعتها تقول إننا يجب أن نعود لمقر المقاطعة، وافقت ظاهريًّا، لكني بداخلي لم أكن مستعدة للعودة. قلت لنفسي: "إن كنتِ تريدين الذهاب، فاذهبي، لكني لن أذهب بالتأكيد. تكفي مرة واحدة! إن ذهبت مرة أخرى، ورأتني الشرطة، فماذا سيحدث؟ إن اعتقلت، سأُعذب ويُنكل بي". لكني شعرت بأني أنانية وحقيرة للتفكير هكذا. عرفت بوضوح أن الأخت سو جين ليست محلية ولا تستطيع الذهاب بمفردها. كيف أكون بلا ضمير لهذه الدرجة وأترك لها هذه المهمة الخطيرة؟ عندما ذهبت لمقر المقاطعة، رأيت حكمة الله وقدرته وشعرت بحمايته بشكل مباشر. بل إنني أعلنت أمام الله أنني مستعدة للمساعدة في ترتيب آثار ما بعد الكارثة. فلماذا كنت أتراجع آنئذ؟ بعد ذلك، فكرت فيما يمكن أن يكون سبب هذا. ثم صادفت كلمات الله هذه. "يعيش جميع البشر الفاسدون من أجل أنفسهم. يبحث كُلّ إنسانٍ عن مصلحته قائلًا اللهم نفسي – وهذا مُلخَّص الطبيعة البشرية. يؤمن الناس بالله لأجل مصالحهم؛ فعندما يتخلون عن أشياء ويبذلون ذواتهم من أجل الله، يكون هذا بهدف الحصول على البركة، وعندما يكونون مخلصين له، يكون هذا من أجل الحصول على الثواب. باختصار، يفعلون ما يفعلونه بغرض التبارك والمكافأة والدخول إلى ملكوت السماوات. في المجتمع، يعمل الناس لمصلحتهم، وفي بيت الله يؤدون واجبًا لكي يحصلوا على البركة. ولغرض الحصول على البركات، يترك الناس كُلّ شيءٍ ويمكنهم أن يتحمَّلوا الكثير من المعاناة: لا يوجد دليل أكبر من ذلك على الطبيعة الشيطانية للبشر" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). من كلمات الله أدركت أنه رغم أنني أردت حماية عمل الكنيسة، فإنني عند مواجهة الخطر، أردت بلا وعي التخلي عن واجبي والحفاظ على مصالحي الشخصية. كنت أخضع لسيطرة سموم شيطانية مثل "اللهم نفسي، وليبحث كل امرئ عن مصلحته فقط". كنت أعيش بسموم شيطانية وكنت أنانية وحقيرة بشكل لا يصدق. كنت أفكر في سلامتي الشخصية فقط، ولم أراعِ عمل الكنيسة أو سلامة الإخوة والأخوات مطلقًا. عرفت جيدًا أنه لا يزال هناك بضعة منازل يجب تفقدها، ولم أعرف ما إن كان الأخوة والأخوات قد اعتُقلوا أم لا، ورغم ذلك كنت أخشى الاعتقال والتعذيب، ولم أكن مستعدة للذهاب لمقر المقاطعة. لم أراعِ مشيئة الله مطلقًا. كنت أدرك جيدًا أيضًا أن سو جين ليست محلية ولا تعرف طريقها جيدًا حول مقر المقاطعة، لكن للحفاظ على سلامتي الشخصية، فكرت في التخلي عن تلك المهمة الخطيرة ونقلها إليها بينما ظللت بعيدًا وأتوارى عن الأنظار. كم كنت أنانية وحقيرة! بإدراك هذا، احتقرت نفسي ولم أكن مستعدة للاستمرار في العيش بهذه الطريقة الحقيرة والبغيضة.

هناك مقطعان تحديدًا كان لهما تأثير شديد. يقول الله القدير، "مَنْ من بين كل البشر لا يحظى بعناية في عيني القدير؟ مَنْ ذا الذي لا يعيش وسط ما سبق القدير فعيَّنه؟ هل تحدث حياة الإنسان ومماته باختياره؟ هل يتحكَّم الإنسان في مصيره؟ كثيرون من البشر يصرخون طلبًا للموت، ولكنه يبقى بعيدًا عنهم جدًا؛ وكثيرون من الناس يريدون أن يكونوا أقوياء في الحياة ويخافون من الموت، ومع أن يوم موتهم يكون مجهولًا بالنسبة لهم، إلا أنه يقترب ليُلقي بهم في هاوية الموت..." (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كلام الله إلى الكون بأسره، الفصل الحادي عشر). "كيف مات تلاميذ الرب يسوع أولئك؟ كان من بين تلاميذه مَن رُجِموا بالحجارة، أو جُروا بربطهم في حصان، أو صُلبوا منكسي الرأس، أو قُطعت أوصالهم بشدهم بين خمسة من الخيل – لقد ذاقوا كل أنواع الموت. فماذا كان سبب موتهم؟ هل أُعدموا بطريقة قانونية جراء جرائمهم؟ كلا. بل أُدينوا وضُربوا ووُبخوا وقُتلوا لأنهم نشروا إنجيل الرب، ورفضتهم شعوب العالم – هذه هي الكيفية التي استشهدوا بها. ... في الواقع، كانت هذه هي الطريقة التي ماتت بها أجسادهم؛ أي كانت هذه طريقة خروجهم من عالم البشر، لكن ذلك لم يكن يعني أن آخرتهم هكذا. مهما كانت طريقة موتهم ورحيلهم أو كيفية حدوث ذلك، فإن الله لم يُحدد الآخرة النهائية لتلك الحيوات، أي لتلك الكائنات المخلوقة، بهذه الطريقة. هذا شيء يجب أن تراه بوضوح. فعلى العكس من ذلك، فقد اتخذوا هذه الوسائل لإدانة هذا العالم وللشهادة لأعمال الله. ... فالعائلة والثروة والأشياء المادية في هذه الحياة جميعها أشياء خارجية؛ والشيء الوحيد الداخلي للنفس هو الحياة. بالنسبة إلى كل شخص حي، فإن الحياة هي الشيء الذي يستحق بالأكثر الاعتزاز به وهي الشيء الأثمن. وفي الواقع، تمكَّن هؤلاء الناس من تقديم أثمن ما لديهم – أي حياتهم – كتأكيد وشهادة على محبة الله للبشر. وإلى اليوم الذي ماتوا فيه، لم ينكروا اسم الله ولم ينكروا عمل الله بل استخدموا آخر لحظة في حياتهم ليشهدوا على وجود هذه الحقيقة. أليست هذه هي أسمى أشكال الشهادة؟ هذه هي الطريقة الفضلى لتتميم المرء لواجبه؛ وهذا هو تتميم المرء بمسؤوليته. عندما هددهم الشيطان وروَّعهم، بل وعندما جعلهم في النهاية يدفعون حياتهم ثمنًا، فإنهم لم يتخلوا عن مسؤوليتهم. وهذا ما يعنيه أداء المرء واجبه إلى الحد الأقصى. ماذا أعني بهذا؟ هل أقصد أن عليكم أن تستخدموا الطريقة نفسها للشهادة لله ونشر الإنجيل؟ لست بحاجة بالضرورة إلى ذلك، ولكن يجب أن تفهم أن هذه مسؤوليتك، وأنه إذا احتاجك الله لذلك، فينبغي عليك قبوله كالتزام أخلاقي" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. نشر الإنجيل هو الواجب الذي يلتزم به جميع المؤمنين). من كلمات الله، أدركت أن مصير الإنسان بين يدي الله. حياة كل شخص وموته مقدران من الله الذي يتحكم فيهما. وسواءً اعتُقلت وعُذبت في مقر المقاطعة أم لا، فالأمر كله يعود لله. فكرت في رسل عصر النعمة الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الرب يسوع: لقد عانوا مصائر مثل الرجم حتى الموت، والسحل بالخيول حتى الموت، والصلب بالمقلوب في سبيل الله. عندما واجهوا التهديد بالموت، لم تقيدهم قوى الظلام، وفي النهاية ثبتوا في الشهادة لله. وقدموا أغلى ما يملكون، أي حياتهم، لله. لم ينكروا اسم الله قطُّ، حتى في لحظات موتهم، بل قدموا الشهادة لله أمام الإنسانية الشريرة، وحققوا مهمتهم في الحياة ووفوا بواجباتهم ككائنات مخلوقة. وهذا شيء مفيد ويمتدحه الله. في تلك اللحظة، كان إخوتي وأخواتي في خطر، وفي ذلك الوقت العصيب، إن فشلت في الوفاء بمسؤولياتي لأنني كنت أحمي مصالحي الشخصية، وأدى هذا لتعرض الإخوة والأخوات للاعتقال وتضرر عمل الكنيسة، سأكون آثمة أمام الله. وستكون هذه وصمة في سجلي كمؤمنة وسأندم عليها قطعًا. كان يجب أن أتوقف عن مراعاة سلامتي الشخصية، وأكتشف بسرعة ما حل بهؤلاء الإخوة والأخوات. حتى لو أدى هذا في النهاية لاعتقالي وتعذيبي حتى الموت، سيكون موتى ذا معنى وسيمدحه الله ويخلد ذكراه. بإدراك هذا، شعرت بالسكينة والهدوء.

في ذلك الوقت، صادفت مقطعًا آخر من كلمات الله ترك فيَّ تأثيرًا شديدًا ومحفزًا. يقول الله القدير، "يكمن خطر كل يوم في الإيمان بالله واتباعه في بر الصين الرئيسي. إنها بيئة قاسية للغاية فيما يخص الإيمان، فمن الممكن اعتقال المرء في أي وقت. لقد اختبرتم جميعًا بيئة المطاردة، وألم أختبرها أنا أيضًا؟ أقمتم أنتم وأنا في البيئة نفسها، ولذلك تعلمون أنه في تلك البيئة لم أستطع تجنب إخفاء نفسي كثيرًا. فأحيانًا كنت أضطر إلى تغيير الموقع مرَّتين أو ثلاث مرَّات يوميًا، وأحيانًا كنت أضطر إلى الذهاب إلى مكان لم أكن أحلم بالذهاب إليه. وكانت أصعب الأوقات هي تلك التي لم يكن لديَّ فيها مكان أذهب إليه. كنت أقيم اجتماعًا أثناء النهار، وفي الليل لا أعرف مكانًا آمنًا. في بعض الأحيان، عندما كنت أجد صعوبة في إيجاد مكان، كنت أضطر إلى المغادرة في اليوم التالي لأن التنين العظيم الأحمر كان يهجم عليه. ماذا يعتقد أصحاب الإيمان الحقيقي عندما يرون مثل هذا المشهد؟ "أن مجيء الله إلى الأرض بالجسد لخلاص الإنسان هو الثمن الذي دفعه. هذا أحد الآلام التي مرَّ بها، وهو يحقق كلامه تمامًا "لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ". هذه هي طبيعة الأمور حقًا، والمسيح المتجسد يخضع شخصيًا لمثل هذه المعاناة مثل الإنسان". يمكن لجميع من يؤمنون بالله حقًا أن يروا مدى مشقة عمله لخلاص الإنسان، ولهذا، سوف يحبون الله ويشكرونه على الثمن الذي يدفعه من أجل البشر" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند العاشر (الجزء الثالث)]. تأثرت كثيرًا بكلمات الله. لقد جاء الله من عليائه ليتواضع كإنسان، وتجسد في الصين، بلد يعارض الله، ليقوم بعمل تخليص البشرية. وجرب الحزب الشيوعي الصيني كل الوسائل الممكنة لمطاردته، وأدانه العالم الديني ورفضه، لكن لم يفكر الله قطُّ في سلامته الشخصية واستمر في التعبير عن الحق ليروينا ويقوِّتنا، على أمل أن نفهم الحق، ونتحرر من الشخصيات الفاسدة ونعيش شبه الإنسان. حالما فهمت محبة الله الإيثارية للبشرية وجديته في محاولة تخليصنا، اعتراني الشعور بالخزي والذنب واحتقرت نفسي لافتقاري للمنطق والإنسانية. لقد استمتعت بكلمات الله لسنوات عديدة. لكن عندما ظهرت الحاجة لأنهض وأحمي عمل الكنيسة، حميت نفسي ولم أرغب في تقديم أي تضحية. لم أكن أستحق خلاص الله وافتقرت حتى لأدنى مظاهر الإنسانية. لم أرد الاستمرار في عيش حياة حقيرة، وعقيمة وأصبحت مستعدة لإهمال جسدي وبذل قصارى جهدي للمشاركة مع سو جين في ترتيب آثار ما بعد الكارثة.

وصلنا مقر المقاطعة في ظهيرة الرابع والعشرين من نوفمبر. وبمساعدة إحدى الأخوات، اكتشفنا أنه باستثناء الأخوات الثلاث اعتُقل بقية الإخوة والأخوات جميعًا. استأت بشدة عندما سمعت هذا وفي تلك الليلة أخذت أتقلب في الفراش ولم أستطع النوم. كانت الحكومة قد حشدت تعبئة كبيرة لاعتقال الكثير جدًّا من الإخوة والأخوات واضطر العديد من الإخوة والأخوات الآخرين للهروب من منازلهم لتجنب الاعتقال. الحزب الشيوعي الصيني شرير حقًّا! كان هذا مثل إعلان الله بالضبط. "لقد بقيت هذه الأرض أرض الدنس لآلاف الأعوام. إنها قذرة بصورة لا تُحتمل، وزاخرة بالبؤس، وتجري الأشباح هائجة في كل مكان، خادعة ومخادعة ومقدِّمة اتهامات بلا أساس، وهي بلا رحمة وقاسية، تطأ مدينة الأشباح هذه، وتتركها مملوءة بالجثث الميّتة؛ تغطي رائحة العفن الأرض وتنتشر في الهواء، وهي محروسة بشدة. مَن يمكنه أن يرى عالم ما وراء السماوات؟ يحزم الشيطان جسد الإنسان كله بإحكام، إنه يحجب كلتا عينيه، ويغلق شفتيه بإحكام. لقد ثار ملك الشياطين لعدة آلاف عام، وحتى يومنا هذا، حيث ما زال يراقب عن كثب مدينة الأشباح، كما لو كانت قصرًا منيعًا للشياطين. في هذه الأثناء تحملق هذه الشرذمة من كلاب الحراسة بعيون متوهجة وتخشى بعمق أن يمسك بها الله على حين غرة ويبيدها جميعًا، ويتركها بلا مكان للسلام والسعادة. كيف يمكن لأناس في مدينة أشباح كهذه أن يكونوا قد رأوا الله أبدًا؟ هل تمتعوا من قبل بمعزة الله وجماله؟ ما التقدير الذي لديهم لأمور العالم البشري؟ مَن منهم يمكنه أن يفهم مشيئة الله التوَّاقة؟ أعجوبة صغيرة إذًا أن يبقى الله المتجسد مختفيًا بالكامل: في مجتمع مظلم مثل هذا، فيه الشياطين قساةٌ ومتوحشون، كيف يمكن لملك الشياطين، الذي يقتل الناس دون أن يطرف له جفن، أن يتسامح مع وجود إله جميل وطيب وأيضًا قدوس؟ كيف يمكنه أن يهتف ويبتهج بوصول الله؟ هؤلاء الأذناب! إنهم يقابلون اللطف بالكراهية، وقد بدأوا يعاملون الله كعدو منذ وقت طويل، ويسيئون إليه، إنهم وحشيون بصورة مفرطة، ولا يظهرون أدنى احترام لله، إنهم ينهبون ويسلبون، وليس لهم ضمير على الإطلاق، ويخالفون كل ما يمليه الضمير، ويغوون البريئين إلى الحماقة. الآباء الأقدمون؟ القادة الأحباء؟ كلّهم يعارضون الله! ترك تطفّلهم كل شيء تحت السماء في حالة من الظلمة والفوضى! الحرية الدينية؟ حقوق المواطنين المشروعة ومصالحهم؟ كلها حيلٌ للتستّر على الخطية!" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (8)]. من هذا الاختبار، أدركت تمامًا الجوهر الشيطاني للحزب الشيوعي الصيني الذي يعارض الله وطبيعته الشريرة التي تحتقر الحق. لتعزيز قوته وسيطرته، فإن الحزب الشيوعي الصيني يخدع الناس ويزعم أنه يدعم حرية العبادة بينما يقوم في الواقع باعتقال المسيحيين واضطهادهم تعسفيًّا، ويحاول قمع عمل الله تمامًا في الأيام الأخيرة. الحزب الشيوعي الصيني مجموعة من الشياطين التي تحتقر الله وتعارضه. إنهم أعداء الله. إنني أكره الحزب الشيوعي الصيني، ذلك الشيطان العجوز، من كل قلبي. كلما زاد من اضطهادنا، شعرت بالالتزام لأؤدي واجبي وأخزي الشيطان.

بعد ذلك، نهض الإخوة والأخوات الآخرون لتولِّي عمل الكنيسة وعادت حياة الكنيسة تدريجيًّا لطبيعتها. في غضون 10 أيام أو نحو ذلك، ربحت بعض الإدراك بشأن قامتي الحقيقية وشخصيتي الأنانية الحقيرة الفاسدة. ورأيت أيضًا سيادة الله القدير ونما إيماني. ولم يكن من الممكن أن أحقق أيًّا من هذا في بيئة مريحة وآمنة.

السابق: قصة أنجيل

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

صحوة متأخرة

في عام 2013، قبلت عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. في ذلك الوقت، كنت متحمسة جدًا. كثيرًا ما أقرأ كلمة الله، وأذهب إلى الاجتماعات، وأشارك...

كيف واجهتُ اضطهاد أسرتي

عندما كنتُ صغيرة السِّن، كثيرا ما كانت أمي تقول لي: "بالنسبة لامرأة، لا يوجد شيء أفضل في الحياة من العثور على زوج صالح وتكوين أسرة متآلفة....

ليس للواجبات رتبة

قبل أن أؤمن بالله القدير، اعتاد المعلمون أن يمدحوني. لطالما أردت أن أكون مركز الاهتمام. واستمتعتُ بتقدير الآخرين لي. في مايو 2020، قبلت عمل...

واجبك ليس مهنتك

في العام الماضي كنت مسؤولة عن عمل كنيستين للمؤمنين الجدد. في بعض الأحيان كانت هناك حاجة إلى نقل الناس من كنيستينا للقيام بواجب في مكان آخر....

اترك رد