10. عليك أن تكون صادقًا كي تُخلَّص
في أغسطس 2021، جئت إلى كنيسة لسقاية الوافدين الجدد. بعد مرور بعض الوقت، وجدت أن إحدى الوافدين الجدد شخصيتها متعجرفة بعض الشيء، وكانت تُصِرُّ كثيرًا على أفكارها، ولم تتمكن من العمل بانسجام مع إخوتها وأخواتها. وعندما نصحها آخرون بشأن مشكلتها، رفضت أن تنصت، بل وجادلت أيضًا فيما هو صواب وما هو خطأ، وأدانتهم في غيابهم، مما تسبب في شعورهم بالتقييد وتعطيل عمل الكنيسة. ووجب استبدالها من حيث المبدأ. إلا أنني كانت لدي بعض المخاوف، لأنني علمت أن عليَّ أشاركها حول هذا الأمر، لكنني لم أكن قائدة ولا عاملة من قبل قط، ولم أعقد شركة مع أحد حول هذا الموضوع قط، ولم أعلم كيفية القيام بذلك. لكنني لم أرغب أيضًا في أن أسأل المشرفة، خوفًا من أن تظن أنني عاجزة حين تعرف أنني لم أتمكن من معالجة مشكلة كهذه، وتدرك حقيقتي، وبعدها لن تُقدّرني ولن ترعاني ثانية. فكرت أيضًا في حقيقة أن هذه الوافدة الجديدة كانت فرنسية، وأنني لا أتحدث الفرنسية بطلاقة. إذا لم أُعبر عن نفسي بوضوح، فقد يتسبب هذا في أن تُصبح الوافدة الجديدة سلبية وضعيفة وأن تنسحب من إيمانها، وسيكون هذا خطأي. فكرت في الأمر مرارًا وتكرارًا، ومررت الموضوع إلى قائد الكنيسة الأخ كلود ليعالجه. حتى أنني وجدت تبريرًا يبدو نبيلًا، أن هذا كان تدريبًا لكلود، حتى يتعلم كيفية حل المشاكل وحده. لكن لاحقًا، بسبب أنه لم يُفسِّر الأمور بوضوح في أثناء شركته، أصبحَتْ الوافدة الجديدة سلبية، وصار لديها سوء فهم وانسحبت وتوقفت عن الإيمان. بسبب هذا صار كلود مغتمًا للغاية. وقال إنه أحمق من أن يعقد شركة. علمتُ أنني كنت مسؤولة عن هذا الشأن، لكني فشلت في مناقشة مشاكلي علانية معه. وشاركته بهدوء وراجعت أخطاءه. لم أكشف عن موقفي الحقيقي، بل وتركته يعتقد بالخطأ أنني جيدة للغاية في حل المشاكل.
بعد بضعة أيام في اجتماع، أوضحتْ قائدتنا موقفي في شركتها. وقالت إن عاملة سقاية أدَّت واجباتها دون تحمل المسؤولية. وعندما واجهَتْ مشكلة لم تحلها بنفسها، بل مررتها إلى قائد وافد جديد ليحلها، ونتج عن ذلك عدم حل المشكلة حلًا ملائمًا وانسحاب وافدة جديدة. عندما سمعتُ القائدة توضّح مشكلتي بصراحة، احمر وجهي خجلًا، وشعرت بفقداني ماء وجهي. كان هناك قادة وعمال سقاية من كنائس عديدة. ما الذي سيظنه الجميع فيَّ بعد سماع ذلك؟ سيظنون بالتأكيد أنني لم أكن أهلًا للثقة. بعد إتمام شركتها تركَتْ المجال ليتحدث الجميع. فكرتُ، "لقد تحدثت القائدة بشكل مباشر جدًا، وقد كنت أنا الشخص المعني. إذا لم أشارك الآن، أفلن أبدو كما لو أنني لا أملك سلوك قبول التهذيب والتعامل معي؟ لا بد لهذا أن يعطي القائدة انطباعًا في غاية السوء". شاركت أولًا حتى أستعيد صورتي، وقلت بشيء من الأنين: "أشعر بندم شديد لسماحي لأمر كهذا بالحدوث. أرى الآن أنني شخص غير مسؤول على الإطلاق". وبعد أن أظهرت فهمًا ذاتيًا بدأت التبرير لنفسي قائلة: "لقد حاولتُ قبل ذلك أن أعرف موقف الوافدة الجديدة وشاركت معها حول كلمة الله، وبذلت جهدًا كبيرًا لمساعدتها ودعمها. لكن بسبب حاجز اللغة، حين تعلق الأمر بإعفائها، مررت الأمر لكلود ليعالجه. لم آخذ في اعتباري تبعات هذا الأمر، مما أدى إلى انسحاب الوافدة الجديدة". بعد الحديث أرسلت لي إحدى الأخوات رسالة، ودون أن تُنمِّق كلماتها قالت: "كانت نبرة حديثك خانعة أكثر مما ينبغي، ومُفتعلة بعض الشيء. بدت مرتبكة، كما لو كنتِ تقولين للناس إنك تعلمين فعلًا أنك أخطأتِ، وإنهم ينبغي ألا يواصلوا تأنيبكِ". عندما قرأتُ الرسالة احمرَّ وجهي وشعرت بخزي شديد. كان الأمر محرجًا للغاية، كما لو أن شخصًا يكشف الستار عن خدعة تُحاك. بعد ذلك، حملتُ كلمات الأخت بشكل دائم في قلبي. فكرتُ في أنها أوضحتْ مشاكلي دون مساومة، ولا بد أن مشيئة الله وراء ذلك. ينبغي عليَّ أن أتأمل وأحاول فهم نفسي فهمًا أفضل. وفي أثناء التأمل، أدركتُ أنني كلما خضعتُ للتهذيب أو التعامل معي، كنتُ أعترف بإرادتي بمشاكلي، ثم أُبيِّن الصعوبات الفعلية التي تواجهني بنبرة حزينة ومهمومة لكسب تعاطف الآخرين وتفهمهم، ليصبح الجميع عطوفين نحوي ولا يحملُّونني المسؤولية بعد ذلك. في الوقت ذاته رغبت أيضًا في أن يشعر الآخرين أن بإمكاني قبول التهذيب والتعامل معي، وأن يأخذوا انطباعًا حسنًا عني. حينها فقط أدركت أن كلماتي كانت مليئة بالخداع. بعد ذلك ركزت على المسألة عند أكل كلمة الله وشربها.
وفي أحد الأيام تذكرت الحديث الذي دار بين الله والشيطان في الكتاب المقدس. "فَقَالَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ: "مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟" فَأَجَابَ ٱلشَّيْطَانُ يَهْوَه وَقَالَ: "مِنَ ٱلْجَوَلَانِ فِي ٱلْأَرْضِ، وَمِنَ ٱلتَّمَشِّي فِيهَا" (أيوب 1: 7). لقد كشف الله الطريقة التي يتحدث بها الشيطان وشرَّحها بدقة: كلمات الشيطان تتسم بسمات محددة: ما يقوله الشيطان يتركك في حيرةٍ وغير قادرٍ على إدراك مصدر كلامه. أحيانًا يكون للشيطان دوافع ويتحدّث أحيانًا عن عمدٍ وأحيانًا تغلبه طبيعته، وتخرج هذه الكلمات تلقائيًا وتأتي مباشرة من فم الشيطان. لم يستغرق الشيطان فترة طويلة من الوقت ليزن مثل هذه الكلمات، بل عبَّر عنها دون تفكير. وعندما سأل الله الشطيان من أين أتيت، فإنه أجاب بكلمات قليلة غامضة. تشعر بالحيرة الشديدة ولا تعرف تمامًا من أين يأتي. هل يوجد أحدٌ بينكم يتحدّث بهذه الطريقة؟ ما نوع هذا الكلام؟ (إنه غامضٌ ولا يُقدّم إجابةً مُحدّدة). ما نوع الكلمات التي يجب أن نستخدمها لوصف طريقة التحدّث هذه؟ إنها مُخادِعة ومُضلِّلة، أليس كذلك؟ لنفترض أن شخصًا ما لا يريد أن يُعرِّف الآخرين ما فعل بالأمس. تسأله: "لقد رأيتك بالأمس. إلى أين كنت ذاهبًا؟" فلا يُخبرك مباشرةً أين ذهب. بل يقول: "الأمس كان مُتعِبًا جدًّا!" هل أجاب عن سؤالك؟ لقد أجاب، ولكن هذا ليس الجواب الذي كنت تريده. هذا هو "ذكاء" حيلة الشخص. لا يمكنك أن تكتشف أبدًا ما يقصده أو ترى المصدر أو النيّة وراء كلماته. ولا تعرف ما يحاول تجنّبه لأن لديه في قلبه قصّته الخاصّة – وهذه هي الغواية. هل يوجد بينكم من يتحدثون بهذه الطريقة؟ (نعم). ما هدفكم إذًا؟ هل هدفكم أحيانًا حماية مصالحكم، وأحيانًا الحفاظ على كبريائكم ووضعكم وصورتكم، وحماية أسرار حياتكم الخاصة؟ مهما كان الهدف، فإنه لا ينفصل عن اهتماماتكم ويرتبط بمصالحكم. أليست هذه هي طبيعة الإنسان؟ كل مَن لهم مثل هذه الطبيعة ينتمون انتماءً شديدًا إلى الشيطان، إن لم يكونوا هم عائلته. يمكننا قول هذا، أليس كذلك؟ عمومًا، هذا السلوك الظاهر مقيتٌ ومثيرٌ للاشمئزاز" (من "الله ذاته، الفريد (د)" في "الكلمة يظهر في الجسد"). في الماضي حين قرأت أن الله قال إن الشيطان يتحدث بطريقة مخادعة ومُضلِّلة، كنت أشعر دائمًا أن الأشخاص القادرين على لعب تلك الألاعيب ماكرين وألمعيين كلهم. لكن حين قرأت كلمة الله اكتشفت أنني أنا أيضًا أظهرتُ هذا السلوك. حين كشفتْني القائدة أمام إخوتي وأخواتي، قبلتُ الأمر ظاهريًا واعترفتُ بأنني لم أتصرف بمسؤولية. في الواقع لم أتقبل الأمر حقًا، وشعرتُ ببعض الظلم. شعرتُ بأنه لم يمر وقت طويل على قيامي بهذا الواجب، لذا كان من الممكن اغتفار هذه المشاكل. فلماذا كشفتني بهذا الشكل المباشر في الاجتماع، دون أن تدعني أحفظ القليل من ماء وجهي؟ لا بد أن الجميع ظنوا بعد ذلك أنني غير جديرة بالثقة وعديمة المسؤولية. وحتى أستعيد صورتي، وحتى أدع الإخوة والأخوات يظنون أنني قادرة على قبول التهذيب والتعامل معي، اعترفتُ طواعية بخطئي، وتحدثت بلهجة خانعة مع أنين مُتعمَّد، لأنني رغبت في إخبار الناس بأنني أعرف فعلًا أنني أخطأتُ، وأنني كنت نادمة وفي غاية الأسف، وأنهم ينبغي عليهم ألا يلقوا باللوم عليَّ بعد ذلك؛ وأنني كنت قادرة على تصحيح أخطائي وقبول الحق. بدوت ظاهريًا كما لو كنت أعرف ذاتي، لكنني استخدمت هذه الطريقة في حقيقة الأمر لإسكات الناس ومنعهم من مواصلة الحديث عن مشاكلي أو محاسبتي. كانت هذه نيتي الحقيقية. لم أدرك أنني كنت غدّارة وماكرة كالشيطان إلا حين تأملت في هذا الأمر. امتلأت كلماتي بالتآمر والخداع وإرباك الناس. وتسببت طريقة أدائي لواجبي غير المسؤولة في مشاكل وذكَرتْني القائدة بالاسم. لم أتب فحسب، بل تظاهرتُ أمام الإخوة والأخوات بامتلاكي معرفة ذاتية حتى يظنوا أنني كنت شخصًا تمكّن من قبول الحق. كنت خبيثة ومخادعة حقًا! ينبغي للتحدث علانية ومعرفة الشخص لذاته أن يُشكِّلا تجليات لممارسة الحق، لكن اعترافي الصادق كان ينطوي على حيل، حيث كان تبريرًا ذاتيًا للتملص من المسؤولية. كانت خيانتي أعظم مما يجب حقًا!
بعد ذلك رأيت قطعة أخرى من كلمة الله تكشف شخصية الناس الشريرة. "غالبًا ما يكون الخداع واضحًا من الناحية الظاهريَّة. فعندما يراوِغُ شخصٌ ما أو يتحدث بمكرٍ شديد، فهذا هو الخداع. وما هي السمة الرئيسيَّة للشرّ؟ يحدث الشرّ عندما يكون ما يقوله الناس مُطربًا بشكلٍ خاصّ للأذن، وعندما يبدو كلّ شيءٍ على ما يرام ولا عيب فيه وجيِّدًا بصرف النظر عن الطريقة التي تنظر بها إليه، وعندما يفعلون أشياء ويحققون أغراضهم من دون أساليب واضحة. إنهم يتكتمون للغاية عندما يعملون عملًا، ولا يتركون أثرًا ولا دليلًا ظاهرًا. هكذا يضلُّ أضداد المسيح الناس، ومن الصعب تمييزمثل هذه الأشياء وهؤلاء الناس. كثيرًا ما يقول بعض الناس الكلام المناسب، ويستخدمون عبارات وقعها لطيف ويستخدمون بعض التعاليم والحُجج والطرق المُعيَّنة التي تتوافق مع مشاعر الناس لخداعهم؛ فهم يتظاهرون بالسير في طريقٍ ما لكنهم في الواقع يسيرون في طريقٍ آخر، لتحقيق أهدافهم السريَّة، وهذا شرٌّ. يعتقد الناس عادةً أن هذه السلوكيات خداعٌ. لديهم معرفةٌ أقلّ بالشرّ ويُشرِّحونه بدرجةٍ أقلّ أيضًا. في الواقع، يصعب تحديد الشرّ أكثر من الخداع لأنه أكثر اختفاءً ولأن الأساليب والطرق المستخدمة أكثر تعقيدًا. عندما تكون الشخصيَّة بداخل شخصٍ ما مخادعة، فعادةً ما يستغرق الأمر يومين أو ثلاثة أيَّامٍ فقط قبل أن يرى الآخرون أنه مخادعٌ أو أن أفعاله وكلماته تكشف عن شخصيَّةٍ مخادعة. ولكن عندما يقال عن شخصٍ ما بأنه شرِّيرٌ، فهذا ليس شيئًا يمكن تمييزه في يومٍ أو بضعة أيام. لأنه إذا لم يحدث شيءٌ مُهمّ أو خاص على المدى القصير، فسوف تجد صعوبةً أثناء الاستماع إلى كلماته وحدها في معرفته على حقيقته. إنه يقول الكلمات الصحيحة ويفعل الشيء الصحيح ويمكنه أن يتحدَّث عن تعليمٍ تلو الآخر. وبعد بضعة أيَّامٍ مع مثل هذا الشخص، تعتقد أنه شخصٌ صالح وقادر على التخلِّي عن الأشياء وبذل نفسه وأنه يفهم الأمور الروحيَّة وله قلبٌ يحبّ الله ويتصرَّف بضميرٍ وإحساس. ولكن بمجرد أن يبدأ بعمل بعض الأمور سوف تكتشف أن ثمة الكثير من الشوائب في كلماته وأفعاله، أو أنها تحوي الكثير جدًا من الأفكار الملتوية، وسوف تدرك أنه ليس صادقًا وأنه مخادِع، أي إنه شرِّيرٌ. إنه غالبًا ما يختار الكلمات الصحيحة، أي الكلمات التي تتناسب مع الحقّ وتتوافق مع مشاعر الناس، وتبدو لطيفة، للتحدُّث مع الناس. إنه يفعل ذلك لتأسيس نفسه من ناحيةٍ ومن ناحيةٍ أخرى لخداع الآخرين، حتى يمكنه التمتع بالمكانة والهيبة بين الناس. مثل هؤلاء الناس مخادعون بشدة، وبمجرد أن يمتلكوا القوة والمكانة، فإنهم سيخدعون أناسًا كثيرين ويؤذونهم. إن أصحاب الشخصية الشريرة خطيرون بشكل لا يصدَّق" (من "يربكون الناس ويستميلونهم ويُهدِّدونهم ويتحكَّمون بهم" في "كشف أضداد المسيح"). . تكشف كلمة الله أن السمة الرئيسية للأشخاص ذوي الشخصيات الشريرة أنهم متكتمون في أقوالهم وأفعالهم. ويستخدمون دائمًا الكلام المناسب لإخفاء نواياهم عن الآخرين، ويستخدمون طرقًا تتفق مع المشاعر الإنسانية ويبدون متفقين مع الحق لتحقيق دوافعهم الخفية. فكرت في تلك الأمور التي فعلتها؛ كانت نفس الحيلة: لم أتمكن من معالجة مشاكل الوافدين الجدد، لذا مرَّرتُ الأمر إلى القائد الوافد الجديد حتى أُخفي قامتي الحقيقية عن مشرفتي. حتى أنني وجدت عذرًا يبدو نبيلًا: إن هذا تدريبًا لكلود، لتعليمه كيفية حل المشاكل بنفسه. وفي نهاية المطاف لم يعالج الأمر بشكل جيد، وشاركتُ معه ولخصتُ أخطاءه. لم أعجز فقط عن كشف ذاتي الحقيقية، بل وأيضًا قدمتُ صورة جيدة أمامه، لأجعله يعتقد أنني بارعة في التعامل مع تلك المسائل. وعندما كشَفتْني قائدتي، وحتى أستعيد صورتي في قلوب الجميع، اعترفتُ بأخطائي لمنع كلام الآخرين، واستخدمتُ نبرة أنين لكسب تعاطف الجميع وتفهمهم، ولجعلهم يظنون أن بإمكاني قبول الحق ومعرفة نفسي وأنه كان لدي سلوك التوبة. بهذه الطريقة لم يكونوا ليُحمّلوني المسؤولية بعد ذلك. بالتأمل في أقوالي وأفعالي في ضوء كلمات الله، رأيت أنني مريعة حقًا. استخدمت كلمات تبدو متفقة مع أحاسيس الناس والحق لأخفي دوافعي الخسيسة، وبذلك أخدع الناس وأربكهم. كنتُ شخصًا شريرًا وخائنًا وخبيثًا في واقع الأمر. عندما قرأت كلمات الله التي تكشف شخصيات الناس الشريرة فيما سبق، لم أطبقها على نفسي قط، لظني بأنني لم أكن كذلك. وعندما كشَفتْني الحقائق، وبعد مزيد من الفحص الذاتي بناءً على كلمات الله، صار لدي قليل من المعرفة بشأن شخصيتي الشريرة.
أدركتُ بمزيد من التأمل أنني كشفت شخصيتي الشريرة في العديد من المساحات. تذكرتُ، قبل فترة قصيرة، أن المشرفة قد طلبت مني تسليم وظيفة للأخت مارينا، وتركها تتولى المسؤولية بدلًا مني. عندما سمعت بهذا الترتيب، شعرت بخيبة أمل. لقد كنت مسؤولة عن هذا العمل بمفردي لأكثر من سنتين، واعتقدتُ أن أحدًا لا يستطيع أن يحل محلي في هذا الواجب. لم أكن أعتقد أنه سيُعطى لآخر. أردت حقًا أن أسأل المشرفة عما إذا كان بإمكاني الاستمرار في تولي مسؤولية هذا العمل، لكني خشيتُ أن تعتقد أن طموحي كان أكبر مما يجب وأنني لم أكن عقلانية، لذلك لم أقل شيئًا. أطعت ظاهريًا، لكن عندما سلّمت العمل، استغللت حضور المشرفة والأخت مارينا، لتعمد ذكر بعض التفاصيل الأساسية في هذا العمل. أردتهما أن يريا أن الخبرة المتراكمة لديَّ والمبادئ التي تعلمتها في القيام بهذا الواجب، لا يمكن نقلها في غضون أيام أو أسابيع قليلة، لعل المشرفة تسمح لي بمواصلة أداء هذا الواجب. من المؤكد أنه بعد التسليم، سألتني المشرفة عما إذا كان بإمكاني إرشاد مارينا لفترة أطول قليلًا. كنت سعيدة جدًا لسماع هذا. مع أنني لم أتمكن من الاستمرار في تولي مسؤولية العمل، إلا أن ما قلته قد خدم هدفي الشخصي. بعد ذلك، مهما كانت المشكلات والصعوبات التي واجهت مارينا في أداء واجبها، كانت تأتي إليَّ لتدعني أقيَّم الأشياء وأحكم عليها، وطلبت مني أيضًا مراجعة كل مهمة. وهكذا، أعدتُ السلطة بهدوء إلى يدي. بالنظر بالتدقيق إلى سلوكي في ذلك الوقت، يتضح أنني لم أرغب في أن يأخذ مكاني شخص آخر، ولكن لمنع المشرفة من الظن بأنني كنت متغطرسة وغير معقولة، انتهزت فرصة تسليم الوظيفة للتباهي بمؤهلاتي. وحصلت على قبول المشرفة. بهذه الطريقة نجحتُ في التمسُّك بهذه السُلطة، و"بذكاء" أخفيت نواياي. لقد كنت ماهرة جدًا في استخدام الحيل والمكر! كلما تأملتُ في سلوكي، شعرتُ بالخوف أكثر. لم أجرؤ حقًا على تصديق أنني كنت من هذا النوع من الأشخاص.
وفي أثناء اجتماع قرأت مقطعين من كلمات الله يكشفان شخصيات أضداد المسيح الشريرة، ومنحني هذا مزيدًا من المعرفة عن نفسي. "إن لشر أضداد المسيح خاصية رئيسية، وسوف أشارككم السر في كيفية تمييزها. السر هو كما يأتي: أولاً، يكونون غامضين سواء في كلامهم أو تصرفاتهم؛ فيتعذر عليك أن تقرأهم. عندما يتحدثون إليك، تتحرك أعينهم دائمًا من جانب إلى الآخر، ولا تستطيع أن تميز نوع المؤامرة التي يحيكونها. يمكنك أحيانًا أن تشعر أنهم "مخلِصون" و"أمناء" للغاية، لكن ليست هذه هي المسألة، إذ لا يمكنك أبدًا سبر غورهم. يدب في قلبك شعور معين، إحساس بوجود دهاء دفين في أفكارهم، عُمق لا تُسبَر أغواره. يبدون غريبي الأطوار وغامضين" (من "إنهم أشرارٌ وماكرون ومخادعون (الجزء الثاني)" في "كشف أضداد المسيح"). "غريب وغامض"؛ إن كلمة "غريب" هنا تعني غير طبيعي، وكلمة "غامض" خبيث وماكر، وهي كعبارة، تعني خبيث وماكر وغير طبيعي في السلوك تحديدًا. وتشير كلمة "غير طبيعي" إلى شيء مُخفى بشدة، بحيث لا يستطيع الناس العاديون معرفة أو رؤية ما يفكر فيه المُخفي أو يفعله. وهذا يعني أن أسلوب أفعال هؤلاء الأشخاص وزخمها، أو الدوافع التي تقبع خلفها، لا يمكن للآخرين فهمها. في بعض الأحيان، يتصرف مثل هؤلاء الأشخاص كاللصوص في الليل. ثمة عبارة يمكن أن تلخِّص المظهر العملي والحالة لكونك غريبًا وغامضًا في السلوك، وهي "الافتقار إلى الشفافية"؛ ما يعني أن تتجاوز معتقدات الآخرين وفهمهم. توجد هذه الصفة في تصرفات أضداد المسيح؛ إذْ تخاف تمامًا عندما تدرك أو تشعر أن نيَّتهم في فعل شيء ما ليست بسيطة على الإطلاق، ولكن حينما لا تتمكن من معرفة دوافعهم أو نياتهم في وقت قصير، أو بسبب بعض العوامل الأخرى، تشعر دون وعي أن سلوكهم غريب وغامض تمامًا. لماذا يجعلك ذلك تشعر على هذا النحو؟ لأنه لا يمكن لأحد الوصول إلى جوهر أفعالهم أو حديثهم، وهذا جزء من السبب. وفوق ذلك، مهما يكنْ ما يفعلونه، فمن الصعب جدًا عليك أن تحدِّد من كلامهم، أو من طريقة أفعالهم وأساليبها، ما الذي يقصدون فعله بالضبط. في كلامهم، غالبًا ما "يتظاهرون بالضرب شرقًا ولكنهم يضرِبُون غربًا" ونادرًا ما ينطقون كلمة صادقة، ما يجعلك تظن أن الأمور الصادقة التي يقولونها كاذبة وأن الأقوال الكاذبة صادقة. فأنت لا تعرف أي أجزاء من كلامهم كاذب وأيها صادق، وغالبًا ما تشعر أنك تتعرض للخداع والتلاعب. ما الذي يولّد هذا الشعور؟ إنه ينبع من افتقار دائم إلى الشفافية في أفعال هذا النوع من الأشخاص. أنت غير قادر على رؤية واضحة لما يفعلونه أو ما ينشغلون به؛ لذا لا يسعك إلا أن تشك فيهم، إلى أن ترى أخيرًا أن شخصيتهم خادعة وخبيثة وشريرة" (من "يتعاملون بطريقةٍ غادرة ويتصرَّفون بطريقةٍ فرديَّة وديكتاتوريَّة ولا يتشاركون أبدًا مع الناس ويجبرون الناس على الطاعة" في "كشف أضداد المسيح"). كشفَتْ كلمات الله شخصيات أضداد المسيح شديدة الشر. هناك دائمًا دوافع خفية وراء ما يقولونه أو يفعلونه، مما يجعل سبر غورهم مستحيل. ولتحقيق أهدافهم الشخصية، كثيرًا ما يستخدم أضداد المسيح الخدع والطرق الخبيثة لخداع الناس وإرباكهم. يغشّون الآخرين إلى درجة أن أحدًا لا يعرف أي كلامهم صحيح وأيه خاطئ. كان سلوكي خبيثًا كخبث ضد المسيح؛ كل ما قلته أو فعلته كان وراءُه دوافع شخصية. وعندما واجهت مشكلة في أداء واجبي، عصرت ذهني للعثور على طرق لتجنبها، وأيضًا لمنع كشف قامتي الحقيقية لمشرفتي. وحين كشَفَتْ قائدتي مشاكل واجبي، فكرتُ في كيفية إشعار الناس أنني كنت شخصًا يقبل الحق، وكيف أتنصّل من مسؤوليتي. وعندما رغبتُ في الاستيلاء على السلطة والاحتفاظ بمركزي، حسبت كيف أخفي طموحاتي، وكيف أضمن أن المشرفة ستدعني أواصل المشاركة في العمل وأن يكون لي القول الفصل. لم أفكر قطُّ في وجود مثل تلك الدوافع الخفية وراء أقوالي وأفعالي! ولم أُفكِّر إلا في إخفاء نفسي وخداع الآخرين لحماية سمعتي ومنصبي. فكرتُ بعناية قبل كل كلمة نطقتُ بها، وأي الكلمات التي تحقق غرضي وتخفي تفكيري الحقيقي بفاعلية، خاصة أمام قائدتي ومشرفتي. يقول الله إن هؤلاء الأشخاص يفعلون الأشياء بخبث، وأن هذا هو ما يفعله أضداد المسيح! مع تأملي في هذا الأمر، صرتُ خائفة بعض الشيء. يطلب الله منا أن نكون أشخاصًا أمناء ونقول ما نفكر فيه فعلًا، وأن نتقبل مناقشة الفساد الذي نكشفه وما لا نفهمه وما لا يمكننا فعله. لكني كنت أفكر طوال الوقت في كيفية إخفاء نفسي، وفي كيفية جعل الآخرين يقدرونني، وفي كيفية الحفاظ على صورتي. كل ما فعلته كان مفتعلًا وماكرًا وخبيثًا، وكل ما كشفته كان شخصية الشيطان المخادعة والشريرة. بمجرد إدراك ذلك، بدأتْ المشاهد في المرور سريعًا أمام عينيَّ. تذكرتُ طفولتي؛ علمتني أمي أن "الخيول السريعة لا تحتاج إلى أسواط، والطبول الصاخبة لا تحتاج لعصي ثقيلة"، لذا سعيتُ دائمًا لأن أكون "حصانًا سريعًا" و"طبلة صاخبة" وطفلة مطيعة حسنة السلوك. فإذا ارتكبتُ خطأ، كنتُ أعترف به على الفور دون الحاجة إلى تذكير. قلّما وبخني والداي أو أدباني في نشأتي، لذا شعرت أن وعيي الذاتي واعترافي بأخطائي يمكنهما أن يُجنباني الكثير من المعاناة. على سبيل المثال، إذا رسبتُ في اختبار كنتُ أبدأ في البكاء وتقمُّص حالة البؤس قبل أن يتمكن والداي من الحديث، حتى أمنعهما من لومي أو تعنيفي. لم يكن لوالديَّ القدرة على تحمل بكائي. وكانوا يخشون ألا أقدر على تحمل المزيد من الضغط، فكانوا يتوقفون عن لومي. وبدلًا من ذلك كانوا يُعزُّونني. وهكذا هربت من تأنيب والديَّ، وبقي احترامي لذاتي دون مساس. وبعد الإيمان بالله بقيت على الحال ذاته. عندما كنت أفشل في أداء واجبي بإتقان وكنت بحاجة إلى تحمل المسؤولية، كنت أتقمَّص حالة البؤس وأناقش حالتي لتغطية إهمالي وسلوكي غير المسؤول، حتى لا يُهذبني أحد أو يتعامل معي. إن الحياة بفلسفة الحياة الشيطانية جعلتني ماكرة ومخادعة بشكل متزايد. كنت بارعة حقًا في التكيف مع الموقف، واستخدام العديد من الحيل الخبيثة، وصرت على صورة الشيطان ذاته. المرعِبُ في الأمر هو أن الحِيل والخيانة كادت أن تبدو لي أمورًا طبيعية. ولولا تحذير أختي وكشفي، لم أكن لأمتلك أدنى وعي ولم أكن لأشعر بأي خزي على الإطلاق. فكرت في كلمة الله، "ما يريده الله هو الأمناء. إن كنت قادرًا على الكذب والخداع فأنت مخادع ومحتال وشرير، ولست أمينًا. وإن لم تكن أمينًا، فليست هناك فرصة ليخلّصك الله ولا يمكنك أن تخلُص" (من "أكثر ممارسة جوهرية يمارسها الشخص الأمين" في "أحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). "إذا كَثُرت في كلامك الأعذار والمبررات التي لا قيمة لها، فأنا أقول إنك شخص يكره بشدة ممارسة الحق. إذا كانت لديك العديد من الأسرار التي تأبى مشاركتها، وإذا كنت غير مستعد بتاتًا للبوح بأسرارك – أي الصعوبات التي تواجهك – أمام الآخرين حتى تبحث عن طريق النور، فأنا أقول إنك شخصٌ لن ينال الخلاص بسهولة ولن يخرج بسهولة من الظلمة" (من "الإنذارات الثلاثة" في "الكلمة يظهر في الجسد"). من كلمة الله يمكننا أن نرى أن الله يكره المخادعين ويمقتهم. فالأشخاص المخادعين لديهم الكثير من الجوانب المظلمة في قلوبهم. وأقوالهم وأفعالهم دائمًا ما تخون الناس وتُربكهم، ولا يطبقون كلمة الله أبدًا. بغض النظر عن عدد سنوات إيمانهم بالله، لا تتغير شخصياتهم الفاسدة، ولا يمكنهم نيل الخلاص أبدًا. بإدراك هذا، شعرتُ أنني كنتُ في خطر حقيقي. صلَّيت إلى الله لأقول إنني أرغب في التوبة، وطلبتُ من الله أن يرشدني ويساعدني على إحداث تغيير حقيقي.
ذات يوم، قرأتُ في كلمة الله: "كن شخصًا صادقًا؛ صلِّ لكي تُخلِّص نفسك من الخداع الذي في قلبك. طهِّر نفسك بالصلاة، سيحرِّك روح الله قلبك في الصلاة، وستتغيَّر شخصيتك تدريجيًا" (من "حول ممارسة الصلاة" في "الكلمة يظهر في الجسد"). "يجب أن تسعى إلى الحق لحل أي مشكلة تنشأ، بغض النظر عن ماهيتها، ولا تتنكر بأي حال من الأحوال أو تضع وجهًا مزيفًا أمام الآخرين. كن صريحًا تمامًا بشأن جميع عيوبك، ونقائصك، وأخطائك، وشخصياتك الفاسدة، وأقم شركة بشأنها جميعًا. لا تحتفظ بها بالداخل. إن تَعلُّم كيفية التصريح بما في داخلك هو الخطوة الأولى نحو الدخول إلى الحياة، وهو العقبة الأولى، وهي أصعب عقبة يجب التغلب عليها. وبمجرد أن تتغلب عليها، يصبح دخول الحق أمرًا سهلاً. علام يدل اتخاذ هذه الخطوة؟ إنه يعني انفتاح قلبك وإظهارك لكل ما لديك، سواء كان جيدًا أم سيئًا، إيجابيًا أم سلبيًا؛ وأنك تكشف نفسك ليراك الآخرون ويراك الله؛ وأنك لا تخفي شيئًا، أو تستر شيئًا، أو تحجب شيئًا عن الله، خاليًا من الخداع والغش، وبالمثل تكون منفتحًا وصادقًا مع الآخرين. بهذه الطريقة، تعيش في النور، ولن يتفحصك الله فحسب، بل سيتمكن الآخرون أيضًا من رؤية أنك تتصرف بمبدأ ودرجة من الشفافية. لستَ بحاجة إلى استخدام أي طرق لحماية سمعتك وصورتك ومكانتك، ولا تحتاج إلى التستُّر على أخطائك أو تمويهها. لا تحتاج إلى الانخراط في هذه الجهود غير المجدية. إذا كان بوسعك التخلي عن هذه الأشياء، فستكون مستريحًا جدًا، وستعيش بلا قيود أو ألم، وستعيش بالكامل في النور. إن تعلُّم كيف تفتح قلبك عندما تعطي شركة هو الخطوة الأولى للدخول في الحياة. بعد ذلك، يجب أن تتعلّم كيفية تحليل أفكارك وأعمالك لترى ما الأمور الخاطئة التي تقوم بها وما التصرفات التي لا يحبّها الله، وسيكون عليك أن تعكسها وتصححها على الفور. ما الغرض من تصحيحها؟ إنّه قبول الحق واعتناقه، ورفض الأشياء التي فيك والتي تنتمي إلى الشيطان واستبدالها بالحق. قبلًا، كنت تفعل كل شيء بحسب شخصيتك الماكرة، التي هي كاذبة ومخادعة، وشعرت أن بوسعك الحصول على شيء دون كذب. والآن، وقد صرت تفهم الحق وتحتقر سُبل الشيطان في القيام بالأمور، لم تعد تتصرف على هذا النحو. تتصرف بعقلية صادقة وطاهرة ومطيعة. إذا لم تُخفِ أي شيء، وإذا لم تضع قناعًا خارجيًا، أو تظاهرًا، أو واجهة، أو إذا كشفت نفسك أمام الإخوة والأخوات، فلا تُخفِ أفكارك وتأملاتك الداخلية، بل اسمح للآخرين برؤية موقفك الصادق، وسيتجذَّر الحق تدريجيًا فيك، وسيزدهر ويؤتي ثماره، وسيسفر عن نتائج شيئًا فشيئًا. إذا كان قلبك ينمو في الصدق، ويزداد توجهه نحو الله، وإذا كنت تعرف كيف تحمي مصالح بيت الله عندما تؤدي واجبك، ويضطرب ضميرك عندما تفشل في حماية هذه المصالح، فهذا دليل على أن الحق قد أثّر فيك، وأصبح حياتك" (من "وحدهم الذين يمارسون الحق يخافون الله" في "أحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). لمست كلمات الله قلبي. إن مطالب الله في الواقع بسيطة للغاية؛ أن نتكلم ونتصرَّف بصراحة وأمانة، وألا يكون في قلوبنا احتيال ولا ادعاء ولا خداع، وأن يكون لنا قلب صادق تجاه الله، ونصدُق مع الآخرين. إذا أخطأنا أو كذبنا، فنحن بحاجة إلى الاعتراف بذلك والتأمل في أنفسنا، وقبول الحق بموقف صادق. بهذه الطريقة وحدها يمكننا معالجة شخصياتنا الشيطانية تدريجيًا. فكرت في بعض الإخوة والأخوات الذين كانوا يُهذَبون ويتم التعامل معهم، بالرغم من شعورهم بالخزي في ذلك الوقت، كان بإمكانهم القبول والطاعة. بعد ذلك، كان بإمكانهم طلب الحقَّ والتفكير في أنفسهم وإيجاد سبب فشلهم. وبعد مرور بعض الوقت، حققوا المزيد من التقدم، وأصبحوا أفضل في واجباتهم بشكل متزايد. ونالوا إرشادَ الله. لكن بالنسبة لي، للحفاظ على صورتي ومكانتي، كنت أتخذ دائمًا خطوات للتهرب من مسؤولياتي ولتجنب التهذيب والتعامل معي، وقلت لنفسي إنني أفعل الأشياء بذكاء. ماذا جنيتُ نتيجة ذلك؟ بعد سنوات من الإيمان بالله، لم تتغير شخصيتي الحياتية. كنت ما زلت ماكرة ومخادعة وشريرة. لقد قمت بواجبي دون استيعاب المبادئ، وعندما كنت أواجه المشاكل لم أكن أعرف كيف أحلها. حينها فقط أدركت أنه باستخدام الحِيل مرارًا وتكرارًا للتهرب من المسؤولية وتجنب التهذيب والتعامل معي، كنت في الواقع أرفض خلاص الله وأفسد فرصي في ربح الحق. وفي كل مرة استخدمت فيها الحيل للتهرب من المسؤولية، كنت أضطر لإعمال عقلي لأفكر فيما سأقوله وأي عذر سأستخدمه. قد أُفلت من العقاب مرةً، ولكن حينما يظهر تهديد لسمعتي ومكانتي مجددًا، كان يتعين عليَّ أن أفكر في طريقة أخرى لخداع الناس. كان العيش في هذه الحالة المخادعة وغير النزيهة يوميًا متعبًا جدًا، ويكرهه الله ويبغضه. وفي النهاية، كنت سأدمّر فرصي في ربح الحقِّ والخلاص. كيف يكون هذا ذكاءً؟ كان جهلًا وحماقة. عندما أدركت هذا، كنت أرغب بشغف في معالجة شخصياتي المخادعة والشريرة وأن أصبح صادقة.
خطَرَ لي أن كلود ما زال لا يعرف دوافعي الحقيرة لمطالبته بالشركة مع الوافدة الجديدة. وإذا لم أصارحه، لن يكون لديه أي تمييز لي، بل وسيظل يوقّرني، ويظل في حالة سلبية ويشعر أنه لم يتمكن من أداء العمل. لذلك، ذهبتُ إلى كلود، وصارحته حول دوافعي لإرساله ليقدم شركة للوافدة الجديدة، وأخبرته بما تعلمته من الأمر. كما قلت إنني أتحمل معظم اللوم على انسحاب الوافدة الجديدة وإنني كنت أنانية وحقيرة. لمجرد حماية ماء وجهي ومصالحي، خدعته وجعلته يتحمل المسؤولية. ثم صارحني عن تفكيره الذاتي، ومعرفته وما ربحه من هذا الأمر. بعد الشركة معه، شعرت بإحساس كبير بالعتق. وأدركت أنه فقط من خلال ممارسة الحق والصدق يمكننا أن نشعر براحة البال. بعد ذلك، نظَّمتْ مشرفتي اجتماعًا لمناقشة التقصير في عملنا. لقد انخفضت فعاليتي بشكل كبير في ذلك الشهر. رغبت في الهروب من اجتماع العمل هذا، لكنني كنت أعرف بوضوح أن الله سيفحص كل كلمة وتصرُّف، ليرى كيف أسلك، ليرى ما إذا كنت سأعود إلى حِيلي القديمة مرة أخرى للدفاع عن صورتي ومكانتي وستر نقائصي ومشكلاتي، أو ما إذا كنت سأواجه مشكلات واجبي وأتحدث بصراحة وأكون صادقة. قلت لنفسي أن أمارس الحق، حتى لو أضر ذلك بصورتي. لذلك، تصارحت حول كيفية تخبطي وممارسة الحِيل في عملي خلال هذه الفترة، وقلت، سألخص مشكلاتي وأخطائي، وأصحح موقفي تجاه واجبي، وأسعى لأن أكون أكثر فعالية. بعد هذه الشركة، شعرت بالعتق بشدة، وكان لدي الإرادة والحافز لإحسان أداء واجبي. وبعد أن انتهيت، لم يحتقرني إخوتي وأخواتي. لكن ناقشوا معي بعض طرق الممارسة لأداء واجباتنا. لقد استفدت كثيرًا من شركتهم، وتعلّمت أيضًا المزيد من الطرق لتغيير أخطائي. بعد ذلك عند أداء واجباتي طبقتُ هذه الطرق، وأصبحت بتؤدة أكثر فعالية في عملي. كنت ممتنة جدًا لله.
خلال هذا الاختبار أشعر بصدق، أنه مهما كانت الأخطاء التي نرتكبها أو الفساد الذي نكشفه في واجباتنا، طالما أمكننا أن نواجه الأمور بهدوء، ونفتح قلوبنا، ونطلب الحق، فلن يحتقرنا أحد، بل يمكننا أيضًا التفكير في أنفسنا وأداء واجباتنا بشكل أفضل. وأيضًا شعرت أن أولئك الذين يمارسون الحق وهم صادقون يتمتعون وحدهم بالشخصية والكرامة، ووحدهم يشعرون حقًا بالراحة والحرية.