لمَ لا أشارك كل شيء عندما أعلِّم الآخرين؟
في يوليو 2021، كنت أعمل في إنتاج الفيديو في الكنيسة. علمت أن هذا واجب مهم حقًّا، لذا أمضيت معظم الوقت يوميًّا في مشاهدة الدروس التعليمية والبحث عن المعلومات. استمعت بعناية كلما ناقش الآخرون مهارة فنية، وبعدئذ كنت أحللها وأبحثها بالتفصيل، ثم أبدأ في استخدامها فعليًّا. سعيت أيضًا للمساعدة من الله عندما واجهت صعوبات. بعد فترة من التعثر، تحسنت مهاراتي التقنية قليلًا. كنت أبتكر أساليب إنتاج جديدة وأعمل بكفاءة أكبر. احترمني الجميع حقًّا وجاءوا لسؤالي عن المشكلات التقنية. تملكني إحساس حقيقي بالإنجاز. شعرت بأن كل عملي الشاق لم يذهب هباءً، ورأيت أخيرًا ثمرته.
برؤية مدى جودة ما كنت أفعله في إنتاج الفيديو، طلب مني القائد مشاركة مهاراتي التقنية وخبرتي في الإنتاج مع الإخوة والأخوات الآخرين. حتى أن بعضهم طلب خصيصًا الاستماع لخطابي. شعرت بأنني أُبلي بلاءً حسنًا لنفسي حقًّا. لكن بدأت أقلق عندما فكرت في مشاركة أسرار نجاحي. إن كشفتُ عن جوهر هذه المهارات وتعلَّمها الجميع، فستزداد كفاءتهم تدريجيًّا في عملهم. عندئذ هل سيأتي أحد ليطلب مني المساعدة مجددًا؟ هل سيُبقون على احترامهم لي؟ لا يجب أن أخبرهم بكل شيء. لذا أوضحت بعض الأمور، لكنني استبقيت بعضها لنفسي. علمت أن هذا لم يكن بالشيء الصائب لأفعله، لكنني أمسكت عليَّ لساني لمنفعتي الشخصية. لاحقًا، قالت لي أخت: "مقاطع الفيديو التي أُنتجت حسب إرشاداتكِ أفضل بكثير من ذي قبل، لكننا ما زلنا غير أَكْفاء. أهناك شيء لم تعلِّمينا إياه بعد؟" فأجبت بلامبالاة: "هذه هي الطريقة التي أفعله بها. ربما تحتاجين لمزيد من الممارسة لتصبحي أكثر كفاءة؟" لم تتفوَّه بأي شيء آخر. شعرتُ بالسوء نوعًا ما آنذاك وأدركت أنه كان خداعًا، لكن عندما فكرت في مدى كفاءتي في عملي مقارنة بالآخرين، أخمدتُ ذرة الذنب الضئيلة هذه.
عندما قمنا بعمل الملخصات الشهرية، كنت أنا مَن أنتج معظم مقاطع الفيديو وبأعلى جودة. شعرت بالرضا التام عن نفسي عندما رأيت تلك الأرقام، وشعرت بالسعادة لأنني لم أقرر تعليم الآخرين مهاراتي كاملة. عندئذ لم أكن لأحصل على أفضل الأرقام. فقط حينما كنت أشعر بالغرور الشديد، علم مشرفي أنني لم أشارك كل مهاراتي مع الآخرين، وتعامل معي: "أنتِ أنانية جدًّا! أنتِ لا تفكرين في عمل الكنيسة، بل في إنتاجيتكِ الخاصة. تريدين التباهي فحسب. كم يمكن تحقيقه بمفردكِ؟ إن عرف الجميع هذه المهارات، يمكننا تحسين التقدم العام لعملنا". كنت أعي أن ذلك سيعود بالنفع على عمل الكنيسة، لكن عندما اعتقدت أن كل شخص آخر يزداد كفاءة وأنني لم أعد أحظى بإعجابهم، أحسستُ بالتضارب حقًّا. فصلَّيت: "إلهي! مؤخرًا لم يسعني إلا التصرف بخداع من أجل ربحي الشخصي. لا أريد العيش في هذا الفساد بعد اليوم. أرجوك أرشدني لأفهم مشكلتي وأتخلص من هذه الشخصية الفاسدة".
ثم في عباداتي، قرأت هذا في كلمات الله. "لغير المؤمنين نوع معين من الشخصية الفاسدة. عندما يعلّمون الآخرين معرفةً أو مهارة مهنيةً، فإنهم يعتقدون هذا: "عندما يعرف الطالب كل ما يعرفه المعلّم، فسيخسر المعلّم سبيل معيشته. إن علَّمتُ الآخرين كل ما أعرفه، فلن يبجلني أحد أو يعجب بي أحد بعد ذلك وسأفقد وضعي كمعلِّم. لن يجدي هذا نفعًا. لا يمكنني أن أعلمهم كل ما أعرفه، بل يجب أن أحجب شيئًا. سأعلمهم فقط ثمانية بالمئة مما أعرف وأحتفظ بالبقية في جعبتي، فهذه هي الطريقة الوحيدة لأبين أن مهارتي تفوق مهارة الآخرين". أي شخصية تلك؟ إنها خادعة. عند تعليم الآخرين ومساعدتهم أو مشاركة ما تعلمته معهم، أي موقف يجب أن تتخذ؟ (يجب ألا ندخر جهدًا وألا نحجب أي شيء). ... إن ساهمت بمواهبك وما تبْرع فيه بالكامل، ستكون مفيدة لكل من يتمِّمون واجبهم، وكذلك لعمل الكنيسة. لا تظن أنه لا بأس أو أنك لم تحجب المعرفة بل تخبر الجميع بأقل القليل، فهذا لن يجدي نفعًا. أنت تُعلِّم فحسب بضع نظريات أو أشياء يمكن للناس فهمها حرفيًا، ولكن الجوهر والنقاط المهمة تفوق فهم المبتدئين. فأنت لا تعطي إلا لمحةً عامةً من دون التوسّع أو الدخول في التفاصيل، بينما تستمرّ بالتفكير بينك وبين نفسك: "حسنًا، على أي حال، لقد أخبرتك ولم أخفِ أي شيء عمدًا. إن كنت لا تفهم، فهذا لأنّ مقدرتك ضئيلة جدًا، فلا تلُمني. علينا أن نرى كيف سيقودك الله الآن وحسب". ينطوي هذا التفكير على خداع، أليس كذلك؟ أليست هذه الأفكار أنانيةً وخسيسةً؟ لماذا لا تستطيع تعليم الناس كل ما في قلبك وكل ما تفهمه؟ لماذا تحجب المعرفة بدل تقديمها؟ هذه مشكلة في نواياك وشخصيتك. ... الأمر مرهق لمن لا يسعون إلى الحق ويعيشون بشخصيات شيطانية مثل غير المؤمنين. المنافسة بين غير المؤمنين محتدمة. إن إجادة جوهر مهارة أو مهنة ليس بالأمر الهين، وبمجرد أن يعرف شخص آخر بشأنه، ويجيده هو نفسه، يصبح سبيل معيشة الشخص مهددًا. يُدفع الناس إلى التصرف بهذا الشكل لحماية سبيل معيشتهم. يجب أن يكونوا حذرين طوال الوقت، إذ يعتبر ما أجادوه أثمن عملاتهم. إنه سبيل معيشتهم ورأس مالهم وشريان حياتهم ولا يجب أن يعلموا به أي شخص آخر. ولكنك تؤمن بالله، وإن كنت تفكر بهذه الطريقة وتسلك بهذه الطريقة في بيت الله، فليس ثمة فرق بينك وبين غير المؤمن" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). أشعرتني قراءة هذا المقطع كما لو أن الله كان يدينني ويكشفني مباشرة. أدركت أن شخصية حياتي لم تتغير إطلاقًا بعد سنوات من الإيمان. كنت مثل غير المؤمن، أعيش وفق قواعد شيطانية من أجل البقاء، مثل "كل إنسان يعيش لنفسه" و "بمجرد إتقان الطالب المعرفة، يفقد المعلم وظيفته". عندما تمتعت ببعض المهارات أو التقنيات الخاصة، أردت استبقاءها لنفسي. رفضت تعليم كل شيء لأي شخص آخر بتلك السهولة والمخاطرة بفقدان منصبي ومصدر رزقي. خلال تلك الفترة، عندما امتلكت المزيد من المهارات التقنية مقارنة بالآخرين وكنت أكثر إنتاجية في واجبي، شعرت بالرضا التام عن نفسي واستمتعت باحترامهم لي. طلب مني المشرف تعليم الآخرين، لكنني لم أخبرهم بكل شيء لأتمكن من الحفاظ على منصبي. كنت أخشى أن يتفوق الآخرون عليَّ إن تعلموا كل شيء، عندئذ لن يُعجب بي أحد. حتى عندما أتاني البعض وسألوني عن أمور بشكل فردي، أخفيت الحقيقة، ولم أخبرهم بكل شيء. كنت أمارس الفلسفة الشيطانية "بمجرد إتقان الطالب المعرفة، يفقد المعلم وظيفته". من أجل السمعة والمكانة، كنت مخادعة ومارست الألاعيب، وخشيت إن أتقن الآخرون مهاراتي تمامًا، فلن تسنح لي الفرصة للتباهي مجددًا. لم أراعِ عمل الكنيسة إطلاقًا ولم أراعِ مشيئة الله. لقد تعاملتُ مع هذه المهارات على أنها أدواتي الشخصية لحماية سمعتي ومكانتي. كنت أنانية جدًّا وحقيرة وعديمة الإنسانية! صليت لله وأنا مستعدة لممارسة الحق وإهمال الجسد. فكرت في شيء قاله الله: "عندما يتعرَّف معظم الناس للمرة الأولى على جانب محدد من المعرفة المهنية، لا يستطيعون أن يفهموا سوى معناه الحرفي، ويستغرق الأمر بعض الوقت من الممارسة، قبل أدراك النقاط الأساسية والجوهر. إن كنت قد أجدت هذه النقاط الأدقّ، فيجب أن تطلع الناس عليها مباشرةً. ولا تجعلهم يسلكون مسارًا غير مباشر كهذا ويقضون الكثير من الوقت قبل بلوغ المقصد. هذه مسؤوليتك، وهذا ما يجب أن تفعله. فقط إن أخبرتهم ما تعتقد أنّها النقاط الأساسية والجوهر، فلن تحجب أي شيء، وحينئذٍ فقط ستكون غير أناني" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). منحتني كلمات الله مسارًا للممارسة: لا بد أن أشارك كل أساليبي ومعرفتي المرتبطة بعملنا مع الإخوة والأخوات، لذا لن يضطر أحد لإهدار المزيد من الوقت على أساليب غير مباشرة. ثم بناءً على هذا الأساس يمكنهم اكتساب المزيد من الإلهام ومواصلة أداء واجبهم بشكل أفضل. ولأفاد ذلك عمل الكنيسة. بجانب ذلك، امتلكت بعض المهارات المهنية ونجحت في أداء واجبي نسبيًّا ليس لأنني كنت أذكى أو أكثر تحفيزًا من الآخرين، بل بسبب نعمة الله التي منحتني هذا الإلهام القليل. لم أستطع التفكير في نفسي فقط، لكن كان عليَّ الوفاء بمسؤولياتي ومشاركة كل معرفتي مع الآخرين. ليتحسن عملنا برمَّته. وهكذا، علَّمتُ كل المهارات المهنية التي عرفتها للإخوة والأخوات وأخبرتهم بكامل إرادتي عندما اكتشفت أسلوبًا جيدًا آخر. بعد فترة وجيزة، ارتفعت إنتاجية فريقنا بشكل هائل، وتوصَّل بعضنا لابتكارات بناءً على مهاراتي.
بعد شهر، وبسبب تغييرات في الموظفين، كلف المشرف قائد الفريق كولين بتولِّي قيادة فريق جديد وكلفني بتولِّي دوره. امتننت لله حقًّا وأردت أداء الوظيفة جيدًا. ولأن جميع الإخوة والأخوات في فريق كولين كانوا مستجدين ومبتدئين في تحرير الفيديو، فقد دعا القليل منهم من ذوي المقدرة الجيدة للتعلم منا. كانوا جميعًا سريعي التعلم ولم يمض وقت طويل حتى أتقنوا المهارات وتحسنوا في واجبهم. شعرتُ بتعكُّر المزاج. لقد أتوا لتعلُّم بعض المهارات وشاركنا كل شيء معهم. إن استمر هذا واستمرت إنتاجية فريقهم في التحسن، فقد يتفوق فريقهم على فريقنا. للحفاظ على الإنتاجية العالية لفريقنا، استبعدتُ مَن أتوا للتعلم من المجموعة عبر الإنترنت. كما بدأتُ في دراسة أساليب الإنتاج ومهارات الكنائس الأخرى. كان تفكيري أنهم تعلموا بالفعل كل المهارات التي عرفناها قبلًا، لذا إن تعلمنا شيئًا جديدًا ولم نخبرهم، فلن يتمكنوا من التفوق علينا. ولكن ما أدهشني، أنه بعد أن استبعدتهم من المجموعة، لم تَزْدَدْ إنتاجية، فريقنا، بل في الواقع انخفضت. لقد اختبر أعضاء الفريق المزيد من الحالات السلبية والمشكلات وكنت أنا نفسي مشوَّشة. لم يكن لدي أي أفكار لإنتاج مقاطع فيديو وعجزت عن حل مشكلات الفريق. أدركت أنني إن لم أغيِّر حالتي، سيؤثر ذلك قطعًا على أداء الفريق. فصلَّيت لله: "إلهي، في واجبي مؤخرًا، مهما حاولت جاهدة، فإنني بلا اتجاه. أرجوك امنحني الاستنارة وأرشدني لأعرف نفسي وأخرج من هذه الفوضى".
ذات يوم في عباداتي، قرأت هذا المقطع من كلمات الله: "عندما يعيش الناس في حالة غير سليمة، ولا يُصلِّون لله أو يسعون إلى الحق، سيتخلى الروح القدس عنهم، ولن يكون الله حاضرًا. كيف يمكن لمن لا يسعون إلى الحق أن يملكوا عمل الروح القدس؟ يشمئز الله منهم ويحجب وجهه عنهم وكذلك يتوارى عنهم الروح القدس. عندما لا يعود الله يعمل يمكنك أن تفعل ما شئت. وبمجرد أن ينحيك جانبًا، ألن تكون نهايتك؟ لن تحقق أي شيء. لماذا يجد غير المؤمنين مثل هذه الصعوبة في عمل الأشياء؟ ألا يحتفظ كل منهم بمشورته الخاصة؟ يحتفظ كل منهم بمشورته الخاصة، ولا يكونوا قادرين على إنجاز أي شيء، فكل شيء شاق للغاية، حتى أبسط الأمور. تلك هي الحياة تحت سطوة الشيطان. إن فعلتم كما يفعل غير المؤمنين، فكيف تختلفون عنهم؟ ليس هناك فرق بينكم وبينهم على الإطلاق. إذا استخدم أولئك الذين يعيشون بشخصيات شيطانية القوة، وإذا استخدمها من لا يمتلكون الحق، أليس الشيطان في واقع الأمر من يملك القوة؟ إذا تعارضت أفعال الشخص، في الأساس، مع الحق، يتوقف عمل الروح القدس، ويسلمهم الله إلى الشيطان. وبمجرد أن يصبحوا بين يديِّ الشيطان، تظهر جميع أشكال القبح بين الناس، كالغيرة والخلافات على سبيل المثال. ما الذي تبيِّنه تلك الظواهر؟ أن عمل الروح القدس قد توقف وأنه غادر وأن الله لم يعد يعمل. دون عمل الله فما جدوى الحروف والتعاليم التي يفهمها الإنسان؟ لا جدوى منها. دون عمل الروح القدس يكون خواء بداخل الناس، ولا يقدرون على سبر أغوار شيء. إنهم كالموتى، وحين تحين الساعة، سيُذهلون. كل الإلهام والحكمة والذكاء والرؤية الثاقبة والتنوير في البشر يأتي من الله، وكله عمل الله" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). شعرتُ بشخصية الله البارة من كلماته. الله لديه موقف مغاير حيال الناس حسب سلوكهم. إن كان لدى المرء الدافع الصحيح في أداء واجبه، ويسعى للحق ويتحد مع الآخرين لدعم عمل الكنيسة، فإنه يربح عمل الروح القدس. لكن إن لم يمارس الحق وعاش بشخصياته الشيطانية، فسيمقته الله ويتخلى عنه. فكرت في هؤلاء الإخوة والأخوات من الفريق الآخر الذين حاولوا التعلم منا. رأيت أنهم سريعو التعلم وأنهم أكثر كفاءة منا، فشعرت بالغيرة. استبعدتهم من المجموعة لنتمكن من التفوق عليهم، ولم أسمح لهم بمواصلة المشاركة في تدريباتنا. عندئذ لم نكن لنتخلف عنهم. كنت أتصرف مثل غير المؤمن – كل هذا في سبيل ربحي الخاص. لطالما خشيت أن يتفوق عليَّ الآخرون، وأن يؤثر ذلك على سمعتي ومكانتي. لم أدعم عمل الكنيسة إطلاقًا – كنت أنانية وحقيرة جدًّا. قرأت في كلمات الله: "دون عمل الله فما جدوى الحروف والتعاليم التي يفهمها الإنسان؟ لا جدوى منها. دون عمل الروح القدس يكون خواء بداخل الناس، ولا يقدرون على سبر أغوار شيء. إنهم كالموتى، وحين تحين الساعة، سيُذهلون". عندما بدأت هذا العمل، أردت تعلم المهارات وأداء واجبي جيدًا. صلَّيت وسعيت للمساعدة عندما واجهت مشكلات، وتعلمتُ بسرعة، ولم أشعر بالتعب قطُّ. لكن منذ أن بدأت العيش بحالة تنافسية، ولم أسعَ للحق وتصرفت بدافع الفساد في كل منعطف، مقتني الله وتخلى عني. افتقرت للاتجاه والهدف في واجبي وشعرت بعدم الكفاءة في كل شيء. رأيت أنه عندما لم يكن الله يعمل عليَّ، فحتى معرفتي المهنية المحدودة أصبحت عديمة الجدوى. كانت هذه عاقبة عدم وجود الدوافع الصحيحة في واجبي، وحمايتي مصالحي الخاصة دائمًا، وعدم ممارسة الحق.
ثم تأملت مقطعًا من كلمات الله. يكشف الله أضداد المسيح لأنهم لا يفكرون إلا في مصالحهم الخاصة، ولا يفكرون في مصالح بيت الله. تقول كلمات الله، "بغض النظر عن العمل الذي يتولونه، فإن نوع الشخص الذي هو ضدٌّ للمسيح لا يبالي بمصالح بيت الله، بل لا يأخذ في الاعتبار سوى ما إذا كانت مصالحه ستتأثر، ولا يفكر إلّا بالقدر اليسير من العمل الذي أمامه ويعود بالفائدة عليه. وعمل الكنيسة الأساسي في نظره ما هو إلّا ما يفعله في أوقات فراغه؛ فهو لا يأخذه على محمل الجد مطلقًا، بل لا يقوم إلا بجهد سطحي، ولا يفعل إلاَّ ما يهوى فعله، ولا يقوم بعمل سوى الحفاظ على مركزه وسلطته، كما لا يرى أهمية لأي عمل يرتبه بيت الله، ولا لعمل نشر الإنجيل، ولا لدخول الحياة لشعب الله المختار. ومهما تكن المصاعب التي يعانيها الأشخاص الآخرون في عملهم، والقضايا التي حددوها وأُبلغوا عنها، ومهما يكن كلامهم خلصًا، فإن أضداد المسيح لا يلقون بالًا، ولا ينخرطون، كما لو أن هذا لا يعنيهم. إنهم لا يبالون مطلقًا بشؤون الكنيسة مهما كانت أهمية هذه الشؤون. وحتى عندما تكون المشكلة أمام أعينهم مباشرةً، فإنهم لا يتعاملون معها إلا بلا مبالاة. وهم لا يؤدون على مضض إلّا قدرًا ضئيلًا من العمل الحقيقي، ولا يقدمون للأعلى شيئًا يراه إلّا بعد أن يتعامل معهم الأعلى بصورة مباشرة ويأمرهم بحل مشكلة ما، ولا يلبثون بعد ذلك أن يستمروا في الاعتناء بشؤونهم الخاصة، بينما تجدهم لا مبالين ومتجاهلين إزاء عمل الكنيسة والأمور المهمة في السياق الأوسع نطاقًا. بل إنهم يتجاهلون المشكلات التي يكتشفونها، ويعطون إجابات سطحية، أو يستخدمون كلامهم للتهرُّب عندما يُسأَلون عن المشكلات، ولا يتعاملون معها إلا بتقاعس شديد. هذا دليل على الأنانية والدناءة، أليس كذلك؟ فوق ذلك، مهما يكن الواجب الذي يؤديه أضداد المسيح، فكل ما يفكرون فيه هو ما إذا كان سيرفع مكانتهم. فما دام سيعزز سمعتهم، فإنهم يعصرون أذهانهم ليتوصلوا إلى سبيل يتعلموا من خلاله كيف يؤدون الواجب وينجزونه. كل ما يهمهم هو ما إذا كان ذلك سيجعلهم مميزين. أيًّا كان ما يفعلونه أو يفكرون به، لا تعنيهم سوى شهرتهم ومكانتهم، ومهما يكن الواجب الذي يؤدونه فهم لا يتنافسون إلا على أساس من أعلى ومن أدنى، ومن يربح ومن يخسر، ومن يتمتع بسمعة أكبر. إنهم لا يبالون إلا بعدد الأشخاص الذين يتطلعون إليهم بالتقدير، وعدد من يطيعونهم، وعدد أتباعهم. إنهم لا يَعقدون شركة حول الحق أو يحلون مشكلات حقيقية، ولا يأخذون في اعتبارهم مطلقًا كيف يفعلون الأمور حسب المبدأ عند أداء أحدهم واجبه، سواء كانوا مخلصين، أو وفَّوا بمسؤولياتهم، أم كانوا منحرفين أو إن كانت ثمة مشكلات، ولا يبالون بما يطلبه الله، وما هي مشيئة الله. ولا يلقون أدنى بال لهذه الأشياء جميعًا، بل يُطرِقون برؤوسهم فحسب ويفعلون أشياء من أجل المكانة والهيبة، وإرضاءً لطموحاتهم ورغباتهم, هذا هو مظهر الأنانية والدناءة، أليس كذلك؟ يكشف هذا تمامًا عن مدى امتلاء قلوبهم بمطامعهم ورغباتهم ومطالبهم التافهة. تتحكم مطامعهم ورغباتهم في كل ما يفعلونه. ومهما فعلوا فإن الدافع والمنطلق هو مطامعهم ورغباتهم ومطالبهم التافهة. هذا هو المظهر النموذجي للأنانية والدناءة" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. الملحق الرابع (الجزء الأول)]. تُظهِر كلمات الله أن أضداد المسيح لا يفعلون إلا أمورًا تخدم سمعتهم ومكانتهم دون أي مراعاة لعمل الكنيسة. إن ترتيبات الكنيسة والمشكلات التي يواجهها الآخرون في واجبهم لا تهمُّهم إطلاقًا. إنهم يتعامون عن أي معاناة يواجهها الإخوة والأخوات، إنهم أنانيون وحُقَراء جدًّا ويفتقرون تمامًا للإنسانية. لقد نظرت في سلوك أضداد المسيح وتأملت كيف بدوتُ وكأنني أعاني وأضحي، وبذلت قصارى جهدي لتعلُّم المهارات اللازمة لواجبي، لكنني لم أكن أراعي مشيئة الله. كنت أتعامل مع واجبي كوسيلة لربح مكانة وسمعة طيبتين. كان تفكيري الوحيد منصبًّا على ما إن كنت أتمتع بمكانة بين الناس، وما إن كان الآخرون سيعجبون بي ويقدرونني. لم أفكر قطُّ فيما يطلبه الله أو كيفية إرضائه. عندما حققت بعض النجاح في واجبي وكان الجميع يأتونني بأسئلتهم، أُشبعَتْ رغبتي في السمعة والمكانة تمامًا. عندما شاركت معرفتي المهنية مع الآخرين، كنت مخادعة، ومارست الألاعيب وأخفيت بعضًا مما أعرفه. لم أشارك بمهاراتي كاملة واستبعدتُ مَن جاءوا للتعلم من خارج مجموعتنا لكيلا يتمكنوا من التعلم منا. لأنني كنت أخشى أن يصيروا أكفاء ويخطفون مني الأضواء. لكننا ننتج مقاطع فيديو لنشر كلمات الله، لذلك كان يجب أن أعمل بجانب الآخرين لأداء واجباتنا جيدًا، ليتمكن أكبر عدد ممن يتوقون لظهور الله من المثول أمامه بأسرع ما يمكن، والسعي للحق ونيل الخلاص. لكن من أجل حماية سمعتي ومكانتي، رفضت مشاركة مهاراتي مع أي أحد. لقد تعاملت مع مهاراتي المهنية ومصادر التعلم كما لو كانت ملكية شخصية لأستمتع بها وحدي. أردت فقط التباهي وإشباع طموحي الجامح لأنال إعجاب الآخرين. لم أراعِ عمل الكنيسة أو مشيئة الله ولو قليلًا. فكيف اختلف سلوكي عن سلوك ضد المسيح؟ بدا هذا وكأنه حالة خطيرة حقًّا، فصلَّيت لله في قلبي: "إلهي! لا أريد مواصلة تجاهل ضميري والتفكير فقط في مصالحي. إنني مستعدة للتوبة، وتعليم الجميع مهاراتي وأداء واجبي جيدًا".
ثم قرأت هذا في كلمات الله: "إذا لم يفهم الناس الحق، يصبح التخلي عن مصالحهم الشخصية هو أكثر الأشياء صعوبة. وهذا لأن فلسفات حياتهم هي: "اللهم نفسي"، و"حقق الثراء أو مت وأنت تحاول". من الواضح أنهم لا يعيشون إلا من أجل مصالحهم الشخصية. يظن الناس أنه بدون مصالحهم الشخصية – أي إذا خسروا مصالحهم – لن يكونوا قادرين على البقاء، وكأن بقاءهم لا ينفصل عن مصالحهم الشخصية، ومن ثمَّ فأغلب الناس لا يرون سوى مصالحهم. إنهم يرونها أهم من أي شيء آخر، ولا يعيشون إلا من أجل مصالحهم، ودفعهم إلى التخلي عنها يشبه أن تطلب منهم التخلي عن حياتهم. إذن ماذا يجب عمله في هذه الظروف؟ يجب أن يقبلوا الحق. لا يستطيع الناس رؤية جوهر مصالحهم الخاصة إلّا عندما يفهمون الحق، وعندها فقط يمكنهم أن يتعلموا التنازل والتخلي، ويكتسبوا القدرة على تحمل ألم التخلي عما يحبونه بشدّة. وعندما تستطيع القيام بذلك، وتتخلّى عن مصالحك الخاصة، ستشعر بمزيد من الراحة والسلام في قلبك، وبذلك ستهيمن على الجسد. إذا كنت تتشبث بمصالحك ولا تقبل الحق بأي شكل من الأشكال، وإذا كنت تقول في قلبك: "ما الخطأ في البحث عن مصالحي الخاصة ورفض تحمل أي خسارة؟ ما دام الله لم يعاقبني، فماذا بإمكان الناس أن يفعلوا بي؟" فلن يفعل أحد بك أي شيء. لكن إذا كان هذا هو إيمانك بالله، فستفشل في النهاية في ربح الحق والحياة، وستكون تلك خسارة كبرى لك؛ إذْ لا يمكنك نيل الخلاص. هل هناك أيّ ندم أعظم من هذا؟ هذا هو ما يأتي في النهاية من السعي وراء مصالحك الخاصة. إذا سعى الناس إلى المكانة والسمعة فحسب، وإذا سعوا وراء مصالحهم الخاصة فحسب، فلن يربحوا الحق والحياة أبدًا، وفي النهاية سيكونون هم الذين يعانون الخسارة. يخلص الله أولئك الذين يسعون إلى الحق. إذا لم تقبل الحق، وكنت غير قادر على التفكير في شخصيتك الفاسدة ومعرفتها، فلن تتوب حقًا، ولن يكون لك أي دخول إلى الحياة. إن قبول الحق ومعرفة نفسك هو الطريق إلى النمو في حياتك وإلى الخلاص، وهو فرصتك للمثول أمام الله وقبول تمحيصه لك، وقبول دينونته وتوبيخه وربح الحياة والحق. إذا تخليت عن السعي إلى الحق من أجل السعي وراء المكانة والسمعة ومصالحك الخاصة، فهذا يعني التخلي عن فرصة تلقي دينونة الله وتوبيخه ونيل الخلاص. أنت تختار المكانة والسمعة ومصالحك الخاصة، ولكن ما تتخلى عنه هو الحق، وما تخسره هو الحياة وفرصة الخلاص. أيهما يعني لك أكثر؟ إن اخترت مصالحك الخاصة وتخليت عن الحق، ألا تكون غبيًا؟ بصراحة، هذه خسارة كبيرة لقاء الحصول على ميزة صغيرة. السمعة والمكانة والمال والمصلحة كلها مؤقتة، وكلها سريعة الزوال، في حين أن الحق والحياة أبديان وثابتان. إذا وجد الناس حلًّا لمشكلة شخصيتهم الفاسدة التي تدفعهم إلى السعي وراء المكانة والسمعة، فعندئذ يكون لديهم أمل في نيل الخلاص" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. معرفة شخصية المرء هي أساس تغييرها). أدركتُ من كلمات الله أنني إن تشبثت بمصالحي الخاصة دائمًا وأهملت تمامًا ممارسة الحق، فسأكون مَن يتكبد خسارة، وليس الآخرون. سأفقد فرصتي في ربح الحق، الأمر الذي سيجعلني حمقاء للغاية. في الماضي، عشتُ بفلسفات شيطانية. كنت أصدق عبارة "بمجرد إتقان الطالب المعرفة، يفقد المعلم وظيفته"، واعتقدت أنه بتعليم الآخرين ما أعرفه، فسأخسر. إن كانوا متعلمين جيدين وفاقوني في تحقيق إنجاز في النهاية، فلن أحظى بأي مكانة خاصة بين الناس. عندها فقط أدركت أنها مغالطة شيطانية وأسلوب خادع للأمور. إن عشت بهذه الطريقة، سأصبح أنانية أكثر فأكثر، ومخادعة، ومجرَّدة من الإنسانية. وفي النهاية سيكشفني الله ويستبعدني. كان عليَّ تنحية مصالحي الخاصة جانبًا وتعليم الآخرين ما أعرفه. وهذا وحده توافق مع مشيئة الله، ووفاءٌ لمسؤولياتي. كان هذا هو السبيل للشعور بالطمأنينة في قلبي. أيضًا، عندما خطرت للإخوة والأخوات أفكار جديدة حسب ما علَّمتهم إياه، أمكنها أن ترفع مهاراتي لمستوى أعلى. لم تكن تلك خسارة على الإطلاق. لم أُرد مواصلة العيش بهذه الأنانية الشديدة، وكلما كان لديَّ أسلوب جيد أو مهارة، سأخبر الجميع بكل سرور.
ذات يوم، سألتني أخت عن كيفية تحسين كفاءة العمل. فخطر لي أنه إن شاركت معها أساليب فريقنا وكان أداء فريقها أفضل، فسنبدو أسوأ. عندئذ ماذا سيظن الناس بي؟ حينها فقط، تذكرتُ كلمات الله: "ينبغي أن تكون قادرًا على الاضطلاع بمسؤولياتك، وتأدية التزاماتك وواجباتك، ووضع رغباتك الأنانية جانبًا، ووضع نواياك وحوافزك جانبًا، ومراعاة إرادة الله، وإعطاء الأولوية لمصالح بيت الله، وعمل الكنيسة والواجب المفترض أن تؤديه. بعد اختبار هذا لفترةٍ من الوقت، ستشعر بأنّ هذه طريقة جيدة للتصرف: هذا عيش ببساطة وأمانة، من دون أن تكون شخصًا وضيعًا أو عديم الفائدة، فتعيش بإنصاف وشرف بدل أن تكون وضيعًا و سافلًا؛ ستشعر بأنّ الإنسان ينبغي أن يعيش ويتصرّف هكذا. تدريجيًا، ستتضاءل الرغبة داخل قلبك في تعظيم مصالحك" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن كسب الحرية والتحرير إلّا بتخلص المرء من شخصيته الفاسدة). جاءت تلك الأخت لتسألني عن كيفية تحسين كفاءتها لأنها كانت تفكر في عمل الكنيسة. كان عليَّ التوقف عن التفكير في سمعتي ومكانتي، ومراعاة مصالح الكنيسة، والتخلي عن رغباتي ودوافعي الأنانية، ومساعدة الآخرين. لذا، أخبرت الأخت بكل شيء أعرفه. شعرتُ بالسلام عندما فعلتُ ذلك. وقد فوجئتُ بأنها منحتني بعض المواد التعليمية الجيدة أيضًا، والتي ساعدتني على تحسين مهاراتي. تأثرتُ بشدة، ولم أدرِ ماذا أقول. فشكرتُ الله كثيرًا في أعماق قلبي. تعلُّم، كيفية التخلي عن مصالحي الشخصية، مكنني من تذوق حلاوة ممارسة الحق. بعد ذلك، أرسلتُ كل المواد التعليمية والمهارات والأساليب المفيدة التي جمعتها للآخرين كمرجع.
لقد أظهر هذا الاختبار مدى إفساد الشيطان الشديد لي. كانت مصالحي الشخصية هي الأهم في كل شيء، ولم أفكر في عمل الكنيسة. لقد أظهرتُ شخصية ضد المسيح، لكن الله لم يعاملني بحسب تعدياتي. لقد أعدَّ وضعًا تلو الآخر لتطهيري وتغييري. كانت هذه محبة الله. اختبرت أيضًا شخصية الله البارة. عندما كنت على المسار الخطأ، أخفى الله وجهه عني وبلغت طريقًا مسدودًا في كل ما فعلته. عندما مارست كلام الله، وصححت دوافعي، ودعمت عمل الكنيسة وشاركت معرفتي التي امتلكتها مع الجميع، بدأ الجميع في تبادل المهارات والأساليب، وتحسن عمل الفيديو لدى فريقنا. لقد اختبرت حقًّا السلام الذي يأتي من العمل بحسب كلمات الله. أحيانًا لا أزال أراعي مصالحي الخاصة أمام المشكلات، لكنني أعلم أنني يجب أن أتَّكل على الله وأهمل نفسي. الشكر لله على خلاصه!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.