ألم لا مناص منه

2023 فبراير 5

في سن السابعة والأربعين، أخذ بصري يتدهور بوتيرة متسارعة. قال الطبيب إنني سأفقد البصر تدريجيًّا. لذا كان عليّ ملازمة المنزل والخلود إلى الراحة. شعرت وكأن الضوء يخرج من حياتي، وبدا مستقبلي قاتمًا للغاية. شعرت أن قلبي ينفطر. في عام 2007، قبلت عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. ولم يمض وقت طويل حتى تحسّن بصري. من أجل ردّ الجميل لمحبة الله، طلبت القيام بواجب، مفاده تقديم أكبر قدر ممكن من المساعدة للإخوة والأخوات عندما يعانون. وبصرف النظر عن عدد أولئك الذين كانوا يأتون إلى منزلي، أو عن مدة إقامتهم فيه، كنت أستضيفهم بفرح. ولأن منزلي كان متواضعًا، لم يكن يوجد أحيانًا عدد كافٍ من الأسرِّة لهم ما كان يضطرني إلى النوم على الأريكة أو افتراش الأرضية. اعتقدت أن التصرف بهذه الطريقة هو تعبيرٌ عن الوفاء لله. لكن تبيّن لي لاحقًا، ومن خلال إعلان الحقائق، أنني كنت جدّ أناني وغير مخلص في واجبي. ولّد ذلك شعورًا بألم لا مناص منه في قلبي.

عام 2014، ألقت الشرطة القبض على قائدة كنيسة كنت قد استضفتها، وبما أن ذلك حدث عند خروجها من منزلي، فَرَرنا أنا وزوجتي في الحال خوفًا على سلامتنا. حدث ذلك في أوائل الربيع، وكان البرد قارسًا. لم يكن في وسعنا الذهاب إلى أي مكان. وفي وسط عذابي، فكرت: "لقد تجاوزنا بالفعل 60 عامًا، وزوجتي تعاني من مرض تكهف النخاع الخلقي، وهي شديدة الهشاشة. فإلى أين سنذهب؟" لاحقًا، ساعدتنا إحدى الأخوات على إيجاد مكان نقيم فيه لبعض الوقت. ثم سمعت أن اثنتين من الأخوات اللتين كنت قد استضفتهما، تعرّضتا بدورهما للاعتقال. عند سماع أخبار الاعتقالات المتتالية، ذُعرت، وبات التوتر قوتي اليومي، إذ كنت أخشى اقتحام الشرطة في أي وقت. آنئذ، استخدمت مجموعة من معدات تدليك القدمين والعناية بهما كغطاء للتمويه، وللاستمرار في استضافة الآخرين.

بعدئذ في عام 2017، قالت إحدى الأخوات إن ابن الأسرة التي كانت تستضيفها عاد إلى المنزل. كان الابن ملحدًا، ومعارضًا لإيمان والدته، لذا كان على الأخت أن تغادر. استضفناها أنا وزوجتي، إذ أدركنا حجم معاناتها. بعد فترة وجيزة، سمعنا أن الحزب الشيوعي الصيني كان يخطط للقيام بمداهمات شاملة، تستهدف بشكل خاص مستأجري المساكن. شعرت بالقلق، وفكّرت: "نحن مستأجرون، فماذا سأقول للشرطة إذا أقدمت على تفتيش المنزل علمًا أن هذه الأخت تقيم هنا؟ إنها تؤدي واجبًا هامًّا. إذا قُبِض عليها بالفعل، سنتورّط بدورنا. كذلك تعاني زوجتي من الهشاشة، وستتأثر إن حدث شيء. إن صحتها قد تنتكس في أي لحظة". خشيت زوجتي من أن تتعرّض للاعتقال، وطلبت مني أن أحمل الأخت على المغادرة. شعرت أن من الخطأ طردها، إذ لم يكن لديها مكان تذهب إليه، ناهيك عن شدة برودة الطقس. تحدثت مع زوجتي بشأن السماح لها بالبقاء. غضبت زوجتي وطلبت مني التفكير في العواقب. فكّرت: "إن هجمات الحزب الشيوعي الصيني على المؤمنين تشتد شيئًا فشيئًا، ولديهم سجل بجميع أسمائنا الحقيقية. إذا اكتشفت الشرطة إيماننا، وعرفت أننا نستضيف مؤمنين، فمن المستحيل أن يتركوننا وشأننا. ستُلغى معاشاتنا التقاعدية، وتُحتجز ممتلكاتنا. أمضينا العمر كله نعمل جاهدين لجمعها. كيف سنعيش إذا خسرناها؟ ليس ذلك فحسب، بل قد يضرُّ ذلك أيضًا بمستقبل أطفالنا. لقد تجاوزنا بالفعل 60 عامًا، وحالتنا الصحية سيئة. فهل سيمكننا حتى أن نحتمل التعذيب إذا سُجِنَّا؟ إن لم نستطع ذلك، نصبح مثل يهوذا، ونخسر غاياتنا. وعندها ستكون جميع سنوات إيماننا قد ضاعت سدى". فكرت كيف أنني سأُغضب زوجتي إن لم أستمع إليها. بعد التفكير برويّة، رضخت وتحدثت إلى الأخت بشأن ضرورة مغادرتها إلى مكان آخر. بعد شهر، كانت لا تزال تقيم معنا، وكنت أخشى من حدوث خطب. لذا كنت أتوجّه إليها غالبًا بأسئلة على غرار "متى ستغادرين؟" و"هل وجدتِ مكانًا آخر أم بعد؟" كنت أطردها بالفعل وإن بطريقة غير مباشرة. لكن شعرت حقًّا بالذنب عند قيامي بذلك. بعد فترة وجيزة، وجدت الأخت مكانًا، وغادرت، ومع ذلك، لم أتفكر في نفسي إطلاقًا.

في يوم رأس السنة الصيني لعام 2018، أبلغتنا الأخت لي لان أن مسكنها مُراقب، وسألت عما إذا كان يمكنها أن تقيم معنا لبضعة أيام إلى أن تكون قد وجدت مسكنًا لها. لم أفكر مليًّا في الأمر، إذ أردت فقط مساعدة الأخت على إيجاد مكان تلتجئ إليه. ما إن أقامت الأخت معنا، حتى بدأت تشارك غالبًا في الاجتماعات، ما كان يجعلني أشعر باستياء بالغ. "إنه عيد رأس السنة الصينية. قد تغتنم الشرطة الفرصة للقيام بمداهمات جماعية. إذا اعتُقلَتْ، لن نتمكن من الفرار، وسنتورّط بدورنا". ترسّخ لديّ الشعور بأنه كلما طالت مدة إقامة الأخت معنا، أصبح الخطر أكبر. فكّرت في مستقبل أولادي، وسلامتي، واختلقت الأعذار لمحاولة حمل الأخت على الإسراع في المغادرة. لاحقًا، فكرت أن الأخت لي لان كانت تذهب دائمًا للمشاركة في الاجتماعات، وبالتالي يمكنها ربما أن تقيم حيث تعقد هذه الاجتماعات. أبلغت الأخت بهذه الفكرة، فلم يعد أمامها سوى المغادرة، وملامح الاستغراب تعلو وجهها. لم أستضف أي شخص آخر بعدئذ، وقمت بواجبات أخرى فحسب. في ربيع عام 2021، أتت إحدى القائدات للتحدث معي، وسألت ما إذا كان يمكن لثلاثة إخوة أن يقيموا معنا لفترة وجيزة. كنت على وشك الموافقة، لكن زوجتي قالت: "هل يمكننا أن نقرّر غدًا؟" بعد مغادرة القائدة، قالت زوجتي: "يقولون إنها مؤقتة فحسب، لكن ماذا لو طالت مدة إقامتهم وقُبض عليهم؟ علينا أن نجد مبررًا للرفض. يمكننا القول إن إحدى القائدات التي كانت تقيم معنا سابقًا تعرّضت للاعتقال، وأن منزلنا ليس آمنًا، وبالتالي لا يمكننا استضافة أي شخص". كنت أيضًا متوترًا بعض الشيء، لذا وافقت على الفكرة. لكن كم دُهِشْتُ عندما أبلغتني القائدة حتى قبل أن أقدّم أي عذر: "لقد وجد الإخوة بالفعل مكانًا لإقامتهم. كذلك أُلقِي القبض على القائدة التي كانت تقيم معكما، لذا لا يعدّ مسكنكما آمنًا. كذلك ينبغي عليكما تعليق القيام بواجباتكما مؤقتًا". انقبض قلبي عند سماع ذلك. أدركت أن هذا هو غضب الله الذي حلّ عليّ. إن الله يعلم أعماق قلوبنا. رغم أنني لم أقل صراحة إنني لا أودّ استضافة الإخوة، فقد رغبت في ذلك من الداخل. لقد رفضت واجبي. وطردت إخوتي وأخواتي. هل أثار موقفي هذا تجاه واجبي غضب الله فرتّب هذه الظروف لكي أعلّق القيام بواجبي مؤقتًّا؟ اعتراني فجأة شعور عميق بالقلق والفراغ، وكنت كمن يسقط في الظلمة ويُعاقَب. صليت إلى الله: "يا الله! إن تعليق واجبي ليس مجرّد صدفة، بل يجب أن تكون مشيئتك. أرجو أن تمنحني الاستنارة وترشدني لأتعلم درسي". لاحقًا، قرأت كلام الله. "تبقونني خارجًا من أجل أبنائكم أو أزواجكم، أو لحماية ذواتكم، وبدلاً من أن تهتموا بي، تهتمون بأُسَرِكم وأبنائكم ومكانتكم ومستقبلكم ومسراتكم الخاصة. متى فكرتم فيَّ في حديثكم أو أفعالكم؟ عندما يكون الجو باردًا، تتجه أفكاركم إلى الأبناء أو الزوج أو الزوجة أو الوالدين، وعندما يكون حارًا، فلا يكون لي مكان في أفكاركم أيضًا. عندما تضطلع بواجبك، فإنك لا تفكر إلا في مصلحتك الشخصية وسلامتك الشخصية وأفراد أسرتك. فأي شيء فعلتَ من أجلي؟ متى فكرتَ فيَّ؟ متى كرَّستَ نفسك لي ولعملي مهما كانت التكلفة؟ أين دليل توافقك معي؟ أين حقيقة ولائك لي؟ أين حقيقة طاعتك لي؟ متى لم تكن نواياك سوى الفوز ببركاتي؟ إنكم تستغفلونني وتخدعونني وتلهون بالحق وتخفون وجوده وتخونون جوهر الحق، وتضعون أنفسكم في عداوة معي، فما الذي ينتظركم في المستقبل إذًا؟ إنكم لا تنشدون سوى التوافق مع إله غامض، وتسعون نحو معتقد مبهم فحسب، لكنكم لستم في توافق مع المسيح. ألا يستحق خبثكم نفس العقاب الذي يستحقه الأشرار؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. يجب أن تبحث عن طريق التوافق مع المسيح). كشف كلام الله حالتي. منذ أن تعرّض الأشخاص الذين كنت أستضيفهم للاعتقال، وأنا أعيش في حالة من الخوف. من أجل حماية نفسي، اختلقت الأعذار لطرد الأخوات، وعندما أجرت القائدة ترتيبات لأستضيف أشخاصًا آخرين، رفضت، ولفّقت كذبة للامتناع عن ذلك. عند التفكير مجددًا في هذه الأمور، هل يمكنني أن أعدّ نفسي مؤمنًا بالفعل؟ بينما كان الآخرون يواجهون الأخطار، كنت أفكر فقط في كيفية إبعادهم، وفي سلامتي الشخصية. كنت عديم الإنسانية، وأنانيًّا، وحقيرًا! لقد أظهرت أكبر قدر من الاهتمام بأولادي، خوفًا من أن يُعانوا. بصرف النظر عن شدة الخطر، كنت مستعدًّا لمواجهته في سبيل حماية أطفالي. ومع ذلك، كنت عديم الإحساس تجاه إخوتي وأخواتي. عند تفكيري بذلك، شعرت أنني كنت غير إنساني للغاية، وتأسفت وكرهتُ ذاتي. قرأت المزيد من كلام الله. "ما المعيار الذي يُحْكَمُ به على أفعال الشخص على أنها أفعالٌ خيِّرةٌ أو شرِّيرة؟ يعتمد ذلك على ما إذا كانوا في أفكارهم وتعبيراتهم وأفعالهم يمتلكون شهادة ممارسة الحقّ، والحياه بحسب حقيقته. إن لم يكن لديك هذه الحقيقة، أو لم تحيا بحسبها، فأنت إذًا شرِّيرٌ بلا شكٍّ. كيف ينظر الله إلى الأشرار؟ إن أفكارك وأفعالك الظاهرية لا تحمل شهادة لله، كما أنها لا تخزي الشيطان أو تهزمه، وبدلًا من ذلك فإنها تُخجِل الله، وهي مملوءة بالعلامات التي تُخزي الله. أنت لا تشهد لله ولا تبذل نفسك من أجله، ولا تفي بمسؤولياتك وواجباتك تجاه الله، وبدلًا من ذلك، تتصرف من أجل مصلحتك. ماذا تعني جملة "من أجل مصلحتك"؟ لأكون دقيقًا، إنها تعني من أجل الشيطان. لذلك، سيقول الله في النهاية: "ٱذْهَبُوا عَنِّي يافَاعِلِي ٱلْإِثْمِ!" أنت في عينَي الله لم تعمل أعمالًا حسنة، وإنما تحوَّل سلوكك إلى الشر. ولن يفشل ذلك في نيل استحسان الله فحسب، بل سيُدان. ماذا يسعى من له مثل هذا الإيمان بالله لربحه؟ ألن يكون هذا الإيمان في النهاية هباءً؟ لأن كل من يؤدي واجبه، بغض النظر عن مدى عمق فهمه للحق أو ضحالته، فإن أبسط طريقة للممارسة للدخول في حقيقة الحق هي التفكير في مصالح بيت الله في كل شيء، والتخلِّي عن الرغبات الأنانية، والنوايا الفردية، والدوافع، والتكبر، والمكانة. ضع مصالح بيت الله أولًا – هذا أقل ما يجب أن يفعله المرء. إذا كان الشخص الذي يقوم بواجبه لا يستطيع حتى القيام بهذا، فكيف يمكن أن يُقال إنه يؤدي واجبه؟ هذا لا يعني أداء الشخص لواجبه" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن كسب الحرية والتحرير إلّا بتخلص المرء من شخصيته الفاسدة). إن الله هو من يحكم ما إذا كان الشخص صالحًا أو سَيِّئًا، استنادًا إلى مدى توافق نوايا ذلك الشخص وأفكاره وأفعاله وسلوكه مع الحقّ. تفكّرت فيما قمت به. بصرف النظر عما إذا كان ذلك يتعلق بأفكاري أو أفعالي، لم أكن أسعى سوى إلى تحقيق مصالحي الشخصية، ولم أراعِ مشيئة الله. لقد طارد التنين العظيم الأحمر أعضاء الكنيسة، واضطهدهم لنشرهم الإنجيل. كانوا مشرّدين ومُلَاحقين، وعندما كانوا لا يجدون مكانًا يلجأون إليه، كانوا يعجزون عن أداء واجباتهم بأمان. لكنني كنت أخشى من تعريض نفسي للخطر في سبيلهم، وأردت أن أتخلص منهم فحسب، ما كان يجعل الأمور أكثر سوءًا بالنسبة لهم. كم كنت أنانيًّا وخبيثًا وعديم الإنسانية! لو كنت أتمتع بأدنى قدر من الإنسانية، أو بقلب يخاف الله، لتعيّن علي احترام مشيئة الله، ومراعاة سلامة الآخرين عند تعرّضهم للخطر، ولكنت فكّرت في وسائل لاستضافتهم وحمايتهم. قال الرب يسوع: "ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلَاءِ ٱلْأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ" (متى 25: 40). وسط وضعٍ مُروِّع، رفضت استضافة إخوتي وأخواتي الذين كانوا يتعرضون للاضطهاد. سلّطت هذه الأفعال الضوء على موقفي تجاه الله. كنت عديم الإنسانية تمامًا. ولو طُلب مني استضافة المسيح، لتصرفت بنفس الأسلوب. عندما فكرت كيف أنني قمت بطرد إخوتي وأخواتي، جزعت، وشعرت أنني تسببت في حدوث كارثة كبيرة، وعانيت الألم والعذاب. صليت إلى الله: "يا الله، كنت عديم الإنسانية. لقد أكلت كلماتك وشربتها، لكنني تجاهلت مشيئتك. عجزت عن استضافة إخوتي وأخواتي خلال مِحَنهم، واختلقت الأعذار لطردهم. إن أفعالي وسلوكياتي مقيتة وبغيضة بالنسبة لك. وفيما يتعلق بالظلمة والألم اللذين وقعت فيهما، لا يسعني إلا أن ألوم نفسي، لأن ذلك يعكس برّك بالكامل. أشكرك وأسبّحك! يا الله، إذا سنحت لي الفرصة لأستضيف من جديد، سأتوب إليك، وأصلح طرقي حتمًا، وأقوم بواجبي كما ينبغي!"

بعد فترة وجيزة، توجّهت لأداء واجب في مكان آخر. شعرت بالامتنان العميق تجاه الله، وثمّنت هذه الفرصة. لكن بعد حين، أصيبت زوجتي بمرض خطير، وفارقت الحياة. قبل وفاتها، تركت لي هذه الكلمات: "إن لم أستطع أن أذهب للقيام بواجبي غدًا، فعليك أن تؤدي واجبك بشكل جيد". كانت آخر كلمات زوجتي مترعة بالأسف ولم يكن في وسعي إلا أن أتفكّر. فكرت في سلوك زوجتي وأفعالها، وكيف أنها لم تسعَ سوى إلى حماية مصالحها الخاصة، ولم تكن وفيّة أو مطيعة. أصيبت بالجبن فَلَم تستضف الإخوة والأخوات. حتى أنها كانت تحثني وتحرّضني على طردهم من منزلنا. كان ذلك عملًا شريرًا. إن كلماتها الأخيرة جعلتني أعتقد أنها كانت تشعر بالذنب والندم تجاه واجبها. دقت وفاة زوجتي ناقوس الخطر في داخلي، وجعلتني أدرك أنني لا أستطيع الاستمرار في أداء واجبي كما كنت أفعل. إذا انتظرت إلى ساعة موتي لأقوم بواجبي، سيكون الأوان قد فات. صليت إلى الله: "يا الله، أنا أبلغ من العمر 70 عامًا، ولا يمكنني القيام بأي واجبات أخرى. من خلال نعمتك فقط، يمكنني أن أستضيف. كنت أنانيًّا في السابق، ولم أكن مضيفًا صالحًا، وارتكبت تعديَّات كثيرة. سأتوب وأقضي الوقت المتبقي من عمري في السعي إلى الحق والقيام بواجبي".

بعد ذلك، تفكرت أيضًا في السبب الرئيسي لخوفي من التعرض للاعتقال، وقلقي المفرط على السلامة والحفاظ على ممتلكاتي، ومستقبل أولادي. لاحقًا، قرأت هذا في كلام الله. "يتجاهل أضداد المسيح غالبًا سلامة الإخوة والأخوات أثناء حماية أنفسهم. بصرف النظر عن وجود "إيمان" لديهم بخصوص حماية أنفسهم و"إيكال" أنفسهم تمامًا إلى الله، فإنهم يهملون عمل الكنيسة وواجبهم. إنهم يتصرفون دون حماسة، ولا يأخذون أي شيء على محمل الجد. إذا كان أحد الأماكن آمنًا، أو كان يوجد عمل أو واجب قد يضمن سلامتهم ولا ينطوي على مخاطر، فإنهم يكونون إيجابيين للغاية ونشيطين في الذهاب إليه لإظهار "إحساسهم بالمسؤولية" و"ولائهم". وإذا كان بعض العمل ينطوي على مخاطر بالفعل ويمكن أن يُمنَى بالإخفاق، فإنهم يختلقون أعذارهم، وينقلونه إلى شخص آخر، ويجدون فرصة للتهرب منه؛ لكي يجد التنين العظيم الأحمر مَن فعله. بمجرد وجود خطر أو إشارة خطر، فإنهم يفكرون في طُرق لتخليص أنفسهم والتخلي عن واجبهم دون اهتمام بالإخوة والأخوات. فهم لا يهتمون إلا بإبعاد أنفسهم عن الخطر. قد يكونون مستعدين بالفعل في قلوبهم. وبمجرد ظهور الخطر يتخلون فورًا عن العمل الذي يؤدونه، دون اهتمام بكيفية سير عمل الكنيسة، أو الخسارة التي قد يُسبِّبها ذلك لمصالح بيت الله أو لسلامة الإخوة والأخوات. فما يهمهم هو الهروب، بل ولديهم خطة "الورقة الرابحة" لحماية أنفسهم: فبمجرد أن يداهمهم الخطر أو بمجرد اعتقالهم، يقولون كل ما يعرفونه، ويبرئون أنفسهم ويعفون أنفسهم من كل مسؤولية. إنهم بأمان إذًا، أليس كذلك؟ فلديهم حتى خطة كهذه. هؤلاء الناس غير مستعدين لتحمل الاضطهاد بسبب إيمانهم بالله، وهم خائفون من الاعتقال والتعذيب والإدانة. والحقيقة هي أنهم استسلموا للشيطان منذ زمن طويل. إنهم مذعورون من جبروت النظام الشيطاني، وأكثر خوفًا من أن تصيبهم أمور مثل التعذيب والاستجواب القاسي. ولذلك، يعتبر أضداد المسيح أنه إن كان كل شيء يسير بسلاسة، ولا يوجد أي تهديد لسلامتهم، أو لا ينطويِ الأمر على مشكلة، ولا يوجد خطر محتمل، فقد يُضحّون بالمشاركة بحماستهم وولائهم وحتى بمواردهم. أمّا إن كانت الظروف سيئة، وكان من الممكن اعتقالهم في أي وقت بسبب الإيمان بالله وأداء واجبهم، وكان ثمة احتمال بأن يؤدي إيمانهم بالله إلى طردهم من منصبهم الرسمي أو تخلي المقربين عنهم، فسيكونون حذرين للغاية؛ فلا يعظون بالإنجيل، ولا يشهدون لله، ولا يؤدون واجبهم. وعندما توجد علامة طفيفة على وجود مشكلة، يصبحون ضعفاء خجولين؛ وعندما توجد أدنى بادرة للمتاعب، فإنهم يرغبون فورًا في إعادة كتبهم التي تحتوي على كلام الله وأي شيء يتعلق بالإيمان بالله إلى الكنيسة، ليحافظوا على سلامتهم دون أذى. أليس مثل هذا الشخص خطيرًا؟ إن اعتُقل، ألن يصبح مثل يهوذا؟ إن ضد المسيح خطير للغاية لدرجة أنه قد يصبح مثل يهوذا في أي وقت؛ فهناك احتمال دائم بأن يدير ظهره لله. وبالإضافة إلى ذلك، فهو أناني ولئيم إلى أقصى الحدود. وهذا يتحدد من خلال طبيعة ضد المسيح وجوهره" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الثاني)). يفحص الله بدقة أضداد المسيح الذين يمكنهم تقديم التضحيات والمعاناة ودفع الثمن إلا في ظروف آمنة. يبدو هؤلاء في الظاهر متفانين في واجبهم، لكن ما إن يواجهوا الأخطار، حتى يتراجعوا، ويختلقوا الأعذار والذرائع للتهرب من واجبهم، كما أنهم لا يقيمون أي وزن لعمل الكنيسة أو لسلامة الآخرين، ولا يفكرون سوى في أنفسهم. إنهم أنانيون خاصةً. عند مقارنة أفعالي وسلوكي بهم، ألم تكن شخصيتي مماثلة لضدّ المسيح؟ عندما آمنت بالله، اكتسبت في البداية نعمة وافرة منه. تحسنت بأعجوبة حالة عيني التي كانت أساسًا غير قابلة للشفاء، ولذا بذلت نفسي من خلال استضافة الآخرين بفرح. لكن عندما اكتشفت أن أولئك الذين استضفتهم تعرّضوا للاعتقال، وأنني قد أتورط في ذلك، وأن سلامتي ومصالحي الشخصية قد تتعرّض للخطر، امتنعت عن استضافة إخوتي وأخواتي، حتى أنني كنت أختلق الذرائع لطردهم، دون أي مراعاة لسلامتهم. رأيت أنني كنت أنانيًّا وحقيرًا، وعديم الإنسانية. فكرت في الفِخاخ والأشراك التي وضعها الحزب الشيوعي الصيني، وكيف أنه كان يستخدم مختلف الحيل لاعتقال المؤمنين، في محاولة عبثية منه لتدمير عمل الله، واعتقال شعب الله المختار. أُلقي القبض على أشخاص كثيرين، وشُرّد آخرون من خلال تلك الظروف المُروّعة والفظيعة. لا يريد الله رؤية هذا. وفي مثل هذه الأوقات، تستوجب الضرورة مراعاة مشيئته والمجازفة باستضافة هؤلاء الإخوة والأخوات. إنّ هذه أعمال صالحة، والله يذكرها. خشيت من أن أتعرّض للاعتقال، ولذا امتنعت عن استضافة أي أحد. لم أراعِ مشيئة الله على الإطلاق. كنت مجرّدًا من الضمير والعقل. تفكّرت أكثر، وأدركت أنني كنت أخشى التعرّض للاعتقال والموت لسبب واحد، وهو أنني كنت أفرط في تقدير حياتي. قال لنا الرب يسوع: "فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا" (متى 16: 25). جعلني كلام الرب أدرك أن حياتنا الأرضية عابرة، وأن الحياة الحقيقية أبدية. صُلِبَ بطرس رأسًا على عقب من أجل الله. ربما يكون خسر حياته الأرضية، لكنه ربح الحياة الأبدية. رغم أن الأشخاص الذين اعتُقلوا قد يتعرضون للتعذيب أو الضرب أو حتى القتل، إلا أنهم يتمسكون بالشهادة ويربحون ثناء الله. إن طريقة العيش هذه هي الوحيدة التي تعدّ ذات معنى وقيمة. عند التفكير بذلك، ربحتُ الإيمان والقوة، ولم أعد أشعر بالخوف كما في السابق.

في نهاية شهر ديسمبر، أتاني أخ، قائلًا إن المكان الذي يقيم فيه مع أخ آخر غير آمن، وسألني عما إذا كان بإمكانهما الإقامة معي لبعض الوقت. كان الأمر واضحًا جدًّا بالنسبة لي. كان الله يقدّم لي فرصة جديدة للتوبة، لذا وافقت على الفور. قدّمت لهم أيضًا احتياجاتهما اليومية. بعدئذ، تكثّفت الاعتقالات والاضطهادات التي يمارسها الحزب الشيوعي الصيني، وظللت أسمع أخبارًا عن إخوة وأخوات يتعرضون للاعتقال. كان الأخوان لا يزالان يقيمان معي، فشعرت بالخوف من أن أتعرّض للاعتقال، ومن توريط أولادي. لذا صليت إلى الله وقرأت كلامه. قرأت هذا في كلام الله. "بغضّ النظر عن مدى "قوّة" الشيطان، وبغضّ النظر عن مدى جرأته وتطلّعه، وبغضّ النظر عن مدى قدرته على إلحاق الضرر، وبغضّ النظر عن مدى اتّساع نطاق طرقه التي يُفسِد بها الإنسان ويغويه، وبغضّ النظر عن مدى مهارة الحيل والمخططات التي يُرهِب بها الإنسان، وبغضّ النظر عن مدى قابليّة هيئته التي يوجد عليها للتغيّر، إلّا أنه لم يقدر قط على خلق شيءٍ حيّ واحد، ولم يقدر قط على وضع قوانين أو قواعد لوجود جميع الأشياء، ولم يقدر قط على حكم ومراقبة أيّ كائنٍ، سواء كان حيًا أم غير حي. داخل الكون والجَلَد لا يوجد شخصٌ أو كائن واحد وُلِدَ منه أو يوجد بسببه؛ ولا يوجد شخصٌ أو كائن واحد يخضع لحكمه أو سيطرته. وعلى العكس، فإنه لا يتوجّب عليه أن يعيش في ظلّ سلطان الله وحسب، ولكن، علاوة على ذلك، يتعيّن عليه أن يطيع جميع أوامر الله وفروضه. فبدون إذن الله، من الصعب على الشيطان أن يلمس حتّى قطرة ماءٍ أو حبّة رملٍ على الأرض؛ وبدون إذن الله، لا يملك الشيطان حتّى حريّة تحريك نملةٍ على الأرض – ناهيك عن تحريك الجنس البشريّ الذي خلقه الله. يرى الله أن الشيطان أدنى من الزنابق على الجبل ومن الطيور التي تُحلّق في الهواء ومن الأسماك في البحر ومن الديدان على الأرض. يتمثّل دوره من بين جميع الأشياء في خدمة جميع الأشياء والعمل من أجل البشريّة وخدمة عمل الله وخطة تدبيره. وبغضّ النظر عن مدى خبث طبيعته وشرّ جوهره، فإن الشيء الوحيد الذي يمكنه عمله هو التقيّد الصارم بوظيفته: كونه خادمًا لله ونقطة تعارض لله. هذا هو جوهر الشيطان ووضعه. إن جوهره غير مرتبطٍ بالحياة غير مرتبط بالقوة وغير مرتبطٍ بالسلطان؛ إنه مُجرّد لعبةٍ في يد الله، مُجرّد آلةٍ في خدمة الله!" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (1)). منحني كلام الله الإيمان والقوة. كنت أعلم أن الله سيّد جميع الكائنات، وأن الشيطان مجرّد أداة في يده. يعدّ الشيطان مجرد وسيلة لتكميل شعب الله المختار. ومهما بدت قوى الشيطان قوية أو خبيثة أو متوحشة، إن لم يسمح الله لها بإلحاق الأذى بنا، فحتى الحزب الشيوعي الصيني الشرير سيكون عاجزًا عن فعل ذلك. لا يجرؤ الشيطان على تجاوز الحدود التي وضعها الله. إن هذا يقرره سلطان الله وحده. يُعزى خوفي من التعرّض للاعتقال، وخشيتي على أولادي، إلى عدم فهمي لسلطان الله وسيادته القديرة. إن تعرّضي أو عدم تعرّضي للاعتقال، وكذلك مستقبل أولادي وأحفادي، هما في يديّ الله وحده. لقد حسم الله هذه المسائل، ولا يمكن لأي شخص أن يغيّرها. فحتى لو قال الحزب الشيوعي الصيني إنه يُحظَر على ذريّة المؤمنين الذهاب إلى الجامعة، أو الالتحاق بالوظيفة العامة أو السلك العسكري، وإن ذلك يشمل أيضًا أقارب هؤلاء، لن يتمكن من تغيير مصير الإنسان، مهما بذل من جهود. إن ذلك يظهر جوهره الشرير والمقاوم لله والكاره لله فحسب. تزداد الكوارث. وسيُدمّر أولئك الذين لا يعبدون الله ولا يتوبون إليه. وسيُقضى على مستقبلهم. فقط من خلال المثول امام الله وممارسة الحق، يمكننا أن ننعم بالسلام والفرح وبمصير صالح. لذا وضعت عائلتي بين يدي الله، ورضخت له. عندما أعود بذاكرتي كيف أنني رفضت استضافة الآخرين، يتبيّن لي أنها كانت وصمة لا تُمّحى وعلامة عار في حياتي كمؤمن. ينبغي عليّ أن أتوقّف عن إيذاء الله. فحتى لو اعتقلني الحزب الشيوعي الصيني، سأؤدي واجبي، وأقوم باستضافة الإخوة والأخوات.

أستمر حاليًّا في أداء واجبي كمُضيف. بتّ أشعر بالاستياء من تصرفاتي السابقة. وينصب تركيزي على تقصّي الحق والتخلص من شخصيتي الفاسدة. بات قلبي أكثر سلامًا من أي وقت مضى! من خلال هذا الاختبار، رأيت أن عمل الله حكيم حقًّا. كشفت الاعتقالات التي قام بها التنين العظيم الأحمر عن فسادي وبيّنت لي أنني كنت أنانيًّا وغير مخلص في واجبي. لقد ربحتُ شيئًا من الفهم لفسادي، واستطعت أن أتغير. أنا ممتن حقًّا لله!

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

ما يكمن وراء الخوف من فتح قلبي

في مارس 2020 قبلت عمل الله القدير في الأيام الأخيرة، وسرعان ما بدأت أودي واجبًا. بعد فترة وجيزة، انتُخبت شماسة للإنجيل. لقد كنت متحمسة...

"احتجزني" والدي

في صيف عام 2020. حينذاك، أنا وشقيقتي ألبينا وقعت أعيننا بالصدفة على مقطع فيديو أعدته كنيسة الله القدير يدعى الاستيقاظ من الحلم. ذُكر في...

عندما أُخرِج والداي من الكنيسة

في أحد أيام أكتوبر 2018 قال لي أحد المشرفين، "تم إخراج والديك من الكنيسة. سمعت أنه بسبب تعطيل عمل الكنيسة". كنت مصدومة عندما سمعت الأخبار....

اترك رد