هل يضمن الخلاص بالإيمان دخول ملكوت الله؟
ينتشر وباء بلا هوادة، وبدأ حدوث الزلازل والفيضانات وأسراب الحشرات والمجاعات. ويعاني كثير من الناس من حالة من القلق المستمر، وينتظر المؤمنون بفارغ الصبر مجيء الرب على سحابة ليُرفعوا إلى السماء، للهروب من المعاناة خلال الكوارث ولتجنّب الموت. لا يعرفون لماذا لم يؤخذوا بعد لمقابلة الرب، ويحدقون في السماء طوال اليوم دون أن يروا شيئًا. كثير من الناس بائسون تمامًا، ولا سيما عند رؤية الوباء يحصد أرواح الكثير من رجال الدين في الكنيسة. يشعرون بعدم الارتياح، لأن الرب أقصاهم وسقطوا في الكوارث، ونجاتهم غير مؤكدة. يشعرون بالارتباك والضياع. تنبأ سفر الرؤيا بأن الرب يسوع سيأتي قبل الكوارث ويُصعدنا إلى السماء لمنعنا من التعرض لويلاتها. هذا هو أملنا. إيماننا هو الهروب من الكارثة وربح الحياة الأبدية. لكن الكوارث بدأت تتلاحق، فلماذا لم يأت الرب على سحابة لاستقبال المؤمنين؟ تُغفر خطايانا من خلال إيماننا، ونتبرر وننال نعمة الخلاص. لماذا لم نؤخذ إلى ملكوت السماوات؟ لقد انتظرنا الرب متألمين سنوات عديدة وعانينا الكثير. لماذا لم يأت من أجلنا، ويرفعنا لنلقاه لنهرب من مأساة الكوارث؟ هل طرحنا الرب جانبًا بالفعل؟ هذه أسئلة تدور في خلد الكثير من المؤمنين. حسنًا، هل الخلاص بالإيمان يُدخلنا حقًا الملكوت؟ سأشارك معكم القليل من فهمي الشخصي لهذه المسألة.
ولكن قبل الشركة حول هذا الأمر، دعونا أولاً نوضح شيئًا واحدًا. هل فكرة التبرر بالإيمان يدعمها كلام الله بأي صورة كانت؟ هل قال الرب يسوع يومًا إن التبرير بالإيمان هو كل ما نحتاج إليه لدخول ملكوته؟ لم يفعل قط. هل شهد الروح القدس بذلك؟ لا. لذلك يمكننا أن نكون متأكدين أن هذه الفكرة هي مفهوم إنساني بحت، ولا يمكننا الاعتماد عليها للوصول إلى الملكوت. في الواقع، كان الرب يسوع واضحًا جدًا حول من يمكنه دخول الملكوت. قال الرب يسوع، "لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ. بَلِ ٱلَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ. كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِٱسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِٱسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِٱسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! ٱذْهَبُوا عَنِّي يافَاعِلِي ٱلْإِثْمِ!" (متى 7: 21-23). "ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ ٱلْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. وَٱلْعَبْدُ لَا يَبْقَى فِي ٱلْبَيْتِ إِلَى ٱلْأَبَدِ، أَمَّا ٱلِٱبْنُ فَيَبْقَى إِلَى ٱلْأَبَدِ" (يوحنا 8: 34-35). "فَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لِأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ" (اللاويين 11: 45). "من دون قداسة لن يُبصر إنسانٌ الرَّب" (عبرانيين 12: 14). قال لنا الرب يسوع بوضوح إن وحدهم من يفعلون مشيئة الله هم من يمكنهم دخول ملكوت السموات، وأن وحدهم من يهربون من الخطية ويتطهرون سيكون لهم مكان في الملكوت. هذا هو المعيار الوحيد لربح الدخول. هل يعني الافتداء من الخطية والتبرير بالإيمان أن شخصًا ما يفعل مشيئة الله؟ هل يعني ذلك أنه لم يعد يخطئ أو يتمرد على الله ويقاومه؟ بالطبع لا. يمكن لجميع المؤمنين بالرب رؤية حقيقة أنه على الرغم من افتدائنا وتبريرنا بالإيمان، فنحن نخطئ باستمرار، ونعيش في دوامة من ارتكاب الخطايا بالنهار والاعتراف بالليل. نعيش بألم عدم القدرة على الهرب من الخطية، فنحن لا نملك من أمرنا شيئًا. هناك أناس من كل الطوائف يغارون ويتخاصمون ويقاتلون من أجل الصيت والربح، ويغتابون بعضهم بعضًا. هذا شائع للغاية. وإيمان معظم الناس هدفه طمعهم في نعمة الله، لكنهم لا يفعلون كما يقول. يندفعون إلى الكنيسة عند مواجهة الأزمات، لكنهم في أوقات السلم يتبعون الاتجاهات الدنيوية. والكنائس تستضيف الحفل تلو الآخر. لا أحد يقدم شركة حول الحق أو يشارك شهادته الشخصية، ولكن فقط يتنافسون على من ينال أعظم النعم وأعظم البركات. مع اقتراب الكوارث العظيمة ورؤية أن الرب لم يأت حتى الآن على سحابة ليختطفهم، يبرد إيمان ومحبة الكثير من الناس، وقد بدأوا يلومون الله ويدينونه. بل إن البعض أنكره وخانه. تبيّن لنا الحقائق أن مغفرة الخطايا ونعمة الخلاص قد يعنيان أن يسلك الناس بصورة أفضل، لكن هذا لا يعني أنهم هربوا من الخطية برمتها، وأنهم لا يعصون الله، ولا سيما أنهم غير مطهرين وغير مستحقين للملكوت. هذا مجرد تمني. الآن يمكننا أن نرى هذه الحقيقة ونفهم لماذا قال الرب يسوع إن الذين بشروا وأخرجوا الشياطين باسمه هم فاعلو إثم، ولم يعرفهم قط. ذلك لأن الناس ما زالوا يخطئون على الرغم من مغفرة خطاياهم، ويلومون الرب ويحكمون عليه، وتملأهم الشكوى عندما يرون أن الرب لم يأت بعد، وقد بدأوا في إنكاره وخيانته. حتى إن البعض يقول إنهم سيلومون الرب إذا لم يختطفهم إلى الملكوت. هؤلاء الناس ليسوا أفضل من الفريسيين الذين ظلموا الرب يسوع وأدانوه، بل ربما، أسوأ منهم. يمكن للآخرين رؤية كيف يتصرفون بوضوح شديد، وهم في عيني الله فاعلو إثم بلا ريب. الله قدوس وبار، إذن هل سيسمح الله لأولئك الذين يخطئون باستمرار، ويحكمون على الله ويقاومونه بدخول السماء؟ بالطبع لا. وحينئذ، اعتقاد الناس أن التبرير بالإيمان سيدخلهم إلى الملكوت هو مفهوم يتعارض مع كلام الرب ومع الحق. إنه مفهوم وخيال بشري بحت ينبع من رغباتنا المتطرفة.
في هذه المرحلة، قد يذكر البعض أن الخلاص بالإيمان بواسطة النعمة له أساس كتابي: "لِأَنَّ ٱلْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ، وَٱلْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلَاص" (روما 10: 10). "لِأَنَّكُمْ بِٱلنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِٱلْإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ ٱللهِ" (أفسس 2: 8). لذلك إذا لم نتمكن من دخول الملكوت بهذه الطريقة، فماذا يعني "الخلاص" في الواقع؟ يخبرنا الله القدير عن سر الحق هذا. دعونا نلقي نظرة على ما ورد في كلماته. يقول الله القدير، "في ذلك الوقت، كان عمل يسوع هو فداء كل البشر، غُفِرَت خطايا كل مَنْ آمن به؛ فطالما آمنتَ به، فإنه سيفديك. إذا آمنتَ به، لن تعود بعد ذلك من ذوي الخطيئة، بل تتحرر من خطاياك. كان هذا هو المقصود بأن تخْلُص وتتبرر بالإيمان. لكن ظل بين المؤمنين مَنْ عصى الله وقاومه، ومَنْ يجب أن يُنزَع ببطء" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. رؤية عمل الله (2)]. "نال الإنسان غفران خطاياه، ولكن العمل المتعلق بكيفية التخلُّص من شخصيته الشيطانية الفاسدة لم يتم بداخله. نال الإنسان الخلاص وغفران خطاياه بفضل إيمانه، ولكن طبيعة الإنسان الخاطئة لم تُمحى وظلت بداخله كما هي. ... غُفرت خطايا الإنسان بسبب عمل صلب الله، ولكن استمر الإنسان في العيش بالشخصية الشيطانية الفاسدة القديمة. وعليه، يجب على الإنسان أن ينال الخلاص بالكامل من الشخصية الشيطانية الفاسدة لكي تُمحى طبيعته الخاطئة بالكامل ولا تعود لتظهر أبدًا، وهكذا تتغير شخصية الإنسان" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. سر التجسُّد (4)]. يمكننا أن نرى من هذا أن الرب يسوع قد صُلب كذبيحة خطية عن البشرية، ليفدينا من الخطية. كل ما علينا فعله هو الاعتراف والتوبة إلى الرب لكي تُغفر خطايانا. لم نعد مُدانين ومستوجبين الموت بموجب الناموس. لم يعد الرب يعتبرنا خطاة ولم يعد بإمكان الشيطان أن يشتكينا. يجوز لنا القدوم أمام الرب في الصلاة والتمتع بالسلام والفرح اللذين يمنحهما، بالإضافة إلى فيض نعمته. هذا ما يعنيه "الخلاص" هنا. الخلاص من أجل الإيمان يعني فقط مغفرة الخطايا، وعدم الإدانة بموجب الناموس. ليس الأمر كما يتخيل الناس، أنه بمجرد نيلهم الخلاص، يخلصون دائمًا ويكونون مستحقين لدخول الملكوت. ما يذكره الكتاب المقدس عن "الخلاص" هو ما وصفه بولس، لكن لا الرب يسوع ولا الروح القدس قالا ذلك قط. لا يمكننا استخدام أقوال البشر المسجلة في الكتاب المقدس كأساس لنا، فقط كلمات الرب يسوع. قد يسأل البعض أنه بما أن الرب قد غفر خطايانا، لم يعد الله ينظر إلينا كخطاة، بل دعانا أبرارًا، فلماذا لا نُرفع إلى الملكوت؟ صحيح أن الله دعانا أبرارًا، لكنه لم يقل إن مغفرة خطايانا جعلتنا مستحقين للملكوت، أو بما أن خطايانا قد غُفرت، لا يزال بإمكاننا ارتكاب أي نوع من الخطية وأن نظل مقدسين. يجب أن نفهم أن شخصية الله مقدسة وبارة، ولن يدعو أبدًا أي شخص يخطئ دائمًا بأنه مقدس، أو يصف شخصًا لا يزال خاطئًا بأنه خالٍ من الخطية. حتى المؤمن الذي غُفرت خطاياه يمكن أن يُلعن إذا قاوم الله وجدّف عليه. كما يقول الكتاب المقدس: "فَإِنَّهُ إِنْ أَخْطَأْنَا بِٱخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ ٱلْحَقِّ، لَا تَبْقَى بَعْدُ ذَبِيحَةٌ عَنِ ٱلْخَطَايَا" (عبرانيين 10: 26). لقد لعن الرب يسوع الفريسيين لأنهم حكموا عليه وأدانوه وقاوموه. أليست هذه حقيقة؟ يعلم جميع المؤمنين أن شخصية الله لن تتسامح مع أي إثم، وقال الرب يسوع: "كُلُّ خَطِيَّةٍ وَتَجْدِيفٍ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ، وَأَمَّا ٱلتَّجْدِيفُ عَلَى ٱلرُّوحِ فَلَنْ يُغْفَرَ لِلنَّاسِ. وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ عَلَى ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ، لَا فِي هَذَا ٱلْعَالَمِ وَلَا فِي ٱلْآتِي" (متى 12: 31-32). إن غفران الخطايا هو حقًا نعمة من الله، ولكن إذا استمر الناس في الإساءة إلى شخصية الله بعد أن يغفر لهم، لا يزال من الممكن أن يلعنهم الله ويعاقبهم. إذا صلبنا الله من جديد، ستكون العواقب وخيمة. ولكن الله محبة ورحمة، لذلك يريد أن يخلصنا من الخطية والشر حتى نصبح قديسين. لهذا السبب وعد الرب يسوع أنه سيأتي مرة أخرى بعد عمل الفداء. لماذا يعود؟ لخلاص البشرية بالكامل من الخطية ومن قوى الشيطان، حتى نتمكن من الالتفات إلى الله وأن يربحنا. وحده المؤمن الذي يرحب بعودة الرب له رجاء في دخول ملكوت السماوات. في هذه المرحلة، قد يتساءل بعض الناس، بما أن خطايانا غُفرت، كيف نهرب حقًا من الخطية ونصبح مقدسين ونربح دخول الملكوت؟ هذا يقودنا إلى النقطة الرئيسية. قبول مغفرة الرب يسوع فقط لا يكفي. علينا أيضًا أن نرحب بمجيء الرب وأن نقبل خطوته التالية في العمل من أجل الهروب من الخطية، ونيل خلاص الله بالكامل، وبالتالي نكون مستحقين للملكوت. تمامًا كما تنبأ الرب يسوع: "إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لِأَقُولَ لَكُمْ، وَلَكِنْ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا ٱلْآنَ. وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ ٱلْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْحَقِّ" (يوحنا 16: 12-13). "وَإِنْ سَمِعَ أَحَدٌ كَلَامِي وَلَمْ يُؤْمِنْ فَأَنَا لَا أَدِينُهُ، لِأَنِّي لَمْ آتِ لِأَدِينَ ٱلْعَالَمَ بَلْ لِأُخَلِّصَ ٱلْعَالَمَ. مَنْ رَذَلَنِي وَلَمْ يَقْبَلْ كَلَامِي فَلَهُ مَنْ يَدِينُهُ. اَلْكَلَامُ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ هُوَ يَدِينُهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَخِيرِ" (يوحنا 12: 47-48). "لِأَنَّ ٱلْآبَ لَا يَدِينُ أَحَدًا، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ٱلدَّيْنُونَةِ لِلِٱبْنِ. ... وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا أَنْ يَدِينَ أَيْضًا، لِأَنَّهُ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ" (يوحنا 5: 22، 27). وأيضًا "لِأَنَّهُ ٱلْوَقْتُ لِٱبْتِدَاءِ ٱلْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ ٱللهِ" (1 بطرس 4: 17). إذا فكرنا في هذا بعناية، يمكننا أن نرى أن الرب يسوع سيعود في الأيام الأخيرة كابن الإنسان، معبرًا عن الحقائق وقائمًا بعمل الدينونة، وقائدًا لنا للدخول في كل الحقائق، حتى يمكن أن نتحرر تمامًا من الخطية، ومن قوى الشيطان، ونحقق الخلاص الكامل. إذن قبول دينونة الله في الأيام الأخيرة وتطهير فسادنا هو طريقنا الوحيد إلى ملكوت السماوات. دعونا نلقي نظرة على مقطعين آخرين من كلام الله القدير. يقول الله القدير، "قبل أن يُفتدى الإنسان، كان العديد من سموم الشيطان قد زُرِعَت بالفعل في داخله. وبعد آلاف السنوات من إفساد الشيطان، صارت هناك طبيعة داخل الإنسان تقاوم الله. لذلك، عندما افتُدي الإنسان، لم يكن الأمر أكثر من مجرد فداء، حيث اُشتري الإنسان بثمن نفيس، ولكن الطبيعة السامة بداخله لم تُمحَ. لذلك يجب على الإنسان الذي تلوث كثيرًا أن يخضع للتغيير قبل أن يكون مستحقًّا أن يخدم الله. من خلال عمل الدينونة والتوبيخ هذا، سيعرف الإنسان الجوهر الفاسد والدنس الموجود بداخله معرفًة كاملة، وسيكون قادرًا على التغير تمامًا والتطهُّر. بهذه الطريقة فقط يمكن للإنسان أن يستحق العودة أمام عرش الله" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. سر التجسُّد (4)]. "مع أن يسوع قام بالكثير من العمل بين البشر، فإنه لم يكمل سوى فداء الجنس البشري بأسره وصار ذبيحة خطية عن الإنسان، ولم يخلص الإنسان من شخصيته الفاسدة كلها. إن خلاص الإنسان من تأثير إبليس خلاصًا تامًّا لم يتطلّب من يسوع أن يحمل خطايا الإنسان كذبيحة خطية فحسب، بل تطلّب الأمر أيضًا عملًا ضخمًا من الله لكي يخلص الإنسان تمامًا من شخصيته التي أفسدها إبليس. ولذلك بعدما نال الإنسان غفران الخطايا عاد الله ليتجسَّد لكي ما يقود الإنسان إلى العصر الجديد، ويبدأ عمل التوبيخ والدينونة، وقد أتى هذا العمل بالإنسان إلى حالة أسمى. كل مَنْ يخضع لسيادة الله، سيتمتع بحق أعلى وينال بركات أعظم، ويحيا بحق في النور، ويحصل على الطريق والحق والحياة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تمهيد). ألا يوضّح كلام الله القدير كل شيء؟ قام الرب يسوع بعمل الفداء في عصر النعمة، الذي كان ليغفر خطايا الإنسان ويفدينا منها – هذا صحيح. لكن طبيعة الناس الخاطئة لم تُحل ونستمر في مقاومة الله، لذا لا يُعتبر هذا خلاصًا كاملًا. لقد جاء الله القدير في الأيام الأخيرة، معربًا عن الكثير من الحقائق، ويقوم بعمل الدينونة بدءًا من بيت الله على أساس فداء الرب يسوع. لقد جاء ليطهر البشر تمامًا ويخلصهم، ليأخذنا إلى ملكوت الله. عمل دينونة الله في الأيام الأخيرة هو أهم أعماله وأكبرها لخلاص الإنسان، وهو الطريق الوحيد لنا لكي نتطهر ونخلص بالكامل. هذه فرصة ذهبية وفرصتنا الوحيدة لدخول ملكوت السماوات. يمكننا القول إن دينونة الله القدير التي تبدأ من بيت الله هي عمل اختطاف المؤمنين. يمكن تطهير فسادنا من خلال دينونة الله وتوبيخه، وبعد ذلك سنكون محميين خلال الكوارث العظيمة وندخل ملكوت الله. هذا هو المعنى الحقيقي للاختطاف. إذا لم نواكب هذا العمل، مهما طال إيماننا، ومهما عانينا أو دفعنا الثمن، سيكون كل هذا عبثًا. هذا هو الاستسلام في منتصف الطريق، وكل جهودنا السابقة ستكون ضائعة. سينتهي بنا الأمر فقط إلى الوقوع في كارثة، والبكاء وصرير الأسنان. لن يدخل الله أبدًا شخصًا ما يزال قادرًا على التمرد عليه إلى ملكوته. هذا ما تحدده شخصيته البارة.
قد يسأل البعض كيف يعمل الله القدير عمل الدينونة هذا لتطهير البشرية وخلاصها. دعونا نرى ما يقوله حول ذلك. يقول الله القدير، "سيستخدم مسيح الأيام الأخيرة مجموعة من الحقائق المتنوعة لتعليم الإنسان، كاشفًا جوهره ومُمحّصًا كلماته وأعماله. تضم هذه الكلمات حقائق متنوعة، مثل واجب الإنسان، وكيف يجب عليه طاعة الله، وكيف يكون مُخلصًا لله، وكيف يجب أن يحيا بحسب الطبيعة البشرية، وأيضًا حكمة الله وشخصيته، وما إلى ذلك. هذه الكلمات جميعها موجَّهة إلى جوهر الإنسان وشخصيته الفاسدة؛ وبالأخص تلك الكلمات التي تكشف كيفية ازدراء الإنسان لله تعبّر عن كيفية تجسيد الإنسان للشيطان وكونه قوة معادية لله. في قيام الله بعمل الدينونة، لا يكتفي بتوضيح طبيعة الإنسان من خلال بضع كلمات وحسب، إنما يكشفها ويتعامل معها ويهذّبها على المدى البعيد. ولا يمكن الاستعاضة عن كل هذه الطرق في الكشف والتعامل والتهذيب بكلمات عادية، بل بالحق الذي لا يمتلكه الإنسان على الإطلاق. تُعد الوسائل من هذا النوع دون سواها دينونة، ومن خلال دينونة مثل هذه وحدها، يمكن إخضاع الإنسان وإقناعه اقتناعًا كاملًا بالله؛ لا بل ويمكنه اكتساب معرفة حقيقية عن الله. يؤدي عمل الدينونة إلى تعرُّف الإنسان على الوجه الحقيقي لله وعلى حقيقة تمرّده أيضًا. يسمح عمل الدينونة للإنسان باكتساب فهمٍ أعمق لمشيئة الله وهدف عمله والأسرار التي يصعب على الإنسان فهمها. كما يسمح للإنسان بمعرفة وإدراك جوهره الفاسد وجذور فساده، إلى جانب اكتشاف قبحه. هذه هي آثار عمل الدينونة، لأن جوهر هذا العمل هو فعليًّا إظهار حق الله وطريقه وحياته لكل المؤمنين به، وهذا هو عمل الدينونة الذي يقوم به الله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. المسيح يعمل عمل الدينونة بالحق). لقد عبَّر الله القدير عن ملايين الكلمات في الأيام الأخيرة، وهو يخبرنا بكل الحقائق التي نحتاجها لتطهير فسادنا ولخلاصنا. إنه يدين طبيعتنا الشيطانية الخاطئة والمعادية لله وجميع جوانب شخصياتنا الفاسدة ويكشفها، وهو يكشف كل ما في أعماقنا، وأكثر دوافعنا ومفاهيمنا استتارًا وحقارة. كلما زدنا من قراءة كلام الله، اختبرنا هذه الدينونة أكثر، وأصبح بإمكاننا أن نرى كيف أفسدنا الشيطان بشكل لا يصدق، وكم نحن مغرورون ومقاومون للآخرين. نحن ماكرون وأنانيون وجشعون للغاية، ونعيش وفقًا للفلسفات والقوانين الشيطانية في كل شيء، ونحمي دائمًا مصالحنا الخاصة. حتى إيماننا وعملنا للكنيسة هو من أجل الحصول على مكافآت ودخول الملكوت. ليس لدينا ضمير أو عقل، لكننا نحيا بالكامل بشبه الشيطان. بدينونة الله وتوبيخه، يمكننا أخيرًا أن نرى برّه الذي لا يقبل أي إثم. حقًا يرى الله ما في قلوبنا وعقولنا، حتى إن لم نقله، سيكشف الله ما نفكر فيه، والفساد الكامن في أعماق قلوبنا. مع عدم وجود مكان نختبئ فيه، نشعر بالخزي الشديد، وتصبح لدينا مخافة الله. يمكننا أن نصلي من أجل ما في قلوبنا، ونفتح قلوبنا بصدق بشأن خواطرنا وأفكارنا الخاطئة، ونربح الضمير والعقل. إذا قلنا كذبة، فسنكشف عنها على الفور، ونقدم توبة. بتجربة كلام الله بهذه الطريقة، تتطهر شخصياتنا الفاسدة تدريجيًا وتتغير، ويمكننا أن نعيش بشبه إنساني. من خلال دينونة الله القدير وتطهيره، يمكننا أن نشعر في أعماقنا بمدى عمليّة عمل الله لخلاص الإنسان! بدون هذا، لا يمكننا أن نرى فسادنا الفعلي، ولن نتوب حقًا أو نتغير أبدًا. يمكننا أن نرى أن الهروب من الشر لا يمكن أن يتم من خلال عملنا الجاد وضبط النفس، لكن من الضروري أن يديننا الله ويوبخنا ويختبرنا. يجب علينا أيضًا أن نتهذب ويتم التعامل معنا ونؤدّب. هذه هي الطريقة الوحيدة لتغيير شخصياتنا الحياتية حقًا ولنخضع لله بصدق ونتقيه. لذلك إذا كان لدينا فقط فداء الرب يسوع في إيماننا، تُغفر خطايانا ونتبرر بالإيمان، لكننا لا نستحق الملكوت. لا يزال يتعين علينا الترحيب بعودة الرب وقبول دينونة الله القدير حتى نتمكن من التخلص من الفساد وحل طبيعتنا الخاطئة تمامًا. وهكذا، فإن الله القدير هو الرب يسوع العائد، القائم بعمل الدينونة. إنه المخلّص الذي نزل ليعمل شخصيًا ليخلّص البشرية بالكامل. كثير من المؤمنين من جميع الطوائف يسمعون صوت الله ويقبلون الله القدير. إنهم العذارى الحكيمات وهم يحضرون عشاء عرس الخروف. ولكن أولئك الذين يرفضون الله القدير صاروا العذارى الجاهلات، وسيسقطون في الكوارث ويبكون. الآن يجب أن نرى لماذا لم ير العالم الديني الرب يسوع ينزل على سحابة. فهم يتمسكون بعناد بالكتاب المقدس الحرفي، وهم على يقين من أن الرب قادم على سحابة ليختطفهم، بناءً على أفكارهم الخاصة. لكن في الواقع، لقد جاء الرب بالفعل في الخفاء ليعمل. لقد عبّر الله القدير عن الكثير من الحقائق التي يرفضون طلبها. إنهم يسمعون ولكن لا ينصتون، ويرون ولا يفهمون. إنهم يقاومون الله القدير ويدينونه بشكل أعمى. يستمرون في التحديق في السماء، في انتظار أن ينزل المخلّص يسوع على سحابة. وهذا سيجلبهم إلى الكوارث. فمن الملوم؟
اليوم، كمّل الله القدير مجموعة الغالبين من خلال عمل دينونته في الأيام الأخيرة. بدأت الكوارث، وشعب الله المختار ينغمس في نشر إنجيل ملكوت الله القدير، والشهادة لظهور الله وعمله. المزيد والمزيد من الناس يبحثون في الطريق الحق ويقبلونه، وتتأسس كنيسة الله القدير في المزيد والمزيد من البلدان. ينتشر كلام الله القدير ويُشهد له في جميع أنحاء العالم. أولئك الذين يتعطشون إلى الحق ويطلبون ظهور الله سيأتون أمام عرشه، الواحد تلو الآخر. لا يمكن إيقاف هذا! فهو يحقق هذه النبوة الكتابية: "وَيَكُونُ فِي آخِرِ ٱلْأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ يَهْوَه يَكُونُ ثَابِتًا فِي رَأْسِ ٱلْجِبَالِ، وَيَرْتَفِعُ فَوْقَ ٱلتِّلَالِ، وَتَجْرِي إِلَيْهِ كُلُّ ٱلْأُمَمِ" (إشعياء 2: 2). لكن أضداد المسيح هؤلاء في العالم الديني الذين يقاومون الله القدير، ومن يُسمون بالمؤمنين الذين يضللونهم ويتحكمون بهم تعرضوا بالفعل للكوارث، وفقدوا فرصتهم في الاختطاف. إنهم يبكون ويصرّون على أسنانهم. إنها حقا مأساة. دعونا نشاهد مقطع فيديو يُقرأ فيه كلام الله لنختتم به حلقة اليوم. يقول الله القدير، "مسيح الأيام الأخيرة يهب الحياة، وطريق الحق الأبدي. هذا الحق هو الطريق الذي يستطيع الإنسان من خلاله أن يحصل على الحياة، وهو السبيل الوحيد الذي من خلاله يعرف الإنسانُ اللهَ ويتزكَّى منه. إن لم تَسْعَ نحو طريق الحياة الذي يقدمه مسيح الأيام الأخيرة، فلن تنال أبدًا تزكية يسوع، ولن تكون أهلًا لدخول ملكوت السموات، لأنك ستكون حينها ألعوبة وأسيرًا للتاريخ. أولئك الذين تتحكم فيهم الشرائع والحروف والذين يكبّلهم التاريخ لن يتمكّنوا مطلقًا من بلوغ الحياة ولن يستطيعوا الوصول إلى طريق الحياة الأبدي، فكل ما لديهم ليس إلا ماءً عكرًا تشبّثوا به لآلاف السنين، وليس ماء الحياة المتدفق من العرش. أولئك الذين لا يرويهم ماء الحياة سيبقون جثثًا إلى الأبد، ألعوبة للشيطان وأبناء للجحيم. كيف لهم حينذاك أن يعاينوا الله؟ لو كان كل ما تفعله هو محاولة التشبث بالماضي، والإبقاء على الأشياء كما هي بالوقوف جامدًا، وعدم محاولة تغيير الوضع الراهن وترك التاريخ، أفلا تكون دائمًا ضد الله؟ إن خطوات عمل الله هائلة وجبارة كالأمواج العاتية والرعود المُدوّية، لكنك في المقابل، تجلس وتنتظر الدمار دون أن تحرك ساكنًا، لا بل تتمسّك بحماقتك دون فعل شيء يُذكَر. بأي وجهٍ – وأنت على هذه الحال – يمكن اعتبارك شخصًا يقتفي أثر الحَمَل؟ كيف تبرر أن يكون الله الذي تتمسك به إلهًا متجدّدًا لا يشيخ مطلقًا؟ وكيف يمكن لكلمات كُتُبِكَ العتيقة أن تَعْبُر بك إلى عصرٍ جديدٍ؟ وكيف لها أن ترشدك في السعي نحو تتبّع عمل الله؟ وكيف لها أن ترتقي بك إلى السماء؟ ما تمسكه في يديك ليس إلا كلمات لا تستطيع أن تقدّم لك سوى عزاءٍ مؤقتٍ، وتفشل في إعطائك حقائق قادرة أن تمنحك الحياة. إن الكتب المقدسة التي تقرؤها لا تقدر إلا أن تجعلك فصيح اللسان، لكنها ليست كلمات فلسفية قادرة أن تساعدك على فهم الحياة البشرية، ناهيك عن فهم الطرق القادرة على الوصول بك إلى الكمال. ألا تعطيك هذه المفارقة سببًا للتأمّل؟ ألا تسمح لك بفهم الغوامض الموجودة فيها؟ هل تستطيع أن تقود نفسك بنفسك لتصل السماء حيث تلقى الله؟ هل تستطيع من دون مجيء الله أن تأخذ نفسك إلى السماء لتستمتع بسعادة العِشرَة معه؟ أما زلت تحلم حتى الآن؟ أشير عليك إذًا أن تنفض عنك أحلامك، وأن تنظر إلى مَنْ يعمل الآن، إلى مَنْ يقوم بعمل خلاص الإنسان في الأيام الأخيرة. وإن لم تفعل، فلن تصل مطلقًا إلى الحق ولن تنال الحياة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. وحده مسيح الأيام الأخيرة قادر أن يمنح الإنسان طريق الحياة الأبدية).
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.