اضطهاد حكومة الحزب الشيوعي الصيني القاسي يقوِّي محبتي لله

2019 نوفمبر 19

بقلم لي تشي – مقاطعة لياونينغ

في عام 2000، كان من حسن حظي أن سمعت بإنجيل ملكوت الله القدير. وبقراءة كلام الله، فهمت سر أسماء الله، وسر مرَّات تجسُّده، والحقائق المتعلِّقة بأمور مثل كيفية خلاص البشر من خلال المراحل الثلاث لعمل الله، وكيف أن هذه المراحل الثلاث تُغيَّر الإنسان وتطهِّره وتكمِّله تمامًا. أصبحت على يقين من أن الله القدير هو الرب يسوع العائد، وقبلت بسرور إنجيل ملكوت الله. بعد ذلك، شاركت بنشاط في حياة الكنيسة، وفي نشر الإنجيل والشهادة لله. وأصبحت في عام 2002 معروفة في جميع أنحاء المنطقة المحلية بتبشيري بالإنجيل، وأمسيت في خطر دائم من تعرضي لاعتقال شرطة الحزب الشيوعي الصيني. لم يكن أمامي خيار آخر سوى الفرار من منزلي حتى يتسنى لي الاستمرار في أداء واجبي.

لطالما استخدمت حكومة الحزب الشيوعي الصيني الهواتف كوسيلة لمراقبة المسيحيين واعتقالهم؛ لذلك لم أجرؤ على الاتصال بعائلتي بعد أن غادرت المنزل. بحلول أوائل عام 2003، كنت قد تركت عائلتي لمدة عام تقريبًا؛ لذا ذهبت إلى منزل حماتي لرؤية زوجي لأنني اشتقت إليهم كثيرًا. عندما رأى شقيق زوجي الأصغر أنني قد عدت، اتصل بأمي وأخبرها أنني في منزل حماتي. لكنني اندهشت عندما حضر – بعد ثلاث ساعات من وصولي – أربعة من رجال الشرطة من مكتب الأمن العام التابع للبلدية إلى منزل حماتي في سيارة شرطة. عندما دخلوا المنزل، قالوا لي بشراسة: "نحن من مكتب الأمن العام التابع للبلدية. أنتِ لي تشي، أليس كذلك؟ لقد كنتِ على قائمة المطلوبين لمدة عام تقريبًا، وها نحن قد أمسكنا بكِ في النهاية! سوف تأتين معنا". كنت خائفةً للغاية، وصلَّيت إلى الله في قلبي دون توقف قائلة: "يا الله القدير، إن اعتقال حكومة الحزب الشيوعي الصيني لي اليوم هو بسماح منك. لكن قامتي صغيرة، وأشعر بالخوف والجبن. أرجوك أرشدني واحمني، وامنحني الإيمان والقوة. مهما كانت الطريقة التي سيعاملونني بها، أود أن أتكل عليك وأتمسك بالشهادة، وأفضِّل أن أُسجن على أن أكون مثل يهوذا وأخونك". بعد الصلاة، فكَّرت في كلمات الله التالية: "وتمثل شخصيته الشرف والقوة والنبل والعظمة، والأهم من ذلك كله، السيادة. إن شخصيته رمز للسلطان، ورمز لكل ما هو بار، ورمز لكل ما هو جميل وصالح. أكثر من ذلك، إنها رمز لمَنْ لا يُغلب[أ] ولا يهزمه الظلام ولا أي قوة لعدو..." (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. من المهم جدًا فهم شخصية الله). قلت في نفسي: "هذا صحيح. الله له السيادة ويحكم كل الأشياء. وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، بذلت حكومة الحزب الشيوعي الصيني كل ما في وسعها لتعطيل وعرقلة نشر إنجيل ملكوت الله، ومع ذلك عاد الذين يؤمنون بالله بصدق ويسمعون صوته من كل ديانة وطائفة أمام عرشه لقبول خلاصه في الايام الاخيرة. يتضح من هذا أنه لا يمكن لأية قوة أن تعطِّل عمل الله، ولا يمكن لأي إنسان أن يقف في طريقه. ومع أنني وقعت الآن في أيدي شرطة الحزب الشيوعي الصيني، فإنهم هم أنفسهم في يدَيِ الله، ومع وجود الله إلى جانبي لا يوجد ما أخشاه!" منحني كلام الله الإيمان والقوة، وبدأت أهدأ تدريجيًا.

اصطحبوني إلى غرفة استجواب بعد وصولنا إلى مكتب الأمن العام التابع للبلدية، وأخذ رجال الشرطة حزامي، ونزعوا عني ملابسي وحذائي وجواربي، ثمَّ فتشوني. صاح بعد ذلك أحدهم قائلًا: "أسرعي وأخبرينا بكل ما تعرفينه. منذ متى وأنتِ تؤمنين؟ مَنْ الذي بشركِ بهذا؟ مَنْ هم قادة كنيستكِ؟ كم عدد الناس الذين بشرتيهم؟ ما دوركِ في الكنيسة؟" لم أجب عن الأسئلة التي وجهها لي، فأحرجه ذلك وسرعان ما غضب وصرخ قائلًا: "إذا لم تبدئي بالحديث، فلدينا العديد من الطرق التي تجعلكِ تتحدثين". وبينما كان يقول هذا، جذبني بقوة من المقعد وأسقطني على الأرض. وداس ضابطان على ساقيَّ بينما سحق اثنان آخران ظهري بقوة. ارتطم رأسي بالأرض تقريبًا، وكنت أجد صعوبة في التنفس. بعدها أخذ أحد رجال الشرطة قلم رصاص وحرَّكه حركة خفيفة إلى الأمام والخلف على طول تجاعيد قدميَّ، مما أشعرني بألم ودغدغة في الوقت نفسه. كان الأمر لا يطاق؛ إذ كنت أجد صعوبة في التنفس حتى إنني كنت على وشك الاختناق، وساورني شعور بالخوف من الموت. ثمَّ شرع أحدهم في تهديدي قائلًا: "هل ستتحدثين أم لا؟ إن لم تتحدثي، فسنعذبكِ حتى الموت!". شعرت بالخوف حقًا من مواجهة التعذيب والتخويف على يد عصابة الشرطة هذه، وكنت قلقة من أنهم سوف يعذبونني حتى الموت. كل ما استطعت فعله هو الاستمرار في الصلاة لله، طالبة منه أن يمنحني الإيمان والقوة، وأن يحميني حتى أتمسك بالشهادة ولا أكون أبدًا مثل يهوذا وأخونه. بعد الصلاة، راود ذهني كلام الله القائل: "الإيمان أشبه بجسرٍ خشبيّ مؤلف من جذع واحد، بحيث يجد الذين يتشبّثون بالحياة في وضاعةٍ صعوبةً في عبوره، أمّا أولئك الذين يستعدّون للتضحية بأنفسهم فيمكنهم المرور عليه دون قلقٍ. إذا كانت لدى الإنسان أفكار الخجل والخوف، فسوف ينخدع من الشيطان؛ إذ يخشى الشيطان أن نعبر جسر الإيمان للوصول إلى الله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس).. بفضل إلهام كلام الله، شعرت على الفور بقوة تزداد بداخلي، وأدركت أن جُبني وخوفي من الموت كانا نتيجة لتلاعب الشيطان بي. كانت حكومة الحزب الشيوعي الصيني تأمل عبثًا في إخضاعي لتعذيب قاسٍ كوسيلة لإجباري على الاستسلام لقوتها الاستبدادية، ولدفعي لبيع الكنيسة ولأصبح خائنة لله مثل يهوذا؛ لأنني كنت خائفة من الموت أو لأنني أردت تجنُّب أية معاناة. لم أكن لأسمح لمخطط الشيطان الماكر بأن ينجح بأية حال من الأحوال، وقرَّرت أن أتمسك بالشهادة لله حتى لو كان ذلك على حساب حياتي. واصلت الشرطة تعذيبي بالطريقة نفسها، لكنني لم أعد أشعر بالخوف الشديد، وحينها عرفت أن هذا كان الله مُظهرًا لي رحمته وحمايته، وشعرت تجاهه بامتنان يفوق العقل.

بعدها قيَّدني اثنان من رجال الشرطة إلى الكرسي ثانية، وسألوني بصرامة الأسئلة نفسها مرة أخرى. وعندما رأوا أنني لم أجبهم بشيء، زادوا من وطأة التعذيب. لقد سحبوا ذراعيّ للخارج بشكل مستوٍ، ثم جذبوهما بقوة خلف ظهري، وشعرت على الفور وكأنهما ستنقلعان، وتسبب الألم المبرّح الناجم عن ذلك في تصبُّب العرق من جسمي بأكمله، ولم يسعني سوى الصراخ بشدة. بعدها سحبوا ساقيَّ بحيث صارت قدماي فوق رأسي، ثم سحبوا ساقيَّ في اتجاهين متعاكسين. كنت على وشك فقدان الوعي بسبب الألم المبرح الناجم. لكن ظللت في قلبي أصلِّي إلى الله قائلة: "يا الله القدير، أرجوك امنحني الإيمان والقوة والعزيمة حتى أتحمَّل هذا الألم. لتكن سندي المتين الذي يعطي القوة لروحي. مهما كانت الخدع القاسية التي تستخدمها هذه الزمرة من الشياطين معي، فسأتكل عليك دائمًا وأتمسك بالشهادة". بعد أن صلَّيت، ظهرت في ذهني ترنيمة من كلام الله تقول: "البيت الأول عندما تأتي التجارب، قد يضعف الناس، وتنشأ مشاعر سلبية بداخلهم. قد يفتقرون إلى وضوح مشيئة الله أو أفضل طريق لديهم للممارسة. البيت الثاني لكن يجب أن يكون لديك إيمان بعمل الله، مثل أيوب، الذي كان ضعيفًا ولعن يوم ولادته، لكنه لم ينكر أن الله يعطي كل الأشياء وأنه يأخذها أيضًا. ... ما يكمله الله هو إيمانك وقراراتك. عندما لا يمكنك التلامس مع هذا أو رؤيته، هنا يأتي دور إيمانك. البيت الثالث الإيمان مطلوب متى لم تر الشيء بالعيان. عندما يكون مخفيًا عن العين المجردة، عندما لا يمكنك التخلي عن أفكارك، عندما لا تعرف عمل الله، تحلَّ بالإيمان، واثبت وتمسك بالشهادة. عندما وصل أيوب لهذه النقطة، ظهر الله له وتحدث إليه. الإيمان وحده هو ما يجعلك ترى الله ويسمح لله أن يكمِّلك" ("تتطلب التجارب إيمانًا" في "اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). منحني كلام الله إيمانًا وقوةً عظيمين. وتأملت في التجارب الهائلة التي مر بها أيوب، عندما ضربت الدمامل جسده بالكامل وكان يعاني من ألم مبرح. ومع ذلك، ومع ما عاناه من ألم، ظل قادرًا على طلب مشيئة الله، ولم يُخطئ بكلمة ولم ينكر الله، بل أطاع الله ومجَّد اسمه القدوس. تمتع أيوب بإيمان حقيقي بالله واتقاء له، وهذا هو السبب في أنه كان قادرًا على أن يتمسك بالشهادة لله ويُخزي الشيطان ويهزمه تمامًا، وفي النهاية، ظهر الله وتحدث معه. إن الشدة والتجربة اللتين حلتا بي الآن هما أيضًا بسماح من الله، ومع أنني لم أكن أفهم تمامًا مشيئة الله، وكان جسدي يعاني ألمًا شديدًا، كان الله هو الذي له القول الفصل بشأن ما إن كنت أعيش أو أموت، وبدون سماحه، لا يمكن للشرطة أن تأخذ حياتي أبدًا مهما كان مقدار تعذيبهم لي. بدا رجال الشرطة هؤلاء شرسين من الخارج، لكنهم أمام الله مجرد نمور من ورق، بل ومجرد أدوات في يَدي الله. فقد كان الله يستخدم وحشيتهم واضطهادهم لتكميل إيماني، وكنت أرغب في أن أبقى مخلصة لله، وأن أسلِّم نفسي تمامًا بين يديه، وأن أتكل عليه للتغلب على الشيطان، ولكي لا أخشى رجال الشرطة فيما بعد.

عذبني رجال الشرطة مرارًا وتكرارًا، وعندما رأوا أنني ما زلت لا أتحدث، التقط أحدهم مسطرة من الصُلب الأبيض يبلغ طولها حوالي 50 سم وبدأ يصفعني بها على وجهي بشراسة. لا أدري كم مرة صفعني بها، لكن تورَّم وجهي وكان يحترق من الألم. وكل ما استطعت رؤيته هو نجوم تطايرت أمام عيني وكان رأسي يطنّ. بعدها استخدم اثنان من رجال الشرطة أعقاب أحذيتهم الجلدية للدوس على فخذيَّ، وتسبَّبت كل ضربة في ألم مبرح. كان كل ما يمكنني فعله وسط معاناتي هو أن أدعو الله بجدية في قلبي، طالبة منه أن يحميني حتى أتمكَّن من التغلب على التعذيب القاسي الذي تعرضت له على يد شرطة الحزب الشيوعي الصيني.

في الساعة الثامنة من صباح اليوم التالي، دخل قائد لواء الشرطة الجنائية إلى غرفة الاستجواب، وعندما علم أن الشرطة لم تستطع الحصول على أية معلومات مني، قال بشراسة: "ترفضين الحديث، أليس كذلك؟ ها! سوف نرى!" ثم غادر. بعد ظهر ذلك اليوم، جاء إليّ ضابط سمين يحمل بطاقة هوية في يده وسألني: "أتعرفين هذه السيدة؟" أدركت على الفور أنها إحدى الأخوات من الكنيسة ومن نفس قريتي؛ ففكَّرت قائلة في نفسي: "يجب ألا أبيع أختي مهما كان الأمر". وهكذا أجبته: "كلا، لا أعرفها". ضاقت عيناه من شدة الغضب، وأخذ هراوة صعق كهربائية كانت موضوعة على الطاولة، وقال وهو يلوِّح بها أمام وجهي مهددًا: "أنتِ عنيدة. نعلم أنكِ قائدة في الكنيسة، لذا عليكِ أن تعترفي! كم عدد الأعضاء في كنيستكِ؟ أين هي أموال الكنيسة؟ إذا لم تخبريني، فسأذيقك ألم هراوة الصعق الكهربائية هذه!" عندما نظرت إلى الوجه الخبيث للشرطي، شعرت بخوف شديد وصلَّيت على الفور صلاة صامتة إلى الله. وعندها فقط ورد إلى ذهني كلام الله القائل: "لا تخف، سيكون الله القدير رب الجنود بلا ريب معك؛ هو يحمي ظهركم وهو دِرعكم" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس والعشرون). منحني كلام الله المملوء بالسلطان الإيمان والقوة، وشعرت على الفور وكأنه يوجد ما أستند إليه. وفكَّرت قائلة في نفسي: "إن الله قدير، وبغض النظر عن شر الشياطين والأرواح الشريرة، أليسوا أيضًا في يديَّ الله؟ لا يوجد ما أخشاه ما دام الله القدير هو سندي المتين". لذلك أجبت بهدوء قائلة: "أنا لا أعلم شيئًا". فقال الشرطي السمين بخبث: "هذا ما تحصلين عليه لعدم علمك بأي شيء!" وعندما قال هذا، لمس أصفاد يديّ بهراوة الصعق الكهربائية فسرت شحنة من التيار الكهربائي عبر جسمي كله في موجة من ألم لا يطاق – كان الألم لا يوصف. استمر الشرطي في صعقي بالهراوة، وعندما لم أستطع احتمالها أكثر، حدثت معجزة: نفدت الطاقة من الهراوة! لقد شاهدت قدرة الله وسيادته، كما اختبرت حقيقة أن الله كان دائمًا بجانبي، يحرسني ويحميني ويشفق على ضعفي. ازداد إيماني وتقوَّت عزيمتي على التمسك بالشهادة لله.

رأى رجال الشرطة لاحقًا أنني ما زلت لا أريد التحدُّث، ولذا تناوبوا على مراقبتي. لم يسمحوا لي بالأكل أو الشرب أو حتى النوم؛ إذ كنت في اللحظة التي أغفو فيها، كانوا يضربونني ويركلونني، على أمل أن يؤدي ذلك إلى كسر إرادتي. لكن الله أرشدني لأدرك مخططهم الماكر، وصلَّيت إلى الله في صمت، وترنَّمت في ذهني، وتأملت في كلام الله، وسرعان ما انتعشت روحي. من ناحية أخرى، ظل رجال الشرطة هؤلاء يشربون القهوة باستمرار، لكنهم بقوا متعبين حتى إنهم ظلوا يتثاءبون، وقال أحدهم في دهشة: "لا بُدّ وأنها تتمتع بقوة سحرية ما تبقيها قادرة على الاستمرار، وإلا كيف تجد كل هذه الطاقة؟" عندما سمعتهم يقولون هذا، سبَّحت قوة الله العظيمة مرارًا وتكرارًا؛ لأنني علمت في قلبي جيدًا أن كل هذا يرجع إلى إرشاد كلام الله، وأن قوة حياة الله ذاتها هي التي كانت تمسك بي وتمنحني الإيمان والقوة. ومع أنني لم أكن أعلم حينها أنواع التعذيب الأخرى القاسية التي كانت الشرطة تخبئها لي، فقد كنت أتمتع بإيمان الاتكال على الله لمواجهة الاستجوابات القادمة، وقرَّرت قائلة: لن أخضع أبدًا للسلطة الاستبدادية التي تمارسها حكومة الحزب الشيوعي الصيني، ولكني سأتمسَّك بالشهادة لله!

في مساء اليوم الثالث، سكب لي قائد لواء الشرطة الجنائية فنجانًا من الماء الساخن، وقال متظاهرًا بالاهتمام: "لا تكوني غبية الآن. لقد باعكِ شخص آخر بالفعل، فما الفائدة من تحمُّل كل هذا من أجل أناس آخرين؟ أخبريني بكل ما تعرفينه وحسب، وأعدك بأن أترككِ ترحلين. ابنكِ ما زال صغيرًا ويحتاج إلى حب والدته. يمكنكِ أن تتمتعي بحياة جيدة، ومع ذلك تهدرينها بالإيمان بإله ما! لا يستطيع الله أن ينقذك، لكننا نحن نستطيع. يمكننا مساعدتك في أية صعوبة قد تواجهكِ، كما يمكننا مساعدتكِ في العثور على وظيفة جيدة عندما تخرجين من هنا...". بينما كنت أنصت إليه وهو يتحدث، لم يسعني سوى التفكير في ابني الصغير، وتساءلت كيف حاله منذ اعتقالي. هل يسخر منه أصدقائي وأقاربي غير المؤمنين؟ هل يتنمَّر به زملاؤه في المدرسة؟ ما إن بدأت أضعف حتى أنارني الله بفقرة من كلامه تقول: "يجب أن تكونوا ساهرين ومنتظرين في كل لحظة، ويجب أن تُكثِروا من الصلاة أمامي. يجب أن تفطنوا إلى حيل الشيطان المختلفة ومكائده الماكرة، وأن تعرفوا الروح، وأن تعرفوا الناس، وأن تكونوا قادرين على تمييز كل نوعيات الناس والأمور والأشياء..." (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السابع عشر). ألهمني كلام الله فأدركت بوضوح أن الشيطان كان يستخدم مشاعري نحو عائلتي حتى يدفعني إلى خيانة الله. كان الشيطان يعلم أنني أحب ابني أكثر من أي شيء آخر، وكان يتحدث على لسان الشرطة ليهاجمني ويغويني، وليستغل حبي لابني حتى يدفعني إلى بيع إخوتي وأخواتي. كنت سأصير حينها مثل يهوذا الذي خان الله، والذي أفضى به الحال في النهاية إلى أن يلعنه الله ويعاقبه – إن الشيطان غادر وخبيث للغاية! فكَّرت في كيفية عدم تمكُّني من الوجود مع ابني لأعتني به، لكن أليس الأمر كله بسبب أن حكومة الحزب الشيوعي الصيني هي عدو الله، ولأنها تعتقل المسيحيين وتضطهدهم اضطهادًا محمومًا؟ ولكن الشرطة كانت تقول إن ذلك كان بسبب إيماني بالله. بقولهم هذا، ألم يقلبوا الحق رأسًا على عقب ويشوِّهوا الحقائق؟ إن حكومة الحزب الشيوعي الصيني وقحة وشريرة للغاية! وهكذا، بغض النظر عمَّا قاله الشرطي، لم أُعِرْهُ أي اهتمام على الإطلاق. وعندما رأى أنه لا يمكنه التأثير عليَّ لا بالترغيب ولا بالتهديد، غادر غاضبًا وهو يتوعّدني. وهكذا تغلَّبت مرة أخرى على إغواء الشيطان بفضل إرشاد الله وحمايته.

بعد الساعة الثامنة من مساء ذلك اليوم، عاد الشرطي السمين ممسكًا بهراوة كهربائية كبيرة في يده ويتبعه ثلاثة آخرون من مرؤوسيه، وأخذوني إلى صالة الألعاب الرياضية وجردوني من ملابسي (تركوني بملابسي الداخلية فقط)، ثم ربطوني بحبل إلى جهاز الجري المتحرك. أشعرني النظر إلى وجوههم، التي كان كل واحد منها أكثر حقدًا من الآخر، بشعور لا يُصدق من الخوف واليأس في داخلي، ولم يكن لدي أية فكرة عن نوع التعذيب القاسي الذي سيعرضونني له في المرة القادمة أو إلى متى سيستمر الأمر. شعرت بالضعف الشديد في تلك اللحظة وبدأت أفكار الموت تراود ذهني. لكن عرفت على الفور أن هذه الأفكار كانت خاطئة، ولذا فقد صلَّيت على الفور إلى الله ودعوته قائلة: "يا الله القدير، أنت تعرف قلبي، ولا أريد أن أكون مثل يهوذا وأخونك ويذكرني التاريخ كإنسانة خائنة. لكن قامتي صغيرة جدًا، وأشعر بالألم والضعف في وجه هذا العذاب – أخشى ألا يمكنني تحمُّله وأخونك. يا الله، أرجوك احمني، وامنحني الإيمان والقوة. أرجوك كن معي، وأرشدني وقدني، ومكِّنني من التمسك بالشهادة خلال هذا التعذيب القاسي". بعد أن صلَّيت، فكَّرت في كلام الله الذي يقول: "ولذلك، أثناء هذه الأيام الأخيرة يجب أن تحملوا الشهادة لله. بغض النظر عن مدى حجم معاناتكم، عليكم أن تستمروا حتى النهاية، وحتى مع أنفاسكم الأخيرة، يجب أن تظلوا مخلصين لله، وتحت رحمته. فهذه وحدها هي المحبة الحقيقية لله، وهذه وحدها هي الشهادة القوية والمدوّية" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اختبار التجارب المؤلمة هو السبيل الوحيد لكي تعرف روعة الله). جلب كلام الله التعزية والتشجيع لي. وأفهمني أن الله كان يسمح باجتيازي هذا التعذيب القاسي حتى يتشكَّل الإيمان والمحبة الحقيقيان في داخلي، وحتى أتمكَّن من الاستمرار في أن أظل مخلصة لله وسط معاناتي، وأن أخضع لتنسيقات الله وترتيباته، وأن أتمسك بالشهادة بالاتكال على كلام الله مهما كان مدى عظمة التجربة أو مقدار فداحة الألم. بعد أن فهمت مشيئة الله، انبعثت فيّ على الفور الشجاعة والعزيمة على محاربة الشيطان حتى النهاية ، واتخذت هذا القرار: مهما كان نوع التعذيب الذي ما زال يتعين عليَّ اجتيازه، أتمنى أن أبقى على قيد الحياة، ومهما كانت شدّة معاناتي، سأتبع الله حتى النفس الأخير!

عندها فقط، جاء الشرطي السمين تتدلى سيجارة من فمه، وسألني: "هل ستتحدثين أم لا؟" فأجبته بحزم قائلة: "يمكنك أن تضربني حتى الموت، لكنني ما زلت لا أعلم شيئًا". فحمي غضبه وألقى بسيجارته على الأرض، ووخزني وهو ينفث غضبًا في ظهري وفخذيَّ مرارًا وتكرارًا بهراوة الصعق الكهربائية. جعل الألم المبرح جميع أنحاء جسدي تتصبَّب عرقًا باردًا وظللت أنتحب بمرارة. كان الشرطي يوخزني بالهراوة وهو يقول: "هذا ما تحصلين عليه بسبب عدم التحدث! سأجعلك تصرخين، وسنرى حتى متى ستصمدين!" ضحك الضباط الآخرون الذين كانوا يقفون في جانب الغرفة بصخب وقالوا: "لِمَ لا يأتي إلهك لينقذكِ؟" وراحوا أيضًا يتكلمون بتجاديف كثيرة على الله. عندما رأيت وجوههم الشيطانية، دعوت الله بحرارة أن يمنحني الإيمان والقوة لأتمكَّن من تحمُّل الألم، ولأمحو تلك الابتسامة من على وجه الشيطان. بعد أن صلَّيت، أغلقت فمي ورفضت إصدار أي صوت آخر مهما عذبوني. استمروا في صعقي، وعندما كانت الطاقة تنفد من إحدى هراوات الصعق الكهربائية، كانوا يستبدلونها بأخرى، وتعرضت للتعذيب حتى تشوَّش عقلي وبدا لي الموت أفضل من الحياة. لم يكن بإمكاني تحريك أي عضلة في جسمي، وعندما رأوا أنني ساكنة، ظنوا أنني قد فقدتُ الوعي، لذلك ألقوا بماء بارد عليَّ لإيقاظي ثم استمروا في صعقي. ووسط ألمي، فكَّرت في كلام الله الذي يقول: "يا لها من عصابة من المتواطئين![1] ينزلون بين البشر لينغمسوا في الملذات ويثيروا الفوضى. يسبب اضطرابهم التقلُّب في العالم ويجلب الذعر إلى قلب الإنسان... حتى إنهم يرغبون في تولي السلطة كطغاة على الأرض. يعوقون عمل الله فلا يستطيع التقدم، ويعزلون الإنسان كما لو كان وراء جدران من النحاس والفولاذ. بعد أن ارتكبوا العديد من الخطايا وخلقوا الكثير من المتاعب، كيف لهم أن يتوقعوا أي شيء آخر سوى أن ينتظروا التوبيخ؟ لقد اندفعت الشياطين والأرواح الشريرة مسعورة في الأرض، وعزلت إرادة الله وجهوده المضنية لتجعلها عصيَّة على الاختراق. يا لها من خطيَّة مميتة! كيف لله ألا يقلق؟ كيف لا يشعر بالغضب؟ فهي تسبب عائقًا جسيمًا وممانعة خطيرة لعمل الله. يا لهم من متمرّدين! حتى تلك الشياطين الكبيرة والصغيرة تتغطرس على قوة الشيطان الأكثر تسلّطًا، وتبدأ في خلق المشاكل. يقاومون الحق عمدًا على الرغم من إدراكهم الواضح له. أبناء العصيان" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (7))!

سمحت لي استنارة كلام الله بأن أرى بوضوح الوجه الحقيقي لحكومة الحزب الشيوعي الصيني. إنها حكومة تكره الحق والله كراهية تامة، وهي مرتعبة من انتشار كلام الله القدير على نطاق أوسع. ومن أجل الحفاظ على حكمها إلى الأبد، فإنها تبذل قصارى جهدها لمنع انتشار إنجيل ملكوت الله، ولا يثنيها شيء عن اعتقال مختاري الله وتعذيبهم والبطش بهم. إن حكومة الحزب الشيوعي الصيني تدمِّرنا وتضطهدنا – نحن المؤمنين – بهذه الطريقة لأنها تريد تدمير عمل الله في الأيام الأخيرة. فهي تفعل ذلك في محاولة لاستئصال العقيدة الدينية تمامًا، ولمنع الناس من الإيمان بالله واتباعه، ولتحويل الصين إلى منطقة ملحدة، ومن ثمَّ تحقيق هدفها الجنوني المتمثل في السيطرة على الشعب الصيني إلى الأبد. ومع أن حكومة الحزب الشيوعي الصيني تعلن للعالم الخارجي أنه توجد "حرية اعتقاد" وأن "مواطني الصين يتمتعون بحقوق مشروعة"، فهي في الحقيقة كلها أكاذيب بيِّنة تهدف إلى خداع الناس وغشهم والاحتيال عليهم، وهي حيل لإخفاء طرقها الشريرة! تسلك حكومة الحزب الشيوعي الصيني سلوكيات منحرفة وتتصرَّف تصرفات تخالف السماء، وجوهرها هو جوهر الشيطان الشرير، جوهر عدو الله! في تلك اللحظة، كان عليّ اتخاذ قرار في صمت: يجب ألا أسمح للثمن المضني الذي دفعه الله لأجلي بأن يذهب سدى، ولا بُدَّ من أن أتحلَّى بالعزيمة والضمير، وبغض النظر عن التعذيب القاسي الذي ما زال عليَّ أن أتحمَّله، سأتمسك بالشهادة لله. عندها فقط، انتابني في داخلي شعور رائع بالعدالة والبر، وشعرت بوجود الله بجانبي، الأمر الذي منحني قوةً. بعدها لم أكن أشعر بأي ألم مهما صعقني رجال الشرطة بالكهرباء. وشاهدت مرة أخرى أفعال الله العجيبة، وأدركت بعمق حضور الله، وأنه كان يحميني ويحرسني. عذبني رجال الشرطة لمدة أربع ساعات، لكنهم لم يحصلوا على أية معلومات مني. وعندما نفدت خياراتهم، لم يكن بوسعهم فعل أي شيء سوى فكِّي من جهاز السير المتحرك. لم توجد أية ذرة من القوة في أي مكان من جسدي وارتميت ساقطة على الأرض؛ فسحبني شرطيان إلى غرفة الاستجواب ووضعاني على كرسي، ثمَّ قيَّدا يديَّ إلى أنبوب من أنابيب التدفئة المركزية. عندما رأيتهم محبطين للغاية، لم أستطع منع نفسي من تقديم الشكر والتسبيح لله قائلة: "يا الله القدير، لقد اختبرت قوتك وسيادتك، وأرى أن قوة حياتك يمكنها أن تهزم جميع القوى الأخرى. الشكر لله!"

في اليوم الرابع، دخل خمسة من رجال الشرطة إلى غرفة الاستجواب، وكان واحد منهم يحمل هراوة صعق كهربائية وجعلها تصدر أصوات طقطقة مع الكهرباء. ملأتني أيام التعذيب الوحشي بالرعب من رؤية منظر هراوة ينبعث منها ذلك الضوء الأزرق الرهيب. جاء أحد الضباط الذي لم يكن قد استجوبني من قبل ووقف أمامي، ووخزني بهراوة الصعق الكهربائية وقال: "أسمع أنكِ صعبة المراس. لكنني سأرى اليوم مدى قوتكِ بالضبط. لا أظن أننا لا نستطيع إصلاحكِ. هل ستتحدثين أم لا؟ إذا لم تتحدثي، فستنالين حتفكِ هذا اليوم بعينه!" فأجبته قائلة: "لا أعلم أي شيء". تسبَّب ردي في إحراجه مما دفعه إلى الغضب، فجرَّني بعنف من الكرسي وطرحني على الأرض وأبقاني هناك. وزج شرطي آخر بهراوة الصعق الكهربائية تحت قميصي، وكان يصرخ وهو يصعق ظهري قائلًا: "هل ستتحدثين أم لا؟ سنقتلكِ إن لم تتحدثي!" في مواجهة وحشيتهم ووجوههم الشنيعة البشعة، لم يسعني إلا السقوط في حالة من الرعب، وسرعان ما دعوت الله قائلة: "يا الله القدير، أرجوك أرشدني! أرجوك امنحني إيمانًا وقوةً حقيقيين". واصلت الشرطة صعقي بينما أنتحب بلا توقف. وشعرت كما لو أن كل الدم الذي في جسدي يتدفق إلى رأسي، وكنت أتألم بشدة حتى تصبَّب العرق مني وأوشكت على فقدان وعيي. عندما رأى رجال الشرطة أنني كنت مصممة على عدم الحديث، بدأوا يلعنونني في غضب. بعد ذلك بقليل، عندما كنت على وشك فقدان الوعي، جروني وأوقفوني ثم قيدوني إلى الكرسي مرة أخرى، وبعدها تناوب اثنان منهم على مراقبتي للتأكد من أنني لا أغفو. كنت حتى ذلك الحين لم أتناول أي طعام، ولم أشرب أي ماء، ولم أنم مطلقًا لمدة أربعة أيام وليال. ومع التعذيب القاسي الذي مارسوه معي، وصل جسدي إلى أضعف حالاته. كنت أشعر بالبرد والجوع، وصاحب ألم الجوع والبرد القارس ألمًا شديدًا في جسدي الجريح، وشعرت وكأن حياتي تقترب من نهايتها. ووسط حالتي الضعيفة للغاية، ورد إلى ذهني سطر من كلام الله يقول: لَيْسَ بِٱلْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا ٱلْإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ ٱللهِ (متى 4: 4). عندما تأملت هذه الكلمات، فهمت أن كلام الله وحده هو ما سندني لمواصلة العيش في مثل هذا الوضع، بينما أدركت في الوقت نفسه أيضًا أن هذا هو بالضبط الحال الذي كان الله يستخدمه لتكميل دخولي إلى هذا الجانب من الحق. عندما تأملت في هذا مرارًا وتكرارًا، نسيت كل شيء عن معاناتي وشعوري بالجوع والبرد.

في اليوم الخامس، رأى رجال الشرطة أنني ظللت صامتة بثبات، وبدأوا في تهديدي بطريقة خبيثة قائلين: "إنكِ تنتظرين حتي يُحكم عليكِ بالسجن لمدة سبع سنوات على الأقل، لكن ما زالت توجد فرصة لتجنب ذلك إذا بدأتِ بالحديث الآن". عندها صلَّيت في صمت إلى الله قائلة: "يا الله القدير، تقول شرطة الحزب الشيوعي الصيني إنها ستحكم عليَّ بالسجن لمدة سبع سنوات، لكنني أعلم أنها ليست صاحبة الكلمة الأخيرة؛ لأن مصيري بين يديك. يا الله، أُفضِّل أن أُسجن لبقية حياتي وأن أبقى في الطريق الحق على أن أخونك". بعد ذلك، حاولت الشرطة أن تغويني لخيانة الله من خلال الإتيان بزوجي غير المؤمن، والذي عندما رآني مكبلة بأصفاد والجروح والكدمات تغطي جميع أنحاء جسمي بالكامل، قال لي بحسرة: "لم أر الأصفاد سوى في التلفزيون، ولم أكن أعتقد مطلقًا أنني سأراها في يديكِ". عندما سمعته يقول هذا ورأيت تعابيره الحزينة، صلَّيت على الفور إلى الله، وطلبت منه أن يحميني حتى لا أقع في فخ الشيطان بسبب مشاعري نحو عائلتي. بعدما صلَّيت، قلت لزوجي بهدوء: "أنا أؤمن بالله، ولا أسرق أشياء أو أنهب الناس. كل ما أفعله هو أنني أذهب إلى الاجتماعات وأقرأ كلام الله، وأحاول أن أكون إنسانة صادقة كما يطلب الله. لم أرتكب أية جريمة، لكنهم يريدون أن يحكموا عليَّ بالسجن". أجاب زوجي قائلًا: "سأجد محاميًا للدفاع عنكِ". عندما رأى رجال الشرطة أن زوجي لم يكن يحاول إقناعي بإفشاء معلومات عن الكنيسة وعن إخوتي وأخواتي، بل يعرض عليَّ إيجاد محامٍ، أخرجوه من الغرفة. كنت أعلم أن هذه كانت حماية من الله لي؛ لأن مشاعري تجاه عائلتي كانت عميقة للغاية، ولو كان زوجي قد قال أي شيء يظهر قلقًا على حالتي البدنية، فلا أعرف ما إذا كنت سأتمكن من البقاء قوية أم لا. كان إرشاد الله وحمايته هما ما مكّنني من التغلُّب على إغواء الشيطان.

لما رأى رجال الشرطة أنهم لم يسقطوني في هذا الشرك، قالوا وهم يغمغمون في غضب: "سنحقنكِ بحقنة في غضون دقيقة وستدفعكِ إلى الجنون، ثمَّ سنسمح لكِ بالرحيل، وستطلبين الموت ولا تجدينه!" دفعني هذا على الفور إلى حالة من القلق، وتملَّكني الرعب مرة أخرى. فكَّرت في مدى قسوة حكومة الحزب الشيوعي الصيني وشرها: ما إن يلقوا القبض على شخص مسؤول في الكنيسة، ولا يستطيعون انتزاع أية معلومة منه عن الكنيسة بعد الضرب والتعذيب الوحشيين، فإنهم يحقنونه قسرًا بعقاقير تدفعه إلى الجنون وتصيبه بالفصام – تعرَّض بعض الإخوة والأخوات للتعذيب والاضطهاد بقسوة على هذا النحو على يد حكومة الحزب الشيوعي الصيني. بدأ قلبي يدق بقوة في صدري جراء تلك الفكرة، وتساءلت: "هل سيعذبني حقًا هؤلاء التابعون للحزب الشيوعي الصيني حتى أفقد عقلي وينتهي بي الأمر بالتجوال كالمجنون؟" كنت كلما فكَّرت في هذه الفكرة، ازداد خوفي ولم أستطع منع تصبُّب جسمي بالعرق البارد. وهكذا أسرعت وصلَّيت إلى الله ودعوته قائلة: "يا الله القدير، يريد أتباع الحزب الشيوعي الصيني حقني بالعقاقير حتى أفقد عقلي، وأخشى أن أصبح مجنونة. يا الله، مع أنني أعلم أنه من المفترض أن أتمسك بالشهادة لك، لكنني أشعر بالرهبة والخوف الشديدين الآن. يا الله، أرجوك احم قلبي، وامنحني إيمانًا حقيقيًا حتى يتسنى لي أن أسلِّمك حياتي وموتي، وأن أخضع لتنسيقاتك وترتيباتك". عندها فقط تذكَّرت كلمات الرب يسوع القائلة: "وَلَا تَخَافُوا مِنَ ٱلَّذِينَ يَقْتُلُونَ ٱلْجَسَدَ وَلَكِنَّ ٱلنَّفْسَ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِٱلْحَرِيِّ مِنَ ٱلَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ ٱلنَّفْسَ وَٱلْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ" (متى 10: 28). منحني كلام الرب إيمانًا وقوةً، وفكَّرت في نفسي قائلة: "نعم، قد يكون هؤلاء الشياطين قادرين على قتل جسدي وتشويهه، لكنهم لا يستطيعون قتل روحي أو تشويهها. فبدون سماح من الله، لن أصبح مجنونة حتى لو حقنوني بهذه العقاقير". ثمَّ فكَّرت في كلام الله الذي يقول: "عندما يكون الناسُ مُستعدين لأن يضحّوا بحياتهم يصبح كلُّ شيء تافهاً، ولا يمكن لأيٍّ كان أن ينتصر عليهم. ما الذي يُمكِنُ أن يكون أكثر أهمية من الحياة؟ ومن ثمَّ يصبح الشيطان عاجزاً عن إحداث مزيد من التأثير في الناس؛ إذ لن يكون هناك ما يمكنه فعله مع الإنسان" ("الفصل السادس والثلاثون" في "تفسيرات أسرار كلام الله إلى الكون بأسره" في "الكلمة يظهر في الجسد"). حينما تفكرت في كلام الله، تلاشى الخوف الذي شعرت به في أعماق نفسي تدريجيًا، ولم أعد أشعر بذلك الرعب. بل صرت على استعداد لتسليم نفسي بين يدي الله والخضوع لسيادته سواء عشت أو مُتُّ، وسواء أصابني الجنون أو السذاجة. عندها فقط، أحضر شرطي المحقن والدواء وهددني قائلًا: "هل ستتحدثين أم لا؟ إن لم تتحدثي، فسوف أحقنكِ بهذا". فقلت له دون أي خوف: "افعل ما تريد. مهما يحدث فهو مسؤوليتك". وعندما رأى أني لم أكن خائفة، قال بقسوة: "اذهب وأحضر لي الحقنة الملوثة بفيروس الإيدز! سنحقنها بتلك الحقنة". ولأنني ظللت غير خائفة، فقد جزَّ أسنانه في غضب وقال: "أيتها العاهرة. إنكِ أصعب من ليو هولان". ثم ألقى المحقن على الطاولة. شعرت بابتهاج؛ فبعد أن شاهدت كيف أرشدني كلام الله لإذلال الشيطان مرة أخرى، لم يسعني إلا أن أقدِّم صلاة شكر لله. في النهاية، أدرك رجال الشرطة أنهم لن يحصلوا على المعلومات التي يريدونها مني، لذلك غادروا في خيبة أمل.

بعدما استخدمت الشرطة كل أوراقها دون جدوى، لم يسعها فعل شيء سوى إرسالي إلى مركز احتجاز. حالما وصلت إلى هناك، حرَّض حراس السجن السجينات الأخريات ضدي، قائلين: "إنها مؤمنة بالبرق الشرقي. رحّبن بها "ترحيبًا حارًا!". وقبل أن تتاح لي الفرصة لمعرفة ما يدور حولي، اندفعت نحوي العديد من السجينات وجررنني إلى المرحاض ثم جردنني من ملابسي وشرعن في سكب مياه قارسة البرودة على جسمي. شعرت وكأن كل وعاء مملوء من الماء البارد يُسكب على جسمي صخرة تضرب جسدي، ومع شعوري بالتجمد والألم بسبب البرودة، شعرت ببرد شديد حتى إن جسدي كله صار يرتعش. جلست القرفصاء على الأرض ممسكة برأسي بين يدي، وصرخت إلى الله مرات ومرات داخل قلبي. بعد فترة من الوقت، قالت إحدى السجينات: "حسنًا، حسنًا، هذا يكفي. لا نريدها أن تمرض". ولم تتوقف السجينات اللائي كن يضربنني بهذه الطريقة عن فعل ذلك إلا عندما سمعن تلك السجينة تقول هذا. عندما عَلِمتْ أنني لم آكل أي شيء منذ خمسة أيام، أعطتني في فترة العشاء نصف كعكة من خبز الذرة مخبوزة على البخار. كنت أدرك جيدًا أن ما دفع تلك السجينة إلى مساعدتي كان بفضل مراعاة الله لضعفي. لقد رأيت أن الله كان معي دائمًا، وشكرت الله من أعماق قلبي على رحمته وخلاصه.

داخل مركز الاحتجاز، عشت مع سجينات أخريات من كل الصنوف. كانت كل وجبة من وجباتنا الثلاث تتكون من قطعة من خبز الذرة المخبوز على البخار وشريحتين من اللفت المملح، أو وعاء من شوربة الملفوف تطفو على سطحه الحشرات دون أن يحتوي على أية قطعة من الملفوف تقريبًا. كنا نحصل مرة واحدة في الأسبوع على وجبة من الحبوب الرفيعة، والتي كانت مجرد كعكة واحدة على البخار بحجم قبضة اليد، وكانت لا تسد رمقي مطلقًا. كنّا إلى جانب تلاوة قواعد السجن كل يوم في هذا المكان نُكلَّف بحصص عمل لصنع أعمال يدوية صغيرة، التي كان من المستحيل الوفاء بها. ولأن يديّ قد تعرضتا للضرر بسبب الأصفاد الضيقة وبسبب تعرضهما للصعق بالكهرباء حتى إنني فقدت كل إحساس فيهما، وفوق ذلك كانت الأعمال اليدوية التي كان علينا صنعها صغيرة للغاية، لم يكن في مقدوري الإمساك بها، وكنت غير قادرة على إكمال العمل الزائد عليَّ. ذات مرة، وبسبب عدم إكمالي عملي، أمر حراس السجن السجينات الأخريات بمراقبتي طوال الليل لمنعني من النوم. كما تعرضت كثيرًا للعقاب بإجباري على الوقوف في نوبات حراسة، ولم يُسمح لي بالنوم إلا لمدة أربع ساعات في الليلة. خلال هذا الوقت، واصلت شرطة الحزب الشيوعي الصيني استجوابي باستمرار. كما أتوا بابني حتى يكتب لي رسالة، في محاولة لخداعي حتى أخون الله. لكن في ظل حماية الله وإرشاده، تمكّنت من إدراك مخططات الشيطان الماكرة وتمسَّكت بالشهادة طيلة الوقت. ومع أنهم لم يتمكَّنوا من الحصول على أي إدانة ضدي، ظلوا يتهمونني بتهم "الإخلال بالنظام العام" وحكموا عليَّ بثلاث سنوات من إعادة التأهيل مع الشغل.

في 25 ديسمبر من عام 2005، أُطلق سراحي بعد أن كنت قد قضيت مدة عقوبتي بالكامل. بعد أن اختبرت هذا الصراع بين الحق والظلم، ومع أنني عانيت جسديًا وذهنيًا، فهمت الكثير من الحقائق، ورأيت بوضوح الجوهر الشيطاني المعادي لله الذي تتَّسم به حكومة الحزب الشيوعي الصيني. لقد توصَّلت إلى شيء من الفهم الحقيقي لقدرة الله وسيادته وروعته وحكمته، واختبرت حقًا محبة الله نحوي وخلاصه لي. بينما كان أولئك الشياطين يعذبونني ويضطهدونني، كانت استنارة كلام الله وإرشاده اللذان يأتيان في حينه هما المعونة القوية التي منحتني العزيمة والشجاعة لمحاربة الشيطان حتى النهاية. وعندما كان الشيطان يحاول استخدام كل أنواع المخططات الماكرة لإغوائي ودفعي إلى خيانة الله، كان الله يستخدم كلامه في الوقت المناسب ليحذرني ويرشدني، ويمسح الغشاوة عن عينيّ ذهني حتى أستطيع أن أدرك مخططات الشيطان وأصمد في شهادتي. وحينما ألحق بي أولئك الشياطين العذاب المريع حتى إنني فضَّلت الموت على الحياة، وكانت حياتي على شفا حفرة، صار كلام الله أساس نجاتي. منحني كلام الله إيمانًا وقوةً هائلين، ومكَّناني من التحرُّر من قبضة الموت المطبقة عليّ. سمحت لي كل هذه الأشياء برؤية جوهر الله الجميل واللطيف حقًا؛ فالله وحده هو مَنْ يحب البشر بحق. أما حكومة الحزب الشيوعي الصيني – هذه الزمرة من الشياطين والأرواح الشريرة – فهي من ناحية أخرى لا تريد سوى إفساد الناس والإضرار بهم والتهامهم! اليوم، في مواجهة الهجمات الوحشية المتزايدة التي تتعرض لها كنيسة الله القدير على يد حكومة الحزب الشيوعي الصيني، أنا عازمة بقوة على التخلِّي تمامًا عن هذا الشيطان القديم المتمثل في حكومة الحزب الشيوعي الصيني، وعلى تسليم قلبي لله، وعلى بذل كل ما في وسعي للسعي إلى الحق وإلى محبة الله. سأنشر إنجيل ملكوت الله وأعيد إلى الله كل أولئك الذين يؤمنون بإخلاص بالله، والذين يتوقون إلى الحق، والذين خدعتهم بشدة حكومة الحزب الشيوعي الصيني، حتى أتمكَّن من ردِّ الجميل لله على نعمته التي منحتني خلاصه!

الحواشي:

[1] "الشركاء" هم أيضًا من نفس عائلة "عُصبة قطّاع الطرق".

[أ] يرد النص الأصلي "إنه رمز كونه غير قادر على أن".

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

نور الله يرشدني عبر المحن

بقلم تشاو شين – مقاطعة سيتشوان عشت منذ طفولتي في الجبال، لذا لم أرَ إطلاقًا الكثير من العالم الخارجي، ولم يكن لدي حقًّا أية تطلعات تتخطّى...

الله قوّتي في الحياة

بقلم شاو– هي – مقاطعة خنان اتّبعت الله القدير لأربع عشرة سنة، مرّت وكأنها في طرفة عين. خلال هذه السنوات، اختبرت تقلبات الزمان، وكانت...

اترك رد