تبشير والدي بالإنجيل
آمنت في طفولتي، وتعهدُّتُ أن أخدم الرَّب طوال حياتي. انتهى بي المطاف بحضور مدرسة لاهوتية لثلاث سنوات حيث قبلتُ عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. بعد قبول الإنجيل أردتُ مشاركة بشارة عودة الرَّب مع أبي على الفور. كان شماسًا في كنيسة محليّة وعرف الكتاب المقدَّس جيدًا، وخدم الرَّب لسنوات، وكان محبًا للآخرين. كان مسيحيًا تقيًا. خمنّتُ أنه سيقبل ذلك بسعادة، عندما يعرف أن الرَّب قد عاد.
عندما عدتُ إلى المنزل في تلك الليلة، أخبرته: "لقد عاد الرب يسوع الذي كنا ننتظره. إنه يعبِّر عن حقائق ويقوم بعمل الدينونة ابتداءً من بيت الله. علينا أن نقبل عمله في الأيام الأخيرة لنتطهَّر وندخل ملكوته". ولكن لدهشتي نصحني: "يتنبأ الكتاب المقدَّس بأن مُسَحَاء كَذَبة سيخدعون الناس في الأيام الأخيرة، لذا، كُن حذرًا وابق متحفظًا. هل هناك أساس كتابي لما تقوله عن عودة الرَّب وعمله للدينونة؟ إن كان لا، فلا تنخدع به!" أخرجت الكتاب المقدَّس وقلت: "هناك أساس بالطبع. هناك ما لا يقل عن مائتي آية تذكر مجيء الرَّب ليؤدي دينونته، مثل: "لِأَنَّهُ جَاءَ لِيَدِينَ ٱلْأَرْضَ. يَدِينُ ٱلْمَسْكُونَةَ بِٱلْعَدْلِ وَٱلشُّعُوبَ بِٱلِٱسْتِقَامَةِ" (المزامير 98: 9). ومكتوب في يوحنا: "لِأَنَّ ٱلْآبَ لَا يَدِينُ أَحَدًا، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ٱلدَّيْنُونَةِ لِلِٱبْنِ" (يوحنا 5: 22). "مَنْ رَذَلَنِي وَلَمْ يَقْبَلْ كَلَامِي فَلَهُ مَنْ يَدِينُهُ. اَلْكَلَامُ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ هُوَ يَدِينُهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَخِيرِ" (يوحنا 12: 48). ومكتوب في بطرس الأولى: "لِأَنَّهُ ٱلْوَقْتُ لِٱبْتِدَاءِ ٱلْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ ٱللهِ" (1 بطرس 4: 17). يبين هذا أن الرب يصير جسدًا في الأيام الأخيرة، ليعبِّر عن الحق، ويعمل عمل الدينونة". ردَّ أبي: "يصير جسدًا؟ لقد رأيت الكتاب المقدَّس يقول إنه سيأتي على سحابة: "هُوَذَا يَأْتِي مَعَ ٱلسَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَٱلَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ ٱلْأَرْضِ" (رؤيا 1: 7). لم أر أي شيء في الكتاب المقدَّس عن مجيء الرَّب في الجسد. لا سبيل أنه يقوم بعمل الدينونة في الجسد!" عندئذ، شاركتُ هذه الشركة: "هناك الكثير من نبوات مجيء الرَّب، ليست عن مجيئه على سحابة فحسب، بل أيضًا عن تجسده سرًا. تمامًا مثلما قال الرَّب يسوع: "فَكُونُوا أَنْتُمْ إِذًا مُسْتَعِدِّينَ، لِأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لَا تَظُنُّونَ يَأْتِي ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ" (لوقا 12: 40). "هَا أَنَا آتِي كَلِصٍّ!" (رؤيا 16: 15). ومكتوب في لوقا 17: 24-25: "لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ ٱلْبَرْقَ ٱلَّذِي يَبْرُقُ مِنْ نَاحِيَةٍ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ يُضِيءُ إِلَى نَاحِيَةٍ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ، كَذَلِكَ يَكُونُ أَيْضًا ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ فِي يَوْمِهِ. وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَوَّلًا أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا وَيُرْفَضَ مِنْ هَذَا ٱلْجِيلِ". ذَكر الرَّب يسوع مجيء ابن الإنسان مرات كثيرة، وجميعها تشير إلى مجيء الرَّب في الجسد. إذا كنا نحدّ مجيئه ليكون على سحابة، فكيف يمكن لهذه النبوَّات عن مجيئه سرًا أن تتحقق؟ يأتي الرَّب بطريقتين في الأيام الأخيرة. إنه يتجسَّد أولًا ويأتي سرًا ليقوم بعمل الدينونة ابتداءً من بيت الله، ثم يأتي على سحابة ويظهر لجميع الناس. إذا لم ننظر إلى نبوات مجيئه سرًا واكتفينا بتلك التي عن مجيئه على سحابة، فهذا انحياز وتعسُّف، ويمكننا أن نفوّت فرصتنا في الترحيب بالرَّب".
قطَّب أبي حاجبيه، دون أن ينطق بكلمة، ثم قاطعني بغضب: "يكفي. لقد قرأت الكتاب المقدَّس منذ حداثتي، وخدمت الرَّب لسنوات. ألا أعرف أكثر منك؟ ما الذي تعرفه بعد ثلاث سنوات فقط في مدرسة لاهوت؟" رأيتُ أنه غير قادر على أن يهدأ وأن شركتي لم تجد آذانًا مصغية، فعُدت فحسب إلى غرفتي. حاولتُ بضع مرّات أخرى بعد تلك لكنه لم يقبَل الأمر، بل وقال: "إن الإيمان بالرَّب كافٍ. التزم الهدوء أو اخرج!" كنت مصدومًا ومستاءً للغاية من فعله ذلك. لقد خدم الرَّب لفترة طويلة جدًا ودائمًا ما كان لطيفًا ومتواضعًا. لقد اشتاق إلى مجيء الرَّب، ولكن ما رأيته الآن هنا، أن أبي عالق بالكتاب المقدَّس الحرفي دون سعي، حتى إنه فقد أعصابه. شعرت أن أبي كان عنيدًا حقًا. كنتُ مُحبطًا وفقدت بعض الثقة في مشاركة الإنجيل، عندما رأيت أن والدي كان متمرّسًا في الكتاب المقدَّس، ولكنه عالق للغاية في مفاهيمه.
عندما اكتشف بعض الإخوة والأخوات ذلك، أرسلوا لي كلمات الله هذه لتشجيعي: "هل تدرك العبء الذي تحمله على عاتقك وحجم إرساليتك ومسؤوليتك؟ أين هو إحساسك التاريخي بالإرسالية؟ وكيف يمكنك أن تخدم كوَكيلٍ صالح في العصر القادم؟ هل لديك فهمٌ عميقٌ لوكالتك؟ كيف تفسّر ربّ كل الأشياء؟ هل هو حقاً ربُّ كل المخلوقات وحقيقةُ كل ما في العالم؟ ما هي خطتك لِتُقبِل على المرحلة التالية من العمل؟ كم من الناس ينتظرونك لترعاهم؟ أتشعر أن مهمتك ثقيلة؟ هم فقراء، مزدرون، عميان، وضائعون، يأنّون في الظلمة قائلين "أين الطريق؟" كم يتوقون للنور كشهابٍ لينطلق نازلاً فجأة حتى يُبدّد قوةَ الظلام التي قَمعت الإنسانَ لأعوام طويلة. من تراه يعرف كم تلهّفوا مترجّين هذا الأمر، وكم خارت قواهم في الليل والنهار؟ هؤلاء الذين يتألمون بعمق يبقون سجناء في غياهب الظلام، لا رجاء لهم ليُعتَقوا حتى في ذلك اليوم الذي يسطع فيه النور؛ فمتى يتوقف بكاؤهم؟ هذه الأرواح المُتعَبة التي لم تختبر الراحة يوماً تعاني بالفعل من هذا الشقاء. بَقُوا موثَقين طويلاً بحبال القسوة بلا رحمة، وأسرى للتاريخ الذي توقّف في مكانه. من تراه قد سمع صوت نحيبهم؟ ومن تراه قد رأى مظهرهم التعيس؟ هل فكّرتَ يومًا كم أنَّ قلب الله حزين ومتلهّف؟ كيف يمكن لله أن يحتمل رؤية البشرية البريئة التي خلقها بيديه تعاني عذابًا كهذا؟ على أية حال، البشر هم الأشقياء الذين قد تجرّعوا السّمَّ. وبالرغم من كونهم على قيد الحياة إلى يومنا هذا، مَن كان يظن أن الشرير قد جعلهم يتجرّعون السمّ منذ زمن بعيد؟ هل غاب عنك أنك أحد ضحاياه؟ ألا تسعى لخلاص من بقي حياً من منطلق محبتك لله؟ ألست مستعدًّا لأن تكرّس كل طاقتك لتردّ الجميل للإله الذي يُحبّ البشرية كلحمه ودمه؟" ("الكلمة يظهر في الجسد"). كانت كلمات الله مشجّعة حقًا لي. لا يعرف الكثير من الناس عمل الله، وهم مختنقون بمفاهيمهم الدينية. لذا، فهم لا يحقِّقون في أخبار عودة الرَّب. إنهم في ظُلمة، ولا يغذيهم كلام الله. لحسن حظي سمعتُ صوت الله واتبعتُ خُطى الحَمَل لذا، فإن عليَّ مسؤولية مشاركة إنجيل الملكوت معهم. عندئذٍ يسمعون صوت الله ويُرفَعون أمام عرشه، ويطهّرهم كلام الله ويخلّصهم. هذا يُعد مراعاة لمشيئة الله. كان والدي مؤمنًا حقيقيًا منذ فترة طويلة وكان يتوق دائمًا لعودة الرَّب. لكنه كان مقيّدا بشدة بالمفاهيم الدينية لذا بالطبع، لم يستطع قبوله على الفور. عرفتُ أنه كان عليَّ الاتكال على الله، والاستمرار في مشاركة عمل الله في الأيام الأخيرة معه، للقيام بواجبي.
لان موقف والدي قليلًا في اليوم الخامس، لذلك واصلت مشاركة شهادة عمل دينونة الله. قال بتجهُّم: "إن إيماننا بالرَّب يسوع. الإيمان بقلوبنا والاعتراف بأفواهنا يعني أننا مبرَّرون ومخلَّصون بالإيمان. لقد حَمَل الرَّب خطايانا، لذلك عندما يأتي سيأخذنا إلى ملكوته. لسنا بحاجة الى أن يأتي الله ليديننا". أخبرته في شركة أن خطايانا مغفورة بإيماننا بالرَّب، لكننا ما زلنا نخطئ ونعترف دائمًا. إننا لسنا أحرارًا من الخطية. "أبي، فقط فكِّر، أنت تخبر الناس أن يكونوا متواضعين وطويلي الأناة، وأنت وديع مع الآخرين، ولكن في المنزل تغضب من أمي وتتجادل معها كثيرًا. لا يمكنك حفظ تعاليم الرَّب". لكنه قاطعني بغضب ولم يدعني أقول أي شيء آخر. في اليوم التالي، وجدت فرصة أخرى لمشاركة هذه الشركة معه: "يا أبي، يعلّمنا الرب أن نحب أعدائنا. أنا لست عدوك، لكنني ابنك. أنا أخبرك فقط بالحقائق عن مجيء الرب ليعمل، وأنت لا ترفض السعي فحسب، بل تفقد أعصابك. هذا لا ينُمّ عن التسامح. أعلم أنك لا تريد أن تغضب. ذلك لأن طبائعنا الخاطئة لم تُعالَج، فلا يسعنا إلا أن نوبِّخ الناس بغضب. يقول الكتاب المقدس: "اِتْبَعُوا ٱلسَّلَامَ مَعَ ٱلْجَمِيعِ، وَٱلْقَدَاسَةَ ٱلَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ ٱلرَّبَّ" (عبرانيين 12: 14). قال الرَّب يسوع أيضًا: "ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ ٱلْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. وَٱلْعَبْدُ لَا يَبْقَى فِي ٱلْبَيْتِ إِلَى ٱلْأَبَدِ، أَمَّا ٱلِٱبْنُ فَيَبْقَى إِلَى ٱلْأَبَدِ" (يوحنا 8: 34-35). هذا واضح حقًا. الرَّب قدّوس، وهؤلاء الذين ليسوا قديسين لا يمكنهم رؤيته. إننا نخطئ باستمرار، ونعيش في الخطية ولسنا قديسين مطلقًا. كيف يمكننا أن ندخل ملكوت الله؟ تنبأ الرّب يسوع بعودته عدة مرَّات، وأنه سيعبِّر عن حقائق ويعمل عمل الدينونة، ليطهّر كليًا البشر ويخلّصهم، ويجلبنا إلى ملكوته. تمامًا مثلما قال الرَّب يسوع: "إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لِأَقُولَ لَكُمْ، وَلَكِنْ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا ٱلْآنَ. وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ ٱلْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْحَقِّ" (يوحنا 16: 12-13). لقد عاد الرب الآن، وهو ينطق بكل الحقائق التي تطهِّر البشرية وتخلصها. إنه يقوم بعمل الدينونة ليعالج طبيعتنا الخاطئة تمامًا. لا يمكننا أن ندخل ملكوت الله إلا من خلال تطهير فسادنا من خلال الدينونة. يا أبي، علينا أن نسعى بتواضع إلى عمل الله في الأيام الأخيرة. ما عليك سوى قراءة كلام الله القدير ومعرفة ما إذا كان هو صوت الله. يجب ألا تفوِّت مجيء الرب!"
أردت أن أشغِّل له عرضًا كوميديًا إنجيليًا قصيرًا لكنه رفض مشاهدته. لقد عرف الكثير عن الكتاب المقدَّس وقام ببعض الأعمال الصالحة. كان يعطى الفقراء وكان أحيانًا يذهب لمساعدة الآخرين عندما لم تكن لديه نقود كافية. وسمح للكنيسة باستخدام عقاره مجانًا. ولكن في مواجهة عمل الله الجديد، تمسَّك بعناد بمفاهيمه ولم يسعَ له. ذكَّرني هذا بالفريسيين. كنت أخشى أن يعارض أبي الله مثلهم ويفقد خلاص الله. لذا حذَّرته قائلًا: "عرف الفرّيسيون الكتاب المقدَّس جيدًا وبدوا أتقياءً لكنهم لم يعرفوا الرب على الإطلاق. لم يتناسب عمله مع مفاهيمهم ولم يسعوا بقلوب متواضعة، لكن تمسَّكوا بالنص الكتابي الحرفي، وقاوموه وأدانوه بجنون. لقد صلبوه وعاقبهم الله". قاطعني قبل أن أتمكَّن من الانتهاء. "أنت تتحدث عني؟ أنت تدعونني فريسيًا؟" فأجبتُ بسرعة: "أنا لا أدعوك فريسيًا يا أبي. أنا فقط لا أريدك أن تسلك مسلكهم في خدمة الله بينما تعارضه. لقد انتظرت عودة الرَّب كل هذه السنوات، ولكن الآن، رغم مجيء الرب، أنت ترفض السعى بتواضع. أنت عالق في النَص الكتابي الحرفي ومفاهيمك. لن تقبله. إذا نظرنا إلى عمل الله في الأيام الأخيرة بهذه الطريقة، سيديننا الله مثل الفرِّيسيين ونخسر خلاصنا. عمل دينونة الله القدير في الأيام الأخيرة هو خطوة الله الأخيرة والأكثر أهمية، لخلاص البشرية. ستنتهي قريبًا جدًا. لقد صنع بالفعل مجموعة من الغالبين قبل الكوارث، والتي ستقع علينا قريبًا. إذا لم نقبل دينونته وتطهيره، عندما تأتي الكوارث، سنبكي ونصرِّ على أسناننا". جعل هذا والدي أكثر غضبًا. فوقف وقال: "يكفي هذا منك! إذا واصلت الحديث، فلن تكون ابني من اليوم فصاعدًا. اخرج من هذا المنزل الآن!"
انزعجتُ للغاية عند سماعي هذا منه. كان والدي وأنا قريبين جدًا من قبل. كنا نتحاور بصراحة، ونقرأ الكتاب المقدَّس ونسعى معًا لمشيئة الله. علَّمني أن أكون صبورًا ومتسامحًا ومتواضعًا ومطيعًا. لم أتخيّل أبدًا أنه سيطردني بل حتى يعاملني كعدو لأنني شهدت لعمل الله في الأيام الأخيرة. بعد تصرفه هذا، عاملني بقية أفراد الأسرة ببرود. شعرت بالوحدة والعجز. بعثت برسالة إلى الإخوة والأخوات بالأمر، وأرسلت لي أخت مقطعًا من كلمات الله. "نشرُ الإنجيل واجب والتزام على الجميع؛ فعلينا أن نثابر على تحمَّل مسؤولية نشر الإنجيل دائمًا وفي أي وقت، بصرف النظر عما نسمع أو نرى، أو عن نوع المعاملة التي نلقاها. ولا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نتخلَّى عن تأدية هذا الواجب بدافع شعورنا بالسلبية أو الضعف. ليس واجب نشر الإنجيل أشبه بعملية إبحار سلسة، بل هو عمل محفوفٌ بالمخاطر؛ إذ إنكم عندما تنشرون الإنجيل، لن تواجهوا ملائكة أو كائنات فضائية أو رجالًا آليين، بل ستواجهون بشرًا شرارًا وفاسدين، ... وكلهم بشر يعيشون في هذا المكان الشرير وقد أفسدهم الشيطان بعمق وهم يقاومون الله. لذلك، فمن المؤكد أن عملية نشر الإنجيل مصحوبة بكل أنواع المخاطر، فضلًا عن الافتراءات التافهة وحالات التهكم وسوء الفهم، التي يوجد منها حتّى المزيد. إذا كنت بالفعل تعتبر نشر الإنجيل مسؤولية وفرضًا وواجبًا عليك، فستتمكن حينها من النظر إلى تلك الأمور بشكل صحيح، لا بل ستتمكن حتى من التعامل معها بأسلوب صحيح أيضًا، ولن تتخلى بسببها عن مسؤوليتك وعن واجبك، ولن تنحرف عن مقصدك الأصلي لنشر الإنجيل والشهادة عن الله، بسبب هذه الأمور؛ لأن هذا واجبك. كيف ينبغي فهْمُ هذا الواجب؟ إن قيمة هذه الحياة التي تعيشها ومسؤوليتك الأساسية فيها هي نشر الأخبار السارة عن عمل الله في الأيام الأخيرة ونشر إنجيل عمل الله" ("تسجيلات لأحاديث المسيح"). شجَّعتني كلمات الله كثيرًا. أدركتُ أن النبذ بسبب مشاركة الإنجيل هو أمر شائع حقًا. أفسد الشيطان الناس بعمق، وهم لا يحبون الحق. إنهم متغطرسون وعالقون في مفاهيمهم وتصوراتهم. لم يمكنني التخلي عن واجبي ومسؤوليتي في مواجهة الصعوبات. فكرت في سَفَر بطرس إلى جميع الأنحاء لنشر الإنجيل، على الرغم من معارضة والديه. لقد أُدينَ ووبِخَ واختُبِر مئات المرَّات، ثم كَمَّله الله. لقد عاش حياة ذات مغزى. كن عليَّ أن أكون مثل بطرس، أقوم بواجبي جيدًا وأنشر إنجيل الله مهما كان مقدار معاناتي أو سوء فهم أسرتي.
حزمتُ أغراضي في الصباح التالي، مستعدًا للمغادرة. قال أبي: "يمكنك البقاء إن أردت، لكن عليك التوقف عن الوعظ بطريق الله القدير". قلتُ بحزم: "أبي، أنت تعرف أنني أريد دائمًا أن أخدم الرَّب. ذهبت إلى مدرسة اللاهوت لأتعلَّم المزيد من حقائق الكتاب المقدَّس وأردّ محبة الله، لكنني قرأت الكتاب المقدَّس مرات عديدة دون أن أربح أي حق. كنت أشعر بمزيد من الظُلمة والظمأ الروحيين. كنت أقوم بأعمالٍ صالحة وأساعد الآخرين، لكنني لم أرغب في إعطاء زملاء الدراسة المحتاجين حقًا. وقفت في مقدمة اجتماعات الصباح والمساء لأكون مرئيًا. كنت أغار من الإخوة والأخوات الذين يجيدون عزف الآلات الموسيقية في مجموعة العبادة الخاصة بي لأنني لم أستطع إلا الترتيل. كنت أغار ممَّن كان أداؤهم أفضل مني في الاختبارات. لم أستطع السيطرة على هذه الأفكار الشريرة. لم أستطع الهرب من الخطية. لقد كان الأمر مؤلمًا حقًا. وأخيرا وجدت الإجابة عندما قرأت كلمات الله القدير. إن خطايانا مغفورة من خلال إيماننا بالرب، وهو لا يرانا خاطئين، ولكن طبيعتنا الخاطئة لم تُعالَج. إن قبول دينونة الله في الأيام الأخيرة هو السبيل الوحيد للتطهُّر والدخول إلى ملكوته. لقد سمعت صوت الله وأعلم أن الرَّب قد جاء. لقد نزل الملكوت. من واجبي أن أشارك إنجيل الملكوت مع المزيد من الناس، حتى لا أخذل الله". لم يبد مقاومًا بعد سماع هذا. بدا مستاءً قليلًا وقال: "يمكنك الذهاب. سأصلي من أجلك. إن كان الله القدير هو حقًا الرَّب يسوع العائد، فسأقبله. وإن لم يكن كذلك، فيجب عليك العودة".
مكثتُ في بيت ضيافة صغير بعد ذلك، أعمل لكسب قوتي أثناء مشاركة الإنجيل. كنت أصلي طوال الوقت، وضعًا والدي وبقية أفراد عائلتي في يدي الله. اتصل بي والدي فجأة بعد أسبوعين، وسألني عن حالي. قال لي إنه نادم حقًا على انفعاله عليَّ من قبل. قال إنه دائمًا ما أخبر الناس أن يكونوا متواضعين، لكنه فقد أعصابه معي، وكان صحيحًا أنه لم يستطع حفظ وصايا الرَّب. ثم قال: "عُد، أريد أن أعرف المزيد عن عمل الله القدير في الأيام الأخيرة". لقد فوجئت للغاية وشعرت بسعادة غامرة لسماع هذا منه. لقد كان شديد المقاومة لعمل الله الجديد، ولكنه يتواصل الآن ساعيًا. عرفتُ أن الله قد سمع صلاتي. قدَّمت شكري وتسبيحي لله. بعد عودتي للمنزل، قال أبي: "لم أستطع النوم بعد مغادرتك. كل ما قلته كان في ذهني ليلًا ونهارًا. واصلت الصلاة والرجوع للكتب المقدَّسة وهي تقول حقًا إن الله سيقوم بعمل الدينونة في الأيام الأخيرة، وإن الرب سيأتي في منتصف الليل سرًا، كابن الإنسان، وسيقرع أبوابنا، خراف الله تسمع صوت الله، ووحدهن العذارى الحكيمات يمكنهن سماع صوت الله، بينما العذارى الجاهلات لا تستطعن. أعتقد أنك كنت محقًا. لم أسمع بذلك من قبل، ولكن هناك أسس كتابية لكل ذلك، وتَبرُز الحقائق. ما قلتَه ينطوي على نبوّات مجيء الرب. إن كان الرَّب يسوع قد عاد حقًا، فهذا أمر مهم. علي أن أسعى لهذا. أنا قلق من أنني أصبحت فرِّيسيًا حقًا، وفقدت خلاص الله. أريد أن أسعى للحق بشأن عمل الله في الأيام الأخيرة". ثم طرح سؤالًا: "لقد خلَّصنا الرَّب يسوع بصلبه، وحَمَلَ خطيتنا كلها لذلك لا يرانا كخطاة، وعندما يأتي، يمكننا الذهاب مباشرة إلى الملكوت. لماذا يحتاج للقيام بهذه المرحلة من عمل الدينونة؟"
كنت سعيدًا للغاية لأن والدي كان لديه هذا النوع من الفهم والسعي. للإجابة عن سؤاله شاهدنا مقطع فيديو من فيلم "أغنية النصر"، يُدعى "لماذا يعود الرب للقيام بعمل الدينونة في الأيام الأخيرة؟" قرأت فيه الأخت مقطعين من كلمات الله القدير: "قبل أن يُفتدى الإنسان، كان العديد من سموم الشيطان قد زُرِعَت بالفعل في داخله. وبعد آلاف السنوات من إفساد الشيطان، صارت هناك طبيعة داخل الإنسان تقاوم الله. لذلك، عندما افتُدي الإنسان، لم يكن الأمر أكثر من مجرد فداء، حيث اُشتري الإنسان بثمن نفيس، ولكن الطبيعة السامة بداخله لم تُمحَ. لذلك يجب على الإنسان الذي تلوث كثيرًا أن يخضع للتغيير قبل أن يكون مستحقًّا أن يخدم الله. من خلال عمل الدينونة والتوبيخ هذا، سيعرف الإنسان الجوهر الفاسد والدنس الموجود بداخله معرفًة كاملة، وسيكون قادرًا على التغير تمامًا والتطهُّر. بهذه الطريقة فقط يمكن للإنسان أن يستحق العودة أمام عرش الله. الهدف من كل العمل الذي يتم في الوقت الحاضر هو أن يصير الإنسان نقيًّا ويتغير؛ من خلال الدينونة والتوبيخ بالكلمة، وأيضًا التنقية، يمكن للإنسان أن يتخلَّص من فساده ويصير طاهرًا. بدلًا من اعتبار هذه المرحلة من العمل مرحلةَ خلاص، سيكون من الملائم أن نقول إنها عمل تطهير. في الحقيقة، هذه المرحلة هي مرحلة إخضاع وهي أيضًا المرحلة الثانية للخلاص. يربح الله الإنسان من خلال الدينونة والتوبيخ بالكلمة؛ ومن خلال استخدام الكلمة للتنقية والإدانة والكشف تظهر كل النجاسات والأفكار والدوافع والآمال الفردية داخل قلب الإنسان بالتمام". "يمكن أن تُغفر خطايا الإنسان من خلال ذبيحة الخطية، ولكن لم يكن الإنسان قادرًا على حل المشكلة المتعلقة بكيفية ألا يخطئ مجددًا وكيف يمكنه التخلُّص من طبيعته الخاطئة تمامًا ويتغير. غُفرت خطايا الإنسان بسبب عمل صلب الله، ولكن استمر الإنسان في العيش بالشخصية الشيطانية الفاسدة القديمة. وعليه، يجب على الإنسان أن ينال الخلاص بالكامل من الشخصية الشيطانية الفاسدة لكي تُمحى طبيعته الخاطئة بالكامل ولا تعود لتظهر أبدًا، وهكذا تتغير شخصية الإنسان. هذا يتطلب من الإنسان أن يفهم طريق النمو في الحياة، وطريق الحياة، والطريق لتغيير شخصيته. كما يحتاج الإنسان إلى أن يتصرف وفقًا لهذا الطريق، لكي تتغير شخصيته تدريجيًّا ويمكنه أن يعيش تحت بريق النور، وأن يقوم بكل الأشياء وفقًا لمشيئة الله، حتى يتخلَّص من شخصيته الشيطانيَّة الفاسدة، ويتحرَّر من تأثير ظلمة الشيطان، وبهذا يخرج بالكامل من الخطية. وقتها فقط سينال الإنسان خلاصًا كاملًا" ("الكلمة يظهر في الجسد").
ثم شاركت هذه الشركة: "إن عمل الرَّب يسوع للفداء في عصر النعمة، غفر خطايا البشر فحسب، لكن تظل طبيعتنا الخاطئة كما هي. هذه هي طبيعتنا الشيطانية، وشخصياتنا الشيطانية، المتجذرة بعمق في قلوبنا وصارت هي حياتنا. لهذا ليس بوسعنا إلا أن نخطئ ونقاوم الله. طبيعتنا الشيطانية هي أصل ذلك. يمكن لله أن يغفر خطايانا، لكن طبيعتنا الخاطئة مترسخة بعمق، وصارتنا منذ زمنٍ بعيد حياتنا نفسها. لا يمكن مغفرة هذا. لذلك، يجب أن يديننا الله ويوبخنا، ليكتمل خلاصه لنا من عبودية طبيعتنا الشيطانية. يقوم الله بعمل الدينونة في الأيام الأخيرة للطبيعة والشخصيات الشيطانية داخل البشرية الفاسدة. ربما يسأل البعض، إن كان لا يمكن معالجة هذا إلا من خلال الدينونة والتوبيخ. إذا دفعنا ثمنًا وقمعنا أجسادنا، ومارسنا ضبط النفس، فهل سيمكننا معالجة طبيعتنا الشيطانية؟ بالتأكيد لا. تمامًا كما قال بولس: "فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ، أَيْ فِي جَسَدِي، شَيْءٌ صَالِحٌ. لِأَنَّ ٱلْإِرَادَةَ حَاضِرَةٌ عِنْدِي، وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَ ٱلْحُسْنَى فَلَسْتُ أَجِدُ" (روما 7: 18). لقد مررنا جميعًا بهذا النوع من الاختبار. لقد عانينا وأخضعنا أجسادنا للهروب من الإثم والتسامي على الجسد، ولكن من قد غلب الشيطان وخضع لله حقًا؟ تقريبًا لا أحد. هذا يظهِر أنه لا يمكننا معالجة طبيعتنا الشيطانية، بالاتكال على قدراتنا الشخصية. علينا أن نخضَع لدينونة الله وتوبيخه وتجاربه وتنقيته لنربح الحقَّ ونعالِج طبيعتنا الشيطانية حقًا. على أساس عمل فداء الرَّب يسوع، في الأيام الأخيرة، يدين الله القدير البشر ويوبخهم، ويعبِّر عن كل الحقائق التي تطهِّر الإنسان وتخلّصه، ويعلن أسرار عمل تدبير الله على مدى ستة آلاف سنة، مثل القصة غير المعلنة لعمله في عصور الناموس والنعمة والملكوت، وما تحقّق في كل منها، وأهمية دينونته في الأيام الأخيرة، وأسماءه، وسر التجسُّد، والقصة غير المعلنة للكتاب المقدَّس، وكيف ينهى العصر، وكيف يظهر ملكوت المسيح، ومصير كل أنواع البشر ويكشف أيضًا أصل الشر والظُلمة في العالم، وحقيقة إفساد الشيطان للجنس البشري. إنه يدين طبيعتنا وشخصياتنا الشيطانية التي تعارِض الله، ويكشفها. لقد مررنا ببضع سنوات من دينونة كلام الله وتوبيخه، وفهمنا طبيعتنا الشيطانية المقاوِمة لله، وأي سموم وشخصيات شيطانية داخل طبيعتنا الشيطانية وقد رأينا الحق في كيفية إفساد الشيطان لنا. لقد بدأنا نفهم شخصية الله البارّة التي لا تقبل الإثم وقد سقطنا أمام الله نادمين، محتقرين لأنفسنا. لقد بدأنا في ممارسة الحق والعيش بكلمات الله. إن شخصياتنا الفاسدة تتغيَّر ببطء وتتطهَّر. قل كذبنا وخطئنا ومقاومتنا لله. هذا كله من دينونة الله في الأيام الأخيرة. وحده عمل دينونة الله القدير يمكنه أن يطهِّر الإنسان ويخلّصه بالكامل. هذه حقيقة".
شاهد والدي كل شيء بانتباه. كانت كلماته قليلة، لكنه قال بصدق: "لقد فهمت الآن. أريد أن أبحث في عمل الله القدير في الأيام الأخيرة". أعطيته نسخة من كتاب "خراف الله تسمع صوت الله" وبدأ يقرأ كلمات الله القدير كل صباح. في بعض الأحيان كان يقارنها بالكتاب المقدَّس، لكن بعد فترة، رأى أن كلام الله القدير هو الحق وصوت الله. لقد تأكد من أن الله القدير هو الرَّب يسوع العائد، وقبلَ عمله في الأيام الأخيرة.
بعد فترة قصيرة سمع قِسنا القديم أن أبي قد قبل عمل الله القدير في الأيام الأخيرة، وجاء مع مبشِّر وزميل آخر لمنعه. شهد والدي لعمل الله في الأيام الأخيرة وقال بجدية: "لقد خدمت الرَّب لسنوات. أنا أعرف الكتاب المقدَّس جيدًا وأبدو تقيًا وأمينًا، لكنني لم أسعَ إلى الحقَّ أو أحقِّق بتواضع عندما سمعت أن الرَّب قد عاد. تجاهلتُ كل نبوّات الكتاب المقدَّس عن عودة الرَّب للقيام بعمل الدينونة في الأيام الأخيرة، وحتى طردتُ ابني من المنزل عندما شارك هذا الإنجيل معي. أنا متمرِّد جدًا. ظننت أنني فهمت الكتاب المقدَّس جيدًا، ولا يمكن لأحد أن يقنعني بخلاف ذلك، ولكن قراءة كلمات الله القدير، قد أثرت في حقًا. الآن أنا أفهم أن وحدهم الساعون للحق، هم الذين يستطيعون سماع صوت الله، وربح خلاصه في الأيام الأخيرة". بعد سماع شركته، والتفكير في مقاومته لعمل الله الجديد، تأثرتُ لدرجة البكاء. شكرتُ الله من أعماق قلبي. لقد رأيت حقًا أن كلام الله هو الحق ويمكنه أن يُخضِع قلوب البشر. بغض النظر عن مدى قوة المفاهيم الدينية لشخص ما أو مدى تمرَّد شخصيته، فإذا سعى وقرأ كلمات الله فإنه سيسمع صوت الله ويرى ظهوره. مثلما قال الرَّب يسوع: "خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي" (يوحنا 10: 27).
لقد قبلت عائلتي بأكملها، نحن السبعة، عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. وصرتُ أكثر ثقة في مشاركة الإنجيل.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.