الله قوّتي في الحياة

2019 أكتوبر 18

بقلم شاو– هي – مقاطعة خنان

اتّبعت الله القدير لأربع عشرة سنة، مرّت وكأنها في طرفة عين. خلال هذه السنوات، اختبرت تقلبات الزمان، وكانت الطريق شاقة في الغالب. لكن بما أن كلمة الله كانت معي، ومحبّته ورحمته ترافقانني، كنت أشعر بالرضى إلى حد بعيد. وعلى امتداد هذه السنوات الأربع عشرة، شكّلت حادثة توقيفي في شهر آب/أغسطس 2003 التجربة الأكثر رسوخًا في الذاكرة. تعرّضت خلال فترة احتجازي للتعذيب بوحشية على يد شرطة الحزب الشيوعي الصيني، ما تركني شبه معاقة. لكن الله القدير كان هو من سهر عليّ وحماني، ومن استخدم كلماته المرة تلو الأخرى لإرشادي، ما أتاح لي أن أتغلّب في نهاية المطاف على ممارسات التعذيب التي تعرّضت لها على يد أولئك الأبالسة، وأن أقف بثبات وأقدّم الشهادة له. خلال هذه التجربة، أحسست بعمق بالقوّة غير العادية لكلمات الله القدير، وبسلطان قوة حياته، ما أتاح لي أن أقرر أن الله القدير هو وحده الإله الحق الذي يسود على الكل ويحكم جميع الأشياء. بل وأكثر من ذلك، الله القدير هو خلاصي الوحيد، كما أنه الأوحد الذي يمكنني الاتّكال عليه، وما من قوّة عدوّ يمكنها أن تبعدني عنه، أو تمنعني من اتّباع خطواته.

لا يمكنني أن أنسى تلك الأمسية حين كنت مجتمعة مع اثنتين من أخواتي. سمعنا فجأة صوت نباح كلب خارج الباب، فضلاً عن وقع أقدام أشخاص يسيرون بمحاذاة جدار باحة الدار. بعد برهة قصيرة، سمعنا أحدًا يقرع الباب بإلحاح صارخًا: "افتحوا الباب، أنتم مُطوّقون!" قمنا بجمع أغراضنا بسرعة ووضعناها جانبًا، لكن في تلك اللحظة بالذات، خُلِع الباب بقوة، وبهر أبصارنا النور الساطع المنبعث من عدد من المصابيح الكاشفة التي تم توجيهها مباشرة إلينا، ما أجبرنا على إغماض أعيننا. بعدها فورًا، اقتحم أكثر من عشرة أشخاص الغرفة مسرعين، ودفعونا عنوة للوقوف بمحاذاة الجدار، وهم يصرخون: "لا تتحرّكوا، أحسنوا التصرّف!" من ثمّ، قام هؤلاء بتفتيش المنزل والعبث بمحتوياته، تمامًا مثل اللصوص. في تلك اللحظة بالذات، سمعت أزيز طلقتي رصاص من الخارج، تبع ذلك صراخ أحد رجال الشرطة داخل المنزل قائلاً: "لقد أوقفناهم! أوقفنا ثلاثة منهم!" بعدئذ، قيّدوا أيدينا، ودفعونا بفظاظة إلى داخل حافلة للشرطة. في تلك اللحظة، استعدت قدرتي على التفكير، وأدركت أننا تعرّضنا للتوقيف من جانب الشرطة. ما إن أصبحنا داخل الحافلة حتّى صرخ أحد رجال الشرطة في وجوهنا وهو يمسك بهراوة صعق كهربائي: "أصغوا إليّ جميعًا هنا: لا تتحرّكوا، فأنا سأصعق كل من يتحرّك، حتى وإن أدّى ذلك إلى قتلكم، فأنا لن أخالف القانون!" في الطريق، عمد اثنان من رجال الشرطة الأشرار هؤلاء إلى حصري في وسط المقعد بينهما، وقام أحدهما بوضع رجليّ في حضنه وسحبني بين ذراعيه. ثمّ قال بفجور: "سأضيّع فرصتي إن لم أنل بغيتي منك!" بعدئذ، التصق بي بإحكام رغم أنني كنت أناضل بكلّ قوّتي، إلى أن تدخّل شرطيّ آخر قائلاً: "توقف عن التصرف بخفّةا! لنسرع وننهِ مهّمتنا بنجاح." وعند ذلك فقط، تركني وشأني.

أحضرونا بعدها إلى مركز الشرطة، واحتجزونا في غرفة صغيرة للغاية، وعمدوا إلى تقييد كل واحدة منا على كرسي معدني. وبنبرة قاسية، سألنا الشخص المكلَّف بحراستنا عن أسمائنا ومكان إقامتنا. كنت متوتّرة، ولم أكن أعلم ما كان ينبغي عليّ قوله، فصلّيت إلى الله بصمت، سائلة إياه أن يمنحني الحكمة ويزوّدني بالكلمات الصحيحة التي يجب أن أقولها. وعندها، نوّرتْني كلمات الله: "أن تعتبر دائمًا مصالح عائلة الله أهم شيء بغض النظر عمّا تقوم به، وأن تقبل عناية الله، وتخضع لترتيبات الله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كيف هي علاقتك مع الله؟) .هذا صحيح! ينبغي عليّ دائمًا أن أضع مصالح عائلة الله في المقام الأوّل. ومهما عذّبوني أو نكّلوا بي، لا يفترض بي أن أبيع إخوتي وأخواتي، أو أن أتحوّل إلى يهوذا وأخون الله. كان يتعيّن عليّ أن أقف بحزم وأشهد لله. وبعد ذلك مهما حقق معي ، كنت أتجاهله. في صباح اليوم التالي، وبينما كانوا يهمّون بأخذنا إلى المعتقل، قال ضابط الشرطة الفاسق: "خرجنا في حملة تفتيش للقبض عليكم! تعيّن علينا مواصلة البحث إلى أن وجدناكم!" وفيما كان يضع الأغلال حول يديّ، تلمّس ثدييّ، فأصابني غضب شديد. لم أتخيّل إطلاقًا أن شرطة الحزب الشيوعي الصيني قد تتحرّش بي بمثل هذه الطريقة في وضح النهار. كانوا أشبه برجال العصابات وقطاع الطرق! وكانت تصرّفاتهم بالفعل مقرفة وبغيضة!

في مركز الاحتجاز، وليجعلوني أطلعهم على عنوان منزلي وعلى معلومات عن إيماني بالله، أرسل رجال الشرطة أولاً إحدى ضابطات الشرطة لإقناعي والتملّق لي من خلال لعب دور الشرطية الصالحة معي. وعندما أدركوا أن ذلك لم ينجح، قاموا بالتقاط مقطع فيديو لي عنوة، وقالوا إنهم سيأخذون الفيديو إلى إحدى المحطات التلفزيونية ليحطّموا سمعتي من خلاله. لكنني كنت أدرك، أنني، بكل بساطة، مؤمنة بالله، وأنني كنت أتبع الحق وأسلك الطريق الصحيح في الحياة، ولم أقم بأي شيء مشين، كما لم أفعل أي شيء غير قانوني أو أرتكب أي فعل جرمي، لذلك أجبت بنبرة ساخطة: "افعلوا ما يحلو لكم!" عندما وجدوا أن مراوغتهم لم تنفع، قرّرت هذه الشرطة الشريرة أن تعذّبني بقسوة. وكما لو أنني بمثابة مجرمة محترفة، قاموا بتقييد يديّ، ووضعوا في قدميّ أصفادًا يبلغ وزنها 5 كلغ، ثمّ رافقوني إلى مركبة لأخذي إلى الاستجواب. ولأن الأصفاد كانت ثقيلة جدًا على قدميّ، كان عليّ أن أجرَّها أثناء المشي. كان السير بالنسبة إلي صعبًا للغاية، فبعد بضع خطوات انكشط جلد قدميّ وبدأ ينزف. وما إن استقلّينا المركبة حتى غطّوا رأسي بكيس أسود، وحصروني بين ضابطي شرطة. ومن وقع الصدمة، فكّرت في داخلي على الفور: "إن الحسّ البشري معدوم لدى هؤلاء الشرطة، ولا يمكن التكهّن بالوسائل الشريرة التي يمكن أن يستخدموها لتعذيبي. فما الذي سيحدث إن لم أستطع تحمل التعذيب؟" عندها، صلّيت بسرعة إلى الله قائلة: "يا الله القدير! إن جسدي ضعيف وقد لا يمكنه تحمّل الظروف التي أوشِك على مواجهتها. أرجو أن تحميني وتعطيني الإيمان. ومهما كانت صنوف التعذيب التي سأتعرض لها، أتمنى أن أظل ثابتة في شهادتي لأرضيك، وأنا أرفض بشكل قاطع أن أخونك." دخلنا إلى مبنى فأزالوا الكيس عن رأسي، وأمروني بعدئذ أن أظل واقفة على قدميّ طوال اليوم. في ذلك المساء، جلس ضابط الشرطة في مواجهتي، واضعًا ساقًا فوق ساق، وقال لي بنبرة متوحّشة: "إذا تعاونت في الإجابة على أسئلتي، سيتم الإفراج عنك! منذ كم سنة أنت تؤمنين بالله؟ من بشّرك به؟ ومن هو قائد كنيستك؟" عندما رفضت الإجابة، صرخ غاضبًا: "يبدو أنك لن تجيبي ما لم نجعل البديل واضحًا!" بعدها، أمرني أن أرفع يديّ عاليًا فوق رأسي وأن أقف على رجليّ دون حراك. لم يمرّ وقت طويل حتى بدأت ذراعاي تؤلمانني، وحتى لم يعد باستطاعتي أن أبقيهما مرفوعتين فوق رأسي، ومع ذلك لم يكن ليسمح لي بإنزالهما. وفقط عندما بدأت أتصبّب عرقًا، وأصبح كل جسدي يرتجف، ولم يعد بإمكاني أن أبقي ذراعي مرفوعتين فوق رأسي، أذن لي بإنزالهما، لكن من دون أن يسمح لي بالجلوس. طُلِب منّي أن أظل واقفة على رجليّ حتى طلوع الفجر، فأصبحت ساقاي وقدماي خدرتين ومتورّمتين.

في صباح اليوم الثاني، بدأوا باستجوابي من جديد، لكنني كنت مصرّة على عدم البوح بأي شيء لهم. فقاموا بإزالة الأغلال من إحدى يديّ، وضربني قائدهم بعنف على مؤخرة ركبتي بواسطة عصا خشبية بسماكة 10 سم وطول 70 سم، ما أجبرني على الركوع على ركبتيّ. قام بعدها بإدخال العصا الخشبية في الصدع الخلفي لركبتيّ، ثم شدّ ذراعيّ لتصبحا أسفل العصا الخشبية، وأجبرني على وضع الأغلال في يديّ مجددًا. شعرت فورًا بضغط في صدري، وبصعوبة بالغة في التنفّس، وأحسست أن الأوتار العضلية لكتفي مشدودة إلى حد أنها ستتمزّق. كذلك، كانت ربلتا ساقيّ مشدودتين إلى درجة شعرت معها أنهما ستنكسران. كنت موجوعة جدًا حتى إنني كنت أرتعد من قمة رأسي إلى أخمص قدميّ. بعد حوالي ثلاث دقائق، حاولت أن أعدّل الوضعيّة التي كنت فيها، لكن لم يكن باستطاعتي الاستناد إلى أي شيء، فسقطت على ظهري سقطة مدوية، ووجهي إلى أعلى. قام أحد رجال الشرطة الأربعة الموجودين في الغرفة بتوجيه الشرطيين الآخرين للوقوف كل منهما على أحد جانبيّ، وشدّ العصا الخشبية نحو الأسفل بإحدى يديهما والضغط على كتفيّ إلى الأمام باليد الأخرى. كذلك أمر الشرطي الثالث بوضع رأسي بإحكام بين يديه مع ركل ظهري برجله، جاعلاً إياي في وضعية القرفصاء، التي أمروني بالحفاظ عليها بعدئذ. ولكنني كنت أشعر بألم لا يطاق في كل أنحاء جسدي، وبعد قليل سقطت على الأرض من جديد، فما كان منهم إلا أن أجبروني على اتّخاذ وضعية القرفصاء مرة أخرى. استمررت في السقوط وظلوا يقيمونني ويجلسونني في وضعية القرفصاء المرة تلو الأخرى، وقد استمر هذا النوع من التعذيب لحوالي ساعة. بعدها، انقطعت في نهاية المطاف أنفاسهم جميعًا وأخذوا يتصببون عرقًا، فقال قائدهم: "هذا يكفي، أنا متعب جدًا للقيام بذلك!" عندئذ فقط، عمدوا إلى إزالة جهاز التعذيب. شعرت بالوهن في كل أنحاء جسمي، واستلقيت ممددة على الأرض وأنا مقطوعة الأنفاس ومنهارة تمامًا. عند هذه النقطة، كانت الأغلال قد أدّت إلى كشط جلد معصميّ تمامًا، وكانت الدماء تغطّي كاحليّ أسفل أصفاد الرجلين. وكان الألم شديدًا لدرجة أنني كنت أتعرّق وأرتعد من قمّة رأسي إلى أخمص قدميّ، وكلّما كان العرق يتسرّب إلى داخل جراحاتي، كنت أشعر بألم من يتعرّض لطعنات سكين. في مثل هذه الحالة من البؤس المدقع، لم يكن بوسعي سوى أن أستمرّ في الصراخ من أعماق قلبي: "يا الله! خلّصني، لم أعد أستطيع أن أتحمّل أكثر من ذلك!" وفي تلك اللحظة، أشرقت كلمات الله عليّ: "عندما يكون الناسُ مُستعدين لأن يضحّوا بحياتهم يصبح كلُّ شيء تافهاً، ولا يمكن لأيٍّ كان أن ينتصر عليهم. ما الذي يُمكِنُ أن يكون أكثر أهمية من الحياة؟" ("الفصل السادس والثلاثون" في "تفسيرات أسرار كلام الله إلى الكون بأسره" في "الكلمة يظهر في الجسد"). على الفور، كلمات الله جعلت كلّ الأمور واضحة بالنسبة لي. إن الشيطان يعلم جيدًا أن الناس يحبّون أجسادهم، وأنهم يخافون من الموت بدرجة أكبر، لذا كان يسعى إلى إلحاق أكبر قدر ممكن من الأذى بجسدي ليجعلني أخاف الموت، وبالتالي أخون الله. كان ذلك مخططه، ولكن الله كان يستخدم أيضًا مخطط الشيطان ليختبر إيماني وإخلاصي تجاهه. أراد الله منّي أن أشهد له في حضور الشيطان، ليُذل الشيطان بالتالي. وما إن فهمت مشيئة الله، حتّى استعدت مرة أخرى إيماني وقوّتي، وكذلك إصراري على الوقوف بثبات لأشهد لله، حتى وإن تعيّن علي أن أدفع حياتي ثمنًا لذلك. وما إن أقسمت اليمين أن أذهب إلى حد التضحية بحياتي لإرضاء الله، بدا ألمي أقل وطأة بكثير، كما أنني لم أعد أشعر بذلك القدر من الأسى والبؤس. بعد ذلك، أمرني رجل الشرطة بالوقوف مجددًا، قائلًا بغضب: "أعتقد أنني قلت لك أن تقفي! فلنرَ كم من الوقت يمكنك أن تظلّي واقفة!" وهكذا، أجبروني على البقاء واقفة على قدميّ حتى حلول الظلام. وفي المساء، حين توجّهت إلى الحمام، كانت ساقاي متورمتين ومغطاتين بالدم المتخثّر نتيجة للأغلال، لذا لم يكن بوسعي سوى أن أجرجر رجليّ على الأرض، ولمسافة قصيرة فقط في كل مرة. كنت أجد صعوبة بالغة في التحرك، إذ كنت أشعر في كل مرة بألم حاد في رجليّ، ومع كل وطأة قدم كان هناك دفق من الدم الجديد. احتجت إلى حوالي ساعة من الوقت لأقطع مسافة 30 مترًا ذهابًا وإيابًا إلى المرحاض. في تلك الليلة، لم يسعني إلا أن أفرك ساقي المتورمتين بيديّ، وكنت أشعر بالألم فيهما سواء جررتهما بالقرب مني أو مددتهما قليلاً. كان الألم عظيمًا، لكن ما كان يواسيني أنني، وبفضل حماية الله لي، لم أخن الله.

في صباح اليوم الثالث، استخدمت هذه الشرطة الشريرة مجدّدًا الطريقة نفسها لتعذيبي. ففي كل مرة كنت أسقط فيها أرضًا، كان الشرطي المسؤول يضحك بخبث قائلاً: "هذه كانت سقطة رائعة! لنحصل على واحدة أخرى! وبعد ذلك، كانوا يلتقطونني عن الأرض فأقع مجددًا، وكان الشرطي المسؤول يقول: "أحبك في هذه الوضعية، تبدو جيدة. أعيدي الكرة مجددًا!" قاموا بتعذيبي مرارًا وتكرارًا بهذه الطريقة لمدة ساعة تقريبًا، إلى أن توقفوا أخيرًا والعرق يتصبب من جباههم بسبب الإرهاق. انهارت قواي وسقطت أرضًا، ووجهي إلى أعلى، وكان ينتابني إحساس بأن السماء تغزل في رأسي. لم يكن باستطاعتي أن أتوقف عن الرّجفان، كما أن العرق المالح الذي كان يتصبب مني بغزارة جعل من المستحيل بالنسبة لي أن أفتح عينيّ، وكنت أشعر بالغثيان لدرجة أنني أردت أن أتقيأ. كما شعرت وكأنني على وشك أن أموت. وفي تلك اللحظات أومضت كلمات الله في ذهني: "'لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا.' ... إنَّ التنين العظيم الأحمر يضطهِدُ اللهَ وهو عدوّه. لذلك يتعرّضُ المؤمنون بالله في هذه الأرض إلى الإذلال والاضطهاد. ولهذا السبب ستصبح هذه الكلمات حقيقة فيكم أيتها الجماعة من الناس" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. هل عملُ الله بالبساطة التي يتصورها الإنسان؟). إن كلمات الله جعلتني أفهم أنه في الصين – وهي دولة محكومة من الأبالسة، حيث يضمن لك الإيمان بالله واتّباعه معاناة قدر كبير من الإذلال والضرر – ينوي الله استخدام هذا الاضطهاد لإفراز مجموعة من الغالبين، وبالتالي هزيمة الشيطان. وهذه بالضبط هي الأوقات التي يتعيّن علينا فيها أن نُبرزَ مجد الله ونشهد له. أن أكون قادرة على لعب دوري في سبيل تحقيق مجد الله لهو شرف بالنسبة لي. من خلال الاسترشاد بكلمات الله، لم أتمكّن فقط من اكتشاف قوة عظيمة، بل أعلنت كذلك للشيطان في قلبي: "يا إبليس الحقير، لقد حزمت أمري، وبصرف النظر عن كيفية تعذيبك لي، فلن أخضع لك. وحتى إن متّ، أتعهد بأنني سأظل واقفة إلى جانب الله." عندما رأى ضابط الشرطة المسؤول أنني ما زلت مصرةّ على عدم الإجابة على أسئلتهم، أزال العصا بغضب، قائلاً بغيظ: "هيا، قفي على رجليك! سنرى كم سيطول وقت عنادك. سنلعب الآن لعبة طويلة الأمد معك. أنا متأكد من أننا سنكسر إرادتك في نهاية المطاف!" لم يكن من خيار أمامي سوى أن أحاول الوقوف رغم الألم الشديد في قدميّ، ولكن ساقيّ كانتا متورمتين ومتألمتين إلى حد أنني لم أتمكن من الوقوف بشكل مستقيم، بل كنت مضطرة للاستناد إلى الحائط. بعد ظهر ذلك اليوم، قال لي ضابط الشرطة المسؤول: "عندما يتعرّض الآخرون لضغط التعذيب، يتحدثون جميعًا من المرة الأولى. لكن يبدو أنه يمكنك تحمّل المزيد من الإساءات! فرغم الحالة المزرية لساقيك ما زلت ترفضين الكلام. لا أعرف من أين تستمدّين القوّة..." بعد ذلك، نظر إليّ مجدّدًا صارخًا: "لقد جعلت الكثير من الناس يبوحون بأسرارهم، فكيف تجرُئين على الوقوف في وجهي؟ حتى وإن لم نتمكّن من جعلك تتكلّمين، يمكننا مع ذلك أن نحكم عليك بالسجن من 8 إلى 10 سنوات، وسنجعل السجناء الآخرين يلعنونك ويضربونك كل يوم! سنصلح شأنك!" عندما سمعته يقول ذلك، فكرت في داخلي: "الله معي، لذلك فأنا لست خائفة حتّى وإن حكمتم عليّ بالسجن من 8 إلى 10 سنوات." وعندما لم أجب، ضرب فخذه غاضبًا، وداس الأرض بقدمه قائلاً: "قضينا أيامًا ونحن نحاول أن نكسر إرادتك. إذا كان الجميع مثلك، كيف سيتسنّى لي القيام بعملي؟" ابتسمت في داخلي عندما سمعته يقول ذلك؛ لأن ذلك يثبت أن الشيطان يقف عاجزًا ومهزومًا تمامًا على يد الله! في تلك اللحظة، لم يسعني سوى التفكير في كلمات الله: "لقوة حياة الله القدرة على السمو فوق أي قوة، بل والتفوق على أي قوة؛ فحياته أبدية وقوته غير عادية، ولا يمكن لأي مخلوق أو عدو قهر قوّة حياته" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. وحده مسيح الأيام الأخيرة قادر أن يمنح الإنسان طريق الحياة الأبدية). إنّ كل كلمة من كلمات الله هي الحقّ، وفي ذلك اليوم اختبرت الحقّ شخصيًّا. لم أكن قد تناولت أي طعام أو شراب كما أنني لم أحصل على أي قسط من النوم طيلة ثلاثة أيام، وكنت قد تعرضت للتعذيب بقسوة، لكن مع ذلك كنت لا أزال أقاوم، وذلك يعود بشكل تامّ إلى القوّة التي منحني إياها الله. كان الله هو من يحرسني ويحميني. لولا الدعم القوي من الله، لانكسرت إرادتي منذ فتره طويلة. إن قوة حياة الله عظيمة جدًا بالفعل، والله قدير حقًا! وبعد أن شهدت أعمال الله، أصبح لدي إيمان أقوى بضرورة أن أشهد لله أمام الشيطان.

في صباح اليوم الرابع، أجبرتني الشرطة الشريرة على إبقاء ذراعيّ ممدودتين إلى الامام، وجعلهما بموازاة كتفيّ، والحفاظ على وضعية نصف القرفصاء، ثمّ عمدوا إلى تعليق قضيب خشبي على ظهر يديّ. بعد وقت قصير، شعرت بأنني لم أعد قادرة على الحفاظ على تلك الوضعيّة. سقطت يداي، وتدحرج القضيب الخشبيّ على الأرض. بعدئذ، التقطوا القضيب واستخدموه ليضربوا بوحشية مفاصل أصابعي وركبتيّ، وكانت كل ضربة تسبب لي آلامًا مبرّحةً، ثمّ أجبروني على متابعة اتّخاذ وضعيّة نصف القرفصاء. بعد عدة أيام من التعذيب، أصبحت رجلايَ متورمتين ومتألمتين بالفعل، وبالتالي، بعد لحظة واحدة من جلوسي القرفصاء، لم تعد رجلايَ قادرتين على تحمل وزن جسمي، وسقطْتُ منهارة على الأرض بشدة. أنهَضوني مجدّدًا، لكن في اللحظة التي تركوني فيها، انهرت من جديد. وقد تكرّر ذلك عدّة مرات. كانت أردافي مصابة برضات قوية لدرجة أنها لم تعد قادرة على تحمّل سقوطي على الأرض بهذه الطريقة. وكنتيجة لذلك، انتابني ألم شديد، ما جعل العرق يتصبب من كل أنحاء جسمي. قاموا بتعذيبي على هذا النحو لمدة ساعة تقريبًا، أمروني بعدها بالجلوس على الأرض، ثم جلبوا وعاء من الماء شديد الملوحة، وأمروني بشربه. عندما رفضت، أمسك أحد رجال الشرطة الشريرة هؤلاء بجانبَيْ وجهي، بينما وضع آخر إحدى يديه على جبهتي، وفتح فمي بالقوة باليد الأخرى، وسكب محتوى الوعاء داخل حلقي. أصبحت المياه المالحة أشد مرارة ولذوعة في حلقي، وفورًا شعرت كأن في معدتي نارًا تضطرم، وكان الألم الذي أشعر به لا يطاق لدرجة أنني كنت أرغب في البكاء بشدة. عندما رأوا حجم انزعاجي، قالوا بلؤم: "إن شرب الماء المالح يجعلك لا تنزفين كثيرًا حين نضربك." بالكاد استطعت احتواء الغضب الذي شعرت به عندما سمعت تلك الكلمات. لم أكن أتخيل أبدًا ان شرطة الحزب الشيوعي الصيني التي يفترض بها أن تكون مستقيمة، يمكن لها أن تكون قذرة وخبيثة إلى هذا الحد. إن أولئك الأبالسة الأشرار لم يهدفوا فقط إلى التلاعب بي وأذيّتي، بل سعوا كذلك إلى إذلالي. في تلك الليلة، أتى إليّ واحد من رجال الشرطة الشريرة هؤلاء، وجلس أمامي القرفصاء، لامسًا وجهي بيده، بينما كان يتوجّه إلي بكلمات قذرة. كنت غاضبة جدًا لدرجة أنني بصقت مباشرة في وجهه. فما كان منه إلا أن اغتاظ كثيرًا وصفعني بشدة، ما جعلني أرى سواد النجوم في عيني، وما أحدث طنينًا في أذنيّ. بعدئذ قال لي بنبرة تهديدية: "أنتِ لم تختبري بعدُ ما تبقى من أساليب الاستجواب لدينا. إذا متّ هنا، لن يعرف بذلك أحد أبدًا. اعترفي الآن، وإلا فهناك الكثير من المرح الذي يمكننا القيام به تجاهك!" في تلك الليلة، تمددت على الأرض، وأنا عاجزة تمامًا عن الحركة. أردت الذهاب إلى المرحاض، فطلبوا مني الوقوف بمفردي. من خلال استخدام كل قواي، تمكّنت من الوقوف ببطء، ولكنني انهرت من جديد بعد أن مشيت خطوة واحدة فقط. كنت عاجزة تمامًا عن الحراك، ما جعل إحدى الشرطيات تسحبني على الأرض إلى الحمام، حيث أغمي عليّ من جديد. عندما استيقظت، وجدت نفسي في غرفتي الخاصة. رأيت أن ساقيّ متورّمتان لدرجة أن جلدهما كان يلمع، وأصبحت قيود اليدين وأصفاد الرجلين مغروسة بعمق في جلد معصميّ وكاحليّ، بينما كان الدم والقيح يسيلان من جروحي، وكان كل ذلك مؤلمًا جدًا لدرجة لا يمكنني وصفها. فكرت فيما تبقّى من تقنيات التعذيب التي قال للتوّ الضابط الذي تلمّس وجهي أنها ستستخدم ضدّي، فلم يسعني سوى أن أشعر بأنني ضعيفة. لذا صليت إلى الله: "يا الله! لا أعرف ما الذي سيفعله هؤلاء الشياطين لتعذيبي أكثر من ذلك، ولم يعد بإمكاني الصمود. ارشدني من فضلك، واعطني الإيمان، وامنحني القوّة، واسمح لي أن أتمسك بالشهادة لك." بعد أن صلّيت، تذكرت المعاناة التي تحمّلها الله في المرّتين اللتين تجسد فيهما من أجل تخليص البشرية: في عصر النعمة، ومن أجل افتداء البشرية، تعرّض الرب يسوع للإهانة والضرب والإذلال من جانب الجنود والجموع، كما أجبر على وضع تاج من الأشواك على رأسه، وفي نهاية المطاف، سمّر على الصليب وهو لا يزال حيًّا يرزق. أما اليوم، فقد قام الله بمخاطرة أشدّ من خلال تجسّده – بصمت ودون شكوى – للعمل في بلد ملحد، إذ عانى من اضطهاده والقبض عليه من جانب حكومة الحزب الشيوعي الصيني، كما واجه مقاومة عنيفة، ورفضًا، وإدانة من العالم الديني. وعندها، استذكرت من جديد كلمات الله القائلة: "أليست المعاناة التي تواجهونها الآن هي معاناة الله ذاتها؟ تعانون مع الله، ويكون الله مع الناس في معاناتهم. لديكم جميعًا اليوم نصيب في ضيقة المسيح وملكوته وصبره، وبعد ذلك، في النهاية ستنالون المجد. هذا النوع من المعاناة ذو معنى. بدون وجود إصرار لن تنالوا مجدًا؛ يجب أن تفهموا أهمية معاناة اليوم ولماذا يجب أن تعانوا من ذلك. اِسْعَ إلى نيل قدر يسير من الحقٍ من خلال هذا، وافهم القليل عن قصد الله، وبعد ذلك سيكون لديك إصرارًا على تحمُّل المعاناة" ("السعي وراء الحق وحده يمكنه إحداث تغيير في شخصيتك" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). هذا صحيح ، لقد تحمّل الله منذ فتره طويلة المعاناة التي كنت أختبرها. كان الله بريئًا، ولكن، من أجل تخليص البشرية الفاسدة، تحمل كل عذاب وذل؛ أما المعاناة التي كنت أختبرها فقد كانت تهدف فقط إلى تمكيني على المستوى الشخصي، من تحقيق الخلاص الحقيقي. بعد تأمّلي في هذه المسألة بشكل أوثق، أدركت أن معاناتي الشخصية لا تكاد تستحق أن تذكر مقارنة بالمعاناة التي اختبرها الله. وأخيرًا، استطعت أن أفهم مدى قساوة التعذيب والإذلال الذي تعرّض له الله لتخليصنا، وشعرت كم أن محبة الله للبشرية قويّة وغير أنانية! لقد شعرت في قلبي باشتياق وتوق إلى الله. ومن خلال معاناتي، سمح الله لي أن أرى المزيد من آيات قوّته وسلطانه، وأن أدرك أن كلماته تمثّل قوة الحياة بالنسبة للإنسان، وأنها قادرة على مساعدتي في التغلب على أية صعوبة. من خلال تلك المعاناة، كان الله يصقل إيماني أيضًا، ويهذّب إرادتي، ويسمح لي بالتعويض عما ينقصني، ومعالجة أوجه القصور في داخلي لبلوغ الكمال. فهمت مشيئة الله، وأدركت ان المعاناة التي اختبرتها في ذلك اليوم كانت بمثابة هدية عظيمة من نعمة الله، وأن الله كان معي، لأنني لم أكن وحدي. ولم يكن بوسعي سوى أن أذكر ترنيمة الكنيسة: "الله عوني، ممَّّ أخاف؟ أتعهد بحياتي أن أحارب الشيطان حتى النهاية. الله يرفعنا، ينبغي علينا أن نترك كل شيء خلفنا ونقاتل لنقدم شهادة للمسيح. سينفذ الله مشيئته على الأرض. سأعد محبتي وولائي وأكرسها لله كلها. سأرحب بمجيء الله بابتهاج عندما ينزل في مجد، وسأقابله من جديد عندما يتحقق ملكوت المسيح" ("الملكوت" في "اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة").

في اليوم الخامس، استمرّت هذه الشرطة الشرّيرة في إجباري على اتّخاذ وضعية نصف القرفصاء. كانت ساقايَ وقدمايَ متوّرمتين لدرجة أنني لم أعد قادرة على الوقوف عليها إطلاقًا، فقام رجال الشرطة بمحاصرتي ودفعوني بينهم من واحد لآخر. كذلك، عمد بعضهم إلى استغلال حالتي ليتلمّسوا جسدي. ومن فرط ما كنت خدرة، لم يكن بوسعي سوى أن أدعهم يتلاعبون بي كالدمية. كنت قد تعذبت بالفعل إلى درجة أن رأسي كان يغزل وأن رؤيتي كانت ضبابية. وفي اللحظة التي شعرت فيها أنه لم يعد بإمكاني تحمل العذاب لفترة أطول، سمعت فجأة وقع خُطا خارج الباب، ما جعل رجال الشرطة يركضون نحو الباب ويغلقونه، ويوقفون لعبتهم القذرة. أدركت أن الله هو من كان يظهر الرحمة تجاهي، ويخفف من ألمي. في تلك الليلة، أتى إليّ أحد رجال الشرطة الشريرين، وخلع حذاءه، ثمّ وضع قدمه النتنة مقابل وجهي، قائلاً بفجور: "ما الذي تفكرين به وأنت تجلسين هناك؟ هل تفكرين بالرجال؟ حسنًا، ماذا عن ذلك؟ كيف تعجبك نتانة رائحة قدمي؟ أعتقد أن نتانة رائحتها هي بالضبط ما كنت تفتقدين إليه! لقد جعلتني لغته القذرة أمتلئ غضبًا. حدّقتُ إليه غاضبة، وبينما كنت أنظر في وجهه الوقح والمقرف، تذكرت مرة أخرى كيف تعرّضت للتعذيب والإذلال القاسي بشكل متكرر. إن هؤلاء يفتقرون إلى أدنى حسّ إنساني، وهم أسوأ من الوحوش، وليسوا سوى حفنة من الأبالسة الذين ينقصهم المنطق تمامًا، وقد كرهت أولئك الأبالسة حتى العظم! من خلال تجاربي الشخصية على مدى الأيام القليلة الماضية، أدركت أن رجال شرطة الحزب الشيوعي الصيني، الذين كنت أعتبرهم في الماضي مثالاً وقدوة في الاحترام، ليسوا في الحقيقة سوى أوغاد وقحين، ما جعلني مصممة على الابتعاد عن الشيطان، والوقوف بثبات، والشهادة من أجل إرضاء الله.

في اليوم السادس، بدأت أغفو بشكل غير إرادي، فأعلن الشرطي المسؤول بفخر: "بدأت أخيرًا تستغرقين في النوم! هل تريدين أن تنامي؟ انسي الموضوع! سنحرمك من النّوم إلى أن نكسر إرادتك! دعينا نرى كم ستتمكّنين من الصمود!" بعدئذ، كانوا يتناوبون على مراقبتي، وفي اللحظة التي كنت أغمض فيها عينيّ أو كان النعاس يغلبني قليلاً، كانوا يخبطون على الطاولة بسياطهم، أو يضربون بقضيب خشبي رفيع ساقيّ اللتين كانتا منتفختين لدرجة أن جلدهما كان يلمع، أو يشدّون شعري بعنف، أو يدوسون على قدميّ، وكنت أستيقظ في كل مرة مرعوبة. في بعض المرات، كانوا يركلون أصفادي، فتلامس جروحي الملتهبة، وتسبب ما يكفي من الألم لجعلي أستيقظ مصدومة. أخيرًا، أصبت بألم شديد في الرأس لدرجة أنني كنت أشعر وكأنه سينفجر. كذلك، كنت أشعر وكأن الغرفة تغزل، وسقطت على الأرض منهارة على وجهي، ثمّ أغمي عليّ.... وفي خضمّ حالة الغيبوبة التي كنت فيها، سمعت الطبيب يقول: "لم تدعوها تأكل أو تنام لأيّام؟ أنتم تتصرفون بقسوة بالغة. وهذه الأصفاد راسخة بعمق في اللحم. لا يمكنها أن تتحملّها بعد الآن." بعد أن غادر الطبيب، وضع رجال الشرطة في قدميّ أصفادًا تزن 2,5 كلغ وضمّدوا جراحاتي، وعندئذ فقط استعدت وعيي. أدركت أنني نجوت فقط بفضل قدرة الله الكليّة؛ لأن الله كان يحميني خفية، ويخفف من ألمي ويقلل من عذاباتي، وذلك من خلال تحدّثه عبر الطبيب. كان إيماني بالله أقوى من أي وقت مضى، وأصبح لديّ تصميم على محاربة الشيطان حتى النهاية. كان الله بمثابة سندي القويّ وملجئي. وأدركت أنه من دون سماح الله، لن يتمكّن الشيطان من أخذ حياتي، مهما تمادى في تعذيبي.

في صباح اليوم السابع، كنت متعبة لدرجة أنه ما عاد بإمكاني تحمل العذاب لفترة أطول، وبقيت أغفو بشكل لا إرادي. رأى أحد رجال الشرطة الشريرين حالتي، فكان يدوس دومًا على أصابع قدمي، ويقرصني في ظهر يديّ، ويصفعني على وجهي. بعد ظهر ذلك اليوم ، طلبت مني الشرطة الشريرة مرة أخرى معلومات عن الكنيسة. فصليت بسرعة إلى الله قائلة: "يا الله! أنا أفتقر إلى النوم لدرجة أنه لم يعد بإمكاني التفكير بوضوح. أرجو أن تحميني وتمنحني ذهنًا صافيًا، كي أستطيع أن أشهد لك في جميع الأوقات." بفضل حماية الله، وعلى الرغم من أنني ظللت مستيقظة لسبعة أيّام وستّ ليال، دون أي طعام أو ماء أو نوم، ظلّ ذهني صافيًا تمامًا، ورغم الإغراءات المتنوّعة التي قدّموها لي، كنت أصرّ على عدم البوح بأي شيء. بعدئذ، أحضر ضابط الشرطة المسؤول قائمة بأسماء مبشّرين كنت قد كتبتها، محاولاً إجباري على الإفصاح عن أسماء أخرى. لكن بعد أن اختبرت القسوة التي يتعامل بها هؤلاء الشياطين، لم أكن على استعداد للسماح لأي من إخوتي وأخواتي بالوقوع بين أيديهم. لذلك، دعوت الله طالبة منه أن يمنحني القوة. وعندما كان ضابط الشرطة غير منتبه، اندفعت إلى الأمام، والتقطت قائمة الأسماء، ووضعتها في فمي، ثم ابتلعتها. عندها، قام اثنان من رجال الشرطة الشريرة بشتمي غاضبين، ثم هرعا إلى الامام محاولين أن يفتحا فمي عنوة، وضرباني بشدة على وجهي. وقد تسببت تلك الضربات بتدفق الدم من طرفي فمي، وبجعل رأسي يغزل، ووجهي يتوّرم.

بعد عدة جولات من الاستجواب العقيم، لم يكن من خيار أمامهم سوى الاستسلام، فأعادوني إلى مركز الاحتجاز. رأى رجال الشرطة في مركز الاحتجاز سوء حالتي المزرية، وخافوا من تحمل المسؤولية إن مت هناك، فرفضوا قبولي. ونتيجة لإحباطهم، وجد المحققون الأشرار أنفسهم مجبرين على أخذي إلى المستشفى لتزويدي بالتنفّس الصناعي. بعد ذلك، أعادوني إلى مركز الاحتجاز، حيث دخلت في غيبوبة على مدى أربعة أيام كاملة. بعد أن أيقظني السجناء الآخرون، غبت عن الوعي من جديد مرتين أُخرَيَيْن. وفي نهاية المطاف، حكمت علي حكومة الحزب الشيوعي الصيني بإعادة التأهيل لمدة عام وتسعة أشهر مع الأشغال الشاقة لارتكاب جريمة "الانضمام إلى منظمة دينية إجرامية." ومع ذلك، وبسبب صنوف التعذيب القاسية التي تعرضت لها، كنت مشلولة وعاجزة تمامًا عن التحرّك، ما جعل معسكر الأشغال الشاقة يحجم عن استقبالي، فقامت الشرطة بنشر مقطع فيديو حولي على شاشة التلفزيون. بعد ثلاثه أشهر، علم زوجي أخيرًا بما حدث لي، فأنفق 12,000 يوان مقابل الحصول على سند إخلاء سبيل مشروط للإفراج عنّي. وعندما أتى زوجي ليقلّني، كنت مصابة لدرجة أنني لا أستطيع المشي، ما اضطره إلى حملي لإيصالي إلى السيارة. بعد أن عدت إلى المنزل ، أفاد الأطباء الذين فحصوني بأنني أعاني من قرصين مخلوعين في العمود الفقري، وبأنني ساكون غير قادرة على الاهتمام بنفسي في المستقبل، وسأظل مشلولة مدى الحياة. اعتقدت أنني سأقضي بقية حياتي مسمّرة على السرير، ولكن بعد عام واحد، وبفضل رحمة الله والعلاج المستمر، بدأ جسدي يتعافى بشكل بطيء. لقد شهدت بصدق قوة الله كلية القدرة، فضلاً عن محبته لي. بفضل الله، أصبح بإمكاني أن أستأنف قيامي بواجباتي ككائن بشري مخلوق!

من خلال كل هذه الآلام والصعوبات، ورغم أنني تذوقت الألم حتى الثمالة، فقد كسبت أيضًا ثروة الحياة. لم يتسنَّ لي أن أرى بوضوح الجوهر الشيطاني لحكومة الحزب الشيوعي الصيني فحسب، بل الأهم من ذلك أنني رأيت أعمال الله العجيبة، رأيت سلطان الله وقوة كلماته، وأحسست بروعة قوة حياة الله ومدى اتساعها: في أشد لحظات ضعفي وأكثرها عجزًا، كان الله هو من يعطيني القوة والشجاعة، والإيمان للتحرر من قوى الظلام الشيطانية؛ حين عجز جسدي عن تحمل المزيد من التعذيب والآلام، رتّب الله الأشخاص، والقضايا، والأمور، لتخفيف العبء عنّي؛ وعندما قادني التعذيب الذي تعرضت له على أيدي الشياطين إلى الدخول في غيبوبة، فتح عمل الله العجيب طريقًا أمامي وأخرجني بأمان من الخطر.... بعد ان اختبرت هذه الأمور، رأيت أن الله كان دائما بجانبي، يحرسني، ويحميني، ويسير معي. إن محبة الله لي عظيمة في الواقع! الله قوتي في الحياة، وسندي وعضدي عندما أحتاج إليه، وأتمنّى أن أكرس نفسي جسدًا وروحًا لله، وأن أسعى لمعرفة الله، وأن أعيش حياة ذات مغزى!

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

عندما كنتُ في الثامنة عشر

يقول الله القدير، "ربما تتذكرون جميعكم هذه الكلمات: "لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ...

نور الله يرشدني عبر المحن

بقلم تشاو شين – مقاطعة سيتشوان عشت منذ طفولتي في الجبال، لذا لم أرَ إطلاقًا الكثير من العالم الخارجي، ولم يكن لدي حقًّا أية تطلعات تتخطّى...

قوة الحياة التي لا يمكن أن تنطفئ

بقلم دونغ ماي، مقاطعة خنان أنا إنسانة عادية عشت حياة تقليدية للغاية. مثل كثيرين ممن يتوقون للضوء، جربت الكثير من الطرق للبحث عن المعنى...

ضائقة السجن

ذات يوم، في مايو 2004، كنت أحضر اجتماعًا مع بعض الإخوة والأخوات، عندما اقتحم المكان أكثر من 20 ضابطًا. قالوا إنهم من لواء الأمن الوطني...

اترك رد