أصبحتُ أميّز بوضوح بين المحبة والكراهية من خلال اجتياز مرارة الاضطهاد

2019 أكتوبر 17

بقلم تشاو تشي – مقاطعة خِبي

اسمي تشاو تشي وعمري 52 سنة، وأتبع الله القدير منذ أربعة عشر عامًا. قبل قبولي الإيمان، كنتُ أعمل في مجال الأعمال التجارية، وكنتُ مشغولًا في أغلب الأحيان بالترفيه وإرسال الهدايا للناس والنشاط الاجتماعي؛ وكنت دائم التردد على أماكن الترفيه مثل أماكن غناء الكاراوكي وصالات لعب القمار. كانت زوجتي تتجادل معي باستمرار حول هذا الأمر، وفي النهاية انتهى الأمر بالتهديد بطلب الطلاق ومغادرة منزلنا. كنت في ذلك الوقت متورطًا تمامًا في هذا المستنقع ولم أتمكَّن من انتشال نفسي، ومع أنني بذلت قصارى جهدي لأعتني جيدًا بأسرتنا، فإنني لم أتمكَّن من ذلك فحسب. شعرت أن الحياة كانت بائسة حقًا، وكنت منهكًا. في يونيو من عام 1999، افتقدتنا نعمة خلاص الله القدير، ومن خلال قراءة كلام الله والشركة مع الإخوة والأخوات، أدركتْ زوجتي أن الظلام في العالم وفساد البشرية يعود كليّة إلى إيذاء الشيطان لنا وتلاعبه بنا. عبّرت عن تفهُّمها لموقفي وفتحت قلبها في شركة معي. من خلال إرشاد كلام الله، رأيت أيضًا أنني كنت أتمرّغ في حمأة الخطية، وأن الله كان يشمئز من ذلك ويكرهه، بل والأدهى من ذلك، رأيت أنني لم أكن أتصرف كإنسان على الإطلاق. شعرت بالندم والذنب، ولذا عقدت العزم أمام الله على أن أصبح إنسانًا جديدًا. ومنذ ذلك الحين، كنت أنا وزوجتي نصلِّي ونقرأ كلام الله كل يوم، وكثيرًا ما نجتمع مع الإخوة والأخوات لنحظى بشركة. وسرعان ما تبدَّدت النزاعات بيننا والضيق الذي شعرنا به مثل سحابة من الدخان، وأصبحت حياتنا ممتلئة بالسلام والفرح. أدركت بعمقٍ أن الله القدير قد أنقذ أسرتنا عندما كانت على شفا الخراب، ومنحنا حياة جديدة تمامًا. بالإضافة إلى شعور لا يصدق بالامتنان، قررت أيضًا بهدوء أن أقدّم كياني بالكامل لردِّ نعمة الله. بعد ذلك بدأت في الانكباب على أداء واجبي ومشاركة الإنجيل، حتى يتمكَّن المزيد من الناس من نيل الخلاص الذي قدَّمه الله لنا في الأيام الأخيرة. ومع ذلك، فإن حكومة الحزب الشيوعي الصيني الملحدة لا تسمح للناس بعبادة الله أو السير في الطريق الصحيح، ولأن حكومة الحزب الشيوعي الصيني لا تسمح للناس على نحو خاص بنشر الإنجيل والشهادة الله، فقد اعتقلتني واضطهدتني لأنني آمنت بالله وكنت أنشر الإنجيل.

في أحد أيام ربيع عام 2002، أبلغ شخص خبيث الشرطة عني أنا وأخ أثناء مشاركتنا الإنجيل في إحدى القرى. جاءت الشرطة على الفور، وبدون التحقق من الموقف على الإطلاق، قيّدوا يديَّ بالأصفاد، وجرّوني إلى سيارة الشرطة، وأخذوني إلى قسم الشرطة. ما أن وصولنا إلى غرفة الاستجواب، وقبل حتى أن تتاح لي الفرصة للردِّ، توجَّه ضابط نحوي وسحبني من ياقة قميصي وصفعني بشدة عدة مرات، فأُصبت على الفور بدوار وتشوَّشت رؤيتي، ولم أتمالك نفسي فتعثرت وسقطت مندفعًا على الأرض. كنت أنزف من فمي وأنفي وكان وجهي متوهجًا من الألم. عندما رأى الشرطي الشرير ذلك ركلني بوحشية وقال لي بامتعاض: "أنت أيها الحثالة، لا تتظاهر أمامي. انهض!" ثمَّ جاء ضابطان آخران، وجذباني من ذراعيَّ وألقيا بي على جانبي، ثم بدأ الثلاثة في لكمي وركلي. كان الألم لا يطاق في جميع أنحاء جسدي، وسقطتُ على الأرض ولم أستطع النهوض، أما هم فحدّقوا في وجهي بنظرات قاتلة وحادة مثلما ينظر النمر إلى فريسته. وصاح أحدهم في وجهي: "ما اسمك؟ من أي بلد أنت؟ لماذا كنت في منزل ذلك الرجل؟ إذا لم تتحدَّث فستنال العقاب مني حقًا!". صليّت إلى الله في صمت، وطلبت منه حماية قلبي حتى أظل هادئًا أمام الله، وأن يمنحني إيمانًا وشجاعة كي لا أذعن لتهديداتهم. عندما رأوا أنني لا أتحدث، التقط ضابط ذو مظهر شرس حقًا هِراوة كهربائية ولوَّح بها ذهابًا وإيابًا أمام وجهي، متعمدًا أن تقرقع، ثمَّ أشار إليَّ وقال مهددًا: "هل ستتحدَّث أم لا؟ إذا لم تتحدَّث، فسأصعقك حتى الموت". شعرت ببعض الخوف من هذا، وصليّت سريعًا إلى الله قائلًا: "يا الله، كل الأشياء في يديك، بما في ذلك هذه المجموعة من الضباط الأشرار. بغض النظر عن كيفية معاملتهم لي، فهذا بسماح منك. أنا على استعداد للخضوع لتنظيماتك وترتيباتك. كل ما في الأمر أن قامتي صغيرة للغاية وأشعر بالضعف والخوف. أرجوك امنحني الإيمان والقوة واحمني حتى لا أصبح مثل يهوذا. لا تدعني أفقد شهادتي أمام الشيطان". بعد الصلاة، ورد مقطع من كلام الله إلى ذهني: "حياة المسيح القائم في داخلنا. نحن يعوزنا الإيمان حقًّا في حضور الله، ولعلّ الله يضع الإيمان الحقيقيّ في داخلنا. كلمة الله حلوةٌ بالفعل! كلمة الله دواءٌ فعّال! الخزيُ للأبالسة والشيطان! إذا فهمنا كلمة الله فسوف نحظى بالدعم وسرعان ما تُخلّص كلمته قلوبنا! تطرد جميع الأشياء وتضع كلّ شيءٍ في سلامٍ. الإيمان أشبه بجسرٍ خشبيّ مؤلف من جذع واحد، بحيث يجد الذين يتشبّثون بالحياة في وضاعةٍ صعوبةً في عبوره، أمّا أولئك الذين يستعدّون للتضحية بأنفسهم فيمكنهم المرور عليه دون قلقٍ. إذا كانت لدى الإنسان أفكار الخجل والخوف، فسوف ينخدع من الشيطان؛ إذ يخشى الشيطان أن نعبر جسر الإيمان للوصول إلى الله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس). فكرتُ قائلًا: "هذا صحيح! أشعر بالخوف الشديد لأن الشيطان خدعني. على الرغم من المظهر الشرس للضابطين، فكل شيء في يديّ الله، والله هو سندي. لا بُدَّ لي من الاتكال على إيماني والاستناد على كلام الله للتغلُّب على الشيطان!". لذا، أبقيت فمي مغلقًا، وعندما رأى ذلك الضابط أنني لم أتلفظ بكلمة واحدة، لوّح بعصاه للأعلى ووجَّهها نحوي، فأطبقت عينيَّ وجزَّزت على أسناني استعدادًا لعذاب الألم الشديد، لكن من المدهش أنه على الرغم من أن توجيه الهِراوة تجاهي مرارًا وتكرارًا، أنني لم أشعر بشيء، واعتقدوا جميعًا أن الأمر كان غريبًا جدًا وقالوا في حيرة: "لماذا لا يعمل هذا الشيء اليوم؟ لابد أنها معطَلة. جرّب واحدة أخرى". ثم أتوا بواحدة أخرى لصعقي بها، لكنها لم تعمل أيضًا. كنت أصرخ باستمرار في قلبي: "آهٍ يا لله، شكرًا لك! سمعتَ صلاتي وتحميني سرًا. أنت حلوٌ جدًا وأمينٌ جدًا! يا الله، بغض النظر عن نوع التعذيب القاسي الذي سألاقيه في المستقبل، أنا على استعداد أن أثق بك من كل قلبي. إنني عازم على التمسُّك بشهادتي بحزم!". عندما رأوا أن الصاعق لم يُسفر عن أية نتائج عليّ، لم يكن لديهم أي استعداد مطلقًا لترك الأمر عند هذا الحد، لذا كبّلوا يديَّ بالأصفاد وقيّدوني وجروني إلى سيارة الشرطة، واقتادوني إلى مبنى من طابقين بعيدًا عن القرية.

عندما دخلنا إلى الداخل، ابتسم أحد الضباط ببرود وقال بتوعُّد: "يمكنك أن ترى أنه لا يوجد شيء هنا، ولن يعثر أحد على هذا المكان أبدًا. الآن وأنت هنا، إذا صمَّمت على عدم الحديث، فستكون هذه نهايتك وستدفن هنا، ولن يعرف بهذا أحد أبدًا. فكِّر في الأمر بنفسك، وإن كنت ذكيًا، فستخبرنا بما نحتاج إلى معرفته". انتفض قلبي عندما سمعت ذلك. لم أستطع حقًا أن أتخيّل ما الذي ستفعله بي "شرطة الشعب" هذه المتعطشة للدماء الواقفة أمامي، والتي كانت تتصرَّف تمامًا مثل بلطجية عالم الإجرام، وسرعان ما دعوت الله في قلبي، وطلبت منه أن يعطيني القوة والعزم للصمود في المعاناة حتى أتمكَّن من تحمُّل التعذيب القاسي الذي كان سيأتي عليَّ. عندما رأوا أنني ما زلت أرفض أن أتفوَّه بكلمة، انقضَّ علىَّ اثنان من الضباط بوحشية ومزَّقا كل ثيابي، ثم جعلاني أقف على قدمٍ واحدة، وأشار أحدهما إليَّ وقال ساخرًا: "انظر إلى ذلك، أنت حقًا لا تعرف الخزي". وبدأ آخر في تفتيش ملابسي من الداخل والخارج تمامًا مثل كلب جائع يبحث عن الطعام، وانتهى به الأمر بالعثور على 30 يوانًا فقط، ثم أدار رأسه وبينما يحشر النقود في جيبه سبّني قائلًا: "أنت مجرد لقيط حقير!". جعلني هذا أشعر بالغضب والكراهية، وفكَّرتُ: "كيف تخدم هذه الشرطة الناس؟ إنهم مجرد حفنة من المحتالين وقُطّاع الطرق الذين يستبدّون بالناس ويستغلون العامة. لو لم أر هذا بأم عينيّ اليوم، فلا أدري كم من الوقت كنت سأستغرق في الانخداع بأكاذيب الحزب الشيوعي الصيني". أدركت حينها أن مشيئة الله الصالحة كانت وراء اعتقالي في ذلك اليوم؛ لم يُرد الله أن أعاني عن قصد، لكن بدلًا من ذلك كان هذا يحدث حتى أستطيع أن أرى بوضوح الوجه الشرير للحزب الشيوعي الصيني. بعد عشر دقائق أخرى أو نحو ذلك، دخل ضابط آخر بسلكين كهربائيين، وبابتسامة شريرة على وجهه، لمّح لي بالتهديد قائلًا: "مرتعب؟ في العام قبل الماضي كان هناك مجرم آخر لم يرغب في التحدُّث، لكنه لم يستطع الصمود وهو يُصعق بالكهرباء، وانتهى به الأمر معترفًا بكل شيء. أنا متأكد من أننا سنفتح فمك هذا عنوةً!". عندما رأيت أنهم كانوا سيكهربونني؛ شعرت بالكراهية والخوف على حد سواء، فإذا استمر هذا النوع من التعذيب لفترة كافية، كنت سأموت بالتأكيد، فصلَّيت سريعًا إلى الله قائلًا: "يا الله، هؤلاء الضباط الأشرار وحشيون جدًا، وأخشى أنني لن أكون قادرًا على التغلُّب على هذا. أرجو حمايتي ومنحي القوة حتى لا أصبح مثل يهوذا وأخونك بسبب ضعف جسدي". بعد أن صلَّيت، أنارني الله للتفكير في هذه الترنيمة من ترانيم الكنيسة: "قد ينكسر رأسي ويسيل الدم مني، ولا يفقد شعب الله حماسته. نصائح الله تستهدف القلب، وأنا عازم على إذلال إبليس الشيطان. الألم والمصاعب قد سبق وعيَّنها الله، وسأتحمَّل الإهانة لأكون أمينًا له. لن أكون سببًا في بكاء الله أو قلقه مرة أخرى" ("أتمنى أن أرى يوم مجد الله" في "اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). فكَّرتُ: "إنه حقيقي. إن شعب الملكوت يجب أن يتمتع بنزاهة وثبات أناس ينتمون إلى الملكوت. الطمع في الحياة والخوف من الموت هما جُبن، يعتقد الشيطان بغباء أن بإمكانه دفعي إلى خيانة الله من خلال التعذيب، وبذلك يدمّر فرصتي في نيل الخلاص، ولا يمكنني بالقطع أن أترك مخططه يؤتي ثماره، ولا يمكنني بالقطع السماح بالخزي لاسم الله بسببي". ما أن فكَّرت في كل هذا، شعرت بقوة تدُب في داخلي ووجدت الشجاعة لمواجهة التعذيب.

بينما كنت أفكِّر في كل هذا، هرع إليّ اثنان من الضباط، ومدداني على الأرض على بطني، ثم وضعا مقعدًا فوقي، وجاء ضابطان آخران، واحدٌ على كل جانب مني، وضغط كل واحدٍ منهما بقدمه على إحدى يديَّ، فشعرت أن يديَّ كانتا مسمرتان إلى الأرض، ولم أتمكَّن من الحركة على الإطلاق. أخذ الشرطي الذي معه الأسلاك الكهربائية سلكين من صندوق الدائرة الكهربائية وربط أحدهما بإصبع يدي اليسرى، والآخر بإصبع يدي اليمنى، ثم شغّل الطاقة من صندوق الدائرة الكهربائية، فَسَرَتْ موجة التيار الكهربائي على الفور عبْر كل عَصَبٍ في جسدي؛ فأصابني ذلك بالخَدَر والألم معًا، ولم أستطع إلا الدخول في تشنجات بجميع أنحاء جسدي. كان ذلك مؤلمًا بشدةٍ لدرجة أنني صرخت، فحشرت الشرطة الشريرة نعلًا إسفنجيًا في فمي. صعقوني بهذه الطريقة مرارًا وتكرارًا، مما تسبَّب في الألم لدرجة أنني كنت مبتلًا تمامًا بالعَرَقِ، الذي بلَّل ملابسي كلها في وقت قصير، كما لو كنت مغمورًا بالماء، وظل الضابط يصرخ في وجهي أثناء صعقي بالصدمات الكهربائية قائلًا: "هل ستتحدث أم ماذا؟ سأصعقك حتى الموت إن كنت لا تتحدث! هذا ما تجنيه بسبب عدم التحدث!". جززت على أسناني بقوة وأجبرت نفسي على تحمُّل الألم بدون أن أصدر صوتًا، وعندما رأوا ذلك، بدأوا في تشغيل الكهرباء لفترة أطول، وأخيرًا شعرت أنني لا أستطع التحمُّل بعد الآن وأردت أن أموت. استخدمت كل ذرة من القوة باقية في جسدي لأدفع الضابطين اللذين كانا يضغطان على المقعد فوقي، ومن ثم ضربت الأرضية برأسي بقوة، لكن الغريب أن تلك الأرضية الخرسانية الصلبة بدت فجأة ناعمة كالقطن، وبغض النظر عن مدى قوة ضرب رأسي بها لم يكن هناك أي تأثير، عندها فقط، ورد إلى ذهني فجأة بضعة أسطر من كلام الله التي كانت تُردَد كثيرًا في الشركة من قبل: "وبينما تصل معاناة بعض الناس إلى حدٍ معين، تتحول أفكارهم نحو الموت. هذه ليست المحبة الحقيقية لله؛ مثل هؤلاء الناس جبناء، ليس لديهم قدرة على المثابرة، وهم ضعفاء وعاجزون!" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اختبار التجارب المؤلمة هو السبيل الوحيد لكي تعرف روعة الله). "مع أن جسدك يعاني، فإن لديك كلمة الله وبركته. لا يمكن أن تموت حتَّى إذا كنت تريد ذلك: هل يمكنك أن تقبل على نفسك عدم معرفة الله وعدم الحصول على الحقّ في حال موتك؟" ("السعي وراء الحق وحده يمكنه إحداث تغيير في شخصيتك" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). كانت كلمات الله مثل تذكير رقيق لي بأنني تمنيت الموت؛ لأنني لم أتمكّن من تحمل المعاناة، وأنني بذلك لن أشهد لله بل سأكون عارًا عليه وأخونه. سيكون خسة وجبنًا مني، ولن يخزى الشيطان على الإطلاق. لقد سمحت لي استنارة الله أن أدرك أن الأرض أصبحت فجأة لينة، وأن الله يمنعني ويحميني بهدوء، ولا يسمح بموتي، على أمل أن أتمسّك بالشهادة في وسط هذا الموقف الرهيب، ومن ثمَّ أُلحِق الخزي بالشيطان وأحقق المجد لله. رؤية محبة الله وحمايته كانت ملهمة لي إلهامًا هائلًا، واتخذتُ قرارًا في صمت: بغض النظر عن كيفية تعذيب هذه الشرطة الشريرة لي، سأستمر على موقفي، وحتى لو كنت في النفس الأخير سأبذله جيدًا، وأتمسَّك بشهادتي لله، وبالتأكيد لن أخذله مطلقًا. ازدادت القوة في جسدي بالكامل، فجززت على أسناني وعدت لتلقي المزيد من التعذيب الكهربائي الوحشي.

عندما رأوا أنني ما زلت لا أخضع، كان الضباط غاضبين لدرجة أن انتفخت أوداجهم، وبنظرات شرسة في عيونهم كانوا يصرّون على أسنانهم ويقبضون قبضاتهم بقوة، وظهروا وكأنهم يتلهفون لالتهامي. هرع واحدٌ منهم إليَّ بغضبٍ شديد وأمسك شعري بقبضته وضرب رأسي بقوة، وانحنى على وجهي وصرخ فيَّ بنظرة وحشية: "أنت أيها الحثالة. هل ستتحدث أم لا؟ إذا لم تفعل، فسأسلخ جلدك وأتركك على مشارف الموت. هذا ما تجنيه بسبب عدم التحدُّث!" ثم ترك شعري، وصاح بطريقة محمومة على شرطي آخر شرير: "أعطه جرعة مميتة من الكهرباء!". فقدت وعيي لأنني لم أستطع تحمُّل هذا الجهد الأعلى من الكهرباء، فرشّوا عليّ ماءً باردًا لإفاقتي، ثم استمروا في تعذيبي. بعد عدة صدمات أخرى، كنت أشعر بألم لا يطاق في جميع أنحاء جسدي. لم أستطع حقًا تحمُّل المزيد، وشعرت أنه يمكن أن أموت في أي لحظة. في هذه الأزمة، أرشدني الله للتفكير في هذه ترنيمة من ترانيم الكنيسة: "في البلوى، تقوّي قيادة كلام الله قلبي؛ لا أستطيع حمل المحراث والنظر إلى الخلف. من النادر جدًا أن نتمكّن من قبول تدريب الملكوت، ولا أستطيع بتاتًا أن أفوّت فرصة أن أتكمّل. إن خذلت الله، فسأندم طيلة حياتي. إن أدرت ظهري لله، فسيدينني التاريخ .... لا يعزّ قلبي سوى الحق وهو مكرّس لله، فلن أتمرّد من جديد أبدًا وأسبّب الحزن لله. أنا عازم على أن أحبّ الله وأن أبقى مكرّسًا ذاتي كليًا لله، ولا شيء ولا أحد قادر على ردعي. وسأتمسّك بالشهادة لأمجّد الله مهما كانت التجارب والمِحَن صعبةً. سأعيش حياةً هادفةً عبر كسب الحق وكمال الله" ("عازم على أن أبقى مكرّسًا ذاتي كليًا لله" في "اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). كما فكَّرتُ كذلك في كلمات الله هذه: "إذا لم يكن لديك سوى نفَسٍ واحد، فإن الله لن يَدَعَك تموت" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس). بإرشاد كلمات الله تقوّى قلبي الضعيف مجددًا، وفكَّرت في نفسي قائلًا: "لا يهم كيف تعذبونني بوحشية أيتها الحفنة من الشياطين، بإمكانكم فقط أن تعذبوا جسدي وتجعلوا حياتي أسوأ من الموت، لكن لا يمكنكم أبدًا تغيير رغبتي في اتباع الله، فكلما عذبتموني، زادت رؤيتي لوجوهك الشريرة وضوحًا، وكنت أكثر ثباتًا في عزمي على اتباع الله. إنكم لا تجرؤون على تخيُّل أنكم تستطيعون إرغامي على بيع أخٍ واحدٍ أو أختٍ واحدةٍ، حتى لو كان ذلك يعني أن أموت اليوم، فسأرضي الله هذه المرة!". ما أن أصبحت على استعداد للتضحية بحياتي، شهدت مرة أخرى قدرة الله، ورحمته ورعايته لي. لقد صعقوني بالكهرباء عدة مرات أخرى، وعندما رأوا أنني سأصاب بتشنجات خطيرة في جسدي بالكامل، لم يجرؤوا على الاستمرار، خشية أن أموت ويتحملون المسؤولية، لكنهم كانوا مصممين على عدم الاستسلام، فرفعوني من الأرض مرة أخرى، وثنوا ذراعيَّ بقوة خلف ظهري وربطوهما بشدة بحبل، كان الرباط محكمًا لدرجة أن رسغيَّ كانا في ألمٍ شديد، وسرعان ما أصبحت يديَّ باردتين ومتورمتين، وشعرت بخَدر شديد فيهما لدرجة أنهما فقدتا الإحساس. أراد رجال الشرطة الأشرار تعليقي لمواصلة تعذيبي، لكن في كل مرة كانوا يشدون فيها الحبل للأعلى كان يرتخي مرة أخرى، وحاولوا فعل ذلك مرات عديدة، ولكن في كل مرة كان ينتهى الأمر بالفشل. قالوا في حيرة: "ما الذي يحدث اليوم؟ من الصعب للغاية التعامل مع الحبل. إنه حقًا غريب! ربما هذه علامة على أننا يجب ألا نعذّب هذا الرجل؟". قال أحدهم: "انس الأمر! هذا يكفي اليوم. لقد تأخرنا". وعندها لم يكن أمام هذا الضابط البشع الذي أراد أن يعلقني خيار سوى الاستسلام، لكنه أشار في وجهي وقال بتهديد: "لقد كنت محظوظًا حقًا اليوم، ولكن فقط انتظر وشاهد ما لدي في جُعبتي من أجلك غدًا!". علمتُ أن الله قد حماني مرة أخرى، وشكرته في قلبي، بعد ذلك، خطرت كلمات الله هذه في بالي: "كل ما في الكون في يديَّ. إذا تكلمتُ، فسوف يكون. إذا قضيت أمرًا، فلا بد أن يكون. الشيطان تحت قدميّ. إنه في الهاوية!" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الخامس عشر). "أنا سندك، وينبغي أن تكون لك روح صبي! الشيطان ينازع في سكرات موته الأخيرة، لكنه سيظل غير قادر على الإفلات من دينونتي. الشيطان تحت قدميَّ، وهو أيضًا مدوس تحت أقدامكم. هذا حقيقي!" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السابع عشر). في ذلك اليوم، شهدت شخصيًا حماية الله العجيبة لي، واختبرت شخصيًا أن الله قدير حقًا، وأنه يحكم كل شيء، وأن كل شيء في السماء وعلى الأرض ممسوك بلا شك بين يديه، وأنه يسود على كل الأشياء، سواء كانت حية أم لا. رأيت أن ضباط الشرطة الأشرار هؤلاء كانوا خاضعين بطريقة خاصة لترتيبات الله، ومع أنهم قد يكونون متوحشين من الخارج، فبدون سماح من الله، لم يكونوا ليتمكَّنوا من لمس شعرة من رأسي. ما دمتُ حافظت على إيماني بالله وكنت على استعداد للتخلَّي عن حياتي لإرضائه، وعلى استعداد للشهادة له، فإن هذه الشياطين ستُخزى قطعًا وتُهزم، وكان هذا تجسيدًا لقدرة الله وانتصاره التام!

عذَّبني هؤلاء الضباط في ذلك المبنى الصغير المكون من طابقين دون توقف من الساعة الثانية مساءً حتى السادسة مساءً قبل إعادتي إلى مركز الشرطة، وعندما عدنا، وضعوني في قفص حديدي ولم يعطوني أي شيء لآكله أو أشربه. اتكأت على قضبان القفص وأنا أشعر بالبرد والجوع والضعف الجسدي، وفكَّرت مرة أخرى في كل ما حدث في ذلك اليوم. وتوارد إلى ذهني بعض كلمات الله القائلة: "يا لها من عصابة من المتواطئين![1] ينزلون بين البشر لينغمسوا في الملذات ويثيروا الفوضى. يسبب اضطرابهم التقلُّب في العالم ويجلب الذعر إلى قلب الإنسان. وقد شوَّهوا الإنسان حتى شابه الوحوش التي لا تُطاق بسبب قبحها، وفُقِدَ فيه أيُّ أثر للإنسان الحقيقي المقدس، حتى إنهم يرغبون في تولي السلطة كطغاة على الأرض. يعوقون عمل الله فلا يستطيع التقدم، ويعزلون الإنسان كما لو كان وراء جدران من النحاس والفولاذ. بعد أن ارتكبوا العديد من الخطايا وخلقوا الكثير من المتاعب، كيف لهم أن يتوقعوا أي شيء آخر سوى أن ينتظروا التوبيخ؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (7)). عند مقارنة كلمات الله مع الحقائق، رأيت أخيرًا بوضوح أن ضباط الشرطة الذين احترمتهم في الماضي، كانوا في الواقع متوحشين وأشرارًا بدرجة لا تُصدّق. إنهم يبدون أجلّاء ودائمًا ما يتحدثون عن الواجب والنزاهة، ويضعون قناع الصلاح كـ "خدام الشعب"، ولكنهم في الواقع مجموعة من الوحوش القاسية عديمة المشاعر، وشياطين يمكنهم قتل أي شخص بدمٍ بارد. ماذا كان خطأ في إيماني؟ هؤلاء الضباط الأشرار رأوني كعدو قاتل وعاملوني بهذه الوحشية اللاإنسانية، ودفعوني إلى حافة الموت. كيف يمكن لإنسان أن يفعل مثل تلك الأمور؟ أليست هذه أشياء لا يستطيع فعلها سوى شيطان؟ عندها فقط أدركت أن ضباط الشرطة هؤلاء كانوا يظهرون كبشرٍ من الخارج، ولكن من الداخل، كان جوهرهم هو الشياطين والأرواح الشريرة التي تكره الحق وتكره الله، وهم أعداء الله الطبيعيون. لقد أتوا إلى العالم على وجه التحديد كأشباح حيّة لإلحاق الأذى بالناس والتهامهم. كنت قد امتلأت بالكراهية لهم، وفي الوقت نفسه وصل بداخلي إحساس عميق بلطف الله وحلاوته. مع أنني سقطت في عرين الشيطان، لكن الله كان معي دائمًا وكان يحميني بهدوء، ويشجعني ويعزِيني بكلماته، ويعطيني الإيمان والقوة حتى أتمكَّن من النجاة مرة تلو الأخرى من هؤلاء الشياطين الذين يعذبونني ويدمرونني. وحتى عندما كنت على شفا الموت في العديد من المرات، كان الله يحميني بقوته العظيمة، ليخلِّصني من الهلاك. محبة الله لي حقيقية للغاية! حثثت نفسي في صمت قائلًا: بغض النظر عن كيفية تعذيب هذه الشياطين لي في المستقبل، فسأتمسَّك بالشهادة وأرضي الله، فاستنارة وإرشاد كلام الله أراحا قلبي، وخفَّ ألمي الجسدي كثيرًا. اجتزت تلك الليلة الطويلة في رفقة محبة الله.

في اليوم التالي، جاء اثنان من الضباط للوقوف أمام القفص بعد تناولهما وجبة الإفطار، وابتسم أحدهما بمكر وقال: "كيف حالك؟ هل كان لديك بعض الوقت للتفكير في الأمور الليلة الماضية؟ هل ستتكلم إذًا أم لا؟" ألقيت عليه نظرة خاطفة، لكنني لم أردّ. عندما رأى ذلك غيّر لهجته على الفور، وأدخل يده في القفص وشدّ شعري بقبضته، وسحبني بعنف أمام وجهه مباشرةً، ثم أحرق أنفي بطرف سيجارته، وقال وهو ينظر إليَّ بوحشية: "دعني أخبرك أن الكثير من المجرمين يأتون إلى هنا، وحتى أكثرهم إحجامًا عن التحدث لا يمكنهم الهروب من قبضتي. حتى إن لم تمت هنا، فما زلت سأسلخ جلدك وأنت حي!". قبل مرور وقت طويل، جاء ضابطان آخران وفتحا القفص وسحباني للخارج. كنت أشعر آنذاك بساقيَّ مرتخيتين وضعيفتين، ولم أتمكَّن من الوقوف فهويت إلى الأرض. ظن أحد الضباط أنني كنت أختلق ذلك، لذا جاء إليَّ وركلني بوحشية عدة مرات وهو يصرخ: "هل تعتقد أنك ستمثل دور الميت معي؟". رفعني ضابطان آخران ولوَّحا بقبضتيهما تجاهي، وضربا وجهي ونصف جسدي العلوي. وبعد أن فعلا ذلك لفترة، وجدا أن جسدي كان يترنح مثل الجثة، كان هناك دم يخرج من أنفي وفمي، وتحوّل وجهي نتيجة الضرب إلى كتلة دموية، وفقد كل إحساس. قال أحدهما: "انسوا الأمر، دعونا نتوقف، يبدو أنه لن يتحمَّل طويلًا وإذا مات في أيدينا، فسيتسبب ذلك في الكثير من المتاعب". عندها فقط أوقفوا اعتداءهم العنيف عليَّ وطرحوني جانبًا. كنت أسمعهم يتحدَّثون بهدوء فيما بينهم، وقال أحدهم: "لم أر شخصًا بنفس صلابته طوال الوقت الذي عملت فيه كضابط شرطة. لم يقل كلمة واحدة طوال الوقت. إنه حقًا مختلف!" شعرت أنني أستطيع سماع صوت الشيطان، وهو يطل برأسه ويتنهد بقنوط في كلماتهم، وأمكنني رؤيته وهو يهرب مذعورًا في مواجهة الفشل، وأمكنني كذلك رؤية الله يبتسم وهو يتمجَّد، وشعرت بفرح لا يوصف. قدمت الشكر لله في صمت، ولم أتمكن من منع نفسي من الترنم في قلبي بترنيمة من ترانيم الكنيسة عنوانها "الملكوت": "الله عوني، ممَّّ أخاف؟ أتعهد بحياتي أن أحارب الشيطان حتى النهاية. الله يرفعنا، ينبغي علينا أن نترك كل شيء خلفنا ونقاتل لنقدم شهادة للمسيح. سينفذ الله مشيئته على الأرض. سأعد محبتي وولائي وأكرسها لله كلها. سأرحب بمجيء الله بابتهاج عندما ينزل في مجد، وسأقابله من جديد عندما يتحقق ملكوت المسيح. ... العديد من الجنود الصالحين الغالبين يخرجون من الضيقة. نحن منتصرون مع الله ونصير شهادةً له. نتطلع إلى اليوم الذي ينال فيه الله مجدًا، سيأتي بلا أية قوة تقاومه. كل الناس يتدفقون إلى هذا الجبل، ويسيرون في نور الله. عظمة الملكوت التي ليس لها مثيل يجب أن تُعلَن عبر العالم" ("الملكوت" في "اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). كلما ترنَّمت شعرت بالحيوية، وشعرت أنه باتباع الله، أصبحت القدرة على اختبار هذا النوع من الاضطهاد والصعوبات شرفًا لي حقًا. لقد نما إيماني بطريقة استثنائية، وأقسمت على خوض معركة ضد الشيطان حتى النهاية. هكذا نجوت ليوم آخر.

جاء ضابط شرطة في حوالي التاسعة صباحًا في اليوم الثالث، وفي اللحظة التي دخل فيها قدّم نفسه لي، وقال إنه قائد الشرطة في ذلك القسم. وقف أمامي، وقال بلطف زائف: "أنت عانيت كثيرًا حقًا. لقد كنت في اجتماعات في المقاطعة على مدار اليومين الماضيين، وعدت للتو وسمعت عمَّا يجري معك، لقد وبختهم بقسوة حقًا؛ كيف استطاعوا ضرب شخص ما بهذه الطريقة التعسفية دون أن يفهموا الموقف أولًا؟ إن هذا تخطّى الحدود حقًا". لم أستطع إلا أن أشعر بالارتباك في مواجهة هذا "اللطف" غير المتوقع من ضابط شرطة شرير، ولكن بعد ذلك فقط تلقيت تذكيرًا من بعض كلمات الله: "في كل وقت يجب أن ينتبه شعبي إلى خطط الشيطان الماكرة" ("الفصل الثالث" "كلام الله إلى الكون بأسره" في "الكلمة يظهر في الجسد"). أدركت أن هذه كانت إحدى حِيل الشيطان؛ عندما يرى أن العصا لا تعمل، فإنه يجرّب الجزرة في محاولة لحثي على خيانة الله وبيع الكنيسة. استضاء قلبي وشعرت بثقة داخلية، وفكَّرت قائلًا: "تعمل حكمة الله وسط خداع الشيطان. لذلك بغض النظر عن مدى مكرك ودهائك فأنت تحلم إذا كنت تعتقد أن حيلك ستنجح!" بغض النظر عن عدد "الأشياء اللطيفة" التي قالها ليغريني، فلن أعيره أي انتباه. عندما رأى أن ذلك لم يكن مثمرًا، لم يكن أمامه في النهاية خيار سوى المغادرة. بعد ذلك جاء ضابطان آخران وصاحا في وجهي بغضب عارم: "أنت أيها الحثالة، انتظر فحسب. إذا لم تتحدَّث، فلن تخرج أبدًا من هنا. يمكننا استصدار حكم ضدك دون دليل على الإطلاق. فقط انتظر وسترى!". كنت هادئًا جدًا في وجه تهديداتهما، وأفكِّر في نفسي: "أعتقد أن كل شيء في يديَّ الله، وسواء صدر ضدي حكم أم لا، فهذا أيضًا في يديه. هذه الشياطين لا تملك القول الفصل، لكن الله هو صاحب القول الفصل. بغض النظر عما يحدث أعتقد أن هناك معنى لكل شيء يفعله الله، وأنا على استعداد للطاعة حتى النهاية".

لم يكن لدى الشرطة أي دليل إدانة، لكنهم ظلوا غير مستعدين للسماح لي بالرحيل، فقد منعوا عني الطعام والماء لعدة أيام متتالية، وفي ذلك المساء كنت جائعًا لدرجة أنني لم يكن لديّ أي قوة جسدية على الإطلاق، وتساءلت عمَّا إن كنت سأموت جوعًا إذا استمرت الأمور على هذا المنوال. لكن بعد ذلك فكَّرت في أن "مصائر الناس تقع في يديّ الله، فإذا كان الله لا يريد أن يموت شخص ما، فلن يموت. كل ما عليّ فعله هو الخضوع لترتيبات الله وتنظيماته". بعد ذلك بوقت قصير أحضرت الشرطة ستة أفراد ضُبطوا وهم يقامرون، وأرسل هؤلاء الستة الضباط ليشتروا لكلٍ منهم رطلًا من الفطائر المحشوة، وعاد الضباط ومعهم حوالي سبعة أرطال، وانتهى بهم الأمر بدفع غراماتهم وأُطلق سراحهم بسرعة، وقبل مغادرتهم مباشرة، أعطوني بقايا الفطائر بدون علم الشرطة. رأيت مرة أخرى أن جميع الأشخاص والأحداث والأمور ترتبها يدا الله، فاغرورقت عيناي بالدموع وشعرت فقط بمدى حلاوة الله وكم هو عجيب! مع أنني وقعت في عرين الشياطين، كان الله بجانبي طوال الوقت، يهتم بي ويرعاني، فهو قوة حياتي الداخلية، ويدعمني للتغلب على إغواء الشيطان مرارًا وتكرارًا. كما أبدى تعاطفًا مع ضعفي، وساعدني في التغلُّب على هذه المصاعب. الله عملي جدًا، ومحبته حقيقية للغاية!

بحلول اليوم السادس، لم تكن الشرطة قادرة تمامًا على العثور على أي دليل يدينني بارتكاب جريمة، لذا انتهى بي الأمر بتغريمي 200 يوانًا والسماح لي بالرحيل، وكنت على دراية تامة بأن الله يسود على كل هذا، وأن الله كان يعلم على وجه اليقين أي قَدْرٍ من المعاناة ينبغي أن أتحمَّل، وكم عدد الطرق التي يجب أن أسلكها، فالله لم يكن ليسمح لي بالمعاناة ليوم واحد لا أحتاج أن أعانيه. علمت أن الشرطة لم تكن ترغب في السماح لي بالرحيل في ذلك اليوم؛ فبسبب طبيعتهم الشيطانية والشريرة، لم يكونوا ليتركوني أذهب بهذه السهولة أبدًا، لكن الله لم يكن ليسمح بمزيد من ذلك، لذلك لم يكن لهم سلطان على هذا الأمر. وهذا سمح لي أيضًا برؤية أن الشيطان وزبانيته يقدِّمون خدمة لله بينما هو يُكمِّل أناسه المختارين، ومع أنهم قد يبدون شرسين للغاية، فالله يحكم كل شيء، وما دمنا نتكل على الله حقًا ونخضع له، فسيحمينا حتى يتسنَّى لنا التغلُّب على جميع القوى الشيطانية، ونعبُر الخطَر إلى برّ الأمان.

لقد تعرضت للتعذيب لمدة ستة أيام كاملة في مركز الشرطة، وساعدني هذا الاختبار غير العادي لهذه الأيام الستة حقًا على رؤية الوجه القبيح لحكومة الحزب الشيوعي الصيني وطبيعتها وجوهرها الشريريّن والرجعيّين. رأيت أنها شيطان وعدو لله، تتكون من عصابة من المحتالين. كما سمح لي هذا الاختبار أن أفهم قدرة الله وسيادته وعجائبيته وحكمته، وأن أختبر شخصيًا محبة الله وخلاصه. فهمت أن الله قدير وأمين وعظيم، وإله جميل، وأنه هو الواحد المستحق إلى الأبد الثقة والعبادة من البشرية، والأكثر من ذلك، فهو يستحق محبة البشرية. أصبح ذلك الاختبار نقطة تحوُّل في حياتي الإيمانية، لأن بدونه لما اكتسبت أبدًا كراهية حقيقية للشيطان، ولما ربحت فهمًا حقيقيًا لله، وعندها لكان إيماني بالله فارغًا تمامًا، ولكنت غير قادر على تحقيق الخلاص التام. فقط من خلال اجتياز هذا الاضطهاد الوحشي والقمع من الحزب الشيوعي الصيني، عرفت ما هو الشيطان وزبانيته، وما هو الجحيم على الأرض، وما هي قوى الظلام الشريرة. وفقط من خلال ذلك الاختبار، استطعت أن أدرك ما هي النعمة والرحمة الهائلتين اللتين أظهرهما الله لي، فأنا – المولود في الصين؛ في هذه الأرض المظلمة والشريرة والقذرة – كنت قادرًا على الهروب من مخالب الشيطان والمجيء إلى طريق الإيمان والسعي إلى النور في الحياة! كما أنني شهدتُ قُدرة الله وسيادته واختبرت سلطانه وقدرة كلامه. يمكن أن يصبح كلامه حقًا حياة للإنسان، ويمكن أن يخلّص الناس من تأثير الشيطان ويساعدهم على التغلُّب على رباطات الموت. كما أنني اكتشفت حقًا أن الله وحده قادر على تقديم المحبة الحقيقية للناس والخلاص الحقيقي لهم، في حين أن ما يستطيع الشيطان وزبانيته فعله هو خداع الناس وإلحاق الأذى بهم والتهامهم. أشكر الله على استخدامه قمع الحزب الشيوعي الصيني للسماح لي بالتمييز بين الصواب والخطأ، ورؤية الخير والشر بوضوح. من هذا اليوم فصاعدًا، أتمنى أن أسعى لفهم المزيد من الحق وربحه لتحقيق معرفة حقيقية عن الله، ونشر إنجيل الله بنشاط والشهادة لاسمه، حتى يأتي المزيد من الناس أمام الله ويعبدونه.

الحواشي:

[1] "الشركاء" هم أيضًا من نفس عائلة "عُصبة قطّاع الطرق".

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

النّجاة من المضايق الرهيبة

في أحد أيّام شهر مايو 2003، ذهبنا، أنا وأختٌ لي، لِنَعظ بالإنجيل شخصًا ينتمي إلى طائفة دينيّة. رفض قبول الأمر، وضَرَبَنا بقسوة، وأبلغ...

يومٌ لا يُنسى أبدًا

حدث ذلك في أحد أيّام شهر ديسمبر 2012. في حوالي الساعة التاسعة من صباح ذلك اليوم، كنت أنشر الإنجيل مع بعض الإخوة والأخوات عندما توقفّت فجأة...

اترك رد