سنوات طويلة في السجن
في الأول من ديسمبر 2012، كنت مؤمنًا منذ عام تقريبًا، وكنت أنا وأخت أصغر في طريقنا لمشاركة الإنجيل. وفجأة تقدم إلينا أكثر من عشرة ضباط وجعلونا ننبطح أرضًا. كانت المرة الأولى التي أواجه فيها شيئًا كهذا، وكنت مرتعبة. كنت أصلّي دون توقف. أحضرونا إلى غرفة كبيرة في مكاتب حكومة المقاطعة، وتركوا أربعة ضباط ليراقبنا. عندما رفعت رأسي ونظرت إليهم، جاء أحدهم وضربني مرتين، ثم ركلني بقوة في أمعائي. كان وجهي يتقلص ومعدتي تؤلمني حقًا أيضًا. كان عمري 21 سنة فقط، وكانت الأخت التي قُبض عليها معي تبلغ 15 أو 16 سنة فقط. عندما رأتني ضُربت، بدأت تأتي نحوي لتساعدني، لكن طوَّح قبضته باتجاهها. جذبتها لأمسكها بإحكام بين ذراعيَّ، فيما فرَّقنا الضباط الآخرون بعنف. لطالما ظننت أن الشرطة موجودة لخدمة الناس، وأن كل ما فعلوه كان من أجل العدالة. لقد صدمت لرؤيتهم أشرار للغاية، حتى أنهم يكونون على هذا النحو مع فتاتين. قلت هذه الصلاة الصامتة: "يا الله، أرجو أن تحرسني وتمنحني الإيمان ومهما كانت كيفية ضربهم لي، فلن أبيع إخوتي وأخواتي أبدًا، لن أكون يهوذا ولن أخونك!".
بعد الساعة السادسة من ذلك المساء، أخذوني إلى فناء كبير حيث كان بإمكاني رؤية أكثر من 30 أخًا وأختًا مقبوض عليهم. جاء ضابط لاستجوابي حوالي التاسعة مساءً: "منذ متى وأنت تؤمنين بالله؟ مَن حوّلك؟ من يؤمن أيضًا في عائلتك؟". لم أُجب. ثم أخذوني إلى مركز احتجاز في مساء اليوم التالي. عندما وصلت إلى هناك رأيت صفًا بعد صف من البوابات المعدنية، وشعرت بالخوف حقًا، ولم أكن أعرف ما الذي سيفعله الحراس بي. صلَّيت إلى الله سائلة الإيمان والقوة. عندما وصلنا زنزانتي، قال الحارس لرئيسة تلك الزنزانة أن "تعتني بي جيدًا". في ذلك الوقت لم أكن أعرف ماذا يعني ذلك. جعلتني الرئيسة أنام على الأرض مباشرة، رغم أنه كان منتصف الشتاء، والبرد قارس. أول شيء في صباح اليوم التالي جعلوني أقف على الأرض حافية، مما جعل قدميَّ باردتين جدًا حتى تحولتا إلى اللون الأحمر تمامًا. لكن هذا لم يكن كافيًا، فجعلوني أقف خارجًا في منطقة عاصفة، لم يسمحوا لي بتناول الفطور، وجعلوني أنظف الأرض على ركبتيَّ. هذا عندما أدركت أن معنى "تعتني" هو إساءة المعاملة. بعد الثامنة صباحًا بقليل، سألتني الرئيسة إذا كنت سأعترف، فقلت: "لا، الإيمان ليس جريمة". فصفعتني عدة مرات بظهر يدها. استجوبتني الشرطة عدة مرات بعد ذلك، لكنني أبقيت فمي مغلقًا بالصلاة والاتكال على الله.
أخذتني الشرطة إلى المحكمة في مايو أيار 2013، حيث أدانني القاضي بـ"باستخدام منظمة دينية مشبوهة لتقويض إنفاذ القانون"، وعندما سألني إذا كان لديَّ أي اعتراضات، سألته: "لماذا تقول إنني ارتكبت هذه الجريمة؟". فأجاب: "لديك الحق في الرد، وليس طرح الأسئلة". كنت غاضبة. من الواضح أن الدستور يمنح المواطنين الحق في التمتع بحرية الدين، لذا فإن الإيمان ومشاركة الإنجيل لم يخالف أي قانون، لكنهم وجهوا لي هذه التهمة، ولم أستطع حتى طرح سؤال. ماذا عن العدل؟ ماذا عن الحرية؟ أربع سنوات. كانت اللحظة التي سمعت فيها الحكم صعبة للغاية بالنسبة لي. كان عمري 22 سنة فقط، وما زلت صغيرة جدًا. لم أصدِّق أنني سأقضي تلك السنوات من ريعان شبابي في السجن. ثم خطر لي أن الله صاحب قرار الوقت الذي قد أقضيه وراء القضبان، وليم يكن بوسعي الشكوى أو إلقاء اللوم عليه، لكن كان عليَّ الخضوع والتجاوز من خلال الاتكال عليه. ساعدني ذلك على الشعور بتحسن قليلًا. حُكم عليها بالسجن 10 أشهر.
نُقلت إلى سجن النساء في أغسطس 2013 لتنفيذ عقوبتي. وُضعت في وحدة التعليم أولًا حيث طالب الحراس بمعلومات عن الكنيسة وما إذا كنت سأعترف بجريمتي. قلت: "لن أفعل". ثم كان لديهم عدد قليل من السجينات الأخريات يراقبنني. كانت اثنتان منهما مثل ظلي، ودائمًا ما كانتا بجواري، ولم يُسمح لي بالتحدث مع الأخوات الأخريات هناك. لقد جعلوني أدرس قواعد السجن باستمرار، وكانوا يغسلون دماغي، ويتحدثون دائمًا عن التطور. كنت غاضبة جدًا، لكنني رأيت كيف كان الجدال معهم عديم الجدوى، لذا تجاهلتهم تمامًا. جعل حراس السجن سجينات أخريات يعاقبنني، جعلنني أسحب كيسًا ضخمًا من القمامة على الدرج من الطابق الخامس إلى الأول كل صباح. كان ثقيلًا حقًا ورائحته كريهة، وتحريكه جعلني أتصبب عرقًا. لم أفعل مثل هذا العمل القذر في المنزل، وشعرت بالظلم والانزعاج حقًا. ثم تذكرت مقطعًا من كلمات الله: "إذا كنتم ترغبون في أن يكملكم الله، فعليكم أن تتعلموا كيفية اختبار كل الأمور وأن تكونوا قادرين على نيل استنارة في كل ما يحدث لكم. سواء كان ذلك خيرًا أم شرًا، يجب أن يعود بالفائدة عليك، وألا يجعلك سلبيًا. مهما كان الأمر، يجب أن تكون قادرًا على دراسة الأمور عن طريق الوقوف في جانب الله، ولا تحللها أو تدرسها من منظور إنسان (هذا يكون انحرافًا في اختبارك)" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. وعود لأولئك الذين كمّلهم الله). أظهرت لي كلمات الله أنه مهما كان ما يحدث لي، فكله يحتوي مشيئة الله الصالحة، حسن نية الله ويجب أن أقبلها منه. كان حراس السجن يحرضون عليّ زميلاتي الأخريات ليجبروني على خيانة الله. لم يسعني الوقوع في ذلك. لم يمكن أبدًا إدارة ظهري لله مهما عذبوني. لقد خفف هذا الفِكر حقًا من بؤسي.
بعد شهرين نقلوني إلى مكان يُستخدم خصيصًا لغسل الدماغ والتحويل، ووضعوني تحت مراقبة مشدَّدة تمامًا. كان علي أن آكل وأشرب وأنام وأقضي حاجتي، في غرفة واحدة صغيرة. يقوم اثنان أو ثلاثة من المدربين بغسل دماغي كل يوم، يحيطونني بدروس حول الثقافة التقليدية، ويجعلونني أشاهد مقاطع فيديو عنها، ثم أكتب تأملات عنها. بدلًا من ذلك كتبت أشياء تشهد لله. كما أعطوني كتابًا زاخرًا بالأكاذيب التي تجدف على الكنيسة، وقالوا إنني كنت أتخلى عن عائلتي بإيماني، وأرفض رعاية والدي، وإنني كنت بلا قلب. جعلني هذا غاضبة جدًا، وأجبتهم: "أنت تخلطون بين الأبيض والأسود. أنتم من أخذتموني إلى هنا، فكيف يمكنني العودة إلى المنزل لرعاية والديَّ؟". ثم قالوا كل أنواع الأشياء للتجديف على الله وأرادوا مني أن أكتب رسائل توبة وما شابه. عندما رفضت، قاموا بإلقاء وابل من الإساءة عليَّ وتوقفوا عن السماح لي بالنوم. كانت نزيلة تصرخ بصوت مرتفع في اللحظة التي أغلق فيها عينيَّ. في وقت لاحق، أمسكت نزيلة بيدي لإجباري على كتابة تلك الرسائل. في تلك المرحلة كنت قد استُنفدت تمامًا، جسديًا وعقليًا، وكان قلبي يضعف فلم أقاوِم. فكرت: "على أي حال هم يجبرونني على القيام بذلك، لست أنا من يفعل ذلك". ولكن بعد ذلك خطر لي أن الله يرى في قلوبنا وعقولنا، ألم أتبع الشيطان بفعل ذلك؟ ثم تذكرت كلمات الله هذه: "إن عمل الله الذي يقوم به في الناس يبدو ظاهريًا في كل مرحلة من مراحله كأنه تفاعلات متبادلة بينهم أو وليد ترتيبات بشرية أو نتيجة تدخل بشري. لكن ما يحدث خلف الكواليس في كل مرحلة من مراحل العمل وفي كل ما يحدث هو رهان وضعه الشيطان أمام الله، ويتطلب من الناس الثبات في شهادتهم لله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. محبة الله وحدها تُعد إيمانًا حقيقيًّا به). ساعدني هذا على فهم أن هذه كانت حربًا روحية. كان الله يمحِّص في كل كلمة وعمل وكل تحركاتي. ظاهريًا كانت هناك نزيلة تدفع يدي للأسفل لتجعلني أكتب، ولكن إذا لم أقاوم، فهذا يعني أنني في قلبي قد استسلمت بالفعل للشيطان. سيكون ذلك نوعًا من الخيانة أمام الله. عند هذه الفكرة قاومتها، وبدأت اثنتان من السجينات بدفعي ونكزي، وضربتاني بشدة. لم تسمح لهما مديرة فصل غسيل الدماغ بضربي، متظاهرة باللطف. قالت إحداهما: "انظري كم كانت لطيفة معك، لا تكوني جاحدة، اكتبي تلك العبارات فحسب". فكرت: "أنتم تعذبونني وتؤذونني كل يوم، وتحاولون إجباري على كتابة هذه، وتدّعون اللطف معي. وقاحة!". ثم بعد ذلك مباشرة، ألقت مديرة الفصل كل أنواع الهراء والمغالطات أمامي مباشرة. عذبوني باستمرار حتى الثانية صباح ذلك اليوم، لكنني ظللت أرفض الكتابة. كلما عذبوني أكثر، رأيت جوهر الحزب الشيوعي الشرير والمعادي لله. تحدث المعلِّمون كثيرًا عن السمات الست للمذهب المنحرف. الأولى هو السيطرة النفسية، والثانية الأذى الجسدي... كلما فكرت في الأمر، اعتقدت أن الحزب هو المذهل المنحرف الحقيقي. فيما بعد، هذا ما كتبته في تأملي: "إنكم تفرضون عليّ عقيدتكم الإلحادية وثقافتكم التقليدية كل يوم، وتصرّون على أن أدير ظهري لله. أليست هذا سيطرة نفسية؟ غالبًا ما تحرمونني من النوم ليلًا، وتتعمدون تعذيبي. أليس هذا إيذاء جسدي؟ ..." عندما قرأها الحراس مزقوها في غضب.
نقلوني إلى وحدة إنتاج بعد ذلك. في ورشة العمل، كان الحراس يطالبون قائدة المجموعة بتكليفي بمهام إضافية، لذلك كنت أكافح باستمرار لمواكبة ذلك، ودائمًا على حافة الهاوية. لم أجرؤ على شرب الماء، حتى عندما كنت أموت عطشًا، خوفًا من أن الذهاب إلى الحمام سيؤخر عملي. ومع ذلك، ظللت لا أستطيع تحقيق حصتي. وكنت أعاقَب باستمرار. بعد الانتهاء ليلًا، كان عليّ العودة إلى زنزانتي والوقوف ساكنة لمدة ساعة كعقاب. في بعض الأحيان في الصباح الباكر عندما كان الجميع ما زالوا نائمين، كانوا يوقظونني ويجعلونني أقف كعقاب. كلما استيقظت كنت أشعر بالإرهاق والنعاس الشديدين، وكنت بالكاد أفتح عينيَّ. كان الحراس صارمين بشكل لا يصدَّق مع أولئك الذين كانوا مؤمنين. لقد تعرضنا للتعذيب والمعاقبة باستمرار، حتى أنهم قاموا بتقييد استخدامنا للحمامات. عندما طلب الآخرون المغادرة، سمح لهم الحراس، ولكن مهما كنت أكبح ذلك، فعندما كنت أطلب، كانوا يرفضون ويطلبون مني الاستمرار في كبح الأمر. كان علي أن أتحمل حتى ينتهي العمل ويمكنني استخدام المرحاض في زنزانتي. خلال ذلك الوقت، كنت أغتنم أدنى فرصة للشركة مع عدد قليل من الأخوات الأخريات، لنقوت بعضنا بعضًا. كنا ننسخ كل كلمات الله التي يمكن أن نتذكرها ونقوم بتمرير الورق بيننا سرًا. كان هناك واحدة تركت انطباعًا عميقًا بي حقًا. تقول كلمات الله، "وبغض النظر عن كيفية عمل الله أو نوع بيئتك، فأنت قادر على متابعة الحياة والسعي للحق والبحث عن معرفة عمل الله، وفهم أفعال الله، ويمكنك التصرُّف وفقًا للحق. فعل ذلك هو معنى أن يكون لديك إيمان حقيقي، وفعل ذلك يدل على أنك لم تفقد إيمانَكَ بالله. لا يمكنك أن تتمتَّع بالإيمان الحقيقي بالله إلَّا إذا كنت قادرًا على المثابرة على السعي إلى الحق من خلال التنقية، وعلى محبة الله حقًا، ولم تكن لديك شكوك بشأنه؛ وما زلت تمارس الحق لترضيه بغض النظر عمّا يفعله، وكنت قادرًا على البحثِ في أعماق مشيئته ومراعاةِ إرادته" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أولئك المُزمَع تكميلهم لا بدّ أنْ يخضعوا للتنقية). زودتنا كلمات الله بالإيمان والقوة. شعرنا جميعًا أنه يتعين علينا أن نبقى قريبين من الله، ونبقى قريبين من كلماته. كنت مؤمنة لعام واحد فقط في ذلك الوقت، وكرهت أنني لم أقرأ كلام الله أكثر. لكن سرعان ما صادر الحراس ذلك الورق الذي كنا نوزعه، ثم راقبونا عن كثب. كان لديهم سجينات أخريات "مراقبة ظل" عندما كنت أعمل، للتأكد من أنني لم أتحدث مع الأخوات الأخريات، وكن يقلبن خزائننا وأسرَّتنا باستمرار في عمليات البحث.
في أغسطس 2015، أفادت إحدى السجينات أنني تحدثت مع مؤمنة أخرى، لذلك أرسلني الحراس إلى الحبس في "المربع". كانت عبارة عن زنزانة ثلاثة أمتار في ثلاثة أمتار، مع مصطبة خشبية حيث كان عليك أن تنامي، مع مرحاض أرضي في أحد طرفيه. كانت الجدران مغطاة بالإسفنج بارتفاع ثلاثة أمتار حتى لا يتمكن السجناء من قتل أنفسهم بالضرب على الحائط عندما لا يستطيعون التحملُّ. أتت الحارسات بهراواتهن الكهربائية وأمرنني بخلع كل ملابسي أمامهن. رفضت، فنزعوا ملابسي، وأجبرنني على خلعها بالكامل، ثم جعلنني أقف تحت كاميرات المراقبة وأقوم بعمل القرفصاء. شعرت بالإهانة الرهيبة، لذلك استخدمت ذراعيَّ غريزيًا لتغطية نفسي، رغبة في حماية نفسي أثناء جلوس القرفصاء. لكن قبل أن أنزل، أبعدن ذراعيَّ بعيدًا وسخرن مني قائلات: "ما الذي تتمسكين به؟ لقد جئت هنا وما زلت تريدين كرامتك؟". كنت مستاءة للغاية، لكنني جززت على أسناني وأجبرت دموعي على التراجع. بمجرد الانتهاء من "التفتيش"، أرسلنني إلى زنزانتي وأنا عارية تمامًا. عندما دخلتها، لم أستطع التراجع بعد ذلك، فبكيت كثيرًا. لاحقًا، جعلني الحارس أقف انتباه هناك من الخامسة صباحًا حتى العاشرة مساءً، وطلب من النزيلات مراقبتي. تعرضت للضرب أو الصراخ لأدنى حركة. بعد الوقوف لفترة طويلة كانت قدميَّ تنتفخان البالونات. كانوا يجدون دائمًا طرقًا جديدة لمعاقبتي، وكنت أتعرض للضرب إذا لم يعجبهم نظرتي. ذات مرة، دخلت 4 أو 5 سجينات. أمسكت إحداهن بشعري، وبدأت اثنتان منهما في صفعي، وأخرى كانت تضغط على ثديي بشدة. كان ذلك مؤلمًا بشكل لا يصدق. كن جميعًا يضحكن من قائلات: "ليأتِ إلهك ليخلصك!". كنت ملأى بالكراهية لأولئك الشياطين، ولم يكن لدي أي فكرة عن المدة التي سيستمرون فيها في تعذيبي وإهانتي هكذا. لم أرغب في التواجد هناك لدقيقة أخرى وفكرت حتى في ضرب رأسي حتى الموت، لكن الجدران كانت مغطاة بالإسفنج، لذلك لم يكن هناك طريقة للقيام بذلك. النزيلة في الزنزانة المجاورة لي حاولت أن تضرب نفسها بالحائط لتنتحر، لكنها لم تنجح، لذا وضعوا غطاء على رأسها وكمموا حتى فمها. إذا لم أنجح، فسأعاني شيئًا أسوأ. جعلني هذا الفكر أكثر بؤسًا. في أضعف لحظاتي، تذكرت ترنيمة كلمات الله هذه: "ليس لدى معظم الناس اليوم هذه المعرفة. هم يعتقدون أن المعاناة لا قيمة لها، وأنهم مُضطهدون لأجل إيمانهم، ومنبوذون من العالم، وحياتهم المنزلية مضطربة، وآفاقهم قاتمة. تصل معاناة بعض الناس إلى حدودها القصوى، وتتحول أفكارهم نحو الموت. كيف يُظهر هذا قلبًا محبًا لله؟ مثل هؤلاء الناس جبناء، ليس لديهم قدرة على المثابرة، وهم ضعفاء وعاجزون! الله حريص على جعل الإنسان يحبه، لكن كلما زادت محبة الإنسان لله، زادت معها معاناته، وكلما زادت محبة الإنسان له، أصبحت تجاربه أكثر شدة. ... ولذلك، أثناء هذه الأيام الأخيرة يجب أن تحملوا الشهادة لله. بغض النظر عن مدى حجم معاناتكم، عليكم أن تستمروا حتى النهاية، وحتى مع أنفاسكم الأخيرة، يجب أن تظلوا مخلصين لله، وتحت رحمته. فهذه وحدها هي المحبة الحقيقية لله، وهذه وحدها هي الشهادة القوية والمدوّية" ("اسعَ أن تحب اللهِ مهما كانت مُعاناتِكَ" في "اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). عند التفكير في كلام الله، رأيت كم كنت جبانة، لأنني مع القليل من المعاناة والإذلال كنت أسعى للموت بالفعل. أين كانت شهادتي؟ كان عليَّ أن أقف وأعيش، وأشهد لإرضاء الله وإذلال الشيطان! تخلصت من أي أفكار عن الموت ولم أُرد سوى الصلاة والاتكال على الله لتجاوز ذلك.
ثم بدأ حراس السجن يجعلوننا نلبس ملصقات بكل أنواع الأشياء التجديفية المكتوبة عليها، لكنني رفضت. جلعوا سجينات أخريات يجبرنني على الجلوس على مقعد، كان ذلك صعبًا حقًا، وغير مريح حقًا ثم قيدن يديَّ وقدميَّ بقيود حتى لا أستطيع التحرك إطلاقًا. ثم وضعن هذه اللافتة عليَّ وقلن بسعادة حقيقية: "ألا ترتديها الآن؟ لدينا أساليبنا!". لذا أبقوني مقيَّدة هكذا من الخامسة صباحًا إلى العاشرة مساءً، لـ17 ساعة كاملة. كانت مؤخرتي تؤلمني بشدة وكانت يديَّ منتفختين بشكل لا يصدَّق. كنت مُرهَقة تمامًا وناعسة. لم أستطع حتى فتح عينيَّ. كانت النزيلات يهددنني ولم يسمحن لي بإغلاق عينيَّ. إذا فعلت ذلك، كن يرششن مسحوق الفلفل الحار عليهما. حاولت جاهدة إبقائهما مفتوحتين، لكن بعد قليل، لم أستطع التحمل. كانتا تغمضان من تلقاء نفسيهما، وبعد ذلك كانت السجينات يفتحن عينيَّ بأصابعهن. حتى أنهن لم يحللن قيدي لتناول الوجبات. لم يكن هناك الكثير من الطعام للبدء به، ولكن بعد ذلك، وضعن بضع لقيمات فقط في فمي ثم أخرجنها قبل أن أنتهي. وأحيانًا كانوا يحشرونها في فمي ولم يكن لدي وقت لأبتلع، ثم كن يصرخن عليَّ. فيما بعد، توقفت عن الأكل لأنني لم أرغب في أن أُذل بهذه الطريقة، وعندما رفضت تناول الطعام، صفعنني فحسب. اضطررت إلى التماسك حتى شعرت بالألم لأنهن لم يسمحن لي باستخدام الحمام، ثم عانيت مشاكل عصبية في المسالك البولية بسبب الكبح لفترة طويلة، لذلك عندما حان الوقت، لم أستطع حتى الذهاب. كانت تلك هي المرة الأولى التي فهمت فيها حقًا لماذا قد يقول الناس إن الموت سيكون مصدر راحة.
أثناء وجودي في المقصورة، كان الحراس يعذبونني بالحرمان من الطعام كثيرًا. كانوا يعطونني فقط قطعة خبز على البخار بحجم بيضة وملعقة صغيرة من الحساء. في بعض الأحيان كانوا يسحبون قطعة من الخبز على البخار. كنت حريصة جدًا أثناء تناول الطعام، خشية سقوط فتات الخبز على الأرض. شعرت بالجوع طوال الوقت، كانت معدتي تقرقر وتؤلمني دائمًا. عندما سمعت السجينات بجواري يمضغن طعامهن، فكرت: "متى سأحصل على وعاء من الطعام الحقيقي مثلهن؟". في بعض الأحيان يرمون بعض طعامهم في القمامة أو المرحاض، ولا يتركنه لي لآكله حتى لو كان فاسدًا. كنت أتأمل أحيانًا الطعام في سلة المهملات، وأرغب حقًا في التهامه، لكن بعد ذلك كنت أرى كل المراقبة والسجينات الأخريات من حولي ولا أجرؤ على ذلك. كنت أخشى أن أتعرض للضرب حتى قبل أن أدخله فمي. كنت أعاني آلام الجوع طوال الوقت، وكنت أحلم بتناول وجبة كاملة. ليس هذا فقط، ولكن حتى شرب الماء كان مقيدًا. كنت أحصل على الماء في الصباح، وقليل جدًا. كان شهر أغسطس أكثر الشهور حرارة، لذلك كنت أموت من العطش. ذات مرة وضعوا شعر الإبط في مياه الشرب الخاصة بي. لقد كان مقززًا حقًا. ثم وقفوا هناك عند الباب يراقبونني، وإذا لم أشربه، فسيتوقفون عن إعطائي الماء تمامًا. أجبرت نفسي على شربه. وعندما رأوا ذلك، أهانوني بسببه. على رأس العذاب الجسدي اليومي، كانوا يمطرونني باستمرار بالإساءة، قائلين كل أنواع الأشياء البذيئة وأمور تجديف على الله. كان الأمر مؤلمًا حقًا وأردت البكاء حقًا، لكني كنت أخشى أن يحشروا شيئًا في فمي، لذلك لم أجرؤ على إصدار صوت. لم يمكنني إلا البكاء بصمت. صرخت السجينة التي كانت تراقبني بصوت مرتفع: "علام تبكين؟ إذا واصلت ذلك، فسوف آخذك إلى الساحة الرئيسية وأجردك من ملابسك حتى يتمكَّن كل من في السجن من رؤيتك". سماعها تقول هذا أخافني حقًا. كانت تلك المجموعة من الشياطين حقًا قاسية وشريرة. كيف يمكنني أن أتحمل الأمر إذا أخذوني بالفعل إلى الميدان وخلعوا كل ملابسي؟ احتمالية حدوث هذا أخافتني من البكاء بعد ذلك.
خلال ذلك الوقت، شعرت غالبًا وكأنني في حالة ذهول تام، وكأنني على وشك الانهيار. لم أرغب في قضاء ثانية واحدة أطول هناك. تذكرت شيئًا قالته مديرة غسيل الدماغ: "هل كنتِ لتعاني كل هذا إذا لم تؤمني بالله؟". كنت أشعر بالضعف حقًا في ذلك الوقت، لذا فكرت: "إنها على حق. إذا لم أكن مؤمنة، فلن أعاني هذا". عندما فكرت في ذلك، شعرت بالظلام الداخلي بشكل لا يصدَّق وفجأة أدركت أنني كنت أقع في خدعة الشيطان. لقد اعتقلني الحزب الشيوعي الصيني بسبب إيماني وسيري الطريق الصحيح. كان من الواضح جدًا أنهم يعذبونني ويؤذونني، لكنهم قالوا إنني أعاني بسبب إيماني. لوم الله على معاناتي كان حقيرًا ومخزيًا بشكل لا يصدق! لم أكرههم فحسب، بل صدقت كذبتهم. كنت أبيع نفسي للعدو! أتيت بسرعة أمام الله في الصلاة: "يا الله، إنني صدقت أحد أكاذيب الشيطان بسبب ضعفي الجسدي. أنا متمردة جدًا! أتمنى أن أتوب إليك، وأرجو أن ترشدني لفهم مشيئتك". تذكرت هذا المقطع من كلمات الله بعد الصلاة: "كلما عظُمت تنقية الله، زادت قدرة قلوب الناس على محبته. فالعذاب الذي في قلوبهم ذو منفعة لحياتهم، إذ يكونون قادرين أكثر على الوجود في سلامٍ أمام الله، وتصير علاقتهم به أقرب، ويمكنهم رؤية محبة الله الفائقة وخلاصه الفائق بطريقة أفضل. اختبر بطرس التنقية مئات المرات، واجتاز أيوب تجارب متعددة. إن كنتم ترغبون في أن يكمّلكم الله، يجب أن تجتازوا أنتم أيضًا التنقية مئات المرات؛ ولن تستطيعوا إرضاء مشيئة الله، ولا أن تنالوا الكمال منه إلا لو اجتزتم في هذه العملية، واعتمدتم على هذه الخطوة. إن التنقية هي أفضل وسيلة يكمّل بها الله الناس؛ وليس إلا التنقية والتجارب المرّة هي التي تُظهر المحبة الحقيقية التي لله في قلوب الناس. بدون ضيقات، يفتقر الناس إلى محبة الله الحقيقية؛ لو لم يُختبر الناس من الداخل، ولو لم يخضعوا بحق للتنقية، ستظل قلوبهم دائمًا تائهة في الخارج. بعد أن تصل تنقيتك إلى نقطة محددة، سترى ضعفك وصعوباتك، وسترى مقدار ما ينقصك، وأنك غير قادر على التغلب على المشاكل العديدة التي تواجهها، وسترى مدى جسامة عصيانك. لا يقدر الناس على معرفة حالاتهم الحقيقية حقًّا إلا أثناء التجارب؛ فالتجارب تعطي الناس إمكانية أفضل لنيل الكمال" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. لا يمكن للإنسان أن يتمتع بمحبة حقيقية إلا من خلال اختبار التنقية). ذكرتني كلمات الله أن القبض والتعذيب كان شيئًا سمح به الله واحتوى على مشيئته الصالحة. كان ينقيني خلال التجارب والمشقَّة، ويسمح لي برؤية أوجه قصوري. قبل ذلك، كنت أقول دائمًا إنني أريد السعي إلى محبة الله وإرضائه، والخضوع لترتيباته، ولكن في مواجهة تلك المعاناة الجسدية، أردت فقط الهروب، فتذمرت ولمت الله. رأيت أنني ليس لدي أي محبة أو إيمان بالله. كنت أفتقر إلى القامة. لو لم أكن قد كُشفت في تلك البيئة، لما فهمت نفسي إطلاقًا. لم أشعر بنفس التعاسة عندما فكرت في ذلك، وكنت على استعداد للصلاة والاتكال على الله لتجاوز الأمر. قلت صلاة لله: "يا الله، أعلم أن كل ما تفعله لخيري. لن أحاول الهروب من هذا بعد الآن. أنا على استعداد لأشهد لك". ترنيم ترنيمة كلمات الله التي أمكنني تذكرها مرارًا وتكرارًا في قلبي منحني الإيمان والقوة. كنت أعلم أن هذا كان حماية الله ومحبته، وشكرته بلا توقف. فيما بعد، سمعت إحدى السجينات تقول إن الناس عمومًا لا يمكنهم تحمل الأمر بعد سبعة أيام في المربع، وبحلول ذلك الوقت كنت هناك لأكثر من 20 يومًا. علمت أنني كنت قادرة على التمسُّك تمامًا بسبب حماية الله وإرشاده، وشكرته مرارًا. أبقوني هناك لـ45 يومًا قبل أن يسمحوا لي بالخروج. عندما عدت إلى العنبر، بكت الأخوات هناك من أجلي عندما رأين أنني تحولت إلى كيس من العظام. لقد استرقن لي مسحوق الحليب والبسكويت حتى أتمكَّن من بناء قوَّتي مجددًا. شعرت أن هذا كان محبة الله. لقد ضُبطنا في شركة حول كلام الله مرة أخرى بعد ذلك، فأعادتني رئيسة العنبر إلى المربع. لقد عذبوني بنفس الطرق طوال 37 يومًا في ذلك الوقت، وعندما خرجت، كان من الصعب التعرُّف عليَّ.
في ديسمبر 2016، كنت قد قضيت مدتي وأطلق سراحي. لولا الصلاة والاتكال على الله، لما كان هناك سبيل للخروج من هذا الجحيم على قيد الحياة. عندما غادرتْ، اكتشفت أن خطيبي أنهى الخطبة، ولم يكن قادرًا على تحمُّل كل الثرثرة. استمرت الشرطة في القدوم لمضايقتي بعد أن عدت إلى المنزل، وسألتني إن كنت ما زلت أصدق، لذلك غادرت مسقط رأسي لأقوم بواجبي. بعد أن جعلني الحزب الشيوعي أمر بهذا، رأيت بوضوح كم هو شرير وحقير. إنه شيطان يكره الله ويقاومه، وتركته ورفضته من أعماق قلبي! بل أكثر من ذلك، ذقت محبة الله. لقد كان إرشاده هو الذي ساعدني على كشف كل حيل الشيطان، وكانت كلمات الله هي التي منحتني الإيمان والقوة، مما سمح لي بالتغلُّب على سوء معاملة هؤلاء الشياطين. منحني هذا الاختبار مذاقًا شخصيًا لسلطان كلام الله وقوته، ومنحني المزيد من الإيمان. مهما كان مقدار الألم والمصاعب التي سأمر بها في المستقبل، سأتبع الله القدير بثبات وأقوم بواجبي لأرد محبته!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.