أقوم بواجبي في مواجهة الخطر

2022 نوفمبر 8

في يوليو 2002، اعتُقِل العديد من كبار القادة في المقاطعات الشمالية الشرقية الثلاث. ثم بدأ الحزب الشيوعيّ حملة محمومة في اعتقال المزيد من الإخوة والأخوات. في كنيستي، اعتُقِل الكثيرون، واحدًا تِلو الآخر. ولأن الاعتقالات كانت واسعة جدًا حينئذٍ، لم يكن لديّ خيار سوى مغادرة المنزل والذهاب إلى كنيسة في مكان آخر لأداء واجبي. ذات يومٍ، بعد وقت قصير من ذهابي إلى هناك، جاءتني الأخت تشاو على عَجَلٍ وقالت: "اعتُقِل في الليلة الماضية عِدّة أخوات من كنيستنا كُنّ ينشرن الإنجيل. كان المالك هو مَن أبلغ. أعطى المالك أيضًا أوصافكِ للشرطة وقال إنكِ كثيرًا ما تذهبين إلى ذلك المنزل، لذا فلا بد أنكِ المسؤولة. عليكِ أن تحذري عندما تخرجين من الآن فصاعدًا!" عندما سمعتُ الأخبار، صُعِقت. وفكّرت: "أن جميع أولئك الأخوات قد اعتُقِلن، وأن الشرطة قطعًا ستعذبهُنّ بطرقٍ لا يمكنني حتى تخيُّلها. تعلم الشرطة وصفي بالفعل. هذه منطقة ريفية، لا يوجد الكثيرون هنا، وأنا غريبة. إنْ تَحرَّت الشرطة، سيجدونني بسهولةٍ. عندما أذهب إلى عِدّة اجتماعات جماعية، عليّ المرور من بوابة مركز الشرطة. إذا واصلت الذهاب إلى الاجتماعات وتأدية واجبي، مَن يدري ما نوع المواقف الخطيرة التي قد أواجهها. الأخوات اللاتي اعتُقِلن يَعْرِفْنَني، ماذا إذًا لو انْهَرْن تحت وطأة التعذيب ووشَيْن بي؟ إنْ علمتْ الشرطة أنني قائدة الكنيسة، سيعذبونني بالتأكيد إنْ ألقوا القبض عليّ!" كلما فكّرت في الأمر، ارتعبتُ أكثر. شعرت أنه من المستحيل البقاء حيث كنت، لذا فكّرت في التحدث إلى لأطلب نقلي للقيام بواجبي في مكان آخر. لكن بعدها فكّرتُ، "لا يزال هناك بعض الوافدين الجُدد الذين قبلوا للتوّ عمل الله ويحتاجون إلى السقاية عاجلًا. إنْ غادرتُ هكذا، فلن يقدروا على عيش حياة الكنيسة. ماذا لو انسحبوا من الكنيسة؟ لكن إنْ بقيت، فالأمر شديد الخطورة أن أؤدي واجبي هنا". في تلك الأيام، فقدت شهيتي، وجافاني النوم، ولم أجرؤ على خلع ثيابي في الليل خشية أن تقتحم الشرطة المنزل فجأة وتعتقلني. رغم أنني أديت واجبي ظاهريًّا، لم أشعر بأي إحساس حقيقي بالعبء. عندما كانت لَدَى الإخوة والأخوات مشاكل، لم أبحث عن أجزاء ذات صلةٍ من كلمة الله، وتجنّبتُ الاجتماعات الجماعية متى استطعت. عَلِمتُ أن هذا لا يتماشى مع مشيئة الله، لكنني شعرت بالخجل الشديد، ولم أجرؤ على أداء واجبي في ذلك المكان. فصلّيت إلى الله، طالبة منه أن يُنيرني ويرشدني.

لاحقًا، قرأت بعضًا من كلام الله. "ما أطلبه هو ولاؤك وطاعتك الآن، ومحبتك وشهادتك الآن. حتى لو لم تكن تعرف في هذه اللحظة ما هي الشهادة أو ما هي المحبة، عليك أن تُسلِّمني نفسك بجملتك وتقدم لي الكنزين الوحيدين اللذين تمتلكهما: ولاؤك وطاعتك. ينبغي عليك أن تعرف أن شهادة غلبتي على تكمن في ولاء الإنسان وطاعته، ونفس الشيء ينطبق على شهادة إخضاعي الكامل للإنسان. إن واجب إيمانك بيّ هو أن تقدّم شهادةً عني، وأن تكون مخلصًا لي، ولا شيء آخر، وأن تكون مطيعًا حتى النهاية. قبل أن أبدأ الخطوة التالية من عملي، كيف ستقدّم شهادة عني؟ كيف ستكون مُخلِصًا ومطيعًا لي؟ هل تكرِّس كل ولاءك لمهمتك أم ستستسلم بسهولة؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. ماذا تعرف عن الإيمان؟). "يعتقد كل واحد منكم أنه في توافق معي، لكن إذا كان هذا هو الحال، فعلى مَنْ إذًا ينطبق هذا الدليل الدامغ؟ تعتقدون أنكم تمتلكون أنقى إخلاص ووفاء نحوي، وأنكم غاية في الحنو والعطف، وأنكم كرَّستم الكثير لي. تعتقدون أنكم صنعتم ما يكفي من أجلي. لكن هل قارنتم من قبل هذه المعتقدات بسلوككم؟ ... عندما تضطلع بواجبك، فإنك لا تفكر إلا في مصلحتك الشخصية وسلامتك الشخصية وأفراد أسرتك. فأي شيء فعلتَ من أجلي؟ متى فكرتَ فيَّ؟ متى كرَّستَ نفسك لي ولعملي مهما كانت التكلفة؟ أين دليل توافقك معي؟ أين حقيقة ولائك لي؟ أين حقيقة طاعتك لي؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. يجب أن تبحث عن طريق التوافق مع المسيح). في مواجهة أسئلة الله، شعرت بالخجل. وشعرت وكأنّ الله كان يسألني وجهًا لوجه: أيمكنكِ أن تكوني أمينة لله في هذا الوقت العصيب؟ أيمكنكِ إرضاء الله هذه المرة، دون النظر إلى اهتماماتكِ الجسدية؟ أيمكنكِ حماية مصالح الكنيسة؟ تذكّرتُ أنني وسبق أن أقسمت في محضر الله، أن أيًّا كان نوع المخاطر والمِحَن التي أواجهها، سأكون مُخلِصة في واجبي، دون اعتبار لحياتي أو لموتي ولا أخون الله أبدًا في أي وقت. لكن الآن قد جاء الموقف الفعليّ، اعتُقِل العديد من الإخوة والأخوات في الكنيسة، والوافدون الجُدد الذين قبِلوا عمل الله لم يفهموا الكثير من الحقّ. إنْ لم يتلقوا السقاية في الوقت المناسب، قد يُضَلّلوا بشائعات الحزب الشيوعي الصيني، أو قد يخشون الاعتقال، أو ينسحبون، ويفقدون فرصتهم في الخلاص. في هذه اللحظة الحرِجة، لم أكن مراعية إطلاقًا لمشيئة الله، ولم أكن أفكّر في حياة إخوتي وأخواتي وما إذا كان بإمكانهم عيش حياة الكنيسة. فكّرت في سلامتي فحسب. لأنني خشيت من اعتقالي وسجني، حتى إنني أردت الفرار من هذا المكان الخطير بأسرع ما يمكنني. وفي مواجهة الشدائد، أدركت أنني ليس لديّ ولاء لله إطلاقًا، وأنني كنت أنانية وحقيرة. شعرت أنني بلا ضمير، لذا صلّيت إلى الله: "إلهي، لا أفكّر في عمل الكنيسة في اللحظة الحَرِجة. أفكر فقط فيما إذا كنت سأُعْتَقل. إنني أنانية جدًا. أودُّ أن ألجأ إليك وأتكل عليك لأداء واجبي".

لاحقًا، جئت إلى الله لأطلب وأتأمل، كيف لا أعود هيَّابة، وأؤدي واجبي في بيئات خطيرة. فكّرت في كلمة الله: "لا يوجد في كل ما يحدث في الكون شيءٌ لا تكون لي فيه الكلمة الفصل. هل يوجد أي شيء خارج سيطرتي؟ كل ما أقوله نافذ، ومَنْ مِن البشر بوسعه أن يُغيِّر رأيي؟ هل هو العهد الذي صنعته على الأرض؟ لا شيء بوسعه أن يعيق خطتي؛ فأنا موجود أبدًا في عملي وأيضًا في خطة تدبيري. مَن مِن البشر يستطيع أن يتدخل؟ ألستُ أنا شخصيًا الذي صنعتُ كل هذه الترتيبات؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كلام الله إلى الكون بأسره، الفصل الأول). إنّ الله قدير حقًّا، الله ذو سيادة مطلقة على كل شيء، وكل شيء بين يديه. ألم تكن الشرطة أيضًا بين يديّ الله؟ بغضّ النظر كيف أصبحت البيئة معادية أو جنونية الحزب الشيوعي الصيني، لن تستطيع الشرطة القبض عليّ دون إذن الله. إنْ كان مُقدّرًا لي أن أجرّب مثل هذه البيئة، حتى لو هربت إلى مكان آخر، لاعتُقِلت في نهاية المطاف. لطالما كنت هيَّابة وأخشى أن أُعْتَقل وأُعَذَّب. هذا لأنني كنت أجهل قدرة الله وسيادته ولم يكن لدي سوى القليل من الإيمان، ولذا كنت دائمًا تحت سيطرة قوى الظلام، وأردت الهروب من مثل هذه البيئات. عَلِمَ الله قامتي والبيئات التي كانت الأكثر فائدة وتنويرًا لنُموّي في الحياة. كنت بحاجةٍ إلى تهدئة نفسي والاتكال على الله لسقاية الوافدين الجُدد، والتعامل مع تداعيات الاعتقالات، والوفاء بمسؤولياتي وواجباتي. حتى إنْ اعْتُقِلتُ، فسيكون ذلك بإذن الله، وستكون هناك دروسًا لي لأتعلمها. وبشكل حاسمٍ، أدركت أن هذه البيئة المعادية كانت الأفضل لتكميل إيماني واستعدادي للمعاناة. كان عليَّ البقاء، وتأدية واجبي جيدًا، وتجاوز الصعوبات مع الآخرين. بالتفكير في هذا، لم يعد قلبي خاضعًا لقوة الظُّلمة، لم أعد أريد الهروب من هذه البيئة، وشعرت بارتياح شديد. بعد ذلك، تنكّرتُ وواصلت سقاية إخوتي وأخواتي.

خلال الاجتماع، رأيت الوافدين الجُدد يعيشون في جُبْنٍ وخوفٍ من اعتقال شرطة الحزب الشيوعيّ الصينيّ، لذا قرأت كلمة الله عن سُلْطان الله وسيادته على كل شيء معهم. وهذا ما منحهم فهمًا عن عمل الله، وأصبحوا أكثر ثقة من أي وقت مضى. لم تجرؤ إحدى الأخوات على أداء واجبها لأن عائلتها اضطهدتها وأرغمتها. قرأتُ كلام الله معها وشاركتها اختباري ومعرفتي، وكيف نكون أمناء في واجباتنا. لقد فهمتْ مشيئة الله، وبدأت تؤدي واجبها. خلال ذلك الوقت، ظللت أسمع أخبارًا عن اعتقال إخوة وأخوات من حولي، لكنني لم أشعر بالخوف، وتمكّنت من تهدئة نفسي وأداء واجبي بشكل طبيعيّ. من خلال قراءة كلمة الله، أدرك الإخوة والأخوات الحقّ وربحوا ثقةً بالله. شيئًا فشيئًا، عادت حياة الكنيسة إلى طبيعتها. من خلال هذا، رأيت سيادة الله القدير وبركاته، وأصبحت أكثر ثقة في أداء واجبي، ولهذا صرتُ ممتنة لله بوجه خاص. بعد مرور تلك الفترة الزمنية، شعرت أنني اكتسبت قامةً وإيمانًا بالله، لكن عندما كشفتني الحقائق، أدركت أنني لا يزال لديّ قدر ضئيل من الإيمان.

كان ذلك في عام 2003. ذات يومٍ، جاءتني الأخت وانغ على عَجَلٍ وقالت بصوتٍ مذعور: "اعتقلت الشرطة قادة عدّة كنائس في اجتماع زملاء العمل. إحداهم، شياو وي، لم تستطع احتمال التعذيب وتحوّلت إلى يهوذا. في هذه اللحظة، تأخذ الشرطة للتعرّف على منازل الإخوة والأخوات. شياو وي على دراية كبيرة بأوضاع تلك الكنائس، لذا نحن بحاجة إلى إخطار تلك الكنائس على الفور للتعامل مع التداعيات". عندما سمعت الأخبار، كنت في حيرةٍ من أمري وعصبية للغاية. اعْتُقِل قادة العديد من الكنائس، وتحوّلت شياو وي إلى يهوذا. الآن، صارت البيئة أكثر خطورة. عرفت شياو وي عنوان منزلي، وعرفت بمكان بيت مُضيفتي، وكانت على دراية تامة بكنيستي. هل ستُحضِر الشرطة للتعرّف عليّ؟ كان المالك قد قدّم بالفعل للشرطة في المرة السابقة. إنْ اعتقلوني هذه المرة، فمن المؤكد أن الشرطة ستقوم بتعذيبي! كانوا قُسَاة ووحشيين مع المؤمنين. سيقتلوننا دون عواقبٍ. إنْ وقعتُ في أيديهم، علمُت أنهم سيعذبونني بوحشيةٍ. سمعت أنه بعد اعتقال إحدى القائدات، صُعِقتْ بالكهرباء، وأُجْبِرَت على الجلوس على كرسي تعذيب، وعُذِّبتْ بطرق شتّى. حتى إن الشرطة جرحت عينيها بنعل حذائها، وأجبروها على أكل البراز من المرحاض. استمر استجوابها لأكثر من 70 يومًا. كلما فكرتُ في الأمر، شعرت بمزيد من الخوف، لذا أردت أن أخبر الآخرين بإبلاغ تلك الكنائس. لكن بعد ذلك فكّرت: "أنا فقط مَن يمكنها تحديد مكان شمامسة تلك الكنائس مباشرة. إنْ لم أُخْطِرهم في الوقت المناسب، سيُعتَقل المزيد من الإخوة والأخوات، وهذا يعني أنهم سيُعَذَّبون جميعًا. ثم سأرتكب تعدٍ، وعمل شرير أمام الله، وسيُثقِل ضميري لبقية حياتي!" لذا سارعت بإخفاء هويّتي وركبت دراجة إلى الكنيسة المجاورة.

على الطريق، عجزت عن تهدئة نفسي، حتى بعد فترة طويلة. فجأة، تذكّرتُ أن شياو وي كانت على علمٍ بمنزل خُزِّنَت فيه الكتب. كان لا بد من نقل الكتب على الفور، أيضًا. لكن الآن، كانت شياو وي تأخذ الشرطة للتعرّف على الإخوة والأخوات. إذا ذهبتُ لنقل الكتب واعتقلتني الشرطة، فمن المؤكد أن الشرطة لن تتساهل معي. أثناء الاستجواب، قطعًا سيستخدمون التعذيب، وحتى قد أموت. شعرت أن نقل الكتب أمر بالغ الخطورة، وأردت أن يذهب الآخرون. لكن عندئذ، تذكّرت كلمة الله. "اليوم، المطلوب منكم تحقيقه ليس متطلبات إضافية، بل واجب الإنسان، وهو ما ينبغي على كل الناس القيام به. إن كنتم غير قادرين حتى على أداء واجبكم، أو على أدائه بصورة جيدة، أفلا تجلبون المتاعب لأنفسكم؟ ألا تعجلون بالموت؟ كيف ما زلتم تتوقعون أن يكون لكم مستقبل وتطلعات؟ عمل الله يتم من أجل البشرية، وتعاون الإنسان يُعطى من أجل تدبير الله. بعد أن يقوم الله بكل ما ينبغي أن يقوم به، يُطلَب من الإنسان ألا يكون محدودًا في ممارسته، وأن يتعاون مع الله. في عمل الله، لا ينبغي على الإنسان بذل أي جهد، بل يجب أن يقدم ولاءه ولا ينخرط في تصورات عديدة، أو يجلس منتظرًا الموت. يمكن أن يضحي الله بنفسه من أجل الإنسان، فلماذا لا يمكن أن يقدم الإنسان ولاءه لله؟ لله قلب واحد وعقل واحد تجاه الإنسان، فلماذا لا يمكن للإنسان أن يقدم القليل من التعاون؟ يعمل الله من أجل البشر، فلماذا لا يستطيع الإنسان أن يؤدي بعضًا من واجبه من أجل تدبير الله؟ لقد وصل عمل الله لهذا المدى، وأنتم ما زلتم مشاهدين لا فاعلين، تسمعون ولا تتحركون. أليس مثل هؤلاء الناس كائنات للهلاك؟ كرس الله نفسه كلها من أجل الإنسان، فلماذا اليوم الإنسان عاجز عن أداء واجبه بجد؟ بالنسبة لله، عمله هو أولويته، وعمل تدبيره ذو أهمية قصوى. بالنسبة للإنسان ممارسة كلمات الله واستيفاء متطلباته هي أولويته. هذا ما ينبغي عليكم جميعًا أن تفهموه" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. عمل الله وممارسة الإنسان). عندما فكّرت في كلام الله، شعرت بالذنب الشديد. رغم أن البيئة الحالية كانت خطيرة، كان عمل الكنيسة أكثر أهمية، مثلما كانت حماية الكتب وإخوتي وأخواتي. بصفتي قائدة كنيسة، كان عليّ أن أراعي عِبء الله وأفي بمسؤولياتي وواجبي. لا سيَّما، أن الإخوة والأخوات جازفوا بحياتهم لإحضار كتب كلمة الله هذه إلى هنا ليقرأها الآخرون. كلمة الله هي شريان الحياة لشَعْبه المختار. مهما كانت المخاطرة جسيمة، لا بد وأن أحمي كتب كلمة الله. ووحده القيام بذلك يعني أنني مخلصة لله. لكنني كنت أنانية جدًا وحقيرة. في اللحظة الحَرِجة، فكّرت فقط في مصالحي ومكاسبي الخاصة، ولم أفكّر في عمل الكنيسة على الإطلاق. كيف يمكن أن يُقال إنني مخلصة لله؟ فكّرت في تلاميذ الرب يسوع ورُسُله. في سبيل نشر إنجيل الرب، اضطهدهم الحُكّام والسُّلُطات. رُجِمَ بعضهم حتى الموت، وحُرق بعضهم حتى الموت، وبعضهم مزّقت الخيول أوصاله. وبذلوا حياتهم لتتميم إرسالية الله، فخلقوا شهادة جميلة لله. ونالت أعمالهم رضا الله، وكانت حياتهم ذات قيمة ومغزى. لقد سمعت الكثير والكثير من كلام الله، وتلقّيت الكثير من الحقّ، ومع ذلك، ظللت غير مراعية لمشيئة الله. عندما واجهت بيئة سيئة، خشيت الموت ولم أستطع حماية مصالح الكنيسة. كنت حقًّا أفتقر إلى الضمير والإنسانية!

بعد إخطار الإخوة والأخوات والعودة إلى المنزل، قرأت مقطعًا آخر من كلام الله، "في أمة التنين العظيم الأحمر، قمت بمرحلة من العمل لا يمكن للبشر استيعابها، مما جعلهم مثل ريشة في مهب الريح، بعدها صار الكثيرون ينجرفون بعيدًا في هدوء مع هبوب الريح. هذا هو حقًّا "البيدر" الذي أوشك على أن أنقِّيه؛ فهذا ما أتوق إليه وهذه هي خطتي أيضًا. لأن الكثير من الأشرار قد تسللوا بينما كنتُ أعمل، ولكني لستُ متعجلاً لإبعادهم. بل بدلاً من ذلك، سأبددهم حينما يحين الوقت المناسب. بعد ذلك فقط، سأصيرَ ينبوع الحياة، وأسمح لمن يحبونني حقًّا بأن يحصلوا مني على ثمرة شجرة التين وعطر الزنبق" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. دويُّ الرعود السبعة – التنبؤ بأن إنجيل الملكوت سينتشر في جميع أنحاء الكون). من كلام الله، فهمت أن هناك حكمة الله في عمله في بلد التنين العظيم الأحمر في الأيام الأخيرة. اعتقالات واضطهاد الحزب الصيني الشيوعي المحمومة تكشف وتختبر كل مؤمنٍ بالله. لا يجرؤ البعض على الإيمان بسبب الجُبْن، وآخرون يخشون الاعتقال ولا يمكنهم أداء واجباتهم، وآخرون لا يمكنهم احتمال التعذيب بعد الاعتقال، فيخونون الله، ويصبحون يهوذا. كشف عمل الله أولئك الناس جميعًا على أنهم كالزُّوان والتبن، ويجب أن يطرحهم الله. ومع ذلك، بعض الإخوة والأخوات، بغض النظر عن مدى سوء البيئة، يثابرون على أداء واجباتهم ويحمون عمل الكنيسة، حتى وإنْ اعتُقِلوا وعُذِّبوا، فإنهم يفضلون الموت على أن يصبحوا يهوذا. يعتمدون على كلمة الله ويرسخون في شهادتهم، وإيمانهم ومحبتهم مكمَّلين. إنهم أولئك الذين يؤمنون بصدقٍ وهم مخلصون لله. خدمة التنين العظيم الأحمر تكشف المؤمنين الحقيقيين والمزيفين، كذلك الزُوان والقمح في الكنيسة. وتُقسّم البشر حسب نوعهم. الآن، اعْتُقِل قادة العديد من الكنائس، وأصبح شخص ما يهوذا، والذي ظاهريًّا لا يُبشِّر بخيرٍ. ومع ذلك، من خلال هذه البيئة، كُشِف الأشرار الذي اخترقوا الكنيسة، مما أعاننا على ربح حُسن التمييز، وكان أيضًا اختبارًا لي ليرى إن كنت مؤمنة بالله ومخلصة له. لم يعد بإمكاني أن أكون أنانية وحقيرة، ولا أعيش لنفسي فحسب. مهما كانت خطورة البيئة، أو ما إذا كنت سأُعْتَقل، كان عليّ الاتكال على الله وإيجاد طريقة لنقل كتب كلمة الله بسرعة إلى مكان آمن.

بعدئذ، ناقشت مع الأخت التي تستضيفني كيفية نقل الكتب. لأن شياو وي عرفت معظم بيوت الإخوة والأخوات، لم نتمكن من إيجاد مكان مناسب لحفظ الكتب. فصلينا إلى الله عن هذه الصعوبة وطلبنا منه أن يفتح لنا طريقًا. بعد ذلك، تذكّرتْ الأخت أن لديها قريبة طيّبة وموثوق بها، ويمكننا تخزين الكتب في منزلها مؤقتًا. في ذلك الحين، شعرت بالامتنان الشديد لله، لكن عندما فكّرت في حقيقة أنه لا يزال يتعيّن عليَّ نقل الكتب، كنت مازلت متخوِّفة بعض الشيء. "هذا ليس كتابًا أو كتابين، هذه عدّة صناديق من الكتب. إذا قُبِض عليَّ، سيُحكَم عليَّ بما لا يقل عن 8 إلى 10 سنوات. ماذا لو عُذِّبتُ وقُتِلتُ؟" جعلتني تلك الأفكار أشعر بالخوف أكثر وأكثر، لذا صلّيت لله. ولاحقًا، قرأت بكلمة الله: "يجب ألا تخاف من هذا وذاك؛ فمهما كانت المصاعب والأخطار التي ربما تواجهها، فأنت قادر على أن تظل ثابتًا أمامي، ولا يعرقلك أي عائق، حتى تُنفَّذ مشيئتي دون أي عرقلة. هذا واجبك...لا بد أن تحتمل كل شيء، ومن أجلي لا بد أن تكون مستعدًا لأن تتخلى عن كل ما تملك، وأن تفعل كل ما في وسعك حتى تتبعني، وأن تكون على استعداد لبذل كل ما لك. الآن هو وقت اختباري لك، فهل ستقدم ولاءك لي؟ هل يمكنك أن تتبعني حتى نهاية الطريق بإخلاصٍ؟ لا تخف؛ فَمَنْ ذا الذي يستطيع أن يسد هذا الطريق إذا كان دعمي موجودًا؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل العاشر). منحني كلام الله الثقة والقوة. فمما قد أخاف والله سَندي؟ كانت حياتي بين يدي الله، ولم يستطع الشيطان فعل أي شيء دون إذن الله. حتى ولو اعْتُقِلت وضُرِبت حتى الموت، سيكون شيئًا ذا قيمة أن أشهد لله. حتى أولئك الذين أصبحوا يهوذا قد ينقذون حياتهم مؤقتًا، إلّا أنهم يخونون الإخوة والأخوات وحتى يخدموا الشيطان باقتياد الشرطة لاعتقالهم. إنهم يُغضِبون شخصية الله بصورة خطيرة، وستعاني أجسادهم، وأرواحهم، ونفوسهم في النهاية العقاب الأبدي. كما قال الرب يسوع: "فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا" (متى 16: 25). أن تصبحي شهيدة لإرضاء الله أمر ذي قيمة ويحتفي به الله. حتى لو مات الجسد، فإنّ الروح لا تموت. إنْ خِفتُ من الموت، ولم أنقل كتب كلمة الله بأسرع وقت ممكن، ثم حتى وإن تمكنت من التحايل لإطالة حياتي، فلن أحظى بكرامة، وسأعيش كجثة هائمة، وهو أمر مُخزٍ. فكّرت في بطرس. بعد اعتقاله هرب من أورشليم وظهر له الرب يسوع. عندما قال الرب أنه سيُصْلَب مجددًا من أجله، أدرك بطرس أن الله قصدَ له أن يشهد للرب، لذا عاد إلى السجن دون تردد. عَلِم إنه إنْ عاد، سيُضحّي بحياته، لكنه لم يفكر في جسده، وكان على استعداد للصلب منكَّس الرأس من أجل الله، مُصوِّرًا لشهادة جميلة ومدويّة. مع وضع ذلك في الاعتبار، شعرت بالإلهام الشديد وكان لديّ إيمان في قلبي. منحني الله أنفاسي، ومنحني كذلك حياتي. حتى وإنْ عرّضت حياتي للخطر، تعيّن عليَّ نقل كتب كلمة الله. وحتى لو اعْتُقِلت وضُرِبت حتى الموت، فلن أرضخ للشيطان، ولن أصبح يهوذا أعيش بلا كرامة.

بعد ذلك، جمعت أنا وأختي الكتب معًا وسلّمناها إلى قريبتها على دراجتينا. في الطريق، ظهرت فجأة سيارة شرطة بمحاذاتنا وقادت ببطء شديد بينما كان الشرطيون يركزون عيونهم علينا. شعرت حينذاك أن قلبي ينتفض وشعرت بالضعف في ساقيّ. فكّرت: "هل لاحظت الشرطة أننا نحمل كتب كلمة الله؟ هل هم هنا لاعتقالنا؟" ظللت أصرخ إلى الله في قلبي، وفجأة فكرت بكلمة الله: "عندما يكون الناسُ مُستعدين لأن يضحّوا بحياتهم يصبح كلُّ شيء تافهاً، ولا يمكن لأيٍّ كان أن ينتصر عليهم. ما الذي يُمكِنُ أن يكون أكثر أهمية من الحياة؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تفسيرات أسرار "كلام الله إلى الكون بأسره"، الفصل السادس والثلاثون). حقًّا، إنْ نحن على استعداد لوضع حياتنا على المَحكّ، فلن نشعر أننا مرغمون. حتى وإنْ اعتقلتنا الشرطة أو ضربتنا حتى الموت، فأن تصبحي شهيدة لله هو شيء يحتفي به الله. ومع كلام الله ليرشدني ويقودني، هدأتُ قليلًا. سواء اعتُقِلت أم لا، كنت على استعداد للخضوع لسيادة الله. في هذه اللحظة، ابتعدت سيارة الشرطة تدريجيًا. لم أستطع التوقف عن شكر الله في قلبي. بعد ذلك، نجحت أنا وأختي في إبعاد جميع كتب كلمة الله. ما إن انتهينا، أحسست بشعور عظيم من السلام والتحرر.

الإيمان بالله والقيام بواجبنا في الصين، سيجعلنا نُعتَقل في أي لحظة. في مواجهة الشدائد، من الواضح أنني لم يكن لدي سوى القليل من القامة والقليل من التكريس لله. كان كلام الله هو مَا قادني مِرارًا وتِكرارًا عبر الأوقات العصيبة. بفضل سيادة الله القدير وأعماله العجيبة، كان لدي إيمان أكثر بالله. أن بإمكاني أداء واجبي لحماية مصالح الكنيسة، وأن أكون أكثر وفاءً، كان نتيجة دينونة وإعلان كلام الله. شكرًا لله القدير!

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

التحرر من قيود العبودية

يقول الله القدير، "الآن حان الوقت الذي أضع فيه نهاية كل شخص، وليس نهاية المرحلة التي بدأت فيها عمل الإنسان. أنا أكتب في سجلي، واحدًا تلو...

لماذا أقلق من ارتكاب الأخطاء؟

خلال العمل في التصميم الفني للكنيسة، واجهت بعض الصعوبات في البداية، لكن من خلال الاتكال على الله ومشاركة الإخوة والأخوات، تحسن أدائي....

ما ربحته من التحدث بصدق

منذ بعض الوقت، سمعت مقطعًا من شركة الله. قال: "المداهنة والتملُّق وقول ما تعتقد أن الناس يريدون سماعه: من المرجح أن يعرف الجميع المعنى...

اترك رد