أعيش أخيرًا قدرًا يسيرًا من الإنسانية
أشعر بتوبيخ عميق بقلبي في كل مرةٍ أرى فيها كلمات الله تقول: "فيا له من جنس بشري متوحش وقاسٍ! جنس متواطئ ومخادع، ومتصادم بعضه مع بعض، جنس زاحف نحو الشهرة والثروة والتناحر – فمتى ينتهي هذا في يوم من الأيام؟ لقد نطق الله بمئات الآلاف من الكلمات، لكن أحدًا لم يعد إلى رشده. إنهم يتصرفون من أجل عائلاتهم وأبنائهم وبناتهم ووظائفهم وطموحاتهم ومكانتهم وإرضاءً لغرورهم وجمعًا للأموال ومن أجل الثياب والطعام والجسد – فأعمال من هي حقاً من أجل الله؟ حتى أولئك الذين يعملون من أجل الله، هناك عدد قليل من بينهم مَنْ يعرفون الله؛ فكم من الناس مَنْ لا يعملون من أجل مصالحهم الشخصية؟ وكم من الناس مَنْ لا يظلمون الناس ولا يميِّزون فيما بينهم طمعًا في نيل مكانة خاصة؟ وهكذا، حُكم على الله بالموت كرهًا مرات لا تُعد ولا تُحصى، وقد أدان عددًا لا يحصى من القضاة البربريين الله مرات عدة وسمَّروه مرة أخرى على الصليب" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. ينبغي أن يُعاقَب الشرير). أتفكَّر فيما مضى كيف لم أسعَ إلى الحق، وكيف كنت في أثناء تأدية واجبي أتنافس مِرارًا مع شركائي في العمل، وكيف كنت، من أجل سمعتي ومصلحتي، أُقمِعُ الآخر أو أرفضه – كيف تسببت في إحداث خسائر لحياتي ولعمل عائلة الله. لكن الله استمر في إشفاقه عليّ وفي تخليصي. لم أصحُ من غفوتي إلّا بعد الكثير من التوبيخ والدينونة، حيث أدركت رغبة الله في خلاصنا، ونحَّيتُ جانبًا سعيي إلى السمعة والمكانة وبدأت أتصرَّف بقدرٍ يسيرٍ من الإنسانية.
في عام 1999، قبلت عمل الله في الأيام الأخيرة. كانت عائلتي في ذلك الحين تقوم بواجب الضيافة، ورأيت كيف كان بعض الإخوة والأخوات يجيدون التواصل، وكانوا قادرين على استخدام كلمات الله للإجابة عن أي سؤال. كنا جميعًا على استعداد للاشتراك معهم، وكنا مستعدين للتواصل معهم علانيةً في أية موضوعات. كنت أحسدهم، وأفكّر: أليس من الرائع أن أكون مثلهم في يوم من الأيام، يحيط بيّ الإخوة والأخوات، لكي أحلّ لهم مشاكلهم؟ وبهذه النيَّةِ بدأت أؤدي واجبي في الكنيسة. وفي عام 2007، أُسنِدَ إليّ واجب قائد المقاطعة. كان إخوتي وأخواتي يبلّغونني إذا ما قصّر المستفيدون من عملي، وكانوا كذلك يخبرونني بالصعوبات التي تواجههم وبشأن القضايا المختلفة في الكنيسة. شعرت بأنني كنت في محور الأمور، وأن سنوات عملي لم تذهب سُدى: الآن أستطيع أن أتواصل بخصوص بعض أمور الحق، وأن أُساعد إخوتي وأخواتي فيما يواجههم من صعوباتٍ. وعلى الرغم من أن حجم العمل كان ثقيلًا بعض الشيء، كنت على استعداد للعمل بجدٍ. وفي سبيل الحفاظ على هذا المركز وإرضاء غروري، كنت أتصرَّف بطريقة مثالية وإيجابية أثناء أداء واجبي. ومهما كانت ماهية العمل الذي كان يُسنِده لنا القادة، حتى ولو شعر زملائي أن هذا العمل صعبًا، أو لم يكن لديهم الاستعداد للتعاون، كنت أرُدُّ دائمًا بالإيجاب؛ وإذا ما واجهتني صعوبات، كنت أصمتُّ واتَّفِقُ معهم بحماس. كنت أُسايرهم حتى لو كانت هناك أمور لم أكن أفهمها، من أجل أن أنال ثناء قادتي.
وحتى يأخذ قادتي انطباعًا جيدًا عنّي وأكون مُميَّزًا بين زملائي، بدأت أُخطط للكيفية التي أستطيع بها أن أحقق أهدافي: غيرت الطريقة التي كنت أتعامل بها مع عمل الإنجيل، ولم أعُد أُوجِّه إخوتي وأخواتي بصبرٍ. وإذا ما أخبروني عن أية صعوبات في عمل الإنجيل، كنت أقوم بتهذيبهم أو التعامل معهم. بدأت أضغط على قادة الكنيسة وأُثقِلُ عليهم لإحراز نتائج. سرعان ما تحسَّنت النتائج، وقد سرّني هذا. إن النتائج الأفضل تعني أنني كنت من بين أفضل زملائي في العمل؛ ولذا فقد أصبحت مفتونًا بنفسي. لم يمض وقت طويل حتى تم تعيين أحد الإخوة لدينا. كان حَسِن المظهر، وتواصله جيد بخصوص الحق. كان الإخوة والأخوات جميعًا يثنون على شركته. لقد أزعجني هذا: فقد أشادوا جميعًا بشركته – ولابد أن هذا يعني أن شركتي لم تكن جيدة! كان من الأفضل لو لم يتم إرساله إلى هنا. ولمَّا قارنت نفسي به وجدت أنه كان حقًا أفضل مني. لكنني لم أكن أرغب في الاستسلام. كنت في ذلك الحين أهتم بالسمعة والمصلحة، ولم تكن تشغلني مشاكل الكنيسة المختلفة. بدأت أشعر بالقلق بشأن ما كنت أرتديه، وكيف كنت أتحدَّث وأتصرّف. في الاجتماعات، كنت أستعرض حكمتي على نحو مُتعمَّد، حتى أكون محط ّ تقدير إخوتي وأخواتي. وفي بعض الأحيان كنت أُقلل من شأن الأخ المُعيَّن للعمل معي وأُلاحظ كيف كان ينظر إليّ المستفيدين من عملنا. كنت أعيش في حالة خاطئة، ولم يكن بإمكاني أن أُخلّص نفسي. كنت أقارن نفسي بذلك الأخ في كل الأمور، وقد فقدت عمل الروح القدس بالكليّةِ. لم يمض وقت طويل بعد ذلك حتى تم استبدالي. عندما سمعت الخبر شعرت وكأن سكين قد انغرس في قلبي – ماذا عن كرامتي، ومكانتي، ومستقبلي؟ كان الله يُدينني ويوبّخني، ومع ذلك لم أكن أفهم طبيعتي. بل على النقيض من ذلك، رحت أفكِّر كيف سيحللني القادة في أماكن أخرى: كيف سأواجه الناس، ماذا سيظن أولئك الذين عرفوني؟ وما أن وقعت في شبكة الشيطان، حتى بدأت أتذمَّر، نادمًا لأنني قد وفيت بواجبي كقائدٍ: لو لم أكن قد أخذت على عاتقي هذا الدور لما حدث هذا أبدًا. ... كُلَّما فكرت، كُلَّما عانيت. شعرت وكأنني أزداد تباعدًا عن الله، لدرجة أنني شعرت بأن حياتي بلا معنى. كنت أعرف في هذه المرحلة أنني في حالة خطرة، لكنني لم أتمكَّن من تحرير نفسي، ثم وقفت أمام الله وصلَّيت: "آه يا إلهي، إنني في هذه اللحظة أعيش في الظلمةِ، ويخدعني الشيطان، وأعاني معاناة كبيرة. لا أريد أن أقبل كل ما حدث لي اليوم، أريد أن أهرب من توبيخك ودينونتك، وقد تذمَّرت عليك وخُنتك. آه يا إلهي! أتوسَّلُ إليكَ أن تحمي قلبي، وأن تجعلني قادرًا على فحص نفسي وفهمها، لأنال رأفتك عليَّ". بعد هذا رأيت هذه العظة: "يعامل الله بعض الناس بنعمةٍ وتقديرٍ خاصَّين، فهم يترقون ليصبحوا قادةً أو عاملين، ويوكل لهم بالمهام المُهمَّة. ولكن هؤلاء الناس لا يردّون محبَّة الله، بل يعيشون من أجل جسدهم ومن أجل المكانة والسمعة، ويسعون إلى الشهادة عن أنفسهم ونيل الاحترام. فهل هذه الأعمال صالحة؟ إنها ليست كذلك. فهؤلاء الناس لا يفهمون كيفيَّة تعزية قلب الله، وليس لديهم أيّ اعتبارٍ لرغباته. إنهم لا يسعون سوى لإرضاء أنفسهم. هؤلاء هم الناس الذين يؤذون قلب الله، ولا يصنعون سوى الشرّ، ويُسبِّبون الكثير من الأذى لقلب الله. يُرقِّيهم الله كقادةٍ وكعاملين لتعزيزهم حتَّى يصبحوا كاملين. ولكن ليس لديهم أيّ اعتبارٍ لرغبات الله بل يعملون وحسب لأنفسهم. إنهم لا يعملون للشهادة لله أو حتَّى يتمكَّن أولئك الذين اختارهم الله من الدخول في الحياة. إنهم يعملون ليشهدوا لأنفسهم وليُحقِّقوا أهدافهم الخاصَّة ولتكون لهم مكانةٌ في قلوب مختاري الله. هؤلاء هم الأشخاص الأكثر مقاومةً لله، والذين يؤذون قلب الله أكثر من غيرهم. فهذه خيانةٌ لله. وبالتعبير البشريّ، هذا فشلٌ في تقدير ما يُعمل من أجلهم، وبالتعبير الروحيّ، هؤلاء الناس أشرارٌ يقاومون الله" ("عظات وشركات عن الدخول إلى الحياة"). شعرت بهذه الكلمات وكأنها سيف ذو حدَّين يطعنّي في قلبي، وقد تركتني في توبيخ عميق. إن لطف الله ورفعته هما اللذان قد صنعا منيّ قائدًا، وقد فعل الله ذلك حتى أستطيع أن أصبح كاملًا. لكنني لم أعر اهتمامًا لقصد الله، ولم أكن أعرف أن أرد له محبته. كنت أعيش من أجل المكانة والسمعة، ولكي أشهد لنفسي، وطبيعة ذلك كانت مقاومة لله وخيانة له. لقد مقَتَ الله كل أفعالي، ومن ثمّ فقد أوقف خدمتي، حيث أظهر لي أن السيادة في عائلة الله هي لله وللحق. تأمّلت من جديد فيما كنت أسعى إليه: كنت أظن أن الحفاظ على علاقات جيدة مع قادتي سيضمن لي البقاء في منصبي. لذا فقد خضعتُ وانحنيتُ لهم، وكنت اتَّفق مع كل كلمة يقولونها. أمَّا مع إخوتي وأخواتي فقد كنت قاسيًا وناقدًا. يا لي من حقير! كنت مستعد لأن أفعل أي شيءٍ من أجل المكانة. حاولت أن أستغل إخوتي وأخواتي لتحقيق هدفي في أن أكون مُميزًا بين الآخرين. لم أفي بمسؤولياتي تجاه حياة إخوتي وأخواتي. كنت أضغط على المستفيدين من عملي وأُثقِل كاهلهم حتى أصبحوا يخشونني ويتجنَّبونني، ولم يجرؤوا على كشف أنفسهم أمامي. ومع ذلك، لم أتراجع ولم أفحص ذاتي. لقد أرسل الله الأخ وانغ ليعمل معي، ولم أخفق في تعلُّم هذا الدرس فحسب، بل رحت أُقاوم بشدة أكبر من أجل السمعة والمصلحة، عاملًا من أجل الجسد، وقد جعلت الله يُمقِتني وفقدتُ عمل الروح القدس. كان استبدالي هو بِر الله الذي حل عليّ: إنه أفضل دينونة مُمكنة لي، وأفضل خلاص، إنه محبة الله العظيمة؛ والذي لولاه لكنت قد استمرَّيت في مسيري من دون قصدٍ على درب ضد المسيح. لقد أوقف الله خطواتي الخاطئة. وقد ندمت ندمًا عميقًا لأن القصد الحقيقي لمساعييّ لم يكن صحيحًا، ولأنني لم أعكُف على حل تلك المشكلة، والتي أسفرت بمُجمَلِها عن أخفاق اليوم. كلَّما كنت أترنَّم خلال هذه الفترة بترتيلة "شفقة الله وهبتني ولادةً جديدةً" كنت أبكي بشدة، وكانت الدموع تنهمر على وجهي: "مع أنّ الله جلّني كي أؤدّي واجبي، فإنني لم أسعَ إلى الحق، ولطالما اشتهيت بركات المكانة. امتلأت بطلبات مفرطة، ولم أفكّر يومًا في مشيئة الله، ولم أدرك أنّني تحدّيت الله. لطالما سدّ الله حاجاتي ورعاني، لكنّني لم أقدّر هذا. تفاديت الدينونة والتوبيخ، وتمرّدت بعناد على الله. آذيت قلب الله. فوَّتُّ الكثير من الفرص لأصبح كاملًا. لم أرتقِ إلى مستوى مقصدِ الله الحسن. حتى لو وهبت حياتي لله، كيف لي أن أعوّض عن أذيّة قلبه؟ يا الله، يا الله القدير! أتمنّى أن أكون شخصًا جديدًا وأبدأ من الصفر من جديد. يؤثّر كلام الله عن الحياة في قلبي. يعطيني نصحُ الله قوةً لامتناهيةً، ويجعلني أنهض من جديد من الإخفاقات والسقطات. أعرف الآن قيمة الحياة، وأعرف لماذا خُلقت. كيف لي أن أهرب وأختبئ من جديد عندما أواجه متطلبات الله؟ أتمنّى أن أردّ محبة الله بوفائي وإطاعتي. سأمارس الحق وأعيش بحسب كلام الله، ولن أجعل الله يقلق عليّ من جديد أبدًا. ما إن كنت مباركًا أم كانت تحلّ عليّ كارثة، لا أسعى سوى إلى إرضاء الله. أتمنّى أن أعطي قلبي الصادق لله. حتى لو لم يكن لي مقصد، أتمنّى مع هذا أن أقدّم الخدمة لله طيلة حياتي. سأعوّض عن كل ديوني الماضية وأريح قلب الله" ("اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). لقد ظللت في عملية التنقية هذه لمدة تجاوزت عامًا؛ وعلى الرغم من المعاناة بالغة القسوة، حيث شعرت وكأن جلدي كان يُسلَخُ وأنا حي، إلَّا أنني قد وجدت أن شهواتي للمكانة والمستقبل قد ضَعُفَتْ، ورأيت كم كانت قيمة هذه التنقية.
في عام 2012، كنت أنا وأحد الإخوة مسؤولان عن العمل الكنسي في مكان معين. ولكوني لم أقم بالعمل الكنسي لفترة طويلة، كان إدراكي لبعض المبادئ قد ضَعُف. شعرت ببعض الصعوبة في التعامل مع بعض المشاكل والأمور في الكنيسة. لكن ذلك الأخ لطالما كان يقوم بالعمل الكنسي، وكان يعوِّض ما كان ينقصني، وكان يوضح ليّ ما كان عليّ أن أتعلّمه. كانت هذه محبة الله – فلم يضع على كاهلي أعباءً ثقيلة. كان هذا الأخ يرفع التقارير بخصوص عملنا، وكان يقوم بمعظم التواصل الخاص بهذه المسائل الهامة. وعندما كنا نلتقي بالمستفيدين من عملنا كان هو مَن يتحدَّث أولًا، وبمرور الوقت، أصبحت كأنني غير موجود. شيء ما بداخلي أطلَّ برأسه: عندما نعمل معًا، فأنت أفضل في الشركة، ولكنني أفضل في عمل الإنجيل. ومهما كانت كفاءتك في الشركة، عليك أن تكون عمليًا. ألم يقل ما سبق ذِكره أن عمل الإقصاء والعزل لا ينبغي أن يكون على حساب عمل الإنجيل؟ إنك تتحدَّث وتتحدَّث مُتباهيًا. من الأفضل أن ننفصل حتى أستطيع أنا أيضًا أن أُظهِر نقاط قوتي. إنني لست عاجزًا. ربما تظن أنني لست أجيد الشركة، ولكنني أفضل منك في الجانب العملي من العمل، وعلى أي حال، فإن عمل الإنجيل هو موطن قوتي. وعندئذٍ تَلَقّينا رسالةً من الأخت المسؤولة عن العمل تُبلِّغنا فيها بأنه نظرًا لأسبابٍ تشغيلية فسيتم فصلنا، بحيث يكون كلاً منَّا مسؤولًا عن منطقة واحدة. وعلى الرغم من أن نتائج جميع أنواع الأعمال في المنطقة التي كنت مسؤولًا عنها لم تكن جيدة مثل تلك التي في منطقة أخي، إلّا أنني كنت مع ذلك سعيدًا، فقد كان لدي مكان أستخدم فيه مواهبي. ولا يهم أن النتائج لم تكن جيدة جدًا – انتظر حتى أعمل على تحسينها، وسأثبت حجم قدراتي. بعد أن تم فصلنا مباشرةً عكفت على عملي وبدأت في تنظيم الأمور، وتحدَّثت مع الإخوة والأخوات حول ترتيبات العمل، وعملت على إيجاد كلمات الله للتواصل معهم. وبدأت الأمور في التحسّن. ولم يسعني سوى أن أفكر هكذا: كيف حال أخي؟ هل يؤدي عمله أفضل مني؟ وعندما التقينا وعلمت أن نتائج عمل الإنجيل في المنطقة التي أنا مسؤول عنها كان أفضل من عمل الإنجيل لديه، كنت أبطن شعورًا بالسعادة: أخيرًا، ها أنا أفضل منك وأستطيع أن أشعر بالفخر. وبينما كنت أشعر بالسعادة، شعرت بتبكيت داخلي: "أولست تسرق مجد الله؟" خفق قلبي. نعم، إن نشر الإنجيل هو واجب ومسؤولية كل واحد مِن الأشخاص الذين اختارهم الله، لكنني رأيته سبيل للسمعة والمصلحة. وكان الفضل يرجع إلى بركات الله، أن عملنا التبشيري قد سار بسلاسة. فما هي دواعي فخري؟ احْمَرَّ وجهي خجلًا عندما فكَّرت في هذا. كنت شديد الحقارة. لم تدعني قداسة الله أن أحوي في داخلي هذا الفساد؛ وعندما أدركت ظروفي، شكرت الله لأنه أعادني إلى صوابي. لن أسعى إلى السمعة والمكانة بعد الآن. عكفت في الأيام التالية على قراءة كلمات الله، وعندما كنت أُواجه مواقف، كنت أقبلها مُعتبرًا أنَّها من عند الله، وقد ذبل تدريجيًا شغفي بالسمعة والمكانة. لقد قارنت فقط بين محبتي لله ومحبة زملائي، وركَّزنا على نقاط القوة عند بعضنا البعض، وعوَّضنا عن نقاط الضعف لدى بعضنا البعض. لم تمر فترةً طويلة حتى تمَّت ترقيتي للقيام بمُهمَّةٍ أُخرى. كنت مندهشًا جدًا وأدركت أن هذه كانت ترقيةً من الله ليّ. كنت أقدّرِ هذا الواجب، وتمنَّيت أن أفعل كل ما في وسعي لإرضائه.
في أغسطس 2012، تواصلت معي الأخت المسؤولة عن عملنا، حيث كلفتني بالوفاء بواجبي في مكان آخر. وقد وافقتُ بشغفٍ في ذلك الحين، ولكن قبل مغادرتي قالت: "من الأفضل أن أرسل ذلك الأخ للعمل معك؛ سيكون ذلك أفضل لعمل عائلة الله ...". سألتني عن رأيي، فقلت: "حسنًا، إنني على استعداد للعمل معه". وعندما رأينا بعضنا البعض في اجتماع، كان صريحًا معي: "لم أوافقهم على اختيارك، إن شركتك ليست جيدة مثل شركتي!" وقد تركتني هذه العبارة الفظَّة في اضطراب كبير. كنت أظن أنني قد ألقيت خلف ظهري تحامُلي ضد أخي، ولكن ما أن سمعت ذلك حتى شعرت بشيء يطلّ برأسه من جديد في داخلي: يا له من خزي حقيقي، لم يكن ينبغي أن أوافق على الذهاب معه. إنه يعرف كل إخفاقاتي. كنت أعتقد أنه عند وصولي إلى محل عملي الجديد، سألقى تقديرًا أكبر كوافدٍ جديد! لكن الآن لا يوجد شيء يمكن أن أعمله. لقد أجبرت نفسي على إظهار ابتسامة، وتصرَّفت كما لو لم يكن هناك أي خلاف على الإطلاق، مُتفكِّرًا في نفسي: إنني لست جيد في الشركة، ولكن تم اختياري أولًا لأنني أفضل منك. إن كنت لا تصدِّقني، فانتظر وسترى! سافرنا إلى محل عملنا الجديد وانهمكنا في القيام بواجبنا.
في البداية، عندما التقينا بالمستفيدين من عملنا، صلَّيت حتى أستطيع التخلّي عن الجسد، ولكي أتحكَّم في نفسي من أجل شراكة مُتناغِمة. لقد استمعت بعناية للكيفية التي كان يتواصل بها مع المستفيدين من عملنا حول حالاتهم وصلَّيت من أجله، بينما كنت أتواصل أنا معهم فيما يخص عمل الإنجيل. وبمرور بعض الوقت، رأيت كيف كان حديثه أكثر وضوحًا من حديثي. وخلال الاجتماعات مع المستفيدين من عملنا، لم أكن أريد أن أقول كلمة واحدة في الشركة. تمنيت أن تنتهي هذه الاجتماعات مبكرًا وكنت أريد الابتعاد. كنا حينها مسؤولين عن منطقة كبيرة، وطرحت فكرةً: إذا عملنا بشكل منفصل، فلن أعاني كثيرًا. عندما شرحت ذلك لأخي، وافق قائلًا: "إن حجم المنطقة يجعل العمل صعبًا، لذلك فالتقسيم سيكون أمرًا جيدًا". عندما التقيت وحدي بالمستفيدين من عملنا، كنت أستطيع التحدَّث بإسهاب، والقيام بالتواصل والتنظيم، وكنت أتحمل لأجلهم "عبئًا" كبيرًا. وسرعان ما رأيت نتائج في جميع مجالات عملي، في حين أن أخي لم يكن على ما يرام كما كان واضحًا. لم أفعل أي شيء حيال ذلك، وكأنه كان أمرًا لا شأن لي به. وفي أحد الاجتماعات عَلِمَت قائدتنا أننا كنا نعمل بشكل منفصل، وتحدَّثت إلينا بخصوص مسؤوليات عملنا وحق الشراكة المتناغمة. كنت على استعداد لأن أقبل هذا، وألّا أعود أعمل بمعزل عنه. لكننا واصلنا العمل على نحو منفصل، وكنا نعطي العذر لذلك بأن كل منَّا يعرف عمله الخاص بشكل أفضل. وخشيةً من أن تنتقدني قائدتي، ذهبت إلى منطقة أخي للتواصل مع المستفيدين من عمله، لكنني شعرت أنني كنت خارج نطاق منطقتي. إذا تواصلت بصورة جيدة، يبدو أن أخي سيكون هو المستفيد. لذا فقد فعلت ذلك من دون اهتمام، واعتذرت قائلًا إن لديَّ واجب مهم عليّ أن أقوم به، وانطلقت. ظل أخي لا يُحرز أي نتائج، لكنني لم ألوم نفسي أو أشعر بالخوف – لم أكن أخاف الله، بل وأيضًا تجاهلت عدة اتصالات من قائدتنا. استمر هذا الوضع حتى رفعنا التقارير بخصوص عملنا، حيث صُدِمْتُ: على الرغم من أن منطقتي قد حصدت العديد من الأشخاص، ولكن عندما تم جمع الأعداد في المنطقتين كان العدد الإجمالي منخفضًا، وعندئذٍ فقط شعرت بالخوف. لقد حاولت إثبات ذاتي، وأن أُحقق قصدي بإظهار مدى كفاءة عملي، وأنني أفضل منه في عمل الإنجيل. لكن عمل الإنجيل في منطقته قد أوشك على التوقف. لقد أصبحت عائقًا يمنع تنفيذ مشيئة الله. لم يكن أمامي خيار سوى النظر إلى كلمات الله حتى أرى السبب الجذري لهذه الظروف، فرأيت ما يلي: "يجب على كل واحد منكم كأناس يخدمون الله، أن يكون قادرًا على الدفاع عن مصالح الكنيسة في كل ما يفعله، بدلًا من مجرد التفكير في اهتماماته الشخصية. من غير المقبول أن تتصرفوا وحدكم، وتضعفوا بعضكم بعضًا دائمًا. فالناس الذين يتصرفون هكذا لا يصلحون لخدمة الله. هؤلاء الناس يملكون شخصية فظيعة، ولا يملكون ذرة من الإنسانية بداخلهم. إنهم مئة في المئة من الشيطان! هم وحوش! حتى الآن، ما تزال تحدث مثل هذه الأشياء بينكم. إنكم تذهبون حتى إلى حد مهاجمة بعضكم بعضًا أثناء الشركة، وتبحثون عمدًا عن ذرائع، وتغضبون بشدة أثناء الجدل حول بعض الأمور التافهة. لا أحد يرغب في تنحية نفسه جانبًا، ويخفي كل شخص أفكاره الداخلية عن الآخر، ويراقب الطرف الآخر من كثب، ودائمًا على أهبة الاستعداد. هل يناسب هذا النوع من التصرف خدمة الله؟ هل يمكن لعمل مثل عملكم هذا أن يزوِّد إخوتكم وأخواتكم بأي شيء؟ أنت لست عاجزًا فحسب عن توجيه الناس إلى مسار الحياة الصحيح، بل إنك في الواقع تُدخل شخصيتك الفاسدة في إخوتك وأخواتك. ألا تؤذي الآخرين؟ ضميرك كريه، وفاسد حتى النخاع! إنك لا تدخل إلى الحقيقة، ولا تمارس الحق. بالإضافة إلى ذلك، تكشف بلا خجل طبيعتك الشيطانية للآخرين؛ فأنت ببساطة لا تعرف العيب! لقد أوكل بهؤلاء الإخوة والأخوات لك، لكنك تأخذهم إلى الجحيم. ألست شخصًا قد أمسى ضميره فاسدًا؟ إنك لا تخجل على الإطلاق!" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اخدموا كما خدم بنو إسرائيل). لقد كشفت كلمات الله الصارمة طبيعتي الحقيقية وجعلتني أشعر بالخزى. بفضل تعزيز الله وشفقته تَمَكَّنت من الوفاء بذلك الواجب، وقد عَهَد إليّ الله بأن آتي بإخوتي وأخواتي إليه. لكنني لم أدخل إلى الواقع، ولم أُمارس الحق، وفي سبيل السمعة والمكانة تجاهلت مصالح عائلة الله. تحاربت مع أخي علانيةً وسرًا على حدٍ سواء، وعملت وحدي. لقد حان الوقت لنشر الإنجيل، ويأمل الله أن يعود في وقتٍ قريب أولئك الذين يبحثون حقًا عنه إلى عائلة الله. لكنني تخلَّيت عن مسؤولياتي ولم أحب الله، ولم أضع نصب عيناي أشد أمنياته اضطرامًا، ولم أُحضِر إليه أولئك الذين كان يبحثون عن الطريق الصحيح إلى الله. سعيت إلى السمعة والمكانة، تلك الأمور التي لا قيمة لها، حتى أُثبت ذاتي، بدلًا من تقديم العون للآخرين. لم أتحدَّث عن المشاكل في عملنا، حيث كنت آمل أن يتخلف عني أخي. كنت أحسد أخي من أجل مجالات العمل التي كان أخي أقوى منيّ فيها، أو حتى أتجاهلها، وباشرت العمل كلعبةٍ. لقد كنت شريرًا للغاية، ولم اتّسم بأي إنسانية. يمقت الله مثل هؤلاء الأشخاص، فكيف كنت أستطيع أن أخدمه لو لم أتغيَّر؟ وكيف كنت أستطيع أن آتي بإخوتي وأخواتي إلى الله لو لم أدخل إلى الحق؟ جئت إلى الله وصلَّيت له بدموعٍ: "آه يا إلهي! لقد كنت مخطئًا، كان كل هذا تمردًا مني. لقد أخفقت في أن آخذ رغباتك بعين الاعتبار؛ وفي سبيل إثبات ذاتي، تحاربت مع أخي؛ وفي سبيل أن أغلبه، تجاهلت ضميري، ولم أفي بمسؤولياتي. والآن قد تعرَّض عمل الإنجيل للضرر وارتكبت معصيةً أمامك. لكنني أتمنى أن أتوب وأتغيَّر، وأن أعمل بتناغمٍ مع أخي، وأجعل عمل الإنجيل أكثر نشاطًا. إن سعيت ثانيةً لكسب المكانة، فعاقبني يا إلهي. إنني مُستعد لأن تراقبني، آمين!" بعد الصلاة، استقلَّيت الحافلة لأذهب وأرى أخي، وتواصلت معه بصراحةٍ، واعترفت كيف تصرَّفت بطريقة مُتمرّدة أمام الله، وكيف خططت لأتحسَّن. وقد تحدَّثنا عن إدراكنا لأنفسنا. بعد ذلك، عملنا سويًا مع الله كشخصٍ واحدٍ، وبدأنا في تحسين أوجه القصور في عملنا، والبحث عن الأخطاء والهفوات، وتلخيص التجارب الناجحة التي خضتها، والالتزام الصارم بترتيبات العمل. سُرعان ما تَحَسَّن عمل الإنجيل لدينا، ومن خلال هذا رأيت شخص الله البار. فقداسة الله لا تسمح بوجود أي دنس أو فساد في داخلي؛ وعندما تحكَّمَت فيّ الشخصية الشيطانية ولم أستطع أن أُخَلِّص نفسي، فإن الله هو الذي مَدَّ ليّ يد الخلاص وانتشلني من حافة الموت، مُحررًا إياي من تأثير الشيطان وسامحًا لي بالتغيير. إنني على استعداد للسعي إلى الحق، وألَّا أكون مُتمردًا بعد الآن، وأن أكون مُخلِصًا كل الإخلاص في كل ما ائتمنني عليه الله.
رأيت أن كلمة الله تقول: "عندما تنسقون معًا، عليكم أن تتعلموا السعي إلى الحق، يمكنك أن تقول: "لا أفهم هذا الجانب من الحق بوضوح. ما هو اختبارك فيه؟" أو يمكنك أن تقول: "لديك اختبار أكثر مما لدي فيما يتعلق بهذا الجانب؛ هل يمكنك أن تقدم لي بعض التوجيه من فضلك؟" ألن تكون هذه طريقة جيدة للقيام بذلك؟ لقد استمعتم إلى الكثير من العظات، وتملكون بعض الخبرة في تأدية الخدمة. إذا لم تتعلموا من بعضكم بعضًا، وتساعدوا بعضكم بعضًا، وتعوضوا أوجه القصور لدى بعضكم بعضًا عند القيام بالعمل في الكنيسة فكيف يمكنكم تعلُّم أية دروس؟ عندما تواجهون أي شيء، يجب عليكم أن تقوموا بالشركة مع بعضكم بعضًا حتى تستفيد حياتكم. إضافة إلى ذلك، يجب عليكم الشركة بعناية عن أي شيء من أي نوع قبل اتخاذ أية قرارات. من خلال القيام بذلك وحده تتحملون المسؤولية عن الكنيسة بدلًا من التصرف بلا مبالاة. بعد أن تزورا جميع الكنائس، يجب أن تجتمعوا معًا وتقوموا بالشركة عن جميع القضايا التي تكتشفونها وأي مشاكل واجهتموها في عملكم، ثم عليكم التواصل حول الاستنارة والإضاءة اللتين تلقيتموهما – هذه ممارسة لا غنى عنها في الخدمة. لا بُدَّ لكم من تحقيق تعاون متناغم من أجل عمل الله، ومن أجل مصلحة الكنيسة، وحتى تحفزوا إخوتكم وأخواتكم من الآن فصاعدًا. يجب أن يتعاون كل منكم مع الآخر، حيث يعدِّل كل منكم الآخر وتصلوا إلى نتيجة عمل أفضل، وذلك للاهتمام بإرادة الله. هذا هو معنى التعاون الحقيقي، ووحدهم أولئك الذين يشاركون فيه سيحصلون على دخول حقيقي" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اخدموا كما خدم بنو إسرائيل). لقد رأيت في كلمات الله طريقةً لممارسة الدخول إلى الحق، عرفت كيف أخدم جنبًا إلى جنبٍ مع الآخرين. لقد فهمت رغبات الله: لكل فرد نقاط قوته، والله يريد من الجميع أن يستخدموا نقاط القوة هذه في عمل عائلة الله، وبذلك يتم تعويض مواطن الضعف لدى الجميع. كان العمل مع هذا الأخ هو بالضبط ما كنت أحتاجه. كنت ضعيفًا في الحديث عن الحق، وبفضل محبة الله تشاركنا أنا وهو في العمل، حتى تستطيع قوته أن تعوِّض ضعفي. لكنني لم أر هذا، وحينما كنت مع أخي أخفقت في طلب مساعدته عندما كنت أفتقر إلى الفهم. وفي بعض الأحيان، عندما كان يتواصل معي، لم أكن أرغب في الاستماع إليه. كنت أتنافس معه من أجل الحصول على منصبٍ، مما أضرّ بحياتي وبعمل الإنجيل. وفي الأيام التي تلت ذلك مارست الدخول إلى هذا الجانب من الحق، حيث استشرت أخي في أمور لم أكن أفهمها أو لم أستطع إدراكها بوضوح: أود أن تكلمني عن هذا الجانب من الحق، لأنه غير واضح ليّ. كما استشرته أيضًا حول صعوبات كنت أواجهها في عملي: لا أفهم هذا الأمر جيدًا، هل يمكن أن تنصحني؟ ومنذ ذلك الحين فصاعدًا، أخذنا نتعلَّم من بعضنا البعض ونُكمِّل بعضنا بعضًا عندما كنَّا نذهب إلى الكنائس، وحينما كنا نواجه مشكلة كنَّا نتواصل مع بعضنا البعض، ونجد معًا كلمات الله لحل مشاكل الكنائس. أصبحنا شركاء في الروح، وقبلنا بعضنا بعضًا، وكنا نهتم ببعضنا البعض ويفهم كلًا منّا الآخر. وفي بعض الأحيان كانت تختلف وجهات نظرنا، ولكن طالما كانت نافعة لحياة إخوتنا وأخواتنا ولعمل عائلة الله، كنا نستطيع الوصول إلى اتّفاق. حتى لو فقدنا بعض الكرامةِ، كان بإمكاننا أن نُنحي رغباتنا الخاصة جانبًا. كنا نعمل سويًا في سعادةٍ، وقد تحسَّن كل جانب من جوانب عملنا.
أشكر الله القدير من أجل ما أحدثه فيّ من تغييرٍ من خلال دينونته وتوبيخه، حتى جعلني أرى كيف يؤذيني الشيطان بالشهرة والمنفعة والمكانة. إنني أسعى الآن إلى ما هو مناسب، وأعيش كإنسانٍ. وبالرغم من أنه لا يزال بيّ الكثير من الفساد الذي يجب تطهيره ويجب أن يجوز في المزيد من الدينونة والتوبيخ، إلا أنني قد عرفت أن دينونة الله وتوبيخه هما أفضل خلاص للإنسان، وأصدق محبة يقدّمها الله للإنسان. أريد أن أختبر هذا أكثر، وأريد أن يرافقني توبيخ الله ودينونته بينما أتقدّم، حتى أتأهَّل في نهاية الأمر لأن أكون خادمًا لله.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.