أخيرًا رأيت مكري

2022 أغسطس 1

العام الماضي، كنت أسقي المؤمنين الجدد في الكنيسة. أثناء ذلك كان عليَّ اختيار بعض الأشخاص الصالحين لتنميتهم وبذل الجهد والوقت لدعمهم. كان ذلك صعبًا جدًّا عليّ. من ناحية، لم أكن أعرف أي الأشخاص أُدرِّب بناء على أوضاعهم الفعلية، وقررت بغرور أنهم لم يكونوا جيدين بما فيه الكفاية. كما أنني لم أرغب ببذل كل تلك الطاقة الذهنية ودفع هذا الثمن. شعرت بأن ذلك مرهق حقًّا. لذا، لم أتمكن أبدًا من تدريب أي وافدين جدد.

لكن إذا لم أقم بتدريبهم، قد تقول مشرفتي إنني توقعت الكثير منهم، ولم أهتم بتنميتهم، أو إنني غير كفؤة ولم أتمكن من تدريبهم. كنت بين المطرقة والسندان، ولم أعرف ماذا أفعل. شعرت بأنه ربما ينبغي أن أسأل مشرفتي وأدعها تقرر. ثم إذا لم تسر الأمور على ما يرام، فلن تكون مسؤوليتي بالكامل ولن يتم التعامل معي إذا ارتكبت أخطاء في قراراتي. لذا عندما تواصلت مع مشرفتي، لم أخبرها مباشرة إنه لا يمكنني تقييم الناس جيدًا ولا أعرف ماذا أفعل، وبدلًا من ذلك، تابعت الحديث عن أوضاع أولئك الوافدين الجدد وصراعاتهم: فلان لديه اتصال إنترنت ضعيف ويصعب الاتصال به، وفلان مشغول بالعمل، وفلان لا يتحدث كثيرا في الاجتماعات...ثم، خوفًا من أن تقول إنني كنت أحُدُّ من الناس، تحدثت في الموضوع مباشرة وقلت: "لكنهم نشيطون في الاجتماعات وفي سعيهم، لذا سأبذل قصارى جهدي لتنميتهم". في البداية اعتقدت أنها ستخبرني ماذا عليّ أن أفعل، وتقول إنهم لا يستحقون جهد التدريب، وهذا سيكون قرارها ولن أكون مسؤولة، أو أُضطر لقضاء كل هذا الوقت في تنميتهم. لكنني فوجئت عندما لم تُجبني على ما قلت، بل قالت بصرامة فحسب: "ماذا تحاولين أن تقولي؟ الاستماع إليك تتحدثين بهذه الطريقة الملتوية أمر مرهق. هذا ما تقولينه دائمًا عن أوضاع الوافدين الجدد. قلت إن لديهم مشاكل معينة، لذا بدا وكأنهم لا يستحقون التنمية، ثم قلت إنك ستبذلين قصارى جهدك معهم. لا أعرف ما هو رأيك فعلًا". كنت مستاءة جدًا. قلت لنفسي: "هل تقول إنني أتحدث كالأفعى؟ الأفعى لا تتنقل أبدًا في خط مستقيم، وتتلوى في كل مكان. هل أنا حقًا بهذا السوء؟" آنذاك، لم أكن أعرف نفسي أبدًا، كنت أظن ربما كانت تصب غضبها عليّ. كنت أعرف أن طريقتي في التفكير خاطئة، وأنها لن تقول ذلك دون سبب أبدًا، ولا بد بأنه يعكس تجربتها الفعلية معي. لقد جعلها الله تتعامل معي لتُمكنني من تعلم درس ولم أستطع رؤية فسادي، لذا كانت إشارتها إليه مفيدة لي. فقلت لها: "لا أرى حقًّا المشكلات التي تصفينها، لكنني أرغب في تقبل هذا، والتأمل في نفسي".

بعد ذلك، ظللت أفكر فيما قالته لي، وصليت إلى الله، وسألته أن يرشدني لأعرف نفسي. تذكرت أن الكتاب المقدس يذكر أن الله يهوه سأل الشيطان: "مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟" فَأَجَابَ ٱلشَّيْطَانُ يَهْوَه وَقَالَ: "مِنَ ٱلْجَوَلَانِ فِي ٱلْأَرْضِ، وَمِنَ ٱلتَّمَشِّي فِيهَا" (أيوب 1: 7). ثم قرأت تحليل الله لإجابة الشيطان. يقول الله، "كيف تشعرون إذًا عندما ترون الشيطان يجيب بهذه الطريقة؟ (نشعر أن الشيطان سخيفٌ وماكر). هل يمكنك معرفة شعوري؟ في كلّ مرّةٍ أرى هذه الكلمات أشعر بالاشمئزاز؛ لأنه يتحدّث دون أن يقول أيّ شيءٍ! هل أجاب عن سؤال الله؟ لم تكن كلماته إجابةً، ولم توجد أيّة نتيجةٍ. لم تكن إجابةٌ مُوجّهة للردّ على سؤال الله. "مِنَ ٱلْجَوَلَانِ فِي ٱلْأَرْضِ، وَمِنَ ٱلتَّمَشِّي فِيهَا". ماذا تفهم من هذه الكلمات؟ من أين يأتي الشيطان؟ هل تلقّيتم إجابةً؟ (كلا). هذا "ذكاء" مكر الشيطان بعدم السماح لأيّ شخصٍ باكتشاف ما يقوله حقًّا. ما زلتم بعد سماع هذه الكلمات لا تقدرون على تمييز ما قاله، إلّا أنه انتهى من الإجابة. إنه يعتقد أنه أجاب إجابةً وافية. كيف تشعر إذًا؟ بالاشمئزاز؟ (نعم). والآن تبدأ في الشعور بالاشمئزاز من هذه الكلمات. كلمات الشيطان تتسم بسمات محددة: ما يقوله الشيطان يتركك في حيرةٍ وغير قادرٍ على إدراك مصدر كلامه. أحيانًا يكون للشيطان دوافع ويتحدّث أحيانًا عن عمدٍ وأحيانًا تغلبه طبيعته، وتخرج هذه الكلمات تلقائيًا وتأتي مباشرة من فم الشيطان. لم يستغرق الشيطان فترة طويلة من الوقت ليزن مثل هذه الكلمات، بل عبَّر عنها دون تفكير. وعندما سأل الله الشطيان من أين أتيت، فإنه أجاب بكلمات قليلة غامضة. تشعر بالحيرة الشديدة ولا تعرف تمامًا من أين يأتي. هل يوجد أحدٌ بينكم يتحدّث بهذه الطريقة؟ ما نوع هذا الكلام؟ (إنه غامضٌ ولا يُقدّم إجابةً مُحدّدة). ما نوع الكلمات التي يجب أن نستخدمها لوصف طريقة التحدّث هذه؟ إنها مُخادِعة ومُضلِّلة، أليس كذلك؟ لنفترض أن شخصًا ما لا يريد أن يُعرِّف الآخرين ما فعل بالأمس. تسأله: "لقد رأيتك بالأمس. إلى أين كنت ذاهبًا؟" فلا يُخبرك مباشرةً أين ذهب. بل يقول: "الأمس كان مُتعِبًا جدًّا!" هل أجاب عن سؤالك؟ لقد أجاب، ولكن هذا ليس الجواب الذي كنت تريده. هذا هو "ذكاء" حيلة الشخص. لا يمكنك أن تكتشف أبدًا ما يقصده أو ترى المصدر أو النيّة وراء كلماته. ولا تعرف ما يحاول تجنّبه لأن لديه في قلبه قصّته الخاصّة – وهذه هي الغواية. هل يوجد بينكم من يتحدثون بهذه الطريقة؟ (نعم). ما هدفكم إذًا؟ هل هدفكم أحيانًا حماية مصالحكم، وأحيانًا الحفاظ على كبريائكم ووضعكم وصورتكم، وحماية أسرار حياتكم الخاصة؟ مهما كان الهدف، فإنه لا ينفصل عن اهتماماتكم ويرتبط بمصالحكم. أليست هذه هي طبيعة الإنسان؟" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (4)). رأيت من كلام الله أن الشيطان يحمل دائمًا دوافع وحيلًا في كلامه، ولإخفاء نواياه المخزية، فإنه يتحايل ويراوغ. وهذا محير، والناس لا يدركون قصده. أدركت أنني أميل إلى التحدث مع الإخوة والأخوات بالطريقة التي يتكلم بها الشيطان، إذ أنني أتحايل، وأربك الآخرين. كما حدث عندما سألوني ما عدد الوافدين الجدد القابلين للتدريب في الكنيسة التي أشرف عليها وماذا كانت أوضاعهم، كان يمكنني إجابتهم ببضع جمل بسيطة، وذكر عددهم ووصف أوضاعهم. لكنني لم أُجب إجابة مباشرة. وبدأت الحديث عن مشاكل الوافدين الجدد وذكرت بعض الأسباب لكيلا يعتقد الآخرون إنني لم أركز على تدريب الوافدين الجدد، بل هم من كانوا إشكاليين ولا يستحقون ذلك. وبعد تقديم تلك الأعذار، غيرت نبرة كلامي واختتمت بالقول إننا بحاجة إلى تنمية الوافدين الجدد، وسأبذل جهدي معهم. تحدثت قليلًا عن كونهم إشكاليين، ثم قلت إنني سأبذل جهدي معهم. لم تكن تلك إجابة مباشرة، وكنت كالأفعى، لا أحد يدرك قصدي. يقول الله إن السبب الذي يدفع الشيطان للتحدث بطريقة ملتوية ودائمًا ما يكون لديه هدف ودافع هو حماية مصالحه. ثم سألت نفسي ما هدفي من التحدث إلى الإخوة والأخوات بهذه الطريقة. بالتفكير جيدًا في ذلك، رأيت أنني دائمًا أبدًا الحديث عن المشاكل كيلا يعتقد الآخرون أنني لم أركز على تنمية الأشخاص، بل أنهم لم يكونوا مرشحين جيدين لأسباب عدة. ثم أنتهي بالقول إنني سأشرف على الوضع وأرى، ليعتقد الآخرون أنني أتحمل عب تنمية الوافدين الجدد، وسلوكي إيجابي. وحينها لن يقولوا إنني أحُدُّ الآخرين وإنني لا أرغب بدفع ثمن. كنت محتالة حقًّا، ودوافعي مروعة. وكنت غير مباشرة، أنتظر أن يخمن الآخرون قصدي ويقرروا ما إذا كان الوافدون الجدد قابلون للتنمية، فتكون النتيجة جيدة دائمًا بالنسبة لي. إذا تابع أحدهم لماذا لم أقم بتنميتهم، يمكنني بسهولة إلقاء اللوم على الإخوة والأخوات، قائلين إنهم قالوا لي ألا أفعل ذلك. وإذا أحرز الوافدون الجدد تقدمًا، فسيرى الجميع أنني تمكنت من تنميتهم، وسيظنون أنني كفؤة، وسأبدو بصورة جيدة. طريقة كلامي كانت بالضبط كما وصف الله كلام الشيطان، شبيهة بالأفعى، وأُخفي تمامًا دوافعي وأهدافي، لأتمكن من تحقيق أهدافي دون أن يعرف الآخرون ماذا يجري. لقد كنت كالشيطان، مراوغة وماكرة. تمامًا مثلما سألت مشرفتي عن أي من الوافدين الجدد عليّ تنميتهم، كنت أراوغ وأذكر مجموعة من مشاكل الوافدين الجدد، وأريدها أن تقرر حتى لا أكون المخطئة، إذا لم يحرزوا تقدمًا، وألقي بالمسؤولية على عاتقها. بالتفكير في ذلك، أدركت أن منهجي غير المباشر بدا وكأنني أطلب النصيحة، لكنني في الحقيقة أردت أن يقرر الآخرين عني، وأن أُخلي مسؤوليتي. كانت مراوغة كبيرة مني. إذا طرح شخص طبيعي أسئلة، فهو فقط يريد تعلم المباديء ليقوم بالأشياء وفقًا للمباديء ويُنمي الآخرين بشكل أفضل ويُفيد عمل بيت الله. لكنني أردت التنصل من المسؤولية، لأحمي مصالحي، وسمعتي، ومكانتي. كيف كنت مخادعة هكذا؟ استدعتني المشرفة بهذه الطريقة لأنني كنت دائمًا أقوم بالحسابات ولا أتأمل في نفسي. كنت مقرفة عند الله، ومزعجة للآخرين. حين أدركت ذلك، صليت وأقسمت لله أنني من تلك اللحظة، سأفكر في دوافعي في الحديث وأمارس الصدق. لاحقًا، حين كان الآخرون يسألونني عن المؤمنين الجدد، أردت أحيانًا التحدث عن مشاكلهم ثانية ليبدوا غير قابلين للبقاء وأخلي مسؤوليتي. لكن حين أدركت أن دافعي خاطيء وأنني أتصرف بمكر ثانية، صليت بوعي، وأهملت نفسي، وتحدثت عنهم بإنصاف وموضوعية. لكن بعد عدة أيام، عدت إلى طرقي القديمة.

ذات يوم، قالت المشرفة إن مؤمنًا جديدًا كان يحضر اجتماعات الأخت تشانغ، وإنه أحب شركتها. كنت أعتقد أن ذلك المؤمن الجديد مغرور، ولديه مفاهيم كثيرة، ويحب الاتجاهات العلمانية. لم يكن يشارك بانتظام في اجتماعاتي، وكان سقايته متعبًة حقًا، فاعتقدت أن مسؤولياتي ستقل إن قامت الأخت تشانغ بسقايته. لكن كان من المفترض أن أكون من يسقيه، لذا إذا انتقل إلى الأخت تشانغ، قد تقول المشرفة إنني كنت ماكرة، وأراد التخلي عن المؤمنين الجدد الذين تصعب سقايتهم. إذا اقترحتْ المشرفة أن ننقله، فسأرتاح من ذلك العبء بشكل طبيعي. فسألتها لكي ترشدني بشأن ذلك الوافد الجديد الذي يفضل شركة الأخت تشانغ. فأكدت ذلك. فتابعت بسرعة قائلة بما أن الأمر كذلك، ربما علينا أن نلبي رغبته. على أية حال، هو لم يكن يحضر اجتماعاتي بانتظام. وسألتها عن رأيها. كنت أنتظرها أن تقول إنه يجب أن يُنقل. لكنها لم تقرر على الفور. لاحقًا، انتابني شعور بالذنب وبعدم الارتياح، معتقدة أنني كنت أتحدث بدوافع خفية ثانية. لماذا كانت لدي دائما هذه النوايا المخزية؟ لماذا لا يمكنني مشاركة أفكاري بشكل واضح ومباشر فأخبرها مباشرة أن انطباعي عن هذا المؤمن الجديد ليس جيدًا، وأنه يسبب لي مشكلة كبيرة وأريد نقله؟

بعدها بحثت عن كلام الله ذو الصلة بحالتي، قرأت مقطع من كلام الله. "يتحدث بعض الناس بطريقة محيّرة جدًّا؛ فأحيانًا تكون لجملهم بداية، ولكنها دون نهاية، وأحيانًا تجد لها نهاية ولكن لا بداية لها؛ فلا تدري مطلقًا ما يريدون قوله، ولا يحمل شيء مما يقولونه أي معنىً بالنسبة إليك. وإذا ما طلبت منهم تفسير كلامهم بوضوح فإنهم لا يفعلون ذلك. كثيرًا ما يستخدمون الضمائر في كلامهم. على سبيل المثال، ينقلون كلامًا ويقولون: "ذلك الشخص. اممم، كان يفكر بأن، ثمَّ لم يكن الإخوة والأخوات. للغاية..." وقد يمضون في هذا الكلام لساعات، ومع ذلك لا يعبرون عن مرادهم بوضوح، بل يتمتمون ويتلعثمون، دون أن يكون لكلامهم أي معنىً، ويقولون أشياء غير مترابطة فيما بينها؛ بحيث يَدَعونك لا تدري شيئًا مما يقولون بعد سماعه، حتى إنك لتشعر بالقلق. والواقع أنهم قرؤوا العديد من الكتب، ويتمتعون بتعليم جيد؛ فلماذا إذًا يعجزون عن النطق بعبارة كاملة؟ تعتبر هذه مشكلةً في الشخصية؛ فالناس مراوغون جدًا لدرجة أن قول أي شيء يتطلب مجهودًا كبيرًا، ولا يوجد تركيز على أي شيء يقولونه؛ فهناك دائمًا نقطة بداية ولكن لا توجد نهاية؛ إذْ بعد أن يفتحوا أفواههم وينطلقوا في الكلام يبتلعون آخره. لماذا يبتلعون ويطمسون آخره؟ لأنهم لا يريدونك أن تفهم قصدهم، بل يريدونك أن تخمّن. إن أخبروك مباشرةً فستدرك ما يقولون وتفهم قصدهم بالضبط، أليس كذلك؟ إنهم لا يريدون ذلك. فماذا يريدون؟ يريدون لك أن تحزر بنفسك، وهم سعداء إذْ يدَعونك تعتقد أن ما تخمّنه صحيح. وهم في تلك الحالة لم يقولوه، ومن ثم فإنهم لا يتحملون أي مسؤولية. وفضلًا عن ذلك، ما الذي تكسبه عندما تخبرهم بتخمينك لمعنى كلامهم؟ تخمينك هو بالضبط ما يودّون سماعه، كما أنه يكشف لهم عن أفكارك وآرائك حول المسألة. ومن تلك النقطة، يمكنهم أن يتحدثوا على نحو انتقائي؛ حيث يختارون ما يقولون وما لا يقولون، وكيف يقولونه، ثم يُقْدِمون على الخطوة التالية في خطتهم. فكل جمله مختومة بفخ، وحينما تستمع إليهم، إنْ تابعت توجيه الأسئلة فستكون قد وقعت في الفخ تمامًا. هل يُتعبهم أن يتحدثوا دائمًا على هذا النحو؟ هذه هي شخصيتهم؛ إنهم لا يشعرون بالتعب. إنه أمر طبيعي تمامًا بالنسبة إليهم. لماذا يريدون أن ينصبوا لك هذه الفخاخ؟ لأنهم لا يستطيعون معرفة آرائك بوضوح، كما يخشون أن تدرك قصدهم. وفي الوقت نفسه الذي يحاولون فيه منعك من فهمهم، يسعون هم إلى فهمك. إنهم يريدون أن يستنتجوا آراءك وأفكارك وأساليبك، وإذا ما نجحوا، تكون فخاخهم قد نجحت. يتلكأ بعض الناس بقولهم في كثير من الأحيان: "همم" و "ياه" و "هاه"، وهم بذلك لا يعبرون عن وجهة نظر معينّة، بينما يتباطأ آخرون بقولهم "مثل" و "حسنًا..."، للتغطية على ما يفكرون به حقيقةً، وذلك باستخدامهم هذا بدلًا مما يودون قوله فعلًا. يَرِدُ في كل جملة العديد من الكلمات الوظيفية والظروف والأفعال المساعدة عديمة النفع. وإذا شئتَ أن تسجل كلماتهم، فستكتشف أن أيًّا منها لا يدلّ على آرائهم أو مواقفهم حول القضية؛ فكلماتهم جميعها تنطوي على مصايد واختبارات وغوايات خفية. ما هذه الشخصية؟ (شريرة). إنها شريرة للغاية. هل ينطوي ذلك على ازدواجية وخداع؟ تسمّى هذه المصايد والاختبارات والغوايات التي يصطنعونها بالخداع، وهذه صفة مشتركة في الأشخاص الذين لديهم الجوهر الشرير الذي يتميز به أضداد المسيح. كيف تتجلّى هذه الصفة المشتركة؟ إنهم ينقلون الأخبار الجيدة وليست السيئة، ويتحدثون حصريًا بلغة مُرضية، وبتردد، ويخفون جزءًا من قصدهم الحقيقي، ويتكلمون بأسلوب مشوَّش ومبهم، وينطوي كلامهم على اختبارات. هذه جميعًا فخاخ ووسائل للخداع والازدواجية" ("إنهم أشرارٌ وماكرون ومخادعون (الجزء الثاني)" في "كشف أضداد المسيح").

يقول لنا الله إن أضداد المسيح لا يتكلمون بشكل مباشر، وكلامهم دائمًا غامض ومربك للآخرين، إذ أنهم يختبرون الوضع، محاولين خداع الآخرين لتحقيق أهدافهم الشخصية، دون تحمل أي مسؤولية. تمامًا كما قال الشيطان لحواء إنها لن تموت إذا أكلت تلك الفاكهة. كان هدفه أن يختبرها ويغويها، لا يكشف أهدافه مباشرة، بل يقود الآخرين إلى الخطية دون تحمل المسؤولية. تمامًا كما قال الله: "الجميع اليوم يضمرون في داخلهم شخصية الشيطان، ويحمل البشر جميعًا في داخلهم سموم الشيطان التي تُغري الله وتُغوي الإنسان. عندما يتكلم الناس، فإنهم يستخدمون أحيانًا في كلامهم نبرة صوت الشيطان، وذلك بقصد الإغراء والإغواء. كما إن الخواطر والأفكار التي تكلأ الناس تطفح بسموم الشيطان؛ بل إن الطريقة التي يتصرفون بها بالذات هي بإيعاز من الشيطان، وأحيانًا حتى الغمزة أو الإيماءة البسيطة تحمل في طياتها نفحة من نفحات الإغراء والإغواء" ("أكثر المعرّضين للخطر هم من فقدوا عمل الروح القدس" في "أحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). كنت كذلك، دائمًا أتحدث بطريقة ملتوية، أترقب وأُغوي من أجل دوافعي الحقيرة. حين قالت المشرفة إن المؤمن الجديد الذي لدي بعض الأفكار عنه، كان يذهب لحضور اجتماعات أخرى، لم أرغب في تضيع وقتي وطاقي في دعمه، وأردت استغلال هذه الفرصة للتخلص منه. لكنني لم أُرد أن تعرف المشرفة أنني حددته ورفضته. للحفاظ على صورتي كمسؤولة ومحبة للوافدين الجدد اقترحت عليها بمكر إن علينا مراعاة مشاعره، وتلبيه رغبته، محاولة حملها على الاقتراح بنقله إلى تلك الاجتماعات لأتمكن من تحقيق أهدافي. كانت طريقة كلامي تمامًا كما يصف كلام الله: "وإذا شئتَ أن تسجل كلماتهم، فستكتشف أن أيًّا منها لا يدلّ على آرائهم أو مواقفهم حول القضية؛ فكلماتهم جميعها تنطوي على مصايد واختبارات وغوايات خفية. ما هذه الشخصية؟ (شريرة). إنها شريرة للغاية" ("إنهم أشرارٌ وماكرون ومخادعون (الجزء الثاني)" في "كشف أضداد المسيح"). لم أقل كلمة واحدة صادقة في تلك المواقف، بل قلت كل تلك الأشياء المضللة. رأيت أنني أمتلك حقًّا طبيعة شيطانية. فضلت أن أتحايل، وألا أُظهر وجهي الحقيقي. اعتقدت بأنه من الغباء قول بعض الأشياء مباشرة، إذا سأؤذي نفسي، والحمقى فقط يفعلون ذلك. كنت أعتقد أن المكر ذكاء، واعتقدت أنني ماهرة، وأنني أفكر جيدًا، ومتفوقة دائمًا، وبهذه الطريقة لن تتأثر مصالحي. جعلت من المكر مبدئي الشخصي مدى الحياة، وتجاهلت تمامًا الأشياء الإيجابية التي يخبرنا بها الله عن الصدق والشفافية قولًا وفعلًا. شعرت بأنني سأخسر. كنت ماكرة جدًّا، وأرى الأشياء بطريقة ملتوية، أرى القواعد الشيطانية للحياة كمعايير شخصية خاصة بي، كنت دائمًا مراوغة ومستعدة للخداع والتلاعب. جعلني إدراك هذا أشعر بنوع من الخوف، إذ رأيت كم أنا ماكرة وشريرة. رأيت أن الشيطان أفسدني حقًّا، وأنني لا أشبه البشر. ذات مرة، تذكرت إعجابي بحقيبة يد مصمم اشترتها عمتي. لم أُرد دفع ثمنها لشرائها، وخجلت أن أطلبها، فقلت لها متظاهرة باللطف الشديد: "انظري لهذه الحقيبة التي لا تستخدمينها، يا للخسارة! لديك حقائب من هذه الماركة، فلماذا اشتريت هذه؟" استخدمت تلك اللهجة مع عمتي لتعتقد بأنني أهتم بها، ولا أريدها أن تضيع مالها، لكن ما قصدته فعلًا هو أنها لا تستخدم تلك الحقيبة، فضاع عليها ثمنها. فأجابتني: "اشتريتها لأنها جميلة وبسعر مخفض. أحب الحقائب من تلك الماركة، لكن يمكنك أخذ هذه". بكلمات قليلة، جعلتها تعرض علي أخذ تلك الحقيبة. كنت دائمًا كذلك. لا أقول ما أريده مباشرة، بل أجعل الآخرين يخمنونه، ثم يعرضونه عليّ. بالتفكير في ذلك، لا أعرف كيف كنت ماكرة هكذا. تمنيت لو يعود بي الزمن إلى الوراء ولو لم أقل تلك الأشياء المقززة. أدركت حينها أن طريقة كلام وتصرف أضداد المسيح وشخصيتهم الشريرة، كما وصفها الله، موجودة لدي. كنت كذلك طوال تلك السنوات. أحيانًا دون أن أفكر، يخرج من فمي قول ماكر. لقد كنت أملك شخصية أضداد المسيح الشريرة بالفعل. سيكون من الخطير ألا أعالجها وأتغير.

قرأت مقطعًا آخر من كلام الله. "إن طلب الله من الناس أن يكونوا صادقين يبرهن على أنه يمقت حقًا أولئك الذين هم مخادعون، وأنه لا يحب المخادعين. إن كراهية الله للأشخاص المخادعين هي كراهية لطريقتهم في فعل الأشياء، وشخصياتهم، ودوافعهم، وأساليب خداعهم؛ فالله يبغض هذه الأمور جميعًا. إنْ استطاع الأشخاص المخادعون قبول الحق، وأقرّوا بشخصياتهم المخادعة، وكانوا على استعداد لقبول خلاص الله، فسيكون لديهم أيضًا أمل بالخلاص؛ لأن الله يعامل الناس جميعًا على قدم المساواة، كما أن الحق يساوي بين الناس قاطبةً في المعاملة؛ وبالتالي، إذا ما رغبنا في أن نصبح أولئك الذين يحبهم الله، فإن أول شيء يتعيَّن علينا فعله هو تغيير مبادئ وجودنا: فلا يعود بإمكاننا العيش وفقًا لفلسفات الشيطان، ولا المضي في اعتماد الأكاذيب والخداع، بل لا بدّ لنا من التخلّي عن الأكاذيب وأن نصبح صادقين، وبهذه الطريقة تتغيَّر نظرة الله إلينا. كان الناس في السابق يعتمدون دومًا على الأكاذيب والادعاء الكاذب والاحتيال للعيش بين الناس، وكانوا يستخدمون فلسفات شيطانية باعتبارها الأساس الوجودي والحياة والقاعدة التي يبنون عليها تصرفاتهم. كان هذا النهج موضع مقت من الله. إذا تحدَّثت بصراحة بين صفوف غير المؤمنين، وقلت الحق، وكنت شخصًا صادقًا، فستتعرَّض للافتراء والإدانة والنبذ؛ ولذلك تتبع التوجُّهات الدنيوية، وتعيش بحسب الفلسفات الشيطانية، وتغدو شيئًا فشيئًا أكثر مهارة في الكذب والخداع. وتتعلَّم أيضًا استخدام الوسائل الخبيثة لتحقيق أهدافك وحماية نفسك، كما تصبح أكثر فأكثر ازدهارًا في عالم الشيطان، ونتيجةً لذلك فإنك تغرق في أعماق الخطيَّة إلى أن تعجز عن تخليص نفسك. أما في بيت الله، فالأمور على العكس من ذلك تمامًا. فكلما ازددت كذبًا واحتيالًا، ازداد سأم شعب الله المختار منك ونبذهم لك. وإذا رفضت أن تتوب، وظللت متمسكًا بفلسفات الشيطان ومنطقه، واستخدمت المؤامرات والمكائد المحكمة لتمويه نفسك والتستر خلفها، فمن المرجح جدًا أن تنكشف وتُطرد؛ ذلك لأن الله يبغض المخادعين، ولا يزدهر في بيت الله سوى الصادقين الأمناء، أما المخادعون فسيكون مآلهم إلى الطرد والنبذ. هذا كله قد سبق الله أن قدَّره. لا نصيب في ملكوت السماوات إلا للصادقين، وبالتالي فإنك إن لم تَسْعَ لأن تكون إنسانًا صادقًا، ولم تختبر وتمارس في اتجاه اتباع الحق، ولم تكشف قبحك وتُظهر وجهك الحقيقي، فلن تستطيع أبدًا تلقي عمل الروح القدس والفوز برضاء الله" ("أكثر ممارسة جوهرية يمارسها الشخص الأمين" في "أحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). علمني كلام الله أنه يحب الصادقين ويزدري الماكرين. الصادقون فقط يمكنهم ربح خلاصه، بينما يُكشَف الماكرون ويُقصَون. خلال سنوات إيماني، رأيت أن من بين من طُردوا من الكنيسة، كان البعض تخبطين وغير صادقين في واجباتهم، وكان البعض مزيفون دائمًا للحفاظ على اسمهم ومكانتهم، يرفعون أنفسهم ويشهدون لها دومًا. يراوغون ويمكون لتحقيق أهدافهم، والبعض ينخدعون بهم مؤقتًا. لكن الله يرى كل شيء، لذا يرتب المواقف ليكشفهم. عندما كنت أُنمِّي وأسقي المؤمنين الجدد، كنت أختلق الأعذار لأتلاعب وأخادع، لأخفي فسادي وعيوبي، ولم أسعَ إلى التغير، مما أدى إلى المزيد من التجاوزات. كان من المحتم أن الله سيقصيني. وبالنظر إلى الإخوة والأخوات البسطاء والصادقين، كان هناك الكثير مما لا يفهمونه في واجباتهم، ولديهم أخطاء، لكنهم لم يتلاعبوا ليتنصلوا من المسؤولية ويحموا مكانتهم أو يفكروا في تأثير الأمور على مصالحهم. فكروا كيف يتعلمون الحق والمباديء ليؤدوا واجباتهم جيدًا، وكنتيجة لذلك، ربحوا تنوير الله وإرشاده. ربما كانوا ذوي مقدرة متوسطة، أو حتى جاهلين قليلًا، أو لديهم مشاكل في واجبهم، لكن الله يرشدهم ويساعدهم ليتعلموا مباديء الحق تدريجيًّا، ويختبروا قيادة الله، وينموا في الحياة يومًا بعد يوم. ثم أدركت أنه من الجيد أن أكون صادقة وأدع الناس يرونني بوضوح. ربما كان ذلك محرجًا قليلًا آنذاك، لكنني شعرت بالرضا حياله، والله يحبه. كما أن الإخوة والأخوات لم يزدروني أبدًا حين تحدثت بانفتاح عن مشاكلي. ساعدوني في حلها وقادوني لأدخل في المباديء، وذلك النوع من الممارسة لن يُضر بواجبي. إنجيل الملكوت ينتشر بسرعة الآن، ونحن بحاجة إلى العديد من المؤمنين لنشره معنا. لم أقم بتنمية أي مؤمن جديد، ألم أكن أعمل كتابعة للشيطان بإعاقتي لعمل الله؟ كنت أعمل ضد الله! يقول الله، "فكلما ازددت كذبًا واحتيالًا، ازداد سأم شعب الله المختار منك ونبذهم لك. ... أما المخادعون فسيكون مآلهم إلى الطرد والنبذ. هذا كله قد سبق الله أن قدَّره. لا نصيب في ملكوت السماوات إلا للصادقين". كلام الله واضح جدًّا. أيًّا كان الطريق الذي يختاره المرء، فالشخص الذي يريد أن يكونه مرتبط مباشرة بعاقبته وبمصيره. أعد الله كل هذه المواقف الكبيرة والصغيرة، لكنني تصرفت بشكل خاطيء دون السعي إلى الحق أو التأمل الذاتي، وعشت وفقًا لطبيعتي الشيطانية. لم أدخل إلى الحق الأساسي فأكون صادقة، أو أحدث أي تغيير في شخصياتي الحياتية. ظللت ماكرة ومنتمية إلى الشيطان. كيف يمكن أن أخلُص هكذا؟ العيش كشخص صادق هو الطريق الصحيح الوحيد.

بعد ذلك، ظللت أسعى إلى الحق حول هذا، ووجدت المزيد من الوضوح في طريق التحول إلى شخص صادق.

تقول كلمات الله، "عندما يقوم الناس بالخداع، ما النوايا التي تنبع منه؟ وما الهدف منه؟ الهدف هو – دون أي استثناء – الحصول على المكانة والسمعة، باختصار، يفعلون ذلك من أجل مصالحهم الخاصة. وعلى ماذا يدل السعي إلى المصالح؟ على أن الناس يرون أن مصالحهم الخاصة أكثر أهميةً من أي شيء آخر. فيقومون بالخداع لإفادة أنفسهم، وبذلك، يُكشف عن شخصياتهم المخادعة. كيف يجب حل هذه المشكلة؟ … يجب أن يقبلوا الحق. لا يستطيع الناس رؤية جوهر مصالحهم الخاصة إلّا عندما يفهمون الحق، وعندها فقط يمكنهم أن يتعلموا التنازل والتخلي، ويكتسبوا القدرة على تحمل ألم التخلي عما يحبونه بشدّة. وعندما تستطيع القيام بذلك، وتتخلّى عن مصالحك الخاصة، ستشعر بمزيد من الراحة والسلام في قلبك، وبذلك ستهيمن على الجسد. إذا كنت تتشبث بمصالحك ولا تقبل الحق بأي شكل من الأشكال، وإذا كنت تقول في قلبك: "ما الخطأ في البحث عن مصالحي الخاصة ورفض تحمل أي خسارة؟ ما دام الله لم يعاقبني، فماذا بإمكان الناس أن يفعلوا بي؟" فلن يفعل أحد بك أي شيء. لكن إذا كان هذا هو إيمانك بالله، فستفشل في النهاية في ربح الحق والحياة، وستكون تلك خسارة كبرى لك؛ إذْ لا يمكنك نيل الخلاص. هل هناك أيّ ندم أعظم من هذا؟ هذا هو ما يأتي في النهاية من السعي وراء مصالحك الخاصة. إذا سعى الناس إلى المكانة والسمعة فحسب، وإذا سعوا وراء مصالحهم الخاصة فحسب، فلن يربحوا الحق والحياة أبدًا، وفي النهاية سيكونون هم الذين يعانون الخسارة. يخلص الله أولئك الذين يسعون إلى الحق. إذا لم تقبل الحق، وكنت غير قادر على التفكير في شخصيتك الفاسدة ومعرفتها، فلن تتوب حقًا، ولن يكون لك أي دخول إلى الحياة. إن قبول الحق ومعرفة نفسك هو الطريق إلى النمو في حياتك وإلى الخلاص، وهو فرصتك للمثول أمام الله وقبول تمحيصه لك، وقبول دينونته وتوبيخه وربح الحياة والحق. إذا تخليت عن السعي إلى الحق من أجل السعي وراء المكانة والسمعة ومصالحك الخاصة، فهذا يعني التخلي عن فرصة تلقي دينونة الله وتوبيخه ونيل الخلاص. أنت تختار المكانة والسمعة ومصالحك الخاصة، ولكن ما تتخلى عنه هو الحق، وما تخسره هو الحياة وفرصة الخلاص. أيهما يعني لك أكثر؟ إن اخترت مصالحك الخاصة وتخليت عن الحق، ألا تكون غبيًا؟ بصراحة، هذه خسارة كبيرة لقاء الحصول على ميزة صغيرة. السمعة والمكانة والمال والمصلحة كلها مؤقتة، وكلها سريعة الزوال، في حين أن الحق والحياة أبديان وثابتان. إذا وجد الناس حلًّا لمشكلة شخصيتهم الفاسدة التي تدفعهم إلى السعي وراء المكانة والسمعة، فعندئذ يكون لديهم أمل في نيل الخلاص. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحق الذي يربحه الناس أبديّ؛ لا يستطيع الشيطان أن يسلبهم إياه، ولا يستطيع أيّ شخصٍ آخر ذلك. لقد تخليت عن اهتماماتك ولكنك ربحت الحقّ والخلاص؛ وهذه النتائج تخصّك. لقد ربحتها لنفسك. إن اختار الناس ممارسة الحق، فحتى لو خسروا مصالحهم، فهم يربحون خلاص الله والحياة الأبدية. هؤلاء أذكى الناس. إن استفاد الناس على حساب الحق، فما يخسرونه هو الحياة وخلاص الله؛ هؤلاء أحمق الناس. أمّا بالنسبة إلى ما سيختاره الشخص في النهاية – المصالح الخاصة أو الحق – فهذا يكشف الشخص أكثر من أي شيء آخر" ("أحاديث مسيح الأيام الأخيرة").

"غالبًا ما تكمن دوافع وراء أكاذيب الناس، غير أن بعض الأكاذيب لا يوجد وراءها أي دافع، ولا خطة مقصودة، وإنما تَصدُرُ بصورة طبيعية. ما نوع الأكاذيب بالضبط التي يمكن تجنبها؟ أولًا، احسم الأمر بالنسبة إلى الأكاذيب التي يَسهُل تجنبها، ثم اسعَ وراء الحق لتتغلب على أصعب أنواع الكذب، وهي الأكاذيب التي يَصعُب إصلاحها. ألن تكون الممارسة بهذه الطريقة سهلة للتخلص من الأكاذيب ولحل مشكلة الكذب؟ فأنت، على سبيل المثال، تشعر بأن هذا الكلام ينطوي على دوافع، وأنه مذموم، وأنه عبارة عن أكاذيب؛ ومن ثم تدرك ذلك وأنت تتحدث، أليس كذلك؟ إن أدركت ذلك فاصمت أولًا، وصلِّ إلى الله في قلبك، وفكِّر بالأمور مليًّا. خذ الأمر أمام الله لتجعله ضمن صلواتك وتكشفه. ضع هذا أولًا موضع التطبيق. وبعد القيام بذلك لفترة، ينبغي أن تصلي إلى الله من جديد وأن تسعى، طالبًا منه أن يؤدبك ويؤنبك إن حدث أن عدت يومًا إلى الكذب، وبعد ذلك ينبغي أن تعرض أكاذيبك تدريجيًا أمام إخوتك وأخواتك لتحليلها. وبهذه الطريقة يتناقص عدد أكاذيبك تدريجيًا عما كانت عليه. اليوم ستنطق بعشر أكاذيب، وغدًا قد تنطق بتسع، وفي اليوم التالي ستنطق بثمان، وبعد ذلك لن تنطق إلا بكذبتين أو ثلاث. وستنطق بالصدق أكثر فأكثر. وسوف تصبح من خلال صدقك أكثر قربًا إلى إرادة الله ومتطلباته ومعاييره من أي وقت مضى. كم سيكون ذلك جيدًا! لكي تمارسَ الصدق، لا بدَّ أن يكون لديك مسار وهدف. أولًا، عليك أن تحل مشكلة التفوُّه بالأكاذيب. عليك أن تعرف الحقيقة الكامنة وراء تفوُّهك بهذه الأكاذيب، وأن تحلل لتعرف الدوافع التي تقودك إلى قول هذه الأكاذيب، ولماذا تتحكم بك مثل هذه الدوافع، وما هي جوهرها. إن واصلت ممارسة هذا فستكون هناك نتيجة بلا ريب، وستقول ذات يوم: "من السهل أن أكون صادقًا؛ فالخداع متعب للغاية! لا أريد أن أكون مخادعًا بعد الآن مطلقًا. ثمة الكثير الذي يجري في قلبي، وينبغي أن أمحِّص الأمور في عقلي دائمًا. عليَّ دومًا أن أفكر بما سأقوله لكي أخدع الناس ولأشق طريقي بالخداع. ينبغي أن أفكر دومًا بهذه الأمور. لا يمكن أن يكون كلامي مرحًا بطريقة مبالغ فيها ولا شديد الجدّيّة، ولا أستطيع أن أحمل في قلبي هذا الضغط، ولا أريد أن أعيش على هذا النحو مرة أخرى؛ فالعيش على هذه الشاكلة مرهق للغاية!" في هذا الوقت سيكون لديك أمل في أن تكون صادقًا حقًّا، ويبرهن ذلك على أنك قد بدأت تحرز تقدمًا نحو كونك صادقًا. كذلك يمثل هذا اختراقًا وتقدمًا. بالطبع، قد يشعر البعض منكم في البداية، وبعد قول كلمات صادقة وكشف نفسه، أن: "الأمر كان مؤلمًا؛ فقد احمرّ وجهي خجلًا، لقد كان الأمر محرجًا!" وعندما تلتقي آخرين تفكر في نفسك قائلًا: "يكتشف الآخرون الأمور السرية التي فعلتها والأكاذيب التي قلتها لأخدعهم. يا له من أمر مخزٍ! كنت أظن أنني على ما يرام، وأنني تركت لدى الناس انطباعًا جيدًا، أما الآن، وبعد أن حلّلت نفسي وكشفتها، لا يعتقد أحد أنني جيد مطلقًا. ماذا أفعل؟" عليك أن تصلي من أجل هذا أمام الله، وتقول: "يا الله، أريد أن أكون صادقًا. اليوم، أمارس الصدق، وأرجوك أن تدعني أوغل فيه أكثر. أرجوك أن تسمح لي أن أتخلى عن غروري، وألّا تتحكم بي هذه الدوافع الخادعة أو تقيدني. أريد أن أعيش في النور، ولا أريد أن أعيش في ظل مُلك الشيطان أو أن يقيدني الشيطان، ولا أريد أن تُلجمني الشخصية الشيطانية الفاسدة أو أن تتحكم بي وتقيدني، أو حتى أن تسبب لي الضرر". عندما تصلي بهذه الطريقة، سيمتلئ قلبك بمزيد من التألق دائمًا، وستقول لنفسك: "من الجيد أن أضع هذا موضع التطبيق. لقد وضعت الصدق موضع التطبيق، وأشعر أنني الآن فقط أعيش كشخص حقيقي". وحينما تصلي بهذه الطريقة، ألا يكون الله قد أنارك؟ لقد بدأ الله يعمل في قلبك، وقد أثر فيك، إذ سمح لك أن تقدِّر كيفية الشعور بكونك إنسانًا حقيقيًا. هذه هي الكيفية التي ينبغي بها ممارسة الصدق. في البداية لا يكون لديك مسار، ولكنك تجد مسارًا من خلال السعي إلى الصدق. عندما يبدأ الناس السعي وراء الصدق، لا يكون لديهم بالضرورة إيمان. ينطوي الافتقار إلى مسار على صعوبة أمام الناس، ولكنهم بمجرد أن يفهموا الحقيقة ويكون لديهم طريق للممارسة، تنعم قلوبهم بالمتعة؛ فإذا استطاعوا ممارسة الصدق والتصرف وفقًا للمبادئ، تنعم قلوبهم بالارتياح، ويفوزون بالانعتاق والحرية" ("أكثر ممارسة جوهرية يمارسها الشخص الأمين" في "أحاديث مسيح الأيام الأخيرة").

بعد قراءة كلام الله رأيت أنه لنكون صادقين، علينا أولًا التخلي عن المصالح الشخصية. وهذا مهم جدًّا. الهدف من الكذب هو حماية مصالحك، وتحقيق أهدافك، وعندما يسعى الناس إلى مثل هذا الشيء، مقدين بشخصيتهم الشيطانية، سيكذبون ويتلاعبون. لذا، من الضروري التخلي عن المصالح الشخصية، مما يسهل إيجاد حل لمشكلة المكر. أيضًا، التأمل الذاتي الدائم مهم، وممارسة قول الحق والصدق بوعي، للسماح لله بتفحص كل كلامنا وأفعالنا. حين نريد أن نكون ماكرين فيما نقوله أو نفعله، علينا أن نسأل أنفسنا عما نريد تحقيقه، وإن تبين لنا بأنه شيء ماكر أو شرير، فعلينا أن نصلي إلى الله ونتراجع فورًا، ونتعلم التحدث عنه بانفتاح، لنكشف عن أفكارنا ووجهات نظرنا وفسادنا وأخطائنا، ونسعى إلى الحق لحلها. هذه الطريقة الوحيدة لتغيير الشخصية الماكرة والشريرة والشيطانية تدريجيًّا. بعد ذلك، تحدثت بانفتاح مع مشرفتي حول آرائي بالمؤمنين الجدد، واعترفت بدوافعي الخفية واعتذرت منها. اندهشت لأنها لم تزدريني، وبدلًا من ذلك ناقشت معي بعض المشاكل في واجباتنا. انتابني شعور جيد بعد ذلك. توقفت عن التكتم، وشعرت حقًّا بالسلام. لم أتحرر بالكامل من شخصيتي الشيطانية الماكرة، لكنني أملك الإيمان والإرادة لأصبح صادقة تجلب الفرح لله، ولأركز على أن أكون صادقة وأقبل فحص الله في كل شيء أفعله في حياتي.

السابق: مُكبّلة

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

الغرور والسمعة أضرا بي

في عام 2017، انتُخبت لمنصب قيادي وتوليت مسؤولية أعمال عدد من الكنائس. لاحظت أن جميع قادة تلك الكنائس كانوا مؤمنين لفترة أطول مني. عملت...

فهم معنى أن تكون صالحًا

منذ أن طفولتي، علمني والداي أن أكون عادلة ومعقولة ولطيفة مع الآخرين، وأفهم صعوباتهم ولا ألتفت لسفاسف الأمور. قالا إن هذا هو ما يجعل شخصًا...

اترك رد