ملكوت السموات هو فعليًا على الأرض

2019 ديسمبر 27

بقلم تشين بو – الصين

أكثر ما نتوق إليه نحن المؤمنين هو أن نكون قادرين على دخول ملكوت السموات والاستمتاع بالنعمة الأبدية التي أنعم بها الرب على الإنسان. كنت أشعر بموجة من المشاعر الغامرة والفرح في كل مرة كنت أسمع فيها قسًا يعظ بأن المكان الذي سيعده الرب لنا في المستقبل سيكون في السماء، وأنه ستكون هناك حقول من الذهب وجدران من اليشم، وأن الأحجار الكريمة ستلمع في كل مكان، وأنه يمكننا أن نأكل ثمرة شجرة الحياة ونشرب الماء من نهر الحياة، وأنه لن يكون هناك المزيد من الألم، ولا مزيد من الدموع ولا مزيد من الحزن، وأن كل شيء سيكون حرًا ومعتوقًا، فهذا هو المكان الذي كنت أتوق إليه كثيرًا، وقد أنهكتني بالفعل حياتي على الأرض من الكدح والحزن. كنت أندفع في كل مكان وأبذل نفسي بحماس من أجل الرب؛ وكنت أنشر الإنجيل وأؤسس الكنائس، ولم أتوقف أبداً مهما كانت الأمور مؤلمة أو صعبة. الآن عملت وبذلت نفسي بنشاط أكثر، خاصة وأننا في الأيام الأخيرة وأن الرب سيعود قريبًا ويعيدنا جميعًا إلى البيت السماوي.

ذهبت ذات يوم إلى منزل أختي لأتفقد أُمّنا. وقبل أن أغادر، أعطتني أختي كتابًا، وحثّتني أن أقرأه قراءة متأنِّية. قُلت في نفسي: لابدّ أن هذا الكتاب الذي أعطتني أختي إياه أحد المؤلفات الروحية. ويصادف أن روحي الآن ظمآنة جدًا، ولا تشعر أن الرب معي، ولا أشعر بالاستنارة في قراءة الكتاب المقدس. عندما أعود، يجب أن أقرأ هذا الكتاب قراءةً مُتأنِّية، لربما يمدّني بشيء ما. بعد عودتي إلى المنزل، فتحت الكتاب وبدأت أقرأ، ولم ألبث أن أقرأ حتى احتواني كلام الكتاب. كُلّما قرأته، استمتعت به أكثر؛ كُلّما قرأته، شعرت بأن هناك نور يشع من هذه الكلمات، وأن الروح القدس قد أنارها، ولا سبيل أن يكون قائل هذا الكلام شخص عادي. ومنذ أن قرأت هذا الكتاب، صرت أفهم بعض الحقائق التي لم أكن أفهمها من قبل من قراءة الكتاب المقدس، وأشعر في عقلي بصفاءٍ وابتهاجٍ. أرغب في الصلاة للاقتراب من الرب، وقد زاد إيماني، وتحسّنت حالتي الروحية كثيرًا. وفكّرت: لا يمكن أن يمدّ الإنسان بالإيمان والقوة، ويحفظ روح الإنسان ويغذيها إلا عمل الروح القدس؛ والروح القدس يقينًا هو مصدر كلمات هذا الكتاب. ومن ثم، فإن أول شيء أقوم به كل صباح عندما أستيقظ هو أن أقرأ هذا الكتاب.

فتحت الكتاب ذات يوم وقرأت الفِقرة التالية: "إن دخول الله الراحة يعني أنه لن يعود يباشر عمله الخاص بخلاص البشرية، ودخول البشرية الراحة يعني أن البشرية كلها ستعيش في نور الله وفي ظل بركاته. لن يكون هناك أي شيء من فساد الشيطان، ولن تحدث أي أشياء شريرة. ستعيش البشرية بشكل طبيعي على الأرض، وستعيش في ظل رعاية الله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الله والإنسان سيدخلان الراحة معًا). توقفت عند هذه النقطة. وَثَب قلبي، وقلت في نفسي: هل سيعيش الإنسان على الأرض في المستقبل؟ ألم يعد الرب يسوع أننا سنعيش في السماء في المستقبل؟ كيف تتحدَّث هذه الكلمات عن الوجود على الأرض؟ كيف يمكن أن يكون هذا؟ هل أقرأ هذا قراءة خاطئة؟ لذلك قرأت الفِقرة قراءةً مُتأنِّيةً من جديد، وكانت الكلمات حقًا تقول إن الإنسان سيعيش على الأرض في المستقبل. إذنْ ماذا يعني ذلك في الواقع؟ لن يفلح هذا، وكان عليّ أن أفهم ما يعنيه هذا حقًا. لذلك واصلت القراءة: "لله غايته وللإنسان غايته. وسيستمر الله أثناء راحته في توجيه جميع البشر في حياتهم على الأرض، وسوف يعبد الإنسانُ اللهَ الحقيقي الواحد في السماء أثناء وجوده في نور الله. ... عندما تدخل البشرية الراحة، فهذا يعني أن الإنسان قد صار خليقة حقيقية. سوف يعبد البشر الله من على الأرض ويعيشون حياة إنسانية طبيعية. لن يعصى الناسُ اللهَ أو يقاومون الله بعد الآن؛ فسوف يعودون إلى الحياة الأصلية لآدم وحواء" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الله والإنسان سيدخلان الراحة معًا). وكُلّما قرأت، احترت أكثر: هل سيعبد الإنسان الله من على الأرض؟ كيف سيحدث هذا؟ ألا يقول الكتاب المقدس أن هذا سيحدث في السماء؟ فكيف يمكن أن يقع على الأرض؟ هرعت إلى كتابي المقدس، وفتحته على يوحنا 14: 2-3، وقرأت حيث يقول الرب يسوع: "فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلَّا فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لِأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا". يقول الرب يسوع قولًا واضحًا أن قيامته من بين الأموات وصعوده إلى السماء كانا لإعداد مكانِ لنا، فيجب أن يكون مقصدنا في السماء. هذا هو وعد الرب! فكّرت مُحدِّثةً نفسي: ما يقوله هذا الكتاب مختلف عمَّا يقوله الرب، لذلك لا يمكنني الاستمرار في قراءته. بعد أن أغلقت الكتاب كنت في حالة من الحيرة الذهنية الشديدة، لم أكن أعرف ماذا كان الصواب، لذلك صلَّيت إلى الرب بكل مثابرةٍ: "آهٍ يا رب، أرجوك أن ترشدني وتقودني. ماذا عليّ أن أصنع؟ هل عليّ أن أقرأ هذا الكتاب أم لا؟ آه يا رب، أرجوك أن تهبني استنارة، وترشدني..." بعد أن صلّيت فكّرت كيف أنني بعد قراءة هذا الكتاب قد شعرت بقربي أكثر من ذي قَبْل في علاقتي مع الرب، وأنني أكثر حماسة في إيماني بالرب، وأن روحي كانت مَحميّة. إذا تركت هذا الكتاب وتوقفت عن قراءته، فسأعود إلى حالتي السابقة حينما كانت تشعر روحي بالظمأ. وبما أن هذا الكتاب قد فعل الكثير بي، وبما إنني استطعت التأكّد من أن مصدره هو الروح القدس، ولا يمكن أن يخطئ لأنه جاء من الروح القدس، فإنه بالرغم من أن هذا الكلام لم يكن يتوافق مع أفكاري، فلا يجب عليّ أن أهجره لهذا السبب ولا أقرأه. وبينما كنت أفكِّر في هذا الأمر، قررت أنه من الأفضل أن أواصل القراءة قبل أن أحزم أمري.

وحينئذٍ التقطت الكتاب مرة أخرى وواصلت القراءة: "يوجد مكان راحة الإنسان على الأرض، ومكان راحة الله في السماء. وبينما يعبد الإنسان الله في راحته، سوف يعيش على الأرض، وبينما يقود الله الجزء المتبقي من البشرية في الراحة، سوف يقودهم من السماء، وليس من الأرض" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الله والإنسان سيدخلان الراحة معًا). ظللت أفكّر في هذا بذهني: تقول هذه الفِقرة الآن أن مكان راحة الله في السماء، وأنه بينما يستريح الإنسان فسيعبد الله على الأرض. هل يمكن أن يكون مكان راحة الإنسان على الأرض مثلما يقول هذا الكلام؟ ذلك أمر مستحيل! لقد قال الرب يسوع بالفعل أننا سنكون حيثما يكون الرب، وأن الرب يسوع قام من بين الأموات وصعد إلى السماء، لذلك سنصعد أيضًا يقينًا إلى السماء! فكرت مرة أخرى في السنوات الماضية، وكم سلكت طرقًا عديدة من أجل الرب، وكم تحمَّلت الكثير من الألم. ألم يكن ذلك لأصعد إلى السماء ولا أعود أتحمَّل الألم على الأرض؟ إذا كان الأمر حقًا مثلما يقول هذا الكتاب، أن الإنسان سيظل يعيش على الأرض، ألن تخفق آمالي؟ اضطجعت عاجزة على سريري. وشعرت بالضعف من رأسي حتى أخمص قدميّ. وكُلّما فكّرت في هذا الأمر، لم أتمكن من المحافظة على سَكِينَتي. لذلك هرعت إلى منزل أختي كي أستوضح هذا الأمر.

عندما وصلت إلى منزل أختي، التقيت بامرأة في منتصف العمر، وعندما قدّمتني أختي لها، علمت أن هذه المرأة كانت الأخت "لِي". ولم يمر وقت طويل حتى تحدَّثت معهما عن أفكاري بعد قراءة هذا الكتاب. بعد أن استمعتا لي، شاركتني الأخت "لِي" قائلةً: "أيتها الأخت، كلنا، نحن المؤمنون بالرب، نؤمن أن الرب يسوع قد وعد بإعداد مكان للإنسان، وأنه حيثما يكون هو سيطلبنا لنكون معه. لقد صعد الرب إلى السماء، ولذلك فإنه عندما يعود الرب في المستقبل، سيُرحّب قطعًا بنا في السماء لنعيش سويًا معه. لكن هل فكّر أحدنا فيما إذا كان هذا النوع من التخيُّل والتفكير مقبولًا؟ إذا كان الأمر كما نتخيَّل أن الرب سيجيء ويحملنا لنحيا في السماء، فهل ستصل بنا كلمات الصلاة الربانية: "لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي ٱلسَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى ٱلْأَرْضِ" (متى 6: 10). والنبوءة في سفر الرؤيا "هُوَذَا مَسْكَنُ ٱللهِ مَعَ ٱلنَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَٱللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلَهًا لَهُمْ" (رؤيا 21: 3). إلى إخفاق تام؟ كيف يمكن أن تحدث هذه الأمور كما هي مُتوَقَّعَة؟ إذا كانت الغاية النهائية التي منحنا إياها الله في السماء، فما هو المغزى الذي من أجله جعلنا الله نحيا على الأرض عندما خلق الإنسان في الأصل؟" لم أقتنع تقريبًا، وأجبت على الفور: "مع أن هذه النصوص المقدَّسة من الكتاب المقدس تقول هذه الأمور، فإن الرب نفسه قال: "أَنَا أَمْضِي لِأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا" (يوحنا 14: 2–3). بعد أن أُقيم الرب يسوع من بين الأموات، صعد إلى السماء، وفي ذلك يقول الرب أنه سيمضي لإعداد مكان لنا. ويقول إنه حيث يكون هو، فقد نكون نحن أيضًا. وهذا يثبت أن الله وعدنا بأننا سنصعد إلى السماء لننال الحياة الأبدية، وليس أننا سننال الحياة الأبدية على الأرض. لا يمكن لأحد أن ينكر هذا الأمر!" استمرت الأخت "لِي" في الحديث بأناةٍ: "أيتها الأخت، صحيح أن الرب يعدّ مكانًا لأولئك الذين يؤمنون به، لكن هل هذا المكان موجود فعليًا على الأرض أم في السماء؟ لا يحدد الرب ذلك في هذه الكلمات، لذلك ما الذي نستند عليه عندما نقول إن المكان الذي يعدّه الله لنا في السماء؟ هل هذا فعلًا وعد الرب أم أنه تَصوّرنا وخيالنا؟ يجب أن تستند كل الأمور لدى المؤمنين منا بالله على كلمة الرب، ويجب ألا تختلط مفاهيمنا وأخيلتنا مع كلمة الرب، ونقول آنذاك أن هذا هو المعنى الذي يقصده الرب. أوليس هذا اعتمادًا على أفكارنا الخاصة لشرح كلمة الرب؟ ألا يشوِّه هذا كلمة الرب؟ إذنْ لا يمكننا الاعتماد على الأخيلة التي تدور في رؤوسنا وأفكارنا وتفضيلاتنا لشرح كلمة الرب. وإذا حدث ذلك، فسوف نرتكب خطأً. يقول سفر التكوين 2: 7-8: "وَجَبَلَ يَهْوَه ٱلْإِلَهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ ٱلْأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً. وَغَرَسَ يَهْوَه ٱلْإِلَهُ جَنَّةً فِي عَدْنٍ شَرْقًا، وَوَضَعَ هُنَاكَ آدَمَ ٱلَّذِي جَبَلَهُ". من الواضح أن الله في البدء خلق الإنسان على الأرض، وقبل أن يخلق الله الإنسان خلق أولاً كل شيء لتهيئة بيئة صالحة للإنسان كي يحيا فيها. لذلك يمكننا أن نرى أنها مشيئة الله أن يجعلنا نعيش على الأرض. بالإضافة إلى ذلك، يجعلنا الرب في الصلاة الربانية نصلّي إلى الله أن يجيء ملكوته إلى الأرض. وقد جاءت نبوءة عن ذلك في سفر الرؤيا: "قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ ٱلْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ" (رؤيا 11: 15). و"مَسْكَنُ ٱللهِ مَعَ ٱلنَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ" (رؤيا 21: 3). يمكننا أن نرى من خلال هذه السطور من الكتاب المقدس ومن هذه النبوءة أن المكان الذي يعدّه الله لنا هو على الأرض، وأن مقصدنا النهائي في المستقبل هو على الأرض وليس في السماء..." وهكذا مضت شركة الأخت "لِي" على عكس تصوراتي تمامًا. لم أستمع ببساطة إلى ما قالته. وقفت وقلت لها غاضبةً: "توقفي عن الكلام! كنت على مر السنين أركض، وأُنفق، وأتألم من أجل الرب حتى أتمكَّن من الصعود إلى السماء! وكنت أتطلَّع طوال الوقت إلى الرب كيما يعيدني إلى البيت السماوي، حتى لا أعود أتألَّم على الأرض. تقولين إن مقصدنا النهائي هو على الأرض. لا يمكنني أن أقبل هذا قبول هذا الأمر". وبعد أن قلت هذا استدرت لأغادر. هرعت أختي الصغرى إليّ لمحاولة التحدّث معي: "أيتها الأخت، كيف يمكنكِ أن تكوني عنيدةً إلى هذا الحد؟ هل وجهة النظر التي تتمسَّكين بها صحيحة؟ يقول الرب: "أَنَا أَمْضِي لِأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا،" أنت لا تعرفين المعنى الحقيقي لهذه الكلمات، وتتشبثين بأفكارِك. أليس ذلك حُمقًا؟ ليس هذا هو الموقف الذي ينبغي أن يكون عليه الأشخاص الذين يسعون إلى الحق! لقد رجع بالفعل الرب يسوع الذي نتطلع إليه، والله القدير هو الرب يسوع العائد! هذا الكتاب الذي أعطيتِك إياه لتقرئيه هو أقول الله الشخصية وكلماته! لقد رجع الآن الرب الذي قد انتظرناه كل يوم أن يجيء ليأخذنا. يجب علينا أن نستمع استماعًا ممعنًا. ويجب علينا من غير ريبةٍ ألَّا نُفسِدُ هذه الفرصة النادرة للغاية!"

لقد دُهشت عندما سمعت أختي تقول هذا الكلام. ولم أستطع ببساطة أن أجرؤ على تصديق ما سمعت لتوي: لقد رجع الرب؟ هل هذا صحيح؟ ثم قالت أختي: "أولستِ أنتِ مَن قلتِ من قبل أن كلمات هذا الكتاب مصدرها الروح القدس؟ عندما قرأتِهِ، شعرتِ أنكِ قد زُوّدتِ بالكثير، ونِلتِ عمل الروح القدس، وزادت علاقتك بالرب تقرّبًا. فكَّري الآن في الأمر: بصرف النظر عن كلمة الرب، مَنْ أيضًا يتحدَّث بطريقةٍ تحقق هذا النوع من التأثير؟ عاد الرب الآن ليعمل عمله ويعبّر عن كلمات جديدة، ونستطيع أن نستمتع بحلاوة كلمات الله. وإذا لم نسع ونفحص، وإذا تشبثنا فقط بتصوراتنا وأخيلتنا تشبثًا أعمى، وتشبثنا بالمعنى الحرفي للكتاب المقدس دون تحرر، فسوف نُدمِّر أنفسنا في نهاية المطاف. تشبَّث الفريسيون الذين كانوا يتقنون الكتاب المقدس في زمانهم تشبثًا أعمى بكلمات الكتاب المقدس، ولم يحاولوا على الإطلاق أن يتساءلوا عمَّا إذا كان فهمهم للكتاب المقدس صحيحًا أم لا، أو ما إذا كان متوافقًا مع مشيئة الله أم لا؛ وبل بالأحرى ظنوا أن الإنسان الذي لا يُدعى المَسِيَّا لم يكن هو المخلّص الذي كان مزمع أن يجيء، وببساطة لم يبحثوا فيما إذا كان طريق الرب يسوع يمكن أن يشبع حياة الإنسان أم لا، أو ما إذا كان يمكن أن يرشد الإنسان إلى سبيلٍ للتطبيق. لقد تشبثوا تشبثًا عنيدًا بتصوراتهم وأخيلتهم فحسب، ورفضوا خلاص الرب يسوع رفضًا أعمى، وارتكبوا في النهاية الجريمة الشنيعة بتسمير الرب على الصليب. لا يمكن أن نحذو حذو الفريسيين ونسلك سبيلهم في مقاومة الله!" بعد الاستماع إلى كلام أختي فكّرت في نفسي: ما تقوله أختي معقول. كلمة الرب هي الحل الوحيد عندما تكون روح الإنسان ظمآنة. وفكّرت مرة أخرى كيف تحسّنت حالتي الروحية حقًا منذ أن بدأت أقرأ كلمات هذا الكتاب، وكيف قد وهبتني الإيمان بالله، وكيف جعلتني أشعر بأن الله معى؛ بل وشعرت أيضًا أنني فهمت بعض الحقائق. هل من الممكن أن تكون كلمات هذا الكتاب حقًا كانت أقوال عودة الرب؟ عودة الرب هي أمرٌ بالغ الأهمية. لم يكن يجدر بي أن أرفض وأحكم على نحو أعمى، يجب أن أبذل جهدًا في البحث والسعي، ولا يمكن أن أكون مثل الفريسيين الذين لم يسعوا وراء الحق، الذين تشبَّثوا بأفكارهم المقاومة لله! اختلط بداخلي في هذه اللحظة شعورًا بالاندهاش السار والارتعاب. كان اندهاشي السار لأنني آمنت بالرب وتطلَّعت إلى رجوعه حتى يقبلني في ملكوت السماوات، حيث أستطيع أن أعيش حياة خالية من القلق، ولن أحتاج بعد الآن إلى اختبار أوقات عصيبة على الأرض، وسمعت اليوم بشارة رجوع الرب. إنها حقًا لمناسبة هائلة ومُبهِجَة. وقد ارتعبت لأنه إذا كان الله القدير هو الرب العائد، فسوف يتحطَّم حلمي بانتظار الرب، وقبولي في ملكوت السماوات... شعرت بكل أنواع الأحاسيس تمتزج في صميم قلبي، ولم أكن أعرف كيف أشعر. شعرت بالعجز. كل ما استطعت فعله هو التوجه إلى الرب في صلاةٍ: "يا رب! كنت أتطلَّع في كل يوم إلى مجيئك لتحملني إلى بيتك السماوي، لكنهم يقولون إن المكان الذي أعددته لكي أصل إليه في النهاية موجود هنا على الأرض. إنني حقًا عاجزة عن مواجهة هذه الحقيقة. إنني حقًا لا أريد اختبار هذه الأوقات العصيبة على الأرض. آه يا رب! إنني أشعر بهذه المعاناة في قلبي الآن، أرجوك أن تساعدني، وأن ترشدني إلى السبيل الذي أسلكه قُدُمًا". بعد أن صلَّيت، فكَّرت في كلمات الرب يسوع حيث يقول: "طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِٱلرُّوحِ، لِأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ" (متى 5: 3). صحيح! يحب الرب أولئك المساكين بالروح والساعين إلى الحق، ويسمح لهم وحدهم دون سواهم بالدخول إلى ملكوت السماوات. ينبغي لي أن أكون إنسانة مسكينة بالروح. ولن أتوافق مع مشيئة الرب إلا بالاستماع المُمعن إلى شركتهم.

قالت الأخت "لِي" في هذه اللحظة: "قال الرب: "طُوبَى لِلْأَنْقِيَاءِ ٱلْقَلْبِ، لِأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ ٱللهَ"(متى 5: 8). يجب أن نستمع إلى كلمة الرب، ونتصرَّف كأشخاصٍ أنقياء القلب، بينما نُرحّب بعودة الرب. ومع أن عمل الله الذي يعمله اليوم لا يوافق تصوراتنا وأخيلتنا، إلا أن كل شيء يعمله الله خير، وكلّه لصالح الإنسان، ومن بينه مشيئة الله، حيث يمكن السعي إلى الحق. وإذا لم نفهمها تمامًا، فيجب علينا أولًا أن نُنحّي أنفسنا جانبًا وأن نبذل جهدًا في السعي إلى الحق، حتى نستطيع نوال استنارة الله وإدراك مشيئته. يا أختاه، افتحي قلبكِ وتحدَّثي عن الأمور التي ما زلتِ لا تفهمينها، ويُمكننا طلبها معًا من خلال الشركة". شعرت أن ما قالته لي الأخت "لِي" كان منطقيًا، يجب عليّ أن أهدأ وأسعى، لذلك، قُلت: "أختاه، هناك أمر واحد لا أفهمه. لماذا لا يكون مقصدنا النهائي في السماء بل هنا على الأرض؟" فتحت الأخت "لِي" يوحنا 3: 13: "وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ إِلَّا ٱلَّذِي نَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ، ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ ٱلَّذِي هُوَ فِي ٱلسَّمَاءِ". وإشعياء 66: 1 "ٱلسَّمَاوَاتُ كُرْسِيِّي، وَٱلْأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ". وأعطتني هاتين الفقرتين لأقرأهما. ثم شاركتني معنى هاتين الفقرتين. وشعرت من خلال شركة الأخت أن ذهني أدرك الأمر إدراكًا واضحًا فجأةً. وعرفت أيضًا أن هاتين الفقرتين من الكتاب المقدس، فلماذا لم أتأمَّل فيهما من قبل؟ يقول الرب قولًا واضحًا أنه باستثناء ابن الإنسان الذي نزل من السماء لا يمكن لأي إنسان أن يصعد إلى السماء، لأن السماء هي عرش الله، والأرض هي موطئ قدميه، فكيف يمكن لإنسانٍ أن يستحق الصعود إلى السماء؟ لقد خلق الله الإنسان على الأرض، وجعله يعيش على الأرض. ومن يوم أن خلق الله الإنسان، سكن الإنسان الأرض جيلًا بعد جيلٍ، وزاد عدد الناس تدريجيًا. وكان كل العمل الذي تمَّمه الله لخلاص الإنسان قد قام به أيضًا على الأرض. وقد سبق وعيَّن الله هذا الأمر منذ زمن بعيد، وهو أمر لا يستطيع أي إنسان تغييره. ثم أقامت أخت شركة حول الكتاب المقدس، حول كيف قال الرب إنه سوف يعد مكانًا لنا. لقد أوضحت أن هذا يعني ظهور الله المتجسد وعمله على الأرض في الأيام الأخيرة، وأنه كان قد قدّر مسبقًا أننا سنولد في الأيام الأخيرة، وأننا سوف نسمع صوت الله، وأننا سنُرفع أمام عرش الله، ونقبل دينونة الله وتطهير الأيام الأخيرة، وأخيرًا نُقاد إلى ملكوت الله. هذا هو المعنى الحقيقي للكلمات القائلة: "حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا" (يوحنا 14: 3). يبدو أن ملكوت الله موجود بالفعل على الأرض، وأن المقصد النهائي للبشرية على الأرض وليس في السماء! لقد كنت أعيش طوال هذا الوقت داخل تصوراتي وأخيلتي، وحددت أن الله سيرجع ليأخذني لكي أحيا في السماء، إلّا أن هذا لا يتفق في الحقيقة مع مشيئة الرب، كما أنه لا يتفق مع الحقائق! وقد ظللت، مع ذلك، غير راغبة في أن أحيا هذا النوع من الحياة على الأرض، حيث أصابني الشيطان. وبعد ذلك بقليل، شرحت الأفكار التي كانت لدي للأخت "لِي".

بعد أن استمعت لي، فتحت الأخت "لِي" كتاب "الكلمة يظهر في الجسد"، وقرأت لي فِقرةً من كلمة الله القدير: "الحياة في الراحة هي حياة بدون حرب، وبدون دَنَس، وبدون إصرار على الإثم. وهذا يعني أنها تخلو من مضايقة الشيطان (هنا يشير "الشيطان" إلى القوى المعادية)، وفساد الشيطان، وكذلك غزو أي قوة معارضة لله. كل شيء يتبع نوعه الخاص ويعبد رب الخليقة. إن السماء والأرض هادئتان تمامًا. هذه حياة الإنسانية المريحة. ... بعد أن يدخل الله والإنسان الراحة، لن يكون للشيطان من وجود فيما بعد، ومثل الشيطان، لن يكون لهؤلاء الأشرار من وجود أيضًا. قبل أن يدخل الله والإنسان الراحة، فإن هؤلاء الأشخاص الأشرار الذين اضطهدوا الله على الأرض والأعداء الذين عصوه على الأرض سيكونون قد دُمروا بالفعل؛ سيكونون قد دُمروا بسبب الكوارث العظيمة في الأيام الأخيرة. وبعد تدمير هؤلاء الأشرار تمامًا، فلن تعرف الأرض أبدًا مرة أخرى مضايقات الشيطان. وستنال البشرية الخلاص الكامل، وعندها فقط ينتهي عمل الله كليًا. هذه هي الشروط الأساسية لدخول الله والإنسان الراحة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الله والإنسان سيدخلان الراحة معًا).

من خلال قراءة كلمات الله القدير، أدركت أنه برُغم استمرار حياتنا على الأرض في المستقبل، إلّا أنه بمجرد أن يتمّم الله مرحلة عمله النهائية في خلاص البشرية، سيُدمَّر الشيطان، ولن يزعج الشيطان حياتنا على الأرض مرة أخرى، ولن نقلق أو نتعب، أو نذرف الدموع، أو نتنهَّد. وسيكون الحال تمامًا مثلما كان في الزمن الذي فيه آدم وحواء في جنة عدن. سنكون أحرارًا في عبادة الله، نعيش حياة جميلة ومُباركة حيث يكون الله مع الإنسان. هذا هو المقصد النهائي للبشرية، وهذا هو الأمر الأخير الذي سيتمّمه الله في عمله في الأيام الأخيرة. إنه لأمر عظيم حقًا! في تلك اللحظة، تنهَّدت: "مَنْ يستطيع الحديث بهذه الطريقة الواضحة عن المقصد النهائي للبشرية؟ مَنْ يستطيع إعداد نهاية البشرية؟ لا يستطيع القيام بهذا إلا الله!" لقد تعرَّفت على صوت الله في كلمة الله، ورأيت أن عمل الله القدير هو ظهور الله ليتمِّم العمل! وقد تخلَّصت في النهاية من التصورات التي في ذهني، وقبلت بكل سرورٍ عمل الله القدير في الأيام الأخيرة، عائدةً أمام عرش الله. كل المجد لله القدير!

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

صحوة مسيحي روحيًا

بقلم لينجوُو – اليابان إنني طفل من جيل الثمانينيات، وولِدت في أسرة مزارعين عادية. كان أخي الأكبر دائمًا معتل الصحة ومريضًا منذ أن كان...

وجدتُ السبيل إلى ملكوت السموات

يقول الله القدير، "حين أتى يسوع إلى عالم البشر، جاء بعصر النعمة واختتم عصر الناموس. أثناء الأيام الأخيرة، صار الله جسدًا مرةً أخرى، وحين...