لم أعد أجد صعوبة في التعاون بشكل جيد
على مدار السنوات القليلة الماضية، كنت أسقي القادمين الجدد من إحدى الدول الأجنبية في الكنيسة. وبما أنني كنت أمتلك خبرة في أعمال السقاية وأتحدث القليل من لغتهم، فقد كان الإخوة والأخوات يطلبون مني المساعدة في أحيان كثيرة عندما يواجهون مشكلات تتعلق بسقاية القادمين الجدد، وعادةً ما كانوا يقبلون اقتراحاتي. وأحيانًا، كان الإخوة والأخوات لا يعرفون كيفية حل بعض مشكلات القادمين الجدد، ولكنني كنت أتمكن من حلها بسهولة. لذلك، اعتقدت أن مستوى قدراتي جيد وقدراتي في العمل فوق المتوسط. وسرعان ما انتُخبت بصفتي مشرفة وتوليت مسؤولية الترتيب واتخاذ القرارات النهائية بشأن المسائل الصغيرة والكبيرة في عمل السقاية. لقد استمتعت بهذا الشعور كثيرًا.
لاحقًا، ومع ازدياد عدد القادمين الجدد الذين كانوا بحاجة إلى السقاية، رتبت الكنيسة لأن تتعاون معي إحدى الأخوات تدعى إيميلي وتتقاسم مسؤولية العمل. ناقشت إيميلي خلال اجتماعنا الأول أفكارها وآراءها حول المشكلات القائمة في عمل السقاية. اتفق جميع الإخوة والأخوات معها، لكنني شعرت بعدم الارتياح. لم أكن أتوقع ذلك؛ فعلى الرغم من قيام إيميلي بهذا الواجب لفترة قصيرة، فإنها كانت نافذة البصيرة فيما يتعلق بالأمور المهنية. كان الجميع يستمع إليّ أثناء المناقشات قبل انضمامها إلينا، لكنها الآن ظهرت وسرقت مني الأضواء. في المستقبل، وبمجرد أن تقضي وقتًا طويلًا مع الإخوة والأخوات، مظهِرةً المزيد من مواطن قوتها ومزاياها، فسيعلي الجميع من قدرها بالتأكيد، مما سيعرّض مكانتي للخطر داخل المجموعة. وكلما استغرقت في التفكير في هذا الأمر، زاد قلقي. في أحد الأيام، استعرض القائد العمل معنا نحن الاثنتين. ولاحظ أن القادمين الجدد الذين سقتهم إيميلي كانوا يجتمعون بشكل طبيعي إلى حد ما، وكان أكثرهم يقومون بواجباتهم، بينما لم يكن الكثير من القادمين الجدد الذين سقيتُهم يجتمعون بشكل طبيعي، وكان القليل منهم يقومون بواجباتهم. وعندما رأى القائد هذا الوضع، طلب مني إسناد بعض الأعمال التي كنت مسؤولة عنها إلى إيميلي. عندما بلغني هذا، شعرت بمقاومة ساحقة في قلبي، وفكرت: "على الرغم من أن نتائج العمل الذي أتولى مسؤوليته ليست جيدة جدًّا، إذا بذلت المزيد من الجهد فحسب، فستشهد هذه المشكلات كلها تحسّنًا وستُحل عاجلًا أم آجلًا. لماذا يجب عليَّ إسناد عملي إلى إيميلي؟ لو علم الإخوة والأخوات بهذا الأمر، فماذا سيظنون بي؟ سيعتقدون بالتأكيد أن قدراتي في العمل ليست بالمستوى المطلوب. كيف يمكنني البقاء في المجموعة بعد ذلك؟ علاوة على ذلك، إذا انخرطت إيميلي في العمل الذي أتولّى مسؤوليته وبدأ الجميع في الاستماع إليها، فمن سيستمع إليّ؟ ألن يحولني ذلك من مشرفة إلى رئيسة شكليّة؟". لكن القائد كان قد اتخذ هذا الترتيب بالفعل ولم أستطع رفضه بشكل مباشر، لذا، على مضض أوكلتُ بعض المهام الأقل أهمية إلى إيميلي. لم أكن أبادر إلى لقائها في المعتاد لمناقشة العمل، وأحيانًا عندما كانت ترسل لي رسائل، لم أكن أرغب في الرد عليها بعد قراءتها.
بعد فترة وجيزة، علمت أن أخًا لي يُدعى هانتر يمرّ بحالة سيئة، فاستعددت لدعمه ومساعدته، ولكن بشكل غير متوقع، أخبرتني إيميلي أنها قد عقدت الشركة مع هانتر بالفعل. انزعجتُ قليلًا، وقلت لنفسي: "لطالما كنتُ أنا التي تعقد الشركة مع هانتر، والآن ذهبتِ وعقدتِ الشركة معه دون أن تذكري لي ذلك؛ أليس من الواضح أنكِ تحاولين منافستي؟". لا سيًّما عندما قال هانتر خلال أحد الاجتماعات أن شركة إيميلي كانت ذات نفع كبير له وساعدته على اكتساب بعض الفهم لشخصيته الفاسدة، أشعرني ذلك بعدم الارتياح الشديد. فكرت: "ذكر هانتر ذات مرة أن شركاتي تحتوي على الكثير من التعاليم، بينما هو الآن معجب بإيميلي لأنها أوضحت مشكلاته في شركتها. إذا استمرت الأمور على هذا النحو، ألن يكون من الجليّ أيّنا أفضل؟ سيعتقد الجميع بالتأكيد أن إيميلي تفهم الحق وتمتلك الواقع، وسينظرون إليها بمزيد من التقدير في المستقبل. ألن يعرّض ذلك مكانتي في المجموعة للخطر؟". ومنذ ذلك الحين، رأيت أن إيميلي تشكّل أكبر تهديد لي. أصبحتُ شديدة الحرص على العمل الذي توليت مسؤوليته بشكل مباشر، ولم أمنحها أي فرص للمشاركة. كان القائد يطلب منا عادةً أن نناقش العمل معًا، لكنني كنت غير راغبة في إشراكها، إذ شعرتُ أن ذلك سيكون مُهينًا وسيظهرني بمظهر غير الكفؤ. ألم أكن أدير هذا العمل بشكل جيد من دونها؟ لذا، اختلقتُ الأعذار ورفضتُ مشاركتها، وكنت أخبر القائد بأنني قد تعاملت مع الأمور بالفعل، أو أن المشكلات لم تكن بهذا التعقيد وتمكنت من حلها بمفردي، وأن مناقشة المسائل باستفاضة مع إيميلي سيبطئ الأمور فحسب، وما إلى ذلك. اختلقتُ كل أنواع الأعذار لإقصائها عن عملي. وفي إحدى المرات، كنت قد فرغتُ للتوّ من الحديث مع أخت تدعى جوان عن وضعها في العمل، عندما ذهبت إيميلي لسؤالها عن نفس الشيء. شعرت جوان بالانزعاج بعض الشيء، قائلةً إن التواصل المتكرر حول العمل بدا وكأنه مضيعة للوقت. كنت أعلم جيدًا أن السبب في ذلك هو أنني لم أتواصل بشكل صحيح مع إيميلي مسبقًا، ولكن بدلًا من التأمل في مشكلتي، ابتهجت في سرّي وقلت لنفسي: "بالضبط! إن إشراك إيميلي أمر زائد عن الحاجة بالفعل. لو كرهها الجميع، فلن تعود تهديدًا لمكانتي". لذا، سايرتُ جوان وقلت: "إنه حقًّا يعيق الأمور بعض الشيء". أثناء مناقشات العمل، عندما اقترح بعض الإخوة والأخوات مشاركة إيميلي، لم يكن أمامي خيار سوى الموافقة لحفظ ماء الوجه. لكن في قرارة نفسي، كنت غير راغبة في ذلك بشدة. فكرتُ: "إيميلي، إيميلي! الآن هي الوحيدة التي تهتمون بها. هل من المستحيل مواصلة العمل من دونها؟ قبل أن تنضم إلينا، كنت أنا من يتخذ القرارات، ولم يتأخر العمل إطلاقًا!". وكلما سمعتُ الإخوة والأخوات يذكرون اسم إيميلي، ازدادت حساسيتي بشكل خاص، وتساءلت عما إذا كانوا جميعًا يقدّرونها كثيرًا. وكنت أصبح حذرة حالما كانت توجد في الجوار، مثل القنفذ الذي يرفع أشواكه لأعلى، مستعدةً للدفاع عن مكانتي في أي لحظة. ونظرًا لجهودي في إعاقتها، لم تتمكن إيميلي من الاندماج في العمل إطلاقًا ولم تعرف إطلاقًا كيف تتعاون معي، مما أشعرها بالضيق الشديد. أدركتُ أن حالتها السيئة لها علاقة كبيرة بي، وشعرت بوخز من الذنب. ومع ذلك، قلت لنفسي: "إذا كنتِ لا تستطيعين الاندماج، فابتعدي عن عملي. سيكون من اللطيف أن يقوم كل منا بعمله الخاص ولا يتدخل في عمل الآخر". حتى أنني تمنيت أن يهيئ الله الظروف لإعادة تكليف إيميلي في مكان آخر كي أنعم براحة البال. لقد عشت خلال ذلك الوقت في حالة من المقاومة والإقصاء تجاه إيميلي، وكثيرًا ما كنت أشعر بالاهتياج والتعب بشكل غير مفهوم. أصبحت أكثر سلبية، وغدا قلبي أكثر قتامةً. فصلَّيت إلى الله: "يا إلهي، منذ أن بدأت التعاون مع إيميلي، دائمًا ما أردت أن أتنافس معها وخشيت من أنها قد تتفوق عليَّ. أعلم أن هذه الحالة خاطئة، لكنني لا أستطيع أن أنفذ إلى جوهر مشكلتي. أرجوك أنرني حتى أتمكن من فهم ذاتي".
وفي أحد الأيام، قرأت فقرةً من كلمات الله التي كشفت أضداد المسيح، واكتسبت بعض الفهم عن ذاتي. يقول الله القدير: "إن إحدى السمات الأكثر وضوحًا لجوهر أضداد المسيح، أنهم مثل الطغاة الذين يديرون حكمهم الاستبدادي: إنهم لا يستمعون إلى أي شخص، وينظرون إلى الجميع بازدراء، وبغض النظر عن نقاط القوة لدى الناس، أو ما يقولونه ويفعلونه، أو ما لديهم من أفكار وآراء، فإنهم لا يأبهون بذلك؛ وكأن لا أحد مؤهلًا للعمل معهم أو المشاركة في أي شيء يفعلونه. وهذا هو نوع شخصية ضد المسيح. يقول بعض الناس إن هذه إنسانية ضعيفة. كيف يمكن أن تكون هذه مجرد إنسانية ضعيفة؟ هذه شخصية شيطانية صارخة. هذا النوع من الشخصيات شرس للغاية. لماذا أقول إن شخصياتهم شرسة للغاية؟ يعتقد أضداد المسيح أن مصالح بيت الله والكنيسة ملكهم بالكامل، كممتلكات شخصية يجب أن يديروها بمفردهم تمامًا، دون تدخل من أي شخص آخر. الأشياء الوحيدة التي يفكرون فيها عند قيامهم بعمل الكنيسة هي مكانتهم الخاصة وصورتهم. فهم لا يسمحون لأي شخص بإلحاق الضرر بمصالحهم، ناهيك عن السماح لأي شخص لديه المقدرة ويستطيع التحدث عن اختباراته وشهاداته، بتهديد وضعهم وهيبتهم. وهكذا، فإنهم يحاولون التقليل من شأن أولئك القادرين على التحدث عن الاختبارات والشهادة، والذين يمكنهم الشركة عن الحق وتوفير القوت لمختاري الله، وكذلك يستبعدونهم كمنافسين، ويحاولون جاهدين عزلهم عن أي شخص آخر، لجر أسمائهم في الوحل، من أجل إسقاطهم. عندئذٍ فقط سيشعر أضداد المسيح بالسلام. ... في الواقع، هؤلاء الأشخاص جميعًا لديهم نقاط قوية، فهم جميعًا أشخاص يحبون الحقيقة، ويستحقون الرعاية. لا توجد فيهم سوى عيوب طفيفة، وظهور عرضي للشخصية الفاسدة، ولديهم جميعًا إنسانية جيدة نسبيًا. إنهم مناسبون بشكل عام لأداء واجب، ويتوافقون مع مبادئ أولئك الذين يؤدون واجبًا. لكن أضداد المسيح يفكرون في أنفسهم: "لن أتحمَّل هذا بأي شكل كان. تريد أن يكون لك دور داخل نطاقي، لتنافسني. هذا مستحيل، حذارِ أن تفكر في هذا. أنت أكثر قدرة مني، وأكثر فصاحة مني، وأكثر تعليمًا مني، وأكثر شعبية مني. هل تريدني أن أعمل معك جنبًا إلى جنب؟ ماذا أفعل إذا سرقت مني الأضواء؟" هل يفكرون في مصلحة بيت الله؟ كلا" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند الثامن: يجعلون الآخرين يطيعونهم دون غيرهم، ولا يطيعون الحقَّ ولا الله (الجزء الأول)]. يكشف الله أن أضداد المسيح يولون أهمية خاصة للمكانة والسُّلطة، ولا يسمحون لأحد بالإضرار بمصالحهم. وإن رأوا شخصًا أفضل منهم يهدد مكانتهم، فإنهم يقمعون هذا الشخص ويقصونه. وبمقارنة ذلك بسلوكي، أدركت أنني كنت أتصرف تمامًا مثل ضد المسيح. عندما رأيتُ أن إيميلي لم تكن تعقد الشركة عن الحق فحسب وكانت تحل المشكلات أفضل مني، بل كانت أيضًا تتمتع بنفاذ بصيرة فيما يتعلق بمهنتنا، فخشيتُ أن يمنعني التعاون معها من التباهي بنفسي. لذلك، أقصيتها ورفضت السماح لها بالمشاركة في عملي، كل ذلك لحماية مكانتي وتجنّب الاضطرار إلى توزيع سلطتي. رتب القائد لي ولإيميلي أن نتقاسم العمل ونتعاون معًا، وهو ما جرى في ضوء نتائج أعمال السقاية. غير أنني قاومت ذلك في قلبي. حتى وإن وافقتُ على مضض على إشراكها، فإنني لم أكلفها إلا ببعض المهام الأقل أهمية، خوفًا من أن أفقد مكانتي في المجموعة إذا استمع الجميع إليها. عندما ساءت حالة هانتر، سارعت إيميلي إلى عقد الشركة معه لحل المشكلة، وبدلًا من أن يسعدني ذلك، اختلقتُ كل أنواع الأعذار لقمعها من أجل حماية مكانتي، ومنعها من الانخراط في العمل الذي توليت مسؤوليته. وعندما عبرت جوان عن انتقادها لإيميلي، ابتهجتُ سرًّا، وتمنيتُ أن يتحيّز الجميع ضدها حتى لا تُشكّل تهديدًا لمكانتي. وبسبب إقصائي، لم تتمكن إيميلي من المشاركة في العمل الذي توليتُ مسؤوليته مما أثّر على حالتها. لم أتأمل في ذاتي، بل تمنيت أن ترحل على الفور. لقد كنت استبدادية للغاية، ولدي رغبة شديدة في المكانة. ولأحافظ على مكانتي وسلطتي، أقصيتُ إيميلي وقمعتها في كل ما كنت أفعله دون مراعاة لعمل الكنيسة على الإطلاق. كنت حقًّا في غاية الأنانية والدناءة، وكنت عديمة الإنسانية. لقد كان سلوكي هو المظهر الدقيق لشخصية ضد المسيح!
لاحقًا، قرأتُ فقرة أخرى من كلمات الله مما ساعدني على اكتساب بعض الفهم حول عواقب أفعالي. تقول كلمات الله: "عندما يكون للناس شخصيات شيطانية، يمكنهم التمرد ضد الله ومقاومته في أي وقت وفي أي مكان. يمكن للأشخاص الذين يعيشون وفقًا لشخصيات شيطانية إنكار الله ومقاومته وخيانته في أي وقت. إن أضداد المسيح أغبياء، فهم لا يدركون ذلك، بل يفكرون: "لقد واجهت صعوبة كافية في نيل قوتي، فلماذا أشاركها مع أي شخص آخر؟ إعطائها للآخرين يعني أنني لن أمتلك أيًّا منها لنفسي، أليس كذلك؟ كيف يمكنني إظهار مواهبي وقدراتي من دون قوة؟" إنهم لا يعرفون أن ما أوكله الله للناس ليس السُلطة أو المكانة، بل الواجب. إنهم لا يقبلون سوى السُلطة والمكانة، وينحون واجباتهم جانبًا، ولا يقومون بعمل عملي، بل يسعون وراء الشهرة والمكانة ويتمتعون بمنافع المكانة. إن القيام بالأشياء بهذه الطريقة أمر خطير للغاية – وهكذا تكون مقاومة الله! أي شخص يسعى وراء الشهرة والمكانة بدلاً من أداء واجبه على نحوٍ صحيح يلعب بالنار ويعبث بحياته. أولئك الذين يلعبون بالنار ويعبثون بحياتهم يمكن أن يُهلكوا أنفسهم في أي لحظة. اليوم، كقائد أو عامل، أنت تخدم الله، وهذا ليس بالأمر العادي. أنت لا تفعل أشياء لصالح شخص ما، ناهيك عن العمل من أجل دفع الفواتير ووضع الطعام على الطاولة، بل أنت تؤدي واجبك في الكنيسة. وبالنظر، على وجه الخصوص، إلى أن هذا الواجب قد أوكله إليك الله، فما مغزى القيام به؟ أنت مسؤول أمام الله عن واجبك، سواء قمت به بشكل جيد أم لا؛ ففي النهاية، يجب تقديم حساب إلى الله، ويجب أن تكون هناك عاقبة. ما قبلته هو إرسالية الله، وهي مسؤولية مقدَّسة، لذا مهما زادت أهميتها أو قلت، فهي عمل جاد. ما مدى جدية ذلك؟ إنها تتعلق مباشرة بمستقبلك ومصيرك، وبنهايتك؛ إذا ارتكبت الشر وقاومت الله، فستدان وتُعاقب. يسجل الله كل ما تفعله عندما تؤدي واجبك، ولله مبادئه ومعاييره الخاصة بكيفية تسجيله وتقييمه؛ يحدد الله نهايتك بناءً على كل ما تظهره أثناء قيامك بواجبك" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند الثامن: يجعلون الآخرين يطيعونهم دون غيرهم، ولا يطيعون الحقَّ ولا الله (الجزء الأول)]. تشرح كلمات الله بوضوح عواقب سعي أضداد المسيح وراء المكانة. إن أضداد المسيح لا يسعون إلى الحق، بل يسعون فحسب وراء السمعة والمكانة؛ هم يقدِّمون بالسلطة والمكانة على كل شيء، ويتشبثون بالسلطة ويرفضون التخلي عنها، ويريدون أن يكونوا السلطة الوحيدة ولا يسمحون لأي شخص آخر بالمشاركة في عملهم. وفي النهاية، يُكشف أمرهم ويُستبعدون لمقاومتهم الله. وإذ كنت أفكر في نفسي، بعد أن انتُخبت بصفتي المشرفة على عمل السقاية، كنت أتخذ كل القرارات في كل ما يتعلق بأمور العمل الصغيرة والكبيرة. كان الجميع يأتونني يسألون عن مشكلاتهم ويستمعون إليّ، واستمتعت بشكل خاص بهذا الشعور بأنني صانعة قرار. لاحظت بعد انضمام إيميلي إلينا أنها كانت أكثر تميّزًا مني في العديد من المجالات. كنت قلقة من أن يبدأ الجميع في اللجوء إليها بمشكلاتهم، مما يُفقدني قدرتي على التعبير عن رأيي واتخاذ القرار بينهم، ولذلك أقصيتها بكل الطرق الممكنة. سواء كان القائد يطلب مني تقسيم العمل والتعاون معها، أو كان الإخوة والأخوات يريدون مشاركتها في مناقشات العمل، فقد قاومت ذلك في قلبي. أنا حتى اختلقت أعذارًا لإبعادها، غير سامحة لها بالمشاركة في العمل، وراغبة في الهيمنة على المجموعة، حتى لا يستمع إلَّا إليّ الإخوة والأخوات عندما تواجههم مشكلات. لقد كلفتني الكنيسة بمثل هذا الواجب المهم، ومع ذلك لم أفكر قطّ في كيفية القيام بهذا العمل بشكل جيد. وبدلًا من ذلك، أمضيت كل وقتي في التفكير في كيفية عدم تفوّق إيميلي عليَّ وكيفية الحفاظ على مكانتي. كانت رغبتي في السمعة والمكانة قوية للغاية. يقول الله: "أي شخص يسعى وراء الشهرة والمكانة بدلاً من أداء واجبه على نحوٍ صحيح يلعب بالنار ويعبث بحياته. أولئك الذين يلعبون بالنار ويعبثون بحياتهم يمكن أن يُهلكوا أنفسهم في أي لحظة" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند الثامن: يجعلون الآخرين يطيعونهم دون غيرهم، ولا يطيعون الحقَّ ولا الله (الجزء الأول)]. عندما قرأت كلمات الله، انتابني خوف شديد بشكل خاص، وأدركت أن شخصية الله بارّة ولا تتسامح مع الإساءة إليها. إذا كنت قد واصلتُ السعي وراء الشهرة والربح والمكانة دون توبة واستمررت في إقصاء إيميلي ومهاجمتها، لم يكن من الممكن أن ينتهي بي الأمر إلا بالإساءة إلى شخصية الله وأن يُكشف أمري وأُستبعد. فكرت أيضًا في أضداد المسيح الذين طُردوا من الكنيسة. عندما كان يوجد مَن هو أفضل منهم ويشكّل تهديدًا لمكانتهم، كانوا يعدّون ذلك الشخص عدوًّا لهم ويستخدمون مختلف الوسائل الدنيئة لقمعه وإقصائه وتعذيبه وتحقيق هدفهم في الانفراد بالسلطة. وفي النهاية طُردوا من الكنيسة بسبب أعمالهم الشريرة الكثيرة. وبالمثل، فإن الحزب الشيوعي الصيني، من أجل توطيد نظامه، يرغب باستماتة في أن يخضع له الجميع. إنه لا يرحم أولئك الذين يمكن أن يشكّلوا تهديدًا لمكانته، ويريد القضاء عليهم تمامًا، ويحاول الحفاظ على المكانة والسلطة في قبضته إلى الأبد. وبالنظر إلى نفسي، هل كانت أفعالي لتعزيز مكانتي من خلال إقصاء إيميلي تختلف بأي حال من الأحوال في طبيعتها عن تلك التي قام بها أضداد المسيح والتنين العظيم الأحمر؟ لقد أخافني هذا الإدراك، وصليت إلى الله في توبة، سائلةً إياه أن يرشدني لحل مشكلاتي.
بعد أيام قلائل، صدر تحذير مفاجئ بإعصار في منطقة إيميلي. خلال اجتماعنا قبل أن يضرب الإعصار، شعرتْ بتأثر عميق، وقالت: "عندما تقع كارثة، أشعر أن فرصة القيام بواجبي ثمينة للغاية. لكنني لم أغتنم هذه الفرصة أو أبذل قصارى جهدي لإرضاء الله. ..." عندما سمعت ذلك، شعرت بتأنيب شديد للذات. خلال هذا الوقت، كنت أتنافس مع إيميلي على الشهرة والربح، وأقصيتها بكل الطرق للحفاظ على مكانتي ولم أتعاون معها بشكل صحيح أو أقوم بواجبي بشكل جيد. وشعرت فجأة بالأسف لكل من إيميلي والله. فصلّيت بصمت إلى الله في قلبي: "يا إلهي، إذا لم تتح لي فرصة أخرى للتعاون مع إيميلي في المستقبل، فلن يبقى لي سوى الندم. لو أمكنني البدء من جديد، لاغتنمت الفرصة للتعاون معها بشكل صحيح". بعد ظُهر ذلك اليوم، علمت أن الإعصار قد مرّ، وأن منطقة إيميلي لم تتأثر. وشكرت الله باستمرار على حمايته.
بعد ذلك، صليت إلى الله، وطلبت طريقًا للممارسة والدخول. قرأت كلمات الله التي تقول: "مهما كان الاتجاه أو الهدف من سعيك، إذا لم تفكر مليًّا في السعي وراء المكانة والهيبة، وإذا وجدت أنه من الصعب جدًا أن تطرح هذه الأمور جانبًا، فإنها ستؤثر على دخولك الحياة. ما دام للمكانة موضع في قلبك، فستتحكَّم تمامًا في اتجاه حياتك والأهداف التي تسعى إليها، وتؤثر فيها تأثيرًا كليًا، وفي هذه الحالة سيكون من الصعب جدًا عليك الدخول في واقع الحق، فضلًا عن أنك لن تستطيع تحقيق تغييرات في شخصيتك. ومن البديهي بالطبع أن تتمكن في النهاية من ربح استحسان الله. بالإضافة إلى ذلك، إذا لم تكن قادرًا أبدًا على طرح سعيك وراء المكانة جانبًا، فسيؤثر ذلك على قدرتك على أداء واجبك بطريقة مناسبة، مما سيصعِّب عليك أن تصبح مخلوقًا مقبولًا من الله. لماذا أقول هذا؟ الله لا يكره شيئًا أكثر من سعي الناس وراء المكانة، لأن السعي وراء المكانة هو شخصية شيطانية، وهو مسار خاطئ، شخصية مولودة من فساد الشيطان، وهي الشيء الذي يدينه الله، والشيء عينه الذي يحكم عليه الله ويطهِّره. لا يحتقر الله شيئًا أكثر من سعي الناس وراء المكانة، ومع ذلك فأنت ما زلت تتنافس بعناد شديد على المكانة، وتعتز بها وتحميها بلا كلل، وتحاول دائمًا أن تأخذها لنفسك. ألا يتعارض كل هذا في طبيعته مع الله؟ لم يأمر الله بالمكانة للناس. يمنح الله الناس الحق والطريق والحياة، وفي النهاية يجعلهم يصبحون مخلوقات مقبولة لله، مخلوقات صغيرة وغير مهمة – وليست شخصيات لها مكانة وهيبة ويوقرها الآلاف من الناس" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الثالث)]. بعد قراءة كلمات الله، فهمت أن السعي وراء السمعة والمكانة يتعارض تمامًا مع مقاصد الله. وكلما زاد سعي المرء وراء المكانة، زاد بغض الله له، وزاد ابتعاده عن متطلباته. وفي نهاية المطاف، سيقاومون الله أكثر فأكثر، مما سيدفعه إلى عقابهم واستبعادهم. يجب على الكائن المخلوق الحقيقي أن يخضع بضميرٍ لسيادة الله وأن يقوم بواجبه بطريقة متواضعة لإرضاء الله. هذا هو السعي الذي يجب أن يمتلكه الناس. إن تفضيل الله لي ومنحي الفرصة للتدرب على العمل بصفتي مشرفة كان الهدف منه مساعدتي على القيام بواجبي بشكل صحيح وتسخير مواطن قوتي للقيام بالعمل بشكل جيد. لم يكن الهدف من ذلك هو منحي السلطة، ناهيك عن السماح لي بالسعي وراء السمعة والمكانة. كان يجب أن أتخلّى عن طموحاتي ورغباتي، وأن أتعاون مع إيميلي بشكل صحيح، وأن أقوم بواجبي بشكل جيد.
لاحقًا، قرأت فقرة أخرى من كلمات الله حول كيفية التعاون مع الآخرين: "ماذا تقولون: هل يصعب التعاون مع الآخرين؟ إنه ليس كذلك في الواقع. ويمكنك حتى القول بأنه سهل. لكن لماذا لا يزال الناس يشعرون بأن هذا صعب؟ لأن لديهم شخصيات فاسدة. وبالنسبة إلى أولئك الذين يملكون الإنسانية والضمير والحس، فإن التعاون مع الآخرين سهل نسبيًا، ومن المرجح أن يشعروا أنه شيء بهيج. ونظرًا لأنه ليس من السهل على أي شخص إنجاز الأشياء بمفرده، بصرف النظر عن المجال الذي يشارك فيه أو ما يفعله، فمن الجيد دائمًا وجود شخص يبين الأمور ويقدم المساعدة؛ فهذا أسهل بكثير من أن يعملوا ذلك بأنفسهم. وأيضًا، ثمة حدود لما يمكن لقدرات الناس أن تحققه، أو ما يستطيعون هم أنفسهم أن يختبروه. لا يمكن لأحد أن يتقن كل المهن؛ إذ يستحيل على شخص واحد أن يعرف كل شيء، وأن يتعلم كل شيء، وأن ينجز كل شيء؛ فذلك مستحيل، وينبغي أن يمتلك الجميع مثل هذا المنطق. إذًا، مهما كان ما تفعله، سواء كان مهمًا أم لا، يجب أن يكون هناك دائمًا أحدٌ ما يساعدك ويعطيك إرشادات ونصائح أو يفعل الأشياء بالتعاون معك. هذه هي الطريقة الوحيدة التي تضمن بها أنك ستؤدي الأمور بشكل أصحّ، وتقل أخطاؤك، ويقلّ احتمال انحرافك، وهو أمر جيد" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند الثامن: يجعلون الآخرين يطيعونهم دون غيرهم، ولا يطيعون الحقَّ ولا الله (الجزء الأول)]. يتحدث الله بوضوح شديد عن مغزى التعاون وأهميته. مهما يكن الشخص مقتدرًا، فلا أحد قادر على كل شيء؛ فالجميع يحتاج إلى مساعدة الآخرين. يسمح لنا التعاون بتعويض النقائص التي يعاني منها بعضنا بعضًا وتجنّب الانحراف عن الطريق القويم، مما يعود بالنفع على عمل الكنيسة أيضًا. إن التعاون مع الآخرين والاستماع إلى آرائهم هو أمر يجب أن يفعله الشخص الذي يتمتع بإنسانية وعقل طبيعيين. وإذ تأملتُ ذاتي، فبالرغم من أنني كنتُ المشرفة على عمل السقاية واعتقدت أنني أمتلك بعض الخبرة ومستوى القدرات، وألمُّ بشيء من اللغة الأجنبية، وبدا أنني قادرة على القيام ببعض الأعمال، فكثيرًا ما كنت أقوم بواجبي مستعينة بعقلي وتجربتي، وقلَّما كنت أطلب مبادئ الحق. وبالاعتماد على القليل الذي امتلكته للقيام بالأمور بمفردي، لم يكن منظوري للأمور دقيقًا أو شاملًا دائمًا، وكانت هناك انحرافات متكررة، وكانت نتائج عملي دائمًا متواضعة إلى حد ما. كانت إيميلي، مقارنةً بي، تتفوق عليَّ في مستوى القدرات وفهمت الحق بشكل أفضل. كانت تطلب مبادئ الحق عند مواجهة المشكلات، وكانت تتأمل ذاتها وتفهمها عندما تكشف عن فساد. مواطن قوتها هي بالضبط ما كنت أفتقر إليه. لقد وضع الله شخصًا أفضل مني إلى جانبي ليساعدنا على أن يُكمل بعضنا بعضًا ونقوم بواجباتنا بشكل جيد. لم يكن هذا مفيدًا للعمل الكنسي فحسب، بل لحياتي الخاصة أيضًا. كان الله يُظهر محبته لي. بعد أن فهمت مقصد الله، صليت إليه: "يا إلهي، لطالما شعرت بالغيرة من إيميلي وتنافست معها، بل إنني قمعتها وسخرتُ منها. والآن، أرى أخيرًا أنك رتبت لإيميلي أن تعمل معي لتعويض عيوبي. أشكرك من صميم قلبي. من الآن فصاعدًا، أنا على استعداد للتعاون مع إيميلي بشكل صحيح والقيام بواجبي بشكل جيد، ولن أسعى وراء السمعة والمكانة بعد الآن". بعد ذلك، بادرت إلى مصارحة إيميلي عن كشوفي الفاسدة. وبعد الشركة، شعرتُ بمزيد من الطمأنينة، وصرنا أكثر تقاربًا إلى حد ما. بعد ذلك، عندما كنت أقوم بواجبي، لم أعد أنظر إليها على أنها منافسة، بل مُساعِدة. عندما كنت توجد مشكلات داخل المجموعة، كنت أتواصل معها بشكل استباقي وأناقشها معها. كنا نطلب معًا عندما لم نكن نتمكن من رؤية شيء ما، ونعقد الشركة بشأن بصيرتينا. وهكذا، استطعنا أن نشعر باستنارة الله وإرشاده وتمكّنا من حل بعض المشكلات الحقيقية.
لم يمض وقت طويل حتى أثّر أحد الإخوة على العمل بسبب لامبالاته المستمرة في أداء واجبه، فتوجّب علينا أن نعقد معه الشركة ونعفيه. كنت قلقة من ألا أتمكن من عقد الشركة معه بوضوح وبيان مشكلاته. اعتقدت أن شركة إيميلي عن الحق كانت أكثر إضاءةً من شركتي وفكّرتُ في أن أطلب منها الانضمام إليّ في الشركة. لكنني توجست خيفة، وفكرت: "إذا أخذتُ زمام المبادرة لإشراكها في عملي، ألن يجعلني ذلك أبدو غير كفؤة؟". عندما خطرت لي هذه الفكرة، أدركت أن حالتي خاطئة – لقد كنت أحاول مرة أخرى حماية سمعتي ومكانتي. لذا، صلّيت إلى الله. قرأت كلمات الله التي تقول: "يقطف الناس الثمار في أي شيء يركزون عليه، وحيثما يبذلون الجهد. فإذا ركزتَ دومًا على التعليم فستحصل على التعليم فحسب، وإذا ركزت على تحصيل المكانة والسلطة فقد تكون مكانتك وسلطتك مستقرتين، ولكنك لن تكون قد حصلت على الحق، وسيتم إقصاؤك. وبغض النظر عن الواجب الذي تؤديه، فإن دخول الحياة هو الأمر المهم. لا يمكنك الاسترخاء في هذا الأمر ولا يمكنك الإهمال" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. ستَّة مُؤشِّرات لنمو الحياة). "لا يمكن للناس أن يُبَاركوا أمام الله إلا عندما يتعاونون في تناغم، وكلما اختبر المرء المزيد من هذا، امتلك مزيدًا من الواقع وزاد إشراق السبيل الذي يسلكه، وصار أكثر ارتياحًا من ذي قبل" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. حول التعاون المتناغم). لقد منحتني كلمات الله طريقًا واضحًا للممارسة؛ فالسعي وراء السمعة والمكانة هو طريق لمقاومة الله ولا يمكن أن يؤدي في النهاية إلا إلى الاستبعاد. لم يعد بإمكاني مواصلة القلق بشأن ما إذا كان وضعي آمنًا أم لا وعمّا إذا كان الإخوة والأخوات يقدّرونني أم لا. كان يتعين عليَّ أن أراعي عمل الكنيسة وأقوم بما يعود عليها بالنفع. وإذ أدركتُ ذلك، شعرت بالارتياح، ودعوت إيميلي للانضمام إليّ في الشركة مع ذلك الأخ. وبعد الشركة، اكتسب بعض الفهم حول طبيعة مشكلاته. لقد اختبرتُ أخيرًا متعة التعاون بشكل جيد، وأيضًا السلام والسعادة التي تأتي من الممارسة وفقًا للحق. الشكر لله القدير!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.