اللاعقلانية في التباهي

2025 يناير 18

في يونيو من عام 2020، قبلتُ عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. ومع توقي إلى المزيد من الحقائق، انغمستُ في بهجة قراءة كلام الله ومشاهدة أفلام الإنجيل. وتوصلت تدريجيًّا إلى فهم العديد من أسرار الحق، مثل القصة الحقيقية للكتاب المقدس، وحقيقة إفساد الشيطان للبشرية، وأسرار تجسد الله واسمه، وعمل دينونة الله في الأيام الأخيرة، وما إلى ذلك. تعلّمت أيضًا أن عمل الله الخلاصي في الأيام الأخيرة سينتهي قريبًا، وأن الكوارث الكبرى قد بدأت بالفعل، وأن قبول عمل دينونة الله في الأيام الأخيرة هو السبيل الوحيد للخلاص ودخول ملكوت السموات. ثم نشطت في نشر الإنجيل والشهادة لله لأردّ له محبته. ولاحقًا، كتبتُ مقالة شهادة تجريبية عن كيفية قبولي عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. قرأته إحدى الأخوات وقالت بسعادة: "يا أخي، تتمتع بفهم عظيم وبصيرة ثاقبة للغاية". بعد سماع ذلك، شعرت بالرضا عن نفسي بعض الشيء، معتقدًا أن مستوى قدراتي كان جيدًا جدًّا.

بعد بضعة أشهر، توليت منصب قائد المجموعة وكنت مسؤولًا عن سقاية مجموعة من الإخوة والأخوات. في كل اجتماع، عندما كنت أنتهي من الشركة، أجمع الإخوة والأخوات على أن فهمي كان جيدًا، وأن شركتي كانت مستنيرة للغاية، وأنهم فهموا بعض المسائل التي غُمضت عليهم سابقًا بعد سماع شركتي. ففكرتُ: "لقد قبلت عمل الله مؤخرًا فحسب ويمكنني بالفعل سقاية القادمين الجدد الآخرين، بالإضافة إلى أنني تلقيت أيضًا ثناءً من الإخوة والأخوات. يبدو أنني أتفوق على الآخرين". بعد ذلك، ولكي أحظى بتقدير كبير واعتراف المزيد من الإخوة والأخوات، عملت حتى بجد أكثر من ذي قبل. كنت أعدّ مسبقًا قبل كل اجتماع، وأبحث عن كلام الله والأفلام ذات الصلة بموضوع الاجتماع. كلما وجدت نورًا من شركة في أحد الأفلام، كنت أدوّنها وأعقد بالشركة حولها خلال الاجتماعات. قلت لنفسي: "إذا اكتسب الإخوة والأخوات المزيد من شركاتي، فمن المؤكد أنهم سيزدادون إعجابًا بي ويتطلعون إليّ". ولم يمض وقت طويل حتى اختارني الإخوة والأخوات قائدًا للكنيسة. قلت لنفسي: "إنني بالفعل أفضل من الآخرين؛ فلماذا إذًا يختارني الجميع؟". لقد أُعجبت بنفسي حقًّا. لاحقًا، بلغني من بعض الإخوة والأخوات أنهم تحولوا إلى سلبيين لأنهم كانوا يغارون مني. لم أكن حزينًا لسماع ذلك فحسب، بل كنت في أوْج سعادتي، لأن ذلك أظهر أن فهمي كان جيدًا جدًا بالفعل. عندما سألني الوافدون الجدد الذين سقيتهم ذات مرة عن الواجب الذي كنت أقوم به، كنت أقول بفخر: "أنا قائد الكنيسة الآن". أردت أن أُعلمهم أنني لم أعد مجرد قائد مجموعة عادي، وأنه لا ينبغي أن يعاملوني معاملة الأخ العادي. وخلال فترة عملي بصفتي قائدًا للكنيسة، انشغلت أكثر من ذي قبل. كنت أقرأ كل يوم الكثير من كلام الله وأشاهد أفلام الإنجيل لأجهّز نفسي. وبسبب الاجتماعات والإجابة على أسئلة القادمين الجدد، كثيرًا ما لم أتمكن من تناول الطعام أو الراحة في الوقت المحدد. فشكوتُ قليلًا في قلبي، لكن مع علمي بأن هذا واجبي، إلا أنني مضيت قُدمًا وقمتُ به. خلال الاجتماعات، كثيرًا ما كنت أعقد الشركة مع الإخوة والأخوات حول مدى معاناتي وتجهيزي للحق، وكيف بذلت نفسي لله. لقد ذكرتُ انشغالي بأداء واجبي كل يوم، وكيف أنني لم أتمكن في أحيان كثيرة من تناول الطعام في الوقت المحدد، وما إلى ذلك. ولكنني لم أذكر شكواي قطّ. بعد سماع كل هذا، أُعجب بي الإخوة والأخوات بشدة. لقد أثنوا عليّ لتحملي عبئًا في واجبي وإنجاز ما لم ينجزوه، وأعربوا عن رغبتهم في التعلم مني. شعرتُ بسعادة بالغة عند سماعي ذلك. بعد ذلك، كنت دائمًا ما أعقد الشركة هكذا في الاجتماعات، ولم أكن أريد أن يعتقد الإخوة والأخوات أنني لا أستطيع تحمّل المعاناة. إذا شعروا بمثل هذا الشعور، فلن يحترمني أحد بعد الآن. وتدريجيًّا، بدأ الإخوة والأخوات في الاعتماد عليَّ، ومهما كانت الصعوبات والمشكلات التي واجهتهم في واجباتهم، إلا أنهم قلّما اتكلوا على الله وطلبوا مبادئ الحق، وفضّلوا طلب مساعدتي بدلًا من ذلك.

في إحدى المرات، ولأنني كنت أنظر إلى جهاز الحاسوب والهاتف لفترة طويلة، احمرّت عيناي، وشعرت بحكّة وألم في عينيّ، وكان بصري يتراجع بسرعة، ولم أتمكن من رؤية الأشياء بوضوح. أخبرني أحدهم أن هذه الأعراض خطيرة إلى حد ما، وأنني إذا لم أتلقَّ العلاج على الفور، فمن المحتمل أن أُصاب بالعمى. شعرت بالخوف الشديد آنذاك. كنت سلبيًا إلى حد ما، واشتكيت وفكرت: "إني أعمل بجد في واجبي؛ فلماذا ما زلت أعاني من هذا المرض؟". تأثّر واجبي أيضًا بسبب مشكلة عيني. لاحقًا، أخبرني أحدهم عن علاج منزلي، وتحسنت رؤيتي أخيرًا. ولكنني لم أتحدث خلال الاجتماعات إلا عن جانبي الحسن فحسب، مع التأكيد على أنه مهما كان حجم انشغالي بواجبي ومدى المعاناة التي سببتها مشكلة عيني، إلا أنني لم أتخلّ عن واجبي. بل إنني قلت إن هذه كانت تجربة من الله وتعيّن عليَّ أن أتمسك بشهادتي. ولكن عندما تعلّق الأمر بمواطن ضعفي وقلقي ومخاوفي، وسوء فهمي وشكواي من الله، لم أَنْبِس ببِنتِ شَفَة، لعدم رغبتي في أن يعرف الإخوة والأخوات بمواطن الضعف لديّ أيضًا. بعد الاستماع إلى شركتي، أبدى الإخوة والأخوات جميعًا إعجابهم بي وتطلعهم إليَّ، قائلين إن اختباري كان رائعًا. وقال بعض الإخوة والأخوات أيضًا: "هذا الأخ يمتلك قامة بالفعل. لقد واجه مثل هذا المرض الخطير، ومع ذلك لم يُصاب بحالة من السلبية وكان لا يزال قادرًا على مواصلة القيام بواجبه. لو كنت أنا محلّه، فربما لن أتمكن من فعل الشيء نفسه". بعد سماع هذه الكلمات، شعرت بسعادة غامرة، ولم يسعني إلا أن أفكر: "على الرغم من حداثة سنّي وأنني لا زلت قادمًا جديدًا إلا أن مستوى قدراتي يتفوق على الإخوة والأخوات الآخرين، وأجتهد في السعي وراء الحق أكثر منهم". ولكن بعد انتهاء ذلك الاجتماع، انتابني شعور غريب من الذعر يتعذر تفسيره. كان الأمر مشابهًا تمامًا حينما كنت أفعل شيئًا خاطئًا في طفولتي وأعلم أن والديَّ سيؤدباني. لم أستطع حتى تناول أي شيء، وشعرت بعدم الارتياح الشديد. لم يسعني إلا أن أتأمل في ذاتي، وأفكر: "أكانت تلك الشركة التي قدمتها في الاجتماع في غير محلها؟". عندما فكرت في كيفية عدم شركتي عن ذاتي الحقيقية في الاجتماع وكيف أخفيت مواطن ضعفي، أدركت أن نيتي كانت خاطئة، وشعرت بتأنيب ذاتي شديد.

لاحقًا، قرأت فقرة من كلمات الله: "يرفعون أنفسهم ويشهدون لها، ويفتخرون بأنفسهم، ويحاولون أن يجعلوا الناس ينظرون إليهم بإكبار – البشرية الفاسدة قادرة على أمور كهذه. هكذا يتفاعل الناس بصورة فطرية عندما تسود عليهم طبائعهم الشيطانية، وهذا مألوف لجميع البشرية الفاسدة. كيف يرفع الناس أنفسهم ويشهدون لها عادةً؟ كيف يبلغون ذلك الهدف؟ يشهدون على مقدار ما فعلوا من عمل، وما كابدوا من معاناة، وما بذلوا من أنفسهم، وما دفعوا من ثمن. إنهم يستخدمون تلك الأمور بوصفها رأس المال الذي يرفعون به أنفسهم، والتي تمنحهم مكانة أسمى وأقوى وأكثر رسوخًا في عقول الناس، حتى يجلهم عددٌ أكبر من الناس ويعجبون بهم ويبجلوهم، بل ويكرمونهم ويعبدونهم ويتبعونهم. ولكي يحقق الناس هذا الهدف، يفعلون أشياء عدَّة للشهادة لله في الظاهر، أمّا في الجوهر فيمجدِّون أنفسهم ويشهدون لها. هل التصرُّف على هذا النحو عاقل؟ فهم خارج حدود العقلانية. إنهم لا يخجلون: إنهم يشهدون دون حياء لما قاموا به من أجل الله، وكم قاسوا في سبيله، بل يتباهون حتى بمواهبهم وملكاتهم وخبراتهم ومهاراتهم الخاصة، وأساليبهم الذكية في التصرف، والوسائل التي يستخدمونها كي يتلاعبوا بالناس، وغير ذلك. إن طريقتهم في رفعة ذاتهم والشهادة لها هي التباهي بذواتهم والتقليل من شأن الآخرين. كذلك فإنهم يتقنَّعون ويُموِّهون أنفسهم، فيخفون مواطن ضعفهم، وعيوبهم ونقائصهم عن الناس، بحيث لا يرون سوى ذكائهم. بل إنهم لا يجرؤون على أن يخبروا الناس الآخرين عندما يحدوهم شعور سلبي؛ فهم يفتقرون إلى الشجاعة للمصارحة والشركة معهم، وعندما يرتكبون خطأ، تجدهم يبذلون قصارى جهدهم لإخفائه والتستر عليه. كذلك لا يذكرون مطلقًا الضرر الذي ألحقوه بعمل الكنيسة في معرض قيامهم بواجبهم. لكن عندما يقدمون مساهمة ضئيلة أو يحققون بعض النجاح الضئيل، يسرعون إلى التباهي به، ولا يسعهم الانتظار كي يعرّفوا العالم كله كَمْ أنهم قادرون، وكم هي عظيمة مقدرتهم، وكَمْ هم متميزون، وكَمْ هم أفضل من الناس العاديين. أليست هذه وسيلة لرفعة نفسك والشهادة لها؟" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند الرابع: يُمجِّدون أنفسهم ويشهدون حولها). بعد قراءة كلمات الله، شعرت بقداسة الله وبرّه؛ إنّ الله يمحّص كل شيء ويكشف كل ما كان مخفيًّا بداخلي. يكشف الله أن الناس لديهم شخصيات فاسدة. فعند القيام بواجباتهم أو القيام بأي شيء على الإطلاق، يعظّمون أنفسهم بشكل لا إرادي ويتباهون بأنفسهم، بهدف ترسيخ مكانتهم وصورتهم في قلوب الآخرين وليحققوا احترام الآخرين لهم أو عبادتهم. وقد حدث كل هذا تحت سيطرة طبيعتهم الشيطانية الفاسدة. أدركت أنني دائمًا ما كنت أتحدث عن مقدار المعاناة التي تحملتها في واجبي أمام الإخوة والأخوات، بهدف أن أُظهر للجميع أنني أستطيع المعاناة ودفع الثمن وأنني مخلص لله، مستغلًّا ذلك لأكسب ثناء الجميع واحترامهم. لم أتحدث خلال الاجتماعات إلا عن جانبي الحسن، وشاركت كيفية اتكالي على الله وتمسكي بشهادتي أثناء مرضي ورغبتي في التباهي أمام الجميع بأن قامتي كانت تفوق الآخرين. لكن عندما تعلق الأمر بالفساد ومواطن الضعف التي كشفت عنها أثناء مرضي، التزمت الصمت، خوفًا من أنه إذا علم الإخوة والأخوات بقامتي الحقيقية، فلن يحترمونني أو يعبدونني بعد ذلك. ولأنني كنت أعظّم نفسي على الدوام وأتباهى بها، كثيرًا ما كان الإخوة والأخوات يلجؤون إليَّ بمشكلاتهم وصعوباتهم بدلًا من التفكير في الصلاة إلى الله والاتكال عليه. أكنتُ مؤمنًا حقًّا بالله وأقوم بواجبي؟ ألم أكن أضلّل الناس وأوقعهم في الشَّرَك؟ لقد اختارني الإخوة والأخوات لأكون قائدًا، لكنني لم أمجد الله ولم أشهد له ولم أقدمهم أمامه. بدلًا من ذلك، حملتهم على عبادتي والاعتماد عليّ. لقد كنت دنيئًا ومخزيًا بحق؛ لا بد أن الله يبغضني حقًّا!

في هذه اللحظة، فكرت في كلمات الله هذه التي قرأتها مسبقًا. يقول الله القدير: "بعض الناس يؤلِّهون بولس على وجه الخصوص. إنهم يحبّون الخروج وإلقاء الخُطَب والقيام بالعمل، ويُحبّون حضور الاجتماعات والوعظ؛ ويُحبّون أن يستمع الناس إليهم، وأن يتعبّدوا لهم ويحيطوا بهم. إنَّهم يُحِبّون أن يشغلوا مكانًا في أذهان الآخرين، ويستحسنون تفخيم الآخرين للصورة التي يمثلونها. فلنحلل طبيعتهم من خلال هذه السلوكيات. ما هي طبيعتهم؟ إذا تصرَّفوا حقًا على هذا النحو، فهذا يكفي لإظهار أنهم متكبّرون ومغرورون. إنهم لا يعبدون الله على الإطلاق؛ بل يسعون للحصول على مكانة أعلى، ويرغبون في أن يتسلَّطوا على الآخرين، وأن يمتلكوهم، وأن يشغلوا مكانة في قلوبهم. هذه صورة كلاسيكية للشيطان. ما يميز طبيعتهم هو التكبر والغرور وعدم الرغبة في عبادة الله والرغبة في عبادة الآخرين لهم. يمكن لهذه السلوكيات أن تعطيك صورة واضحة للغاية عن طبيعتهم" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. كيفية معرفة طبيعة الإنسان). "إذا فهمت الحق في قلبك حقًّا، فستعرف كيف تمارس الحق وتخضع لله، وسوف تشرع بطبيعة الحال في سبيل السعي للحق. إذا كان السبيل الذي تسلكه هو الصحيح، ويتوافق مع مقاصد الله، فلن يتركك عمل الروح القدس؛ وفي هذه الحالة ستقل فرصة خيانتك لله تدريجيًّا. من دون الحق، من السهل أن تفعل الشر، وسوف تفعل ذلك رغمًا عنك. على سبيل المثال، إذا كانت لديك شخصية متغطرسة ومغرورة، فإن نهيك عن معارضة الله لا يشكّل فرقًا، إذ تفعل هذا رغمًا عنك، وهو خارج عن إرادتك. لن تفعل ذلك عمدًا، بل ستفعله تحت سيطرة طبيعتك المتكبرة والمغرورة. إن تكبرك وغرورك سيجعلانك تنظر بازدراء إلى الله وتعتبره بدون أهمية وتمجّد نفسك وتُظهر نفسك باستمرار. سيجعلانك تحتقر الآخرين، ولن يتركا أحدًا في قلبك إلا نفسك. سينتزعان مكان الله من قلبك، وفي النهاية سيجعلانك تجلس في مكان الله وتطلب من الناس أن يخضعوا لك، ويجعلانك تعظّم خواطرك وأفكارك ومفاهيمك معتبرًا أنها الحق. ثمّةَ كثير من الشر يرتكبه الأشخاص الذين يقعون تحت سيطرة طبيعتهم المتكبرة والمتعجرفة!" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. السعي وراء الحق وحده يمكنه إحداث تغيير في شخصيتك). من كلمات الله، أدركت أنني أمجّد نفسي دائمًا وأضع نفسي في مكانٍ بارز لأن طبيعتي في الأساس كانت متغطرسة للغاية. وبسبب طبيعتي المتغطرسة والمغرورة، لم يكن هناك مكان لله في قلبي، واحتقرت الآخرين. أحببتُ التباهي والتفاخر بنفسي أمام الناس، طلبًا لإعجابهم وثنائهم. كانت تدفعني طبيعتي المتغطرسة، لم أكن أرغب في العمل بغموض والقيام بالأشياء بطريقة متواضعة؛ فلطالما أردت أن أتميّز عن الآخرين. ألم أكن أسلك نفس طريق مقاومة الله الذي سلكه بولس؟ عندما وعظ وعمل من أجل الرب، كتب بولس العديد من الرسائل إلى كنائس ذلك الزمان، وكثيرًا ما كان يمجّد نفسه ويشهد عن معاناته وبذله من أجل الرب، مما حدا بالكثيرين إلى تعظيمه وعبادته. ومع أن بولس عانى كثيرًا أثناء وعظه وعمله، إلا أنه لم يشهد قطّ لكلام الرب ولم يقدِّم المؤمنين أمام الرب. وبدلًا من ذلك، قدّمهم أمام نفسه. لم يتأمل قطّ في طموحاته ودوافعه الخاصة، بل كان يعتقد أنه قد تخلّى وبذل الكثير من أجل الله واعتقد أن إكليل البرّ سيُحفظ له. بل إنه شهد في النهاية أن الحياة بالنسبة له هي المسيح، مما جعل الآخرين يقتدون به. كانت طبيعة بولس متغطرسة للغاية، وفي نهاية المطاف، عاقبه الله بسبب إساءته الجسيمة لشخصية الله. وبمقارنة ذلك بسلوكي الخاص، أدركت أنني أيضًا كنت أُعلِّي من شأن نفسي باستمرار وأتباهى في واجبي، وأُظهر للإخوة والأخوات أنني أتفوق عليهم في كل شيء لكي أنال إعجابهم وعبادتهم. عندما قدّرني الإخوة والأخوات جميعًا وأثنوا على مستوى قدراتي الجيد وقدرتي على المعاناة ودفع الثمن في واجبي، لم أشعر بالخوف أو أتأمل في ذاتي فحسب، بل استمتعت بذلك وشعرت بالرضا عن الذات. كنت حقًّا في غاية الغطرسة والغرور بطبيعتي، دون أدنى أثر لقلب يخشى الله. في كل ما كنت أقوم به، سواء كان تجهيز نفسي بكلام الله للإجابة على أسئلة الإخوة والأخوات أو الشركة حول اختباراتي في الاجتماعات، لم تكن نيتي ودافعي هو طلب فهم الحق، أو القيام بواجبي بشكل صحيح، أو مساعدة الآخرين بإخلاص. بل كان كل ذلك من أجل ترسيخ صورة سامية في قلوب الناس ونيل إعجابهم. كان هذا تمردًا على الله ومقاومةً له! وبصفتي قائدًا للكنيسة، يجب أن أمجد الله وأشهد له وأن أساعد الإخوة والأخوات على فهم الحق ومقاصد الله حتى يتمكنوا من القدوم أمام الله والاتكال عليه وإجلاله. ولكنني كنت أتباهى وأتفاخر بنفسي على الدوام، مما أدى عن عدم وجود مكان لله في قلوب الإخوة والأخوات، بينما كان لي مكان في قلوبهم. لقد اعتمدوا عليّ وعبدوني في كل ما فعلوه. لقد كنت متغطرسًا للغاية لدرجة أنني فقدت كل عقل! على الرغم من أنني قمت بواجبي في الظاهر، في الواقع، كل ما كنت أفعله هو إيذاء الإخوة والأخوات، وأبعدتهم عن الله وجعلتهم يعبدون شخصًا. كانت طبيعة أفعالي هي الإساءة إلى شخصية الله؛ كنت أسلك طريق مقاومة الله. وإن لم أتب، فسيعاقبني الله حتمًا ويلعنني كما حدث لبولس تمامًا. شعرت بالخوف عندما تفكّرت في هذا الأمر. أدركت أنني إن لم أتب بعد، فسأخسر عمل الروح القدس، وسأسقط في الظلمة، وسيزدريني الله ويستبعدني. فصلَّيت إلى الله: "إلهي، إن طبيعتي متغطرسة للغاية، وينقصني قلب يتقيك. إنني دائمًا ما أتباهى أمام الآخرين مما يجعلك تبغضني بشدة. لا أريد المضي على هذا المنوال بعد الآن. أرجوك ساعدني؛ إني على استعداد للتدرب وفقًا لمتطلباتك".

بعد ذلك، قرأت كلمات الله التي تقول: "لا تظن أنك تفهم كل شيء. أقول لك إن كل ما قد رأيته واختبرته غير كافٍ لتفهم ولو حتى جزءًا من ألف من خطة تدبيري. فلماذا إذًا تتصرف بكبرياء؟ قلة موهبتك ومعرفتك الضئيلة غير كافية ليستخدمها يسوع في حتى ثانية واحدة من عمله! ما هو كم الخبرة الذي لديك فعليًّا؟ كل ما رأيته وكل ما سمعته في حياتك وكل ما تخيلته أقل من العمل الذي أقوم به في لحظة! من الأفضل ألا تتصيد الأخطاء وتجدها! لا يهم كم قد تكون مغرورًا، أنت مجرد مخلوق أقل من نملة! كل ما تحمله داخل بطنك أقل مما تحمله النملة بداخل بطنها! لا تظن أنه لمجرد أنك حصلت على بعض المعرفة والأقدمية فإن هذا يعطيك الحق في الإيماء بشراسة والتكلم بغطرسة. أليست خبرتك وأقدميتك هي نتاج الكلمات التي قد نطقتها أنا؟ هل تؤمن أنها مقابل عملك وتعبك؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. التجسُّدان يُكمِّلان معنى التجسد). عندما تفكّرت في كلمات الله، شعرتُ بالخجل. لم يكن قد مضى وقت طويل منذ أن قبلت عمل الله في الأيام الأخيرة، وتحمستُ بعض الشيء في واجبي، وفهمت بعض الكلمات والتعاليم، وأحرزت بعض النتائج في عملي، وهكذا اعتبرت هذه الأمور بمثابة قامة خاصة بي، واعتقدتُ أنني أتفوق على الآخرين وأفهم الحق أفضل منهم. بل وكثيرًا ما استخدمت هذا الأمر كرأس مال لأتباهى به وأجعل الآخرين ينظرون إليّ بتقدير كبير. كنت حقًّا متغطرسًا للغاية ولم أمتلك أي معرفة بالذات. إن تمكّني من الشركة بشيء من التفهم في الاجتماعات، والإجابة على بعض الأسئلة من الإخوة والأخوات، وإحراز بعض النتائج في عملي، كل ذلك لأن الكلمات التي عبَّر عنها الله أفهمتني بعض الحقائق. فلولا عمل الله في الأيام الأخيرة، والحقائق التي عبَّر الله عنها، واستنارة الروح القدس وإضاءته، لما تمكنتُ قطّ من فهم الحق. سواء كان ذلك يتعلق بعمل الله أو بشخصيتي الفاسدة، إلا أنني لم أتمكن من إدراك أي من ذلك. لم يوجد شيء فيَّ يستحق التباهي به. ولكنني لم أكن ممتنًا لسقاية الله وإمداده، وبدلًا من ذلك عَزوتُ كل الفضل إلى نفسي واستخدمته كرأس مال لأتباهى به ولأجعل الآخرين يقدّرونني. لقد كنت متغطرسًا حقًّا وجاهلًا ووقحًا وبلا عقل! وكنت في غاية الامتنان لله لأنه ساعدني على أن أميّز فسادي، وأردت أن أتغير. لذا، واصلت طلب الحق، وفكرت: "كيف لي أن أعالج شخصيتي الفاسدة وأتوقف عن تعظيم نفسي والتباهي بها؟ كيف ينبغي أن أتدرب لكي أمجد الله وأشهد له؟".

لاحقًا، قرأت بعضًا من كلمات الله: "عند الشهادة لله، ينبغي أن تتكلموا بالأساس عن الكيفية التي يدين الله بها الناس ويوبخهم، وأي تجارب يستخدمها لتنقية الناس وتغيير شخصياتهم. وينبغي أن تتكلموا أيضًا عن حجم الفساد الذي كُشف في تجاربكم، وكم عانيتم، وكم فعلتم لمقاومة الله، وكيف أخضعكم الله في نهاية الأمر. تحدثوا حول كم تملكون من معرفة حقيقية بعمل الله وكيف ينبغي لكم أن تشهدوا لله وأن تبادلوه محبته. يجب أن تتكلموا بشكل مبسّط وتعرضوا المعنى، العملي. لا تتحدثوا عن نظريات فارغة. تكلموا بشكل أكثر واقعية، وتكلموا من القلب؛ هذه هي الطريقة التي ينبغي أن تختبروا بها الأشياء. لا تسلحوا أنفسكم بالنظريات الفارغة التي تبدو عميقة لتتفاخروا بأنفسكم؛ فهذا يبديكم متكبرين وبلا عقل تمامًا. يجب أن تتكلموا أكثر عن أشياء حقيقية من اختباركم الفعلي وتتكلموا أكثر من القلب، فهذا أكثر ما يفيد الآخرين وهو أكثر ما يناسبهم رؤيته" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. السعي وراء الحق وحده يمكنه إحداث تغيير في شخصيتك). "أولًا، لكي يدرك المرء المشكلات ويفحصها ويكشف نفسه بمستوى أساسي، يجب أن يكون قلبه صادقًا وموقفه مخلصًا، ويجب أن يتحدث عما يمكن أن يفهمه عن المشكلات في شخصيته. ثانيًا، إن شعر المرء أن شخصيته فظيعة، يجب أن يقول للجميع: "إن بدرت عني هذه الشخصية الفاسدة مرَّة أخرى، لا تترددوا في تنبيهي إليها والتعامل معي وتهذيبي. وإن لم أتمكن من قبول ذلك، لا تتخلوا عني. فهذا الجانب من شخصيتي الفاسدة عنيف للغاية، وأنا بحاجة إلى إقامة شركة الحق معي عدة مرَّات للكشف عن نفسي. إنني أتقبل بكل سرور تهذيبي والتعامل معي من الجميع، وآمل أن يراقبني الجميع ويساعدوني ويمنعوني من الضلال". ماذا يعني مثل هذا الموقف؟ هذا هو موقف قبول الحق" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. حول التعاون المتناغم). بعد قراءة كلمات الله، فهمت أن الشهادة لله تتعلق بشكل رئيسيّ بالشهادة حول كيفية دينونة الله وتجربته للناس، وما هي الشخصيات الفاسدة التي يكشفها المرء في اختباراته، وما هي مواطن الضعف والنقائص التي يلاحظها المرء في نفسه، وما هو الفهم الحقيقي الذي يمتلكه المرء لعمل الله وكلامه، وما هو الفهم والخبرة المباشرة التي يمتلكها المرء لشخصية الله البارّة. إن الشركة عن كل ذلك تعني الشهادة لله حقًّا. أما بالنسبة لي، فقد كانت نيّتي في الشركة أثناء الاجتماعات هو حمل الآخرين على تقديري وعبادتي. لم أتحدث إلا عن جوانبي الحسنة والاستباقية، ونادرًا ما كنت أذكر مواطن ضعفي والفساد الذي كشفته. كان هذا تعظيمًا لنفسي وتباهيًا بنفسي، وهو ما أبغضه الله وكرهه. عليَّ أن أكون شخصًا صادقًا، وأن أصارح نفسي بفسادي، وأن أتحدث عن أفكاري الحقيقية، وأسمح للآخرين برؤية حقيقتي، بينما أتقبل أيضًا إشراف ومساعدة الإخوة والأخوات. وهكذا كان يجب أن أتدرب. بعد ذلك، وأثناء الاجتماعات، صارحتُ الإخوة والأخوات عن كيفية تباهيّ وشهادتي لنفسي، وعن النية الدنيئة التي أضمرتها في قلبي، وعن الفساد الذي كشفتُه. وأخبرتهم أيضًا بأن لديّ أيضًا مواطن ضعف وسلبية وأنه لا ينبغي عليهم أن يقدّروني أو يعبدوني بعد الآن. شعرت بالراحة والاطمئنان الشديدين بعد شركة كهذه. وبعد سماعهم عن اختباراتي، قال بعض الإخوة والأخوات إنهم اكتسبوا أيضًا بعض الفهم لفسادهم. وفيما بعد، لم يعد الإخوة والأخوات يعبدونني أو يعتمدون عليَّ كما كانوا يفعلون في السابق، وعلى الرغم من أن بعض الناس ما زالوا يثنون على شركاتي من حين لآخر، إلا أنني لم أعد أتأثر بكلامهم.

ومنذ ذلك الحين، كنت أصلي لله قبل كل اجتماع تقريبًا، "يا الله القدير، أنت الذي يجب أن يُحمد. لستُ سوى شخص فاسد. لا بد أن أصارح نفسي وأتحدث عن أفكاري الحقيقية. أرجوك أن تمحّص قلبي حتى لا تكون كلماتي وأفعالي للتباهي بنفسي، بل للشهادة لك". وهكذا، في كل اجتماع، ركّزت على التفكّر في كلام الله والشركة حول فهمي وإدراكي له، وكثيرًا ما كنت أصارح نفسي وأكشف عن شخصياتي الفاسدة أيضًا. علاوة على ذلك، طلبتُ من الإخوة والأخوات أن يشرفوا عليّ، وأنه إذا رأوا أنني كنت أتخفى، فعليهم أن يكشفوني ويهذبوني، وأن يساعدوني على فهم فسادي والتحرر من سيطرة هذه الشخصيات الفاسدة. كنت أعتقد أن الآخرين لا يحسنون الشركة، ولم أصغِ قطّ بعناية إلى شركاتهم، لكنني الآن أولي اهتمامًا وثيقًا للإخوة والأخوات وهم يناقشون اختباراتهم وفهمهم. عندما توجد استنارة من الروح القدس، أدوّنها، ويمكنني تعلّم الكثير من اختبارات الإخوة والأخوات. إن قدرتي على ممارسة هذه الأمور الآن هو بفضل دينونة كلام الله وكشفه واستنارته وإضاءته. الشكر لإرشاد الله!

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

لن أتابع هذه الدراسات

ولدت في عائلة مسيحية. أبي وأمي مزارعان. تتكسب عائلتنا رزقها من خلال زراعة الخضر والأرز. لطالما كنت مجتهدًا في المدرسة، لذلك كان والداي...

عاقبة التقنُّع والتخفِّي

في أكتوبر 2018، قبلت عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. بعد ستة أشهر، خدمتُ شمَّاسة في كنيستي. واجهت العديد من الصعوبات عندما بدأت هذا...

يمكنني الآن الحديث من القلب

عندما كنت أؤدي واجبي إلى جانب أخ أو أخت أخرى، إذا لاحظت عيبًا شخصيًا أو أنه فعل شيئًا لا يتوافق مع الحق، كنت أعلم جيدًا أنه يجب علي تقديم...

كلام الله يقود الطريق

تقول كلمات الله: "إنّ مقصد الله من كشف الناس لا ترمي إلى إقصائهم، بل إلى جعلهم ينمون" ("لا يمكن إحداث تغيرات في الشخصية إلا من خلال ممارسة...