توجّسات الإبلاغ عن مشكلة
في عام 2021، كنت أشارك الإنجيل في الكنيسة. بعد فترة، أدركت أن المشرفة على عمل الإنجيل لم تكن تحمل أي عبء في واجبها، وأنها لم تكن تتفقد واجباتنا منذ فترة طويلة. وكلما كانت تأتي إلينا، كانت تكتفي بالشكليّات، ولا تسعى أبدًا إلى حل أي مشكلات حقيقية. لم تكن مفيدة لواجباتنا على الإطلاق. اعتقدت في البداية أن هذا بسبب قصر الفترة التي أمضتها في الإشراف على عمل الإنجيل، وإلى أنها لم تكن ملمّة به. ومن الطبيعي أن تشعر بعدم الاتزان لفترة، وأنها بعد الممارسة لبعض الوقت، ستصبح بارعة فيه. لكن بعد فترة، وجدت أن الأمور على خلاف ما تصوّرت.
ذات مرّة، واجهنا عقبة خفيفة في عملنا الإنجيلي، فسطّرنا رسالة إلى المشرفة طلبًا لحلٍّ. لكن ردّها لم يشتمل على أي آراء أو اقتراحات واضحة. ما كان منها إلا أن أرسلت لنا مقطعًا من كلام الله لا علاقة له إطلاقًا بمشكلتنا. لم أستطع تصديق ذلك مطلقًا. كيف أمكن لها التصرف بلامبالاة في واجبها إلى ذلك الحد؟ فلم تستطع عادة تحديد أي مشكلات عند متابعة العمل، وعندما كنا نبادر إلى طلبها وسؤالها عن أي شيء، لم يكن لديها أي آراء أو اقتراحات واضحة. كان ذلك تصرّفًا غير مسؤول للغاية منها. بداية، أردت فتح الموضوع معها في أحد الاجتماعات، لكن ساورتني بعض التوجّسات. ألن تقول إنني متكبّر، وإنني أسأل كثيرًا، وإنني أنوي استغلال نقاط ضعفها؟ إن لم تستطع تقبّل ما قلته وقامت بدلًا من ذلك بالتدقيق في مسؤولياتي، ألا يكون ذلك بحثًا عن المتاعب فحسب؟ عند التفكير بذلك، فقدت الشجاعة للتحدث معها. عندما التقينا لاحقًا، قللتُ من أهمية الأمر، واكتفيت بتذكيرها: "إن استطعتِ إيجاد فسحة من الوقت، تابعي عملنا وانظري إن كانت هناك أي مشكلات". وكم دهشت عندما قالت: "أنتم جميعًا تقومون بعمل الإنجيل منذ فترة طويلة، وتفهمون جميع المبادئ أفضل مني. وتحققون نتائج رائعة أيضًا. أنا هنا لأتعلم منكم فحسب". بعدئذ، كلما كنت أذكرها بضرورة الاهتمام بعملنا، كانت تكتفي دائمًا بقول أشياء مماثلة. فكّرت في نفسي: "إنها لا تقوم بأي عمل حقيقي وتختلق دائمًا الأعذار لنفسها. هذا ليس قبولًا بالحقّ". فأبرز وظيفة للمشرف تتمثل في تحديد المشكلات والصعوبات الحقيقية التي يواجهها الإخوة في واجباتهم، وحلّها، والإشراف على العمل ومتابعته. لكنها لم تستطع تحديد أي مشكلات أو حلّها، ولذا فلم تستطع القيام بأي عمل فعلي. إذا استمرت الحال هكذا، سيتأثر عمل الإنجيل حتمًا. لاحقًا، أردت إثارة الموضوع معها من جديد، لجعلها تدرك مشكلتها وتعالجها بسرعة. لكن عندئذ فكرت من جديد: "لقد كنت مشرفًا في الماضي، وفُصلت من عملي لأنني لم أتمكن من القيام بعمل فعلي. إذا استمررت في اقتراح آراء إليها، ألن تعتقد أنني أقدّر المكانة بإفراط؟ وأنني أشعر بالظلم لأنني لم أصبح مشرفًا، ولذا فإنني أتعمد تصيّد الأخطاء؟ هل ستستاء مني وتعفيني من واجبي؟ من الأفضل أن أنسى الأمر. ربما يعزى ذلك إلى قِصَر المدّة التي أمضتها في العمل، وستصبح على ما يرام إذا انتظرت لتكون أكثر إلمامًا به". لذا أحجمت عن إثارة الموضوع معها من جديد.
بعد فترة وجيزة، واجهنا بعض المشكلات في عملنا الإنجيلي، وطلبنا مساعدتها. لكنها ظلّت تتهرّب فحسب، وتركتنا لنحل المشكلات بأنفسنا. وفي مناسبة أخرى، سمعتها مصادفَةً تقول إنها لم تكن ملمّة بتفاصيل طريقة اجتذابنا لأتباعنا الجدد، ولذا عندما استفسرت منها القائدة، اكتفت بذكر رقم خيالي، متسببة في تناقض هائل مع الرقم الفعلي. استشطت غضبًا عندما سمعت ذلك. لقد حرصناعلى إخبارها بتفاصيل عملنا الإنجيلي كل شهر، وذكّرناها بضرورة الاهتمام بمتابعة عملنا وتوجيهه، ولكنها حتى لم تعلم عدد الوافدين الجدد الذين ينضمون إلى الكنيسة شهريًّا. فمن أي وجه كانت تقوم بعمل فعلي؟ كيف يمكن لمشرفة أن تتصرف في واجبها بتلك الطريقة؟ لا عجب في أنها لم تتمكن من تحديد أية مشكلات. عندما تأملنا هذه السلوكيات، شعرت أن هذه المشرفة كانت عاجزة عن القيام بعمل فعلي، وأنها عاملة كاذبة، وغير مناسبة للإشراف على عمل الإنجيل. آنئذ، أردت بالفعل الإبلاغ عن مشكلاتها خطّيًا، لكنني فكرت: "إذا علمت المشرفة أنني أبلغت عنها، ألن تعتقد أنني أتصيّد أخطاءها وأنغص عليها حياتها؟ وإذا حدث وذمّتني أمام القائد، ألن يعمد هذا الأخير إلى نقلي أو إعفائي من الخدمة؟" عند التفكير بذلك، تراجعتُ من جديد. بعدها بيومين، سمعت الأخت ليو شيانغي، وهي من مجموعة أخرى، تتحدث عن أن هذه المشرفة لم تحلّ أبدًا أيًّا من مشكلاتهم العملية، وعندما أبلغوها أن عضوًا في المجموعة لديه شخصية متكبّرة وهوس بالمكانة، ويسعى غالبًا إلى استغلال نقاط ضعف الآخرين، ومهاجمتهم والتضييق عليهم، وأعاق بالفعل أشخاصًا يقومون بواجبهم، غضّت المشرفة الطرف، ولم تهتم بالأمر كما ينبغي. وفي نهاية المطاف، لم يكن من سبيل لحل المشكلة سوى الإبلاغ عنها إلى القائد. اعتراني شعور عميق بالذنب عند سماع شيانغي تقول ذلك. فقد اكتشفت منذ فترة طويلة أن تلك المشرفة لديها مشكلات، لكن لحماية نفسي، التزمت الصمت. لماذا لا أستطيع ممارسة الحق وحماية عمل الكنيسة؟
خلال عباداتي، قرأت مقطعين من كلام الله. يقول الله القدير، "يوجد أيضًا بعض القادة الكذبة الذين يتمتعون بشيء من المقدرة، ويمكنهم أداء القليل من العمل، والذين يعرفون القليل عن مبادئ التعامل مع كل نوع من الأشخاص، لكنهم يخافون أن تصدر منهم الإساءة، ولذلك لا يجرؤون على تقييد الأشرار وأضداد المسيح. إنهم يعيشون وفقًا لفلسفات شيطانية، بمعزل عن الأمور التي لا تهمهم شخصيًا. إنهم غير مهتمين بما إذا كان عمل الكنيسة فعالًا، ولا بمدى الضرر الذي يلحق بدخول شعب الله المختار إلى الحياة؛ إذ يعتقدون أن مثل هذه الأشياء لا علاقة لها بهم. ولذلك، خلال فترة تولّي مثل هذا القائد الكاذب منصبه، لا يتم الحفاظ على النظام الطبيعي لحياة الكنيسة ولا ضمان واجبات شعب الله المختار ودخوله إلى الحياة. ما طبيعة هذه المشكلة؟ لا يتمثل الأمر في أن مثل هؤلاء القادة الكذبة لا يمكنهم أداء العمل نظرًا لضآلة مقدرتهم، ففي أي ناحية هم كذبة إذًا؟ إنهم كذبة لأن إنسانيتهم تنطوي على مشكلة. فخلال فترة منصبهم كقادة، لا يمكن أن يوجد حل على الإطلاق لمشكلة تعطيل الأشرار وأضداد المسيح وإزعاجهم لعمل الكنيسة. يتضرر بعض الإخوة والأخوات بشدة من هذا، وهو انتكاسة جسيمة لعمل الكنيسة. هذا النوع من القادة الكذبة يلاحظ مشكلةً ويرى شخصًا يتسبب في التعطيل والإزعاج، ويعرف ما هي مسؤوليته وما يجب عليه فعله وكيفية فعله، ومع ذلك فإنه لا يفعل شيئًا على الإطلاق. إنه يتظاهر بالصمم والبكم، ولا يسمع أو يستجوب أي شيء، ولا يبلغ رؤساءه بالأمر. إنه يتظاهر بأنه لا يعرف شيئًا ولا يرى شيئًا. أليست هذه مشكلة في إنسانيته؟ ما مبدأ قيادته؟ "أنا لا أتسبب في أي تعطيلات أو إزعاجات، لكنني لن أفعل أي شيء مسيء أو أي شيء يسيء إلى كرامة الآخرين. صنِّفني كقائد كاذب، ومع ذلك لن أفعل أي شيء مسيء. أنا بحاجة إلى أن أترك لنفسي طريقًا للهروب". أي نوع من المنطق هذا؟ إنه منطق الشيطان. وما نوع هذه الشخصية؟ أليست مراوغة ومضللة جدًا؟ فمثل هذا الشخص ليس مخلصًا بتاتًا في تعامله مع إرسالية الله؛ إنه ماكر ومراوغ دائمًا في أداء واجبه، ويشغل باله بالعديد من الحسابات الدنيئة، ويفكر في نفسه في كل شيء. إنه لا يولي أدنى اهتمام بعمل الكنيسة وليس لديه ضمير أو عقل على الإطلاق. إنه غير لائق تمامًا لعمل القيادة. ... أشعر في قلبي أنه، بصرف النظر عن مدى رسوخ إيمان هذا النوع من الأشخاص، أو مدى تنظيمه الجيد، أو تحفُّظه، أو عمله الدؤوب وكفاءته، فإن كونه يتصرف دون مبادئ ولا يتحمل أي مسؤولية عن عمل الكنيسة يلزمني "بالنظر إليه من منظور جديد" إذا جاز التعبير. وختامًا، سوف أعرّف هذا النوع من الأشخاص. قد لا يرتكب أي أخطاء جسيمة، لكنه مراوغ ومخادع للغاية؛ ولا يتحمل أي مسؤولية على الإطلاق، ولا يدعم عمل الكنيسة بتاتًا، وليست لديه إنسانية. أشعر أنه أشبه بنوع من أنواع الحيوان، فهو يشبه الثعلب إلى حد ما في مكره" (الكلمة، ج. 5. مسؤوليات القادة والعاملين). "بمجرد أن يصبح الحق حياة فيك، عندما ترى شخصًا يجدف على الله، ولا يخشى الله، وتراه مهملًا في أداء واجبه، أو يعطِّل عمل الكنيسة ويزعجه، فإنك ستستجيب وفقًا لمبادئ الحق، وستكون قادرًا على التعرف عليهم وكشفهم حسب الضرورة. إذا لم يصبح الحق حياتَك، وظللتَ تعيش ضمن نطاق شخصيتك الشيطانية، فإنك عندما تكتشف الأشرار والشياطين الذين يعطلون ويزعجون عمل الكنيسة، ستغض الطرف وتصمُّ أذنيك؛ وتتجاهلهم دون وخزٍ من ضميرك. حتى إنك ستعتقد أن أي شخص يسبب الإزعاج لعمل الكنيسة لا علاقة لك به. مهما كانت معاناة عمل الكنيسة ومصالح بيت الله، فأنت لا تهتم أو تتدخل أو تشعر بالذنب؛ مما يجعلك شخصًا بلا ضمير أو إحساس، وغير مؤمن، وعامل خدمة. تأكل ما هو لله، وتشرب ما هو لله، وتتمتع بكل ما يأتي من الله، ولكن تشعر أن أي ضرر لمصالح بيت الله لا علاقة لك به؛ مما يجعلك خائنًا، تعض اليد التي تطعمك. إذا كنت لا تحمي مصالح بيت الله، فهل أنت إنسان يا تُرى؟ هذا شيطان تسلل إلى الكنيسة. تتظاهر بالإيمان بالله، وتتظاهر بأنك شخص مختار، وتريد أن تستغل بيت الله. أنت لا تعيش حياة إنسان، ومن الواضح أنك من غير المؤمنين" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمتلك قلوبًا تتقي الله إلّا الذين يخضعون له بصدق). كان كلام الله مؤلمًا للغاية، وتحديدًا عند قراءتي لهذه الكلمات: "وليست لديه إنسانية"، "فهو يشبه الثعلب إلى حد ما في مكره"، "شيطان تسلل إلى الكنيسة"، و"غير المؤمنين"، شعرت أن شخصية الله لا تحتمل أي إساءة. فالله يبغض المخادعين ويشمئز منهم. ويعرِّفهم الله بأنهم شياطين وغير مؤمنين. اعتراني شعور بالغ بالخوف والذنب، كأن الله كان يكشفني ويستنكر فعلي مباشرة. عند تأمل سلوكياتي السابقة، أدركت بالفعل أن المشرفة كانت تتخبط في واجبها، ولم تقم بأي عمل فعلي، وكنت أريد مصارحتها بهذا الأمر عدة مرات، لكن لأنني كنت شديد الحذر ولخوفي من أن تتهمني بالتكبر وعدم العقلانية، لم أجرؤ على مخاطبتها. وحتى عندما كنت أتناول الأمور معها، كنت دائمًا أقلل من أهميتها ولا أجرؤ على تناول المشكلة كاملة، حتى إنني كنت أشجّعها، رغم مخالفة ذلك لقناعاتي، فقط لأتمكن من حماية سمعتي وعلاقتي معها. خلصت لاحقًا إلى أنها كانت عاملة كاذبة لا تستطيع القيام بعمل فعلي، وأنها ينبغي أن تُنقَل أو تُفصَل، وأنه لحماية عمل الكنيسة، ينبغي أن تُكشَف وأن يتم الإبلاغ عنها. لكنني قلقت من أن تقول إنني كنت أتبارى من أجل المكانة وأتعمد تنغيص حياتها عليها، ومن أنها ستقمعني. لذا، تظاهرت بالغباء لحماية نفسي، واكتفيت باتّخاذ موقف المتفرّج أمام تعطيل عمل الإنجيل، فلم أبلّغ عن أي شيء. كنت مخادعًا وأنانيًّا وحقيرًا للغاية! لم أكن صادقًا تجاه الله. بتأمل مجمل سنوات إيماني بالله، والتمتّع بمؤونة كلام الله، كيف أمكنني إغفال الخسائر التي تلحق بعمل الكنيسة والسعي إلى حماية نفسي فحسب، وليس عمل الكنيسة؟ لو أبلغت عن مشكلة المشرفة بمجرد ظهورها، لما استطاعت أن تؤخّر عمل الكنيسة أو تعطله.
في غمرة تقريع الذات، رأيت كلام الله يقول: "لسنوات عديدة، كانت أفكار الناس التي اعتمدوا عليها لبقائهم على قيد الحياة تتلف قلوبهم لدرجة أنهم أصبحوا خونة وجبناء ووضعاء. لا يفتقرون لقوة الإرادة والعزم فحسب، إنما أصبحوا أيضًا جشعين ومتغطرسين وعنيدين. هم يفتقرون تمامًا لأي عزمٍ يتجاوز الذات، بل وليست لديهم أيَّ شجاعة للتخلّص من قيود هذه التأثيرات المظلمة. أفكار الناس وحياتهم فاسدة، ووجهات نظرهم فيما يخصّ الإيمان بالله لا تزال قبيحة بقدر لا يطاق، وحتى عندما يتحدثون عن وجهات نظرهم فيما يخص الإيمان بالله لا يمكن بكل بساطة احتمال الاستماع إليها. الناس جميعًا جبناء وغير أكْفَاء ووضعاء وكذلك ضعفاء. لا يشعرون بالاشمئزاز من قوى الظلام، ولا يشعرون بالحب للنور والحق؛ إنما بدلاً من ذلك يبذلون قصارى جهدهم للابتعاد عنهما" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. لماذا لا تريد أن تكون شخصية الضد؟). بتأمل كلام الله، أدركت أنني تعرّضت للإفساد من الشيطان وأن السموم الشيطانية ترسخت في أعماق قلبي. إن فلسفات شيطانية مثل "احمِ نفسك، واسعَ لتفادي اللوم"، و"كلَّما قَلَّت المشاكل، كان الأمر أفضل"، و"السمكة التي تبقي فمها مغلقًا لن يصيدها أحد"، و"الوقاية خير من العلاج"، أصبحت جزءًا من طبيعتي وقوانين أعيش بموجبها، وتحكمت بي تمامًا، وجعلتني أراعي مصالحي الخاصة فقط في كلامي وتصرفاتي. حتى إنني اتخذت موقف المتفرّج بينما هناك مشرفة لا تقوم بأي عمل فعلي، وتؤخر عمل الكنيسة وتعطله. فتظاهرتُ بالغباء، وأمسكتُ لساني، ولم أحمِ عمل الكنيسة إطلاقًا. لقد انحزت إلى الشيطان بجهالة وأصبحت شريكًا متواطئًا معه. كنت أثير اشمئزاز الله حقًّا! أدركتُ أن هذه الفلسفات الدنيوية ليست إلا مغالطات وأكاذيب يستخدمها الشيطان لتضليل الناس وإفسادهم. باتّباع هذه الأمور لم يكن بوسعي إلا أن أصبح أكثر خداعًا وشرًّا وأنانيّة وحقارة. في سبيل حماية مصالحي الشخصية احترست من الله والناس، وبصرف النظر عن حجم الإعاقة أو الضرر اللذين كانا يلحقان بالكنيسة، لم أكترث، بل ظللت فاترًا ومتحفظًا. لم أمارس الحقائق التي كان ينبغي ممارستها، ولم أؤدِّ الواجبات التي كان ينبغي تأديتها، وكنت مجرّدًا من أيّ ضمير أو منطق أو طبيعة بشرية أو كرامة. ولولا التوبة، لأبغضني الله واستبعدني في نهاية المطاف. كلما فكّرت في ذلك، شعرت بمزيد من الندم. شعرت أن الشيطان أفسدني لدرجة أنني تجرّدت تمامًا من الطبيعة البشرية. كرهت نفسي جدًّا. ولكن في الوقت نفسه، عقدت العزم على ممارسة الحق. لم يكن بوسعي أن أظل عديم الضمير. كان عليَّ مراعاة مشيئة الله، وممارسة الحق، وإبلاغ القائد بمشكلة المشرفة بأسرع ما يمكن. لاحقًا، أبلغت القائد بمسألة عدم قيام المشرفة بأي عمل فعلي.
بعد أن أرسلت التقرير، شعرت وكأن ثقلًا هائلًا أزيح عن كاهلي. لكن مضى يومان أو ثلاثة دون أن أرى أي ردّ من القائد، فعادت التوجسات تساورني من جديد. هل يقرأ القائد التقرير ويظن أنني كنت أنافس على المكانة، أو أنني كنت أتصيّد الأخطاء؟ ألن يَصفني بأنني شرير ويطردني؟ اضطرب قلبي بتلك الفكرة. صارحت شيانغي بحالتي. قالت: "ألست تتنكر لبر الله ولحقيقة أن الحق يحكم في بيت الله؟ ..." بعد قولها ذلك، اختارت مقطعًا من كلام الله وقرأته لي. يقول الله القدير، "يتعامل الناس من أمثال أضداد المسيح مع بر الله وشخصيته بالمفاهيم والاعتراضات والمقاومة. يقولون لأنفسهم: "إن بر الله مجرد نظرية. فهل يوجد حقًا شيء اسمه البر في هذا العالم؟ في جميع أعوام حياتي، لم أجده ولم أره مرَّةً واحدة. العالم مظلم وشرير للغاية، والأشرار والأبالسة ناجحون ويعيشون في رضا. لم أرهم يحصلون على ما يستحقونه. لا يمكنني رؤية مكمن بر الله في هذا. وأتساءل: هل بر الله موجود بالفعل؟ مَن رآه؟ لم يره أحد ولا يمكن لأحد أن يُثبته". هذا ما يفكرون به في أنفسهم. إنهم لا يقبلون عمل الله كله، وكلامه كله، وجميع ترتيباته على أساس الإيمان بأنه بار، لكنهم يشككون دائمًا ويُصدرون أحكامًا، وتملأهم المفاهيم التي لا يسعون أبدًا إلى إيجاد الحق لحلها. وهذه دائمًا هي طريقة إيمان أضداد المسيح بالله. هل لهم إيمان حقيقي بالله؟ لا. يتمسك أضداد المسيح دائمًا بموقف الشك عندما يرتبط الأمر ببر الله. ... على سبيل المثال، عندما تنشأ مشكلة في عمل الكنيسة، بصرف النظر عن مدى اللوم الموجه لهم بسبب وقعوها وبغض النظر عن ماهية عواقبها، فإن رد الفعل الأول من ضد المسيح هو تبرئة نفسه وتحويل اللوم إلى كل مكان آخر. وحتى لا يتحمل المسؤولية، يجعل الآخرين يحيدون بأنظارهم بعيدًا عنه، ويقول بعض الكلمات الصحيحة واللطيفة ويؤدي مهمة سطحية للتستر على حقيقة الأمر. في الأوقات العادية، لا يستطيع الناس كشف المشكلة، ولكن ينكشف قبح ضد المسيح عندما يصيبه شيء. فمثل حيوان النيص الذي تكون جميع أشواكه منتصبة، يحمي ضد المسيح نفسه بكل قوته، راغبًا في عدم تحمل أي مسؤولية. أي نوع من المواقف هذا؟ أليس هو موقف عدم الإيمان بأن الله بار؟ إنه لا يؤمن أن الله يفحص كل شيء أو أنه بار؛ ويرغب في استخدام طرقه الخاصة لحماية نفسه. يقول لنفسه: "إن لم أحمِ نفسي، فلن يحميها أحد. ولا يستطيع الله أن يحميني أيضًا. يقولون إنه بار، ولكن عندما يقع الناس في المتاعب، هل يعاملهم حقًا بإنصاف؟ مستحيل – فالله لا يفعل ذلك". عندما يواجه ضد المسيح المتاعب أو الاضطهاد، يشعر بافتقاره إلى المساعدة فيفكر قائلًا: "أين الله إذًا؟ لا يستطيع الناس رؤيته أو لمسه. لا أحد يمكن أن يساعدني؛ ولا أحد يمكن أن يعاملني بإنصاف ويتيقن من ذلك". إنه يعتقد أن الطريقة الوحيدة لحماية نفسه هي بطرقه الخاصة، وإلا فسوف يكون في حيرة من أمره وسوف يتعرض للتنمر والاضطهاد – وأن بيت الله ليس استثناءً من هذا. ... إنه لا يهتم إلا بسعيه وراء الهيبة والمكانة، ولا يفعل أي شيء على الإطلاق لدعم عمل الكنيسة. لا يكشف عمن يرتكب خطأً ومن يضر بمصالح بيت الله أو يبلغ عنه، بل يتصرف وكأنه لم يره. بالنظر إلى مبادئه في التعامل مع الأشياء ومعاملته لما يحدث من حوله، هل يكون له أي معرفة بشخصية الله البارة؟ هل يكون له أي إيمان؟ ليس لديه أي شيء. لا يعني تعبير "أي شيء" هنا أنه ليس لديه وعي بالمشكلة، بل يعني أنه يعترض على شخصية الله البارة في قلبه. إنه لا يقبل حقيقة أن الله بار ولا يعترف بذلك" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند العاشر (الجزء الأول)). يكشف الله أن طبيعة أضداد المسيح مراوغة ومخادعة بوضوح. إنهم يراقبون جميع الأشياء والأفراد من منظورهم الخاص، ويتعاملون مع المشكلات بتشكك. إنهم لا يؤمنون بسيادة الله ولا بتمحيصه لجميع الأشياء، ولا بأن شخصية الله بارّة. لذا عندما يرون أمرًا يلحق الضرر بعمل الكنيسة، يسعون دائمًا إلى حماية أنفسهم ومصالحهم الشخصية، ولا يمارسون الحق إطلاقًا. إنهم يخشون أنهم إن لم يتصرفوا بحذر ويحموا أنفسهم، فإنهم سيتعرضوا للقمع والعقاب، تفكّرت بأنني تصرفت تمامًا كعدو للمسيح. لم أؤمن ببرّ الله، ولا بأن الحقّ والبرّ يحكمان في بيت الله. رأيت أن المشرفة لم تقم بعمل فعلي، لكن دائمًا ما أفرطت في الحذر ولم أجرؤ على الإبلاغ عنها. حتى عندما استجمعت شجاعتي أخيرًا لكتابة تقرير، لأنني لم أتمتع بفهم حقيقيّ لبر الله، عندما رأيت أن القائد لم يستجب بعد بضعة أيام، صرت متشككًا وأكثر حذرًا. خشيت ألا يتعامل القائد مع العامل الكاذب، وأنني قد أُطرد كشرير يستغل نقاط ضعف الآخرين. كنت مخادعًا حقًّا! لم يكن لديَّ أيّ إيمان بالله. ألم أكن أنكر بر الله وسيادته على جميع الأشياء؟ كنت أنظر إلى قدرة الله على تدبير جميع الأشياء من منظور الكافر، وكنت متشككًا ومتحفظًا تجاه قادة الكنيسة. كنت أعتقد أن الكنيسة غير عادلة وغير بارّة تمامًا كالعالم الخارجي. كيف يعدّ هذا إيمانًا بالله؟ ألم يكن مجرّد افتراء وتجديف على الله؟
عندئذ، تأملت كلام الله، "هل يميل الحق لتفضيل أشخاص بعينهم؟ هل يمكن للحق أن يعارض أُناسًا عمدًا؟ إذا كنت تسعى في أثر الحق، فهل يمكنه أن يغمرك؟ إذا كنت تقف راسخًا من أجل العدالة، فهل ستطرحك أرضًا؟ إذا كان طموحك حقًا هو في السعي للحياة، فهل يمكن للحياة أن تُضللك؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اختبارات بطرس: معرفته بالتوبيخ والدينونة). "كيف يمكن أن يلعن الله مَنْ يسعى إليه بصدق؟ كيف يمكن أن يلعن الله مَنْ يتمتع بتفكير سديد وضمير مرهف؟ كيف يمكن أن تلتهم نيران غضب الله شخصاً يعبده ويخدمه بإخلاص؟ كيف يُطرد من بيت الله شخصٌ يسعد بطاعة الله؟ كيف يُخلّد في عقاب الله شخصٌ لم يجد ما يكفي من الحب ليقدمه لله؟ كيف يُترك بلا شيء شخص يسعده أن يتخلى عن كل شيء من أجل الله؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أن تكون شخصيتك غير متغيرة يعني أنك في عداوة مع الله). نعم، إن جوهر الله بارّ وأمين. ويعبّر الله عن الحقائق ليمارسها الإنسان ويعيش بموجبها. إن السعي وراء الحق وممارسته وحماية عمل الكنيسة هي بالطبع أمور إيجابية، وتنال موافقة الله. وعلى وجه التحديد، فالإبلاغ عن أضداد المسيح والأشرار والقادة والعمال الكذبة، وكشفهم، ينال رضا الله، ويعدّ عملًا صالحًا وعادلًا. تأمَّل هذا: هل حدث يومًا وطُرد شخص عادل يمارس الحق من الكنيسة؟ هل سبق ورأيت شخصًا يتحرى الحق ويحبه يطرده الله أو يتخلى عنه؟ على النقيض من ذلك، فالذين يمارسون الحق لا يتعرّضون لأي قمع أو نبذ فحسب، بل إنهم يحصلون على الحماية، ويحظون بقبول إخوانهم، واحترامهم. وحتى إن قمع أضداد المسيح والأشرار عددًا قليلًا منهم وعاقبوهم بسبب ممارستهم الحق، فهذا لن يستمر طويلًا، وسيُكشف جميع هؤلاء الأشرار وأضداد المسيح، وسيُطردون أو يُخرجون من الكنيسة. علاوة على ذلك، فإن من تعرّضوا للقمع على يد الأشرار وأضداد المسيح سيحققون مكاسب حقيقية من صلاتهم لله وتحريهم الحق. ولن يكتسب هؤلاء حظوة على الأشرار وأضداد المسيح فحسب، بل سينالون أيضًا بعض الفهم وتجربة سيادة الله القدير. هذه الأمور تكشِف تمامًا عن شخصية الله البارة، وأن الحق والبر يحكمان في بيت الله. في بيت الله، وحدهم أضداد المسيح ومَن يضمرون الشر سيُطردون من الكنيسة أو يُنبذون منها. إن إبلاغي عن مشكلة المشرفة لم ينطوِ على أية نية سيئة، ولم يهدف أيضًا إلى استغلال نقاط ضعفها عمدًا، بل إلى الحفاظ على عمل الكنيسة. كنت أبلغ عن حقائق موضوعية فحسب، ولم أحاول تصيّد أخطائها. كانت تصرفاتي لصالح المشرفة وعمل الكنيسة على حد سواء، وليست لإلحاق الأذى بأي منهما. ولو أنها بالفعل شخص يمكنه تحري الحق وقبوله، لاستفادت من مسألة الإبلاغ عنها لتأمل نفسها وتعلّم درس. ولساعدها هذا الموقف على معرفة المزيد عن أوجه قصورها وفسادها، ولعززت دخولها الحياة. وإذا كرهتني بسبب ذلك، أو عمدت إلى قمعي أو فصلي من دون سابق إنذار، لكشف هذا بوضوح تام أنها لا تحب الحق ولا تقبله، وأنها غير مناسبة للتنمية أو لتقلد منصب مهم. عند إدراك ذلك، ابتهج قلبي بقوّة ولم أعد أشعر بالضيق. إن الإبلاغ عن القادة والعمال الكاذبين الذين لا يقومون بعمل حقيقي هو مسؤوليتي، وما ينبغي فعله. ومهما كانت العواقب، فلن أندم على ذلك إطلاقًا.
في ذلك المساء، وردت رسالة من القائد تفيد بأن المشرفة فُصلت من عملها. كانت رسالة القائد مؤثّرة حقًّا. إن الحق والبر يحكمان حقًّا في بيت الله. حمدت الله وشكرته من أعماق قلبي! من خلال هذه التجربة، لم أفطن للقادة والعمال الكاذبين فحسب، بل أصبحت أدرك مدى خداع طبيعتي البشرية، واكتسبت بعض المعرفة لشخصية الله البارة. وكل هذا بفضل الله! مهما يكن ما سأواجهه في المستقبل، فأنا مستعد لمراعاة مشيئة الله، وممارسة الحق، وحماية عمل الكنيسة، والوفاء بمسؤولياتي وواجباتي. الشكر لله!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.