الألم الناجم عن اختلاق الأكاذيب

2023 يونيو 10

في أكتوبر 2019، قَبلتُ عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. رأيت أن الإخوة والأخوات في الاجتماعات قادرين على عقد شركة حول اختباراتهم وفهمهم. لقد تمكّنوا من الانفتاح على كل فسادهم وأوجه قصورهم دون أي تَحَفُّظٍ، وكنتُ أشعر بالغَيْرة الشديدة. كنتُ أرغب أيضًا في أن أكون شخصًا صادقًا وأن أنفتح ببساطة كما فعلوا، لكن عندما تطرَّق الأمر إلى ذلك بالفعل، لم أتمكّن من الحديث بصدقٍ. في ذات مرّة، سألني إخوتي وأخواتي: "أنت شاب، أمازلتَ طالبًا؟" الحقيقة أنني لم أكن طالبًا لفترة طويلة، وكنتُ أطهو وأقوم بالتنظيف في مطعم، لكنني كنتُ أخشى أن يحتقرني الآخرون إنْ علموا بهذا، لذا أخبرتهم أنني مازلتُ طالبًا. لم أفكر بالأمر كثيرًا بمجرد أن قلتها وواصلت المُضيّ قُدُمًا فحسب. ذات يومٍ، رأيتُ مقطعًا من كلام الله في فيديو شهادة جعلني أتأمل في نفسي. "عليكم أن تعرفوا أن الله يحب الإنسان الصادق. لدى الله جوهر الأمانة، وهكذا يمكن دائمًا الوثوق بكلمته. فضلاً عن ذلك، فإن أفعاله لا تشوبها شائبة ولا يرقى إليها شك. لهذا، يحب الله أولئك الذين هم صادقون معه صدقًا مطلقًا. يعني الصدق أن تهب قلبك لله، وألا تكذب عليه أبدًا في أي شيء، وأن تنفتح عليه في كل شيء، وألَّا تخفي الحق، وألَّا تقوم أبدًا بتصرّفاتٍ تخدع الذين هم أعلى منك وتضلِّل الذين هم أقل منك، وألَّا تقوم أبدًا بتصرّفاتٍ الهدف منها هو التودُّد إلى الله فحسب. باختصار، حتى تكون صادقًا، كن طاهرًا في أفعالك وأقوالك وعن خداع الله أو الإنسان" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الإنذارات الثلاثة). بعد قراءة كلام الله، فهمتُ أن الله يحب الصادقين، وأن الصادقين يمكنهم ببساطةٍ الانفتاح على الله، وأنهم واضحون فيما يفعلونه ويقولونه، وهم لا يحاولون خداع الله أو الآخرين. لكن بالنسبة لي، حينما سألني الآخرون: "أمازلتَ طالبًا؟" لم أستطع حتى قول الحقيقة لأنني كنتُ خائفًا من أن يزدروني، ناهيك عن أن أكون شخصًا صادقًا أمام الله. لم أكن صادقًا على الإطلاق. لذا أردت الاعتراف للآخرين، لكنني كنت أخشى من أن يسخروا مني، ومع ذلك، أشعرني عزوفي عن التحدث صراحةً بعدم ارتياح شديد. لذا صليّت إلى الله، أطلب منه مساعدتي على ممارسة قول الحقّ وأن أكون شخصًا صادقًا. في اجتماع لاحق، بُحْتُ بمَكْنون صدري عن فسادي وكشفت أكاذيبي وخداعي. لم يقتصر الأمر على عدم احتقار الآخرين لي، بل أرسلوا لي رسالة مفادها أن تجربتي كانت جيدة. هذا منحني مزيدًا من الثقة لأكون شخصًا صادقًا. وعلى الرغم أنني مارست أن أكون شخصًا صادقًا وأقول الحقيقة في هذه المناسبة، كنتُ لا أزال غير مُدركٍ لشخصيتي الشيطانية، وعندما تعلّق الأمر بالأشياء التي تؤثر على سُمْعتي ومصالحي، لم يسعني إلا أن أكشف عن شخصيتي الخادعة لإخفاء نفسي.

اُختِرتُ لاحقًا لأكون واعظًا وكنتُ مسؤولًا عن عمل ثلاث كنائس. خلال اجتماع زملاء العمل، أراد أحد القادة معرفة تفاصيل كيفية سقاية الوافدين الجُدُد في كل كنيسة، ولماذا لم يُدعَم بعض الوافدين الجُدُد بشكلٍ صحيحٍ. بدأت أشعر بالارتباك بعض الشيء، لأنني كنتُ على علم فقط بما يحدث في كنيسة واحدة وليس في الكنيستين الأخريين. إذن ماذا كان من المفترض أن أقوله؟ إن قلتُ الحقيقة، فماذا سيظن بي الجميع؟ هل سيتساءلون عمّا إذا كان إمكاني أن أكون واعظًا إنْ لم أتمكّن حتى من فهم هذا جيدًا؟ أم سيقولون إنني لم أؤدِ عملًا حقيقيًّا وأنني عاجز عن أداء هذا الواجب؟ سيكون من المُحرِج للغاية إن نُقِلتُ أو أُعْفِيت من منصبي. أردت الهروب فحسب، لكن إن أنهيت عملي مبكرًا، سيُدرك الجميع أنني خائف من اكتشافهم أنني لا أؤدي عملًا حقيقيًّا. لذا لم يكن لديّ خيار سوى البقاء والاستماع كما تحدّث الوعَّاظ الآخرون عن العمل الذي كانوا منوطين به. كنتُ مثل قطة على صفيح ساخن ولم أدرِ ماذا أفعل. عندما نادى القائد اسمي، كنتُ متوترًا للغاية وتظاهرت وكأنني لم أسمعه: "ماذا قلتَ؟" قال القائد: "كنا نتحدث عن سقاية الوافدين الجُدُد، أتمانع إن أخبرتنا بشأن وافدينك الجُدُد؟" شعرت وكأن قلبي يكاد ينفجر من صدري. لم يكن لدي خيار سوى التحدث عن الكنيسة التي كنتُ أعلم بشأنها أولًا، لكنني لم أرغب في التحدث عن الكنيستين الأخريين. ومع ذلك، كنتُ أخشى أن يعرف الجميع أنني لم أنجز أعمال المتابعة، لذا تحمَّلت الوضع على مَضضٍ وكذبت: "هناك الكثير من الوافدين الجُدُد في الكنيسة الثانية لم يتلقوا الدعم الكافي، ولا يمكننا الوصول إليهم بسبب الجائحة. لستُ على يقينٍ بشأن الوضع في الكنيسة الثالثة لأنني كنتُ أتابع سير العمل في الكنيستين الأخريين طوال الوقت". شعرت بعدم ارتياح شديد لقول ذلك، وارتعبتُ من أن يُدرك الجميع كذبتي، والذي كان سيكون أكثر إذلالًا. ساورني شعور بالتوتر طوال الاجتماع ولم أتمكّن من تنفُّس الصُّعَداء إلا بعد انتهاء الاجتماع. فوجئت بالقائد يتصل بي ويسألني: "بشأن أولئك الوافدين الجُدُد الذين لم يتلقوا الدعم الكافي بسبب الجائحة، هل طلبتَ من طاقم عاملي السقاية الاتصال بهم، وافتقادهم؟" شعرتُ بالارتباك من سؤال القائد. لم أكن أعرف تفاصيل الوضع. إن أخبرته بالحقيقة، ألن يُدرك القائد أنني كنتُ أكذب؟ لقد عجزتُ عن قول إنني لا أدري. لذا واصلت الكذب: "لقد تحدثت إليهم بشأن ذلك الأمر، لكن بعض الوافدين الجُدُد لا يجيبون على هواتفهم". ثم سألني القائد: "أيّ وافدين جُدُد؟" قلتُ في نفسي: "هل يواصل القائد استجوابي لأنه اكتشف أنني كذبت؟" فأجبت على عَجَلٍ: "أعتقد أنهم بعض أولئك الذين قَبِلوا للتوّ عمل الله". قال القائد وهو يرى أنني لا أستطيع الشرح بوضوح: "حسنًا، عندما تقف على حقيقة الأمر، أعلِمني". عندما أنهيت المكالمة، أحسست بشعور عميق بالذنب. لقد كذبتُ وخدعت مرة أخرى. لذلك تعيّن عليك استخدام سلسلة كاملة من الأكاذيب للتغطية على الكذبة الأولى. يا لها من مشكلة تغطية أكاذيب بأكاذيب أخرى. بمعاودة التفكير في الاجتماع، قال أحد الوعَّاظ إنه لم يتحقق بعد من واحدة من الكنائس الثلاث التي كان مسؤولًا عنها. كان قادرًا على قول الحقيقة، فلماذا أعجز عن قول كلمة واحدة صادقة؟ لا يمكن للأكاذيب والخداع وإضفاء المظهر الزائف إخفاء الحقيقة. يُمحِّص الله كل شيء وعاجلًا أم آجلًا سأُكشَف وينفضح أمري، فصلّيت إلى الله: "يا الله، في اجتماع اليوم، عندما كان القائد يستفسر عن العمل، لم أخبره بالحقيقة وكذبت بدلًا من ذلك. كنتُ أخشى أن يحتقرني الجميع إن علموا أنني لم أؤدِ عملًا حقيقيًّا. يا الله، أرجوك أرشدني لأعرف نفسي وأتخلص من شخصيتي الفاسدة".

لاحقًا قرأتُ مقطعًا من كلام الله: يقول الله القدير، "يقول الناس في حياتهم اليومية الكثير مما لا طائل من ورائه وغير صحيح وجاهل وغبي ويمتلئ بالتبريرات. في الأصل، يقولون هذه الأشياء من أجل كبريائهم، لإرضاء غرورهم. إن نطقهم بهذه الأكاذيب يفيض من شخصياتهم الفاسدة. سيُطهّر علاج هذا الفساد قلبك، وبذلك يجعلك دومًأ أكثر نقاءً، وأكثر صدقًا. في الواقع، يعرف الناس جميعًا سبب نطقهم بالأكاذيب: إنه من أجل مصالحهم، وحفظ ماء وجوههم، وغرورهم ومكانتهم. وعندما يقارنون أنفسهم بالآخرين، يعطون أنفسهم أهمية تفوق أهميتهم. كنتيجة لذلك، يَكشِف الآخرون أكاذيبهم ويُعرُّونها، ما يؤدي، عوضًا عن ذلك، إلى فقدان ماء الوجه، وفقدان وضعهم، وفقدان كرامتهم. هذا نتيجة الكثير من الأكاذيب. عندما تكذب كثيرًا، فإن كل كلمة تقولها تكون ملوثة. كلها كاذبة، ولا يمكن أن يكون أي منها صحيحًا أو واقعيًا. مع أنك قد لا تفقد ماء وجهك حينما تكذب، فإنك تشعر بالفعل بالخزي بداخلك. ستشعر أن ضميرك يلومك، وسوف تحتقر نفسك وتزدري ذاتك؛ "لماذا أعيش حياة مثيرة للشفقة جدًا؟ أمن الصعب حقًا قول شيء واحد صادق؟ هل أحتاج إلى قول هذه الأكاذيب لحفظ ماء وجهي فحسب؟ لماذا من المتعب جدًا العيش بهذه الطريقة؟" يمكنك العيش بطريقة غير متعِبة. إذا كنتَ تمارِس أن تكون شخصًا صادقًا، فيمكنك أن تعيش بسهولة وحرية، ولكن عندما تختار أن تكذب من أجل حفظ ماء وجهك وغرورك، تكون حياتك مُتعِبة ومؤلمة جدًا، ما يعني أن هذا الألم تجلبه أنت لنفسك. أي ماء وجه تربح من الكذب؟ إنه خواء، شيء لا قيمة له على الإطلاق. عندما تكذب، فأنت تخون شخصيتك وكرامتك. هذه الأكاذيب تكلِّف الناس كرامتهم، وتكلّفهم وضعهم، ويجدهم الله مُقتاء وبُغَضاء. أيستحق الأمر ذلك؟ لا على الإطلاق. هل هذا هو الطريق الحق؟ لا. إن الذين يكذبون كثيراً يعيشون محصورين في شخصياتهم الشيطانية وتحت هيمنة الشيطان، وليس في النور أو في حضرة الله. أنت تحتاج غالبًا إلى التفكير كيف تكذب، وبعد أن تكذب، تحتاج إلى التفكير كيف تتستر على ذلك، وإذا لم تتقن التستر عليه بدرجة كافية فستنكشف الكذبة، ولذلك تحتاج إلى أن تجهد عقلك لكي تتستر عليها. أليست هذه طريقة متعبة للعيش؟ إنها متعبة للغاية. هل يستحق الأمر كل هذا العناء؟ لا، مطلقًا. ما الفائدة من إجهاد عقلك كي تكذب وتتستر على كذبك من أجل الغرور والمكانة فحسب؟ وفي نهاية المطاف تفكر في الأمر وتقول لنفسك: "لماذا أورط نفسي في هذا؟ من المتعب جدًا أن أكذب وأتستر على كذبي. لن ينجح القيام بالأمور على هذا النحو. من الأسهل أن أكون إنسانًأ صادقًا". أنت تريد أن تكون شخصًا صادقًأ، ولكنك لا يمكنك التخلي عن كرامتك وغرورك ومصالحك. لا يمكنك سوى أن تكذب وتستخدم الأكاذيب للدفاع عن هذه الأشياء. ... لعلك تعتقد أن استخدام الأكاذيب يمكن أن يحمي سمعتك المرغوبة ومكانتك وغرورك، لكن هذا خطأ كبير. لا تفشل الأكاذيب في حماية غرورك وكرامتك الشخصية فحسب، بل الأكثر خطورة أنها تتسبَّب أيضًا في إضاعة فرَص ممارسة الحقِّ وأن تكون شخصًا صادقًا. حتى إذا كنت تدافِع عن سمعتك وغرورك في ذلك الوقت، فإن ما تخسره هو الحق، وتخون الله، ما يعني أنك تفقد تمامًا فرصة ربح خلاص الله وتكميله لك. هذه أكبر خسارة وندَم أبدي. المخادِعون لا يرون هذا بوضوح أبدًا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن للمرء أن يحيا كإنسان حقيقي إلا بالصدق). كشف كلام الله حالتي. لقد أراد القائد معرفة وضع السقاية في كل كنيسة، والذي كان من الواضح أنها مسألة بسيطة وكان من الممكن أن تسير الأمور على ما يرام بقول الحقيقة فحسب، لكن لم يكن هناك شيء أصعب من ذلك بالنسبة لي. كنتُ مليئًا بالمخاوف وكنتُ أخشى أنه بعد أن اكتشف القائد والوُعَّاظ الآخرون الحقيقة، سينظرون إليَّ باحتقار، ويقولون إنني لم أؤدِ عملًا حقيقيًّا ولم أتمكّن حتى من التعامل مع هذه المسألة التافهة. وإن أُعفيتُ من منصبي، سيكون أمرًا مهينًا. لحماية سُمْعتي ومكانتي وانطباع الآخرين الطيب الذي كوّنوه عني، كذبت بشأن تفقدي للكنيستين، عندما لم يكن لديّ سوى فهم واضح عن الكنيسة الأولى. حتى أنني تطرَّقت إلى تفاصيل الكنيسة الثانية، وقلت إن الوافدين الجُدُد لم يُدعَموا بسبب الجائحة. ألم تكن هذه مجرد كذبة وقحة؟ حينما سألني القائد عمّا إذا كنتُ طلبتُ من طاقم عاملي السقاية الاتصال بالوافدين الجُدُد، كنتُ أخشى أن يكتشف القائد الكذبة التي قلتها للتو، لذا اختلقت كذبة ثانية لتغطية الكذبة الأولى واختلقت عُذرًا لخداعه. لحماية اسمي ومكانتي استخدمت كذبة للتغطية على أخرى. كنتُ مخادعًا حقًا! فكرت في الحوار المُسجَّل بين الله والشيطان في الكتاب المقدس. سأل الله الشيطان من أين أتى، فأجابه الشيطان: "مِنَ ٱلْجَوَلَانِ فِي ٱلْأَرْضِ، وَمِنَ ٱلتَّمَشِّي فِيهَا" (أيوب 1: 7). إنّ الشيطان ماكر للغاية. لم يُجب الشيطان على سؤال الله مباشرة وتحدّث بطريقة ملتفة وملتوية. من المستحيل القول من أين أتى الشيطان. إن فمه مليء بالأكاذيب ولا يتحدث بصدقٍ أبدًا، وهو يتحدث دائمًا بشكل مريب وغامضٍ. ألم أكن مثل الشيطان إبليس بكذبي وخداعي؟ ومع أنني أجبت على العمل الذي أراد القائد معرفته، إلّا أنها كانت كلها أكاذيب وخداع. بعد الاستماع إلى إجابتي، كان القائد لا يزال على غير علم بالحالة الدقيقة لأعمال السقاية التي كنتُ منوطًا بها، ولم يتمكّن من الحكم على ما إذا كنتُ أتابع بشكل صحيح. في واقع الأمر، مثل هذه الأكاذيب والخداع حافظت مؤقتًا على سُمْعتي ومكانتي، لكن ما فقدته حقًا هو شخصيتي وكرامتي وثقة الآخرين. إذا واصلت على هذا المنوال، سيدرك الجميع عاجلًا أم آجلًا أنني شخص غير صادق وغير جدير بالثقة. لن يصدقني أحد، وفضْلًا عن ذلك، لن يثق بي الله. ألن أكون بعد ذلك عديم الشخصية والكرامة تمامًا؟ ألن يكون هذا غباء مني؟

لاحقًا، قرأتُ مقطعًا من كلام الله: "إن طلب الله من الناس أن يكونوا صادقين يبرهن على أنه يمقت حقًا أولئك الذين هم مخادعون، وأنه لا يحب المخادعين. إن كراهية الله للأشخاص المخادعين هي كراهية لطريقتهم في فعل الأشياء، وشخصياتهم، ودوافعهم، وأساليب خداعهم؛ فالله يبغض هذه الأمور جميعًا. إنْ استطاع الأشخاص المخادعون قبول الحق، وأقرّوا بشخصياتهم المخادعة، وكانوا على استعداد لقبول خلاص الله، فسيكون لديهم أيضًا أمل بالخلاص؛ لأن الله يعامل الناس جميعًا على قدم المساواة، كما أن الحق يساوي بين الناس قاطبةً في المعاملة؛ وبالتالي، إذا ما رغبنا في أن نصبح أولئك الذين يحبهم الله، فإن أول شيء يتعيَّن علينا فعله هو تغيير مبادئ وجودنا: فلا يعود بإمكاننا العيش وفقًا لفلسفات الشيطان، ولا المضي في اعتماد الأكاذيب والخداع، بل لا بدّ لنا من التخلّي عن الأكاذيب وأن نصبح صادقين، وبهذه الطريقة تتغيَّر نظرة الله إلينا. كان الناس في السابق يعتمدون دومًا على الأكاذيب والادعاء الكاذب والاحتيال للعيش بين الناس، وكانوا يستخدمون فلسفات شيطانية باعتبارها الأساس الوجودي والحياة والقاعدة التي يبنون عليها تصرفاتهم. كان هذا النهج موضع مقت من الله. إذا تحدَّثت بصراحة بين صفوف غير المؤمنين، وقلت الحق، وكنت شخصًا صادقًا، فستتعرَّض للافتراء والإدانة والنبذ؛ ولذلك تتبع التوجُّهات الدنيوية، وتعيش بحسب الفلسفات الشيطانية، وتغدو شيئًا فشيئًا أكثر مهارة في الكذب والخداع. وتتعلَّم أيضًا استخدام الوسائل الخبيثة لتحقيق أهدافك وحماية نفسك، كما تصبح أكثر فأكثر ازدهارًا في عالم الشيطان، ونتيجةً لذلك فإنك تغرق في أعماق الخطيَّة إلى أن تعجز عن تخليص نفسك. أما في بيت الله، فالأمور على العكس من ذلك تمامًا. فكلما ازددت كذبًا واحتيالًا، ازداد سأم شعب الله المختار منك ونبذهم لك. وإذا رفضت أن تتوب، وظللت متمسكًا بفلسفات الشيطان ومنطقه، واستخدمت المؤامرات والمكائد المحكمة لتمويه نفسك والتستر خلفها، فمن المرجح جدًا أن تنكشف وتُطرد؛ ذلك لأن الله يبغض المخادعين، ولا يزدهر في بيت الله سوى الصادقين الأمناء، أما المخادعون فسيكون مآلهم إلى الطرد والنبذ. هذا كله قد سبق الله أن قدَّره. لا نصيب في ملكوت السماوات إلا للصادقين، وبالتالي فإنك إن لم تَسْعَ لأن تكون إنسانًا صادقًا، ولم تختبر وتمارس في اتجاه اتباع الحق، ولم تكشف قبحك وتُظهر وجهك الحقيقي، فلن تستطيع أبدًا تلقي عمل الروح القدس والفوز برضاء الله" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. أكثر ممارسة جوهرية يمارسها الشخص الأمين). أدركت بالتفكير في كلام الله، أن الله لا يحب المخادعين وهو لا يُخلِّصهم. هذا لأنهم ينتمون إلى الشيطان. يستخدم المخادعون الغدر والحيل في كل الأمور التي يفعلونها ويتكلمون دون صدقٍ وكل ذلك لحماية سُمْعتهم ومكانتهم ومصالحهم. إنّ نيّاَت التي يُضْمرها هؤلاء الناس والطرق التي يستخدمونها بغيضة ومثيرة للاشمئزاز عند الله. ومع أنني آمنت بالله، لم أربح أي حق ومازلت أعيش بفلسفات شيطانية مثل: "اللَّهم نفسي، وليبحث كل امرىء عن مصلحته فقط،" و"كما تعيش الشجرة للحائها، يعيش المرء لكرامته". لقد ترسّخت هذه الفلسفات الشيطانية بالفعل في قلبي، وأضلَّتني وأفسدتني ودفعتني إلى أن أسلك طريق السعي وراء السُّمعة والمكانة. ظننت أن الناس يجب أن يعيشوا لأنفسهم وأن يتميّزوا عن الآخرين ويكتسبوا الصِّيت والربح، وعندها فقط لن يُنَظر للشخص بازدراءٍ. ظننتُ إذا لم يقل أحدهم إلا الحقيقة دائمًا ولم يكذب قطّ، فهذا الشخص أحمق وعديم الفائدة. وبسبب هذا، كنتُ أخدع دائمًا وأنسج شبكة من الأكاذيب من أجل مصالحي الخاصة، وأصبحت أكثر وأكثر خداعًا وتزييفًا وافتقرت للشبه الإنسانيّ الطبيعيّ. اعتبرت أن السُّمعة والمكانة أكثر أهمية من الحقّ، وكنتُ على استعداد للكذب ومخالفة الحقّ لحماية سُمعتي ومكانتي. إنّ الشيطان كاذب، وحينما أكذب وأخدع هكذا، ألستُ أحذو حَذْوه؟ في هذا العالم الشرير، لا يفي بالغرض أن تكون شخصًا صادقًا وصريحًا. لكن الأمر عكس ذلك تمامًا في بيت الله. البرُّ والحقّ يسودان في بيت الله، وكلما زاد الشخص في خداعه، زاد احتمال سقوطه، وفي نهاية المطاف، يكشف الله جميع المخادعين ويستبعدهم. يقول الله، "إذا أراد الناس أن يخلُصوا، فعليهم أن يبدأوا بالصدق" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. ستَّة مُؤشِّرات لنمو الحياة). "لا نصيب في ملكوت السماوات إلا للصادقين..." (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. أكثر ممارسة جوهرية يمارسها الشخص الأمين). الله قدُّوس، والدنسون لا يحقّ لهم دخول ملكوت السماوات. عندما أدركتُ هذا، شعرت أن شخصية الله المقدسة والبارَّة لا تتسامح مع الإساءة، ولقد ندمتُ أشد الندم لكذبي على إخوتي وأخواتي. كرهت نفسي حقًا ولم أرغب قطّ في الكذب أو الخداع مجددًا. كنتُ أرغب في ممارسة الحقّ، وأردت أن أكون شخصًا صادقًا وأتحدث بصدقٍ مع الجميع. أردتُ أن أنتزع الأكاذيب من فمي والخداع من قلبي، وبذلك أصبح مُستحِقًّا لرضا الله ودخول ملكوت السماوات.

قرأتُ مقطعًا من كلام الله خلال إحدى تعبُّداتي: "تغطي ممارسة الصدق جوانب عديدة. وهذا يعني أن معيار الصدق لا يتحقق فقط من خلال جانب واحد؛ فينبغي أن تكون بالمستوى المطلوب في كثير من النواحي قبل أن تكون صادقًا. يعتقد بعض الناس دائمًا أنهم بحاجة فقط إلى عدم الكذب ليكونوا صادقين. هل هذا الرأي صحيح؟ هل الصدق يتضمن عدم الكذب فقط؟ لا، فهو يرتبط أيضًا بعدة جوانب أخرى. أولًا، بصرف النظر عما تواجهه، سواء كان ذلك شيئًا رأيته بعينيك أو أخبرك به شخص آخر، وسواء كان ذلك هو التفاعل مع الناس أو حل مشكلة، وسواء كان ذلك هو الواجب الذي ينبغي أن تؤديه أو شيئًا ائتمنك الله عليه، فينبغي أن تتعامل معه دائمًا بقلب صادق. كيف يجب أن يمارس المرء التعامل مع الأمور بقلب صادق؟ قُل ما تعتقده وتحدث بصدق؛ لا تتكلم كلامًا فارغًا أو مصطلحات رسمية أو كلام الرياء، ولا تقل كلامًا كاذبًا منافقًا أو مرائيًا، بل تحدث بالكلام الذي في قلبك. هذا هو معنى أن يكون الشخص صادقًا. فالتعبير عن الأفكار والآراء الحقيقية الموجودة في قلبك هو ما يُفترض أن يفعله الصادقون. إذا لم تقل قط ما تعتقده، وكان الكلام يتفاقم في قلبك، وكان ما تقوله دائمًا يتعارض مع ما تعتقده، فهذا ليس ما يفعله الشخص الصادق" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن للمرء أن يحيا كإنسان حقيقي إلا بالصدق). لقد منحني كلام الله مسارًا للممارسة. سواء كان التفاعل مع الآخرين أو التعامل مع واجبي، لا بُدَّ أن أمتلك قلبًا صادقًا في نهجي. بما أنني لم أنجز أعمال المتابعة، يجب أن أكون صادقًا حيال ذلك. لا يجب أن أفكر فيما إذا كانت ستضرر سُمْعتي. ممارسة أن تكون شخصًا صادقًا أمر أساسيّ.

في الاجتماع التالي لزملاء العمل، أردت الأخذ بزمام المبادرة وكشف فسادي، لكن اعتراني القلق بشأن ما سيظنه الآخرون بي. أدركتُ أنني كنتُ أريد حماية سُمْعتي ومكانتي مجددًا، فتلوت صلاة صامتة إلى الله، وطلبتُ منه أن يرشدني ويمنحني القوّة، وأن يمنحني الشجاعة حتى أكشف عن فسادي. تذكّرتُ مقطعًا من كلام الله قرأته مسبقًا: "إن لم تمارس طبقًا لكلام الله، ولم تتفحص أسرارك وتحدياتك أبدًا، ولم تنفتح على الآخرين في الشركة، بحيث لا تشارك ولا تحلل ولا تسلط الضوء معهم على فسادك وعيوبك المهلكة، فلن تستطيع أن تنال الخلاص" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. أكثر ممارسة جوهرية يمارسها الشخص الأمين). أدركت أنه إذا لم أكن شخصًا صادقًا، وظللت أتستّر على فسادي وعيوبي، ولم أنفتح وأكشف أو أُشرِّح نفسي، فعندئذ لن أتخلص قطّ من شخصيتي الفاسدة ولن أنال الخلاص أبدًا. لذا تلوت صلاة أخرى إلى الله: "يا الله! أرجوك امنحني القوة حتى أتمكّن من الانفتاح ببساطة وأكون شخصًا صادقًا". بعد صلاتي، أخذت بزمام المبادرة لأعترف للآخرين: "لقد كذبتُ في الاجتماع الأخير حينما كان القائد يسأل عن سقاية الوافدين الجُدُد. الحقيقة أنني كنت أعلم عن كنيسة واحدة فحسب وليس عن الكنيستين الأخريين. كنتُ أخشى إن قلتُ الحقيقة، فستنظرون إليَّ باحتقارٍ، ولذلك كذبتُ وقلتُ إنني كنت أعلم بشأن الكنيستين. لقد خدعتكم جميعًا". بعد أن قلت هذا، لم يُدينني الآخرون ولم ينظروا إليَّ باحتقارٍ. على النقيض من ذلك، قالوا إنه من الجيد أنني تمكّنتُ من الانفتاح ببساطة وأن أكون شخصًا صادقًا. بعد ممارسةٍ كهذه، شعرت بمزيد من الاستقرار والراحة. إن واصلت إخفاء نفسي، لما كنتُ قد حققت هذه الإدراكات والأرباح.

لم يمض وقت طويل، حتى سألني أحد القيادات العليا: "ألديك حاليًا فهم لحالات قادة الكنيسة؟" شعرت بعدم الثقة بعض الشيء من هذا السؤال، لأنني لم أكن مُلِمًّا إلا بحالة قائد كنيسة واحدة، ولكن ليس عن حالة قائدي الكنيستين الأخريين. قلت لنفسي: "إذا قلتُ الحقيقة، هل سيقول القائد إنني لم أؤدِ عملًا حقيقيًّا؟". ولهذا أردت أن أقول إنني فهمت. ثم أدركت أنني أريد الكذب مجددًا، فتلوتُ صلاة إلى الله وقلتُ الحقيقة: "لا أعرف إلا حالة قائد كنيسة واحدة، ولكن ليس عن حالة قائدي الكنيستين الأخريين". عند هذا لم ينتقدني القائد وبدلًا من ذلك قدّم لي بعض الاقتراحات، قائلًا إنه يجب عليَّ الاتصال بشكل أكثر انتظامًا بحالات قادة الكنيسة، ومساعدتهم في حل الصعوبات التي يواجهونها على الفور، كما قدّم لي بعض الطرق لأتبعها. تعلّمت أنه كلما قلتُ الحقيقة، وأصبحت شخصًا صادقًا، وتجرأت على كشف فسادي وعيوبي، تمكّنت من الحصول على مزيد من مساعدة إخوتي وأخواتي وتحقيق مكاسب. لقد كذبت وخدعت في الماضي لحماية سُمْعتي ومكانتي، لكن بعد كل كذبة قلتُها، شعرت أن قلبي مُثقَل وأنبني ضميري، والأهم من ذلك، أنني فقدت شخصيتي وكرامتي. فهمت من خلال هذا الاختبار أن الصادقين محبوبون من الله والناس، وأنه كلما كنتَ صادقًا، ستكون علاقتك مع الآخرين أكثر انسجامًا، وصرت شخصًا أكثر هدوءًا وسِلْمًا. لن يقتصر الأمر فقط على عدم احتقار الآخرين لك، بل سيساعدك إخوتك وأخواتك بدلًا من ذلك. أن تكون شخصًا صادقًا هو أمر رائع حقًا. فقط من خلال كوننا أناسًا صادقين يمكننا أن ننال بركة الله وخلاصه وندخل ملكوت السماوات!

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

"احتجزني" والدي

في صيف عام 2020. حينذاك، أنا وشقيقتي ألبينا وقعت أعيننا بالصدفة على مقطع فيديو أعدته كنيسة الله القدير يدعى الاستيقاظ من الحلم. ذُكر في...

اترك رد