التحرر من الحسد
في بداية عام 2021، كنت أخدم كواعظ وتشاركت مع الأخ ماثيو رئاسة عمل الكنيسة. كنت مجرّد مبتدئ في هذا الواجب، وكان لا يزال يتعيّن علي فهم أمور كثيرة، لذا كنت آتي إليه غالبًا لطرح الأسئلة. آنئذ، كان ماثيو يخبرني غالبًا عن الشخصيات الفاسدة التي كان يعكسها في واجبه. مع مرور الوقت، صرت أنظر إليه باحتقار. كنت أعتقد أنني أقل فسادًا منه، وأن شراكتي معه لم تكن مفيدة بالنسبة لي. اعتقدت أنني كنت أفضل منه. حتى أنني فكرت: "كيف أصبح واعظًا قبلي؟ لطالما كنت قائده. ينبغي أن أكون أنا من يعلِّمه كيف يكون واعظًا، وليس العكس. لأنه أصبح واعظًا قبلي، يبجّله الجميع أكثر مني". لم أستطع تقبّل ذلك فحسب، وكنت أعرف أن في وسعي تقديم أداء أفضل منه. لكي أتفوّق عليه، كنت أقارن غالبًا بين عملي وعمله. وعلى سبيل المثال، عندما أخبرني ماثيو أن لا وقت كاف لديه لمتابعة جميع أعماله، فرحت لعلمي أن جميع الأعمال التي كنت مسؤولًا عنها ستُنجز في الوقت المحدد وهكذا، ستبجّلني القيادة العليا أكثر منه. لكن كم دهشت عندما أبلى ماثيو بلاء حسنًا في العمل الذي كان مسؤولًا عنه. ذات يوم، كلفنا القائد بتحديد بعض الأشخاص المؤهلين للتدريب ليصبحوا عمال سقاية. في غضون يومين فحسب، وجد ماثيو بالفعل ثلاثة مرشحين. أصابني الذعر وفكرت: "عليّ أن أنطلق فورًا. ينبغي عليّ أن أتوصّل إلى أرقام تطابق أرقامه على الأقل. وإلا، سينال ثناء أكثر مني". وعليه، استطعت إيجاد سبعة أشخاص في غضون ثلاثة أيام فقط. شعرت برضا بالغ لأنني حققت نتيجة أفضل من ماثيو. ولكن عندما أتى القائد ليسألني عن أحوال المرشحين، خلص إلى أنهم جميعًا غير مؤهّلين للخدمة كعمال سقاية. لقد عجزت عن فهم حالتهم الفعلية عندما حددتهم كمرشحين. ولكن جميع مرشحي ماثيو عُدّوا مناسبين وتبيّن أنهم يتمتعون بقامة وطبيعة بشرية صالحة، وأنهم يحبون الحق، ومستعدون لبذل أنفسهم في سبيل الله. إن أيام العمل الثلاثة تلك ذهبت كلها سدى وشعرت بإحباط شديد. بدأت أيضًا أشعر بالغيرة من ماثيو. لِم كان يحقق دائمًا مثل تلك النتائج الجيدة في واجبه؟ ولم لا أستطيع أنا فعل ذلك؟ كان يشارك كلام الله بحماس في مجموعاتنا، وحتى يتابع العمل الذي كنت مسؤولًا عنه. تعذّر إيجاد أي طريقة يمكنني من خلالها أن أتميّز عنه. طفح كيلي منه وبدأت أشعر بالكراهية تجاهه. لم كان يتعين علي أن أؤدي واجبي بالشراكة معه؟ لم أكن أريده أن يحظى بذلك القدر من الاهتمام وتمنيت ألا يحقق أي نتائج في عمله. ظللت أتنافس على الشهرة ولم أغيّر طرقي.
آنئذ، كنت أتولّى الإشراف على عمل الأخت أنايس، التي كانت قائدة كنيسة. كانت في حالة سيئة لأنها لم تكن تقدّم أداء جيّدًا في واجبها، فاضطرّني قائدي إلى مساعدتها وتقديم بعض الدعم لها. لكن عندما اتصلت بها، أخبرتني أنها طلبت بالفعل مساعدة ماثيو للسعي والدخول في شركة، وأن ماثيو شاركها كلام الله وساعدها على حل مسألتها. جعلني ذلك أشعر وكأن وظيفتي بلا فائدة. استأت جدًّا لأن ماثيو كان يتدخل في عملي. كنت مسؤولًا عن الإشراف على عمل قائدة الكنيسة تلك ولم أكن أريد أن يظنّ الآخرون أنني لم أكن أفي بواجبي وأحل المشاكل. كلما كنت أفكر في ذلك، كان غضبي يزداد وكنت أصبح أكثر تصميمًا على عدم الشراكة مع ماثيو. أردت أن أعمل لوحدي بحيث يمكنني أن أجتذب اهتمام الآخرين. بعدها، حاولت تجنب ماثيو أثناء أداء واجباتي. ذات مرة، طلب مني ماثيو أن نناقش مشكلة قد ندخل في شركة حولها خلال أحد الاجتماعات. اتصل بي وأرسل لي رسالة نصية في هذا الخصوص، لكنني تعمّدت تجاهله. لم أكن أرغب في مناقشة أي شيء معه. عندما كان يطرح عليّ أسئلة عن العمل، كنت أمتنع عن الإجابة في الوقت المناسب، وعندما كان يطلب مني الدخول في شركة خلال أحد الاجتماعات، كنت أتعمّد عدم الكلام وأبلغه بأن يجري الشركة لوحده. كنت أقول لنفسي: "في المحصّلة، طالما أنك هنا، لن أتمكن من جذب اهتمام الإخوة والأخوات. فما الفائدة إذًا من الدخول في شركة؟" خلال أحد الاجتماعات، سألني ماثيو عن رأيي بعد انتهائه من الشركة. كنت أعتقد أنه تحدّث بإفراط خلال الشركة وأنه قال كل ما أردت قوله، لذا كنت جدّ مستاء. فقلت له: "أنت تدخل في الشركة من خلال شخصية متكبّرة. لم تكشف طبيعتك الفاسدة، واكتفيت بإجراء مناقشة غامضة لشيء من فهمك. قدّمت إطارًا عامًّا للموضوع فحسب، لكن فشلت في مناقشة التفاصيل". كنت أعرف أن ما قلته لم يكن دقيقًا، لكن تعمّدت قوله. كنت أريد أن أكبح جماح حماسه فحسب، حتى لا يجيد في الكلام خلال الاجتماعات المستقبلية. عندما كان يبعث إلي برسائل لسؤالي عن حالي أو الاستفسار عن أمور أخرى، كنت أمتنع عن الرد. اعتقدت آنئذ أنه سيعلم أنني لا أريد أن أكون شريكًا له. حتى أنني أردت منه أن يتوقف عن إرسال رسائل لي. أردته أن يغادر فحسب وأن يمنحني فسحة للاستفادة من مواهبي. أردت أيضًا أن أتفرّغ مثله للقيام بواجبي، بحيث أنه كلما احتاج الإخوة إليّ، أكون جاهزًا لمساعدتهم. وهكذا سيُبجّلونني جميعًا. أردت ترك عملي الدنيوي والتفرّغ لأداء واجبي، لكن لم يكن في وسعي التخلي عن العمل لكسب قوتي وإعالة أسرتي. اعتراني شعور عميق بالاكتئاب لأنني لم أكن أستطيع التفرّغ لأداء واجبي مثل ماثيو. حتى أنني فكرت: "ربما يجدر بي أيضًا ترك العمل كواعظ. وهكذا لن أعود مضطرًّا إلى الشراكة مع ماثيو. لن أكون تحت تأثيره إذا انتقلت إلى العمل في واجب آخر، وسأتمكن من التميّز عنه". لكن عندما فكرت بالفعل في الاستقالة، اعتراني نوع من الشعور بالذنب ولم أعد أعرف ما الذي ينبغي فعله. صليت إلى الله، وطلبت منه أن يساعدني على فهم حالتي الراهنة.
فكرت في مقطع من كلام الله يقول: "تأتي الواجبات من الله. إنها المسؤولية والتكليف الذي يسلمه للإنسان. فكيف يجب أن يفهمها الإنسان إذن؟ "بما أن هذا واجبي وتكليف الله لي، فهو التزامي ومسؤوليتي. من الصواب أن أكون ملتزمًا بشرف قبوله. لا أستطيع رفضه. لا يمكنني الاختيار والمُفاضَلَة. ما يقع علي عاتقي هو بالتأكيد ما يجب عليّ فعله. لا يعني ذلك أنني غير مؤهل لاتخاذ قرار – بل هو أنني يجب ألّا أختار. هذا هو الشعور الذي يجب أن يمتلكه الكائن المخلوق" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). من خلال كلام الله، أدركت أن الله هو من ينيط بنا واجباتنا. لذا، عليّ التمسك بواجبي والوفاء بمسؤولياتي. لا يجدر بي التهرب من المسؤوليات أو التذمّر. كان عليّ مراعاة ذلك السبب المنطقي. ونظرًا إلى أن رغبتي الشديدة في التفوق على ماثيو لم تكن قد أشبعت، أردت أن أتخلّى عن واجبي. كان ذلك مؤلمًا جدًّا لله! لم أتعامل مع واجبي بوصفه يقع في نطاق مسؤولياتي، بل كوسيلة للتميّز، وكسب الاحترام والإعجاب. كنت أرغب في الاستقالة من وظيفتي والتفرّغ تمامًا لواجبي ليس من أجل إرضاء الله في أداء هذا الواجب، بل للتنافس مع شريكي على المكانة والتفوق عليه. عندما لم يكن في وسعي التفرّغ لأداء واجبي بسبب مخاوف عملية، أردت الانتقال إلى القيام بواجب آخر للحصول على فرصة للتميّز. بيّنت لي الوقائع أن أفعالي لم تكن تهدف كلها إلى أداء واجبي، بل أنني استخدمت واجبي كفرصة للتنافس على المكانة. يكره الله سلوكًا كهذا.
لاحقًا، وجدت بعضًا من كلام الله ذات الصلة. يقول الله القدير، "يا لقساوة الجنس البشري! جنس متواطئ ومخادع، ومتصادم بعضه مع بعض، جنس زاحف نحو السُلطة والثروة والتناحر – فمتى ينتهي هذا في يوم من الأيام؟ لقد نطق الله بمئات الآلاف من الكلمات، لكن أحدًا لم يعد إلى رشده. إنهم يتصرفون من أجل عائلاتهم وأبنائهم وبناتهم ووظائفهم وطموحاتهم ومكانتهم وإرضاءً لغرورهم وجمعًا للأموال ومن أجل الثياب والطعام والجسد. لكن هل يوجد أحد تكون أعماله حقاً من أجل الله؟ حتى أولئك الذين يعملون من أجل الله، هناك عدد قليل من بينهم مَنْ يعرفون الله؛ فكم من الناس مَنْ لا يعملون من أجل مصالحهم الشخصية؟ وكم من الناس لا يظلمون الناس ولا يميِّزون بينهم، من أجل حماية مركزهم؟ وهكذا، حُكم على الله بالموت كرهًا مرات لا تُعد ولا تُحصى، وقد أدان عددًا لا يحصى من القضاة البربريين الله مرات عدة وسمَّروه مرة أخرى على الصليب، كم من الناس يمكن أن نسمّيهم أبرارًا لأنهم يعملون حقًا من أجل الله؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. ينبغي أن يُعاقَب الشرير). "هناك من يخشون دائمًا أن يكون الآخرون أفضل منهم وأعلى منهم، وأن يلقى الآخرون التقدير بينما هم مُهملون. يؤدّي بهم هذا إلى التهجّم على الآخرين واستبعادهم. أليست هذه حالة من حالات الغيرة من أشخاص أكثر قدرةً منهم؟ أليس مثل هذا السلوك أنانيًا وخسيسًا؟ أي نوع من الشخصيات هذه؟ إنّها حقودة! لا تفكر إلا في مصالحها، وبإرضاء رغبات النفس فقط، وعدم مراعاة الآخرين، أو مصالح بيت الله – يملك هؤلاء الأشخاص شخصيةً سيئةً، ولا يحبّهم الله. إن كنتَ قادرًا فعلًا على مراعاة مشيئة الله، فستتمكّن من معاملة الآخرين بإنصاف. إذا أوصيت بشخصٍ جيد وسمحت له بالخضوع إلى التدريب وأداء واجب ما، مضيفًا بذلك شخصًا موهوبًا إلى بيت الله، ألن يكون عملك أسهل عندئذ؟ ألن تكون عندها قد ارتقيت إلى مستوى ولائك في هذا الواجب؟ هذا عمل صالح امام الله. إنه الحد الأدنى من الضمير والشعور الذي يجب أن يمتلكه القائد" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن كسب الحرية والتحرير إلّا بتخلص المرء من شخصيته الفاسدة). من خلال كلام الله، توصلت إلى فهم حالتي الراهنة. يقول الله، "هناك من يخشون دائمًا أن يكون الآخرون أفضل منهم وأعلى منهم، وأن يلقى الآخرون التقدير بينما هم مُهملون. يؤدّي بهم هذا إلى التهجّم على الآخرين واستبعادهم. أليست هذه حالة من حالات الغيرة من أشخاص أكثر قدرةً منهم؟ أليس مثل هذا السلوك أنانيًا وخسيسًا؟ أي نوع من الشخصيات هذه؟ إنّها حقودة!" كانت هذه الكلمات هي الحق، وكشفت عن حالتي الفعلية. عندما رأيت أن نتائج شريكي في واجبه كانت أفضل من نتائجي، وأنه كان متقدّمًا عليّ في حل مشاكل الإخوة والأخوات، شعرت أنه كان أفضل مني وأنني لن أتميّز عنه أبدًا في ذلك. لذا حسدته وأقصيته ولم أرِد أن أكون شريكًا له. تعمّدت تجاهل رسائله ولم أرد على مكالماته الهاتفية. وعندما دخل في شركة عن تجربته وفهمه، لم أتعاون معه للحفاظ على حياة الكنيسة، بل حاولت تصيّد أخطائه. حتى أنني تعمّدت أن أنعته بالمتكبّر وهاجمته بحيث يكون أقل حماسًا ويمتنع عن التميّز عني والتفوّق عليّ. كنت خبيثًا للغاية. كل مرة كنت أضطر فيها إلى أداء واجبي معه، كنت أشعر بعذاب شديد. لطالما أردت أن أتنافس معه ولم يكن في وسعي إطلاقًا الحفاظ على رباطة جأشي. إن قول الله ينطبق تمامًا على ذلك: "يا لقساوة الجنس البشري! جنس متواطئ ومخادع، ومتصادم بعضه مع بعض، جنس زاحف نحو السُلطة والثروة والتناحر – فمتى ينتهي هذا في يوم من الأيام؟" ولأن رغبتي في الوصول إلى الشهرة والمكانة لم تُشبع أبدًا، بدأت أكره شريكي. أردت أن أبتعد عنه وأتخلص منه فحسب، لأتمكن من العمل بمفردي. حتى أنني فكرت في الاستقالة من واجبي. أدركت كم أنني كنت خبيثًا وغير إنساني. كنت أشبَه بالوحوش البرية التي تطارد فرائسها، وكنت مستعدًّا للمنافسة واستخدم المخالب من أجل مصالحي الخاصة. لطالما كنت أراعي نفسي فحسب، وليس عمل الكنيسة. وحتى لو تعرّض عمل الكنيسة للتأخير، لم أكن لأقلق أو أهتم. كم كنت أنانيًّا وحقيرًا! فكرت أيضًا في سبب عدم تمكني من التشارك مع ماثيو ببساطة وتناغم. أدركت أن إيماني سلك طريقًا خاطئًا بسبب شخصيتي الشيطانية. إن لم أسعَ إلى الحق وأتخلص من شخصيتي الفاسدة، سأخسر عمل الروح القدس وأنحدر إلى الظلمة. صليت إلى الله عدة مرات، وطلبت منه أن يساعدني على فهم شخصيتي الفاسدة وحلّها.
بعدها، طالعت صدفة مقطعًا من كلام الله: "ما شعار أضداد المسيح بصرف النظر عن المجموعة التي ينتمون إليها؟ "يجب أن أتنافس! أتنافس! أتنافس! يجب أن أتنافس لأكون الأعلى والأقوى!" هذه هي شخصية أضداد المسيح. فأينما ذهبوا يتنافسون ويحاولون تحقيق أهدافهم. إنهم خدام الشيطان ويزعجون عمل الكنيسة. إن شخصية أضداد المسيح هكذا: يبدأون بالبحث في الكنيسة ليروا من آمن بالله لأعوام عديدة ولديه رأسمال، ومن لديه بعض المواهب أو المهارات الخاصة، ومن كان مفيدًا للإخوة والأخوات في دخولهم إلى الحياة، ومن يحظى بتقدير جيد، ومن يتمتع بالأقدمية، ومن يحظى بمكانة بين الإخوة والأخوات، ومن يتمتع بمزيد من الأشياء الإيجابية. فأولئك الناس هم منافسوهم. وباختصار، في كل مرَّة يكون فيها أضداد المسيح بين مجموعة من الناس، فإن هذا هو ما يفعلونه دائمًا: يتنافسون على المكانة، ويتنافسون على السمعة الجيدة، ويتنافسون على الكلمة الفصل في الأمور والسلطة النهائية لاتخاذ القرارات في المجموعة، ويشعرون بالسعادة بمجرد أن يربحوا هذه الأشياء. ... هذا هو مدى كبرياء شخصية أضداد المسيح وقبحها وعدم معقوليتها. ليس لديهم ضمير ولا عقل ولا حتى ذرَّة من الحق. يمكن للمرء أن يرى في أعمال أحد أضداد المسيح وأفعاله أن ما يفعله يفتقر إلى أي عقل يتمتع به الشخص العادي، ومع أنه يمكن للمرء أن يقدم شركة الحق معه، فإنه لا يقبله. ومهما كان ما تقوله صحيحًا، فإنه لا يقبله. فالشيء الوحيد الذي يرغب في السعي إليه هو السمعة والمكانة اللتين ينظر إليهما نظرة تبجيل. إنه يكون راضيًا ما دام يمكنه التمتع بفوائد المكانة. ويعتقد أن هذه هي قيمة وجوده. وبصرف النظر عن مجموعة الناس التي يكون بينها، عليه أن يُظهر للناس "النور" و"الدفء" اللذين يمنحهما، ومواهبه الخاصة وتفرده. ونظرًا لاعتقاده بالتميز، فإنه يعتقد بطبيعة الحال أنه ينبغي معاملته معاملة أفضل من الآخرين، وأنه ينبغي أن يتلقى دعم الناس وإعجابهم، وأن ينظر إليه الناس نظرة تقدير ويبجلوه. يعتقد أنه يستحق هذا كله. أليس هؤلاء الناس وقحين وصفيقين؟ ألا يتسبب وجود مثل هؤلاء الناس في الكنيسة في المتاعب؟" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الثالث)). من خلال كلمات الله، أصبحت مدركًا لخطورة أفعالي. تبيّن أنني خلال سعيي إلى الحصول على الشهرة والمكانة ونيل إعجاب الآخرين في واجبي، كنت أظهر شخصية ضد المسيح. عندما رأيت أن ماثيو يقدّم شركة منيرة عن الحق، وأنه يحقق نتائج في واجبه، وأن جميع الإخوة والأخوات يثنون عليه ويتوجّهون إليه بالأسئلة، حسدته. من أجل التفوّق عليه وكساب مكانة في قلوب الآخرين، فكرت حتى في الاستقالة من عملي للتفرّغ لواجبي بحيث أكون حاضرًا متى احتاجني أي شخص لحل مشاكله. وهكذا سيبجّلني الآخرون ولن يتمكن شريكي من تبوّأ مكانة خاصة في قلوبهم. كلّ مرة كنت أتشارك فيها الواجبات مع ماثيو، كنت أشعر أنني بمثابة ظل له وأنني عاجز عن التميّز عنه. لم يرُق لي كيف أنه كان ينال دائمًا إعجاب الإخوة والأخوات ويكسب ثناءهم حتى أنني وددت لو أنه لا يلقى أي جواب عند إرساله رسائل عبر مجموعة الدردشة. بسببه، لم يكن أي من الإخوة والأخوات يعرني اهتمامًا، لذا كرّست كل وقتي لمحاربته، على أمل التفوق عليه وجعل الإخوة والأخوات يعجبون بي ويعبدونني. كنت أتصرف هكذا في سعيي إلى الفوز بالشهرة والمكانة. وعندما لم أتمكن من تحقيق طموحي و إشباع رغبتي، ظننت أنني فقدت فرصة التميّز عن شريكي، وأردت أن أتخلى عن عملي كواعظ، معتقدًا أنني سأتمكّن من إحراز الشهرة في واجب مختلف. أدركت أن هوسي بالشهرة والمكانة كان خارجًا عن السيطرة. كنت تمامًا كضدّ المسيح في محبتي للشهرة والمكانة وكانت تلك الرغبة متجذرة في أعماقي، ومتأصلة في طبيعتي. أدركت أن الدرب الذي كنت أسلكه كان خطيرًا للغاية. إن شخصية الله غير قابلة للإساءة – إنه بارّ. إن لم أسعَ إلى إجراء تغيير، بل اكتفيت بالتركيز على التنافس من أجل الشهرة والمكانة دون أي تفكير في عمل الكنيسة، سيرفضني الله ويطردني. شعرت باشمئزاز بالغ من أفعالي ولم أعد أريد أن أتنافس مع شريكي على المكانة. صليت إلى الله، وطلبت منه أن يساعدني على التحرر من قيود شخصيتي الشيطانية وأغلالها.
بعدئذ، طالعت صدفة هذا المقطع من كلمات الله: "مهما كان الاتجاه أو الهدف من سعيك، إذا لم تفكر مليًّا في السعي وراء المكانة والهيبة، وإذا وجدت أنه من الصعب جدًا أن تطرح هذه الأمور جانبًا، فإنها ستؤثر على دخولك الحياة. ما دام للمكانة موضع في قلبك، فستتحكَّم تمامًا في اتجاه حياتك والأهداف التي تسعى إليها، وتؤثر فيها تأثيرًا كليًا، وفي هذه الحالة سيكون من الصعب جدًا عليك الدخول في واقع الحق، فضلًا عن أنك لن تستطيع تحقيق تغييرات في شخصيتك. ومن البديهي بالطبع أن تتمكن في النهاية من ربح استحسان الله. بالإضافة إلى ذلك، إذا لم تكن قادرًا أبدًا على طرح سعيك وراء المكانة جانبًا، فسيؤثر ذلك على قدرتك على أداء واجبك بطريقة مناسبة، مما سيصعِّب عليك أن تصبح مخلوقًا مقبولًا من الله. لماذا أقول هذا؟ الله لا يكره شيئًا أكثر من سعي الناس وراء المكانة، لأن السعي وراء المكانة هو شخصية شيطانية، وهو مسار خاطئ، شخصية مولودة من فساد الشيطان، وهي الشيء الذي يدينه الله ويطهِّره. لا يحتقر الله شيئًا أكثر من سعي الناس وراء المكانة، ومع ذلك فأنت ما زلت تتنافس بعناد شديد على المكانة، وتعتز بها وتحميها بلا كلل، وتحاول دائمًا أن تأخذها لنفسك. ألا يتعارض كل هذا في طبيعته مع الله؟ لم يأمر الله بالمكانة للناس. يمنح الله الناس الحق والطريق والحياة، وفي النهاية يجعلهم يصبحون مخلوقات مقبولة لله، مخلوقات صغيرة وغير مهمة – وليست شخصيات لها مكانة وهيبة ويوقرها الآلاف من الناس. وهكذا، بغض النظر عن المنظور الذي من خلاله يُنظر إلي السعي وراء المكانة، فإنه طريق مسدود. مهما كانت معقولية عذرك للسعي وراء المكانة، فإن هذا المسار لا يزال هو الطريق الخطأ، ولا يمتدحه الله. مهما كانت صعوبة المحاولة أو مقدار الثمن الذي تدفعه، إذا كنت ترغب في المكانة، فلن يمنحها الله لك؛ وإذا لم يمنحك الله إياها، فستفشل في القتال من أجل الحصول عليها، وإذا واصلت القتال، فلن تكون هناك سوى عاقبة واحدة: ستُكشف وستطُرد، وهو طريق مسدود" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الثالث)). من خلال كلام الله، رأيت أن سعيي المستمر لكسب المكانة لم يؤدِّ إلى إعاقة قدرتي على القيام بواجبي فحسب، بل حرمني أيضًا من أهليّتي ككائن مخلوق. لأنني كنت أسعى دائمًا إلى تحقيق المكانة، وأحاول التفوّق على ماثيو ونيل إعجاب الجميع، والتنافس بشكل مستمرّ، أصبحت أكثر خبثًا ومجرّدًا من أي طبيعة بشرية. رأيت كيف أن السعي إلى الشهرة والمكانة يمثّل الطريق الخاطئ، وكيف أنه بمثابة طريق للدمار ومعارضة الله. بالنظر إلى أنني كنت أعدّ نفسي مؤمنًا وكائنًا مخلوقًا، كان ينبغي أن أركز على السعي إلى الحقّ والامتناع عن النضال من أجل شيء عديم الفائدة مثل السعي إلى الشهرة والمكانة. عندها فقط يمكنني تجنب فعل الشر ومقاومة الله. لذا صليت إلى الله، قائلا: "يا إلهي! لقد توصّلت إلى معرفة طبيعتي الشيطانية. بسبب هوسي بالشهرة والمكانة، أشعر غالبًا بالغيرة من ماثيو ولا أريد أن أتشارك معه. إلهي! من الآن فصاعدًا، سأتوب إليك ولن أسعى إلى الشهرة والمكانة. سأسعى إلى الحق فحسب وسأؤدي واجبي بشكل جيد. أرجو أن ترشدني وتساعدني يا الله".
خلال عباداتي، طالعت صدفة هذا المقطع من كلام الله: "ما هي المبادئ التي تتصرّفون على أساسها؟ يجب أن تتصرّفوا بحسب مقامكم وتجدوا المقام الذي يلائمكم، وتؤدوا الواجب المفروض عليكم: هذا ما يفعله من لديه منطق. على سبيل المثال، ثمة أشخاص ماهرون في مهنة ويستطيعون استيعاب مبادئها، ويجب عليهم تحمُّل مسؤوليتها وأن يقوموا بالتحقق النهائي فيما يتعلّق بها. ثمة أشخاص قادرون على توفير أفكار وتبصّرات، ما يمكّن كل الباقين من البناء على أفكارهم وتأدية واجبهم بشكل أفضل، إذًا عليهم أن يوفّروا الأفكار. إن كنت تستطيع أن تجد المقام المناسب لنفسك وتعمل بانسجام مع إخوتك وأخواتك، فستتمّ واجبك وستتصرّف بحسب مقامك" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. المبادئ التي يجب أن يتحلّى بها المرء في تصرفه). قدّم لي كلام الله طريقًا للممارسة. فكّرت: "أنا شخص عادي لكن ينبغي أن أسعى لأصبح كائنًا مخلوقًا حقيقيًّا، لأثبت في مكاني وأعمل بانسجام مع الآخرين وأقوم بواجبي قدر المستطاع. هذا وحده الطريق الصحيح". فكرت كيف أنه عندما طلب الله من آدم تسمية الحيوانات، أقرّ الله الأسماء التي أتى بها آدم، ولم يخذل آدم أو يأتِ بأسماء من عنده ليبرز مدى تفوقه، بل قبل ما اختاره آدم. بيّن لي ذلك أن تواضع الله واحتجابه سمتان جديرتان بالمحبة حقًا. إن الله هو الكائن الأسمى، ورب جميع الخلائق، ومع ذلك يحتجب بتواضع. أما بالنسبة لي، فأنا مجرد كائن مخلوق عادي، لكن أردت دائمًا التباهي وكسب احترام الآخرين، حتى أنني حاولت قمع أولئك الذين حصلوا على نتائج جيدة في واجبهم من أجل تعزيز مكانتي وسمعتي. كنت متكبّرًا وغير عقلانيّ للغاية! شعرت بالأسف الشديد على ما فعلته، لذا تُبت إلى الله وصليت له، طالبًا منه أن يمنحني الشجاعة لكشف نفسي أمام شريكي.
لاحقًا، استجمعت شجاعتي واعتذرت من ماثيو، وكشفت شخصية ضد المسيح التي انعكست في سعيي إلى التنافس معه خلسة على الشهرة والمكانة. بعد التدرب على هذا الأسلوب، شعرت بأنني أكثر سلامًا. لاحقًا، وجد ماثيو بعضًا من كلام الله الذي يتعلق بحالتي والذي كان مفيدًا حقًّا بالنسبة لي. كنت ممتنًّا جدًّا لله! أقسمت لله أن أتصرف حسب ما يطلب. بعدها، أحجمت عن تجاهل رسائل شريكي وبدأت في إطلاعه بنشاط على حالة جميع المشاريع التي كنت مسؤولًا عنها، وأتحت له متابعة عملي والإشراف عليّ ومساعدتي. ناقشنا عملنا وتشاركنا في الاجتماعات والشركة. بات أحدنا يكمل الآخر، ودعمنا عمل الكنيسة كفريق واحد. شكرًا لله!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.