لِمَ لا أريد تحمَّل العبء؟
في أكتوبر 2021، كنتُ أمارس عملي كمشرفة على عمل الفيديو. عقدتُ شراكة مع الأخ ليو والأخت كلير. كانا كليهما أقدم مني في ممارسة هذا الواجب ويفوقانني خبرة وأخذا بزمام المبادرة في متابعة الكثير من العمل والعناية به. كما وأني وصلتُ للتوّ ولم أفهم الكثير من جوانب العمل، لذا لم آخذ إلا دورًا صغيرًا بطبيعة الحال. شعرت أنه طالما ليس هناك أي مشكلات في عملي، فسيكون كل شيء على ما يرام وسيتدخل الآخرون ويحلّون كل شيء آخر. بهذه الطريقة سأتمكن من تخفيف شعوري بالقلق ولن يحاسبني أحد. تدريجيًّا، تناقص العبء الذي كنتُ أتحمّله وانتهى بي الأمر بفهم والمشاركة في القليل جدًا من عمل الإثنين الأخرين. كلما ناقشنا العمل لم أُبْدِ أيّ آراء وفي أوقات فراغي كنتُ آخذ الأمور برَوِيَّة وأشاهد مقاطع فيديو علمانية. شعرت أن أدائي لواجبي بهذه الطريقة كان مقبولًا.
في أحد الأيام، قُرابة الظُّهْر، جاءتني القائدة فجأةً وأبلغتني أن ليو وكلير ذاهبَيْن إلى مكان آخر لأداء واجبهما وأنه عليَّ أن أتحمُّل المزيد من المسؤولية وأبذل المزيد من الجهد وأتولّى عمل الفيديو. تركني هذا التغيير المفاجئ في حالة ذهولٍ للحظةٍ. لم أقم بهذا الواجب منذ فترة طويلة وكان هناك الكثير من العمل الذي يجب متابعته، ألم يكن يُشكِّل هذا الكثير من الضغط؟ كان العمل اللذان كانا مسؤولَيْن عنه في غاية التعقيد وتطلَّبَ اهتمامًا متواصلًا. سيتطلّب مني البحث عن موادٍ لإرشاد أولئك الذين تنقصهم المهارات والقيام بالأمور بنفسي إذا لم يتمكّنوا من ذلك. كان ليو وكلير يتمتعان بمهارات فائقة وعادةَ ما كانا مشغولَيْن للغاية. وبما أنني قد بدأتُ للتوّ، سأضطر بالتأكيد إلى تخصيص المزيد من الوقت لها. هل سأحظى بفترة من الراحة مجددًا؟ إنْ لم أتمكّن من تحمُّل هذه المسؤولية وأخَّرتُ العمل، ألن أرتكب تَعَديًّا؟ اعتقدتُ أنه سيكون من الأفضل أن تجد القائدة شخصًا آخر أكثر مُلاءَمةً لهذه المسؤولية. عندما رأت القائدة أنني لم أقل شيئًا، سألتني عمّا يدور في ذهني. شعرتُ بمقاومة شديدة ولم أرغب في قول شيء. غادرتُ بمجرد انتهائنا من مناقشة العمل. حينما فكّرتُ في كل المشكلات والمشقة التي عليَّ أن أتحمَّلها وحدي، شعرتُ وكأنني أختنق من الضغط وأن الأيام المُقبلة ستكون بالغة الصعوبة. كيفما نظرتُ للأمر، بقيتُ أشعر بالعجز عن تحمُّل هذه المسؤولية. ثم أرسلت لي القائدة رسالة تسألني فيها عن حالتي فأجبتها بسرعة: "لا أشعر أن لدي القدرة على الاضْطِلاع بهذا العمل. ربما يمكنكِ العثور على شخص أكثر مُلاءَمة؟" ثم سألتني القائدة: "على أي أساس تحكمين على نفسكِ أنكِ غير مُلائِمة؟" لم أدرِ حقًّا كيف أجيب عن هذا السؤال. لم أحاول حتى ولم أكن أعرف ما إذا كنتُ على مستوى المُهِمَّة. لكن التفكير في ضغط العمل والأضرار الجسدية التي ستتطلبها جعلتني أرغب في الرفض. ألم يكن هذا تَنَصُّلًا من المسؤولية ورفضًا لواجبي؟ ثم فكّرتُ في أن الله قد سمح بكل الأمور التي واجهتُها يوميًّا وأنه يجب عليَّ الخضوع. فصلَّيتُ إلى الله: "إلهي، سيُنقَل شريكاي وسأبقى لأتولّى كل العمل بمفردي. أشعر بالمقاومة وعدم الرغبة في الخضوع. أعلم أن هذا الشعور خاطئ، لكني لا أفهم مشيئتك. أرجو أن تمنحني الاستنارة وترشدني لأتمكن من الخضوع".
بعد صلاتي، أرسلت لي أختًا مقطعًا من كلات الله والتي وصفت حالتي حقًّا. يقول الله، "ما هي الأشياء التي تعبر عن كون الشخص نزيهًا؟ أولًا ألا تكون لديه أية شكوك حول كلام الله. هذه واحدة من الأشياء التي تُعبر عن كون الإنسان نزيهًا. أضف إلى ذلك أن أهم ما يعبر عن كون الإنسان نزيهًا هو السعي إلى ممارسة الحق في الأمور كافةً؛ فهذا هو الشيء الأكثر أهمية على الإطلاق. إن كنت تقول إنّك نزيه، لكنّك تتناسى كلام الله دائمًا وتفعل ما تشاء، إذًا هل يعبر هذا عن كونك شخصًا نزيهًا؟ أنت تقول "لديّ قدرات محدودة، لكنّ قلبي نزيه". لكنك عندما يوكل إليك واجب ما، تخشى أن تعاني، أو أن تتحمل المسؤولية إن لم تُؤدِّهِ بشكل جيد، ولذا تختلق الأعذار للتهرب منه، وتطلب من الآخرين القيام به. هل هكذا يتصرّف الشخص النزيه؟ بالتأكيد لا. كيف ينبغي على الشخص النزيه أن يتصرف إذًا؟ ينبغي عليه أن يقبل ويطيع، وبعدئذ أن يكرس نفسه تمامًا للقيام بواجباته على أفضل وجه ممكن، مجتهدًا لتحقيق مشيئة الله. يتم التعبير عن هذا بعدة طرق. إحدى الطرق، هي أنه يجب عليك أن تقبل واجبك بنزاهة، وألا تفكّر باهتماماتك الجسدية، وألا تكون فاترًا. لا تتآمر من أجل مصلحتك الخاصة. هذا تعبير عن النزاهة. هناك طريقة أخرى وهي تأدية واجبك من كل قلبك وبكل ما أوتيت من قوة، والقيام بالأشياء كما يجب، وتأدية واجبك بكل إخلاص ومحبة كي ترضي الله. هذا ما ينبغي التعبير عنه عندما يقوم الأشخاص الصادقون بواجبهم. إذا لم تنفذ ما تعرفه وما فهمته، وإذا بذلت 50 أو 60 في المائة فقط من أفضل مجهوداتك، فأنت لا تضع كل قلبك وكل قوتك فيه، وتبحث عن طرق للتراخي. هل الأشخاص المراوغون في أداء واجبهم صادقون؟ بالطبع لا. لا يستخدم الله مثل هؤلاء المراوغين والمخادعين، ويجب استبعادهم. لا يستخدم الله إلا الأمناء لأداء الواجب. حتى المخلصون من القائمين بالخدمة يجب أن يكونوا صادقين. الأشخاص الذين يتسمون بالإهمال والروتينية دائمًا، والذين يبحثون دائمًا عن طرق للتراخي، هؤلاء الأشخاص جميعًا مخادعون، وجميعهم شياطين، ولا يؤمن أي منهم حقًا بالله، وسيُستبعدون جميعًا. يفكر بعض الناس في أنفسهم: "كون المرء صادقًا لا يعدو كونه يقول الحقَّ ولا يكذب. من السهل حقًا أن يكون المرء صادقًا". ما رأيك بهذا الشعور؟ هل كون المرء صادقًا محدود النطاق إلى هذه الدرجة؟ بالطبع لا. يجب أن تكشف عن قلبك وتقدّمه لله، هذا هو السلوك الذي على شخص صادق أن يتمتّع به. وبالتالي، فإن القلب الصادق ثمين للغاية. ما المعنى الضمني لهذا؟ أنّ هذا القلب قادر على التحكم بسلوكك وتغييرحالاتك. بإمكانه أن يقودك إلى اتخاذ خيارات صحيحة، كما يُفضي بك إلى أن تكون قادرًا على الخضوع لله وكسب رضاه؛ فهذا القلب ثمين للغاية. إن كنت تتمتّع بهذا النوع من القلب الصادق، فيجب أن تعيش في هذا النوع من الحالات، وتُظهر هذا النوع من السلوك، وتمتلك هذا النوع من البذل" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). أشعرتني كلمات الله بالخِزي الشديد. يقول الله إن الصادقين حين يواجهون واجبهم، فإنهم لا يُفكرون فيما إذا كانوا على مستوى المُهِمَّة ولا يُبالون بالمخاطر التي قد تستتبع الاضطلاع بواجبهم، ناهيك عن تَنَصُّلهم من واجبهم لأنهم قلقون بشأن كفاءتهم. بل أنهم يشرعون في قبوله ويبذلون قصارى جهدهم لإنجازه. هذا ليس سوى موقفًا صادقًا. ثم فكّرتُ في موقفي تجاه واجبي. بمجرد علمي أنه تمّ نقل شريكيَّ، خشيتُ من زيادة عبء عملي وتضاعفتْ مخاوفي وتزايد الضغط عليَّ. إذا لم يُنجز العمل على أكمل وجهٍ، عليَّ أن أتحمَّل مسؤولية ذلك ولذلك حاولت استخدام ذريعة عدم الكفاءة في العمل لأتنصَّل من مسؤوليتي. كنت مخادعة حقًّا وبلا ضميرٍ. فكّرتُ كيف كنتُ في صلاتي دائمًا أتعهد بمراعاة أعباء الله، لكن عندما حان الوقت فعلًا للقيام بذلك، فضَّلتُ الاهتمام بجسدي بدلًا من ذلك ولم أمارس أيًّا من الحقائق واستخدمت فقط الكلمات الجوفاء لخداع الله. لو أني حقًّا أوليتُ اهتمامًا لمشيئة الله، وعلمتُ أنني لم أكن على مستوى العمل ولم أتمكّن من العثور على أي شخص آخر مناسب، لذا كان يجب عليَّ شَحْذ مهاراتي بقوة والتعاون مع الآخرين للحَوْل دون التأثير على عمل الفيديو. هذا ما يجب أن يفعله شخص حيّ الضمير والإنسانية. وإذا لم أكن حقًّا على مستوى المُهمِّة وانتهى بي الأمر إلى النقل أو الإعفاء، عندها يجب أن أخضع لترتيبات الله فحسب. فقط بهذه الطريقة تكون الممارسة عقلانية. شعرت بالهدوء بعض الشيء عند هذا التفكير.
ثم قرأت مقطعًا من كلمات الله منحني بعض الفهم للسلوك الذي اتخذته تجاه واجبي. يقول الله، "إن جميع من لا يطلبون الحق يؤدون واجباتهم بعقلية تفتقر إلى المسؤولية. "إن كان يوجد قائد، فسوف أتبع؛ وحيثما يقود أذهب. سوف أفعل ما يريد مني أن أفعله. وفيما يخص تحمُّل المسؤولية والاهتمام، أو تحمُّل المزيد من المتاعب لفعل شيء ما، وأداء شيء من كل قلبي وقوتي – فأنا لست مستعدًا لذلك". هؤلاء الناس غير مستعدين لدفع الثمن. إنهم مستعدون فقط لإجهاد أنفسهم وليس لتحمُّل المسؤولية. وهذا ليس هو الموقف الذي يؤدي به المرء واجبًا بالفعل. يجب على المرء أن يتعلم كيفية أداء واجبه بإخلاص، ويمكن للشخص يقظ الضمير أن يؤديه بإخلاص. إذا لم يؤده المرء بإخلاص، فإن ذلك يعني أنه يفتقر إلى الضمير، وأولئك الذين يفتقرون إلى الضمير لا يمكنهم ربح الحق. لماذا أقول إنه لا يمكنهم ربح الحق؟ إنهم لا يعرفون كيفية الصلاة إلى الله أو طلب استنارة الروح القدس أو مراعاة مشيئة الله أو كيفية الإخلاص في التأمل في كلام الله، ولا يعرفون كيفية طلب الحق أو كيفية السعي لفهم متطلبات الله ومشيئته. وهذا ما يعنيه عدم القدرة على طلب الحق. هل لديكم مثل هذه الحالات التي غالبًا ما تتمكنون فيها – مهما حدث ومهما كان نوع الواجب الذي تؤدونه – من الهدوء أمام الله، والتأمل في كلامه بإخلاص، وطلب الحق، ومراعاة كيفية أداء ذلك الواجب ليتوافق مع مشيئة الله، ومعرفة الحقائق التي ينبغي أن تكون لديكم لأداء هذا الواجب بشكل مُرضٍ؟ هل توجد أوقات كثيرة تطلبون فيها الحق بهذه الطريقة؟ (لا). إن تأدية واجبك من كل قلبك، وقدرتك على تحمُّل المسؤولية، تتطلبان منك المعاناة ودفع ثمن، ولا يكفي مجرد الحديث عن ذلك. إذا لم تؤدِّ واجبك من كل قلبك، وكنت بدلًا من ذلك ترغب دائمًا في بذل مجهود بدني، فمن المؤكد أنك لن تؤدي واجبك بشكل جيد؛ إذ ستكتفي ببساطة بالقيام بالأمر دون حماس ليس أكثر، ولن تعرف مقدار جودة أدائك لواجبك. إن أديته من قلبك، فسوف تتوصل إلى فهم الحقَّ تدريجيًّا، وإن لم تفعل، فلن تفهمه. عندما تؤدي واجبك وتسعى إلى الحقِّ من قلبك، تصبح حينها قادرًا تدريجيًّا على فهم إرادة الله، واكتشاف فسادك ونقائصك، والسيطرة على جميع حالاتك المختلفة. عندما لا تركز إلا على بذل الجهد، ولا تتأمل في نفسك بإخلاص، فلن تتمكن من اكتشاف الحالات الحقيقية في قلبك وردود الفعل التي لا حصر لها وفيوضات الفساد التي لديك في بيئات مختلفة. إذا لم تكن على دراية بالعواقب عندما توجد مشكلة ولم تحلها، فستتعرض لكثير من المتاعب. ولهذا السبب لا ينفع الإيمان بالله بطريقة مشوشة. يجب أن تحيا أمام الله في جميع الأوقات وفي جميع الأماكن؛ ومهما يكن ما يصيبك، فيجب أن تطلب الحق دائمًا، وأثناء فعل ذلك، يجب عليك أيضًا أن تتأمل في نفسك، وتعرف المشكلات الموجودة في حالتك، وتطلب الحق فورًا لحلها. فبهذه الطريقة وحدها يمكنك أداء واجبك جيدًا والابتعاد عن تأخير العمل. والأهم ليس فقط أداء واجبك جيدًا، ولكن أيضًا أن يكون لديك دخول إلى الحياة وأن تتمكن من حل أمر شخصيتك الفاسدة. وعندئذٍ فقط يمكنك أن تدخل إلى حقيقة الحق. إذا كان ما تتأمل فيه غالبًا في قلبك ليس أمور أداء واجبك، وليس أمورًا ترتبط بالحق، وإذا كنت بدلًا من ذلك متورطًا في أشياء خارجية، أي كانت أفكارك متمحورة على شؤون الجسد، فهل يمكنك فهم الحق يا تُرى؟ هل يمكنك إذًا أداء واجبك جيدًا والعيش أمام الله؟ بالتأكيد لا. فمثل ذلك الشخص لا سبيل له إلى الخلاص" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن للمرء أن يحيا كإنسان حقيقي إلا بالصدق). كان الله فعلًا يرسم صورةً لي في كشفه لهذا النوع من السلوك. حين شرعت في القيام بهذا الواجب لم آخذ على عاتقي أية مسؤولية. رأيتُ أن شريكيَّ كانا يفوقانني خبرة، لذا تراجعتُ إلى موضع أقل أهمية وشعرتُ أن الأمور تسير على ما يرام طالما تمكّنت من التأكد من عدم حدوث أي خطأ في عملي. إن فعلتُ ذلك، فسأبدو جديرة بالاحترام ولن أضطر إلى إرهاق نفسي، لذا ركّزتُ على عملي فحسب ولم أتدخل قطّ بالعمل اللَّذَيْن كانا مسؤولَيْن عنه ولم آخذ على مَحْمل الجدّ المشكلات أو المصاعب التي كانت تظهر فيه. عندما سألتني القائدة عن سبب عدم فعالية عملنا، لم أستطع الإجابة. لم أكن حتى على درايةٍ بالمشكلات أو الانحرافات التي تحدث في العمل. ثم أدركت في النهاية أنني كنتُ أؤدي واجبي بشكلٍ سَيِّئٍ للغاية. كنتُ أقضي أيامي جوفاء وعمياء تمامًا وغير عابئةٍ بالمشكلات التي واجهتُها. حتى وإن تنبّهتُ لبعض المشكلات، بمجرد أن أرى أنها لا تؤثر على منصبي، أتركها وشأنها، مما أثَّر على تقدُّم العمل. هذا النوع من المواقف هو نفس الطريقة التي يتعامل بها غير المؤمنين مع وظائفهم. بأية طريقةٍ كنتُ أراعي مشيئة الله في أداء واجبي؟ حينما ظهرت المشكلات في العمل، لم أسع إلى الحقّ أو ألخِّص الانحرافات ولم أفكّر في كيفية زيادة الكفاءة. شعرتُ دائمًا أنه طالما بإمكان شريكيَّ التعامل مع المشكلات، يمكنني الاسترخاء قليلًا. كلما أُتيح لي الوقت، كنت أنغمس في جسدي أو أشاهد مقاطع فيديو علمانية. صِرتُ أكثر مُجُونًا وازداد بُعْدي عن الله أكثر من أيّ وقت مضى. أدركتُ أنني لم أكن مُجتهدة في أداء واجبي. كنتُ أتعامل معه على أنه مجرد وظيفة. كيف لي أن أتمكّن من أداء واجبي جيدًا بهذه الطريقة؟ أدركت أخيرًا عند هذه المرحلة أن ترتيبات الله أدت إلى إزاحة "عَثَراتي" لتمنحني الفرصة للممارسة وتعلُّم الشعور بالاهتمام وتحمُّل المسؤولية بفعالية، للاتِّكال على الله في المصاعب والسعي إلى مبادئ الحقّ. والأهم من ذلك أنها أتاحت لي معرفة أن موقفي المتراخي وغير المسؤول تجاه واجبي كان يثير مَقت الله. ستُجبرني ضغوط العمل الآن على الاجتهاد في أداء واجبي وستمنحني الفرصة للتوبة والعمل على أداء واجبي بشكل ملائم. كنتُ على استعداد للخضوع لهذه الظروف بعد أن فهمتُ مقاصد الله. على مدار الأيام القليلة التالية، بذلتُ جهدًا جهيدًا في عملي وحاولتُ اكتشاف المزيد من المشكلات في عمل الفيديو وسعيت إلى حلِّها بمجرد معرفتها. وضعتُ خطة دراسة وسعيتُ جاهدة إلى تولِّي العمل بأسرع ما يُمكن. بمجرد أن استقرَّتْ حالتي، أصبح لديّ المزيد من الوقت لعملي وأمضيتُ أيامي أشعر بمزيد من السلام.
لاحقًا، دخلتُ في شراكة مع أخت أخرى. في البداية، كنتُ ما زلتُ أدرك أنني أكثر مسؤولية، لكن بعد فترةٍ، أدركتُ أنها تتمتع بمهارات فائقة وأن لديها خبرة مهنيَّة أكثر مني، لذا عَهِدتُ إليها بمسؤولية بعض المهامولم أتدخّل أكثر من ذلك. أحيانًا، للحفاظ على سُمْعتي، كنتُ أشارك في المناقشات لكنني أُحْجِم عن تقديم الاقتراحات، قلت لنفسي: "نظرًا لأنكِ تستطيعين التعامل مع الأمور، فلا داعي للقلق ويمكنني الاسترخاء وأخذ الأمور برَويِّةٍ لبعض الوقت". حذّرتني قائدتي بضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام للعمل ولأيامٍ قليلةٍ بعد قولها هذا، فعلتُ ذلك، لكن سُرعان ما عُدت إلى طُرُقي القديمة. في بعض الأحيان قد تظهر قضايا صعبة لا بُدَّ من التعامل معها على الفور، لكن بمجرد أن رأيت أنه عملٌ كانت تتابعه أختي فعليًّا، لم أكن لأزعج نفسي. تعمَّدتُ تظهير الرسالة على أنها غير مقروءة وتظاهرتُ بعدم رؤيتها، معتقدةً أن أختي ستتعامل معها لاحقًا. ومع أنني شعرتُ أن هذا كان تصرفًا غير مسؤول، وبما أنّ تقدُّم العمل كان طبيعيًّا، لم أُفكر بالأمر كثيرًا. بعد بضعة أشهر، صِرنا مسؤولَتيْن عن أأجزاء منفصلة من عمل الفيديو. هذه المرة، كنتُ بلا مُساعِدة وكنتُ على يقين من أنني سأواجه الكثير من الصعوبات والمشكلات. لكن حين فكّرتُ في افتقاري إلى المسؤولية في أداء واجبي وكيف يمكن أن يعود هذا بالنفع عليَّ، قلتُ لنفسي إنّ عليَّ البدء بالخضوع. لكن بعد أن بدأتُ بالفعل، أدركت فجأة أن لديّ الكثير لمتابعته وشعرت أن عدد الأشياء التي تعيَّن عليَّ التعامل معها يوميًّا لا نهاية له. وفوق ذلك، لم تكن مهاراتي المهنية ممتازة وواصلتْ المزيد والمزيد من المشكلات في الظهور. تلقينا اقتراحات لكل مقطع فيديو أعددناه وتعيَّن عليَّ التفكير بعناية في الردّ على كلٍّ منها. تدريجيًّا، اسْتَنْفدتُ القليل من الحماس الذي كان لديّ وكثيرًا ما كنتُ أتساءل: "إني أحاول بالفعل بَذْل قصارى جهدي لكن ما يزال هناك الكثير من المشكلات، ربما سيكون من الأفضل إن وَجَدتْ القائدة شخصًا أكثر مُلاءَمة مني". فيما بعد، أُعيد عدد من مقاطع الفيديو التي أعددناها لإعادة العمل عليها على التوالي وشعرتُ بمزيد من الاكتئاب. لم أعد أرغب في حل المشكلات الصعبة التي كنتُ أواجهها واشتقتُ أكثر لتلك الأيام حين كنتُ في شراكة مع الآخرين في واجبي حينما كان بإمكاني الاختباء خلفهم دون مبالاةٍ ولم يكن عليَّ أن أتحمَّل هذا القدر الهائل من الضغط. لم أشعر بأي حافز يدفعني لأداء واجبي، وعندما كنتُ أسير شعرتُ بِثقَل ساقيَّ. عندها أدركتُ أنني لن أتمكن من مواصلة أداء واجبي في هذه الحالة، فصلَّيتُ إلى الله. من خلال البحث، تذكرت فجأة نوحًا. لقد واجه الكثير من الصعوبات والإخفاقات أثناء بناء الفُلْك، لكنه لم يستسلم أبدًا واستمرَّ بالعمل لمدة 120 عامًا، وفي النهاية انتهى من بناء الفُلْك وأتمَّ إرسالية الله. لكن في مواجهة صعوباتي القليلة، أردت التخلص من عبئي والهروب. ألم أكن مجرد جبانة؟ استجمعت قوَّتي بعض الشيء عند هذا التفكير وتمكّنتُ من مواجهة مشكلات عملي بشكل صحيح.
قرأتُ هذا المقطع من كلمات الله خلال إحدى تعبُّداتي: "يتعامل هؤلاء القادة الكذبة الكسالى مع كونهم قادة أو عاملين كوضعٍ يجب التمتُّع به. ويتعاملون مع الواجب والعمل اللذين يجب أن يُؤدِّيهما القائد كعائقٍ وكإزعاجٍ. تفيض قلوبهم بالتحدِّي تجاه عمل الكنيسة: اطلب منهم أن يراقبوا العمل أو يكتشفوا المشكلات الموجودة فيه ثم يتابعوها ويحلّوها، فيمتلئوا بالنفور. هذا هو العمل الذي من المفترض أن يُؤدِّيه القادة والعاملون، وهذه هي وظيفتهم. إذا كنت لا تفعل ذلك ولم تكن راغبًا في فعله، فلماذا تريد مع ذلك أن تصبح قائدًا أو عاملًا؟ هل تُؤدِّي واجبك مراعاةً لمشيئة الله أم للتمتُّع بمباهج السلطة؟ أليس من المخزي أن تكون قائدًا إذا كنت ترغب في تولِّي منصبٍ رسميّ؟ لا أحد أدنى مستوى في شخصيته من ذلك. هؤلاء الناس يفتقرون إلى احترام الذات وإلى الخجل. إن رغبتَ في الاستمتاع براحة الجسد، فأسرِع بالعودة إلى الدنيا، واجتهد من أجلها، واستحوذ عليها، وانتزعها بقدر استطاعتك؛ فلن يتدخَّل أحد. بيت الله هو مكان لشعب الله المختار؛ يؤدون فيه واجباتهم، ويعبدون الله، كما هو مكان ليسعى فيه الناس إلى الحق ونيل الخلاص، وليس مكانًا ما ليستمتع فيه أحد براحة الجسد، فضلًا عن أن يكون مكانًا لملاطفة الناس. ... وبصرف النظر عن العمل الذي يعمله بعض الناس أو الواجب الذي يؤدّونه، فإنهم غير قادرين على النجاح فيه؛ لأنه يفوق قدراتهم ولا يمكنهم الوفاء بأيٍّ من الالتزامات أو المسؤوليَّات المطلوبة من الناس. أليسوا حثالة؟ هل ما زالوا يستحقَّون أن يسمّوا بشرًا؟ باستثناء البسطاء وأصحاب الإعاقات الذهنيَّة وأولئك الذين يعانون من إعاقاتٍ جسديَّة، هل يوجد أحدٌ على قيد الحياة يجب عليه عدم أداء واجباته والوفاء بمسؤوليَّاته؟ لكن هذا النوع من الأشخاص دائمًا ما يتواطأ ويمارس ألعابًا قذرة، فهو لا يريد الوفاء بمسؤوليَّاته؛ والمعنى الضمنيّ هو أنه لا يريد التصرُّف كشخصٍ طبيعيّ. لقد منحه الله الإمكانات والمواهب، وأعطاه الفرصة ليكون إنسانًا، ومع ذلك لا يمكنه استخدامها في أداء واجبه. إنه لا يفعل شيئًا غير تمني التمتع بكل شيء. هل يصلح مثل هذا الشخص لأن يُدعى إنسانًا؟ بصرف النظر عن العمل الذي يُسنَد إليهم – سواء كان مُهمًّا أو عاديًّا، أو صعبًا أو سهلًا – فإنهم دائمًا غير مُهتَّمين وغير مبالين كما أنهم كسولون دائمًا ومراوغون. وعندما تظهر المشكلات، يحاولون إلقاء المسؤوليَّة على الآخرين. إنهم لا يتحمَّلون أيّ مسؤوليَّةٍ ويرغبون في الاستمرار في عيش حياتهم الطُفيليَّة. أليسوا حثالة عديمة الفائدة؟ من لا يضطرّ في المجتمع إلى الاعتماد على نفسه للبقاء؟ بمُجرَّد أن يكبر الشخص ينبغي أن يعيل نفسه. فقد أوفى والداه بمسؤوليَّتهما. وحتَّى إذا كان والداه على استعدادٍ لدعمه، فلن يشعر بالارتياح إزاء ذلك، ويجب أن يعترف لنفسه قائلًا: "لقد أكمل والداي مُهمَّة تربية الأطفال. وأنا شخصٌ بالغ وأتمتَّع بالقدرة البدنيَّة ويجب أن أتمكَّن من العيش المُستقلّ". أليس هذا هو الحدّ الأدنى من الشعور الذي يجب أن يتمتَّع به البالغ؟ إذا كان شخصٌ ما لديه حسٌّ حقيقيّ، فلن يتمكَّن من الاستمرار في استغلال والديه؛ وسوف يخاف سخرية الآخرين والتعرُّض للخزي. ولذلك، هل المُتسكِّع العاطل يتمتَّع بالحسّ؟ (لا). فهم دائمًا يريدون شيئًا مقابل لا شيء، ولا يريدون أبدًا تحمُّل المسؤوليَّة، ويبحثون عن وجبة غداء مجانيَّة، ويريدون ثلاث وجباتٍ شهيَّة في اليوم. يريدون أن يعمل شخصٌ ما على خدمتهم، وأن يكون الطعام طيِّبًا دون أداء أيّ عملٍ. أليست هذه هي عقليَّة المُتطفِّل؟ وهل المُتطفِّلون لهم ضميرٌ وحسٌّ؟ هل يتمتَّعون بالكرامة والنزاهة؟ بالطبع لا؛ فهم جميعًا استغلاليّون تافهون، وجميعهم وحوشٌ بلا ضميرٍ أو منطق. ولا أحد منهم يصلح للبقاء في بيت الله" (الكلمة، ج. 5. مسؤوليات القادة والعاملين). أجبرتني كلمات الله على التأمل: إنّ رصد وفهم المشكلات التي تظهر في العمل والسعي إلى الحقّ لحلِّها هي مُهِمَّة القائد والعامل، لكن القادة الزائفين يرونها عِبئًا. وهذا يدلُّ على أنهم ليسوا هنا لأداء واجبهم، بل للاستمتاع بزخارف طبقة المسؤولين الرسميين. تبيَّنتُ أيضًا أن سلوكي كان مُشابهًا. كان يجب أن أتحمَّل المسؤولية وأحلّ المشكلات والصعوبات التي ظهرت، كان يجب أن أغتنم هذه الفرصة للسعي إلى الحقّ وتعويض أوجه القصور لديَّ، مما كان سيسمح لي بالتقدُّم بشكل أسرع. لكنني أردت رفض واجبي لوجود صعوبات كثيرة. بصفتي مشرفة، لم أؤدِ أي عمل حقيقيّ أو أحلُّ أي مشكلات حقيقية. ألم يكن هذا مجرد توقٌ مني إلى فوائد المكانة؟ بالتفكّر بسلوكي، على الرغم من أنه قد بدا وكأنني كنتُ أؤدي العمل حين كان لديَّ شركاء، كان العمل في حقيقة الأمر مُقسَّمًا بين العديد من الأشخاص ولم أكن مسؤولةً عن الكثير منه. كان واجبي يتسمّ بالسهولة، لذا كنتُ أحظى بوقتٍ طيب حقًّا. عندما نُقِل شريكاي، تَراكم ضغط العمل للغاية وكان عليَّ أن أعاني لتحمُّل مسؤوليتي ومن ثَمَّ صِرتُ مقاوِمة إلى حدِّ رغبتي في خيانة الله حتى ورفض واجبي. لاحقًا، مع أنني أجريت تحسينات على حالتي من خلال أكل وشرب كلمات الله، عندما كنتُ في شراكة مع أخت تفوقني خبرة، أخذتُ على عاتقي مسؤولية أقل مرة أخرى وأمضيتُ أيامي أؤدي واجبي على مَهْلٍ، ورفضت أن أشغل بالي. عندما كنتُ هذه المرة المسؤولة الوحيدة عن عمل الفيديو وتزايدت الصعوبات، أردتُ الهروب مجددًا. رأيت أن موقفي تجاه واجبي كان خائنًا للغاية وأبديتُ استعدادًا لألتمس العذر لنفسي عند ظهور أولى علامات المشقة الجسدية أو المسؤولية. لطالما أردتُ الإنتقال إلى وظيفة سهلة وخالية من التوتر، لكن الحقيقة أن كل وظيفة لها صعوباتها ولو لم أُصلِح شخصيتي الفاسدة، لما تمكّنتُ من القيام بأي واجب بشكل صحيح. أدركتُ بطبيعتي أنني سئمتُ الحقّ وأنني لم أحب الأشياء الإيجابية. لم أكن هناك لأداء واجب، بل للاستمتاع بالبركات. في النهاية، لا يأتي هذا النوع من الإيمان بنتيجةٍ! بشكل خاص، قرأت في كلمات الله: "فهم دائمًا يريدون شيئًا مقابل لا شيء، ولا يريدون أبدًا تحمُّل المسؤوليَّة، ويبحثون عن وجبة غداء مجانيَّة، ويريدون ثلاث وجباتٍ شهيَّة في اليوم. يريدون أن يعمل شخصٌ ما على خدمتهم، وأن يكون الطعام طيِّبًا دون أداء أيّ عملٍ. أليست هذه هي عقليَّة المُتطفِّل؟" كنتُ بالضبط النوع الطُّفَيْليّ الذي كان الله يكشفه، أردتُ أن أحصد فقط لا أن أزرع أبدًا وأستمتع بنتائج عمل الآخرين. ألم أكن مجرد نُفاية آنذاك؟ كلما فكّرت مليًّا في الأمر، زاد شعوري بالغثيان. في الماضي، أكثر الأشخاص الذين كرهتهم هُمُ أولئك العالة الذين ما زالوا يستجدون من آبائهم، البالغون الذين لا يغادرون المنزل ويستغلّون آبائهم ولا يتحمَّلون أي مسؤوليات. إنهم عديمو الفائدة. لكن كيف اختلف سلوكي الحالي عن سلوكهم؟ في لَوْمي لذاتي، صلَّيتُ إلى الله: "إلهي، أدركتُ أخيرًا أنني حقيرة وغير مُخلِصة في أداء واجبي. لم أفكر إلا في جسدي وأردتُ أن أكون طُفَيْليَّة. تخيفني حقًّا هذه الأفكار الفاسدة. هناك كثير من العمل في الكنيسة يتطلّب تعاونًا عاجلًا، لكني لا أحاول إحراز تقدُّم أو تحمُّل أيّ أعباء. إني نُفاية. إلهي، أعلم أن حالتي هذه خاطئة، لكنني لا أستطيع التغلب على قيود جسدي، أرجو أن تمنحني الاستنارة حتى أفهم مشكلاتي. أتمنى أن أتوب وأتغيّر". كما واصلتُ التفكير قليلًا. لِمَ أردتُ دائمًا الهروب ورفض واجبي مَتَى ازداد الضغط والمصاعب في عملي؟ وماذا كان السبب الرئيسيّ لهذه المشكلة بالضبط؟ في بحثي، قرأت كلام الله. "اليوم، أنت لا تصدق الكلمات التي أقولها، ولا توليها أي اهتمام؛ عندما يحين اليوم لانتشار هذا العمل، وتراه بأكمله، فسوف تندم، وحينها ستصاب بالذهول. توجد بركات، لكنك لا تعرف أن تستمتع بها، ويوجد الحق، ولكنك لا تسعى إليه. ألا تجلب الازدراء على نفسك؟ واليوم، مع أن الخطوة التالية من عمل الله لم تبدأ بعد، فلا يوجد ما هو استثنائي فيما يتعلق بالمطالب التي عليك إتمامها وما أنت مطالب بأن تحياه. يوجد الكثير من العمل، والعديد من الحقائق؛ أليست هذه الأمور جديرة بأن تعرفها؟ ألا يستطيع توبيخ الله ودينونته إيقاظ روحك؟ ألا يستطيع توبيخ الله ودينونته حثك على بُغض نفسك؟ هل أنت راضٍ عن العيش تحت مُلك الشيطان في سلام وفرح وراحة جسدية قليلة؟ ألست أحقر الناس جميعًا؟ لا أحد أحمق أكثر من أولئك الذين يرون الخلاص ولكنهم لا يسعون للحصول عليه؛ إنهم أناس ينهمون لإشباع أجسادهم ويستمتعون بالشيطان. إنك تأمل ألا يؤدي إيمانك بالله إلى مواجهة أي تحديات أو ضيقات، أو أدنى مشقة. إنَّك تسعى دائمًا إلى تلك الأشياء التي لا قيمة لها، ولا تعلّق أي قيمة على الحياة، بل تضع أفكارك المتطرفة قبل الحق. إنك بلا قيمة، وتعيش مثل خنزير – ما الفرق بينك وبين الخنازير والكلاب؟ أليس أولئك الذين لا يسعون إلى الحق، بل بالأحرى يحبّون الجسد، جميعهم وحوشًا؟ أليس أولئك الموتى بدون أرواح هم جميعهم جثثًا متحرِّكة؟ كم عدد الكلمات التي نُطقت بينكم؟ هل ما تم بينكم هو مجرد عمل صغير؟ كم مقدار ما قدمته بينكم؟ ولماذا لم تربحه؟ ما الذي لديك لتشكو منه؟ أليست القضية أنك لم تربح شيئًا لأنك معجب أيضًا بالجسد؟ أليس لأن أفكارك متطرفة للغاية؟ أليس لأنك غبي جدًا؟ إن كنت غير قادر على ربح هذه البركات، فهل يمكنك إلقاء اللوم على الله لأنه لم يُخلِّصك؟ ما تسعى إليه هو أن تكون قادرًا على تحقيق السلام بعد أن تؤمن بالله – وأن يخلو أطفالك من المرض، وأن يحصل زوجك على عمل جيد، وأن يجد ابنك زوجة صالحة، وأن تجد ابنتك زوجًا لائقًا، وأن يحرث ثيرانك وخيولك الأرض جيدًا، وأن يستمر الطقس الجيد لمدة عام من أجل محاصيلك. هذا ما تسعى إليه. ليس سعيك إلا للعيش في راحة، ولكيلا تلحق الحوادث بعائلتك، وأن تمر الرياح بجوارك، وألا تلمس حبيبات الرمل وجهك، وألا تغمر المياه محاصيل عائلتك، وألا تتأثر بأي كارثة، وأن تعيش في حضن الله، وتعيش في عُش دافئ. جبان مثلك، يسعى دائمًا للجسد، هل لديك قلب، لديك روح؟ ألست وحشًا؟ إنني أعطيك الطريق الحق دون طلب أي شيء في المقابل، ولكنك لا تسعى في إثره. هل أنت واحد من أولئك الذين يؤمنون بالله؟ إنني أمنحك الحياة الإنسانية الحقيقية، ولكنك لا تسعى. ألست مجرد خنزير أو كلب؟ لا تسعى الخنازير إلى حياة الإنسان، فهي لا تسعى إلى التطهير، ولا تفهم ماهية الحياة. بعد أن تتناول طعامها في كل يوم تنام ببساطة. لقد أعطيتك الطريق الحق، ولكنك لم تربحه: إنك خالي الوفاض. هل أنت على استعداد للاستمرار في هذه الحياة، حياة الخنازير؟ ما هي أهمية أن يبقى هؤلاء الناس على قيد الحياة؟ حياتك مزرية وحقيرة، وتعيش وسط الدنس والفسق، ولا تسعى لأي أهداف؛ أليست حياتك هي أحقر حياة؟ هل تجرؤ على النظر لله؟ إذا واصلت اختبارك بهذه الطريقة، فهل ستكتسب أي شيء؟ لقد أعطي لك الطريق الحق، لكن إذا ما كان بوسعك ربحه إنما يعتمد في النهاية على سعيك الشخصي" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اختبارات بطرس: معرفته بالتوبيخ والدينونة). شعرتُ من كلام الله الصَّارم أن الله يحمل أشدّ المقت والبُغض لمَن يشتهون الراحة، وأنهم بالنسبة إليه ليسوا سوى حيوانات. إنهم مُتبطِّلون كُسَالى لا يرغبون في العمل من أجل إحراز التقدّم ومُولَعون بالتكاسل، وفي النهاية يفشلون في أداء واجبهم بشكل صحيح ولا يربحون الحقّ. إنهم نُفايات. هذا ما كنتُ عليه. أحبَبْتُ أن يسير واجبي بسَلاسةٍ وطالما أنه كان لديّ واجب ولم أُعْفَ أو أُسْتَبعَد، كانت الأمور تسير على ما يرام. لكنني تراجعتُ بمجرد أن واجهتُ صعوبات تطلّبتْ مني المعاناة أو دفع الثمن. أردتُ اختيار الوظائف التي كانت بسيطة ومباشرة فقط، وأيَّدتُ مبادئ الحياة الشيطانية "استمتع بالحياة بينما أنت حيٌّ تُرْزَق" و"أحْسِنْ معاملة نفسك". اشتهيتُ الراحة دائمًا بسبب هذه الآراء وقد انزعجت عندما تراكمت أعباء العمل الذي كنتُ مسؤولة عنه وخشيت أن يقتطع ذلك من وقت فراغي. عندما اضطررتُ إلى تعلُّم المزيد من المهارات الإضافية، لم أدفع ثمن ذلك حقًّا، مما يعني أنه بعد فترة لم أتقدَّم كثيرًا من حيث المهارات ولم أتمكّن من التعامل مع العمل. أحيانًا كنتُ أهمل واجباتي وأشاهد مقاطع فيديو علمانية بحُجَّة تعلُّم المهارات وصِرتُ شخصًا أكثر ظلمةً في الروح. بصفتي مشرفة، عندما ظهرت المشكلات في العمل، كان يجب عليَّ متابعتها وحلّها بفاعليَّة، لكن بمجرد أن رأيت أن المشكلات صعبة بعض الشيء، تجاهلتها فقط باستخدام بعض الحيل مما أدَّى إلى تأخير تقدُّم العمل. والأخطر من ذلك كانت رغبتي المستمرة في العثور على شخص ليحلّ مَحلِّي ويُخفِّف الضغط عني. كنتُ أعلم أن إعداد مقاطع الفيديو أمر في غاية الأهمية للعمل الإنجيليّ، لكنّي أشبعت جسدي وهربت في كل لحظة حاسمة دون تحمُّل أيّ مسؤولية. فكّرت في الأطفال الذين تربَّوا على أيدي آبائهم حتى وصلوا إلى مرحلة البلوغ، لكن عندما يحين وقت التضحية من أجل أُسرهم، يخافون من المعاناة ويرفضون تحمُّل المسؤولية. هذا النوع من الأشخاص بلا ضمير و جاحد للجميل. فكّرت كيف كان سلوكي مشابهًا لهذا تمامًا. لقد أرشدني الله إلى هذه المرحلة وسمح لي بأداء مثل هذا الواجب المُهِمّ، لكنّي كنتُ أخشى دائمًا من المعاناة ولم أهتم إلا بجسدي. كنتُ بلا ضمير على الإطلاق! لم أتمكّن من إدراك معنى المعاناة من أجل الواجب، واشتهيت دائمًا الراحة الجسدية ولم أستطع أداء واجبي بشكل صحيح. ثم أدركت أن الشيطان قد رسَّخ في أذهان الناس هذه الفلسفات مثل "استمتع بحياتك بينما أنت حيٌّ تُرْزَق" و"أحسِنْ معاملة نفسك"، ليجعلهم يزدادون فسادًا وأنانيةً وخداعًا. إن واصلتُ اشتهاء الراحة، ألن أجلب الخَرَاب على نفسي؟ كنتُ دائمًا أشكو من مشاقّ واجبي وكرهت التخلّي عن راحتي الجسدية. لم أكن أخسر فرصتي في ربح الحقّ فحسب، بل كنتُ أيضًا أفسد الأمور في واجبي ولم أُخلِّف ورائي شيئًا إلّا تعدِّياتي. وفي النهاية كنتُ على يقين أن الله سيرفضني ويستبعدني!
بدأتُ في البحث عن مسار للممارسة. قرأت كلام الله: "لنفترض أن الكنيسة توكل إليك مُهمَّة لتؤديها فتقول: "سواء كانت المُهمَّة فرصة للتميز أم لا – سوف أؤديها جيدًا بما أنها أُوكلت إليَ. سوف أتحمل هذه المسؤولية. إن كُلفت بالاستقبال، سوف أبذل قصارى جهدي لأداء ذلك العمل جيدًا. سوف أعتني بالإخوة والأخوات جيدًا وأفعل ما بوسعي للحفاظ على سلامة الجميع. وإن كُلفت بنشر الإنجيل، فسوف أجهز نفسي بالحق، وأنشر الإنجيل بمحبة، وأؤدي واجبي جيدًا. وإن كُلفت بتعلم لغة أجنبية، فسوف أدرسها بجد، وأذاكرها بجدية، وأتعلمها جيدًا بأسرع وقت ممكن في غضون عام أو عامين؛ لأتمكن من الشهادة لله أمام الأجانب. وإن طُلِبَ مني كتابة مقالات شهادة، سوف أُدرِّب نفسي بضمير حي لعمل ذلك وأرى الأشياء بحسب مبادئ الحق؛ سوف أتعلم اللغة، وعلى الرغم من أنني قد لا أتمكن من كتابة مقالات بصياغة جميلة، فسوف أتمكن على الأقل من شرح اختباراتي وشهادتي بوضوح، وتقديم شركة عن الحق بشكل مفهوم، وتقديم شهادة صادقة عن الله لتنوير الناس وإفادتهم عندما يقرؤون مقالاتي. مهما كانت المُهمَّة التي تُكلفني بها الكنيسة، سوف أضطلع بها من كل قلبي وقوّتي. إذا كان يوجد شيء لا أفهمه أو إذا ظهرت مشكلة، فسوف أُصلِّي إلى الله، وأطلب الحق، وأفهم مبادئ الحق، وأفعل الأمر جيدًا. مهما كان واجبي، سوف أستخدم كل ما لديَّ لأدائه جيدًا ولإرضاء الله. وفي كل ما يمكنني إنجازه، سوف أبذل قصارى جهدي لتحمُّل مسؤوليتي التي كُلّفتُ بها كاملةً، وعلى الأقل لن أعارض ضميري وعقلي، ولن أكون مهملًا وغير مبال، ولن أكون ماكرًا متهربًا، ولن أنعم بثمار عمل الآخرين. لن أفعل أي شيء دون معايير الضمير". هذا هو الحد الأدنى للسلوك البشري، ومن يؤدي واجبه بهذه الطريقة قد يتأهل ليكون إنسانًا يقظ الضمير وعقلانيًا. يجب على الأقل أن تكون مرتاح الضمير عند أداء واجبك، ويجب أن تشعر على الأقل بأنك تستحق قوت يومك ولا تستجديه. وهذا ما يُسمَّى الشعور بالمسؤولية. وسواء كانت مقدرتك كبيرة أم ضئيلة، وسواء كنت تفهم الحق أم لا، فيجب أن يكون لديك هذا الموقف: "بما أنني كُلفت بهذا العمل، فيجب أن أتعامل معه بجدية، وأجعله شغلي الشاغل، وأؤديه جيدًا من كل قلبي وبكل قوتي. وفيما يخص ما إذا كان يمكنني أداؤه بمنتهى الإتقان، لا يمكنني أن أفترض تقديم ضمان، لكن موقفي هو أنني سوف أبذل قصارى جهدي لأؤديه جيدًا، وبالطبع لن أكون مهملًا له ولا مباليًا به. إن ظهرت مشكلة، ينبغي عندئذٍ أن أتحمَّل المسؤولية، وأحرص على أن أستخلص منها درسًا، وأؤدي واجبي جيدًا". هذا هو الموقف الصحيح. هل تتخذون مثل هذا الموقف؟" (الكلمة، ج. 5. مسؤوليات القادة والعاملين). لقد ألهمتني كلمات الله حقًّا. منذ أن كلّفتني الكنيسة بهذا العمل، كان عليَّ أن آخذ على عاتقي جميع المسؤوليات التي يمكن أن يتحمَّلها شخص بالغ. بصرف النظر عن مدى عُلوّ مقدرتي وجدارتي في عملي أو عدد المصاعب التي واجهتها في واجبي، لم أتمكن من التراجع، تعيَّن عليَّ مواصلة السعي بإصرارٍ وبذل قصارى جهدي لتولّي هذا العمل. لاحقًا، كلما انتهينا من إعداد مقطع فيديو وأخذنا اقتراحات الآخرين، بصرف النظر عمّا إذا كانت مشكلة لم أكن على درايةٍ بها أو لم أعرف كيفية التعامل معها، كنتُ أبحث دائمًا عن مسارٍ لحلِّها بشكل فعّال أو أحاول العثور على بعض الأشخاص من ذوي الخبرة للتشاور معهم. وتدريجيًّا، صِرتُ أكثر إلمامًا بهذه المهارات وأكثر وضوحًا بشأن المبادئ. في السابق، كلما طرأت مشكلة صعبة، كنتُ أفرضها كالعادة على أحد شركائي للتعامل معها ولا أردُّ فورًا على الرسائل في المحادثة الجماعية وأتقاعس. الآن، أنا قادرة على تحمُّل المسؤولية وتحمُّل عِبئًا أكبر في واجبي. على الرغم من أنه ستكون هناك مصاعب خلال تعاوننا، عندما أتَّكِل على الله باهتمامٍ ومن خلال المناقشة مع الجميع، يصبح المسار الذي يجب أن نسلكه أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. لم أدرك كم كنتُ أنانية ومخادعة إلا بعد هذا الاختبار وأنني كنتُ خائنة ومُتكاسِلة في أداء واجبي ورفضت تحمُّل المسؤولية. حينما أصلحتُ موقفي تجاه العمل وأبديتُ استعدادًا للاهتمام بعِبء الله وبذل قصارى جهدي في التعاون، رأيتُ قيادة الله وإرشاده وربحتُ الإيمان في داخلي وأصبحت مستعدة لممارسته كإنسانة عقلانية وحيّة الضمير تُولي واجباتها اهتمامها.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.