الآن أعرف ما هي الإنسانية الصالحة حقًا

2023 فبراير 5

علّمني والداي والمعلمون منذ كنت صغيرةً أن الانسجام مع الآخرين ثمين، وأننا يجب أن نكون منطقيين ومتفهمين. لا يمكننا قول أشياء تضر بالعلاقات، وعلينا أن نسمح للناس بحفظ ماء وجوههم. "لا تضرب الآخرين تحت الحزام" و"كن متساهلًا حيثما يكون ذلك ممكنًا" هما السبيلان الوحيدان للتوافق مع الآخرين. لذلك منذ أن كنت صغيرةً، أخذتُ هذه الفلسفات الدنيوية كقواعد أعيش بها، ودائمًا مُراعيةً لشعور الناس بالفخر وبالكاد أتجادل مع الآخرين. أكسبني التصرف بهذه الطريقة الكثير من الثناء. بعد أن أصبحتُ مؤمنةً، حيث أنني لم أكن أعرف الحقّ، ظللت أعامل هذه الفلسفات الدنيوية والمعايير الأخلاقية على أنها قواعد للعيش بها، وحتى اعتقدتُ أن القيام بهذه الأشياء كان يعني امتلاك إنسانية طبيعية كما يطلب الله وأنني شخص صالح. لم يكن إلا بعد أن كُشفت من خلال بعض الفشل الذي رأيته من كلام الله أن هذا التفكير التقليدي ليس هو الحقّ إطلاقًا، وهو حقًا ليس المعيار للتحلّي بإنسانية صالحة. يجب أن تكون معايير أفعالنا هي فقط كلام الله.

في يناير، أخبرني بعض الإخوة والأخوات أن الأخت شو شينغ، إحدى القادة في الكنيسة، أعاقت الناس ولم تنجز عملًا حقيقيًا، لذلك ذهبتُ للنظر في الأمر. اكتشفتُ أنه على الرغم من امتلاك الأخت شو شينغ لبعض المواهب والقدرات، فهي لم تنجز الكثير من العمل العمليّ خلال فترتها كقائدة ولم تكن المشاريع التي كانت مسؤولة عنها ناجحة على الإطلاق. كما أنها تباهت كثيرًا لتنال إعجاب الآخرين وأرادت أرباحًا سريعة وسهلة. لقد عيّنَت عددًا قليلاً من الأشخاص غير الملائمين كقادة فرق ومشرفين، منتهكةً المبدأ، ومُتسبّبةً في عرقلة عمل الكنيسة وتعطيله. قدم الإخوة والأخوات لها اقتراحات عدة مرات، لكنها لم تقبلها ولم يكن لديها أيّ وعي ذاتيّ بشأن الواقع. بناءً على أدائها الثابت، كان من المؤكد أنها كانت قائدةً زائفةً يجب إعفاءها. لذلك خطّطتُ لكتابة رسالة لإبلاغ القائدة الأعلى بمشاكل الأخت شو شينغ. بعد كتابتها، فكرتُ كيف كانت الأخت شو شينغ بشكل عام مهتمة بي حقًا ووثقت بي، لذلك إذا علمَت أنني حقّقتُ وأبلغتُ عن مشكلاتها، هل ستحمل ضغينة ضدّي؟ هل سيفسد ذلك انطباعها الجيد عنّي؟ شعرت بالحيرة حقًا عندما فكرت في الأمر بهذه الطريقة. وهكذا، أعطيتُ نفسي عذرًا: ربما كانت الأخت شو شينغ في حالةٍ سيئةٍ مؤخرًا، لكي أتمكن من تقديم المشاركة والدعم لها، ثم معرفة ما إذا كانت قد أحدثت تغييرًا. لم أرسل رسالة التقرير هذه. حدّدتُ موعدًا للقاء الأخت شو شينغ واستعددتُ لكشف مشاكلها. لكن عندما التقينا، رأيتُ أنها ليست بحالة جيدة، وقالت باكية إنها كانت تعيش ألم القتال من أجل الاسم والربح. كدت أن أنطقها ثم تراجعت. كانت تمر بوقت عصيب، لذلك إذا انتقدتُ موضع الإحراج لديها، ألن يكون ذلك مثل إضافة الملح إلى الجرح؟ ثم إذا أخبرت القائدة عن مشاكلها وقامت بإعفائها، هل ستتهمني بأنني عديمة الرحمة؟ تردّدت مرارًا وتكرارًا، وفي النهاية مَوّهتُ أمر سعيها للاسم والمكانة، وتعيين الناس خلافًا للمبدأ، ثم انتهى اجتماعنا.

بعد عودتي إلى المنزل، حررت الرسالة التي كنتُ كتبتها بالفعل، قائلة إن الأخت شو شينغ كانت مهتمة كثيرًا بالاسم والمكانة وافتقرت إلى دخول الحياة، وأنني كنت قد تشاركت معها وأرادت أن تتوب، واقترحتُ مساعدةً ومشاركةً مستمرة. بعد إرسال الرسالة كان لديّ هذا الشعور بالذنب المستمر وغير المستقر. كنت أعرف جيدًا أنني لم أقُل الحّ. قرأتُ شيئًا في كلام الله. "بمجرد أن يصبح الحق حياة فيك، عندما ترى شخصًا يجدف على الله، ولا يخشى الله، وتراه مهملًا في أداء واجبه، أو يعطِّل عمل الكنيسة ويزعجه، فإنك ستستجيب وفقًا لمبادئ الحق، وستكون قادرًا على التعرف عليهم وكشفهم حسب الضرورة. إذا لم يصبح الحق حياتَك، وظللتَ تعيش ضمن نطاق شخصيتك الشيطانية، فإنك عندما تكتشف الأشرار والشياطين الذين يعطلون ويزعجون عمل الكنيسة، ستغض الطرف وتصمُّ أذنيك؛ وتتجاهلهم دون وخزٍ من ضميرك. حتى إنك ستعتقد أن أي شخص يسبب الإزعاج لعمل الكنيسة لا علاقة لك به. مهما كانت معاناة عمل الكنيسة ومصالح بيت الله، فأنت لا تهتم أو تتدخل أو تشعر بالذنب؛ مما يجعلك شخصًا بلا ضمير أو إحساس، وغير مؤمن، وعامل خدمة. تأكل ما هو لله، وتشرب ما هو لله، وتتمتع بكل ما يأتي من الله، ولكن تشعر أن أي ضرر لمصالح بيت الله لا علاقة لك به؛ مما يجعلك خائنًا، تعض اليد التي تطعمك. إذا كنت لا تحمي مصالح بيت الله، فهل أنت إنسان يا تُرى؟ هذا شيطان تسلل إلى الكنيسة. تتظاهر بالإيمان بالله، وتتظاهر بأنك شخص مختار، وتريد أن تستغل بيت الله. أنت لا تعيش حياة إنسان، ومن الواضح أنك من غير المؤمنين. إذا كنت شخصًا يؤمن حقًا بالله، فعندئذ حتى لو لم تربح الحق والحياة، فعلى الأقل ستتحدث وتتصرف من جهة الله؛ وعلى أقل تقدير، لن تقف مكتوف الأيدي عندما ترى مصالح بيت الله تتعرَّض للخطر. عندما يكون لديك دافع لتغض الطرف، ستشعر بالذنب وعدم الراحة، وستقول لنفسك، "لا يمكنني المكوث هنا دون أن أفعل شيئًا، عليَّ أن أقف وأقول شيئًا، وعليَّ أن أتحمَّل المسؤولية، وأكشف هذا السلوك الشرير، وعليَّ أن أوقفه، حتى لا تتضرر مصالح بيت الله، ولا تنزعج حياة الكنيسة". إذا أصبح الحق حياتك، فلن تكون لديك عندئذٍ هذه الشجاعة وهذا التصميم، وتكون قادرًا على فهم الأمر تمامًا فحسب، بل ستفي أيضًا بالمسؤولية التي يجب أن تتحملها من أجل عمل الله ومن أجل مصالح بيته، وبذلك تفي بواجبك" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمتلك قلوبًا تتقي الله إلّا الذين يخضعون له بصدق). كان كلام الله مؤثرًا حقًا بالنسبة لي. عينتني الكنيسة مسؤولةً عن رسائل التقارير، على أمل أن أراعي مشيئة الله وأن أدافع عن العدالة، وأنه عندما يُفسد القادة الزائفون وأعداء المسيح والأشرار عمل الكنيسة، فسوف أؤيد مبادئ الحق وأقف لكشفهم، وأحمي عمل الكنيسة. كان هذا واجبي، ومسؤوليتي. في تلك المرحلة، كنت قد ميّزتُ بالفعل الأخت شو شينغ كقائدة زائفة. تراجعت إنتاجية العديد من المشاريع التي تولت مسؤوليتها بشكل خطير ولم يكن هناك أيّ تغيير حقيقي بعد المشاركة. إن لم يتم إعفاؤها عاجلًا، فسيؤدي ذلك إلى خسائر أكبر في عمل الكنيسة. لكنني خشيتُ أنه إذا اكتشفَت أنني بحثتُ في مشكلاتها وأبلغتُ عنها، مُتسببة بإعفائها، ستقول إنني كنت عديمة الشعور. خاصة بعد رؤية أنها كانت تشعر بالسوء وتبكي، كنت قلقة من أنني إذا كشفتُ عن مشاكلها، ستقول إنني لم أكن مُتفهمة لنضالاتها، ثم ستكرهني. لذلك أخفيتُ الوضع الحقيقي ولم أبلّغ عن مشكلتها الفعلية، اخترت الطريق الأوسط مع عين التغاضي، مُتسترةً سِرًّا على قائدة زائفة بغض النظر عن تضرُّر عمل الكنيسة أو دخول الإخوة والأخوات الحياة. لقد استمتعت في إيماني بالسقاية ودعم كلام الله، لكني كنت أُفضّل المصالح الخارجية، وأعض اليد التي تطعمني. كنت أنانيةً ودنيئةً جدًا، دون أدنى إنسانية. عند هذه الفكرة، ملأني شعور بالندم والذنب لما فعلتُه. كرهتُ كم كنت أنانية وماكرة.

قرأتُ مقطعًا آخر من كلام الله فيما بعد. "بصرف النظر عن مدى تظاهر شخص ما، وبصرف النظر عن مدى أناقة أو لياقة سلوكه، أو مدى لطفه أو كياسته، أو مدى خداعه، لا يمكن إنكار أن كل شخص فاسد يكون مُتخمًا بالشخصية الشيطانية. وتحت قناع هذا السلوك الخارجي، ما زال يقاوم الله ويتمرد عليه، وما زال يقاوم الخالق ويعلن العصيان عليه. ... وباختصار، أن تكون شخصًا حسن السلوك ومتوافقًا مع المفاهيم التقليدية للأخلاق لا يعني طلب الحق؛ وهو ليس السعي لتكون كائنًا مخلوقًا صادقًا. بل على العكس من ذلك، فإن العديد من الأسرار المظلمة التي لا يصح ذكرها تكون مخفية وراء السعي إلى هذه السلوكيات الجيدة. بصرف النظر عن نوع السلوك الجيد الذي يسعى إليه الإنسان، فإن الهدف منه ليس إلا كسب المزيد من المودة والاحترام من الناس، وتعزيز مكانته وجعل الناس يعتقدون أنه محترم ويستحق الثقة والإرسالية. إذا كنت تسعى لتكون شخصًا حسن السلوك هكذا، أليس هذا من حيث النوعية مثل أولئك المشاهير والعظماء؟ أما إذا كنت مجرد شخص حسن السلوك لكنك لا تحب كلمة الله ولا تقبل الحق، فعندئذٍ أنت مثلهم تمامًا من حيث النوعية. وما النتيجة؟ لقد تخليت عن الحق وأضعت فرصتك في الخلاص. وهذا هو السلوك الأكثر حماقة – فهو اختيار شخص أحمق ومسعاه. هل تمنيتم يومًا أن تكونوا مثل ذلك الشخص العظيم المشهور وبالغ الإثارة على خشبة المسرح، الذي أعجبتم به لفترة طويلة؟ هل تريدون أن تكونوا مثل ذلك الشخص اللطيف الودود؟ هل تريدون أن تكونوا مثل ذلك الشخص الأكاديمي المهذب والأنيس؟ هل تريدون أن تكونوا مثل ذلك الشخص الذي يبدو من الخارج ودودًا وجميلًا؟ ألم تتبعوا أناسًا كهؤلاء من قبل؟ (بلى). إن كنت لا تزال تتبع أناسًا كهؤلاء الآن، وما زلت تُؤلِّه أناسًا كهؤلاء، فدعني أخبرك أنك لست بعيدًا عن الموت؛ لأن الناس الذين تُؤلِّههم هم أشرار يتظاهرون بأنهم صالحون. والله لن يُخلِّص الأشرار. إن كنت تُؤلِّه الأشرار ولا تقبل الحق، فسوف تهلك في النهاية أيضًا" (الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ما معنى السعي وراء الحق (3)). لقد انغمستُ في الثقافة التقليدية وتأثرتُ بها منذ كنتُ طفلة، اتخذت "لا تضرب الآخرين تحت الحزام"، "لا فائدة من قطع رأس رجل أُعْدِمَ؛ كُن متساهلًا حيثما يكون ذلك ممكنًا"، "التزام الصمت تجاه أخطاء الأصدقاء الصالحين يجعل الصداقة طويلة وجيدة" وفلسفات شيطانية أخرى كمعياري للسلوك ولتقييم إنسانية الناس. بعد أن ربحتُ الإيمان، ظللت أُراعي كبرياء الآخرين في كل تفاعلاتي مع الإخوة والأخوات، ونادرًا ما أشير مباشرة إلى العيوب وأوجه القصور التي رأيتُها، ودائمًا أترك هامشًا للآخرين لكي يشعروا أنني مُتفهّمة ويكون لديهم انطباع جيد عني. كنت أعرف جيدًا أن الأخت شو شينغ كانت قائدة زائفة وينبغي إعفاءها فورًا، ولكن لتجنب الإساءة إليها، ولحماية علاقتنا، لم أُحجم عن استدعِائها فحسب، لكني أخفيتُ الحقيقة ولم أبلّغ عن مشاكلها. كدتُ أن أصبح درع قائد زائف، وهو ما يُعدّ انتهاكًا. الآن فهمت أن الأمر بدا وكأنني مُحبة ولطيفة في الظاهر، لكنني في الواقع أردت أن أُؤسس صورة إيجابية في قلوب الآخرين وأن أنال إعجابهم. لتحقيق هدفي المثير للاشمئزاز، كان من الممكن أن أؤذي عمل الكنيسة ودخول الإخوة والأخوات إلى الحياة. بغض النظر عن مدى التزام شخص ما بهذه المفاهيم والآداب والأخلاق البشرية، فهذا لا يعني أنه شخص صالح. على العكس، فإن الدوافع المخزية هي وراء هذه السلوكيات المقبولة. العيش بهذه الأفكار ووجهات النظر الشيطانية لا يمكن إلا أن يجعلني مُخادعةً وماكرةً وأنانيةً وشريرةً بشكل متزايد. كل ما فعلتُه كان ضدّ الحق وضدّ الله. قرأتُ مقطعين من كلام الله فيما بعد كانا مفيدين حقًا بالنسبة لي. يقول الله القدير، "يجب أن يكون هناك معيار للطبيعة البشرية الصالحة. إنه لا ينطوي على اتخاذ طريق الاعتدال، وليس الالتزام بالمبادئ، والسعي إلى عدم الإساءة إلى أي شخص، والتملُّق في كل مكان تذهب إليه، والتعامل بسلاسة وبراعة مع كل شخص تقابله، وجعل الجميع يثنون عليك. هذا ليس المعيار. إذن ما هو المعيار؟ أن يحتفظ المرء بالمبادئ ويتحمل المسؤولية في معاملته مع الله والحق وأداء الواجب ومع جميع أنواع الناس والأحداث والأشياء، وهذا واضح يراه الجميع. فكل امرئ يدرك هذا بوضوح في قلبه" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. يستطيع المرء كسب الحق بوهب قلبه لله). "ماذا يجب أن يكون أساس كلام الناس؟ كلام الله. ما المتطلبات والمعايير التي وضعها الله إذًا لكلام الناس؟ (أن يكون هادفًا للناس). هذا صحيح. الجانب الأكثر جوهرية هو أنه ينبغي عليك قول الحق والتحدث بصدق وإفادة الآخرين. وعلى أقل تقدير، ينبغي للكلام أن يبني الناس، لا أن يخدعهم أو يسخر منهم أو يضللهم أو يتهكم عليهم أو يهينهم أو يُقيِّدهم أو يؤذيهم أو يكشف نقاط ضعفهم أو يهزأ بهم. هذا هو التعبير عن الطبيعة البشرية. إنها فضيلة الإنسانية. ... ما معنى القول بأنه يجب ألا يكشف المرء نقاط ضعف الناس؟ يعني ألا يسعى للحصول على معلومات مهينة عن الآخرين. لا تتمسك بأخطائهم أو عيوبهم الماضية لإدانتهم أو شجبهم. هذا أقل ما يجب عليك فعله. ومن الجانب الاستباقي، كيف يُعبَّر عن الكلام الهادف؟ إنه بشكل أساسي كلام التشجيع والتوجيه والإرشاد والنصح والفهم والتعزية. وأيضًا، من الضروريّ أحيانًا الإشارة إلى أوجه القصور والنقائص والعيوب لدى الآخرين وانتقادها مباشرةً؛ فهذا مفيدٌ جدًّا للناس، ويُمثِّل مساعدةً حقيقيَّة لهم، وهو بنّاء بالنسبة إليهم، أليس كذلك؟ لنفترض مثلًا أنك عنيدٌ ومُتكبِّر بشكلٍ خاصّ. ولم تكن على درايةٍ بذلك قطّ، ولكن شخصًا يعرفك جيِّدًا يصارحك ويخبرك بالمشكلة. فتُفكِّر في نفسك قائلًا: "هل أنا عنيدٌ؟ هل أنا مُتكبِّر؟ لم يجرؤ شخصٌ آخر على إخباري، لكنه يفهمني. فتمكُّنه من قول شيءٍ كهذا يشير إلى أنه صحيحٌ حقًّا. ينبغي أن أقضي بعض الوقت مُتأمِّلًا في هذا". وبعد ذلك تقول للشخص: "لا يقول لي الآخرون سوى كلمات لطيفة، ويمدحونني، ولا أحد يتواصل معي من القلب بصراحة، ولم يشر أحدٌ إلى هذه النقائص والمشكلات بداخلي. وأنت وحدك تمكَّنت من إخباري والتواصل معي من القلب. لقد كان هذا رائعًا ومساعدةً هائلة لي". كان هذا تواصلًا من القلب، أليس كذلك؟ شيئًا فشيئًا، تواصل الشخص الآخر معك بما كان يدور في ذهنه، وبأفكاره عنك، وباختباراته حول كيف كانت لديه مفاهيم وتصوُّرات وسلبيَّة وضعف في هذا الأمر، فتمكَّن من الإفلات منها من خلال طلب الحقّ. وهذا هو معنى التواصل من القلب إلى القلب، فهو تواصل النفوس" (الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ما معنى السعي وراء الحق (3)). فهمت بوضوح من كلام الله أن الإنسانية الطيبة حقًا ليست أن تكون طيبًا ورحيمًا وعقلانيًا، وليست أن تكون دائمًا مُتفهمًا للعلاقات الشخصية وحاميًا لها، ولربح موافقة الآخرين، لكنها أن تكون أصيلًا مع الله والآخرين، وتعامل الناس بصدق. إذا رأيتَ قادةً زائفين، أعداءًا للمسيح، أو أشرارًا يُعطّلون الأشياء في الكنيسة وبإمكانك التمسك بمبادئ الحقّ لحماية عمل الكنيسة، إذا كان بإمكانك الإشارة إلى مشكلات الآخرين ومشاركتهم ومساعدتهم، وتنويرهم قولًا وفعلًا فهذا فقط هو حقًا أن تكون شخصًا صالحًا. إذا لم تكن تفكر سوى في ماء وجهك ومكانتك في واجبك، وإذا رأيتَ شخصًا يُعطل عمل الكنيسة ولا تكشفه وتوقفه، مُتجاهلاً مشيئة الله، فلست شخصًا صالحًا مهما كانت علاقاتك بالآخرين جيدة، لكنك شخص أنانيّ، وحقير، ووضيع. من قبل، كنت أظن أن الفلسفات الشيطانية مثل "لا تضرب الآخرين تحت الحزام" هي فلسفات تفهّم وتسامُح، وأن هذا كان شيئًا جيدًا. أعلم الآن أن هذا يختلف تمامًا عن قول الله "يجب ألا يكشف المرء نقاط ضعف الناس". قول الله لهذا يعني، لا تجد عيبًا في الناس أو تستغل نقاط ضعفهم للحكم عليهم وإدانتهم، لكن عاملهم بشكل صحيح. هذا ما يجب أن تمتلكه الإنسانية الطبيعية. والشيطان يُرسِخ فينا أفكارًا مثل "لا تضرب الآخرين تحت الحزام" لحملنا على حماية صورتنا ومكانتنا، وعدم الإشارة إلى مشاكل الآخرين حتى نصبح أكثر فأكثر أنانيةً ومكرًا، وتنعدم إنسانيتنا الطبيعية. مهما يبدو شخص ما لطيفًا، فهذا مجرد نفاق وخداع لتلبية مصالحه الشخصية. هذا ليس أن تكون شخصًا صالحًا حقًا. إذا لم نكُن محكومين بالفساد، لكننا نعطي شخصًا ما إرشادات ونساعد بتقديم مشاركة معه حول الحقّ لكي يربح المعرفة والتوبة الحقّة، فهذا توضيح حقيقي لامتلاك الإنسانية الجيدة والمحبة.

كان هناك مقطعًا آخر قرأته أعطاني مسارًا أوضح للممارسة. تقول كلمات الله، "بعد تقديم شركة عن الأقوال بخصوص السلوك الجيد في الثقافة التقليدية، هل اكتسبتم أي فهم لها؟ كيف يجب أن تتعامل مع هذا النوع من السلوك الجيد؟ قد يقول بعض الناس: "بدءًا من اليوم، لن أكون شخصًا أكاديميًا أو أنيسًا أو مهذبًا. لن أكون شخصًا يُدعى "صالحًا"؛ لن أكون شخصًا يحترم الكبار أو يحب الشباب؛ لن أكون شخصًا لطيفًا ودودًا. لا شيء من هذا هو إظهار طبيعي للطبيعة البشرية؛ إنه سلوك خادع يتسم بالزيف والكذب ولا يرقى إلى مستوى ممارسة الحق. أي نوع من الأشخاص سأكون؟ سوف أكون شخصًا صادقًا؛ سوف أبدأ بكوني شخصًا صادقًا. ففي حديثي يمكن أن أكون غير متعلم ولا أفهم القواعد وأفتقر إلى المعرفة وينظر إليَّ الآخرون نظرة ازدراء، لكنني سوف أتحدث بصراحة وبإخلاص وبلا زيف. وباعتباري إنسانًا وفي أفعالي، لن أكون زائفًا ولن أتصنع أي فعل. سوف يكون كلامي في كل مرَّة نابعًا من القلب – وسوف أقول ما أفكر به في قلبي. إذا كنت أضمر كراهية تجاه شخص ما، فسوف أفحص نفسي ولن أفعل أي شيء يؤذيه؛ لن أفعل إلا الأشياء البناءة. وعندما أتحدث، لن أعطي اعتبارًا لمكسبي الشخصي، ولن أكون مُقيَّدًا بسمعتي أو كرامتي. بالإضافة إلى ذلك، لن تكون لديَّ النية لجعل الناس يحسنون بي الظن. لن أهتم إلا بما إذا كان الله مسرورًا. سوف تكون نقطة انطلاقي هي عدم إيذاء الناس. فما أفعله سوف يكون وفقًا لمتطلبات الله؛ ولن أفعل أشياء لإيذاء الآخرين، ولن أفعل أشياء تضر بمصالح بيت الله. لن أفعل إلا الأشياء التي تنفع الآخرين، ولن أكون إلّا شخصًا صادقًا يجعل الله مسرورًا". أليس هذا تغيرًا في الشخص؟ إذا مارس هذا الكلام حقًا، فسوف يكون قد تغير حقًا. سوف يكون مصيره ومستقبله قد تغيرا للأفضل. وسوف يكون قد بدأ السير في طريق طلب الحق، وسرعان ما يدخل إلى حقيقة الحق، وسرعان ما يصبح شخصًا لديه رجاء في الخلاص. وهذا شيء جيد وإيجابي" (الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ما معنى السعي وراء الحق (3)). أدركتُ في تأملي لكلام الله أنه بكوننا أشخاصًا صادقين ونتحدث بصدقٍ كما يطلب الله، وكوننا صُرَحاء في تفاعلاتنا، ومعتمدين على كلام الله كأساس لنا في كل شيء والعيش مع الحقّ كمعيار لنا، يمكننا أن نتخلص تدريجيًا من قيود سموم الشيطان وأن يكون لدينا شبه أكبر بالإنسان. تلوتُ صلاة إلى الله حتى أتوقف عن مُراعاة كيف سيراني الآخرون، وأن أتوقف عن حماية العلاقات الشخصية. أردت فقط أن أكون شخصًا صادقًا يُرضي الله. وهكذا، أخبرت القائدة الأعلى عن مشاكل الأخت شو شينغ مرة أخرى وصارحتها حول دوافعي الخاطئة في تحرير الرسالة. شعرتُ أخيرًا بسلام وراحة بعد القيام بذلك. بعد بضعة أيام، نظرت القائدة الأعلى في الأمر وقررت أن الأخت شو شينغ كانت قائدة زائفة وأعفتها بحسب المبادئ.

بعد فترة، كنت بحاجة للتعامل مع رسالة تقرير أخرى. اتهمت الأخت لين مين رئيسة كنيستهم، الأخت تشانغ يو، بأنها قائدة زائفة. وعندما تحققتُ من ذلك، رأيت أن الأخت تشانغ يو كانت في حالة سيئة مؤخرًا، مما أثر على فعاليتها في أداء واجبها، ولكن بشكل عام كان بإمكانها أن تنجز عملًا حقيقيًا وتساعد الآخرين في حل المشاكل. لم تكن قائدة زائفة. ما ذكرَته الأخت لين مين كان صحيحًا، لكنها كانت متغطرسة إلى حد ما. لم يكن لديها المقاربة الصحيحة للعيوب وأوجه القُصور في عمل الأخت تشانغ يو، ولم تفهم موقفها تمامًا. لقد عرّفت الأخت تشانغ يو بشكل أعمى على أنها قائدة زائفة. كان هذا تضخيمًا لمشاكلها ولا يتناسب مع المبادئ – ومن المحتمل أن يؤذيها. كنت بحاجة لأتشارك مع الأخت لين مين والإشارة إلى مشاكلها. كنت أفكر أنه كان عليَّ هذه المرة أن أمارس الحقّ وأن أوضح المشكلة لها. لكن في اليوم الذي كنت سأقابل فيه الأخت لين مين، كان لا يزال لديّ بعض المخاوف. كانت الأخت لين مين قد ساعدتني قبل فترة وجيزة عندما واجهتُ صعوبات، وقبل أن يكون لديها انطباع جيد عني حقًا. إذا أخبرتها بنتائج التحقيق وذكرت مشاكلها، هل ستسيء فهم الأمر وتعتقد أنني كنت مُجحفة، ثم تراني بشكل سيء؟ ثم أدركتُ أنني لم أكن في الحالة الصحيحة، وسرعان ما قلت صلاة صامتة لله في قلبي، "يا إلهي، أفكر في اتّباع الفلسفات الشيطانية وحماية علاقاتي مرة أخرى. من فضلك امنحني الاستنارة، وأنِرْني، لكي أتمكن من التخلي عن جسدي. بغض النظر عما سيؤول إليه الحال في النهاية، لا أريد التفكير في سمعتي الخاصة بعد الآن. أريد أن أمارس الحقّ وأن أساعد هذه الأخت حقًا". فكرت في مقطع من كلام الله قرأتُه قبل يومين: "عندما يواجه شخص موقفًا ينطوي على نواياه وخططه الشخصية، وعندما تكون شخصيته الفاسدة واضحة للعيان، فذلك هو الوقت الذي يحتاج فيه إلى التأمل في نفسه وطلب الحق، كما أنها أيضًا لحظة مهمة عندما يفحص الله ذلك الشخص. وبالتالي، فإن اللحظة الأشد كشفًا للشخص هي ما إذا كان يمكنه طلب الحق وقبوله وتقديم التوبة الصادقة. ... أنت تخطط للتوبة، ولديك نية لذلك، وتنشدها بشدة أكبر من ذي قبل، ولكن من يعلم كم من الوقت سيمضي قبل أن تتوب بالفعل. إن لم تكن قد اتخذت خطوات ملموسة أو لم تكن لديك خطة فعلية لممارسة التوبة، فهذه ليست توبة صادقة. ينبغي عليك اتخاذ إجراء فعلي. وبمجرد أن تتخذ إجراءً فعليًا، سيكون عمل الله هو التالي" (الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ما معنى السعي وراء الحق (2)). هذا صحيح. عندما واجهتُ هذا الأمر، كان الله يفحص قلبي ليرى ما إذا كنت قد تُبت حقًا، وإن كنت سأختار ممارسة الحقّ، أو حماية كبريائي ومصالحي. بعد ذلك، حددتُ دوافعي بشكل صحيح وتشاركت مع الأخت لين مين. فيما بعد، لم تصبح الأخت لين مين متحيزة ضدي لأنني أشرت إلى مشاكلها، لكنها تأمّلت في نفسها وتعلمت عن نفسها من خلال كلام الله، وقالت إنه دون أن تُكشف بهذه الطريقة، لم تكن لترى أنها كانت متغطرسة ولم تكن لتعامل الأخت تشانغ يو بشكل صحيح. كانت تعتقد أنها تمارس الحقّ وتحمي عمل الكنيسة. انفتحت الأخت لين مين أيضًا وسألت عن كيفية معالجة هذه المشكلة وتقاسمنا المشاركة مع بعضنا بعضًا. شعرت أننا كنا قريبتين جدًا، دون أدنى حاجز. لقد تأثرتُ حقًا في تلك اللحظة ورأيت حقًا أن الحياة والتصرف بحسب كلام الله والحقّ هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يفيد الناس ويساعدهم حقًا. شعرت بالاستقرار والسلام.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

فهم معنى أن تكون صالحًا

منذ أن طفولتي، علمني والداي أن أكون عادلة ومعقولة ولطيفة مع الآخرين، وأفهم صعوباتهم ولا ألتفت لسفاسف الأمور. قالا إن هذا هو ما يجعل شخصًا...

اترك رد