تأملات بعد إعفائي

2025 يناير 18

في أبريل 2021، كنت أسقي المؤمنين الجدد في الكنيسة. وعندما قمت بهذا الواجب لأول مرة، ساورني إحساس بالعبء واهتممت بالعمل الجاد على المبادئ. وكلما واجهتني مشكلات تعذَّر عليَّ فهمها، كنت أصلي وأسعى، وكثيرًا ما كنت أعقد الشركة مع إخوتي وأخواتي. وتدريجيًّا، استوعبت بعض المبادئ وبدأ عملي يؤتي ثماره. بعد بضعة أشهر، ومع ازدياد عدد الذين كانوا يطلبون الطريق الحق ويتحرّونه، قَبِلَ الكثيرون عمل الله في الأيام الأخيرة. ولكي يُسقي هؤلاء المؤمنين الجدد بأسرع وقت ممكن، كلّفني القائد بتولي مسؤولية ثلاث مجموعات أخرى منهم. اعترضت على الفكرة، عندما رأيتُ أن هناك الكثير من المؤمنين الجدد، وقلت لنفسي: "إنّ لديّ بالفعل الكثير لأقلق بشأنه مع مجموعات المؤمنين الجدد الذين أسقيهم حاليًا، والذين يعانون من العديد من المفاهيم والمشكلات والصعوبات التي تحتاج إلى حل. وأحيانًا يحتاج الأمر إلى شركة متكررة لإحراز نتائج معهم. والآن بعد أن ازداد عدد المؤمنين، سيستغرق الأمر الكثير من الوقت والجهد لسقايتهم جميعًا بشكل صحيح حتى يتمكنوا من إرساء أساس راسخ على الطريق الحق. هذا كثير من العناء. كيف يمكنني التأقلم جسديًّا إذا استمرت الأمور على هذا النحو؟ إني في حالة سيئة كما هو الحال! عندما أصاب بالإرهاق، فسأقع في ورطة كبيرة". علمتُ أن المشرفة كان قد سقت المؤمنين الجدد لفترة طويلة وكان لديها فهم راسخ لمبادئ هذه المهمة، لذلك قلت لنفسي: "في المستقبل، بالنسبة للمشكلات الأكثر تعقيدًا، يجب أن أطلب من المشرفة حلها فحسب. عندها لن أضطر إلى بذل جهد في البحث عن كلام الله والشركة حوله مع المؤمنين الجدد. إذ لا يمكن الإسراع بحل مشكلاتهم فحسب، ولكنني سأحظى ببعض الراحة وأوفّر على نفسي الوقت والجهد. ألن يكون ذلك أفضل ما في الحالتين؟". ومن تلك اللحظة فصاعدًا، كلما كنت أسقي مؤمنين جددًا وواجهتني صعوبات أو مشكلات لم أتمكن من رؤيتها بوضوح، ولم أطلب مبادئ الحق، بل كنت أحيل المشكلات مباشرة للمشرفة وأطلب منها أن تعقد الشركة وتحل المشكلات.

وفي أحد الاجتماعات، كشفتني المشرفة: "ما خطبكِ في الآونة الأخيرة؟ أنتِ لا تجتهدين في أداء واجبكِ. في كل مرة يواجه فيها مؤمن جديد مشكلة أو صعوبة، لا تطلبين الحق لحلها، ولكنكِ تأتينني لأعقد الشركة حولها فحسب. وهكذا، قد لا يتعيّن عليكِ أن تعانين جسديًّا ولكن هل يمكنكِ اكتساب الحق؟ إذا كنتِ تقومين بواجبكِ دون أي إحساس بالعبء، وتواصلين اشتهاء راحة الجسد، فمن السهل أن تفقدي عمل الروح القدس، وستُكشفين وتُستبعدين عاجلًا أو آجلًا. لا بد أن تتأملي في ذاتكِ بعناية!". وعندما سمعتُ كلمات المشرفة، شعرتُ بالضيق والندم، وأدركت أنه من الخطير حقًّا أن أستمر كما كنت أفعل. لذا، صليت إلى الله، سائلةً إياه أن يرشدني لأتأمل ذاتي وأفهمها بشكل أفضل.

في أحد الأيام، قرأت فقرة من كلمات الله. يقول الله القدير: "وبصرف النظر عن العمل الذي يعمله بعض الناس أو الواجب الذي يؤدّونه، فإنهم غير قادرين على النجاح فيه؛ لأنه يفوق قدراتهم وهم عاجزون عن القيام بأي التزمات أو مسؤوليات يجب على الناس تحمّلها. أليسوا حثالة؟ هل ما زالوا يستحقَّون أن يسمّوا بشرًا؟ باستثناء البسطاء وأصحاب الإعاقات الذهنيَّة وأولئك الذين يعانون من إعاقاتٍ جسديَّة، هل يوجد أحدٌ على قيد الحياة يجب عليه عدم أداء واجباته والوفاء بمسؤوليَّاته؟ لكن هذا النوع من الأشخاص دائمًا ما يتواطأ ويمارس ألعابًا قذرة، فهو لا يريد الوفاء بمسؤوليَّاته؛ والمعنى الضمنيّ هو أنه لا يريد التصرُّف كشخصٍ لائق لقد منحه الله المقدرة والمواهب، وأعطاه الفرصة ليكون إنسانًا، ومع ذلك لا يمكنه استخدامها في أداء واجبه. إنه لا يفعل شيئًا غير تمني التمتع بكل شيء. هل يصلح مثل هذا الشخص لأن يُدعى إنسانًا؟ بصرف النظر عن العمل الذي يُسنَد إليهم – سواء كان مُهمًّا أو عاديًّا، أو صعبًا أو سهلًا – فإنهم دائمًا غير مُهتَمين وغير مبالين كما أنهم كسولون دائمًا ومراوغون. وعندما تظهر المشكلات، يحاولون إلقاء المسؤوليَّة على الآخرين. إنهم لا يتحمَّلون أيّ مسؤوليَّةٍ ويرغبون في الاستمرار في عيش حياتهم الطُفيليَّة. أليسوا حثالة عديمة الفائدة؟ من لا يضطرّ في المجتمع إلى الاعتماد على نفسه للبقاء؟ بمُجرَّد أن يكبر الشخص ينبغي أن يعيل نفسه. فقد أوفى والداه بمسؤوليَّتهما. وحتَّى إذا كان والداه على استعدادٍ لدعمه، فلن يشعر بالارتياح إزاء ذلك، ويجب أن يعترف لنفسه قائلًا: "لقد أكمل والداي مُهمَّة تربية الأطفال. وأنا شخصٌ بالغ وأتمتَّع بالقدرة البدنيَّة ويجب أن أتمكَّن من العيش المُستقلّ". أليس هذا هو الحدّ الأدنى من الشعور الذي يجب أن يتمتَّع به البالغ؟ إذا كان شخصٌ ما لديه حسٌّ حقيقيّ، فلن يتمكَّن من الاستمرار في استغلال والديه؛ وسوف يخاف سخرية الآخرين والتعرُّض للخزي. ولذلك، هل المُتسكِّع العاطل يتمتَّع بالحسّ؟ (لا). فهم دائمًا يريدون شيئًا مقابل لا شيء، ولا يريدون أبدًا تحمُّل المسؤوليَّة، ويبحثون عن وجبة غداء مجانيَّة، ويريدون ثلاث وجباتٍ شهيَّة في اليوم. يريدون أن يعمل شخصٌ ما على خدمتهم، وأن يكون الطعام طيِّبًا دون أداء أيّ عملٍ. أليست هذه هي عقليَّة المُتطفِّل؟ وهل المُتطفِّلون لهم ضميرٌ وحسٌّ؟ هل يتمتَّعون بالكرامة والنزاهة؟ بالطبع لا؛ فهم جميعًا استغلاليّون تافهون، وجميعهم وحوشٌ بلا ضميرٍ أو منطق. ولا أحد منهم يصلح للبقاء في بيت الله" [الكلمة، ج. 5. مسؤوليات القادة والعاملين. مسؤوليات القادة والعاملين (8)]. وبالتأمل في ذاتي فيما يتعلق بكلمات الله، أدركت أن سلوكي تجاه واجبي كان يتسم بالازدراء واللامبالاة الشديدين. لم أتمكن حتى من إتمام المسؤوليات والالتزامات التي يجب أن أقوم بها. لم أختلف حقًّا عن القمامة. في كل مرة ازداد فيها عبء عملي وتوجّب عليَّ أن أعاني وأدفع الثمن، كان أول ما يشغل بالي هو جسدي. اعتقدت أنه بما أن هناك المزيد من المؤمنين الجدد الذين يحتاجون إلى السقاية، فستزداد المشكلات التي يجب التعامل معها وحلها. لو كان عليّ أن أعقد الشركة بصبر مع كل مؤمن جديد وأدعمه، لكان لديّ الكثير لأقلق بشأنه وأتعب نفسي. لقد خشيت من المعاناة والإصابة بالمرض من الإرهاق، لذا بدأت في التراخي واللامبالاة. وكلما واجهتني مشكلة ولو كانت أقل تعقيدًا، كنت أحيلها مباشرةً إلى مشرفتي، دون بذل أي جهد لطلب الحق وحلها. لقد كنت أنانية ومخادعة حقًّا! لم أكترث إلا بالخمول وعدم الشعور بالتعب الجسدي. لم أفكر في عمل الآخرين وصعوباتهم إطلاقًا، أو ما إذا كان سلوكي سيؤخر الآخرين عن القيام بواجباتهم. على الرغم من أن جسدي كان خاملًا بهذه الطريقة ولم أعانِ كثيرًا، إلا أن حياتي لم تحقق تقدمًا على الإطلاق لأنني لم أكن أطلب الحق، فما الذي أمكنني حقًّا أن أكسبه في النهاية؟ ألم أكن أُلحق الأذى بنفسي؟ يقول الله إن الكُسالى والمخادعين هم قمامة لا فائدة تُرجى منهم، وهل الله لا يزدري القمامة ويستبعدها؟ شعرت بشيء من الندم والخوف، عندما فكرت في ذلك، لذا صليت إلى الله، قائلةً إنني أريد أن أغير سلوكي تجاه واجباتي وأقوم بها بجدية.

بعد ذلك، كلما واجهتني صعوبات أثناء سقايتي للمؤمنين الجدد، كنت أصلي بوعي وأتّكل على الله، وأطلب الحق، وكنت أعقد الشركة بصبر لحل صعوباتهم، بدلًا من إحالتها على الآخرين. لكن اعتنق بعض المؤمنين الجدد مفاهيم دينية قوية، والتي تمسكوا بها بشدة في بعض الحالات لدرجة أنني اضطررت إلى عقد الشركة معهم عدة مرات قبل أن يتخلوا عن هذه المفاهيم. وبعد فترة، بدأ هذا الأمر يسبب لي القلق ويستنفد الكثير من طاقتي. عند هذه النقطة، شعرت بالانفعال بعض الشيء وقلت لنفسي: "إذا استمرت الأمور على هذا المنوال، فكم من الجهد الذي سيتعين عليَّ أن أبذله من أجل سقاية المؤمنين الجدد بشكل صحيح؟ إنه أمر متعب للغاية. يمكنني فحسب أن أبحث عن بعض الفقرات ذات الصلة من كلام الله في ضوء مفاهيمهم، وأرسلها إلى المؤمنين الجدد وأدعهم يقرؤونها، ثم أعقد الشركة معهم إذا كان هناك شيء يستغلق عليهم فهمه. وهذا من شأنه أن يزيل بعضًا من مخاوفي". لكنني شعرت بعدم الارتياح قليلًا كلما فعلت ذلك. قلت لنفسي: "من الصعب للغاية حملهم على التخلي عن مفاهيمهم حتى عندما أعقد الشركة معهم وجهًا لوجه بمزيد من التفصيل". "إذا تركتهم يقرأون كل شيء بأنفسهم، فكيف سيتمكنون من الفهم؟ مهما يكن. سأترك الشركة فحسب لحين وقوع مشكلات". وبهذه البساطة، تركت الأمر يمضي دون أن أمعن التفكير فيه كثيرًا. وبعد فترة من الوقت، لم يعد بعض المؤمنين الجدد يرغبون في الاجتماع لعدم حل مفاهيمهم الدينية على الفور، حتى أن البعض توقفوا عن الإيمان وانسحبوا بعد أن ضلّلهم القساوسة والشيوخ وأربكوهم. فانتابني شعور بالذنب بعض الشيء، عندما رأيت هذا النوع من الأمور تحدث، ولكن بعد ذلك فكرت: "إنها ليست مسؤوليتي بالكامل. فأرسلت لهم فقرات ذات صلة من كلام الله ليقرؤوها؛ كل ما في الأمر أن هؤلاء المؤمنين الجدد شديدو الغطرسة وبارّون في أعين ذواتهم. إنهم دائمًا ما يتمسكون بعناد بمفاهيمهم الخاصة ولا يقبلون الحق، لذلك لا يمكنني فعل أي شيء لمساعدتهم". ولأنني كنت قد تكاسلت بإصرار ولم أبالِ في القيام بواجبي، شعرت أن الله قد أخفى وجهه عني، وزاد تشوّش أفكاري. لم أتمكن من إيجاد حل للعديد من المشكلات، وكانت شركتي مع المؤمنين الجدد كئيبة ومملة. وأصبح القيام بواجبي شاقًّا، وزادت النتائج سوءًا. لاحقًا، رأت المشرفة أن حالتي لم تتغير وأنها أثّرت على واجبي بشكل خطير، فطلبت مني أن أتوقف عن القيام بذلك وأن أمارس بدلًا من ذلك العبادة الروحية لأتأمل في ذاتي. انهرت عندما تلقيت ها الخبر، وبدأت الدموع تنهمر على وجهي بلا حسيب ولا رقيب. لقد أدركت تمامًا أن هذا كان من عاقبة مراعاتي المفرطة للجسد وإصراري على اللامبالاة في القيام بواجبي. اعتقدت أنني قد انتهيت. لقد أُوقِفْتُ عن أداء واجبي في الوقت الذي كان فيه عمل الله يقترب من نهايته. ألم أُستبعد؟ كانت تلك الأيام القليلة بمثابة محنة ولم أتمكن من تناول الطعام أو النوم بشكل صحيح. وفي خضّم كَربي، جثوت على ركبتيّ وصليت إلى الله بصدق: "يا إلهي، أعلم أن ما فعلته يجعلك تبغضني وتكرهني، لكنني أريد أن أتوب. أرجوك أنرني وأرشدني لأكتسب فهمًا أكبر لذاتي". بعد الصلاة، قرأت فقرة من كلمات الله: "ثمة أناسٌ ليسوا على استعداد للمعاناة مطلقًا في أداء واجباتهم، ويتذمرون دومًا كلما واجهتهم مشكلة، ويرفضون دفع الثمن. أي نوع من المواقف هذا؟ إنه موقف اللامبالاة والاستهتار. إذا أديت واجبك بلا مبالاة وباستهتار، وعاملته بموقف الاستخفاف، فكيف ستكون النتيجة؟ سيكون أداؤك لواجبك ضعيفًا على الرغم من قدرتك على أدائه بشكل جيد، وبذلك لن يرتقي أداؤك إلى المستوى المطلوب، وسيكون الله مستاءً جدًّا من الموقف الذي تتخذه تجاه واجبك. لو أنك استطعت الصلاة إلى الله، والسعي إلى الحق، ووضعت قلبك وعقلك بالكامل فيه، وتمكنت من التعاون على هذا النحو، لَأعدّ الله لك كل شيء مسبقًا بحيث يقع كل شيء في مكانه المناسب عندما أثناء معالجتك للأمور، وتظفر بنتائج جيدة. لم تكن بحاجة إلى بذل قدر كبير من الطاقة؛ ولو بذلت وسعك في التعاون، لرتب الله لك بالفعل كل شيء. أما إذا كنت مراوغًا ومتكاسلًا، ولم تهتمّ بواجبك كما ينبغي، وسلكت دائمًا الطريق الخاطئ، فلن يعمل الله عندئذ فيك؛ وستضيع منك هذه الفرصة، وسيقول الله: "أنت لست صالحًا، ولا يمكنني استخدامك. اذهب وتَنَحَّ جانبًا؛ فأنت تحب أن تكون مخادعًا ومتكاسلًا، أليس كذلك؟ أنت تحب أن تكون كسولًا وتأخذ الأمور ببساطة، أليس كذلك؟ حسنًا، إذنْ، خذ الأمور ببساطة إلى الأبد!". سيعطي الله هذه النعمة والفرصة لشخص آخر. ماذا تقولون: هل هذه خسارة أم فوز؟ (خسارة). إنها خسارة فادحة!" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). بعد قراءة كلمات الله، فهمت أن إن الله ليس لديه متطلبات مبالغ فيها من الناس؛ إنه يريدهم ببساطة أن يؤدوا واجبهم بكل إخلاص بقدر ما يستطيعون. فما داموا يؤدون واجباتهم بأقصى ما في وسعهم، فسوف يستحسنهم الله. أما بالنسبة للأشخاص الذين يؤدون واجبهم دائمًا بشكل روتيني ودون اهتمام - الأشخاص الذين يتسمون بالمكر والانتهازية، ويبحثون عن الخمول والراحة بدلًا من القيام بما يجب عليهم فعله وما يمكنهم فعله – فمثل هؤلاء الناس يزدريهم الله ولن يُخلّصهم. عندما تفكَّرت في كلمات الله وراجعتُ أفعالي الماضية، ألم أكن من ذلك النوع من الأشخاص الذين ازدراهم الله؟ لقد كان من دواعي الشرف لي أن أوكلتني الكنيسة مسؤولية سقاية المؤمنين الجدد. كم كان من المفيد أن أتمكن من القيام بمثل هذا الواجب المهم في هذا الوقت الحرج، عندما كان ينتشر إنجيل ملكوت الله! ولكنني قد أظهرتُ عدم التقدير واللامبالاة في أداء واجباتي، وأشتهي الراحة باستمرار. وبقليل من الجهد والتضحية كان بإمكاني القيام بعمل جيد في سقاية المؤمنين الجدد، لكنني لم أُرد أن أعاني من تلك المشقة الإضافية. على الرغم من أنني كنت على علم تام بأن المؤمنين الجدد سيكتفون بفهم محدود إذا قرأوا كلمات الله بمفردهم، إلا أنني لم أرد أن أعقد الشركة معهم. ونتيجة لذلك، لم يرغب بعض المؤمنين الجدد في حضور الاجتماعات لعدم حل مفاهيمهم الدينية، وبعضهم ضلّلهم القساوسة والشيوخ وأربكوهم، مما تسبب في ابتعادهم عن الإيمان. والآن فقط بعد أن انكشفت الحقائق أدركت بأنني لم أكن أقوم بواجبي إطلاقًا، بل كنت أقوم بتعطيل عمل الكنيسة وإزعاجه. لم أميّز نفسي آنذاك على الإطلاق. وبدلًا من ذلك، تهرّبت من المسؤولية وألقيت باللوم في المشكلات على المؤمنين الجدد أنفسهم. كم كنت عديمة الشعور بالمسؤولية! كيف يمكن لهذا ألا يجعل الله يبغضني ويكرهني؟ أدركت أن الكنيسة قد كلفتني بمثل هذه الوظيفة المهمة على أمل أن أتمكن من إتمام مسؤولياتي وسقاية المؤمنين الجدد بشكل صحيح، حتى يتمكنوا من إرساء أساس راسخ على الطريق الحق بأسرع ما يمكن ويقبلوا خلاص الله. ومع ذلك فقد تكاسلتُ وراوغتُ وعزمتُ بشكل منفرد على الاختباء والاستمتاع بحياة الرفاهية والقيام بأقل قدر ممكن من الأعمال قدر المستطاع. لم أراعِ مقصد الله على الإطلاق، ولم أتمكن حتى من إتمام واجبي. كيف أمكنني أن أفتقر تمامًا إلى الضمير أو العقل؟ حتى الكلاب تعرف كيف تُخلِص لسيدها وتحرس البيت، في حين أنني كنت أستمتع بإمداد الله الوفير ومع ذلك لم أتمكن حتى من إتمام مسؤولياتي الخاصة. أكنت أستحق حتى أن أُدعى إنسانًا؟ إن شخصية الله بارّة ومُنزَّهة عن الإهانة. كان كل ذلك بسبب خطأي أنا، إذ أُعفيت ومُنعت من القيام بواجبي. لقد أفسدت فرصة القيام بواجبي ونيل الحق.

لاحقًا، قرأت فقرة أخرى من كلمات الله القدير التي تقول: "للوصول إلى فهم للطبائع، من الضروري كذلك كشف عدة جوانب في غاية الأهمية تتعلق بطبائع الناس، بالإضافة إلى الكشف عن الأمور التي يتعلق بها الناس بحكم طبائعهم. على سبيل المثال، وجهات نظر الناس بشأن الأشياء، وأساليب الناس وأهدافهم في الحياة، وقيم حياة الناس ونظرتهم للحياة، وكذلك وجهات نظرهم بشأن جميع الأمور المتعلقة بالحق. هذه هي كل الأشياء في أعماق نفوس الناس والتي لها علاقة مباشرة بتحوّل الشخصية. ما هي إذًا نظرة البشرية الفاسدة إلى الحياة؟ يمكن القول إنها كما يلي: "أنا ومن بعدي الطوفان". يعيش جميع الناس لأنفسهم، وبصراحة، إنهم يعيشون لأجل الجسد، وما يعيشون إلا ليتناولوا الطعام بأفواههم. كيف يختلف وجودهم عن وجود الحيوانات؟ ليس ثمة أيُّ قيمة في عيش حياة كهذه، فضلًا عن أن يكون لها معنى. تتعلق نظرة المرء إلى الحياة بما تعتمد عليه لكي تعيش في العالم، وما تعيش من أجله، وطريقة معيشتك؛ وهذه كلها أشياء تتعلق بجوهر الطبيعة البشرية. من خلال تحليل طبائع الناس، سترى أن الناس جميعًا يقاومون الله. إنهم جميعًا شياطين، ولا يوجد شخص صالح حقًا. لا يمكنك أن تعرف حقًا فساد الإنسان وجوهره، وأن تفهم ما ينتمي إليه الناس فعليًا، وما ينقصهم حقًا، وما ينبغي أن يتزودوا به، وكيف ينبغي عليهم أن يعيشوا بحسب الشبه الإنساني، إلّا من خلال تشريح طبائع الناس. ليس تحليل طبيعة الشخص بصدق بالأمر السهل، ولا يمكن فعله بدون اختبار كلام الله أو المرور باختبارات حقيقية" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. ما ينبغي معرفته عن تغيير شخصية المرء). جعلتني قراءة كلمات الله أدرك أن فلسفات وقوانين شيطانية مثل "اللهم نفسي، وليبحث كل امرء عن مصلحته فقط"، "اشرب نبيذ اليوم لليوم، ودع القلق بشأن الغد، للغد" و "عِش الحياة على الطيران التلقائي" قد سممتني بشدة. لقد جعلني العيش وفقًا لهذه القواعد في غاية الأنانية والدناءة والغدر والخداع. مهما فعلت لم أفكر إلا في اهتماماتي الجسدية فحسب، واشتهيت الراحة، واحتقرت العمل، ولم أحمل أي إحساس بالعبء أو المسؤولية في القيام بواجبي. لقد عشت يومًا بيوم دون أي أهداف أو اتجاه، وخلت حياتي من أدنى قيمة أو معنى. عندما عدت بذاكرتي إلى ما قبل إيماني بالله، أوليتُ اهتمامًا كبيرًا بالجسد واشتهيت الراحة. مهما كان ما فعلته، كنت أفعله دائمًا بطريقة لا مبالية كلما أمكن، وفعلت كل ما يلزم لإرضاء اهتماماتي الجسدية، وعشت حياة دنيئة وبائسة. حتى بعد أن بدأت الإيمان بالله، كنت لا أزال أعيش بهذه الآراء المغلوطة. كلما أصبحتُ مُثقلة بالواجبات، مما يتطلب مني المعاناة ودفع الثمن، كنت أخاف من الإجهاد البدني وأسعى باستمرار إلى إحالة الأعمال الشاقة والمرهقة ذهنيًا على الآخرين. لم أُرد أن أقلق أو أتعب نفسي أكثر من اللازم. وبسبب تسرّعي في أداء واجبي، لم تُحلّ مشكلات المؤمنين الجدد على وجه السرعة، مما جعل بعضهم غير راغب في الاجتماع، وهذا بدوره أزعج وأعاق عمل السقاية. أدركت أنني كنت أعيش وفق فلسفات وقوانين شيطانية، تفتقر تمامًا إلى الضمير أو العقل. كنت أنانية ودنيئة ولا أهتم إلا بنفسي. لم أفكر حتى في إمكانية حل الصعوبات التي قد يواجهها المؤمنون الجدد، أو حتى في ما إذا كانوا قد عانوا من خسائر في دخولهم الحياة. كنت قد عشت في حالة من الاستمتاع بالراحة والتمرد على الله ومقاومته دون حتى أن أعرف ذلك. كم كان ذلك خطيرًا! في تلك اللحظة، قرأت هذه الفقرة من كلمات الله: "فالله لا يعطي الناس عبئًا لا يمكنهم تحمُّله. إذا كنت تستطيع أن تحمل مائة جنيه، فلن يمنحك الله بالتأكيد حمولة أثقل من مائة جنيه. لن يضغط عليك. فهكذا يتصرف الله مع الجميع. لن يسيطر عليك أي شيء ولا أي شخص أو وجهة نظر أيديولوجية. أنت حر" [الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق (أ). معنى السعي إلى الحق (15)]. إن الأحمال التي يضعها الله على الناس هي كل ما يستطيعون تحمّله ويمكن تحقيقها بقليل من الجهد فحسب. قد يوجد أحيانًا عدد أكبر من المؤمنين الجدد الذين يجب سقيهم أكثر من المعتاد، مع ما يقابل ذلك من مشكلات وصعوبات تتطلب المزيد من الوقت والطاقة لطلب الحق والشركة لحلها، ولكن مع المزيد من الجهد والتضحية يمكنني مواكبة ذلك. ولن يتسبب ذلك في انهياري أو مرضي من الإرهاق على الإطلاق. وكثيرًا ما كان إخوتي وأخواتي خلال الاجتماعات، يعقدون الشركة على حقيقة أن القيام بواجباتنا هي فرصة جيدة لنا لنفهم الحق. نواجه مشكلات وصعوبات مختلفة في القيام بواجباتنا، لكن من خلال طلب الحق يمكننا تعلّم الدروس منها ونفهم تدريجيًّا بعض الحقائق، وندخل إلى واقع الحق. لكنني كنت أشعر دائمًا أن القيام بواجبي بهذه الطريقة متعب للغاية، بل وخشيت أن أمرض من الإرهاق، كل ذلك لأنني كنت أشتهي الراحة كثيرًا ولم أمتلك إرادة للمعاناة. لذلك كنت أشتكي وأتذمّر أثناء قيامي بواجبي، وأهملت عملي، بل وفشلت في إتمام مسؤولياتي الخاصة. أدركت أخيرًا أن العيش وفقًا للفلسفات الشيطانية لن يكون إلا مضيعة لحياتي ولن يؤدي إلا إلى الإضرار بي وإهلاكي في النهاية. أشعرني هذا الإدراك بالخوف بعض الشيء، لذلك صليت إلى الله: "يا إلهي، أشكرك على استنارتك وإرشادك اللذين جعلاني أفهم ذاتي بشكل أفضل قليلًا، ورأيت بوضوحٍ ضرر وعواقب العيش وفق الفلسفات الشيطانية. لقد أدركت أيضًا أن شخصيتك البارّة لا يمكن الإساءة إليها. يا إلهي، أريد أن أتوب. من الآن فصاعدًا سأقوم بواجبي بطريقة واقعية. لن أقوم بواجبي بلا مبالاة بعد الآن وأؤلمك".

لاحقًا، قرأت فقرة أخرى من كلمات الله أثرت فيَّ بعمق شديد. تقول كلمات الله: "كل كلمة وعبارة نطق بها الله كانت منقوشة على قلب نوح مثل كلمات منحوتة على لوح حجري. مهما كانت التغييرات التي تجري في العالم الخارجي، أو سخرية من حوله، أو المصاعب التي ينطوي عليها العمل، أو الصعوبات التي واجهها، ثابر نوح فيما أوكله الله إليه، ولم ييأس أو يفكر في الاستسلام أبدًا. لقد نُقشت كلمات الله على قلب نوح، وأصبحت واقعه اليومي. جهَّز نوح المواد المطلوبة لبناء الفلك، وتحقَّق شكل الفلك تدريجيًّا بحسب المواصفات التي أمر بها الله مع كل ضربة دقيقة لمطرقة نوح وإزميله. خلال الرياح والمطر، ومهما كانت سخرية الناس من نوح أو افتراؤهم عليه، استمرت حياته على هذا النحو، عامًا تلو الآخر. لقد راقب الله سرًّا كل عمل يقوم به نوح، دون أن ينطق بكلمة أخرى له، وتأثر قلبه بنوح. ومع ذلك، لم يعرف نوح هذا الأمر ولم يشعر به. لقد بنى ببساطة الفلك من البداية إلى النهاية، وجمع كل نوع من المخلوقات الحيَّة، في ولاء راسخ لكلمات الله. لم يكن في قلب نوح تعليمات أسمى يجب عليه اتباعها وتنفيذها: كانت كلمات الله هي اتجاهه وهدفه مدى الحياة. لذلك، مهما كان ما قاله الله له، ومهما كان ما طلبه الله منه، وأمره بفعله، تقبله نوح تمامًا، واحتفظ به في ذاكرته، واتخذه وكأنه مسعى حياته. إنه لم يتذكَّره فحسب، ولم يرسِّخه في ذهنه فحسب، بل جعله أيضًا واقعًا في حياته، مستخدمًا حياته ليقبل إرسالية الله وينفذها. وهكذا، بُنيَ الفلك لوحًا تلو الآخر. كانت كل حركات نوح، كل يوم، مكرسة لكلمات الله ووصاياه. ربما لم يكن يبدو أن نوحًا كان يؤدي مهمة بالغة الأهمية، ولكن في نظر الله، كل ما فعله نوح، حتى كل خطوة قام بها لتحقيق شيء ما، وكل عمل قام به بيده، كانت جميعها ثمينة، وتستحق الاحتفاء، وتستحق أن تحتذي بها البشرية. تمسَّك نوح بما أوكله الله إليه. وكان راسخًا في إيمانه بأن كل كلمة نطق بها الله صحيحة؛ ولم يكن لديه أدنى شك في هذا. ونتيجة لذلك، اكتمل الفلك، وكل أنواع المخلوقات الحيَّة أمكنها أن تعيش فيه" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. الملحق الثاني: كيف استمع نوح وإبراهيم إلى كلام الله وأطاعاه (الجزء الأول)]. لقد تأثرت كثيرًا بسلوك نوح تجاه إرسالية الله. أمر الله نوحًا أن يبني الفُلك، وكان مطيعًا وخاضعًا تمامًا، تاركًا وراءه كل ملذات الجسد ليتمّم إرسالية الله. على الرغم من صعوبة بناء الفُلك، إلا أن نوحًا كان لديه إيمان بالله ولم يخف من المعاناة. لقد ثابر في مواجهة كل المشاق والحرمان، وفي النهاية أتمّ إرسالية الله ونال استحسانه. بالمقارنة مع نوح، أدركت أنني كنت أفتقر إلى الإنسانية، وكنت غير مخلصة وعاصية لواجبي وكسولة ومخادعة. كل ما فعلته هو أنني اشتهيت راحة الجسد، بدلًا من أن أؤدي واجبي على أنه مسؤولية ملقاة على عاتقي وأحاول جاهدةً أن أقوم به بشكل جيد. لو سارت الأمور على هذا النحو، لاستراح جسدي وخلا من المعاناة والتعب، لكنني لم أكن لأربح الحق. من دون الحق، ألن أكون جثة سائرة؟ ما الهدف من العيش هكذا؟ وعندما أدركت أن سلوكي تجاه واجبي كان في غاية الازدراء، وأنه لم يكن هناك أي وسيلة للتكفير عن الخسائر التي قد ألحقتها بالعمل الكنسيّ، ملأني الندم والتوبة. لقد عزمتُ سرًّا على عدم الانغماس في الجسد بعد الآن. كان عليّ أن أحذو حَذْو نوح وأقوم بواجبي بكل إخلاص وأجعل مسؤوليتي الشخصية أن أرضي قلب الله، مهما كانت الصعوبات التي واجهتها.

بعد شهر واحد، قررت القائدة أن أستأنف سقاية المؤمنين الجدد. شعرت بالامتنان وعقدت العزم على أن أقوم بواجبي هذه المرة بشكل جيد قطعًا وأن أتوقف عن القيام بالأمور بناءً على شخصياتي الفاسدة. خشيت أن أعود إلى عاداتي القديمة، وكثيرًا ما كنت أصلي إلى الله سائلةً إياه أن يرشدني ويُمحّصني، وكثيرًا ما كنت أذكّر نفسي بأن أتعامل مع واجبي بجدية. بعد ذلك، في كل مرة كنت أعقد فيها اجتماعات مع مؤمنين جدد، كنتُ أقدم الشركة معهم بصبر على أساس مشكلاتهم وصعوباتهم، وأساعدهم على فهم الحق وحل مفاهيمهم الدينية. في المناسبات النادرة التي فشلت فيها الشركة المتكررة في إحراز نتائج، فكرت في ما يمكنني قوله لإفهامهم. وتدريجيًّا، بدأ عملي يؤتي ثماره، مما أشعرني بالاستقرار والسلام.

لقد مكّنني إعفائي من فهم طبيعتي الشيطانية بشكل أفضل، وغيّر سلوكي تجاه القيام بواجبي. لقد أدركت بوضوح أن عواقب اللامبالاة تجاه الواجب وعدم السعي وراء الحق هي الهلاك والدمار، وكان في قلبي شيء من الخوف من الله. كان هذا كله بفضل استنارة الله وإرشاده. الشكر لله!

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

كلام الله يقود الطريق

تقول كلمات الله: "إنّ مقصد الله من كشف الناس لا ترمي إلى إقصائهم، بل إلى جعلهم ينمون" ("لا يمكن إحداث تغيرات في الشخصية إلا من خلال ممارسة...

لِمَ لا أريد تحمُّل العبء؟

في أكتوبر 2021، كنتُ أمارس عملي كمشرفة على عمل الفيديو. عقدتُ شراكة مع الأخ ليو والأخت كلير. كانا كليهما أقدم مني في ممارسة هذا الواجب...

ما منعني عن ممارسة الحق

أنا أشارك عددًا من الأشخاص في الكنيسة لأداء أعمال الجرافيك. وذات يوم، أخبرتني القائدة أن أختين ذكرتا مشكلات تواجه الأخ أوليفر، قائلتين إنه...