معاناة ذات قيمة كبيرة
كانت المرة الأولى في 1 يوليو 1997. كنت أنتظر شخصًا على جانب الطريق ومعي صندوقان من كتب كلام الله. مر ضابط شرطة وأمرني أن آخذ الصناديق إلى كشك الشرطة للتفتيش. توترت حقًا وفكرت: "لو اكتشفت الشرطة أن لدي كل هذه الكتب من كلام الله، فما نوع التعذيب الذي سيعرضونني له؟". دعوت الله بصمت، وطلبت منه أن يرعى قلبي حتى يكون لدي الإيمان لمواجهة الموقف. فتح الضابط الصندوق بمجرد وصولنا إلى الكشك، والتقط كتابًا من كلام الله، وصرخ في وجهي وهو يتصفحه، وعيناه جاحظتان، "هل تجرؤ على محاولة نقل هذه الكتب الدينية مباشرة تحت سمعي وبصري؟ سألقنك درسًا". ثم أخرج الأصفاد ووضعها في يدي، ثم التقط عصا مطاطية بطول متر تقريبًا وبدأ في ضرب فخذي الأيمن بها كالمجنون. شعرت أن عظم فخذي على وشك الانشطار إلى نصفين وصرخت من الألم. عندما رآني هكذا، جرني إلى الخارج وقيدني إلى سياج خرساني تحت أشعة الشمس الحارقة. بعد تعريضي للشمس لمدة ساعة أو نحو ذلك، جاء ثلاثة رجال شرطة آخرين وأخذوني إلى مكتب الأمن العام الفرعي بالمقاطعة. عندما وصلنا سألني أحد الضباط بقسوة: "من أين أنت؟ ما اسمك؟ من أين أتت هذه الكتب؟". قلت إنني كنت أنقلها لحساب شخص آخر ولم أكن أعرف مصدرها. فانتفض واقفًا، ثم ضرب الطاولة بقبضته، واقترب مني وضربني بشدة، ثم أسقطني بركلة واحدة، وقال بشراسة: "أخبرنا من أين أتت الكتب، أو سأضربك حتى الموت بنفسي!". جرني ضابط آخر من شعري وقال بلهجة تهديد: "من الأفضل أن تحسن السلوك. إذا لم تخبرنا بما نحتاج إلى معرفته، فستنال ما تستحقه". عندما التزمت الصمت، ضرب بيده على الطاولة وصرخ: "أنا لست قلقًا بشأن التزامك الصمت. يمكننا إرسالك إلى السجن فحسب وستكون هذه نهايتك". ثم غمز للآخرين، الذين هرعوا نحوي، وطرحوني أرضًا، ثم أحاطوا بي، وهم يركلونني ويلكمونني. شعرت بألم شديد لدرجة أن عظامي كانت على وشك أن تتهشم وكان بجسدي كله ألم مبرح. ثم رفعني أحد الضباط من الياقة بينما قرّب آخر الهراوة المطاطية نحو مؤخرة رأسي بينما كان يقول محاولًا غوايتي: "فقط تكلم، بما أن هذه الكتب ليست لك فما الداعي لأن تتحمل الذنب؟ إذا لم تتكلم، فسوف ينتهي بك الأمر في السجن. ألا تريد أن تكون مع زوجتك وطفلك؟ كل ما عليك فعله هو التحدث إلينا وسنأخذك إلى المنزل بعد ظهر اليوم". لم أنطق بكلمة واحدة، فواصل حديثه قائلًا: "فيم الحماقة؟ حتى لو لم تتحدث، سنقول أنك اعترفت بكل شيء، ولن تعد كنيستك تريدك بعد أن تخرج". فكرت: "الله يرى كل شيء، وسيعرف ما إذا كنت يهوذا أم لا. لكن إذا لم أتحدث، فأنا متأكد من أنني سأحصل على حكم بالسجن. ابنتي عمرها ثلاث سنوات فقط، لذلك إذا سُجنت لبضع سنوات، فستضطر زوجتي إلى الاعتناء بها بمفردها. سيكون ذلك صعبًا عليها للغاية. لكن إن تحدثت إليهم سأكون مثل يهوذا، وستكون هذه خيانة لله". في خضم هذا الصراع الداخلي، دعوت الله بلا توقف، طالبًا منه أن يرشدني. ثم تذكرت هذه الترنيمة من كلام الله: "يجب أن تعاني المشقات من أجل الحق، ويجب أن تعطي نفسك للحق، ويجب أن تتحمل الذلَّ من أجل الحق، ويجب أن تجتاز المزيد من المعاناة لكي تنال المزيد من الحق. هذا هو ما ينبغي عليك القيام به. يجب ألا تطرح عنك الحق من أجل حياة أسرية هادئة، ويجب ألا تفقد كرامة حياتك ونزاهتها من أجل متعة لحظية. يجب أن تسعى في إثر كل ما هو جميل وصالح، ويجب أن تطلب طريقًا ذا معنى أكبر في الحياة" ("ينبغي أن تهمل كلّ شيء من أجل الحق" في "اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). نبهني كلام الله أن الشرطة أرادت التلاعب بعواطفي لإغرائي لخيانة الله ولا يمكن أن أقع في هذا الفخ. لا يمكنني أن أكون يهوذا مشينًا لقاء بعض وسائل الراحة الجسدية التي توفرها الأسرة، لكن كان عليّ أن أتمسك بالشهادة وأرضي الله. فكرت كيف أن الله هو الخالق وأن مستقبل الجميع ومصيرهم بين يديه. سواء تم الحكم علي، كيف يمكن أن تعاني زوجتي وابنتي، كان كل هذا يقرره الله. كل ما أشعر به من قلق وانزعاج بشأنهما لن يجدي نفعُا. شعرت بسلام عندما أدركت ذلك.
عندما التزمت الصمت، أشار عدد منهم إلى جبهتي وقالوا بوضاعة: "أنت مجرد شخص متدين مجنون، عنيد إلى أقصى درجة. يبدو أنه لن يكون لدينا خيار سوى إرسالك إلى السجن. سوف أسألك مرة أخيرة – هل ستتكلم أم لا؟". قلت: "لقد أخبرتك بكل ما أحتاج إلى أن أخبرك به. يمكنك أن تسأل مائة مرة أخرى وسأقول نفس الشيء". فقال للضابطين الآخرين بغضب: "خذاه إلى الفناء ودعا الشمس تحرقه حتى الموت". ثم قيدوا يدي في الفناء تحت أشعة الشمس المباشرة. كان ذلك في شهر يوليو، لذلك كان الطقس حارًا حقًا وكانت الشمس تحرقني لدرجة أنني كنت أتصبب عرقًا. وكنت أتألم بشكل خاص عندما يتسلل العرق داخل جروح جسدي، بالإضافة إلى مجموعة من البعوض التي استمرت في قرصي في وجهي وقدمي. كان فظيعًا للغاية. كنت قد وصلت إلى أقصى احتمالي، لذلك دعوت الله دون توقف، طالبًا منه أن يمنحني العزم على المعاناة حتى أتمسك بالشهادة له. تذكرت هذا المقطع من كلام الله بعد الصلاة: "لا تيأس ولا تضعف، فسوف أكشف لك. إن الطريق إلى الملكوت ليس ممهدًا بتلك الصورة، ولا هو بتلك البساطة! أنت تريد أن تأتي البركات بسهولة، أليس كذلك؟ سيكون على كل واحد اليوم مواجهة تجارب مُرَّة، وإلا فإن قلبكم المُحبّ لي لن يقوى، ولن يكون لكم حب صادق نحوي. حتى وإن كانت هذه التجارب بسيطة، فلا بُدَّ أن يمرّ كل واحد بها، إنها فحسب تتفاوت في الدرجة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الحادي والأربعون). كان هذا معزيًا حقًا لي، ورأيت أن الله يستخدم هذه الأنواع من البيئات القاسية لتكميل إيماننا وعزمنا على المعاناة. كانت هذه نعمة من الله. من الساعة 8 إلى 12 ذلك اليوم لمدة 4 ساعات كاملة، كانوا يعذبونني بضربي واستجوابي وتهديدي وإغرائي، وقادني الله لأجتاز كل ذلك. في وقت كهذا، كان علي أن أكون أكثر إيمانًا بالله، و كنت أعرف أنهم مهما عذبوني، كان علي أن أتمسك بالشهادة وأرضي الله. مكثت هناك لمدة 4 ساعات بعد ظهر ذلك اليوم. شعرت بالعطش والجوع وشعرت بالدوار. شعرت وكأنني أعاني من إجهاد حراري.
أخذوني إلى أحد مراكز الاحتجاز بعد ذلك، حيث قدم لي المدير المزيد من "المعاملة الخاصة". وحرص على إخبار رئيس الزنزانة بأن "يعتني بي جيدًا". ثم اندفع أكثر من اثني عشر سجينًا وأحاطوا بي، وقبضاتهم مرفوعة في الهواء، وأمرني الرئيس بخلع ملابسي. كان بجسدي كله كدمات سوداء وزرقاء، وكان أحد الجروح في ساقي لا يزال ينزف دمًا. أحضر عدد منهم أحواض من الماء البارد ونثروه عليّ، ثم أحضروا منظف الغسيل وفركوه في ظهري، وتركوا جراحي تؤلمني بشدة، كأنني طُعنت. ثم جعلوني أقف مقابل الحائط ويديّ مفرودتين وعيناي وفمي مفتوحين بينما كانوا يرشونني بثلاثة أحواض أخرى من الماء البارد. كان الماء يملأ فمي وأنفي، وشعرت بدوار شديد من فرط الاختناق، حتى أنني كدت أفقد الوعي. وجعلوني أقف بشكل مستقيم مرة أخرى ولكموني بشدة في صدري ثلاث مرات بينما كانوا يصرخون: "كسر القلب!". قبل أن تسنح لي الفرصة للتعافي من الألم، لكموني في الظهر بضع مرات أخرى. لم أملك سوى أن أسقط على الأرض، واخترق الألم في ظهري وصدري كل عظامي. ورغم ذلك لم يسمح لي الرئيس بالذهاب، لكن جعلني أضع يدي على الأرض بينما ركب فوق ظهري، وأخبرني أن أقف مثل طائرة وأدور. لم أستطع سوى أن أدور مرة واحدة فقط ثم سقطت أرضًا. ثم أوقفني سجين آخر وقال ضاحكًا: "انظر إليك، لم تتحمل سوى ثلاث من حركاتنا. إذا جربنا الـ 108 حركة كلها معك، سينتهي أمرك بالتأكيد". شعرت بالرعب لدى سماعي ذلك، ثم فكرت: "هذه الثلاثة وحدها كادت تودي بي. إذا كان لديهم 108، فمستحيل أن أنجو منها. ربما سيضربونني حتى الموت هنا؟". لم أستطع كتم دموعي عندما فكرت في هذا. ووسط بؤسي تذكرت مقطعًا من كلام الله: "الإيمان أشبه بجسرٍ خشبيّ مُشيَّد من جذع واحد، بحيث يجد الذين يتشبّثون بالحياة في وضاعةٍ صعوبةً في عبوره، أمّا أولئك المستعدون لبذل أنفسهم فيمكنهم المرور عليه واثقي الخطى من دون قلقٍ. إذا كانت لدى الإنسان أفكار جُبن وخوف، فلأن الشيطان قد خدعه؛ إذ يخشى الشيطان أن نعبر جسر الإيمان للوصول إلى الله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس). تأمّلت في كلام الله، فشعرت بالخجل. أمام الحقائق رأيت الحقيقة القبيحة، وهي أنني جبان وأفتقر للإيمان. الله يحكم كل شيء، بما في ذلك حياتنا وموتنا. ضربهم لي حتى الموت لم يكن بيدهم، لكن بيد الله. كنت أعلم أنه كان عليّ أن أؤمن بأن كل شيء في يد الله وألا أقع في حيل الشيطان. لدهشتي، بمجرد تعديل تفكيري، قال المدير بلا مبالاة، "انسوا الأمر، فيم اهتمامكم؟". عند هذا، تنفست الصعداء وشكرت الله.
بعد بضعة أيام في منتصف النهار بينما كنت نائمًا، شعرت فجأة بألم رهيب في ظهري. فتحت عيني ورأيت أربعة من المساجين قد أشعلوا الغلاف البلاستيكي لعلبة سجائر وألصقوه بظهري. كنت أتلوى من الألم، وفكرت: "الشرطة تستخدم السجناء للانتقام مني ولجعلي أخون الله! يا لشرورهم! إذا استمر هذا، وإذا لم ينته بي الأمر ميتًا، فسوف ينتهي بي معاقًا". كلما أمعنت في التفكير، شعرت بمزيد من الضيق والعجز. صليت الى الله مرارًا وتكرارًا، طالبًا منه أن يرشدني لأنال العزم على تجاوز هذا الأمر. ثم فكرت في مقطع من كلام الله يقول: "عندما يكون الناسُ مُستعدين لأن يضحّوا بحياتهم يصبح كلُّ شيء تافهاً، ولا يمكن لأيٍّ كان أن ينتصر عليهم. ما الذي يُمكِنُ أن يكون أكثر أهمية من الحياة؟ وبذلك يصبح الشيطان عاجزاً عن إحداث مزيد من التأثير في الناس؛ إذ لن يكون هناك ما يمكنه فعله مع الإنسان" ("الفصل السادس والثلاثون" في "تفسيرات أسرار كلام الله إلى الكون بأسره" في "الكلمة يظهر في الجسد"). كان الحزب الشيوعي يستخدم كل التخطيطات الممكنة لتعذيبي جسديًا حتى أخون الله، وما كان يمكن أن أدعهم ينجحون. إذا كنت مستعدًا للتضحية بحياتي، فهل كان هناك أي شيء لا أستطيع أن أقاسيه؟ الله يحكم كل شيء، لذا فإن حياتي أو مماتي في يده. فكرت كيف عندما كان الرب يسوع يعمل وكان لعازر قد مات منذ أربعة أيام – حتى أن جسده بدأ في التعفن، أعاده الرب يسوع إلى الحياة ببضع كلمات. هذا مظهر من مظاهر سلطان الله. شعرت بالاستعداد لوضع نفسي بين يدي الله، و إذا نجوت، سأظل أبشّر بإنجيل الله لإرضائه. عندما قررت أنني على استعداد للتضحية بحياتي، رتب الله الأمور بحيث فتح لي مخرجًا، إذ أطلقوا سراحي بعد ظهر يوم 21 يوليو. عندما وصلت إلى المنزل، اكتشفت أن زوجتي أعطت أحدهم 1200 يوان خلسة، باستخدام أحد المعارف، وأخرجتني. على مدار 20 يومًا فقط، تعرضت للتعذيب لدرجة أنني أصبحت كومة من العظام. في الأربعينيات من عمري، كنت أبدو مثل عجوز يبلغ من العمر 60 أو 70 عامًا. علمت أنني نجوت فقط بفضل حماية الله وشكرته من كل قلبي.
كان ذلك في 27 مارس 2003. كنت قد عدت للتو إلى منزل الضيافة الذي كنت به بعد الخروج والتبشير بالإنجيل. وسرعان ما اقتحم ستة ضباط المكان. وقام أحدهم بتقييد يديّ خلف ظهري قبل أن تسنح لي الفرصة للرد. طرحني أرضًا، وبدؤوا بصدمي بهراوات كهربائية مرارًا وتكرارًا بينما كانوا يركلونني بدون توقف. وسرعان ما بدأ الزبد يخرج من فمي، و سمعت من بعيد أحد الضباط يقول: "أيها الغبي، الذي يتظاهر بأنه ميت!". ثم وضع حذائه الجلدي ذا الرائحة الكريهة على فمي وضغط عليه بكعبه عدة مرات. شممت رائحة دم قوية و بعد ذلك فقدت الوعي بعد قليل. لا أعرف كم مضى من الوقت قبل أن استيقظ على صوت صراخ الأخ غيو. فكرت: "لقد ضربونا بشدة بالفعل ومن يدري ماذا سيفعلون عندما يأخذوننا إلى مركز الشرطة. بالإضافة إلى أن لدي بالفعل سجل إجرامي. هل سيضربونني حتى الموت هذه المرة؟". أخافني هذا الفكر، فصليت إلى الله بسرعة. وفكرت في سطر من كلامه: "لا تخف، سيكون الله القدير رب الجنود بلا ريب معك؛ هو يحمي ظهركم وهو دِرعكم" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس والعشرون). ملأني هذا بالإيمان والقوة. وهدأ شعوري بالذعر عندما فكرت في وجود الله بجانبي. قلبت الشرطة المكان كله رأساً على عقب ووجدوا أكثر من 130 نسخة من كتب كلام الله، بالإضافة إلى جهاز النداء الخاص بي وأكثر من 200 يوان نقدًا، وأخذوها جميعًا. ووضعونا في سيارة شرطة ثم نقلونا إلى مركز شرطة المدينة.
في اليوم التالي، في حوالي الرابعة بعد الظهر، جاء السيد شو من شعبة الشرطة الجنائية لاستجوابي. وسألني إذا كنت أعرف الأخين غيو وشياوزانغ، الذي كان مسؤولا عن شؤون الكنيسة. ققلت أنني لا أعرفهما. ثم صفعني على وجهي وطرحني أرضاً، و قال بوحشية: "سأرى كم هو صعب أن تفتح فمك! كنت أراقبك منذ شهور. في المرة السابقة لم يصدر حكم عليك، لكن هذه المرة حتى اللجنة البلدية للحزب تعرف ما يجري. إذا لم تتعاون، فلن ترى عائلتك أو أصدقائك مرة أخرى". عندها، ضربني شرطي آخر بهراوة شرطة عدة مرات. صر السيد شو على أسنانه واستجوبني قائلًا: "من أين أتت هذه الكتب؟ كيف قابلت هؤلاء الناس؟". كان ردي: "لا أعرف من أين أتت و أنا لا أعرف الناس الذين تسألني عنهم. أنا فقط أبشر بمفردي بالإنجيل". بعد ذلك، أخذوني إلى مكتب الأمن العام بالمقاطعة. رأيت كل أدوات التعذيب في حجرة الاستجواب هناك: الهراوات الكهربائية، العصي المطاطية، الأصفاد، أصفاد الكاحل. كان هناك مقعد نمر أيضًا. أصابتني رؤيتها بالرعب. ثم أشار السيد شو إلى السيد زانغ المسؤول عن شعبة الشرطة الجنائية وسألني: "هل تعرف من هو؟ إنه أحد كبار المحققين في مكتب الأمن العام، وهو من يبحث في القضايا الصعبة والغريبة. نأمل أن تتعاون معنا و تقول لنا كل شيء عما تعرفه وأين كنت. وإن لم تفعل، فتحمل ما سيصيبك!". لم أملك سوى أن أتوتر قليلاً، لذلك تلوت صلاة إلى الله في قلبي. ثم صرخ السيد شو في وجهي قائلًا: "أنت تعلم أنك ستُعتقل بسبب تبشيرك بالإنجيل، فلماذا فعلت ذلك؟". قلت: "هذا ما يطلبه الله، و قال الرب يسوع، "ٱذْهَبُوا إِلَى ٱلْعَالَمِ أَجْمَعَ وَٱكْرِزُوا بِٱلْإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا" (مرقس 16: 15). من خلال التبشير بالإنجيل، نساعد الآخرين على سماع صوت الله، وقبول عمل الله في الأيام الأخيرة ونيل الخلاص. هذا خلاص للناس، وهو شيء رائع. لماذا يريد الحزب الشيوعي اعتقالنا؟". فقال بغضب: "لا يوجد مخلّص في هذا العالم. الحزب الشيوعي هو الله. الحزب يملأ بطونكم، لكنكم تؤمنون بالله وتتجولون لتعظوا. أنت بهذا تعادي الحزب وسنكون قادرين على تقويمك!". أغضبني سماعه يقول كل هذا التجديف، فأجبته: "الله موجود منذ الأزل. ووصل إنجيل الرب يسوع إلى أقاصي الأرض، والجميع يعرف ذلك. لو كنا جميعًا مؤمنين، لما كان هناك من يقترف السيئات..." ثم غمز السيد تشانغ لأحد الضباط الذي جاء وضربني على وجهي وطرحني أرضًا، ثم قال بشراسة: "اللعنة، أنت تبشرنا نحن أيضًا بإنجيلك!". ثم التقط هراوة مطاطية وبدأ في ضربي بجنون بها. بدأ جهاز النداء الخاص بي بالرنين على المنضدة في تلك اللحظة، وتوترت أعصابي على الفور. سيكون هذا أخ أو أخت. اتصل السيد شو بالرقم على الفور، لكنهم أغلقوا الخط في الحال وتمكنت من الاسترخاء ببطء. لقد غضب حقًا عندما لم تتم المكالمة وبدأ يصفعني على جانبيّ وجهي وهو يصرخ قائلًا: "لا أعتقد أنك تشارك الإنجيل فقط. أعتقد أنك قائد كبير في هذه الكنيسة. قال ذلك الرجل غيو الذي جاء معك إنه يعرفك، لكنك تصر على أنك لا تعرفه. أنت فقط بحاجة إلى المزيد من الضرب"!. جاء ثلاثة ضباط، وطرحوني أرضًا، وأخذوا يركلونني ويدوسون عليّ. ودخل طرف أحد أحذيتهم في قفصي الصدري وآلمني بشدة حتى أنني كنت أتنفس بصعوبة. بعد فترة من هذا، سألني السيد شو بشراسة: "أنت حقًا لا تريد أن تتكلم ولكن مهما بلغت من صمود، فسأفتح فمك عنوة!". عندما رأيت مدى وحشيته أصابني الخوف، وفكرت: "إما أنهم سيقتلونني أو سأصاب بالشلل إذا استمروا على هذا المنوال. أنا العائل الرئيسي لأسرتي. كيف سنعيش إذا كنت معاقًا؟". أصابني هذا الفكر بالضعف، لذلك صليت إلى الله، وسألته أن يمنحني الإيمان والعزم لتحمل هذه المعاناة. خطر لي هذا المقطع من كلام الله في ذلك الوقت: "عندما ضرب موسى الصخرة، وتدفقت المياه التي أعطاها يهوه، كان ذلك بفضل إيمانه. عندما عزف داود على القيثارة ليسبحني أنا يهوه وقلبه مملوء بالفرح، كان ذلك بفضل إيمانه. عندما فقد أيوب مواشيه التي ملأت الجبال والثروات الطائلة التي لا توصف، وأصبح جسده مغطى بدمامل متقرِّحة، كان ذلك بفضل إيمانه. عندما استطاع سماع صوتي أنا يهوه، ورأى مجدي أنا يهوه، كان ذلك بفضل إيمانه. عندما استطاع بطرس أن يتبع يسوع المسيح، كان ذلك بفضل إيمانه. عندما استطاع أن يُسمَّر على الصليب من أجلي ويقدم شهادة مجيدة، كان ذلك أيضًا بفضل إيمانه" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الحقيقة الكامنة وراء عمل الإخضاع (1)). رأيت من كلام الله أن أيوب كان قادرًا على تجربة هذه الاختبارات وسماع صوت الله لأن كان لديه إيمان حقيقي بالله. استطاع بطرس أن يتمسك بالشهادة لله بسبب إيمانه أيضًا. رضى الله عن إيمانهما وباركه. لكن في كل مرة كنت في مثل هذا الموقف، كنت أخشى أن أتعرض للضرب حتى الموت، وأن أصبح معاقًا. لم أفكر سوى في مصالحي الشخصية. لم يكن لدي إيمان حقيقي بالله أو العزم على خوض المعاناة. كيف يمكنني أن أرى أعمال الله بهذه الطريقة؟ كنت أعلم أنه يجب أن أؤمن بالله وأن أضع كل شيء بين يديه، ومهما عذبوني، لا يمكن أبدًا أن أخون الله أو أبيع إخوتي وأخواتي. رأت الشرطة أنني ما زلت لا أتحدث، فأخذتني إلى مركز احتجاز وقاموا بالتحقيق معي كل بضعة أيام. حققوا معي أكثر من 20 مرة في غضون ثلاثة أشهر. حاولوا إغرائي وتهديدي وضربي بوحشية، وعذبوني بجميع أنواع الطرق. وضربوني حتى أصيب كل جزء مني، من الداخل والخارج. أي لمسة كنت أشعر وكأنني تعرضت للصعق بالكهرباء. كانت مؤلمة بشكل لا يُطاق. وفي الليل، كان الاستلقاء يؤلمني بشدة، لكن الوقوف كان فظيعًا أيضًا. وكان هناك تعذيب نفسي – كنت أستيقظ باستمرار بسبب الكوابيس.
ثم كانت هناك ليلة في منتصف يونيو محفورة حقًا في ذاكرتي. إذ وضعني ثلاثة ضباط في سيارة شرطة و أخذوني إلى مكان بعيد بعد منعطفات لا تعد ولا تحصى. وحبسوني في غرفة بالطابق الخامس مساحتها 6 أو 7 أمتار مربعة ومن النافذة كان يمكنني رؤية تل به الكثير من الأشجار. ثم جاء السيد شو بهراوة كهربائية صغيرة يبلغ طولها حوالي 13 سم وقال ساخرًا: "مرحبًا، أيها المهووس الديني، لست قلقًا تجاه عدم كلامك الليلة. حتى لو كان فمك مصنوعًا من الفولاذ، فسأفتحه. مهما صرخت فلن يسمعك أحد. حتى لو ضربتك حتى الموت، سندفن جثتك في التلال في مكان ما ولن يعرف أحد". شعرت بالخوف نوعًا ما عندما قال هذا وفكرت: "هؤلاء الشياطين سيفعلون ما يقولون. هل حقًا سيضربونني حتى الموت الليلة؟". قلت صلاة على الفور وقفزت فقرة أخرى من كلام الله إلى ذهني: "ما أطلبه هو ولاؤك وطاعتك الآن، ومحبتك وشهادتك الآن. حتى لو لم تكن تعرف في هذه اللحظة ما هي الشهادة أو ما هي المحبة، عليك أن تُسلِّمني نفسك بجملتك وتقدم لي الكنزين الوحيدين اللذين تمتلكهما: ولاؤك وطاعتك. ينبغي عليك أن تعرف أن شهادة غلبتي على تكمن في ولاء الإنسان وطاعته، ونفس الشيء ينطبق على شهادة إخضاعي الكامل للإنسان. إن واجب إيمانك بيّ هو أن تقدّم شهادةً عني، وأن تكون مخلصًا لي، ولا شيء آخر، وأن تكون مطيعًا حتى النهاية" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. ماذا تعرف عن الإيمان؟). شعرت بالحرج حقًا عندما فكرت في هذا الأمر. عندما لم أكن أواجه أي نوع من التعذيب، كنت أتكلم كثيرًا عن التمسك بالشهادة وإرضاء الله، لكن عندما كانت مسألة حياة أو موت، فكرت في سلامتي الشخصية. لم يكن ذلك خضوعًا لله أو تكريسًا. شعرت بالمزيد من الذنب والندم كلما فكرت في الأمر وعرفت أنني لا يمكن أن أؤلم الله وأخذله بعد الآن، ولكن يجب أن أرضيه هذه المرة. فقلت لهم: "تستجوبونني منذ زمن طويل. لقد قلت كل ما أحتاج إلى قوله. يمكنكم الاستمرار في السؤال ولكن هذا كل ما سأقوله". غضبت الشرطة وجعلتني أجلس في وضع القرفصاء وذراعيّ ممدودتان ووضعت هراوة مطاطية عبر ذراعيّ الممدودتان وعلقت شيئًا من كل طرف يزن رطلًا تقريبًا. ظل السيد شو يصعقني في فمي بهراوته، وكان يسألني في كل مرة: "ما مصدر كتبك؟ من هو قائد كنيستك؟". تسبب صعقي في فمي هكذا في جعل جسدي كله يتخدر وكان جانبا فمي يرتعشان. كنت أصرخ من الألم. غرقت ملابسي في العرق في أقل من خمس دقائق. ظل ضابط خلفي يركلني بين الحين والآخر في ثنيتيّ ركبتيّ، مما كان يسقطني على الأرض، ثم كانوا يسحبونني مرة أخرى ويجعلونني أواصل الجلوس القرفصاء. كانوا يناوبون بين هذا التعذيب والاستجواب، ولكموني في رأسي لعدم قولي أي شيء. وطرحوني أرضًا مرة أخرى ولكموني وركلوني. وقال السيد تشانغ مهددًا: "إذا لم تخبرنا بأي شيء، فسوف نضربك حتى الموت وندفنك في الخلف". فكرت هذه المرة: "حتى لو فعلوا ذلك، فأنا لن أنطق بكلمة واحدة". بمجرد أن شعرت بالاستعداد للتضحية بحياتي، لم أعد أشعر بأي ألم عندما صعقوني بالكهرباء أو ركلوني. كنت أعلم أن الله كان هكذا يخفف معاناتي. ثم قال ضابط آخر: "دعونا نريه كيف يبدو الطيران في الهواء". ثم أمسك أحدهم بيديّ بينما أمسك آخر بقدميّ، ورفعاني في الهواء وعدا إلى ثلاثة، ثم رموني على الأرض ثانية، وفعلا ذلك سبع أو ثماني مرات متتالية. شعرت أن رأسي على وشك الانشطار وشعرت بالتشوش حقًا. بدأ أسفل ظهري يتورم ولم أستطع التحرك. ولم يدعوني وشأني حتى وأنا في هذه الحالة، وجعلوني أقف في مواجهة الحائط دون السماح لي بالنوم، وفي اللحظة التي أغلق فيها عينيّ، كانوا يصعقونني بالهراوة أو يضربوني على رأسي بكتاب. كنت على حافة الموت بسبب تعذيبهم لي، وظلوا يطلبون معرفة من قائد الكنيسة. لم أقل شيئًا قط. وعندما أدركوا أنهم لن يحصلوا على أي شيء مني، حكموا عليّ بالسجن لمدة عام ونصف من إعادة التعليم من خلال الشغل بتهمة "الإخلال بالنظام الاجتماعي". عندما وصلت إلى معسكر الشغل، جعلني مدير السجن هناك أنام على بطني، ثم ضربني على مؤخرتي 30 مرة أو نحو ذلك ولم يدعني أصدر صوتًا. لم أستطع حتى الجلوس بعد ذلك.
حظيت بشهر من التدريب البدني وقتها، وبما أن الشرطة ظلت تعذبني وتستجوبني طوال ثلاثة أشهر، ساءت ردود أفعالي وذاكرتي أكثر بكثير. لم أتمكن من تعلم التدريبات، لذلك كان حراس السجن يوبخونني دائمًا وكان كبير السجناء أسوأ. كان يضرب قدميّ بعصا من الخيزران، ويتركهما حمراوان ومتورمتان، حتى أنه كسر العصا عليّ. كان علينا الذهاب إلى الفناء للركض لمدة ساعة في الساعة 6 صباحًا.، ونقف وقفة عسكرية ونقوم بتمارين القفز تحت أشعة الشمس الحارقة. بعد ذلك الشهر من التدريب البدني، وضعوني في الورشة لصنع الأضواء الملونة، حيث كان علي العمل من الثامنة صباحًا حتى العاشرة مساءً وكان من المفترض أن أنتهي من حوالي 300 متر من تلك الأضواء كل يوم. نظري ليس قويًا وكانت الأضواء صغيرة للغاية وأسلاكها دقيقة حقًا، لذلك كان انتهائي منها مستحيلًا. وكنت أُعاقب لعدم الانتهاء منها. كان علي أن أقف في الردهة منحنيًا بزاوية 90 درجة عند الخصر، مما يترك ظهري متألمًا ومتقرحًا، ورؤيتي مشوشة، وبالكاد استطيع النوم أثناء الليل. لم أستطع أن آكل حتى الشبع وكنت مضطرًا للاستحمام بالماء البارد على مدار السنة. كنت أصاب بنزلات البرد باستمرار وانتهى بي الأمر للإصابة بالنقرس. في وقت لاحق كلفونا بالذهاب للعمل في بناء مركز تسوق تحت الأرض، وفي الليلة الواحدة، كان على ثلاثة أشخاص استخراج أكثر من 100 سلة من التربة. لقد كانت كبيرة حقًا أيضًا، إذ كان يمكن لكل واحدة منها أن تحمل حوالي 45 كغم. كنا نعمل في سخرة 12 ساعة في اليوم. كان الأمر أسوأ بكثير، وأكثر إرهاقًا بكثير من صناعة الأضواء. عندما كنت أعمل، كنت أصلي إلى الله وأتكل عليه و كنت أرتل لنفسي دون توقف. كانت ترنيمة "كيف تُكَمَّلُ" مميزة حقًا بالنسبة إليّ في ذلك الوقت: "عندما تواجه المعاناة، يجب أن تكون قادرًا على التخلِّي عن الاهتمام بالجسد وعدم التذمّر من الله. عندما يحجب الله نفسه عنك، يجب أن تكون قادرًا على أن يكون لديك الإيمان لتتبعه، وأن تحتفظ بمحبتك السابقة دون أن تسمح لها بأن تتعثَّر أو تتبدَّد. مهما كان ما يفعله الله، يجب أن تخضع لتخطيطه، وتكون مستعدًا للعن جسدك بدلاً من التذمر من الله. عندما تواجهك التجارب، يجب عليك إرضاء الله حتى إن بكيت بمرارةٍ أو شعرت بالتردّد في التخلّي عن شيء تحبه. هذا وحده هو الحب والإيمان الحقيقيان" ("اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). كنت أشعر بالإلهام الشديد في كل مرة انتهي فيها من غناء هذه الأغنية وفكرت كيف أن معاناة كل هذه الشدائد كان له معنى، وأن الله كان يستخدم هذا لتكميل إيماني. مهما كان ما عانيته بعد ذلك، كنت أعلم أنه كان علي الاتكال على الله والتمسك بالشهادة حتى لو كلفني ذلك حياتي. نظرًا لأنني كنت مدفوعًا بكلام الله كان لدي الإيمان والقوة لتجاوز ذلك خطوة بخطوة.
في أغسطس 2004 انتهت عقوبتي وأُطلق سراحي. استطعت أخيرًا الخروج من ذلك السجن، جحيم الحزب الشيوعي. التعرض لهذا النوع من الاعتقال والاضطهاد من قبل الحزب الشيوعي أظهر لي بوضوح كيف أنه تجسيد للشيطان، إبليس. إنه يدعي احترام الحرية الدينية، لكنه في الواقع يقمع بجنون المسيحيين ويقبض عليهم ويضطهدهم. لا يستطيع عدد لا يحصى من الإخوة والأخوات العودة إلى ديارهم، وتفرقت عائلاتهم، والكثير منهم تعرضوا للضرب حتى الموت أو الإعاقة. إنه يقول أشياء جميلة بينما لا يفعل سوى أشياء حقيرة. إنه يصنع لنفسه اسمًا جيدًا بالكذب، وهو شرير بشكل لا يصدق. وهذا يسمح لي أيضًا باختبار كم أن محبة الله حقيقية. كانت عناية الله وحمايته وإرشاد كلامه هي ما قادني خلال كل خطوة في هذه الشدّة. كلما زاد اضطهاد التنين العظيم الأحمر لي، ثبت أكثر في إيماني. بغض النظر عما قد يحدث لي بعد ذلك، سأقوم بواجبي، وأبشر بالإنجيل، وأشهد لله.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.