ثروات الحياة

2019 أكتوبر 11

بقلم وانج جون – إقليم شاندونج

طوال السنوات التي مرت علينا منذ أنّ قَبٍلنا عمل الله القدير في الأيام الأخيرة، اجتزتها أنا و زوجتي معًا تحت وطأة الاضطهاد الذي تعرَّضنا له من قِبَل التنين الأحمرالعظيم. وعلى الرغم مما كنت أعانيه من ضعفٍ و ألمٍ و دموعٍ خلال هذه الفترة، أشعر أنني قد حصدت الكثير من المكاسب من تجربة هذا الاضطهاد. فهذه التجارب المريرة لم تجعلي فقط أرى بوضوح رجعية التنين الأحمر العظيم وطبيعته الشريرة ووجهه القبيح، لكنني أيضًا أدركت طبيعتي الفاسدة؛ وقد جعلتني أيضًا أختبر قدرة الله وحكمته. لقد اختبرت وأدركت حقًا المغزى الحقيقي وراء استخدام الله للتنين الأحمر العظيم كرقاقة معدنية، من خلالها أصبحت ثقتي في اتّباع الله أكثر فأكثر صلابةً.

بعد قبول عمل الله في الأيام الأخيرة، وبفضل بركات الله، أنجزت أنا و زوجتي واجبنا من خلال توفيرالضيافة في منزلنا. ففي ذلك الوقت، كان هناك إخوةُ وأخوات يعيشون معنا كل يومٍ، وكان الناس يترددون على بيتنا في أغلب الأحيان جيئةً وذهابًا. في شتاء عام 2003 أصبح اضطهاد التنين الأحمر العظيم أشد وأشد. ذات يوم قال لنا قائدنا: "الشرطة تراقبكم. لا يمكنكم البقاء هنا بعد الآن – لابد أن تحزموا أمتعتكم وتخرجوا كي تتمموا واجبكم". وفي مواجهة ترتيبات اللحظة الأخيرة هذه، كنت في حالة صدمة، وفكرت: هذا المنزل المسقوف بالقرميد، الذي قد تعبت كثيرًا في بنائه، والذي عشنا فيه أقل من عام واحد – لست مُستعدًا أن أتركه هكذا في التو واللحظةِ! آه يا إلهي، إذا كنت فقط تسمح لنا بالعيش هنا لبضع سنوات قبل أن نضطر للرحيل، يكون ذلك أمرًا جيدًا. إن العيش في مكان آخرليس ملائمًا ولا مريحًا مثل العيش في بيتنا هذا. لكن حالما فكَّرت في اضطهاد التنين الأحمر العظيم، قررت، مع ذلك، أنه يجب علينا، بعد بيع المنزل، أن نرحل من هذا البيت من أجل إتمام واجبنا. وبينما كنت أتفرَّس في منزلنا المبني حديثًا، شعرت بموجة من الحزن والألم. لم أكن حقًا قادرًا على تَحمُّل تركه؛ وشعرت بأن بيعه في ذلك الوقت كان أمرًا مؤسفًا جدًا. وبينما كنت أحسب المكاسب و الخسائر بحسب الجسد، ولم أكن قادرًاعلى اتّخاذ القرار، سمعت كلمات الله ترن في أذنيّ: "لقد قدَّمَ إبراهيم اسحق، فما الذي قدمتموه أنتم؟ وقدَّم أيّوب كل شيء، فما الذي قدّمتموه أنتم؟ قدّم أشخاص كثيرون حيواتهم، وضحّوا بأرواحهم، وسفكوا دمائهم من أجل السعي وراء الطريق الصحيح. هل دفعتم هذا الثمن؟ على سبيل المقارنة، أنتم لستم مؤهلين على الإطلاق للتمتع بمثل هذه النعمة العظيمة ..." (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أهمية تخليص ذرّية مؤاب). لقد اخترقت كلمات الله أعماق قلبي مثل سيفٍ ذي حدين. فشعرت بقدرٍ من الخجل لا يمكن أن يتصوَّره أحد. صحيح! لقد كان إبراهيم مستعدًا، في سبيل تلبية متطلبات الله، أن يتحمَّل آلامًا كبيرة بأن ينفصل عمَّا يحب، أي أن يقدّم ابنه الوحيد محرقةً لله. وعندما تراهن الشيطان مع الله بخصوص أيوب، وبالرغم من أن أيوب كان قد فقد جميع ممتلكاته وأولاده العشرة، كان ما يزال قادرًا على تسبيح اسم يهوه وتمجيده. حتى في النهاية، عندما قاسى من آلام هجر أصدقائه وعائلته له، وبعدما ضُرِبَ بالمرض، كان مع ذلك يلعن يوم ميلاده، لكنه لم يلقِ باللوم على الله. لقد كان شاهدًا قويًا ومدوّيًا لله، وقد هزم الشيطان هزيمةً كاملة ومُهينة. كان هناك أيضًا كل هؤلاء القديسين والأنبياء عبر العصور – من أجل تنفيذ مشيئة الله، وقد تخلّى بعضهم عن شبابهم وزيجاتهم، كما تخلّى بعضهم عن عائلاتهم وأقاربهم وثروات العالم. بعضهم ضحّوا حتى بحياتهم وسُفِكت دمائهم من أجل عمل الله. ... لكن عندما نظرت إلى نفسي، وجدت أنه على الرغم من أنني كنت أتمتَّع بنعمة الخلاص النادرة، التي لم تتمتَّع بها قَط أجيالٌ من القديسين، وبالرغم من كلمات الحياة الغنيَّة التي أنعم الله بها عليّ، ما هو الذي تخلَّيت عنه من أجل الله؟ ما الذي قدَّمته لله؟ لقد جعلتني الكنيسة أترك بيتي بسبب اضطهاد التنين الأحمر العظيم وملاحقته، حتى لا أقع في براثنه وأتعرض لاضطهاده القاسي. كان هذا هو حب الله العظيم وحمايته لنا، لكنني لم أكن أُميِّز بين الصالح و الرديء، ولم أهتم بمقاصد الله المُخلِصَة. لم أفكّر حتى في سلامتي، بل فكَّرت فقط في اشتياقي للمنزل الجديد المسقوف بالقرميد وملذات الجسد. لم أكن أرغب في الامتثال لترتيبات الله – لقد ملأني الطمع فعلًا للغاية، وكنت أهتم بالمال أكثر من الحياة نفسها! واليوم لم أكن على استعداد للتخّلي عن منزلي حتى من أجل سلامتي. إن كان عليّ أن أدير ظهري لمصالحي الشخصية كتقدمةٍ للرب، أو إن اضطررت أن أقدّم حياتي أو أسفك دمّي من أجل عمل الله، فكيف يمكن لشخص مثلي – شخصٌ ضيِّق الأفق، أناني، شخصٌ دنيء يحب المال كالحياة نفسها – أن يكون مُستعدًا لتقديم هذه التضحية لله؟ ألن أهرب فحسب قبل مواجهة هذا الموقف بوقتٍ طويل؟ كنت أتصوّر نفسي في أوقات كثيرة وأنا أُطلق الرصاص على فمي، قائلًا: إنني على استعداد أن أتمثَّل ببطرس وأن أكون رائدًا في محبة الله. إنني على استعداد للتخلّي عن كل شيء، وأن أُقدِّم كل شيء بدون التفكير في مصلحتي الشخصية أو خسارتي أو مكاسبي. فكل ما أريده هو إرضاء الله. لكن حالما واجهت موقفًا واقعيًا، لم يكن هناك أي جزء مني يُركّز على الله. لم أفكّر إلّا في مصالحي المباشرة، وكنت أحاول في الواقع أن أُساوم الله من أجل ملذَّات الجسد. ثم سألت نفسي: هل يمكن أن يكون هذا هو الحب الذي يجب أن أردَّه إلى الله؟ لقد قال الله: "إن أحببت فسوف تُضحّي بسرور وتتحمَّل المشقَّة، وسوف تصير منسجمًا معي. سوف تتنازل عن كل ما يخصَّك لأجلي. ... وفيما عدا ذلك لن تكون محبتك محبة على الإطلاق، بل ستكون بالأحرى خداعًا وخيانةً! ما هي نوعيّة محبتك؟ هل هي محبة حقيقية؟ أم زائفة؟ كم يبلغ ما تنازلت عنه؟ كم يبلغ ما قدَّمته؟ كم من الحب تلقَّيته منك؟ هل تعرف؟ إن قلوبكم مليئة بالشر، والخيانة، والخداع" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كثيرون مدعوون، لكن قليلون مختارون). لقد قطعت على نفسي عهدًا أمام الله، لكنني لم أُوفِ به. أوليست هذه محاولة للاحتيال على الله، وخداعه؟ عندما فكَّرت في ذلك، لم يسعني إلَّا أن أطرح نفسي أمامه وأُصلّي: "آه يا إلهي القدير، لقد اعتقدت دائمًا أنني على استعداد لاستضافة أي عدد من الأخوة والأخوات دون أن أتذمَّر من أية صعوبات، وأن هذا كان تعبيرًا عن حبي لك. ولكن الآن فقط رأيت من خلال ما كشفت عنه الحقائق أن حبّي المزعوم كان مشروطًا وانتقائيًا؛ فكان يعتمد كليةً على ما أردته أنا، وكنت أكنَّه فقط في بيئةٍ مريحة. لكن عندما احتجتني أنت كي أتحمَّل مصاعب جسدية وأتخلّى قليلًا عن مصالحي الخاصة، اختفى "حبّي" فحسب. ومن خلال ذلك رأيت أنني لم أحبك في الحقيقة، وأنني لم أكن أؤدي واجبي لأُبادلك الحب على الإطلاق، ولكنه كان ثمنًا بخسًا دفعته للمقايضة على بركاتٍ عظيمة. إنني حقًا انتهازيٌ بكل معنى الكلمة؛ إنني شخص أناني، ودنيء، وضيق التفكير. إنني ببساطة لا أصلح أن أعيش أمامك، وبالأحرى لا أصلح أن أنعَم بكل ما تجود به عليّ في حياتي! آه يا إلهي، إنني لست مستعدًا أن أخادعك وأتمرَّد عليك بعد الآن. إنّني على استعداد أن أحفظ عهدي، وأن أُنحّي جانبًا مصلحتي الشخصية، وأن أُطيع تنظيمك وترتيباتك".

بعد ذلك، ركّزت جهدي في بيع هذا المنزل الجديد، واشتريت شقة من غرفتين في مكان غريب. و بالرغم من أنها لا تُقارَن بمنزلنا السابق، إلَّا أنه كان بها هاتف ونظام تدفئة، وكانت وسائل المواصلات مُريحة. لقد كنت سعيدًا جدًا بها، واستأنفنا القيام بواجب الاستضافة هناك. وفي غمضة عين أصبحنا في ربيع عام 2004، وأصبحنا من جديد موضِع شك شرطة الحزب الشيوعي، فأرسلوا اثنين من الجواسيس، يتظاهران بأنَّهما عرَّافان، لجمع بعض المعلومات. وبفضل استنارة الله وقيادته، اكتشفنا مخططهم، وبالاتكال على حكمة الله، أبعدناهما عنَّا. وبعد أن علمت الكنيسة بذلك، تم تعليق واجباتنا. وقد أوجدوا لنا عملًا من أجل حماية بيئتنا. منذ ذلك الحين لم يكن لنا أي اتصال تقريبًا مع إخوتنا وأخواتنا. مرت ستة أشهر وازداد الوضع المحلي توتراً أكثر فأكثر. وفي أحد الأيام تلقَّينا فجأةً إفادةً من الكنيسة تبلِّغنا بأنَّ يهوذا قد باعنا، وأننا بحاجة إلى أن نتحرك في أسرع وقت ممكن لتجنب الوقوع في يد التنين الأحمر العظيم. عندما علمنا بهذا الترتيب من قِبَل بيت الله، اخترت هذه المرة الطاعة، ووُلِدَ في قلبي بُغضٌ للتنين الأحمر العظيم. تفكَّرت في الماضي عندما كنت أسمع شعارات التنين الأحمر العظيم التي تُعلِن: "يتمتَّع المواطنون بحرية الدين، وحماية حقوقهم ومصالحهم المشروعة"، وكنت أرى الكنائس تُبنى في كل مكان. ولذا فقد أُعجِبت به وأحببته؛ وشعرت أنه قد فاز بقلوب الناس. ولكن اليوم، ونحن نواجه الواقع، رأيت أخيرًا بوضوح الوجه القبيح للتنين الأحمر العظيم، واكتشفت مكائده، وأدركت أن تصريحاته وأعماله الظاهرية كانت جميعها أكاذيب وخداع، كلّها ادّعاءات. وكانت كلها وسائل دنيئة، وحيل قذرة من أجل بلبلة الناس وتعميتهم. كان شريرًا، قاسيًا، ماكرًا، مخادعًا، مُتراجعًا، مضاداً لله، ورجعيًا لأقصى حدٍ. كان روحًا شريرة تؤذي الناس وتهلكهم! لقد جاء الله المُتجسِّد إلى الأرض ليخلّص خليقته، أي البشرية. كان هذا شيئًا صحيحًا وسليمًا؛ كان أمرًا هائلًا ومُبهِجًا، لكن التنين الأحمر العظيم لم يكن يسمح بوجود الله بين البشر، ولم يكن يسمح للناس أن يتعبَّدوا الله ويسيرون في طريق سليم في حياتهم. ولذا قد فعل كل ما في وسعه لمطاردة المسيح بشكل مسعور، واضطهد أُناس الله المختارين بقسوةٍ، وحاول تعطيل عمل الله وتدميره. وحاول أن يطرد الله، وأن يُهلِك أُناس الله المختارين، ويدمِّر عمل الله في الأيام الأخيرة. كان حقًا رجعيًا بكل معنى الكلمة، وغير مُحتَمَل في السماء! وعندئذٍ فقط خطرت على ذهني كلمات الله هذه:"الحرية الدينية؟ حقوق المواطنين المشروعة ومصالحهم؟ كلها حيلٌ للتستّر على الخطية! ... لماذا تضع مثل هذه العقبة المنيعة أمام عمل الله؟ لماذا تستخدم مختلف الحيل لخداع شعب الله؟ أين هي الحرية الحقيقية والحقوق والمصالح المشروعة؟ أين العدل؟ أين الراحة؟ أين المودّة؟ لماذا تستخدم حيلًا مختلفة لتخدع شعب الله؟ لماذا تستخدم القوّة لتعيق مجيء الله؟ لماذا لا تسمح لله أن يجول بحرية في الأرض التي خلقها؟ لماذا تطارد الله حتى لا يجد مكانًا يسند فيه رأسه؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (8)). من خلال كلماته، استطعت أن أرى بوضوح الوجه القبيح للتنين الأحمر العظيم، وأن أرى أيضًا بصورة جليَّة حقيقة مقاومته لله واضطهاده له، وكذلك إضراره بالناس وقيوده التي يضعها عليهم. فكَّرت في عدد الإخوة والأخوات الذين لم يستطيعوا، تحت وطأة اضطهاده وملاحقته، أن يعودوا إلى ديارهم وعاشوا حياة المتشرِّدين، بلا مأوى. فكَّرت في عدد الإخوة والأخوات الذين قاسوا من الدمار الذي لحق بهم من جراء تعذيبه الوحشي، وكم من الإخوة والأخوات قد سُجِنوا بتهم باطلة، ومَرَّت عليهم أيامٌ مُظلِمة كثيرةٌ جدًا، وهم يقضون حياتهم في زنزانةٍ لا يستحقها كلبٌ أو خنزير؛ والسبب الوحيد هو أنَّهم آمنوا بالله وكانوا يؤدُّون واجبهم. وفكَّرت كذلك في عدد الإخوة والأخوات الذين لم يتمتَّعوا بأي حريةٍ على الإطلاق تحت وطأة مراقبته؛ ولم يكن لديهم أي طريقة لأداء واجبهم، ولم يستطيعوا أن يعيشوا حياةً طبيعية في الكنيسة. واليوم فإن إيماننا بالله وتقديم الضيافة لم يكن سوى أداء لواجبنا كمخلوقات. كنا نضطلع بمسؤولياتنا، ولم نخالف مُطلقًا قوانين الحزب الشيوعي الصيني أو تشريعاته، ولكننا مع ذلك كنَّا تنعرَّض لقيود واضطهاد من دون سبب. وكل ما يمكننا فعله هو أن نقتلع أنفسنا ونذهب إلى مكان آخر نقوم فيه بواجبنا. وعلى الرغم من ذلك، لم يكن رجال الشرطة يهدأون في ملاحقتهم لنا، بل تنكَّروا في الواقع في هيئة عرَّافين للتنقيب عن المعلومات، مُعتقدين أنَّهم قد يجدون بعض الأدلة للإيقاع بنا واضطهادنا. إن التنين الأحمر العظيم لهو حقًا فاسدٌ، وغادرٌ، ووضيعٌ، وماكرٌ إلى حدٍ يتعذَّر على القياس! في هذه اللحظة، رأيت أن التنين العظيم الأحمر كان شريرًا وقاسيًا، ماكرًا ومخادعًا، منحرفًا، مقاومًا للسماء، ورجعي تمامًا. لقد كان شيطانًا التهم الناس وألحق بهم الأذى! جاء الله المتجسِّد إلى الأرض لينقذ خليقته، أي البشرية. كان هذا حب الله للإنسان؛ كان أمرًا هائلًا ومُبهِجًا، لكن التنين العظيم الأحمر لما كان يسمح لله بالمجيء بين البشر، ولما كان يسمح للناس بعبادة الله والسير في طريق صحيح في حياتهم. لقد فعل كل ما في وسعه لمطاردة المسيح على نحو محموم، واضطهد بقسوةٍ شعب الله المختار، وحاول أن يعطِّل عمل الله ويدمِّره. لقد حاول أن يقتل كل شعب الله المختار، وأن يقوِّض عمل الله في الأيام الأخيرة. لقد كان حقًا رجعيًا تمامًا ولا تطيقه السماء! عندما فكّرت في ذلك، شعرت بحنقٍ بارٍ أشد من ذي قبل وتملَّكتني كراهيةٌ عميقةٌ تجاه التنين الأحمر العظيم. الحمد لله! إن أعمال الله الواقعيَّة وكلماته العمليَّة هي التي أزالت بشكل كامل قناع التنين الأحمر العظيم وكشفت بالكامل قبح نفاقه الذي كان يخفيه بمظهرٍ من الكرامة. لقد فتح هذا أخيرًا عيناي التي كانت عمياء. استيقظت روحي، ورأيت جلاء حقيقة أن التنين الأحمر العظيم يبني اسمه من خلال خداع عامة الناس، ورأيت كذلك حقيقة احتياله وأذيَّتهِ. لذلك كان لدي الثقة والإصرار على التحوُّل عنه بكل صرامةٍ ونبذه. وفوق ذلك، بالمقارنة مع الشر الدنيء الذي للتنين الأحمر العظيم وقذارته المُظلمة، اكتسبت فهمًا أعظم لبر الله، وقداسته، ونوره، وصلاحه أكثر من أي وقت مضى. وقد رأيت خلاصه العظيم وعنايته الفائقة لنا نحن البشر الفاسدين؛ ورأيت أنه بغض النظر عن مدى قسوة البيئة، ومهما كان نوع المقاومة والظلم الذي يُحدِثه التنين الأحمر العظيم، فإن الله لم يتخلَ أبدًا عن خلاصه لنا. إنه ما يزال يتحمَّل كل المعاناة للقيام بالعمل الذي يجب أن يقوم به. في هذا العالم الشرير القذر، لا نستطيع أن نتّكل إلَّا على الله – إنه حُبّنا الأروع وخلاصنا الأعظم الذي منه نستقي التطلُّع والاشتياق للسعي إلى الحق واتِّباع المسيح طوال الحياة. فالشكر واجبٌ لله الذي يرتّب أمامي مثل هذه الوليمة لأتناول منها، ففي وسط الشقاء أستطيع أن أكتسب فهمًا وبصيرةً. ومن الآن فصاعدا، أقسم بحياتي أنني سأنقطع تمامًا عن التنين الأحمر العظيم، وسأكون عدوه اللدود. ومهما يضطهدني أو يلاحقني بأي طريقةٍ، لن أجزع من طغيانه. كل ما سأفعله هو أنّي سأتبع الله عن قرب، وسوف أتّكِل على قيادته، وسأخترق اضطهاد كل قوات الظلمة، وأؤدي واجبي حتى أُسدد نعمة خلاص الله.

وبسبب الظروف القاسية التي لم تسمح لنا بالبقاء هناك لفترة طويلة، سارعنا مرة أخرى للانتقال إلى مكان غريب آخر. وبعد وصولنا، قالت لنا إحدى الأخوات من بيت الله أن هذه المنطقة كانت تسكنها الأقلّيات العرقية، وأن التنين الأحمر العظيم لم يكن صارمًا للغاية هناك. وكانت البيئة مقبولة نسبيًا. لكن قلبي لم يكن يشعر بالراحة. فكَّرت محدّثًا نفسي: هذا هو الآن عهد التنين الأحمر العظيم، وكان الأمر يبدو وكأن سحبًا سوداء تغطي المدينة، فالتنين لن يسمح لنا أن نؤمن بالله في سلام. لم نمضِي هناك بكل تأكيد أكثر من عشرين يومًا فقط حتى جاء جواسيس التنين الأحمر العظيم إلى منزلنا تحت ستار جمع رسوم الصرف الصحي وبدأوا يبحثون عن أشخاصٍ داخل منزلنا وخارجه، وسألوا زوجتي في صرامةٍ من أين كانت، وأين تم تسجيل إقامتها، ولماذا جاءت إلى هنا. وسألها أحدهم إذا كان زوجها تبدو عليه ملامحٌ معينة، فقالت "نعم"، وبمجرَّد أن سمعوا ذلك تبادلوا نظرةً مع بعضهم البعض. وحينئذٍ فقط أدركت زوجتي أنهم عرفوا كيف تبدو ملامحي بدون أن يروا وجهي. لابد أنه كان هناك يهوذا الذي باعني، وقد وصف أيضًا لهم كيف تبدو ملامحي. وبعد أن غادروا ذهبوا إلى بيت جيراننا الذي يقع خلفنا مباشرةً. ولم ندرك إلّا في ذلك الحين أن جيراننا كانوا يعملون معهم وكانوا يراقبوننا. أبلغنا الكنيسة بهذا على الفور. ولم تمضِ فترة طويلة حتى كتبت لنا إحدى الأخوات من الكنيسة رسالة تقول فيها: "اتصلت الشرطة المحلية بالشرطة الموجودة في مدينتكم الأم. إنَّهم عازمون على اعتقال بعض منكم الذين غُدر بهم. إنهم يريدون أولاً مراقبة الموقف من خلال زيارات غير مُعلَنَة وأن يتيقّنوا من معلومات عنكم، وعندما يحين الوقت المناسب سوف يقومون بمسحٍ شامل لكم جميعًا. إن وضعكم محفوفٌ بالمخاطرِ، ولذا يجب عليكم العودة إلى مسقط رأسكم في شاندونج، والاختباء هناك. تحرَّكوا بسرعة – كُلَّما أسرعتم كُلَّما كان ذلك أفضل – إذا تأخرتم فربما لا تخرجون!" وبعد أن قرأنا هذه الرسالة، لم نجرؤ على معارضة ما جاء بها، فقررنا أن نرحل في اليوم التالي. وفي ذلك المساء، كنت أتقلّب في فراشي يمينًا ويسارًا، ولم أستطع أن أنام. كنت غاضبًا، بشكل يفوق الوصف، من الاضطهاد الجنونيّ من قِبَل التنين الأحمر العظيم؛ وليس هذا فقط، بل شعرت أيضًا باضطرابٍ وكآبةٍ حول ما قد يصادفنا في الطريق أمامنا. آه! كنت أظن في البداية أن الإيمان بالله أمرٌ بسيط، وأن كل ما كان يتعين عليّ القيام به هو أن أعترف بالله بكلماتي، وأن أؤمن به في قلبي، وأبذل قصارى جهدي لأداء واجباتي، وسأنال ثناءً من الله. لم أكن أتخيل أبدًا أن هذا الطريق سيصبح أكثر صعوبة كلَّما سرت فيه. وبينما كنت أشعر بالقلق والحزن بسبب رحلتي الشاقة في الإيمان بالله، وهبتني كلماته استنارةً: "لا يتخذ الناس الإيمان بالله على محمل الجديّة لأن الإيمان بالله أمر غير معتاد كثيرًا أو غريب عليهم. وبهذه الطريقة لا يلبّون طلبات الله، أو بمعنى آخر إن كان الناس لا يعرفون الله، ولا يعرفون عمله، فإنهم ليسوا مناسبين لأن يستخدمهم الله، ولا يمكنهم تلبية رغبته. إن "الإيمان بالله" يعني الإيمان بوجود إله؛ هذا هو أبسط مفهوم للإيمان بالله. ما زاد على ذلك هو أن الإيمان بوجود إله لا يماثل الإيمان الحقيقي بالله؛ بل بالأحرى هو نوع من أنواع الإيمان البسيط مع وجود دلالات دينية قوية. الإيمان الحقيقي بالله يعني اختبار كلام الله وعمله بناءً على الإيمان بأن الله له السيادة على كل الأشياء. وهكذا سوف تتحرّر من شخصيّتك الفاسدة، وتتمّم مشيئة الله وتتعرف عليه. فقط من خلال هذه الرحلة يُمكن أن يُقال عنك إنك تؤمن بالله" (– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تمهيد). جلست في صمتٍ، وأنا أحاول أن أستكشف معنى كلماته. وبدأ النور يشرق تدريجيًا في داخلي: نعم، هذا هو الحق أن الإيمان الحقيقي بالله يعني اختبار كلماته وعمله على أساس الإيمان بأنه يملك السيادة على كل الأشياء، ولذا يمكننا أن نتحرر من شخصياتنا الفاسدة، ونحقق رغبة الله، ونتعرّف عليه. لا يمكننا القول بأننا نؤمن بالله إلّا من خلال مثل هذه الرحلة. لم يكن الأمر بالطبع بهذه البساطة كما كنت أظن، أن كل ما كنت أحتاج إليه هو الاعتراف بالله بكلماتي، والاستمرار في عقد اللقاءات مع الآخرين، وأن آكل و أشرب من كلمات الله، وأؤدي واجبي. كان هذا النوع من الاعتقاد بالنسبة لي هو مجرّد اعتقاد ديني غامض، ولم يكن يحوي جوهر الإيمان بالله. فحتى إذا اتّبعته إلى النهاية، لما استطعت أن أُرضي مشيئة الله، ولما نلت مديحه. فكَّرت في بطرس؛ ففي إيمانه بالله، أكَّد أنه سيأخذ معه كلمة الله ليختبرها في حياته اليومية. وبغض النظر عمَّا حدث، كان يسعى إلى إرضاء مشيئة الله ومتطلباته. وسواء كان الأمر دينونةً وتوبيخاً، أو تجارب وتنقية، أو شِدَّةً ومعاناة، وكذلك تهذيبًا، فقد كان دائمًا قادرًا على قبول الأمر والطاعة. ومن خلال ذلك، كان يطلب الحق ويسعى لمعرفة نفسه ومعرفة الله. إن سعيه لسنوات عديدة لم يؤدِ إلى تغيير شخصيته فحسب، بل أصبحت أيضًا لديه معرفة بالله أكثر من أي شخصٍ آخر عبر العصور. كان إيمان بطرس الأكثر توافقًا مع إرادة الله، وكان كذلك الأكثر إيفاءً بمعياره. ولكن كانت نظرتي حول الإيمان بالله ساذجة للغاية. ظننت أن كل ما يجب عليّ فعله هو أن أستمر في عقد اللقاءات مع الآخرين، وأن آكل و أشرب من كلمات الله، وأقوم بواجبي، وسوف أستطيع أن أنال مديحه. ما الفرق بين أفكاري وأفكار غير المؤمنين والمُتديِّنين؟ أوليست جميعًا في النهاية تظل بلا جدوى؟ وعندئذٍ فقط أدركت أن كل سنوات إيماني بالله كان يغمرها التشويش. لم أكن حتى أعرف ما هو المقصود من الإيمان بالله. فلولا إعلانات الله العمليّة، وإرشاد كلمات الله وتبصيرها، لكنت مازلت أتبع الله بينما أعيش في مفاهيمي وخيالي، ولما اكتشفت أنني بحقٍ مؤمن متدين لا يتبع إلا طريقه الخاص. لم يسعني حينها إلا أن أشعر ببعض الخوف. أدركت أنني إن كنت قد استمريت بهذه الطريقة المشوَّشة في اتِّباع الله بدون التركيز على اختبار عمله، أو التركيز على السعي إلى الحق، أو إلى إحداث تغيير في شخصيتي، كان الله سيأخذني لا محالة في النهاية. وعندما رأيت ظروفي المحفوفة بالمخاطر، قدَّمت على الفور صلاةً إلى الله: "آه يا إلهي! أشكرك على إعلاناتك واستنارتك التي سمحت لي أن أفهم الحق وأن أتعرَّف على الأخطاء التي تشوب إيماني بالله. آه يا إلهي! إنني على استعداد أن أتّبع مثال بطرس، وأن أسعى إلى الطريق الذي سلكه. وحيث أنني قد اخترت هذا الطريق الآن، فإنني على استعداد للمضي قدمًا بثقةٍ مهما كان غدر الطريق أو عدد المخاطر التي تكمن أمامي. إنني على استعداد أن أكون راغبًا في اجتياز المعاناة، وأن أطيع خططك وترتيباتك، وأن أختبر بإخلاصٍ كلماتك وعملك وفقًا لما تطلبه مني، حتى أستطيع أن أصبح مخلوقًا مِلكُكَ، يؤمن ويعبدك بالحق". وقد شعرت بارتياح شديد بعد الصلاة، وكان لدي ثقة في اختبار عمل الله.

وفي اليوم التالي وصلنا، على متن قطارٍ، إلى شاندونج. وبعد أن اختبأنا لفترة من الوقت في مسقط رأسنا في شاندونج ونزلت بنا بعض الشدائد، استطعنا أخيرًا، بإرشاد الروح القُدُس، أن نتواصل مع الكنيسة، واستأنفنا حياتنا الكنسية. لكن التنين الأحمر العظيم لم يهدأ في اضطهادنا؛ فأينما ذهبنا، كنا دائمًا مُعرَّضين لحصاراته وقيوده. وكانت الشرطة تأتي في كثير من الأحيان للتحقق من تصاريح الإقامة – وفي بعض الأحيان كانوا يأتون مرتين في يوم واحد، وأصرّوا بشدة على أنه لابد أن نُسجَّل للحصول على تصاريح إقامة مؤقتة، وإلّا فإنهم سيرحِّلوننا. وبناءً عليه فقد أصبح انتقالنا من منزل لآخر أمرًا اعتياديًا بالنسبة لنا. وفي وقت لاحق انتقلنا إلى مُجمَّع سكني أكبر، حيث استأجر ابن أحد الإخوة الشيوخ بالكنيسة مسكنًا هناك، وقد استضافنا هذا الأخ فيه. وهناك لم يكن علينا فقط أن نُسجَّل لاستخراج تصريح إقامة مؤقت، ولكن كان علينا أيضًا استخراج تصريح دخول وخروج، وإلّا فلن نستطيع أن نذهب ونجيء، ناهيك عن القدرة على التحرّك في الداخل. كان علينا أن نختبئ داخل المنزل ولم نكن نستطيع الخروج. و حتى مع ذلك، لم تستسلم الشرطة للأمر بعد. وكانوا ما يزالوا يترددون على البيوت من باب الى آخر لإجراء عمليات التفتيش. ومن خلال هذا رأينا أنه في هذه الدولة الديكتاتورية، غير المؤمنة، التي يحكمها حزبٌ مُلحد، كان الإيمان بالله يتم قمعه واضطهاده عند كل منعطف. كان هذا الأمر يولِّد استياءًا صامتًا. كان الوضع خلال دورة الألعاب الأولمبية في عام 2008 على وجه الخصوص متوترًا جدًا، وقاسيًا للغاية. فقد أعدَّ التنين الأحمر العظيم فخاخًا، وكان أفراد الشرطة وقوفًا يحرسون في كل مكانٍ. ومع ذلك فقد رأينا في ظل هذه الظروف قدرة الله، وحكمته، وأعماله الرائعة، وأن الله كان يخطط لكل شيء. في كل مرةٍ كان المسؤولون يريدون إجراء تفتيش، كان الرجل الذي يراقب البوابة الرئيسية، بتخطيط من الله، يأتي ويخبر أخينا الشيخ حتى نتمكن من الاستعداد بسرعة ونختفي قبل وصولهم. في إحدى المرات قامت الشرطة بتفتيش مفاجئ بينما كنا في منتصف أحد الاجتماعات. سمعنا الكلاب تنبح خارجًا بجنون. وكان الأشخاص الذين يجرون عملية التفتيش قد اقتحموا ساحة الفناء، وتحت ذريعة مراجعة عدَّادات الكهرباء كانوا يتحركّون في كل مكانٍ، ويفتِّشون، ويستجوبون، وكانوا يُخيفون أخينا الشيخ، الذي استعان بحكمة من الله لحملهم على الرحيل. كنَّا جميعًا خائفين بعد مغادرتهم. ولحسن الحظ كنا جميعًا قد اختبأنا في الوقت المناسب – فإذا كانوا قد عثروا علينا أو على كتب كلمات الله، فإن العواقب كانت ستفوق الخيال. وبينما تباطأ الخوف عن مغادرة قلبي، تفكَّرتُ في كلمات الله هذه: "لا تتحمل سيطرة أي شخص أو حدث أو شيء؛ وما دام يمتثل لإرادتي، مارسه وفقًا لكلامي. لا تخف؛ لأن يديَّ تساندانك، وسوف أحفظك بالتأكيد من كل فاعلي الشر" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الثامن والعشرون). "تصرفوا بشجاعة! فقط أبقوا رؤوسكم مرفوعة! لا تخافوا: أنا –أبوكم– هنا لأدعمكم، ولن تعانوا. ما دمتم تُصلّون وتتضرعون أمامي باستمرار، فسأمنحكم كل الإيمان. قد يبدو الذين في السلطة أشرارًا من الخارج، لكن لا تخافوا؛ لأن هذا سببه أن إيمانكم ضئيل. ما دام إيمانكم ينمو، فلن يستعصي عليكم أمرٌ. تهللوا واقفزوا حتى تمتلئ قلوبكم بالرضى! كل شيء تحت أقدامكم وفي قبضتي. ألستُ أنا من يُتمم ويهلك بكلمة من فمي؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الخامس والسبعون). جعلتني كلمات الله أشعر بالخجل. حقًا! أوليس الناس، والأحداث، والأشياء في هذا العالم جميعًا هم في حيز خطط الله وترتيباته؟ ألا يتحوَّلون جميعًا، ويتجدَّدون، ويتغيَّرون وفقًا لأفكاره؟ إن التنين العظيم الأحمر هو أيضًا مخلوق بين يدي الله. وبغض النظر عن مدى وحشيَّته، فإنه لا يستطيع الهروب من نطاق سيطرته. إذا أراد أن يُدمِّره، أليس كل ما يجب أن يفعله هو أن يقول الكلمة فحسب؟ لم يدمِّره الله، لكنه سمح له بوحشيته إلى حينٍ. وهذا يعطينا الثقة والشجاعة، ومن شأنه أن يسمح لنا أن نعرف حكمة الله وأنه كليّ القدرة، ونتعرَّف على أعماله الرائعة من خلال اختباراتنا. كما أنه يسمح لنا أن نعرف على نحو أفضل الطبيعة الشريرة والرجعية التي للتنين الأحمر العظيم، وكذلك وجهه القبيح في ظلمه، لعلّنا نبغضه ونرفضه، ونخرج من صفوفه، ونلعنه من أعماق قلوبنا. وتحت قيادة كلمات الله وفي ظل إرشادها، لم أعُد فيما بعد جبانًا رعديدًا؛ وليس هذا فقط، بل ملأني شعور بالامتنان لله. كنت مستعدًا لأن أكون مطيعًا في هذه البيئة، وأن أُناضل ضد التنين الأحمر العظيم، وأقبل تدريب الله وتكميله ليّ، وأن أسعى لفهم المزيد عن الحق واكتسابه. وخلال الأشهر القليلة التالية، كان أفراد الشرطة المحلية يقومون بزيارتين أو ثلاث زيارات مفاجئة كل شهر، لذلك لم نكن نستطيع أن نجهّز أنفسنا قبل زياراتهم. ولكن تحت وطأة هذه الظروف الرهيبة كنا نستطيع أن نهرب من أبصارهم مرارًا وتكرارًا في ظل رعاية الله وحمايته. كانت تحدث دائمًا سهوات وكانت الأمور دائمًا بالكاد تمر بخير. وبعد هذه الاختبارات، لم يسعني إلّا أن أشعر بالامتنان الحقيقي والتسبيح الصادق لله في أعماق قلبي. فكَّرت: "أه يا إلهي القدير! أنت حقًا رب العالم المسؤول عن كل الأمور. أعمالك الرائعة في كل مكان، ومن خلال اختباراتي الواقعية، لم أكن فقط أتذوق قدرتك اللانهائية وحكمتك، لكنني رأيت أنك أعظم مساند لي، وأنك ملجأي، ورأيت أن التنين الأحمر العظيم ليس سوى نمر من ورق. عندما ننظر إليه من الخارج، نراه كله مخالب وأسنان، ومتكبرًا بصورةٍ رهيبة، ولكن عندما يواجهك، فإنه يكون ضعيفًا للغايةِ ولا قوة له – ولا يستطيع أن يتحمَّل نفخة واحدة، وكل ما يمكن أن يفعله هو أن يَلحَظ في خضوعٍ واجباتك وخططك. وطالما لدي الثقة، يمكنني أن أهزم كل قوات الظلمة. آه يا إلهي! على الرغم من أنني الآن في هذه الدولة الخاضعة لسيطرة الشيطان، لن أكون تحت قيود أي شخص أو حدث أو شيء. سأنهض فقط من اضطهاد الظلمة، وأقف لأُعلِن من هذا المكان الدنس انتصارك وأكون شاهدًا له".

في ظل الظروف الرهيبة لملاحقة التنين الأحمر العظيم، جُزت في الاختبار العميق، الذي من خلاله كانت كلمات الله القدير تقودني أثناء عبوري من تجربةٍ إلى أخرى، وكانت تساعدني على الانتصار مرة تلو الأخرى في تجارب الشيطان. إنَّها نعمة الله العظيمة وحمايته التي جعلتني هنا اليوم. عندما أفكّر في الطريق الذي اتّخذته، أجد أنني قد قاسيت من اضطهاد التنين الأحمر العظيم وملاحقته لي، وأنني لم أستطع العودة إلى موطني، وقد تَشَرَّدت، وعشت حياة طوَّاف، ولم يكن لي "العش الدافئ" الذي لدى الدنيويين، ولا استطعت أن أكون مُستريح البال مثلهم أو أن أعيش مثل هذه الحياة المترفة. وقد تحمَّل قلبي معاناة كبيرة وألمًا شديدًا من جراء اضطهاد التنين الأحمر العظيم؛ إلّا أنني، بسبب اختباري لهذه المواقف المريرة، قد جنيت ثروات الحياة التي لم يكتسبها أحدٌ على مر العصور. فمن خلال اختبار اضطهاد التنين الأحمر العظيم، تعرَّفت على طبيعتي الأنانية الدنيئة، ورأيت أنني لم أؤمن بالله أو أحبه بإخلاصٍ. ومن خلال اختباري للاضطهاد من قِبَل التنين الأحمر العظيم، تعرَّفت على طبيعته الغادرة والدنيئة والشريرة. وبناءً على هذه الخلفية اكتسبت فهمًا أعمق لجوهر بر الله وإخلاصه، ونوره، وصلاحه. من خلال اختبار الاضطهاد الذي تعرَّضت له من قِبَل التنين الأحمر العظيم، أصبحت أعي إيماني الغامض وغير اليقيني، وفهمت المعنى الحقيقي للإيمان بالله وقيمته. ومن خلال هذا الاضطهاد اكتسبت أيضًا فهمًا أعظم لحكمة الله، وقدرته، وأعماله الرائعة، واكتشفت جوهر التنين الأحمر العظيم القاسي، والشرير، والرجعيّ، المُعَادي لله. لقد رأيت بوضوح كيف يفسد الناس، ويضلِّلهم، ويؤذيهم. ولذلك فقد نمت في داخلي كراهية عميقة له، وكنت مستعدًا للاتكال على كلمات الله حتى أتخلُّص من طبع الشيطان الفاسد، وأستطيع أن أدير ظهري للتنين الأحمر العظيم بصورةٍ كاملة، وأحيا كإنسانٍ بالمعنى الحقيقي، وأُرضي قلب الله. إن عمل الله الفعلي هو الذي سمح لي بأن أتذوَّق شخصيًا مثل هذه الوليمة الغنية بالحياة. لم يوقظ هذا قلبي، الذي لطالما أعماه التنين الأحمر العظيم، فحسب، لكنه أيضًا سمح لي أن أجني الكثير من ثروات الحياة العظيمة؛ وقبل أن أدرك الأمر وجدت أنني قد خطوت في المسار الصحيح للإيمان بالله. لله القدير أُقدِّم خالص الشكر والتسبيح القلبيّ!

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

اختيار مؤلم

قبلت عمل الله القدير في الأيام الأخيرة عام 1999، وسرعان ما بدأت أخدم كقائدة. تعرضت للاعتقال لأول مرة في ديسمبر 2000. كان الوقت منتصف...

النهوض في مواجهة الفشل

قبل أن أؤمن بالله، تعلمت على يد الحزب الشيوعي الصيني. ولم أفكر في شيء سوى كيف أصنع من نفسي شيئًا وأن أشرّف عائلتي. بعد ذلك، تقدمت لاختبارات...

السر الذي حفظته في أعماق قلبي

بقلم ووزهي - مدينة لينيي – إقليم شاندونغ في ربيع عام 2006، تم تجريدي من منصبي كقائد وإعادتي إلى المكان الذي جئت منه لأنني كنت أًعتبر...

اترك رد