فهم معنى أن تكون صالحًا
منذ أن طفولتي، علمني والداي أن أكون عادلة ومعقولة ولطيفة مع الآخرين، وأفهم صعوباتهم ولا ألتفت لسفاسف الأمور. قالا إن هذا هو ما يجعل شخصًا ما صالحًا، وهذا من شأنه أن يكسب احترام الآخرين وتقديرهم. اعتقدت أيضًا أن هذا مسار جيد لي، وكثيرًا ما ذكَّرت نفسي بأن أكون عطوفة ولطيفة. لم أتعارض أبدًا مع عائلتي والقرويين الآخرين، وكنت مهتمة حقًا بنظرة الجميع لي. كثيرًا ما امتدحني زملائي القرويون، قائلين إن لدي إنسانية صالحة وإنني متفهمة، ولم أتشاجر مع أي شخص يسيء لي. أسعدني حقًا هذا النوع من المدح. وفكرت أنني يجب أن أكون وديعة هكذا، ويجب أن أتفهم حتى عندما يكون شخص ما على خطأ. شعرت باليقين أن هذا هو المعيار لكونك شخصًا صالحًا. ظللت أفعل الأشياء بهذه الطريقة، حتى بعد إيماني.
ثم في نوفمبر 2021، انتُخبت شماسة في الكنيسة وبدأت نشر الإنجيل مع عدد قليل من الإخوة والأخوات. كان أحدهم، الأخ كيفين من قريتي. كان يتمتع بمهارة، وكان منطقه واضحًا حقًا في شركته أثناء مشاركته بالإنجيل. يمكنه استخدام الأمثلة لشرح الأشياء، لمساعدة أولئك الذين يبحثون عن الطريق الحق للفهم. لكنني اكتشفت أنه كان متغطرسًا نوعًا ما ولا يحب قبول اقتراحات الآخرين. أيضًا، في كثير من الأحيان لم يتبع المبادئ في واجبه، ولم يرفع الله ويشهد له في عمله الخاص بالإنجيل، لكنه تحدث كثيرًا عن عدد الأشخاص الذين حوَّلهم. أحب الإخوة والأخوات جميعًا الاستماع إليه وهو يعظ، وتملقوه حقًا. ذات مرة امتدحه شخص كان يبحث في الطريق الحق، لامتلاكه مقدرة جيدة ووعظًا جيدًا. لقد لاحظت أنه رفع نفسه وتفاخر قليلًا، وأنه في مشاركته بالإنجيل، لم يركز على الشهادة لعمل الله في الأيام الأخيرة، أو على حل مفاهيم الناس الدينية. أردت، أن أذكر هذا للأخ كيفين، لكن بعد قليل من التفكير قررت الانتظار لفترة أطول قليلًا. أردت أن يعرف الأخ كيفين أنني عطوفة وعقلانية، لا ألتفت إلى كل مشكلة صغيرة أراها. اعتقدت أنني يجب أن أشجعه وأساعده أكثر. لاحقًا، كان كثيرًا ما يرسل القائد المبادئ ذات الصلة لمشاركة الإنجيل لمجموعتنا، وقد شاركت بصورة غير مباشرة عن أمور تتعلق بسلوك الأخ كيفين. كنت آمل أن يتمكن من رؤية مشكلاته من خلال تلك الشركة. كنت أرغب في طرح مشكلاته مرة أخرى، لكن بعد ذلك فكرت أنه نظرًا لأنه كان شخصًا متغطرسًا إلى حد ما، فقد لا يقبل نصيحتي. كنت أخشى أن يعتقد أنني كنت غير معقولة وقاسية، وسيأخذ عني انطباعًا سيئًا. إذا وصلنا إلى طريق مسدود في علاقتنا، ولم نتمكن من العمل معًا جيدًا، فإن صورتي كإنسانة صالحة ستُدمَّر. ألجمتني هذه الأفكار عن الكلام. شعرت بالسوء نوعًا ما في ذلك الوقت، لذلك أتيت أمام الله في الصلاة، طالبة منه القوة لممارسة الحق. بعد ذلك، ذهب الأخ كيفين، وعدد قليل من الإخوة والأخوات، إلى قرية لمشاركة الإنجيل. لقد لاحظت أن الأخ كيفين كان لا يزال يتباهى بشركته، يتحدث عن عدم اهتمامه بالمال وكيف عمل بجد من أجل الله، لكنه لم يكن يركز على شركة الحق. في طريق العودة إلى المنزل، استجمعت شجاعتي وقلت له: "لم تدخل في المبادئ في وعظك وشهادتك. أنت بحاجة إلى التركيز على شركة الحق مع متلقيّ الإنجيل المحتملين، وجلبهم أمام الله..." قبل أن أنتهي، أجاب: "لا مشكلة في شركتي. أنتِ تبالغين في التفكير بالأمور". كنت أخشى أن أجرح كبريائه إذا قلت أي شيء أكثر، وأن أفسد علاقتنا. كنت قلقة أيضًا من أنه قد يراني بصورة سيئة وأن ذلك سيدمِّر صورتي الإيجابية، فلم أقل شيئًا آخر. شعرت أن هذا جيد بما يكفي، ويمكنه أن يصل تدريجيًا لرؤيته بنفسه. اكتشفت لاحقًا أنه رغم أننا كنا مشغولين طوال الوقت، فإننا لم نحقق نتائج جيدة في عملنا الإنجيلي. كان بعض الناس في تلك القرية مهتمين، لكن ظلوا لا يفهمون الأشياء بعد سماع شركة الأخ كيفين عدة مرات. أيضًا، لقد تأثروا بالشائعات، ولديهم مفاهيم، ولا يريدون النظر فيها بعد الآن. احترم بعض الناس كيفين حقًا، وأرادوا فقط الاستماع إلى شركة، لكنني لم أرغب في الاستماع إلى شركة أي شخص آخر. جعلتني رؤية غير مرتاحة حقًا، وشعرت بالذنب الشديد. كان لهذه القضايا علاقة كبيرة بالأخ كيفين. إذا كنت قد طرحت مشكلاته في وقت سابق، لكان بإمكانه رؤيتها وتغييرها، ولم يكن عملنا الإنجيلي ليضعُف. ولكن بعد ذلك، عندما أردت حقًا طرح الأمر، شعرت بالقلق مرة أخرى من أن ذلك قد يضر بعلاقتنا، وشعرت بالتضارب حقًا. توقعت أن بوسعي التحدث إلى القائدة، لتعقد شركة معه، عندئذ لن يتأثر تعاوننا في واجبنا، وسيظل بإمكاننا التعايش. لذلك، تحدثت إلى القائدة حول ما كان يحدث مع الأخ كيفين. لقد وجدتْ بعض كلمات الله ذات الصلة، وأدخلتنا فيها معًا، وبدا أن الأخ كيفين قام ببعض التغيير. لذا، تركت الأمر يمضي فحسب.
ذات مرة، ذكرت الأمر لأخت أخرى، التي أشارت إلى أنني كنت أحمي دائمًا علاقاتي بالآخرين، وكانت هذه علامة على إرضاء الناس. لكن في البداية لم أر الأمر هكذا. اعتقدت أنه من المستحيل أن أكون شخصًا مُرضيًا للناس، لأنهم ماكرون، وأنا لم أفعل شيئًا ماكرًا أبدًا، فكيف يمكن أن أكون منهم؟ في ذلك الوقت لم أرغب في قبول تعليقاتها، لكنني علمت أيضًا أن هناك درس يجب أن أتعلمه فيما قالته. صليت إلى الله، سائلة إياه أن يرشدني لأعرف نفسي. لاحقًا، قرأت هذا في كلام الله: "يجب أن يستند سلوك الناس ومعاملتهم للآخرين إلى كلام الله؛ هذا هو المبدأ الأساسي للسلوك البشري. كيف يمكن للناس أن يمارسوا الحق إذا كانوا لا يفهمون مبادئ السلوك البشري؟ إن ممارسة الحق لا تعني قول كلمات فارغة وتلاوة عبارات محددة، مهما كان ما قد يصادفه المرء في الحياة، طالما يتضمن مبادئ السلوك البشري، ووجهات النظر حول الأحداث، أو في مسألة أداء واجبهم، فإنهم يواجهون اتخاذ القرار، وعليهم أن يسعوا للحق، وعليهم أن يبحثوا عن أساس ومبدأ في كلام الله، ومن ثمَّ، يجب عليهم البحث عن سبيل للممارسة؛ أولئك الذين يستطيعون الممارسة بهذه الطريقة هم أناس يسعون وراء الحق. لتكون قادرًا على السعي وراء الحق بهذه الطريقة، مهما كانت الصعوبات التي يواجهها المرء، فعليك بالسير في طريق بطرس وطريق السعي وراء الحق. على سبيل المثال: ما هو المبدأ الذي يجب اتباعه عند التعامل مع الآخرين؟ وجهات نظرك إنَّ وجهة نظرك الأصلية هي أنه لا ينبغي لك الإساءة إلى أي شخص، ولكن عليك الحفاظ على السلام وتجنب إحراج أي شخص، بحيث يمكن للجميع في المستقبل أن يتعايشوا معًا. تتقيَّد بوجهة النظر هذه، وعندما ترى شخصًا ما يفعل شيئًا سيئًا، أو يرتكب خطأ، أو يرتكب فعلًا مخالفًا للمبادئ، ستفضل أن تتسامح معه، بدلًا من مناقشة هذا الشخص. تنفر من الإساءة إلى أي شخص بسبب تقيدك بوجهة نظرك، مهما كان من تتعامل معه، حيث تعوقك أفكار حفظ ماء الوجه والعواطف، أو المشاعر التي نمت على مدى سنوات عديدة من التفاعل، بغض النظر عمن تتواجد بمحضره، وستقول دائمًا أشياء لطيفة لجعل ذلك الشخص سعيدًا. وحيثما وجدت أشياء تراها غير مُرضِية، فأنت تتسامح أيضًا وبالكاد تُنفِّس عن غضبك قليلًا على انفرادٍ، وتَصُبُّ بعض الطَّعن عليه، ولكن عندما تقابله شخصيًا، فإنك لا تغامر بخسارته وتظل تحافظ على علاقة معه. كيف ترى مثل هذا السلوك؟ أليس هذا من سلوك الرجل الإمعة؟ أليس هذا خداع؟ إنه ينتهك مبادئ السلوك. أليس من الضِعة التصرُّف بهذه الطريقة؟ أولئك الذين يتصرفون على هذا النحو ليسوا أشخاصًا صالحين، ولا هم نبلاء. مهما عانيت، ومهما دفعت من ثمن، إذا سلكت بدون مبادئ، فإنك قد فشلت ولن تحظى بقبول الله، ولن يذكرك ولن تسرّه" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا بدّ للمرء من امتلاك ضمير ومنطق ليحسن أداء واجبه). تفكرت في نفسي في ضوء كلام الله. شعرت وكأنني لست شخصًا يرضي الناس، لكن كيف تصرفتُ حقًا؟ خلال ذلك الوقت، رأيت أن الأخ كيفين كان يتباهى كثيرًا في عمله الإنجيلي، وكان يجب أن أشير إلى هذه المسألة لمساعدته في معرفة نفسه والقيام بواجبه وفقًا للمبادئ، لكني كنت قلقة من أن المباشرة ستضر بعلاقتنا. لذلك كنت دائمة المراعاة لمشاعره، ولم أجرؤ على قول أي شيء مباشر جدًا. حتى أنني أردت أن أقدم له المزيد من التشجيع، لإعطائه الانطباع بأنني صالحة، وأجعله يقدرني بشدة. لكن في الحقيقة، علمت أنه عند التعاون مع الإخوة والأخوات في واجب، عندما نلاحظ المشكلات، نحتاج إلى الإشارة إليها، والتعويض عن نقاط ضعف الآخرين، ودعم عمل الكنيسة معًا. لكنني كنت أفعل الشيء الخطأ عن قصد ولم أمارس الحق. نتيجة لذلك، لم يتعرف الأخ كيفين على مشكلاته، واستمروا في التباهي أثناء مشاركة الإنجيل دون التركيز على شركة الحق. هذا يعني أن المفاهيم الدينية للأشخاص الذين يتقصون الطريق الحق لم تُحل، وعندما انزعج بعض الناس انقطعوا عن حضور الاجتماعات. رأيت التأثير في عملنا، وشعرت بالذنب نوعًا ما، لكني كنت أخشى أن يصبح متحيزًا ضدي إذا كنت مباشرة، وسيؤدي ذلك إلى الإضرار بعلاقتنا. لذا فقد دفعت بمكر قائدة الكنيسة إلى الشركة معه، حتى لا أضطر إلى الإساءة إليه. رأيت أنني حاولت حماية العلاقات مع الآخرين وتدليلهم في واجبي، وأنني لم أكن أحافظ على مصالح الكنيسة أبدًا، ولم يكن لدي شعور بالبِر، ولم أكن إطلاقًا بحسب المبادئ. لم أكن شخصًا يمارس الحق إطلاقًا. أليس هذا بالضبط ما يتصرف به الشخص الذي يرضي الناس؟ بعد ذلك، قرأت مقطعًا من كلمات الله يكشف ضد المسيح. "يبدو كلام أضداد المسيح في الظاهر لطيفًا ومُهذَّبًا ومُميَّزًا على نحوٍ خاصّ. وأيّ شخصٍ يخالف المبدأ ويتدخَّل في عمل الكنيسة مُتطفِّلًا لا ينكشف ولا يتعرَّض للنقد بصرف النظر عن هوّيته. فضدّ المسيح يتغاضى عن ذلك؛ بحيث يجعل الناس يعتقدون أنه رحب الصدر في جميع الأمور. فمجمل فساد الناس وعملهم الشرير يُقابَل بالرحمة والتسامح. إنه لا يغضب ولا يثور ولا يهتاج ولا يلوم الناس عندما يفعلون شيئًا خاطئًا ويضرّون بمصالح بيت الله. بصرف النظر عمَّن يرتكب الشرّ ويُعطِّل عمل الكنيسة، فإنه لا يأبه به وكأن هذا لا علاقة له به، ولن يسيء للناس بسببه أبدًا. ما هو أشدّ ما يهتمّ به ضد المسيح؟ يهتمّ بعدد الناس الذين يُبجِّلونه، وبعدد الناس الذين يرونه عندما يعاني فيُعجَبون به بسبب ذلك. يعتقد أضداد المسيح أن المعاناة ينبغي ألَّا تكون عبثًا على الإطلاق. وبصرف النظر عن المصاعب التي يتحمَّلونها، والثمن الذي يدفعونه، والأعمال الصالحة التي يعملونها، ومدى اهتمامهم بالآخرين ومراعاة مشاعرهم ومحبَّتهم لهم، فإن هذا كلّه ينبغي أن يجري أمام الآخرين، ويجب أن يراه المزيد من الناس. وما هدفهم من التصرُّف هكذا؟ كسب الناس، وجعل مزيد من الناس يشعرون بالإعجاب والاستحسان تجاه أفعالهم وتجاه سلوكهم وتجاه شخصيَّتهم" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء العاشر)). شعرت بالذنب الشديد بعد قراءة كلام الله، كما لو أن الله كان أمام عيني مباشرة، وكشف شخصيتي الشيطانية. لقد تفكرت أنني كنت أحاول دائمًا أن أكون عطوفة ولطيفة، لأنني شعرت أن عمل ذلك سيجلب لي احترام الآخرين ومدحهم، وسيحبني الناس. كنت كذلك عندما كنت أقوم بواجب مع الإخوة والأخوات الآخرين أيضًا. لم أكن لأقول أي شيء صريح لكشف قضايا الأخ كيفين، خشية أن أؤذي سمعته وألا يمكننا التوافق جيدًا بعد ذلك. لكن في الحقيقة، كل ما فعلته كان لحماية اسمي ومكانتي. كنت أستخدم اللطف السطحي للتخفي وجعل نفسي أبدو صالحة، لكسب الأفضلية، ليعتقد الناس أنني مُحبة وصبورة ومتسامحة، وأنني صالحة ولطيفة. لكنني لم أتأثر، سواء تضرر عمل الكنيسة أو تضررت حياة الإخوة والأخوات. عندئذ فقط رأيت كم كنت مراوغة وماكرة. بدا الأمر وكأنني لم أسيء إلى أي شخص أبدًا، كما لو كنت شخصية صالحة، لكن في الواقع، كانت دوافعي الحقيرة هي كل ما كان وراء أفعالي. كنت أخدع الناس وأغش الله. رأيت أن لدي نفس شخصية ضد للمسيح، وأنني كنت أؤيد صورتي ومكانتي على حساب عمل الكنيسة، والبقاء على هذا الطريق سيكون أمرًا خطيرًا للغاية. سأصبح أكثر بُعدًا عن الله وينتهي المطاف بطردي! لقد احتقرت نفسي حقًا عندما أدركت ذلك، وشعرت أيضًا بالضيق الشديد. وقلت صلاة: "يا الله، أنا أتخفى دائمًا وأجعل نفسي أبدو صالحة، وأركز على إنشاء صورة إيجابية. لا أريد أن أظل على هذا الطريق. من فضلك أرشدني لأهمل شخصيتي الفاسدة".
بعد ذلك، قرأت المزيد من كلام الله. "المعيار الذي يحكم بموجبه البشر على غيرهم من البشر هو سلوكهم؛ فأولئك الذين يكون سلوكهم جيدًا هم أبرار، بينما أولئك الذين يكون سلوكهم بغيضًا هم أشرار. أما المعيار الذي يحكم بموجبه الله على البشر فيعتمد على ما إذا كان جوهرهم يخضع لله أم لا؛ الشخص الذي يخضع لله هو شخص بار، بينما الشخص الذي لا يخضع لله هو عدو وشرير، بغض النظر عمَّا إذا كان سلوك هذا الشخص جيدًا أو سيئًا، وبغض النظر عمَّا إذا كان كلامه صحيحًا أم خاطئًا" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الله والإنسان سيدخلان الراحة معًا). "قد يصادف، في جميع سنوات إيمانك بالله، أنك لم تلعن أحدًا أو ترتكب عملاً رديئًا أبدًا، لكن في ارتباطك بالمسيح، لا يمكنك قول الحق، أو التصرف بصدق، أو إطاعة كلمة المسيح؛ وفي تلك الحالة، أقول إنك الشخص الأكثر شرًا وخبثًا في العالم. قد تكون ودودًا ومتفانيًا فوق العادة مع أقاربك وأصدقائك وزوجتك (أو زوجك) وأبنائك وبناتك ووالديك، ولا تستغل أبدًا الآخرين، لكن إذا لم تستطع التوافق مع المسيح، وعجزت عن الإنسجام معه، وحتى لو أنفقت كل ما تملكه إغاثةً لجيرانك أو تعتني عنايةً شديدة الدقة بأبيك وأمك وأفراد أسرتك، فأود أن أقول إنك ما تزال شريرًا، وفوق ذلك أحد المملوئين بخدعٍ ماكرة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أولئك الذين يخالفون المسيح هم من غير ريب معاندون لله). استطعت أن أرى من كلام الله أن معيار الناس لقياس الآخرين يعتمد على مدى حسن تصرفهم. أولئك الذين يتصرفون جيدًا أناس طيبون، أما أولئك الذين يتصرفون سيئًا فسيئون. لكن معيار الله في ذلك يعتمد على ما إذا كان الشخص يتبع طريق الله أم لا، وعلى جوهر الإنسان وموقفه من الخضوع لله. لا ينبغي تحديد الأمر بناءً على مدى جمال سلوكهم الخارجي. وصلت إعلانات كلام الله مباشرة إلى قلبي. منذ أن كنت طفلة مع أفراد عائلتي وآخرين، لم أجادل أبدًا أو أبدأ الصراع مع أي شخص. حتى لو بدأ شخص ما يتجادل معي، كنت أحل الأمر بإرضائه. لطالما امتدحني زملائي القرويون كوني شخصية صالحة، واعتقدت أيضًا أن كوني على هذا النحو يعني أنني وصلت إلى مستوى الشخص الصالح. الآن أصبح واضحًا لي، أنني لم أكن أقوم بالشر، لكنني لم أكن صريحة في القول أو الفعل. رأيت أن الأخ كيفين قام بواجبه بطريقة غير مبدئية وكان دائم التباهي، مؤثرًا على فعاليتنا في العمل. ولحماية صورتي كإنسانة صالحة، لم أكشفه أو أساعده، ولم أؤيد مصالح الكنيسة. لذلك، مع أن الآخرين اعتقدوا أنني إنسانة صالحة، كنت أمام الله، كنت لا أزال أعارضه وأعارض الحق، وكل ما فعلته هو ارتكاب الشر. لقد رأيت أن الحكم على ما إذا كان شخص ما صالحًا أم شريرًا، بناءً على سلوكيات خارجية لم يكن المعيار الصحيح. يبدو أن بعض الأشخاص يقومون بالكثير من الأشياء اللطيفة، لكنهم يقاومون بشدة ويدينون عمل الله وكلماته. إنهم أشرار. تذكرتُ أخت كنت أعمل معها. كان جليًا أنها لم تهتم بالدفء أو اللطف في كلماتها، لكن يمكنها أن تقبل الحق وتسعى إلى القيام بواجبها بحسب مبادئ الحق. قالت ما يجب قوله عندما رأت الآخرين لا يتصرفون بحسب الحق. وكانت قادرة على توضيح المشكلات للآخرين، ولديها إحساس بالبِر. أعطاني التفكير في هذا بعض العزم للتوقف عن اتباع وجهات نظري الخاطئة حول محاولة الظهور كإنسانة لطيفة، لكن كان عليّ أن أعيش بحسب حق كلام الله، وأن أسعى لكوني إنسانة صالحة حقًا.
قرأت مقطعًا من كلام الله منحني طريقًا للممارسة. يقول الله القدير، "ما يجب أن يجتهد الناس لتحقيقه هو أن يجعلوا كلام الله أساسهم والحقّ معيارهم؛ فعندئذٍ فقط يمكنهم العيش في النور والحياة كأُناس طبيعيين. إذا كنت ترغب في العيش في النور، فيجب أن تتصرَّف وفقًا للحقّ؛ وإذا كنت تريد أن تكون صادقًا، فيجب التحدُّث بكلماتٍ صادقة وعمل أفعالٍ صادقة. فقط مع مبادئ الحق يوجد أساس لسلوكك؛ فبمُجرَّد أن يفقد الناس مبادئ الحقّ ولا يُركِّزون إلّا على السلوك الجيِّد، يُؤدِّي هذا حتمًا إلى التزييف والتظاهر. وإذا لم يوجد مبدأ لسلوك الناس، فبصرف النظر عن مدى صلاح سلوكهم، فإنهم مراؤون؛ قد يتمكَّنون من خداع الآخرين لبعض الوقت، لكنهم لن يكونوا جديرين بالثقة أبدًا. ولن يكون لدى الناس أساس حقيقي إلّا عندما يعملون ويتصرَّفون وفقًا لكلام الله. وإذا لم يتصرَّفوا وفقًا لكلام الله ولم يُركِّزوا إلّا على التظاهر بالتصرُّف الجيِّد، فهل يمكن أن يصبحوا أناسًا صالحين نتيجةً لذلك؟ بالطبع لا. فالسلوك الجيِّد لا يمكنه تغيير جوهر الناس. والحقّ وكلام الله وحدهما يمكنهما تغيير شخصيَّات الناس وأفكارهم وآرائهم، ويمكن أن يصبحا حياة الناس. ... من الضروريّ أحيانًا الإشارة إلى أوجه القصور والنقائص والعيوب لدى الآخرين وانتقادها مباشرةً؛ فهذا مفيدٌ جدًّا للناس، ويُمثِّل مساعدةً حقيقيَّة لهم، وهو بنّاء بالنسبة إليهم، أليس كذلك؟ لنفترض مثلًا أنك عنيدٌ ومُتكبِّر بشكلٍ خاصّ. ولم تكن على درايةٍ بذلك قطّ، ولكن شخصًا يعرفك جيِّدًا يصارحك ويخبرك بالمشكلة. فتُفكِّر في نفسك قائلًا: "هل أنا عنيدٌ؟ هل أنا مُتكبِّر؟ لم يجرؤ شخصٌ آخر على إخباري، لكنه يفهمني. فتمكُّنه من قول شيءٍ كهذا يشير إلى أنه صحيحٌ حقًّا. ينبغي أن أقضي بعض الوقت مُتأمِّلًا في هذا". وبعد ذلك تقول للشخص: "لا يقول لي الآخرون سوى كلمات لطيفة، ويمدحونني، ولا أحد يتواصل معي من القلب بصراحة، ولم يشر أحدٌ إلى هذه النقائص والمشكلات بداخلي. وأنت وحدك تمكَّنت من إخباري والتواصل معي من القلب. لقد كان هذا رائعًا ومساعدةً هائلة لي". كان هذا تواصلًا من القلب، أليس كذلك؟ شيئًا فشيئًا، تواصل الشخص الآخر معك بما كان يدور في ذهنه، وبأفكاره عنك، وباختباراته حول كيف كانت لديه مفاهيم وتصوُّرات وسلبيَّة وضعف في هذا الأمر، فتمكَّن من الإفلات منها من خلال طلب الحقّ. وهذا هو معنى التواصل من القلب إلى القلب، فهو تواصل النفوس. وما هو، باختصار، المبدأ الكامن وراء الكلامٍ؟ إنه قول ما في قلبك والتحدُّث عن اختباراتك الحقيقيَّة وما تعتقده حقًّا. هذا الكلام هو الأكثر فائدةً للناس، فهو يرعى الناس ويساعدهم، وهو كلامٌ إيجابيّ. ارفض قول ذلك الكلام الزائف، ذلك الكلام الذي لا يفيد الناس ولا يبنيهم؛ فهذا سوف يتفادى إلحاق الأذى بهم، والتسبُّب في عثرتهم، وإغراقهم في السلبيَّة، وتكوُّن تأثيرٍ سلبيّ لديهم. ينبغي أن تقول أشياء إيجابيَّة. ينبغي أن تسعى جاهدًا لمساعدة الناس بقدر الإمكان لكي تنفعهم وترعاهم وتنتج فيهم إيمانًا حقيقيًّا بالله؛ وينبغي أن تسمح للناس بالحصول على المساعدة، وربح الكثير من اختباراتك لكلام الله والطريقة التي تحلّ بها المشكلات، وأن يتمكنوا من فهم مسار اختبار عمل الله والدخول إلى واقع الحقّ، ممَّا يسمح لهم بالدخول إلى الحياة وإنماء حياتهم. وهذا كلّه هو تأثير كلامك عندما تكون له مبادئ وعندما يعمل على بنيان الناس" (الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ما معنى السعي وراء الحق (3)). لقد وجدت مبادئ السلوك في كلام الله. يجب أن نكون أناسًا صادقين وفقًا لكلام الله. عندما نرى مشكلات الآخرين، يجب أن نشير إليها ونساعدهم، الأمر الذي يمكن أن يفيدهم. يجب أن ندعم عمل الكنيسة ونبني الآخرين. فور فهمي لهذا المسار؛ أردت أن أمارس الحق، لأكاشف الأخ كيفين وأثير قضاياه. كنت أعلم أن هذا كان ليتمكن من تصحيح موقفه تجاه واجبه، معرفة شخصيته الفاسدة وأوجه القصور في واجبه. كان ذلك لمساعدته. لذلك بحثت عنه، مستعدةً للتحدث معه عن مشكلاته. عندئذ فقط، شعرتُ ببعض القلق مجددًا بشأن كيفما سيفكر بي. لكنني فكرت في مدى عدم ممارستي للحق مؤخرًا، الأمر الذي كان يضر بعملنا، وشعرت بالذنب حقًا. علمت أن الله يفحص أفكاري وأفعالي وكان علي أن أكون صادقة. لا يجوز أن أحمي صورتي وأدير ظهري للحقيقة بعد الآن. أعطتني هذه الفكرة الشجاعة لأهمل شخصيتي الفاسدة، وأتحدث مع الأخ كيفين بصدق عن قضاياه. لدهشتي، سمعني واستطاع قبول الأمر، وقال: "لم أفهم بعض المبادئ بصورة كاملة. في المستقبل، من فضلك أخبريني عن أي مشكلات ترينها. يمكننا مساعدة بعضنا بعضًا والقيام بواجبنا معًا جيدًا". شعرت بسعادة غامرة لقوله هذا، وامتننت لله جدًا. شعرت أيضًا بالحرج والأسف لأنني لم أقم بممارسة الحق من قبل. إذا كنت قد طرحت هذا معه من قبل، لكان بإمكاننا تحسين نتائج عملنا سريعًا، وكان قد علم بشخصيته الفاسدة في وقت سابق. ثم أدركت بوضوخ أن ممارسة الحق تفيد الآخرين ونفسك وواجبك. الآن عندما أرى قضايا الإخوة والأخوات، أشير إليها استباقيًا، لأنني أعلم أن هذا ممارسة للحق، وهو يساعدهم. لقد اختبرت أن أيضًا العيش بحسب متطلبات الله، والقيام بالأشياء وفقًا لمبادئ الحق؛ هو السبيل الوحيد لممارسة الحق، وأن تكون صالحًا.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.