ماذا قصد الرب يسوع حقًا عندما قال على الصليب "قد أُكمل"؟

2021 سبتمبر 15

يؤمن المسيحيون بأنه عندما قال الرب يسوع "قد أُكمل" على الصليب، كان يقول إن عمل الله لخلاص البشرية قد اكتمل. لذا يشعر الجميع بيقين أن الرب عندما يعود، لن يكون لديه المزيد من عمل الخلاص، لكنه سيرفع كل المؤمنين إلى السماء لمقابلة الرب، ويأخذنا إلى الملكوت وينتهي الأمر. وهذا أمر يؤمن به المؤمنون بالرب إيمانًا راسخًا. لهذا السبب يحدق الكثيرون دائمًا في السماء، وينتظرون مكتوفي الأيدي أن يرفعهم الرب مباشرة إلى ملكوته. ولكن الآن حلت الكوارث العظيمة ولم ير معظم الناس عودة الرب، لذلك إيمانهم في تضاؤل مستمر ويشعرون بالإحباط. حتى أن الشكوك تساور البعض: هل كان وعد الرب حقيقيًا؟ هل يأتي أم لا؟ في الواقع، عاد الرب يسوع في الخفاء باعتباره ابن الإنسان منذ زمن بعيد، معبرًا عن الكثير من الحقائق وقائمًا بعمل الدينونة بدءًا من بيت الله. لكن معظم الناس لا يحاولون الاستماع إلى صوت الله أو السعي لسماع كلام الروح القدس للكنائس، وافترضوا طوال الوقت أن الرب يجب أن يأتي على سحابة ليأخذهم إلى السماء، لذا فقدوا فرصة الترحيب بالرب. سيندمون على ذلك مدى الحياة. قد يكون هذا مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بكيفية تفسير الناس لكلمات الرب يسوع على الصليب: "قد أٌكمل".

لنبدأ بهذا. لماذا يعتقد كثير من المؤمنين أن الرب يسوع عندما قال "قد أُكمل" كان يعني أن عمل الله لخلاص البشرية قد تم؟ هل هناك أي أساس كتابي لهذا؟ هل هذا يؤكده الروح القدس؟ هل قال الرب يومًا إنه لن يقوم بأي عمل آخر لخلاص البشرية؟ هل شهد الروح القدس بأن هذه الكلمات كانت تشير إلى استكمال الله لعمله الخلاصي؟ يمكننا أن نقول على وجه اليقين: لا. إذن، لماذا يعرّف الجميع هذه الكلمات التي قالها الرب يسوع على أنها تعني أن عمل الله الخلاصي اُنتهي منه تمامًا وقتها؟ هذه حماقة بعض الشيء، أليس كذلك؟ إن فهم كلام الله ليس بالمهمة السهلة. جاء في 2 بطرس 1: 20: "عَالِمِينَ هَذَا أَوَّلًا: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ ٱلْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ". إن عواقب تفسير الكتاب المقدس بنفسك خطيرة للغاية. فكِّر في الفريسيين؛ فقد فسروا بأنفسهم النبوات عن مجيء المسيا، ونتيجة لذلك، وجاء المسيا، ورأوا أن الرب يسوع لم يتناسب مع تفسيراتهم. لذلك أدانوا عمله وجعلوه حتى يُصلب. لقد واجهوا عواقب وخيمة للغاية. أدى هذا بشكل مباشر إلى أن يلعنهم الرب يسوع. لقد لُعنوا!

لذلك عندما قال الرب يسوع "قد أُكمل" على الصليب، ما الذي كان يتحدث عنه؟ إن فهم هذا يتطلب التفكير مليًا في نبوات الكتاب المقدس عن عودة الرب في الأيام الأخيرة، لا سيما الأشياء التي قال الرب يسوع شخصيًا إنه سيفعلها، وأمثاله عن ملكوت السموات. ترتبط هذه الأشياء ارتباطًا مباشرًا بعمله في الأيام الأخيرة. نحن بحاجة إلى فهم أساسي لهذه النبوات والأمثال حتى نفهم بشكل صحيح ما كان يتحدث عنه الرب يسوع حقًا عندما قال هذا على الصليب. حتى لو لم نفهمه تمامًا، فهذا ليس مبررًا للافتراض أنه كان يقصد أن عمل الله لخلاص البشرية قد تم بالكامل. هذا اعتقاد اعتباطي سخيف. في الواقع، إذا نظرنا بجدية إلى نبوات الرب يسوع وأمثاله عن ملكوت السماوات، يمكننا الحصول على فهم أساسي للملكوت وعمل الرب عند عودته. عندها لن نسيء تفسير قوله، "قد أُكمل". تنبأ الرب يسوع قائلًا: "إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لِأَقُولَ لَكُمْ، وَلَكِنْ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا ٱلْآنَ. وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ ٱلْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْحَقِّ" (يوحنا 16: 12-13). "وَإِنْ سَمِعَ أَحَدٌ كَلَامِي وَلَمْ يُؤْمِنْ فَأَنَا لَا أَدِينُهُ، لِأَنِّي لَمْ آتِ لِأَدِينَ ٱلْعَالَمَ بَلْ لِأُخَلِّصَ ٱلْعَالَمَ. مَنْ رَذَلَنِي وَلَمْ يَقْبَلْ كَلَامِي فَلَهُ مَنْ يَدِينُهُ. اَلْكَلَامُ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ هُوَ يَدِينُهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَخِيرِ" (يوحنا 12: 47-48). "لِأَنَّ ٱلْآبَ لَا يَدِينُ أَحَدًا، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ٱلدَّيْنُونَةِ لِلِٱبْنِ. ... وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا أَنْ يَدِينَ أَيْضًا، لِأَنَّهُ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ" (يوحنا 5: 22، 27). وفي رسالة بطرس الأولى مكتوب: "لِأَنَّهُ ٱلْوَقْتُ لِٱبْتِدَاءِ ٱلْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ ٱللهِ" (1 بطرس 4: 17). ونرى في سفر الرؤيا: "لَا تَبْكِ. هُوَذَا قَدْ غَلَبَ ٱلْأَسَدُ ٱلَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ دَاوُدَ، لِيَفْتَحَ ٱلسِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ ٱلسَّبْعَةَ" (رؤيا 5: 5). "مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ ٱلرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ" (رؤيا 2: 7). استخدم الرب يسوع أيضًا الكثير من الأمثال لوصف ملكوت السماوات، مثل: "أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ ٱلسَّمَاوَاتِ شَبَكَةً مَطْرُوحَةً فِي ٱلْبَحْرِ، وَجَامِعَةً مِنْ كُلِّ نَوْعٍ. فَلَمَّا ٱمْتَلَأَتْ أَصْعَدُوهَا عَلَى ٱلشَّاطِئِ، وَجَلَسُوا وَجَمَعُوا ٱلْجِيَادَ إِلَى أَوْعِيَةٍ، وَأَمَّا ٱلْأَرْدِيَاءُ فَطَرَحُوهَا خَارِجًا. هَكَذَا يَكُونُ فِي ٱنْقِضَاءِ ٱلْعَالَمِ: يَخْرُجُ ٱلْمَلَائِكَةُ وَيُفْرِزُونَ ٱلْأَشْرَارَ مِنْ بَيْنِ ٱلْأَبْرَارِ، وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ ٱلنَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ ٱلْبُكَاءُ وَصَرِيرُ ٱلْأَسْنَانِ" (متى 13: 47-50). يمكننا أن نرى من هذه النبوات والأمثال أن الرب يسوع قال إنه سيقوم بالكثير من العمل عندما يعود. لكن أهم جزء هو التعبير عن الحق والقيام بعمل الدينونة. سيقود هذا الناس للدخول في كل الحقائق وبعد ذلك فرز كل شيء حسب نوعه. أولئك الذين يمكن أن يُكمَّلوا سيكمَّلون، وأولئك الذين يجب إقصاءهم سيقصَون. هذا سيحقق تمامًا كل ما قاله الرب يسوع عن الملكوت. فكر في القمح والزوان، وفي شبكة الصيد، والعذارى الحكيمات والجاهلات، والخراف والجداء، والعبيد الصالحون والأشرار. وبدء عمل الدينونة ببيت الله سيُفصل القمح من الزوان، والعبيد الصالحون من الأشرار، وأولئك الذين يحبون الحق من الذين لا يتوقون إلا إلى الراحة. ستحضر العذارى الحكيمات وليمة عُرس الحمل ويكمّلهن الله. ماذا عن العذارى الجاهلات؟ سيسقطن في الكوارث، ويبكين ويصررن على أسنانهن، لأنهن لم يستمعن لصوت الله. هذا هو عمل الدينونة لفرز كل شيء وفقًا لنوعه، ومكافأة الأخيار ومجازاة الأشرار، وسيحقق هذا تمامًا نبوة سفر الرؤيا القائلة: "مَنْ يَظْلِمْ فَلْيَظْلِمْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ نَجِسٌ فَلْيَتَنَجَّسْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ بَارٌّ فَلْيَتَبَرَّرْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ مُقَدَّسٌ فَلْيَتَقَدَّسْ بَعْدُ" (رؤيا 22: 11). "وَهَا أَنَا آتِي سَرِيعًا وَأُجْرَتِي مَعِي لِأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ" (رؤيا 22: 12). عندما نفهم حقًا نبوات الرب يسوع، يمكننا أن نرى أن مجيء الرب في الأيام الأخيرة هو أساسًا للتعبير عن الحق والقيام بعمل الدينونة، وفرز الجميع بحسب نوعهم وتحديد عاقبتهم. لذلك هل يمكننا أن ندعي حقًا أنه عندما قال الرب يسوع "قد أُكمل" على الصليب، كان يقول إن عمل الله لخلاص البشرية قد انتهى؟ هل سنستمر في التحديق بحماقة إلى السماء، في انتظار أن ينزل الرب يسوع على سحابة ويأخذنا الى السماء للقائه؟ هل سنستمر في إدانة كل الحقائق التي عبر عنها الله عندما كان يعمل في الأيام الأخيرة؟ هل سننكر بوقاحة أن الرب قد عاد في الجسد في صورة ابن الإنسان ليقوم بعمل الدينونة في الأيام الأخيرة؟ لقد حلت الكوارث العظيمة بالفعل، والكثير من المتدينين لا يزالون ضائعين في حلمهم بعودة الرب، معتقدين أنه لن يستبعدهم أبدًا. حان وقت الاستيقاظ. إذا لم يستيقظوا، فبمجرد انتهاء الكوارث وظهور الله القدير علانية لجميع الناس، سيكون الله قد خلق السماء والأرض من جديد، وجميع هؤلاء الناس في العالم الديني سيبكون ويصرون على أسنانهم. وسيتمم هذا نبوة سفر الرؤيا القائلة: "هُوَذَا يَأْتِي مَعَ ٱلسَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَٱلَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ ٱلْأَرْضِ" (رؤيا 1: 7).

لا بد أن يسأل كثيرون عما قصده الرب يسوع حقًا عندما قال "قد أُكمل" على الصليب. إنه في الواقع بسيط للغاية. كانت كلمات الرب يسوع دائمًا عملية للغاية، لذلك عندما قال هذا، كان بالتأكيد يشير إلى عمله الفدائي. لكن الناس يصرون على فهم هذه الكلمات العملية من الرب على أنها عن عمل الله لخلاص الإنسان، لكن هذا اعتباطي تمامًا، لأن الله أكمل عمله لخلاص البشرية جزئيًا فقط. كانت لا تزال هناك الخطوة الأكثر أهمية؛ عمل دينونته في الأيام الأخيرة. لماذا تؤكدون على أن "قد أُكمل" تعني أن كل عمل الله الخلاصي قد تم؟ أليس هذا سخيفًا وغير معقول إلى حد ما؟ لماذا صُلب الرب يسوع في المقام الأول؟ ما الذي أنجزه فعليًا من خلال هذا؟ ماذا كانت العاقبة؟ كل المؤمنين يعرفون هذا، لأن هذا موثَّق بوضوح شديد في الكتاب المقدس. جاء الرب يسوع ليفدي البشرية. بصلبه، كان الرب يسوع ذبيحة خطية عن البشرية، إذ حمل خطايا الجميع حتى لا يعُد الناس مدانين ومستوجبين الموت بحسب الناموس. عندئذ يمكن أن تٌغفر خطايا الناس طالما آمنوا بالرب، وصلوا واعترفوا له، وأن يتمتعوا بنعمة هائلة من الله. هذا هو الخلاص بالنعمة. وهذا ما حققه عمل فداء الرب يسوع. رغم غفران خطايانا من خلال إيماننا، لا أحد يستطيع أن ينكر أننا ما زلنا لا يسعنا سوى أن نخطئ طوال الوقت. نحن نعيش في دائرة من الخطية والاعتراف والخطية مرة أخرى. لم ننج من الخطية على الإطلاق. ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أنه لا يزال لدينا طبيعة خاطئة، ولدينا شخصيات شيطانية، لذا لا يمكننا إصلاح مشكلة الاستمرار في الخطية بعد أن تُغفر خطايانا. هذا يترك جميع المؤمنين في حيرة. إنه شيء مؤلم للغاية. يقول كلام الله: "فَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لِأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ" (اللاويين 11: 45). إن الله بار وقدوس، فلا يقدر أي شخص نجس أن يراه. فكيف يمكن للأشخاص الذين يخطئون دائمًا ويقاومون الله أن يستحقوا دخول ملكوت الله؟ بما أن الناس لم يفلتوا من الخطية بالكامل ويطهروا، هل يمكن أن ينتهي عمل الله لخلاص البشرية حقًا؟ سيكون خلاص الله خلاصًا كاملًا؛ لن يتخلى عن عمله أبدًا في منتصف الطريق. لهذا تنبأ الرب يسوع عدة مرَّات بعودته. لقد عاد في الأيام الأخيرة، منذ فترة طويلة، في صورة الله القدير المتجسد. عبّر الله القدير عن الحقائق ليقوم بعمل الدينونة على أساس عمل الرب للفداء. هذا لتطهير البشرية من شخصياتنا الفاسدة حتى نتحرر من قيود الخطية. إنه لخلاصنا بالكامل من قوى الشيطان وفي نهاية المطاف دخولنا ملكوت الله. بعد اكتمال عمل دينونة الله القدير في الأيام الأخيرة ينتهي عمل الله لخلاص البشرية.

يقول الله القدير، "مع أن يسوع قام بالكثير من العمل بين البشر، فإنه لم يكمل سوى فداء الجنس البشري بأسره وصار ذبيحة خطية عن الإنسان، ولم يخلص الإنسان من شخصيته الفاسدة كلها. إن خلاص الإنسان من تأثير إبليس خلاصًا تامًّا لم يتطلّب من يسوع أن يحمل خطايا الإنسان كذبيحة خطية فحسب، بل تطلّب الأمر أيضًا عملًا ضخمًا من الله لكي يخلص الإنسان تمامًا من شخصيته التي أفسدها إبليس. ولذلك بعدما نال الإنسان غفران الخطايا عاد الله ليتجسَّد لكي ما يقود الإنسان إلى العصر الجديد، ويبدأ عمل التوبيخ والدينونة، وقد أتى هذا العمل بالإنسان إلى حالة أسمى. كل مَنْ يخضع لسيادة الله، سيتمتع بحق أعلى وينال بركات أعظم، ويحيا بحق في النور، ويحصل على الطريق والحق والحياة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تمهيد).

"من خلال عمل الدينونة والتوبيخ هذا، سيعرف الإنسان الجوهر الفاسد والدنس الموجود بداخله معرفًة كاملة، وسيكون قادرًا على التغير تمامًا والتطهُّر. بهذه الطريقة فقط يمكن للإنسان أن يستحق العودة أمام عرش الله. الهدف من كل العمل الذي يتم في الوقت الحاضر هو أن يصير الإنسان نقيًّا ويتغير؛ من خلال الدينونة والتوبيخ بالكلمة، وأيضًا التنقية، يمكن للإنسان أن يتخلَّص من فساده ويصير طاهرًا. بدلًا من اعتبار هذه المرحلة من العمل مرحلةَ خلاص، سيكون من الملائم أن نقول إنها عمل تطهير" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. سر التجسُّد (4)].

"إن غرض عمل الله في التوبيخ والدينونة في جوهره هو تطهير البشرية لأجل الراحة النهائية. دون هذا التطهير، لما أمكن لأحد من البشر أن يُفرز في فئات مختلفة حسب النوع أو يدخل الراحة. هذا العمل هو الطريق الوحيد للبشرية لدخول الراحة. وحده عمل الله في التطهير سوف يُطهِّر البشر من إثمهم، وعمله في التوبيخ والدينونة سوف يُخرج وحده تلك العناصر المتمردة بين البشر إلى النور، وبذلك يفصل أولئك الذين يمكن خلاصهم عن أولئك الذين لا يمكن خلاصهم، والذين سيبقون عن أولئك الذين لن يبقوا. عندما ينتهي هذا العمل، سيُطهَّر جميع الناس الذين يُسمح لهم بالبقاء وسيدخلون في حالة أسمى من البشرية يتمتعون فيها بحياة بشرية ثانية أكثر روعة على الأرض؛ بعبارة أخرى، سيبدؤون يوم راحتهم البشري ويوجدون مع الله. وبعد أن يكون قد أُخضع للتوبيخ والدينونة أولئك الذين لا يُسمح لهم بالبقاء، فسوف تُكشف طباعهم الحقيقية بالكامل؛ وبعدها سوف يُدمرون جميعًا ولن يُسمح لهم، مثل الشيطان، بالبقاء على الأرض مرة أخرى. لن تضم البشرية في المستقبل هذا النوع من الناس مجددًا؛ فمثل هؤلاء الناس لا يصلحون لدخول أرض الراحة النهائية، ولا يصلحون لأن يشاركوا يوم الراحة الذي سيتشارك فيه الله والبشرية، لأنهم يكونون عُرضة للعقاب وهم أشرار وأثمة. ... إن الغرض الكلي وراء عمل الله النهائي لمعاقبة الشر ومكافأة الخير هو تنقية جميع البشر تنقية تامة حتى يتمكَّن من إحضار بشرية مقدسة قداسة خالصة إلى راحة أبدية. هذه المرحلة من عمله هي أهم مرحلة. إنها المرحلة الأخيرة من عمله التدبيري الكامل" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الله والإنسان سيدخلان الراحة معًا).

كلام الله القدير واضح للغاية. في عصر النعمة، كان عمل الرب يسوع الفدائي مجرد غفران خطايا الإنسان. إن عمل دينونة الله القدير في الأيام الأخيرة هو الذي يطهِّر البشرية ويخلصها تمامًا. إن كلام الله القدير يدين طبيعة الإنسان المتمردة والمناهضة لله ويدين جوهره ويكشفهما، مما يسمح لنا بمعرفة شخصيتنا الشيطانية وفسادنا. يبين لنا هذا أننا مملوؤون بشخصيات شيطانية، مثل الغطرسة والمكر والشر دون أدنى شبه إنساني. هذه هي الطريقة الوحيدة ليرى الناس حقيقة مدى إفساد الشيطان الشديد لهم، لذا فهم يحتقرون أنفسهم بصدق ويندمون ندمًا حقيقيًا، ثم يتوبون إلى الله. ثم يرون كم أن الحق ثمين ويبدؤون في التركيز على ممارسة كلام الله والدخول في واقع الحق. هذا يسمح لهم بالتخلص تدريجيًا من شخصيتهم الفاسدة والبدء في التحول في شخصيتهم الحياتية، ويصبحون في النهاية قادرين على الخضوع لله واتقائه حقًا، والعيش بحسب كلامه. هكذا يمكن للناس أن يتخلصوا تمامًا من قوات الشيطان وأن يخلصهم الله بالكامل، عندئذ يمكن أن يحميهم الله وأن ينجوا من الكوارث العظيمة في الأيام الأخيرة، ويدخلوا العاقبة الجميلة التي أعدها الله للبشرية. هذا يتمم نبوءة سفر الرؤيا 21: 3-6 القائلة: "وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ ٱلسَّمَاءِ قَائِلًا: "هُوَذَا مَسْكَنُ ٱللهِ مَعَ ٱلنَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَٱللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلَهًا لَهُمْ. وَسَيَمْسَحُ ٱللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَٱلْمَوْتُ لَا يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلَا يَكُونُ حُزْنٌ وَلَا صُرَاخٌ وَلَا وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لِأَنَّ ٱلْأُمُورَ ٱلْأُولَى قَدْ مَضَتْ". وَقَالَ ٱلْجَالِسُ عَلَى ٱلْعَرْشِ: "هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!". وَقَالَ لِيَ: "ٱكْتُبْ: فَإِنَّ هَذِهِ ٱلْأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ". ثُمَّ قَالَ لِي: "قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ ٱلْأَلِفُ وَٱلْيَاءُ، ٱلْبِدَايَةُ وَٱلنِّهَايَةُ. أَنَا أُعْطِي ٱلْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ ٱلْحَيَاةِ مَجَّانًا". هنا يقول الله "قَدْ تَمَّ!". هذا يختلف تمامًا عما قاله الرب يسوع على الصليب: "قد أُكمل". هذان سياقان مختلفان، وعالمان مختلفان. عندما قال الرب يسوع "قد أُكمل" على الصليب، كان يتحدث عن إكمال عمله الفدائي. عبارة "قَدْ تَمَّ!" في سفر الرؤيا هي حديث الله عن إتمام عمله لخلاص البشرية بالكامل، عندما يكون مسكن الله مع الناس فإنه يحيا بينهم، ويكونون شعب ملكوته، حيث لن يكون هناك المزيد من الدموع والموت والكآبة. هذه هي السمة المميزة الوحيدة لإتمام الله لعمله الخلاصي.

في هذه المرحلة، يجب أن يكون واضحًا للجميع أن ادعاء أن كلام الرب يسوع على الصليب كان يقصد أن عمل الله في الخلاص قد تم يتناقض تمامًا مع واقع عمل الله وهو مجرد مفهوم إنساني. وهو تفسير خاطئ لكلام الرب، ومخادع ومضلل، ولا أحد يعرف كم من الناس خُدع به. أولئك الذين يتمسكون بهذا الأمر بشكل أعمى، فقط في انتظار ظهور الرب فجأة على سحابة حتى يرفعهم إلى الملكوت، وهم يرفضون طوال الوقت فحص الحقائق العديدة التي عبّر عنها الله القدير، سيفوّتون تمامًا فرصتهم في ملاقاة الرب. وبالطبع لن يهربوا من الخطية ويخلصوا بالكامل. عندئذٍ ستذهب حياة الإيمان هباءً، ولا بد لهم من الوقوع في كوارث وأن يقصيهم الله.

يقول الله القدير، "مسيح الأيام الأخيرة يهب الحياة، وطريق الحق الأبدي. هذا الحق هو الطريق الذي يستطيع الإنسان من خلاله أن يحصل على الحياة، وهو السبيل الوحيد الذي من خلاله يعرف الإنسانُ اللهَ ويتزكَّى منه. إن لم تَسْعَ نحو طريق الحياة الذي يقدمه مسيح الأيام الأخيرة، فلن تنال أبدًا تزكية يسوع، ولن تكون أهلًا لدخول ملكوت السموات، لأنك ستكون حينها ألعوبة وأسيرًا للتاريخ. أولئك الذين تتحكم فيهم الشرائع والحروف والذين يكبّلهم التاريخ لن يتمكّنوا مطلقًا من بلوغ الحياة ولن يستطيعوا الوصول إلى طريق الحياة الأبدي، فكل ما لديهم ليس إلا ماءً عكرًا تشبّثوا به لآلاف السنين، وليس ماء الحياة المتدفق من العرش. أولئك الذين لا يرويهم ماء الحياة سيبقون جثثًا إلى الأبد، ألعوبة للشيطان وأبناء للجحيم. كيف لهم حينذاك أن يعاينوا الله؟ لو كان كل ما تفعله هو محاولة التشبث بالماضي، والإبقاء على الأشياء كما هي بالوقوف جامدًا، وعدم محاولة تغيير الوضع الراهن وترك التاريخ، أفلا تكون دائمًا ضد الله؟ إن خطوات عمل الله هائلة وجبارة كالأمواج العاتية والرعود المُدوّية، لكنك في المقابل، تجلس وتنتظر الدمار دون أن تحرك ساكنًا، لا بل تتمسّك بحماقتك دون فعل شيء يُذكَر. بأي وجهٍ – وأنت على هذه الحال – يمكن اعتبارك شخصًا يقتفي أثر الحَمَل؟ كيف تبرر أن يكون الله الذي تتمسك به إلهًا متجدّدًا لا يشيخ مطلقًا؟ وكيف يمكن لكلمات كُتُبِكَ العتيقة أن تَعْبُر بك إلى عصرٍ جديدٍ؟ وكيف لها أن ترشدك في السعي نحو تتبّع عمل الله؟ وكيف لها أن ترتقي بك إلى السماء؟ ما تمسكه في يديك ليس إلا كلمات لا تستطيع أن تقدّم لك سوى عزاءٍ مؤقتٍ، وتفشل في إعطائك حقائق قادرة أن تمنحك الحياة. إن الكتب المقدسة التي تقرؤها لا تقدر إلا أن تجعلك فصيح اللسان، لكنها ليست كلمات فلسفية قادرة أن تساعدك على فهم الحياة البشرية، ناهيك عن فهم الطرق القادرة على الوصول بك إلى الكمال. ألا تعطيك هذه المفارقة سببًا للتأمّل؟ ألا تسمح لك بفهم الغوامض الموجودة فيها؟ هل تستطيع أن تقود نفسك بنفسك لتصل السماء حيث تلقى الله؟ هل تستطيع من دون مجيء الله أن تأخذ نفسك إلى السماء لتستمتع بسعادة العِشرَة معه؟ أما زلت تحلم حتى الآن؟ أشير عليك إذًا أن تنفض عنك أحلامك، وأن تنظر إلى مَنْ يعمل الآن، إلى مَنْ يقوم بعمل خلاص الإنسان في الأيام الأخيرة. وإن لم تفعل، فلن تصل مطلقًا إلى الحق ولن تنال الحياة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. وحده مسيح الأيام الأخيرة قادر أن يمنح الإنسان طريق الحياة الأبدية).

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

ما هو التجسُّد؟

نعرف جميعًا أن قبل ألفي عام، جاء الله إلى العالم متجسِّدًا كالرب يسوع، ليفدي البشر، ووعظ قائلًا: "تُوبُوا لِأَنَّهُ قَدِ ٱقْتَرَبَ...

اترك رد