عندما كنتُ في الثامنة عشر
يقول الله القدير، "ربما تتذكرون جميعكم هذه الكلمات: "لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا". كلكم قد سمعتم هذا القول في الماضي، لكن لا أحد منكم يفهم المعنى الحقيقي للكلمات. أما اليوم فتعرفون جيدًا أهميتها الحقيقية. هذه هي الكلمات التي سيحققها الله في الأيام الأخيرة، وستتحقق في أولئك المُبتلين بوحشية من التنين العظيم الأحمر في الأرض التي يقطنها. إنَّ التنين العظيم الأحمر يضطهِدُ اللهَ وهو عدوّه. لذلك يتعرّضُ المؤمنون بالله في هذه الأرض إلى الإذلال والاضطهاد. ولهذا السبب ستصبح هذه الكلمات حقيقة فيكم أيتها الجماعة من الناس. ... إنه لأمرٌ شاقٌ للغاية أنْ يقوم الله بتنفيذ عمله في أرض التنين العظيم الأحمر، لكنه يُتَمِّمَ من خلال هذه المعاناة مرحلةً من عمله ليُظهِرَ حكمته وأعماله العجيبة. إن الله ينتهزُ هذه الفرصة ليُكَمِّلَ هذه الجماعة من الناس" ("الكلمة يظهر في الجسد"). تذكرني هذه الفقرة من كلام الله بالمدة التي تعرضتُ فيها لاضطهاد الحزب الشيوعي الصيني منذ بضع سنوات.
كنا في أول الليل في أحد أيام أبريل 2017، وكنتُ في اجتماعٍ مع أختين عندما اقتحم المكان فجأة أكثر من 12 شرطيًا في ملابس مدنية. قبل أن أستوعب ما حدث، كان عدد منهم يضغطون علينا، ويأمروننا ألا نتحرك، بينما راح الباقون يقلبون المكان رأسًا على عقب، ولم يكد وقت يمر حتى كان المكان قد انقلب. كان المنظر أمامي مروعًا. كاد قلبي ينخلع، وكنتُ أصرخ إلى الله مرة ومرات. "يا الله! أنا مرتعبة، ولا أدري ماذا سيفعلون بنا بعد ذلك. أرجوك امنحني الإيمان والثقة حتى أقدم شهادة". وبعد الصلاة، جال في خاطري كلام الله: "يجب أن تعرف أن كل الأشياء الموجودة في كل ما يحيط بك موجودة بإذنٍ مني، أنا أدبرها جميعًا. لتر رؤية واضحة ولترض قلبي في المحيط الذي منحته لك. لا تخف، سيكون الله القدير رب الجنود بلا ريب معك؛ هو يحمي ظهركم وهو دِرعكم" ("الكلمة يظهر في الجسد"). منحني كلام الله الإيمان والشجاعة، وأيقنتُ أن الله بجانبي مهما حدث، وأنني طالما أتكل عليه، وأتطلع إليه، فسوف يكون معي. وما أن جال ذلك في خاطري حتى تلاشى شعور القلق أو الخوف الشديد.
حينئذٍ صفعتني ضابطة بوحشية بضع مرات، ثم اعتصرت ذقني، والتقطت صورتي. كما فتشونا وأخذوا كل ما معنا من أموال وأشياء ثمينة. بعد هذا أخدونا نحن الثلاثة إلى مكتب الأمن العام المحلي لاستجواب كل منا على حدة. صاحت فيَّ تلك الضابطة التي التقطت صورتي: "ماذا تفعلن في الكنيسة؟ مَنْ هو رئيس الكنيسة؟ هيا تكلمي!" ولما لم أجب، اعتصرت ذقني ساخطة بيدها اليسرى، ثم جذبتها إلى أعلى. ألمتني كثيرًا طريقة اعتصارها لذقني، وأجبرتني على الوقوف على أطراف أصابعي. ثم رفعت يدها اليمنى وكأنها ستضربني، وقالت متوعدة، "أحسني إلى نفسك وتكلمي، وإلا فلدينا طرق للتعامل معك!" نظرتها الشرسة جعلتني أشعر ببعض الخوف. لم أكن أدري كيف ستعذبني بعد ذلك، لذلك ناديت على الله بلجاجة، فوردت هذه الكلمات لله القدير على ذهني في ذلك الوقت: "الإيمان أشبه بجسرٍ خشبيّ مُشيَّد من جذع واحد، بحيث يجد الذين يتشبّثون بالحياة في وضاعةٍ صعوبةً في عبوره، أمّا أولئك المستعدون لبذل أنفسهم فيمكنهم المرور عليه واثقي الخطى من دون قلقٍ. إذا كانت لدى الإنسان أفكار جُبن وخوف، فلأن الشيطان قد خدعه؛ إذ يخشى الشيطان أن نعبر جسر الإيمان للوصول إلى الله" ("الكلمة يظهر في الجسد"). فأدركتُ أن أفكاري الجبانة المملوءة بالخوف إنما هي من خديعة الشيطان، وأن الشرطة أرادت أن تعذب جسدي، لتجعلني أخون الله، لأنني لن أقوى على احتمال الألم، وأبيع إخوتي وأخواتي. لم أنخدع بحيل الشيطان، وعقدت العزم على ألا أصبح يهوذا مهما عذبتني الشرطية، وعرفتُ أن حياتي وموتي هما في يديَّ الله، ولا يمكنهم أن يفعلوا بي شيئًا دون سماح من الله. بمجرد أن أدركت هذه الأمور، شعرتُ بهدوء شديد. بعد هذا، مهما اشتد اعتصارها لذقني وهي ترشقني بالسؤال تلو الآخر، لم أنبس ببنت شفة. حينئذٍ استدعاها ضابط آخر، فحصلت على استراحة أخيرًا.
نحو الثالثة من صباح اليوم التالي، اُقتِدتُ إلى الحجز المحلي. وما أن وُضِعتُ في الزنزانة، حتى أمرت ضابطة أخرى السجينات الأخريات بأن ينزعوا عني ملابسي، ثم جعلتني أضع يدي فوق رأسي وأستدير وأجلس القرفصاء أمام الجميع مرة ومرات. أُجبِرتُ على فعل ذلك حتى اكتفى الجميع، بينما وقفت السجينات جانبًا يسخرن مني. حينئذٍ أصبحت منزعجة وساخطة حقًا، وكنتُ أصرخ من داخلي، "لماذا تهينيني هكذا؟" لو لم أكن قد اختبرت ذلك بنفسي، لما صدقت أن أولئك المدعوين "شرطة الشعب" يمكنهم أن يأتوا أمرًا بهذه الخسة! ثم قالت الشرطية للسجينات: "إنها تؤمن بالله القدير، لذلك فهي هدف لحملة خطيرة تشنها الحكومة. احرصن على تعليمها القواعد جيدًا". من ذلك الوقت فصاعدًا، كانت السجينات يتنمرن علىَّ دائمًا، وكُنَّ تهينني لأهون سبب. أجبروني على فعل أقذر الأعمال كلها وأشقها، مثل غسل الصحون وكنس الأرضية ومسحها. بعد فترة حتى أصبح قدميَّ يؤلماني، وأُرهِقت، فإذا استرحتُ لبرهة أو أبطأتُ صرخوا فيَّ. والأسوأ من ذلك، أنهم في كل مرة تخالف إحدى السجينات قاعدة ما، يرجعون بالذنب علىَّ. لم يكن سبيل أمامي لأسأل عن السبب.
تعرضي لتنمر السجينات وإساءتهنَّ اللفظية مرارًا وتكرارًا جعلاني في غاية البؤس والضعف. لم تكن لديَّ أدنى فكرة متى ينتهي ذلك، وكنتُ في ليالٍ كثيرة أتكور تحت أغطيتي باكية في صمت. أكثرت من الصلاة إلى الله في تلك الأيام. ولما شارفت على نقطة الانكسار، ورد في ذهني كلام الله: "سيكون على كل واحد اليوم مواجهة تجارب مُرَّة، وإلا فإن قلبكم المُحبّ لي لن يقوى، ولن يكون لكم حب صادق نحوي. حتى وإن كانت مجرد ظروف بسيطة، فلا بُدَّ أن يمرّ كل واحد بها، إنها فحسب تتفاوت في الدرجة. التجارب بركة مني" ("الكلمة يظهر في الجسد"). أعي أن الله قد سمح لي بالوقوع في هذا المأزق، وأنه كان لتكميل إيماني ومحبتي لله كي لا أخونه في بيئة قاسية كتلك، ولعلي أتمكن من أن أقدم شهادة له وأن أخزي الشيطان. رجعت بذهني إلى وقتٍ كانت كل الأمور هادئة، وكنتُ أفيض بالإيمان لكنني الآن أكابد بعض الألم والذل، وأصبحتُ ضعيفة وسلبية. رأيت كم كان إيماني بالله ناقصًا. كنت رقيقة جدًا، مثل زهرة الدفيئة التي لا تقوى على احتمال القليل من الريح والمطر، لكن من خلال اجتياز تلك الشدائد، كمَّل الله إيماني، وكان ذلك نافعًا لحياتي. كان علىَّ أن أقدم شهادة لله وأن أرضيه.
بعد ذلك بأسبوع، استدعاني شرطي للاستجواب مرة أخرى، وقال لي أحد الضباط بأسلوب مَلِق: "إذا طاوعتينا وأخبرتينا بكل ما يتعلق بالكنيسة، فسوف نبذل قصارى جهدنا لنخرجك بسهولة. أنت صغيرة، وكان الأحرى بك أن تكوني خارجًا تستمتعين بشبابك. الأمر حقًا لا يستحق أن تبقي هنا وتعاني". قال ضابط آخر: "زملاء الدراسة وأصدقاؤك كلهم خارجًا يعملون من أجل تحقيق أحلامهم، وأنتِ حبيسة بسبب إيمانك بالله. ماذا سيكون رأيهم فيكِ إذا عرفوا ذلك؟" عندما سمعتهم، فكرت كم أنا أصغر من أن أكون بالسجن، وتساءلت عما إذا كان أصدقائي وأقاربي سوف يضحكون علىَّ إذا عرفوا. كلما فكرت في الأمر، زادت حيرتي، ثم أدركتُ أنني لم أكن في الحالة الصحيحة، لذلك أسرعت في الصراخ إلى الله: "يا الله، الشرطي يواصل إزعاجي، ولا أريد أن أخونك وأكون كيهوذا. أرجوك احمِ قلبي، أرجوك ارشدني..." ثم بدرت إلى ذهني هذه الفقرة من كلام الله: "في كل وقت يجب أن ينتبه شعبي إلى خطط الشيطان الماكرة، ... وهذا سيحول بينكم وبين السقوط في براثن الشيطان، الذي لو حدث سيكون قد فات أوان الندم" ("الكلمة يظهر في الجسد"). جاء كلام الله في حينه ليذكرني بأن الشرطيين كانا يخادعاني في حديثهما عن مستقبلي؛ فهم في واقع الأمر كانا يبتغيان تضليلي ليحملاني على خيانة الله وبيع إخوتي وأخواتي. كانا أشرارًا للغاية. ما إن جاءني هذا الفكر حتى قلتُ بثباتٍ: أنا مؤمنة على الطريق القويم في الحياة. مهما قلتما، فلن أخن الله". فصُعِقَ الضابطان. لم تنجح حيلتهما، فظهر وجههما الشرير. قال أحدهما لي مهددًا: "يبدو أنك طويلة اللسان رغم صغر سنك. أحذرك، فبوسعنا أن نلفق لك أي تهمة قديمة للحكم عليك بـ8 أو 10 سنوات، أو حتى بـ15 سنة. أنتِ في الـ18 من عمرك؛ لذلك فسوف تمضين جُل شبابك في السجن!" فكرتُ في نفسي: "مهما كان عدد سنوات الحكم، أنا أتكل على الله، وأقدم شهادة من أجله. لن أنحنِ للشيطان".
ظننتُ أنهما قد استنفدا منهج الثواب والعقاب، وسوف يكفان عن استجوابي. لم أتصور أنهما سيجربان أمرًا أشد مكرًا. في أحد الأيام أواخر مايو، اقتادني الضابط إلى حجرة استجواب، وقال: "استعلمنا في مدرسة أخيكِ الصغير، ووجدنا أنه يبلي بلاءً حسنًا. أخبرينا عما تعرفين، حينئذٍ يمكنك العودة إلى منزلك سريعًا، لتكوني مع أسرتك. ألا تفتقدين أخاكِ؟" تألمت عندما سمعتُ ذلك. فقد كنتُ أنا وأخي متحابين منذ أن كنا صغارً، لكنني ظللت لسنواتٍ دائمة التنقل خشية الوقوع في يد الحزب الشيوعي الصيني، ولم أتمكن من رؤيته. لم تكن لديَّ أدنى فكرة عن حاله. قالوا أيضًا إن والدي قد سجل مقطع فيديو منذ بضعة أيام، ثم وضعوا هاتفًا جوالاً أمامي وقاموا بتشغيله. رأيتُ والدي جالسًا عديم الحركة، وملابسه مجعدة، ويبدو أكبر من سنه. قال للكاميرا: "عودي يا (شويا). نحن جميعًا نفتقدك". أدار الشرطي المقطع عدة مرات، فلم أتمالك نفسي من البكاء وأنا أشاهد أبي في الفيديو. قال أحد الشرطيين بتملق: "حتى وإن كنتِ لا تفكرين في نفسك، فكري في أسرتك! إذا كنتِ ماضية في إيمانك بالله، لن تمضي الوقت في السجن فحسب، بل إن أسرتك أيضًا سوف تنجر. حتى لو اجتاز أخوكِ اختبار دخول الكلية، لن تسمح له أي كلية بالالتحاق بها، ولن يتمكن من العثور على وظيفة جيدة. بل إن أولاده أيضًا سوف يتورطون. الأحرى بك إعادة التفكير في الأمر". انزعجت حقًا عندما سمعت ذلك. كنت أصلي إلى الله دون انقطاع: "يا الله! مشاعري ممزقة، وأشعر بالوهن. أرجوك احمِ قلبي حتى لا أتبع عاطفة الجسد، وأتمكن من الشهادة لك". وتذكرت بعد صلاتي هذه الفقرة من كلام الله: "ينبغي أن تكون شجاعتي في داخلكم، وينبغي أن تكون لديكم مبادئ عندما تواجهون أقرباء غير مؤمنين. لكن لأجلي، يجب ألا ترضخوا لأيٍّ من قوى الظلمة. اعتمدوا على حكمتي في سلوك المسلك القويم، ولا تسمحوا لمؤامرات الشيطان بالسيطرة" ("الكلمة يظهر في الجسد"). هدأني كلام الله رويدًا رويدًا. علم الشيطان قوة مشاعري تجاه أبي وأخي، وأنني لن أتخلى عنهما؛ لذلك فقد لعب على وتر مشاعري ومستقبل أسرتي لتهديدي كي يحملني على خيانة الله لأكون كيهوذا. كان الشرطيان ماكرين جدًا! إذا اتبعتُ الشيطان وخنت الله، فحتى لو أُطلِقت وأمكنني أن أكون في معية أسرتي، فسوف أظل نادمة على ذلك طيلة حياتي. ثم فكرت كيف أنَّ كل الأشياء في يدي الله؛ لذلك فالله هو المسيطر على مستقبل أخي والمرتب له؛ وهكذا خاب ظن شياطين الحزب الشيوعي الصيني. حينئذٍ صليتُ إلى الله في صمت. وأودعت أسرتي في رعاية الله، وأصبحت متأهبة للخضوع لترتيباته. جاوبت قائلة: "ليس لديَّ شيء أقوله!" وهنا ضرب الضابط الطاولة غاضبًا وصرخ: "إذا ظللتِ على عنادك، فلا تلومينا إذا تخلينا عن أخلاقنا! لا تظني أن جعبتنا قد فرغت من الحيل، في ضوء ما ضبطناه عند اعتقالك فقط، نستطيع أن نعتقل والديك، ونحبسهما من 3 إلى 5 سنوات، لنرى حينئذٍ حال أخيك في المنزل وحيدًا!" أثار سماع ذلك حنقي. لم يكتفِ الحزب باستخدام أساليب التعذيب ليحملوني على خيانة الله، وبيع إخوتي وأخواتي، لكنهم حاولوا إرغامي عن طريق تهديدي بمستقبل أسرتي وسلامتها. عندما يؤمن أحد بالله في الصين، تتعرض أسرته بأكملها لاضطهاد الحزب الشيوعي الصيني. احتقرتُ تلك الزمرة من الشياطين، وعقدتُ العزم على ألا أسمح بنجاح حيلهم. جاء ردي بعد ذلك قاطعًا: "أؤمن أن كل الأمور في يديَّ الله، ولن تحملوني على خيانته!" ضرب الشرطي الطاولة مرة أخرى غاضبًا، ثم استدار وانصرف.
في صبيحة أحد الأيام في أواخر مايو، جاءت إحدى الشرطيات، وأطلقت سراحي. استغربتُ الأمر. بعد ذلك اقتادتني شرطي إلى قسم الشرطة المحلي. وبينما أنا متحيرة من الأمر، رأيتُ أبي وجدي ينظران إلىَّ مترقبين بينما تنحى الشرطي جانبًا وهو يرقبني. فأيقنت أنهم لن يدعوني أذهب هكذا بسهولة، لكنني لم أدري خطتهم. حينئذٍ قال لي رئيس القسم: "وقعي هذا التعهد، وسوف نتركك تذهبين إلى منزلك وتكوني مع أسرتك". قرأت المستند، فوجدته يقول: "أتعهد بعدم الإيمان بالله بعد الآن، وعدم الاتصال بأي من أعضاء كنيسة الله القدير. وبأنني لن أقوم بأمر نيابة عن الكنيسة، ولن أتقدم بأي مستند يتعلق بالهجرة إلى الخارج في غضون السنوات الثلاثة المقبلة. ألتزم أيضًا بالحضور إلى مقر الشرطة فور استدعائي أثناء مدة إطلاق السراح بكفالة، وهي سنة واحدة". كان الحزب الشيوعي الصيني يحاول إجباري على خيانة الله، وقطع كل علاقتي بالكنيسة. كنت غاية في الحنق، ورفضت التوقيع مطلقًا. بعد أن رأوا كَم كنت عازمة، هددني أحد الضباط وقال: "إن لم توقعي هذا، فسوف يُحكَم عليكِ بالسجن، وتقضين بعض الوقت في السجن!" اضطرب والدي وجدي عندما سمعوا ذلك، وحثوني على الإسراع والتوقيع. وقالوا إنهم دفعوا مبلغًا من المال، وتعبوا حتى يجعلوا معارفهم يخرجوني بكفالة لحين المحاكمة، وسوف أتمكن من العودة إلى المنزل لو كتبتُ اسمي فقط على ذلك الخطاب. لم يكونوا يدرون أن التوقيع عليه يعني إنكاري لله وخيانته أمام الشيطان، وخسارة شهادتي. بدأت أبكي تحت كل هذه الضغوط من الشرطة ومن أسرتي. وكنت مضطربة داخليًا. فكرتُ: "إن لم أوقع، فمن يدري كَمْ من الوقت سأُسجَن. أما إذا وقعت، فسوف أخون الله!" صليتُ بسرعة في قلبي فخطرت إليَّ كلمات الله هذه: "أرجو أن يحمل الناس شهادة قوية ومدوية لي أمام التنين الأحمر العظيم، بحيث يمكنهم أن يهبوا أنفسهم لي للمرة الأخيرة، وأن يفوا بمتطلباتي مرة أخيرة. أيمكنكم حقاً أن تفعلوا هذا؟" ("الكلمة يظهر في الجسد"). خجلت أمام مطلب الله. كنتُ لا أزال أهتم بجسدي ومستقبلي بدلاً من إرضاء الله. كذلك أدركت أن مطالبة أسرتي لي بالتوقيع وإنكار إيماني لم يكن سوى واحدة من ألاعيب الحزب. كان إيماني صحيح وسليم، وكنتُ على الدرب القويم في الحياة. لم أستطع التخلي عن الطريق الحقيقي وخيانة الله بسبب تهديد الحزب لي، وضغط أسرتي علىَّ. لن أوقع على ذلك الخطاب مطلقًا. وهنا قلتُ بكل ثبات: "لن تحملوني على ترك إيماني. يمكنكم أن تتخلوا عن هذه الفكرة!" استشاط الشرطي غضبًا، لكن يداه كانتا مكبلتين، وقالوا في النهاية إنني حصلتَ على إطلاق السراح بكفالة، لكن إذا اكتشفوا أنني ما زلت أمارس إيماني، فسوف يعتقلونني، وسيوقع عليَّ حكمًا قاسيًا.
عُدْتُ إلى البيت، لكنَّ الحزب الشيوعي الصيني لم يتركني مطلقًا ففي أحد الأيام في أواخر يونيو 2017، حضرت الشرطة في صحبة محامٍ إلى بيتي وحاولوا إخضاعي لغسل مخ. فقال إن حرية الديانة في الصين ليست إلا استعراضًا أمام الأجانب، وإننا في الصين يجب أن نصغِ إلى الحزب الشيوعي. كذلك قال: "عندما يقول الحزب "اقفز"، نقول "بأي ارتفاع؟"، وإذا قال لا تؤمن، فلا تؤمن، وإلا فسوف تنال ما تستحق". أحنقني هذا. يحاول الحزب بكل السبل أن يجعلنا نتخلى عن إيماننا، ولا يملك المسيحيون في الصين سبيلاً للهروب مطلقًا! وردت إلى ذهني فقرة من كلام الله أود أن أقرأها مع الجميع. "الحرية الدينية؟ حقوق المواطنين المشروعة ومصالحهم؟ كلها حيلٌ للتستّر على الخطيئة! ... لماذا تضع مثل هذه العقبة المنيعة أمام عمل الله؟ لماذا تستخدم مختلف الحيل لخداع شعب الله؟ أين هي الحرية الحقيقية والحقوق والمصالح المشروعة؟ أين العدل؟ أين الراحة؟ أين المودّة؟ لماذا تستخدم حيلاً مختلفة لتخدع شعب الله؟ لماذا تستخدم القوّة لتعيق مجيء الله؟ لماذا لا تسمح لله أن يجول بحرية في الأرض التي خلقها؟ لماذا تطارد الله حتى لا يجد مكانًا يسند فيه رأسه؟ أين المودّة بين البشر؟" ("الكلمة يظهر في الجسد"). ساعدني كلام الله هذا على استبيان الجوهر الشرير لحكومة الحزب الشيوعي. لم يكن الحزب سوى روح شيطاني يكره الحق ويقاوم الله. كلما ازدادوا وحشية في اضطهادي، ازددت رغبة في التخلي عن كل شيء واتباع الله حتى المنتهى! ترددت الشرطة على بيتي بعد ذلك عدة مرات في محاولة لغسل مخي، وجعلوا كوادر القرية يلحون علىَّ من أجل التخلي عن إيماني. كذلك جعلوا أسرتي تحثني على كتابة إقرار توبة وخيانة الله. لكنني تمكنت بإرشاد من كلام الله من اجتياز كل الهجمات والإغراءات من جانب الحزب الشيوعي الصيني، وتقديم شهادة.
رغم معاناتي بدنيًا من اعتقالي واضطهادي من جانب الحزب الشيوعي الصيني، فقد اكتسبتُ القدرة على التمييز التي مكنتني من رؤية الجوهر الشرير للحزب الشيوعي الصيني، ووجهه الشيطاني المقاوم لله. جحدته ورفضته من أعماق قلبي. أرشدني كلام الله وسط الاضطهاد والمِحَن إلى الانتصار على حيل الشيطان، ومنحني كلامه الإيمان والقوة لأتغلب على ضعفي الجسدي وأشهد له. لقد اختبرتُ شخصيًا سلطان كلام الله وعظمته، وأصبح لدىَّ إيمان أكثر من قبل لاتباع الله القدير!
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.