لماذا أصبحت متعجرفة للغاية وبارة في عيني ذاتي

2023 فبراير 5

في 2017، رتبت لي الكنيسة القيام بسقاية الوافدين الجدد الأجانب. كنت أمتلك بعض الخبرة في لغة أجنبية، وقمت بسقاية الوافدين الجدد من قبل، لم أعتقد أن هذه المهمة ستكون صعبة للغاية. لكني عرفت أن القيام بواجبي في الكنيسة لا يتعلق بامتلاك مهارات خاصة فقط. فكان يجب أيضًا أن أفهم الحق، وأتصرف حسب المبادئ. لذلك، بداية، كنت متواضعة تمامًا. كنت أذكر نفسي دومًا بالصلاة كثيرًا والاتكال على الله عندما تحدث الأمور، وعندما لا أفهم الأمور، أستشير الآخرين وأسعى للحق معهم. وبعد فترة، رأيت عملي يثمر بعض النتائج. بدأ بعض الوافدين الجدد الذين لم يحضروا الاجتماعات بانتظام، الحضور بنشاط، وأصبحوا مستعدين لأداء واجباتهم. دربت أيضًا بعض الوافدين الجدد الذين أصبحوا قادة في الكنيسة وقادة للمجموعات. وأسعدني هذا جدًا، وشعرت بأني أمتلك بعض الموهبة في هذا العمل. لاحقًا، أصبح كل مَن يواجه مشكلة صعبة يأتي ليتواصل معي وغالبًا ما كانوا يقبلون الآراء التي أطرحها. وبالتدريج، بدأت أعجب بنفسي. وشعرت بأنني في اللغة الأجنبية وفي السقاية أكثر أفراد المجموعة كفاءة. بعدها بوقت قصير، اُنتخبت مشرفة، وزاد هذا من اعتقادي بأنني أمتلك مقدرة عقلية وقدرات عملية استثنائية. ودون أن أدرك، بدأت أصبح متعجرفة. ومهما كانت نوعية المشكلات الناشئة، أصبحت أعتقد أنها بسيطة، وأشرع مباشرة في فعل ما أراه الأفضل. لم أصلِّ ولم أسع للحق، ولم أستشر الآخرين. ذات مرة، كانت هناك مشكلة في عملنا، وقالت الأخت شريكتي إنها تريد السعي للمبادئ. كنت متكبرة جدًّا، وقلت لها بتجهم: "إنها مشكلة بسيطة. أنتِ بحاجة إلى التأمل قليلًا فحسب، وسوف تكتشفين الحل. طلب المبادئ شيء غير ضروري، أليس كذلك؟" بعد ذلك، تحدثت معي بحذر شديد. خلال ذلك الوقت، قال بعض الإخوة إنني متعجرفة جدًّا، لكني لم أهتم مطلقًا. شعرت بأنني متعجرفة قليلًا، لكن لكل فرد مشكلته. علاوة على ذلك، كيف يستطيع شخص يمتلك مقدرة عقلية ألا يصبح متعجرفًا؟ لم أعتقد أنها مشكلة كبيرة. وذات مرة، أردت من وافدة جديدة الممارسة كقائدة لمجموعة. اعتقدت قائدتي أن هذه الوافدة الجديدة آمنت منذ وقت قصير جدًّا، ولا تملك أساسًا قويًّا، ولا تستطيع أداء المهمة. عارضتها بشدة، وفكرت: "لا يهم أنك القائدة، أنتِ لا تفهمين الوافدة الجديدة جيدًا مثلي. إن شعرت بالكثير من المخاوف مثلك، فمتى سننهي تدريب الوافدين الجدد؟" بحثت عن جميع الأسباب لتفنيد فكرة القائدة. بعد ذلك، رُقيت الوافدة الجديدة مباشرة إلى قائدة مجموعة. لم يمض وقت طويل حتى شعرت بأن الوظيفة مرهقة للغاية، وأصبحت سلبية، وكادت تستقيل من واجبها. في ذلك الوقت، كنت حزينة جدًا. وندمت على عدم الاستماع لنصيحة قائدتي. لكني فكرت بعد ذلك: "لا أحد مثالي، مَن ذا الذي يؤدي واجبه بدون انحرافات؟ سأحاول القيام بشيء أفضل المرة القادمة فحسب". بعد ذلك، كشفتني قائدتي أيضًا، وتعاملت معي لعجرفتي الشديدة، وقالت إنه من الخطير أن أتصرف هكذا. عندئذ، شعرت ببعض الانزعاج لسماع هذا، لكني لم أكن أعرف نفسي.

لاحقًا، عملت أنا وجيسي معًا في الإشراف على عمل الكنيسة. كانت أكثر حذرًا وجدية في عملها، وتركز على السعي لمبادئ الحق. وعندما نتناقش ونتخذ قرارات حول العمل، كانت تدرس الأمور وتتأكد منها قبل أن تقرر. رغم ذلك، اعتقدت أنها ليست فعالة بما يكفي، لذلك بدأت أحتقرها. بعد ذلك، اتخذت معظم القرارات بمفردي، ولم آخذها بجدية على الإطلاق. ذات مرة، احتاجت الكنيسة إلى شراء بعض الأشياء، ولأن هذا يتضمن عرضًا للنفقات، أخبرتني قائدتي مرارًا أن أناقش الأمر مع شريكتي. فوعدتها بأن أفعل، لكني فكرت: "هذه الأشياء ليست صعبة للغاية، ولقد فعلتها من قبل. أستطيع أن افعل هذا بمفردي. لماذا أحتاج إلى شريكتي؟" عندما أرسلت شريكتي رسالة تسألني عن بعض التفاصيل عن مشترياتي، أجبت دون تفكير أنني اتخذت الترتيبات اللازمة وأنه لا داعي لأن تقلق حيال أي شيء. وكانت النتيجة أن الأشياء التي اشتريتها لم تكن مطابقة للمعايير، وأهدرت العروض. عندئذ، شعرت بالذعر. أدركت أن إهدار العروض تعد جسيم. شعرت بأن حملًا ثقيلًا يضغط على قلبي، ولم أستطع التنفس. غالبًا ما بكيت في السر، وأصبح كل يوم يثير إحباطي وألمي. ازدادت حالتي سوءًا، وأصبح واجبي أكثر صعوبة، ولم أستطع رؤية العديد من المشكلات بوضوح.

لاحقًا، عقدت القائدة شركة معي، وكشفتني وتعاملت معي، وقالت إن شخصيتي متعجرفة للغاية وأنني بارة في عيني ذاتي، وأتصرف باستبداد في واجبي، وأنني لا أتعاون مع الآخرين، ولا أستمع لاقتراحاتهم، وأنني لا أصلح لأكون مشرفة. وبعد إعفائي، شعرت بالبؤس. صليت إلى الله: "إلهي، لا أعرف كيف انحدرت إلى هذا المستوى. أعرف أن مشيئتك وراء إعفائي، لكني لا أعرف سبب فشلي. أرجو أن تنيرني وتساعدني على أن أتأمل نفسي بشكل صحيح". خلال عبادتي، شاهدت فيديو لكلام الله. "بعض الناس لا يسعون للحق أبدًا أثناء أداء واجبهم. إنهم لا يفعلون إلا ما يحلو لهم، ويتصرفون بعناد وفقًا لتصوراتهم الخاصة، وهم دائمًا متعسفون ومتهورون، ومن الواضح أنهم لا يسيرون في طريق ممارسة الحق. ماذا يعني أن تكون "متعسفًا ومتهورًا"؟ يعني ذلك، أن تتصرف بالطريقة التي تراها مناسبة، عندما تواجه مشكلة، دون أي عملية تفكير أو أي عملية بحث. فلا شيء يقوله أي شخص آخر يمكن أن يلمس قلبك أو يغير رأيك. ولا يمكنك حتى قبول الحق عند مشاركته معك، إذ تتمسك بآرائك الخاصة، ولا تنصت عندما يقول الناس الآخرون أي شيء صحيح؛ حيث تؤمن بأنك على حق، وتتشبث بأفكارك الخاصة. حتى إن كان تفكيرك صحيحًا، فيجب أن تأخذ آراء الآخرين بعين الاعتبار أيضًا، أليس كذلك؟ وإذا لم تفعل ذلك على الإطلاق، ألا يعني هذا أنك معتدّ للغاية ببرّك الذاتيّ؟ ليس من السهل على الناس الذين يتصفون بالاعتداد بالبر الذاتي والعصيان الشديدين أن يقبلوا الحق. ... إذا كان موقفك هو الإصرار العنيد، وإنكار الحقّ، ورفض اقتراحات أيّ شخصٍ آخر، وعدم طلب الحقّ، وعدم الثقة إلّا بنفسك، وعدم فعل إلّا ما تريد – إذا كان هذا هو موقفك بصرف النظر عمَّا يفعله الله أو يطلبه – فما ردّ فعل الله إذًا؟ الله لا يكترث بك ويضعك على الهامش. ألست عاصيًا؟ ألست مُتكبِّرًا؟ ألا تعتقد دائمًا بأنك على صوابٍ؟ إذا كنت خاليًا من الطاعة، ولم تسعَ قطّ، وكان قلبك مغلقًا تمامًا ومقاومًا لله، فإن الله لا يكترث بك. لماذا لا يكترث الله بك؟ لأنه إذا كان قلبك مغلقًا على الله، فهل يمكنك قبول استنارة الله؟ هل تشعر عندما يُوبِّخك الله؟ وعندما يكون الناس عنيدين، وعندما تكون طبيعتهم الشيطانيَّة والبربريَّة في مرحلة نشاطٍ، فإنهم لا يشعرون بأيّ شيءٍ يفعله الله ويكون هذا كلّه بلا جدوى؛ وهكذا فإن الله لا يعمل عملًا عديم الفائدة. إذا كان لديك هذا النوع من الموقف العدائيّ العنيد، فإن كلّ ما يفعله الله هو أن يبقى مخفيًّا عنك، فالله لن يعمل أشياء لا لزوم لها. وعندما تكون معاديًا عنيدًا وبمثل هذا الانغلاق، فلن يفعل الله أبدًا أيّ شيءٍ فيك بالإجبار أو يفرض عليك أيّ شيءٍ، ولن يستمرّ أبدًا في محاولة التأثير عليك وتنويرك مرارًا وتكرارًا – فالله لا يعمل بهذه الطريقة. لماذا لا يعمل الله هكذا؟ السبب الرئيسيّ هو أن الله رأى نوعًا مُعيَّنًا من الشخصيَّة فيك، وهي شخصيَّة بهيميَّة سئمت الحقّ ومنغلقة على المنطق. وهل تعتقد أن الناس يمكن أن يسيطروا على حيوانٍ بريّ عندما تكون بهيميَّته في مرحلة نشاطٍ؟ هل الصياح والصراخ فيه ينفع؟ وهل يفيد استخدام المنطق معه أو توفير الراحة له؟ هل يجرؤ الناس على الاقتراب منه؟ توجد طريقةٌ جيِّدة لوصف هذا: أنه منغلقٌ على المنطق. عندما تكون بهيميَّة الناس في مرحلة نشاطٍ ويكونون منغلقين على المنطق، ماذا يفعل الله؟ لا يكترث الله بهم. ما الذي يجب أن يقوله الله لك أكثر من ذلك عندما تكون منغلقًا على المنطق؟ لا جدوى من قول المزيد. وعندما لا يكترث الله بك، هل تنال البركة أم أنك تعاني؟ هل تربح شيئًا من المنفعة أم أنك تعاني من خسارةٍ؟ سوف تعاني بلا شكٍّ من الخسارة. ومن تسبَّب في هذا؟ (لقد تسبَّبنا في ذلك). لقد تسبَّبت أنت فيه. لم يجبرك أحدٌ على التصرُّف هكذا، ومع ذلك ما زلت تشعر بالضيق. ألم تجلب هذا على نفسك؟ الله لا يكترث بك، ولا يمكنك أن تشعر بالله، وتوجد ظلمةٌ في قلبك، وحياتك مُعرَّضةٌ للخطر – وقد جلبت هذا على نفسك وتستحقّ ذلك!" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). كشف كلام الله حالتي، خاصة عندما يقول: "ألست عاصيًا؟ ألست مُتكبِّرًا؟ ألا تعتقد دائمًا بأنك على صوابٍ؟ إذا كنت خاليًا من الطاعة، ولم تسعَ قطّ، وكان قلبك مغلقًا تمامًا ومقاومًا لله، فإن الله لا يكترث بك". "الله لا يكترث بك، ولا يمكنك أن تشعر بالله، وتوجد ظلمةٌ في قلبك، وحياتك مُعرَّضةٌ للخطر – وقد جلبت هذا على نفسك وتستحقّ ذلك!" حركت قراءة هذا الكلام مشاعري، وكأن الله كشفني وجهًا لوجه. كنت أؤدي واجبي بعجرفة واستبداد. لأنني كنت أفهم لغة أجنبية وأؤدي هذا الواجب ببعض الفعالية، اعتقدت أنني أمتلك مقدرة وقدرات جيدة. عندما تم اختياري مشرفة، اعتقدت أنني بارعة جدًّا، لذلك بدأت أزدري الآخرين وأحتقرهم، ولم أعد آخذ أي واحد على محمل الجد. وعندما واجهت مشكلات في عملي، نادرًا ما ناقشتها مع الآخرين، وفعلت ما أردت. وعندما قدم إخوتي وأخواتي اقتراحات مختلفة، لم أتلقاها من الله. بل كان سلوكي: "هل تفهمون هذا أفضل مني؟" وحتى لو كان ما يقوله الآخرون صحيحًا، لم أقبله. بل عارضته ورفضته وفندته بكل أنواع الحجج. ونتيجة لذلك، أصبح كل شيء يتم حسب طريقتي، وهذا يعني أن الإخوة والأخوات أصبحوا مقيدين. أصبحوا يخشون دائمًا ما سأعتقده، ولم يستطيعوا التوافق معي بشكل طبيعي. لكن حتى في ذلك الحين، لم أتأمل في نفسي. عندما كنت مسؤولة عن عمل الكنيسة، تصرفت باستبداد وبدون مبادئ، ما تسبب في إهدار العروض. كانت شخصيتي متعجرفة للغاية. ومهما قال الآخرون، لم أستمع إليهم. كنت غير منطقية مثل حمار عنيد. كان سلوكي وتوجهي يثير اشمئزاز الله، ولم أستطع فهم عمل الروح القدس على الإطلاق. كان كل ما أفعله يسبب الاضطراب والتعطل. عندما رأيت الشر الذي ارتكبته، لم أرغب في شيء سوى أن أصفع نفسي. كرهت نفسي لكوني بارة في عيني ذاتي. لماذا لم أستمع لنصائح الآخرين؟ والآن وقعت العواقب، ولم يُفد الندم.

لاحقًا، بدأت أركز على تأمل مشكلاتي. وبينما كنت أسعى للحق، قرأت بعض كلام الله الذي منحني فهمًا جديدًا لنفسي. يقول الله القدير، "الكبرياء والبرّ الذاتيّ هما الشخصيَّة الشيطانيَّة الأوضح للناس، وإذا لم يقبلوا الحقّ لا يوجد سبيل لتطهيرهم. فالناس لديهم شخصيَّات تتَّسم بالكبرياء والبرّ الذاتيّ، ويعتقدون دائمًا أنهم على حقٍّ، وفي كلّ ما يُفكِّرون به ويقولونه ويدلون بآرائهم عنه يعتقدون دائمًا أن وجهة نظرهم وعقليَّتهم صحيحتان وأنه لا شيء يقوله أيّ شخصٍ آخر يكون سليمًا أو صحيحًا مثل ما يقولونه. إنهم يتمسَّكون دائمًا بآرائهم الخاصَّة ولا يستمعون إلى ما يقوله أيّ شخصٍ آخر. وحتَّى عندما يكون ما يقوله الآخرون صحيحًا ومتماشيًا مع الحقّ، فإنهم لا يقبلونه ويبدو أنهم يكتفون بالسمع لكنهم لا يقبلون أيّ شيءٍ. وعندما يحين الوقت للتصرُّف لا يزالون يتصرَّفون بطريقتهم معتقدين دائمًا أنهم على حقٍّ ولهم ما يُبرِّرهم. قد تكون على حقٍّ ومُبرَّرًا، أو قد تفعل الشيء الصحيح دون مشكلاتٍ، ولكن ما الشخصيَّة التي تكشف عنها؟ أليست الكبرياء والبرّ الذاتيّ؟ إذا كنت عاجزًا عن التخلُّص من شخصيَّة الكبرياء والبرّ الذاتيّ هذه، فهل سيُؤثِّر ذلك على أداء واجبك؟ هل سيُؤثِّر على قدرتك على ممارسة الحقّ؟ وإذا لم تتمكَّن من حلّ هذا النوع من شخصيَّة الكبرياء والبرّ الذاتيّ، فهل من المحتمل أن تواجه انتكاسات جسيمة في المستقبل؟ لا شكّ في ذلك، فهذا أمرٌ لا مفرّ منه. هل يستطيع الله أن يرى هذه الأشياء ظاهرة في الناس؟ يستطيع ذلك لأقصى الحدود؛ فالله لا يكتفي بفحص أعماق كيان الإنسان فحسب، بل ويراقب دائمًا جميع أقواله وأفعاله. وماذا سيقول الله بمُجرَّد أن يرى هذه الأشياء ظاهرة فيك؟ سيقول الله: "أنت عنيدٌ! فرفضك التغيير عندما لا تعرف أنك مخطئٌ أمرٌ مفهوم، ولكن إذا واصلت رفض التغيير عندما تعلم جيِّدًا أنك مخطئٌ ورفضت التوبة، فأنت أحمق عنيد وفي ورطةٍ. بصرف النظر عن صاحب الاقتراح، إذا تفاعلت بموقفٍ سلبيّ وعدائيّ ولم تقبل الحقّ على الإطلاق – وإذا لم يكن في قلبك شيءٌ سوى العداء والانغلاق والرفض – فأنت أحمق وسخيف وتافه! ومن الصعب للغاية التعامل معك". ما الجانب الذي يصعب للغاية التعامل معه فيك؟ الجانب الصعب فيك هو أن سلوكك ليس طريقة خاطئة في فعل الأشياء أو نوعًا خاطئًا من السلوك، بل إنه يكشف عن نوعٍ مُعيَّن من الشخصيَّة. أيّ نوعٍ من الشخصيَّة يكشفه؟ أنت تشعر بالسأم من الحقّ وتكرهه. بمُجرَّد تعريفك على أنك تكره الحقّ، فأنت في ورطةٍ وفقًا لنظر الله؛ فالله يرفضك ولا يهتمّ بك. ... الشخص الذي يكره الحقّ يكره الله في قلبه. لماذا أقول إنه يكره الله؟ هل جدَّف هذا الشخص على الله؟ هل قاومه مواجهةً؟ هل حكم عليه أو أدانه من وراء ظهره؟ ليس بالضرورة. فلماذا يُقال إن الكشف عن مثل هذه الشخصيَّة – أي شخصيَّة الكراهية تجاه الحقّ – يعني كراهية الله؟ هذه حقيقةٌ وليست تهويلًا للأمور. فالعواقب تكون وخيمة عندما يحدث هذا كما في حال الفريسيّين المرائين الذين سمَّروا الرَّب يسوع على الصليب لأنهم كرهوا الحقّ. وهذا يعني أنه عندما تكون لدى الشخص شخصيَّة سأم الحقّ ومعاداته، يمكنه عندئذٍ الكشف عن هذا النوع من الشخصيَّة في أيّ وقتٍ وفي أيّ مكانٍ، وأنه إذا استمرّ في العيش في حالة الاتّكال، فهل سيعارض الله أم لا؟ عندما يواجه مسألةً ترتبط بالحقّ، بما في ذلك الخيارات التي ينبغي عليه اتّخاذها، إذا لم يتمكَّن من قبول الحقّ بل استمرّ في العيش في حالةٍ من الاتّكال على شخصيَّته الفاسدة، فعندئذٍ سوف يعارِض الله ويخونه بطبيعة الحال. والسبب في ذلك هو أن هذا النوع من الشخصيَّة الفاسدة ليس سوى شخصيَّةٍ تكره الله والحقّ" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا ينعم المرء بعلاقة طبيعية مع الله إلا بالعيش في حضرته غالبًا). لكن بعد قراءة كلام الله أدركت أن شخصيتي لم تكن متعجرفة فقط، بل إن الأخطر أنني سئمت الحق وكرهته، وكرهت الله. لذلك أسداني الكثير من الإخوة النصح، وقامت قائدتي بتهذيبي والتعامل معي، لكني تجاهلت الأمر، ولم أتأمل في نفسي مطلقًا. أظهرت لي الحقائق مرات عديدة أن ما أصر عليه خطأ. لم أفعل شيئًا سوى التسبب في تعطيل العمل واضطرابه، لكني لم أتأمل في نفسي، واستمررت في طريقي. أحيانًا، عندما كان إخوتي وأخواتي يسدونني النصائح، أدرك بوضوح أنها صحيحة وتتفق مع مبادئ الحق، لكني رغم ذلك خالفتهم ورفضتهم، وعاندتهم بشدة. ألم تكن هذه شخصية شيطانية تسأم الحق وتكرهه؟ يقول الله، "بمُجرَّد تعريفك على أنك تكره الحقّ، فأنت في ورطةٍ وفقًا لنظر الله". "الشخص الذي يكره الحقّ يكره الله في قلبه". تسبب هذا في شعوري بمزيد من الانزعاج. شخصية الله بارة وقدوسة، ويعتمد سلوك الله نحو الناس على سلوكنا من الحق ومن الله. الحق هو تعبير الله، لكن ما عبرت عنه كان شخصية تسأم الحق وتكرهه. ألم يكن هذا كرهًا لله؟ بصرف النظر عن نوعية الشخصية الفاسدة لدى الإنسان، طالما يستطيع قبول الحق، فلا شيء يستحيل إصلاحه، ويحصل على جميع الفرص للتغيير والخلاص بواسطة الله. لكن إذا كان جوهر طبيعة الإنسان هو سأم الحق وكراهيته، فعندئذ يصبح عدوًّا لله. كيف يمكن تخليص أعداء الله؟ فكرت في جميع أعداء المسيح الذي طُردوا من الكنيسة. كان هذا لأنهم يكرهون الحق ولا يقبلونه مطلقًا، وفي النهاية كُشفوا واستبعدوا.

شعرت بخوف شديد، ولوقت طويل بعد ذلك، عشت في حالة من لوم الذات. كلما تذكرت الضرر الذي سببته في عملي، أشعر بسكين يشق قلبي، لذلك صليت إلى الله: "إلهي، هذا الفشل يؤلمني للغاية، لكن لولا هذا الفشل، لم أكن لأعرف أن شخصيتي الفاسدة بهذه الخطورة، ولم أكن لأدرك أنني على حافة الهاوية. لا أريد أن أعيش بشخصيتي الفاسدة أكثر من ذلك. أرجوك أرشدني لأصبح إنسانة تقبل الحق وأستطيع التركيز على ممارسة الحق في واجبي في المستقبل".

لاحقًا، غالبًا ما تساءلت: "ما الذي جعلني بهذه العجرفة؟ كيف أستطيع تبديد هذه الشخصية المتعجرفة؟" خلال عبادتي، رأيت مقطعين من كلام الله منحاني الاستنارة فجأة. تقول كلمات الله، "يعتقد الناس الموهوبون والذين لديهم مواهب خاصة أنهم أذكياء للغاية، ويفهمون كل شيء – لكنهم لا يعرفون أن المواهب والملَكات الخاصة لا تمثل الحق، وأن هذه الأشياء لا علاقة لها بالحق. غالبًا ما تتعارض أفكار وآراء الناس الذين يتحدد سلوكهم من خلال مواهبهم وتصوراتهم مع الحق – لكنهم لا يستطيعون رؤية ذلك، ولا يزالون يفكرون في أنفسهم: "انظروا كم أنا ذكي، فقد اتخذت هذه الخيارات الذكيةً! يا لها من قرارات حكيمة! لا يستطيع أيّ منكم أن يضاهيني". يعيشون في حالة نرجسية وتقدير ذاتي إلى الأبد. من الصعب لهم أن يهدّئوا قلوبهم ويفكروا فيما يطلبه الله منهم، وما هو الحق، وما هي مبادئ الحق. من الصعب عليهم فهم الحق، وعلى الرغم من أنهم يؤدون واجبًا ما، فهم لا يقدرون على ممارسة الحق وكذلك يصعب عليهم أيضًا أن يدخلوا واقع الحق" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. ما هو بالضبط الشيء الذي يعتمد عليه الناس للعيش؟). "هل تقولون الآن أنه من الصعب أداء واجب المرء بشكل مناسب؟ في الواقع، ذلك ليس صعبًا؛ إذ ما على الناس سوى أن يكونوا قادرين على اتخاذ موقف متواضع، وأن يتحلوا ببعض العقلانية، ويتبنوا موقفًا مناسبًا. مهما كنت متعلمًا، وبغض النظر عن الجوائز التي فزت بها، أو مقدار ما حققته، وبغض النظر عن مدى سمو مكانتك ومنزلتك، يجب أن تبدأ بالتخلي عن كل هذه الأشياء، وتنزل من برجك العاجي. في بيت الله، مهما كانت هذه الأشياء رائعة ومجيدة، لا يمكن أن تعلو على الحق؛ لأن هذه الأمور السطحية ليست الحق ولا يمكن أن تحل محله. لا بد أن تتحلى بفهم جلي لتلك القضية. إذا قلت: "أنا موهوب جدًّا، وحادُّ الذكاء للغاية، وردود أفعالي سريعة، وأنا سريع التعلُّم، وأتمتع بذاكرة جيدة للغاية، لذلك أنا مؤهل لاتخاذ القرار النهائي"، إذا كنت تستخدم دائمًا هذه الأشياء كرأس مال، ورأيتها ثمينة وإيجابية، فهذه مشكلة. إذا كان قلبك مشغولًا بهذه الأشياء، وإذا كانت قد ترسخت في قلبك، فسيكون من الصعب عليك قبول الحق؛ والتفكير في عواقب ذلك مُحزن. وبالتالي، يجب عليك أولًا أن تطرح عنك وتنكر تلك الأشياء التي تحبها، والتي تبدو لطيفة، والتي هي ثمينة بالنسبة لك. تلك الأشياء ليست الحق، بل بدلًا من ذلك، هي أشياء يمكنها منعك من دخول الحق" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. ما هو الأداء المناسب للواجب؟). جعلني كلام الله أفهم أنني كنت متعجرفة جدًا، وعاجزة عن قبول الحق لسبب آخر وهو أنني أعيش دائمًا اعتمادًا على مواهبي. لأنني كنت أعرف لغة أجنبية، وامتلكت بعض الخبرة العملية، وفي الظاهر امتلكت بعض المقدرة العقلية، واستطعت التعامل مع بعض مشكلات العمل، اعتبرت هذه المواهب رأس مالي، ولم أسعَ مطلقًا لمبادئ الحق ومشيئة الله، وعاملت إخوتي بازدراء واحتقار، ولم أستمع مطلقًا إلى اقتراحاتهم. وقدمت المواهب على كل شيء، وعشت بحالة من الإعجاب بالذات، وأصبحت متعجرفة بشدة، ووثقت بنفسي بشكل أعمى، وكأني لا أخطئ مطلقًا، لكن اتضح مرارًا أن أفكاري لا تتفق مع مبادئ الحق مطلقًا. كانت كلها خطأ. أثناء ذلك، كان يبدو أن بعض الإخوة عاديين بلا مواهب، لكن في واجبهم، كانوا يسعون لمبادئ الحق بطريقة عملية، كان من الممكن رؤية إرشاد الله فيهم واستطاعوا إنجاز نتائج جيدة في واجبهم. أظهرت لي الحقائق أن امتلاك المواهب لا يعني فهم الحق. إذا أدينا واجبنا بدون سعي لمبادئ الحق، وعشنا اعتمادًا على مواهبنا فقط، فمن الممكن أن نزداد عجرفة فحسب، ونخسر كل الإنسانية والمنطق، ونعارض الله لاإراديًّا. ولكي نبدد الشخصية المتعجرفة بشكل أساسي، يجب أن نتخلى عن رأس المال هذا، ثم نتعلم إنكار أنفسنا ونسعى للحق.

بعد ذلك، ركزت على الممارسة على هذا النحو، لكن عندما واجهت المشكلات، وأردت طلب المساعدة من الإخوة والأخوات، كان لايزال هناك صراع في قلبي. شعرت بأن أفكاري مناسبة جدًّا، وأن سؤال الآخرين شيء غير مجدٍ. خشيت أن يحتقرني الآخرون لععجزي عن التعامل مع مهمة بسيطة، لكن عندما تذكرت التعديات التي ارتكبتها بسبب ثقتي المفرطة في نفسي، شعرت بشيء من الخوف، ولم أجرؤ على التشبث بأفكاري بعد ذلك. واستطعت إهمال نفسي ومناقشة الأمر مع الجميع. وسرعان ما رأى الإخوة أنني فهمت نفسي قليلًا، وقمت ببعض التغيير، وتم انتخابي لقيادة الكنيسة مرة أخرى. وذات مرة، كانت الكنيسة تفتقر إلى شماسة للإنجيل. ورأيت أن ليندسي نشيطة في الوعظ بالإنجيل، وتعقد شركات في الاجتماعات، لذلك قررت، في أعماق قلبي، أنها الاختيار المثالي. في تلك اللحظة، ذكرتني الأخت شريكتي أن اختيار شماسة للكنيسة ليس أمرًا تافهًا، وأنه يجب عليَّ أن أطلب المساعدة من قائدتي. عندما رأيت التردد على وجه أختي، فكرت: "دائمًا ما كانت الأخت ليندسي نشطة في نشر الإنجيل. وبعيدًا عنها، هل هناك مرشحة أفضل؟ علاوة على ذلك، فالترقية مجرد فرصة للممارسة على أي حال، لذلك إن لم تكن مناسبة، نستطيع نقلها. لماذا أحتاج لنصائح القائدة؟" وبينما كنت أعارض، تذكرت كلام الله: "حتى إن كان تفكيرك صحيحًا، فيجب أن تأخذ آراء الآخرين بعين الاعتبار أيضًا، أليس كذلك؟ وإذا لم تفعل ذلك على الإطلاق، ألا يعني هذا أنك معتدّ للغاية ببرّك الذاتيّ؟" نعم، بما أن أختي ليست متأكدة، يجب أن أسعى للحق. خلال عبادتي، قرأت كلام الله: "كلَّما كانت لديك فكرةٌ أو رأي، إن أصررت بتهوُّرٍ على أنها صحيحة وأنها هي ما ينبغي عمله، فأنت إذن مُتكبِّرٌ وبارّ في عينيّ ذاتك. وإذا كانت لديك فكرةٌ أو رأي تشعر بأنه صحيحٌ، ولكن ليس لديك الإيمان الكامل بنفسك، وتمكَّنت من التأكُّد من ذلك بالبحث والشركة، فهذا لا يعني أنك بارٌّ في عينيّ ذاتك. فالحصول على موافقة الجميع واستحسانهم قبل تنفيذه هو الطريقة العقلانيَّة للتصرُّف" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا ينعم المرء بعلاقة طبيعية مع الله إلا بالعيش في حضرته غالبًا). جعلني كلام الله أفهم أنه عندما تعتقد أنك محق، يجب أن تتعلم أن تهمل نفسك وتسعى للحق، وبهذا السلوك فقط تستطيع أن تربح استنارة الروح القدس وتتحسن في واجبك. وإذا تشبثت بنفسك بعجرفة، وازدريت تذكيرات الآخرين، وإذا لم تتخل عن نفسك، وتسعَ للحق، فلن تستطيع أن تنال إرشاد الروح القدس. بوضع هذا في الاعتبار، اختفت ببطء المقاومة في قلبي. وبعد ذلك، صليت إلى الله، وأوكلت هذا الأمر له. وفي الوقت نفسه، سعيت أيضًا لمبادئ اختيار الناس وترقيتهم. وبعد أيام قليلة، علمت من شخص يعرف الأخت ساندرا أنه رغم أنها تبدو نشيطة جدًّا، فإنها تفعل أشياء لتبدو بمظهر جيد فحسب، وغالبًا ما تكون كسولة وماكرة وتعمل بتخبط، وتتراجع عند مواجهة المصاعب، وحتى الآن لم تحظَ بالدخول. حسب المبادئ، كانت غير مناسبة لتكون شماسة للإنجيل. عندما سمعتُ هذا، سعدتُ لأنني لم أصر على رأيي. وإلا فمن المؤكد أن الاستعانة بشخص غير مناسب سيعوق عمل الإنجيل. كانت هذه حماية الله بالفعل. وشعرت بالامتنان لإرشاد كلام الله. أدركت أنه عن طريق ممارسة الحق وقبول نصائح الآخرين، أستطيع تجنب المشاكل والانحرافات في واجبي، ويشعر قلبي بالراحة أيضًا. الآن، أشعر بالخجل الشديد عندما أتذكر عجرفتي في الماضي. ولولا دينونة كلام الله وتوبيخه، ولولا التهذيب القاسي والتعامل، لم يكن من الممكن أن أتأمل في نفسي، ولم يكن من الممكن أن أنكر نفسي، وأقبل نصائح الآخرين. الآن، أصبحت أكثر تواضعًا، وأستطيع مناقشة إخوتي، وأسعى للحق معهم عندما أواجه المشكلات. هذا التغيير البسيط نتيجة كلام الله وعمله. أشكر الله كثيرًا من أعماق قلبي.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

أفكار بعد أن ضللت الطريق

ذات يومٍ في أغسطس 2019، أرسلت قائدتي رسالةً تطلب مني اصطحاب أختٍ من خارج المدينة. رأيت أن عنوان منزل الأخت داخل نطاق الكنيسة المجاورة....

اترك رد