كيف غيّرتُ طُرُقي المُتكبِّرة
سالفًا، لطالما اعتبرتُ نفسي شخصًا في غاية الذكاء. ظننتُ أنه يمكنني دائمًا فعل أي شيء دون الحاجة لمساعدة الآخرين. سواء في المدرسة أو المنزل، مهما كانت الأسئلة التي يطرحها الناس، وحتى عندما عجز إخوتي الأكبر سِنًّا عن الإجابة، تمكّنتُ من الإجابة، واحتقرتهم من أجل ذلك. قال إخوتي الأكبر سِنًّا إنني متعجرف، وأنه كان عليَّ أن أتغيّر وأراعي مشاعر الآخرين، لكنني ظننتهم يقولون ذلك لأنهم كانوا يغارون مني، لذا لم أُعِر اهتمامًا لاتهاماتهم.
في 2019، قَبِلتُ عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. وسرعان ما شرعتُ في سقي الذين قبلوا لتوِّهم عمل الله. من بين الثلاث أخوات اللواتي عَمِلْن معي آنذاك، لم تقبل اثنتان منهما عمل الله القدير إلا أشهر. وكانت الأخرى هي الأخت جونّا التي آزرتني في عملي. لقد اُخْتِرتُ كقائد مجموعة وقتئذ، والذي كان يعني لي أنني الأفضل في المجموعة. وبينما كنا نعمل سويًّا، عندما كن يقترحن طريقة مختلفة لفعل شيء، كثيرًا ما كنتُ أعارضهن وأقول إنه يجب إنجاز العمل حسب تعليماتي. على سبيل المثال، في كل مرة بعد الاجتماعات المُنَظمَّة مؤمنينللمؤمنين الجُدُد، سألتني الأخت جونّا: "أيجب أن نسأل المؤمنين الجُدُد عمّا إذا استوعبوا كل شيء؟" قلتُ: "لا حاجة لذلك. لقد سألتهم بالفعل خلال الاجتماع، وهم يفهمون، لذلك لسنا بحاجةٍ لسؤالهم مجددًا". عندما قالت الأخت جونّا: "عندما تعقد شركة عن الحقّ بشأن عمل الله، فيجب أن تُسْهِب في حديثك. هذا سيساعد المُهتدين المُحتملين للإنجيل على تحديد أن عمل الله حقيقيّ بسرعة"، قلتُ دون تفكير: "لقد قلتُ كل شيء بالفعل. لا حاجة لتكرار ذلك". أحيانًا، كانت الأخت جونّا تطلب مني الذهاب للوقوف على أوضاع المؤمنين الجُدُد، لكنني لم أرغب في الذهاب. ظننتُ أنه بصفتي قائد المجموعة يجب أن أرتب ما فعلَتْه، وأنه لا يجب أن تُمْلي عليَّ ما أفعله. وأحيانًا كانت تسألني الأخت جونّا عما إذا كان المؤمنون الجُدُد قد فهموا من الاجتماعات. انتابني الغضب عندما رأيتها تتابع سير عملي على الدوام. لم تكن قائدة المجموعة. ولم يكن لديها الحقّ في أن تُملي عليَّ أن أفعل هذا وذاك. حينذاك، كنتُ مُتغطرسًا للغاية. لم أتعاون مع الأخت جونّا أو أختيَّ الأُخرَيين. عادةً ما كنتُ أدعم المؤمنين الجُدُد بنفسي ولم أوكل لهن أي عمل. ظننتُ أنهن قد قبلن للتوّ عمل الله ولم يفهمن الكثير من رؤى الحقّ، لذا فقد لا يفعلون ذلك على النحو اللائق. عند استضافة الاجتماعات معهم، كنتُ دائمًا ما أُسْهِب في حديثي ولم أمنحهم الوقت للمشاركة. كنتُ قلقًا من أنهم لن يقوموا بمشاركة جيدة ولن يفهم المؤمنين الجُدُد شيئًا. في واقع الأمر، تمكّن المؤمنون الجُدُد من فهم مشاركة أُختيَّ. كل ما في الأمر أنني ازدريتهما لذا لم أرغب في أن تقدما مشاركة. ذات مرة، لإرساء الأساس السليم للمؤمنين الجُدد في طريق الحقّ بأسرع ما يمكن، أردت أن أعقد شركة عن العديد من جوانب الحقّ الأخرى، لكن قالت أختاي: "لا يمكنك فعل ذلك. اجتماعنا ساعة ونصف فقط. إنْ أسْهَبتَ في المشاركة، فسينفذ الوقت ولن يفهم المؤمنون الجُدُد. يمكننا تقسيم المشاركة على عِدّة اجتماعات". لكنني كنتُ غير راغب في قبول آرائهما آنذاك، وحاولت بذل قصارى جهدي لإقناعهما وحملهما على الإصغاء إليَّ. واضطرتا إلى الموافقة في النهاية. لاحقًا، سقينا أكثر من عشرين مؤمنًا جديدًا. كان كل المؤمنين الجُدُد حاضرين تقريبًا في الاجتماع الأول، لكن في الاجتماعات القليلة التالية، وجدت أن المزيد والمزيد من المؤمنين الجُدُد قد تغيّبوا. في النهاية، أتى ثلاثة من أصل أكثر من عشرين شخصًا لحضور الاجتماعات بانتظامٍ. لم يحدث هذا قطّ منذ أن شرعتُ في سقاية المؤمنين الجُدُد. كنتُ مُشوَّش الذهن وسلبيّ للغاية حينذاك. ثم ذات يوم، سألني القائد عن حالتي، وقلتُ: "ليست جيدة. خلال هذه الفترة، كنتُ أؤدي واجبي بشكل سيء للغاية. في كل مرةٍ أقوم بمشاركة مع المؤمنين الجُدُد أسألهم أيضًا عمّا إذا كانوا يفهمون، وهم دائمًا يقولون نعم، لكني لا أفهم سبب عدم مجيئهم لحضور الاجتماعات". فأخبرني القائد: "يجب أن تتفكّر في نفسك. أفعلتَ شيئًا غير لائق جعل المؤمنين الجُدُد يعزفون عن الحضور؟" واصل القائد: "أسألتَ أخواتك الثلاث الشريكات عمّا إذا لاحظن شيئًا خاطئًا في محتوى سقايتك أو أساليبك؟" قلتُ: "لا، لا أظنّ أن بمقدورهنّ إسداء أي نصيحة جيدة". قال القائد: "هذه هي المشكلة. يجب أن تسألهنّ عن رأيهنّ بدلًا من الثقة الدائمة بنفسك". ما قاله القائد بدا لي صائبًا. لم يتبادر إلى ذهني أن أسأل أخواتي الشريكات. لطالما ظننتُ أنني أفضل منهنّ في العمل، لذا بدت أفكارهنّ عديمة الجدوى بالنسبة لي.
ثم أرسل لي قائدي مقطعًا من كلام الله. "عندما تتعاونون مع الآخرين لأداء واجباتكم، هل يمكنكم تقبُّل الآراء المختلفة؟ هل يمكنكم السماح للآخرين بالتحدث؟ (أجل، قليلًا. ففي السابق، لم أكن أستمع في أوقات كثيرة إلى اقتراحات الإخوة والأخوات، وكنت أصر على عمل الأشياء بطريقتي الخاصة. ولاحقًا فقط، عندما أثبتت الحقائق أنني كنت مخطئًا، عرفت أن معظم اقتراحاتهم كانت صحيحة، وأن النتيجة التي ناقشها الجميع كانت مناسبة بالفعل، وأن آرائي الخاصة كانت خاطئة وناقصة. وبعد اختبار هذا، أدركت مدى أهمية التعاون المتناغم). وماذا يمكننا أن نفهم من هذا؟ بعد اختبار هذا، هل حصلتم على بعض الفوائد وفهمتم الحق؟ هل تظنون أنّ أحدهم كامل؟ مهما يَكُنِ الناسُ أقوياءَ أو قادرين وموهوبين، يبقوا غير كاملين. يجب أن يدرك الناس هذا، فهو حقيقة. هكذا أيضًا هو السلوك الذي ينبغي أن يتبناه الناس نحو مزاياهم ونقاط قوّتهم أو عيوبهم. هذه هي العقلانية التي يجب أن يتحلّى بها الناس. مع عقلانية كهذه، يمكنك أن تتعاطى بشكل ملائم مع نقاط القوّة والضعف فيك وفي الآخرين أيضًا، وسيمكّنك هذا من العمل بتناغم معهم. إن فهمتَ هذا الجانب من الحق وتستطيع دخول هذا الجانب من واقع الحق، فيمكنك أن تنسجم مع إخوتك وأخواتك بتناغم، وأن يستفيد بعضكم من نقاط قوة البعض الآخر للتعويض عن أي نقاط ضعف توجد فيكم. بهذه الطريقة، مهما يكن الواجب الذي تؤدّيه أو مهما تفعلْ، فسيتحسّن أداؤك دائمًا وستتلقّى بركة الله. إذا كنت تعتقد دائمًا أنك رائع وأن الآخرين أسوأ بالمقارنة بك، وإذا كنت تريد دائمًا أن تكون لك الكلمة الأخيرة، فسوف يكون هذا مزعجًا. هذه مشكلة من مشكلات الشخصية. أليس مثل هؤلاء الناس متكبرين ومغرورين؟" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). لقد أشار كلام الله إلى مشكلتي. يقول الله، "عندما تتعاونون مع الآخرين لأداء واجباتكم، هل يمكنكم تقبُّل الآراء المختلفة؟ هل يمكنكم السماح للآخرين بالتحدث؟" عندما نظرت في أسئلة الله، تفكّرتُ في تعاوني مع أخواتي الثلاث خلال هذه الفترة. ورفضت قبول كل اقتراحاتهنّ. حتى وإنْ كانت آرائهنّ جيدة أو صائبة، فقد كنتُ دائمًا أخالفهنّ الرأي لأنني لم أرغب في أن يعتقدن أنني لستُ جيدًا مثلهنّ. ظننتُ أنني الأفضل، لذلك كنتُ الشخص الوحيد الذي يمكنه إسداء نصيحة جيدة. كنتُ قائد المجموعة، لذا يجب عليهنّ الامتثال والإصغاء لي، لا أن أصغي إليهم. يقول كلام الله إن الجميع لديهم أوجه قصور ويحتاجون إلى مساعدة من الآخرين، لكنني ظننتُ أنني كنتُ الأفضل دائمًا وأنني أكثر تفوقًا من الآخرين. ألم تكن هذه غطرسة؟ أدركت من كلام الله أن الله يبغض مثل هؤلاء الناس.
لاحقًا، قرأتُ مقطعًا آخر من كلام الله: "عندما يتطلب الأمر إعادة تنفيذ العمل دومًا حين يؤدي الناس واجبهم، لا تتمثل المشكلة الكبرى في نقص المعرفة المتخصصة أو انعدام الخبرة، وإنما يعود السبب إلى أنهم يتصفون بالاعتداد الشديد بالبر الذاتي وبالغطرسة، ولأنهم لا يعملون بانسجام، بل يتخذون قراراتهم ويتصرفون بشكل منفرد؛ وتكون النتيجة أنهم يُحدثون فوضى في العمل، ولا يُنجز أي شيء؛ فيضيع كل الوقت والجهد. وأخطر مشكلة في ذلك هي شخصيات الناس الفاسدة. فعندما تشتدّ خطورة شخصيات الناس الفاسدة لا يعودون أناسًا صالحين، بل يغدون أشرارًا، وتكون شخصيات الأشرار أشدّ قساوةً من الشخصيات الفاسدة العادية؛ فالأشرار يميلون إلى ارتكاب الأفعال الشريرة، وإلى التدخل في عمل الكنيسة وتعطيله. وكل ما يستطيعه الأشرار عندما يؤدون أحد الواجبات هو الأداء السيئ للأمور وإفسادها. وتنطوي خدمتهم على عناء أكبر مما تستحق. بعض الناس ليسوا أشرارًا، ولكنهم يؤدون واجبهم بما يتفق مع شخصياتهم الفاسدة، وهم كذلك غير قادرين على أداء واجبهم بالطريقة المناسبة. وإجمالًا، تمثل الشخصيات الفاسدة عقبة كأداء في وجه الأشخاص الذين يؤدون واجبهم بطريقة لائقة. أي جانب من شخصيات الناس الفاسدين، يا تُرَى، له التأثير الأكبر في فاعلية أدائهم لواجبهم؟ (الغطرسة والاعتداد بالبر الذاتي). وما المظاهر الرئيسية للغطرسة والاعتداد بالبر الذاتي؟ عبر التفرد في اتّخاذ القرارات، وفعل ما يحلو لك، وعدم الإصغاء إلى مقترحات الأشخاص، وعدم استشارة الآخرين، وعدم التعاون بانسجام، والسعي دومًا لقول كلمة الفصل حول الأمور. وعلى الرغم من أنّ بعض الإخوة والأخوات الصالحين قد يتعاونون لتأدية واجب معين، ويهتمّ كل منهم بمهمته، فإن بعض قادة الفرق أو المشرفين عليها يريدون دائمًا أن تكون لهم كلمة الفصل. ومهما كانوا يفعلون، فإنهم لا يتعاونون بانسجام مع الآخرين أبدًا ولا ينخرطون في شركة، ويفعلون أشياء بتسرّع من دون التوصل إلى إجماع مع الآخرين. إنهم يجبرون الجميع على الإصغاء إليهم وحدهم، وهنا تكمن المشكلة" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الأداء الصحيح للواجب يتطلّب تعاونًا منسجمًا). لقد لامس كلام الله روحي بشدة. لم أفهم سبب عدم تمكّني من أداء واجبي بفاعلية في السابق. لم أفهم ذلك إلا بعد قراءة كلام الله ذلك لأن شخصيتي كانت متعجرفة للغاية ولم أتمكّن من التعاون مع الآخرين. خلال ذلك الوقت الذي عملتُ فيه مع الأخوات الثلاث، كان لي القول الفَصْل دائمًا. في كل مرة ناقشنا فيها المحتوى للمشاركة في الاجتماعات، كان يجب على الجميع إبداء وجهات نظرهم وآرائهم، ثم نقرر ماهية الموضوع العام للاجتماع للتأكد من فعالية الاجتماع. لكنني اتخذت قراراتي الخاصة دون أن أسألهن عن آرائهن لأنني ظننتُ أن رأيي كان سديدًا ولم أكن بحاجةٍ إلى الاستماع إلى الآخرين. عندما كان يبدي أي أحد اعتراضًا، كنتُ أجد أسبابًا شتّى لرفضه. لأنني كنتُ متعجرفًا جدًا بحيث لا آخذ بنصيحة الآخرين، لم يكن لدي إرشاد الله أو بركاته ولم أكن فعّالًا في واجبي. لقد كشفني فشلي هذه المرة.
لاحقًا، أرسل لي القائد مقطعين من كلام الله. يقول الله، "إذا فهمت الحق في قلبك حقًا، فستعرف كيف تمارس الحق وتطيع الله، وسوف تشرع بطبيعة الحال في سبيل السعي للحق. إذا كان السبيل الذي تسلكه هو الصحيح، ويتوافق مع مشيئة الله، فلن يتركك عمل الروح القدس؛ وفي هذه الحالة ستقل فرصة خيانتك لله تدريجيًا. من دون الحق، من السهل أن تفعل الشر، وسوف تفعل ذلك رغمًا عنك. على سبيل المثال، إذا كانت لديك شخصية متغطرسة، فإن نهيك عن معارضة الله لا يشكّل فرقًا، إذ تفعل هذا رغمًا عنك، وهو خارج عن إرادتك. لن تفعل ذلك عمدًا، بل ستفعل ذلك تحت سيطرة طبيعتك المتكبرة والمغرورة. إن تكبرك وغرورك سيجعلانك تنظر بازدراء إلى الله وتعتبره بدون أهمية وتمجّد نفسك وتُظهر نفسك باستمرار. سيجعلانك تحتقر الآخرين، ولن يتركا أحدًا في قلبك إلا نفسك. سينتزعان مكان الله من قلبك، وفي النهاية سيجعلانك تجلس في مكان الله وتطلب من الناس أن يخضعوا لك، ويجعلانك تعظّم خواطرك وأفكارك ومفاهيمك معتبرًا أنها الحق. ثمّةَ كثير من الشر يرتكبه الأشخاص الذين يقعون تحت سيطرة طبيعتهم المتكبرة والمتعجرفة! ولكي يحلّوا مشكلة فعل الشر، عليهم أولًا التعامل مع طبيعتهم؛ فبدون إحداث تغيير في الشخصيَّة، لا يُمكِن حلّ هذه المشكلة حلًا جذريًا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. السعي وراء الحق وحده يمكنه إحداث تغيير في شخصيتك). "عليك أن تتذكر: ليس أداء واجبك مسألة تولّي مساعيك أو تدبيرك، وليس عملَك الشخصي، بل إنه عمل الكنيسة، وأنت لا تساهم إلّا في نقاط القوة التي تملكها. وما تفعله ضمن عمل تدبير الله ليس سوى جزء بسيط من تعاون الإنسان. فدورك ما هو إلا دور ثانوي في موضع ما؛ إذ تحمل مسؤولية ثانوية. ينبغي أن تحمل في قلبك هذا المعنى. ومن ثمَّ، مهما كان عدد الأشخاص العاملين في إحدى المهمات، فإن أول شيء يتعين على الجميع أن يفعلوه عندما تواجههم المصاعب أن يصلّوا إلى الله ويتشاركوا معًا، ويطلبوا الحق، ثم يقرروا ما هي مبادئ الممارسة. وعندما يفعلون هذا، سيكون لديهم سبيل إلى الممارسة. يحاول بعض الناس دائمًا التباهي، وعندما توكل إليهم مسؤولية عن عمل ما، يريدون دومًا أن تكون لهم الكلمة الأخيرة. أيّ نوع من السلوك هذا؟ هذا يمثل اتخاذ المرء قانونًا لنفسه؛ حيث يخطط بنفسه لما يفعله، دون أن يُعلِم الآخرين، ولا يناقش آراءه مع أحد. فهو لا يشاركها مع أحد، ولا يكاشف بها أحدًا، بل يبقيها دفينة في قلبه. وعندما يحين أوان العمل، فإنه يريد دائمًا أن يدهش الآخرين بمآثره الباهرة، ويبادر كلَّ شخص بمفاجأة كبرى، حتى يحترمه الآخرون. هل ذلك هو أداءٌ لواجبه؟ إنه يسعى إلى التباهي، وعندما يحظى بالمكانة والشهرة يبدأ بإدارة عملياته الخاصة. أليس لدى أمثال هؤلاء الأشخاص طموحات جامحة؟ لِمَ لا تخبر أحدًا بما تفعله؟ وبما أن هذا العمل ليس هو عملك وحدك، فلماذا تتصرف من دون أن تناقشه مع أحد، وتتخذُ القرارات بمفردك؟ لمَ تتصرف سرًّا، وكأنك تعمل داخل صندوق أسود حتى لا يعلم أحد عنه شيئًا؟ لماذا تحاول دومًا أن تجعل الناس يهتمون بك وحدك؟ من الواضح أنك تعتبر هذا العمل شأنك الشخصي. أنت الرئيس وكل الآخرين هم عمال، يعملون جميعًا لديك. عندما تحمل هذه العقلية على الدوام، ألا يمثّل هذا مشكلة؟ أليس ما يُظهره هذا النوع من الأشخاص هو شخصية الشيطان ذاته؟ عندما يؤدي أناس كهذا الشخص واجبًا ما، سيؤول أمرهم إلى الطرد عاجلًا أم آجلًا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الأداء الصحيح للواجب يتطلّب تعاونًا منسجمًا). أدركتُ فقط بعد قراءة كلام الله أن تلك الغطرسة قد صارت فِطْرتي وما كشفتُه بشكل طبيعي. عندما حظيتُ بمكانة في الكنيسة، لم أرغب إلا في اغتنام هذه الفرصة للتباهي، لإظهار أنني أفضل من الآخرين وأنني الخيار الأفضل لأكون قائد مجموعة. أردتُ أيضًا أن أثبت لشريكاتي أنني كنتُ أفضل منهنّ وأنني لم أحتاج إلى نصيحتهن أو مساعدتهن! وبسبب عجرفتي، لطالما ظننتُ أنني أعلم كل شيء وأنه من غير المُجدي الاستماع إلى الآخرين. تعاملتُ مع أفكاري الخاصة كما لو أنها الحقّ، وجعلتُ الآخرين يفعلون أمورًا كما أردتهم أن يفعلوها. ولم أتقصّ الحق او أتَّكِل على الله في واجبي. بدلًا من ذلك، اعتمدتُ على خبرتي ومقدرتي العقلية في سقاية المؤمنين الجُدُد وأجبرتُ الآخرين على الاستماع والامتثال لي. ألم يكن هذا هو نفسه ما قام به رئيس الملائكة؟ كان رئيس الملائكة متغطرسًا ولم يعبد الله. لقد أراد أن يكون على قدم المساواة مع الله، وفي نهاية المطاف، خان الله مع ملائكة كثيرين. لقد عشتُ في فخّ شخصيتي المتعجرفة ولم أقبل الحق وأجبرتُ الآخرين على الاستماع لي. كنتُ أقاوم وأخون الله تمامًا مثل رئيس الملائكة. تذكرتُ أيضًا أنه قبل إيماني بالله، كنتُ شخصًا متعجرفًا للغاية. احتقرتُ الذين كانوا أدنى مني منزلة، بمن فيهم إخوتي. عندما كنتُ طفلًا، وحينما لم أحصل على أفضل درجات في الامتحانات، وبَّخني أبي بصوت عالٍ: "عليك أن تحصل على المرتبة الأولى في امتحاناتك وتسبق أي شخص آخر!" كما اعتادت جدتي أن تقول لي: "عليك أن تسعى جاهدًا لتكون الأفضل حتى تحظى بالاحترام". بعد سماعهما يقولان هذه الأمور، حاولتُ دائمًا أن أتميّز عن أي أحد آخر وأضع نفسي في الصدارة وأظْهِر نفسي أقوى من الآخرين. كنتُ أظن أن الاستماع إلى الآخرين جعلني أبدو سيئًا، لذا لم أرغب في الأخذ بنصيحة الآخرين. لم أدرك أن هذه الآراء خاطئة تمامًا إلا من كلام الله. لطالما وضعت نفسي فوق الآخرين ورفضت الخضوع لأيْما امرئ. هذه شخصية شيطانية. إنْ لم تتغير هذه الشخصية، فلن أفشل في تحقيق نتائج مثمرة في واجبي فحسب، بل سأفعل الشر وأقاوم الله، وفي النهاية، سيستبعدني الله ويعاقبني. كما أفهمني قراءة كلام الله أن واجبي ليس مهنتي الشخصية، بل هو عمل الكنيسة. عندما أواجه صعوبات، عليَّ أن أعمل مع الآخرين لحلّها، وقبل اتخاذ قرار، يجب أن أطلب النصيحة من شركائي. إنْ اتخذت قرارات دون مراعاة آراء الآخرين وأخّرت العمل الكنسيّ، فإنّ القيام بواجبي بهذه الطريقة هو فعل للشرّ. وبمجرد أن أدركتُ هذا، أردتُ تغيير سلوكي تجاه واجبي والتعاون مع الآخرين بانسجامٍ.
لاحقًا، خلال تعبُّداتي، رأيتُ مقطعًا آخر من كلام الله: "ماذا تقولون: هل يصعب التعاون مع الآخرين؟ إنه ليس كذلك في الواقع. ويمكنك حتى القول بأنه سهل. لكن لماذا لا يزال الناس يشعرون بأن هذا صعب؟ لأن لديهم شخصيات فاسدة. وبالنسبة إلى أولئك الذين يملكون الإنسانية والضمير والحس، فإن التعاون مع الآخرين سهل نسبيًا، ومن المرجح أن يشعروا أنه شيء بهيج. ونظرًا لأنه ليس من السهل على أي شخص إنجاز الأشياء بمفرده، بصرف النظر عن المجال الذي يشارك فيه أو ما يفعله، فمن الجيد دائمًا وجود شخص يبين الأمور ويقدم المساعدة؛ فهذا أسهل بكثير من أن يعملوا ذلك بأنفسهم. وأيضًا، ثمة حدود لما يمكن لقدرات الناس أن تحققه، أو ما يستطيعون هم أنفسهم أن يختبروه. لا يمكن لأحد أن يتقن كل المهن؛ إذ يستحيل على شخص واحد أن يعرف كل شيء، وأن يتعلم كل شيء، وأن ينجز كل شيء؛ فذلك مستحيل، وينبغي أن يمتلك الجميع مثل هذا المنطق. إذًا، مهما كان ما تفعله، سواء كان مهمًا أم لا، يجب أن يكون معك دائمًا أشخاص يساعدونك ويعطونك إرشادات ونصائح ويعاونونك في الأمور. بهذه الطريقة، ستؤدي الأمور بشكل أصحّ، وستزداد صعوبة اقتراف الأخطاء، وسيقلّ احتمال انحرافك، وكل هذا للأفضل" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند الثامن: يجعلون الآخرين يطيعونهم دون غيرهم، ولا يطيعون الحقَّ ولا الله (الجزء الأول)). وبعد التأمل في كلام الله، أدركتُ أنه فقط بالتعاون مع الآخرين يمكننا أن نفي حقًا بواجباتنا ونحيا بحسب إنسانيتنا الطبيعية. كنتُ أعتقد أن بعض شريكاتي لم يقبلن عمل الله إلا لبضعة أشهر وبدأن للتوّ في عمل السقاية، لذلك لم يفهموا أشياء كثيرة، بينما آمنت بالله لثلاث سنوات وكانت لدي خبرة أكثر منهم، لذا لم أقبل اقتراحاتهن وآرائهن قطّ. الآن فقط أدركتُ أن هذا الرأي كان خاطئًا. ومع أنني كنتُ أؤمن بالله لفترة أطول ولدي خبرة أكثر منهن، إلا أن هذا لا يعني أنني كنتُ أفضل منهن في كل شيء. من المستحيل أن أؤدي واجبي كما يجب دون التعاون مع إخوتي وأخواتي. أحيانًا في الاجتماعات، فهمتُ بعض الحقّ في الظاهر وقمت بالمشاركة بشكل سيء، لذا احتجتُ إلى شريكٍ حتى أتمكّن من المشاركة بشكل أكثر وضوحًا. أحيانًا لم يتمكّن المؤمنون الجُدُد من حضور الاجتماعات بسبب المرض، أو لم يتمكّنوا من الحضور بانتظامٍ بسبب العمل، ولم أتمكّن من إيجاد كلام الله الذي ينطبق على أوضاعهم، لذا كنتُ بحاجة إلى شريكاتي أيضًا. في واقع الأمر، كل شخص لديه فرصة أن يستنير من الله. لم يمنحني الله الاستنارة والمقدرة وحدي فحسب. لقد اعتَدَدْتُ بنفسي وظننتُ أن الآخرين أغبياء. كان هذا خطأً وحماقة. لا تعتمد استنارة الله وإرشاده على مقدار خبرة العمل التي نمتلكها، بل تعتمد على قدرتنا في طلب الحقّ وقبوله. ولكل شخص نقاط قوة، تمامًا مثل الأخت جونّا، التي تحمَّلت عبئًا في واجبها وكثيرًا ما قدّمتْ اقتراحات جيدة. كان يجب أن أتعاون مع أختي وأتعلّم من نقاط قوتها لتعويض أوجه قصوري.
لاحقًا، حاولت الاستماع إلى آراء إخوتي وأخواتي في أدائي لواجبي. في نهاية كل اجتماع، عندما طلبت مني أختي سؤال المؤمنين الجُدُد كُلّ على حِدَة عمّا إذا فهموا ما قيل، فعلتُ كما اقترحت ولم أعد أقاوم كما كنت من قبل. أيضًا، عندما طَلَبَتْ مني المشاركة بمزيد من التفصيل مع المؤمنين الجُدُد في الاجتماعات وأن أحاول بذل قصارى جهدي لحل مشكلات المؤمنين الجُدُد، فقد فعلتُ ذلك أيضًا. أحيانًا، كانت تقدّم لي بعض الأفكار الجيدة لسقي المؤمنين الجُدُد، وكنتُ أنفِّذها. بعدئذ، رأيتُ أن المزيد من المؤمنين الجُدُد يحضرون الاجتماعات، وهذا ما جعلني أشعر بسعادة غامرة. فكَّرتُ في كلام الله: "لا يعمل الروح القدس فقط في أناس معينين يستخدمهم الله، ولكنه يعمل أكثر في الكنيسة. ويمكن أن يعمل في أي شخص. فقد يعمل فيك في الحاضر، وعندما تختبر هذا، قد يعمل في شخص آخر بعدك. أسْرِعْ بالامتثال؛ فكلما اتبعت النور الحاضر من كثبٍ، أمكن لحياتك أن تنمو. لا تهم الطريقة التي قد يتبعها الإنسان للتحقق من الامتثال، ما دام الروح القدس يعمل فيه. اختبر الأمر بالطريقة التي يختبرونها بها، وستتلقى أمورًا فائقة، وبذلك تتقدم أسرع. هذا هو طريق الكمال للإنسان وتلك هي الطريقة التي تنمو من خلالها الحياة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. مَنْ يطيعون الله بقلب صادق يُربَحون من الله بالتأكيد). جعلني كلام الله أفهم الأمور بشكل أكثر وضوحًا أنه لا يمكنني أن أكون متعجرفًا وأصِرُّ على طريقتي في أدائي لواجبي ويجب أن أتعاون مع الآخرين. هذا لأن الروح القُدُس يمنح الاستنارة للجميع ويُنيرهم. لا يهم كم من الوقت آمن شخص ما بالله أو عمّا إذا كان يتمتع بمكانة، طالما أنّ ما يقوله يتوافق مع الحقّ، فيجب أن نقبل ونمتثل. إنْ رفضنا الاستماع، فلن يباركنا الله في واجبنا. لقد بيَّن لي هذا الاختبار أهمية التعاون بانسجامٍ في أدائي لواجبي.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.