معرفة نفسي من خلال الإخفاقات والانتكاسات

2022 ديسمبر 16

"إذا أراد الإنسان أن يتطهر في حياته ويحقق تغييرات في شخصيته، وإذا أراد أن يحيا حياة ذات معنى، وأن يفي بواجبه كمخلوق، فيجب عليه أن يقبل توبيخ الله ودينونته، ويجب ألا يسمح لتأديب الله وضربه أن يبتعدا عنه، حتى يتمكن من تحرير نفسه من تلاعب الشيطان وتأثيره، ويعيش في نور الله. اعلم أن توبيخ الله ودينونته هما النور، ونور خلاص الإنسان، وأنه لا توجد بركة أو نعمة أو حماية أفضل من ذلك للإنسان".

– اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة، توبيخ الله ودينونته هما نور خلاص الإنسان

في كل مرة أنشد فيها هذه الترنيمة، أفكِّر في اختبار عندما كنت حديثة العَهْد بالإيمان. حينئذٍ، كان كلام الله: "اعلم أن توبيخ الله ودينونته هما النور، ونور خلاص الإنسان، وأنه لا توجد بركة أو نعمة أو حماية أفضل من ذلك للإنسان" ،مُبْهمًا لي. راودني شعور أن اجتياز الدينونة والتوبيخ لا بد وأنه مؤلم حقًّا، فلماذا يقول الله إنهما حماية وبركة للبشرية؟ ثم لاحقًا، اختبرتُ دينونة كلام الله حقًّا، وتهذّبت وتم التعامل معي، لذا توصّلت إلى فَهْم هذا شخصيًّا وشعرت بمدى عمليَّة كلام الله.

أتذكَّرُ في أواخر يونيو 2015، انتُخِبتُ واعظة أخدم في خمس كنائس مختلفة. في البداية، شعرت بالتوتر عندما اجتمعتُ مع القادة والشمامسة من تلك الكنائس، وانتابني القلق من أن فهمي للحقّ كان سطحيًّا للغاية، ولن أكون مفيدة للآخرين. لذا حاولت الاستعداد قبل كل اجتماع. واضعة في اعتباري مناقشة كلام الله بعبء حقيقيّ جِدِّيًّا. بعد الشركة عن كلام الله، كنت أسأل الآخرين عن الصعوبات التي واجهوها. وكان القلق يساورني من أن يطرحوا مشكلات لم اختبرها ولن أعرف كيفية الإجابة عنها، لذا صليّتُ، طالبة من الله أن يرشدني لأكون صادقة وأقدم شركة عما فهمته فحسب. عندما لم أكن أفهم ذلك، كنت أصارح الجميع أن ليس ليّ بصيرة لذلك. ثم لاحقًا، كنت أصلي وأقوم بالمزيد من البحث. وبعد ممارستي لهذه الطريقة لبعض الوقت، بدأت في استيعاب بعض مبادئ عمل الكنيسة شيئًا فشيئًا، وتعلَّمتُ المزيد عن الوظيفة. شعرت بدافعٍ أكبر مما شعرت به في البداية، فكنت أعمل لساعات طويلة جدًا. لم أعد أهاب الاجتماعات مع قادة الكنائس بعد الآن، وخَطَرتْ لي بعض الأفكار حول كيفية حلّ المشكلات. أحيانًا عندما كنت أسمع أن الإخوة والأخوات يقولون إنني صغيرة جدًا، وحديثة الإيمان، لكنني أتحلّى بالإيمان الشديد وقادرة على المعاناة ودفع ثمن، وإنني سعيت للحقّ، كنت أشعر بالرِّضا عن نفسي. لم يمضْ وقت طويل حتى أدرت بعض انتخابات الكنيسة. اُخْتِيرَ كل قادة وعُمّال الكنائس التي كنت مسؤولة عنها، واحدًا تِلو الآخر. وعندما رأيت الأمور تتغير بهذه الطريقة، شعرت أنني أبليتُ بلاءً حسنًا في عملي، إذًا لا عَجَب أنني اُخْتِرْتُ واعظة! ذلك لأنني تمتعت بقدرة جيدة، وكنتُ موهوبة في الكنيسة.

ثم في أواخر أغسطس 2015، فقط عندما شعرت أنني كنت أُبلي بلاء حسنًا في واجبي، أخبرتني قائدتي العُليا، أنه بسبب حَداثة سِنّي، وعدم نضجي في إنسانيتي، وافتقاري للخبرة الحياتية، لم أستطع حلّ المشاكل الفعلية للإخوة والأخوات، لذا بُناءً على المبادئ، لم أكن أهْلاً للخدمة كواعظة، ويجب أن أبدأ التدريب كقائدة كنيسة. لم أجرؤ على التفوّه بأي كلمة حينها، لكنني شعرت بالارتباك الشديد. شعرت أنه رغم أن خبرتي الحياتية كانت محدودة، فقد أحرزت تقدّمًا سريعًا منذ أن صِرتُ واعظة، وتعلّمت بضع مبادئ من عمل الكنيسة. لقد تمكّنت أيضًا من إدارة بعض الانتخابات الكَنَسيَّة مؤخرًا، وقال عني الآخرون أنني سعيتُ للحقّ. شعرت كما لو أن تعديل واجبي بهذه الطريقة لم يكن مُنْصِفًا لي. كذلك، لم يكن فهمي ومقدرتي سيئين، ومن بين جميع الذين عملت معهم، كنت الأسرع في الاستجابة والتعلُّم، لذا كانت إمكاناتي للتقدّم هي الأكبر. فضلاً عن ذلك، ومن بين العديد من الوُعَّاظ، كنت الوحيدة التي بلا تعقيدات أُسريّة. كان لديّ إيمان قلبيّ وكنت قادرة على المعاناة ودفع ثمنٍ في واجبي، فلماذا نُقِلْتُ؟

لعدّة أيام، كان ذلك هو الشيء الوحيد الذي فكرتُ به، وعَجَزْتُ عن إيجاد أي سلام داخليّ. أتيتُ أمام الله وصلّيتُ: "إلهي، لقد نُقِلتُ خارج نطاق واجبي. ما الدرس الذي أحتاج لتعلّمه هنا؟ إني لا أستطيع رؤية مشكلتي الخاصة – أرجوك أرشدني". بعد ذلك قرأت هذا المقطع من كلام الله: "عند مواجهة مشاكل الحياة الحقيقيّة، كيف يجب أن تعرف وتفهم سلطان الله وسيادته؟ عندما لا تعرف كيف تفهم هذه المشاكل وتعالجها وتختبرها، ما الموقف الذي يجب عليك اتّخاذه لإظهار نيّتك ورغبتك وحقيقة خضوعك لسيادة الله وترتيباته؟ أولًا، يجب أن تتعلّم الانتظار ثم يجب أن تتعلّم السعي ثم يجب أن تتعلّم الخضوع. "الانتظار" يعني انتظار توقيت الله، وانتظار الناس والأحداث والأشياء التي رتّبها لك، وانتظار إرادته في أن تكشف لك عن نفسها بالتدريج. "السعي" يعني ملاحظة وفهم نوايا الله العميقة لك من خلال الناس والأحداث والأشياء التي وضعها، وفهم الحقيقة من خلالها، وفهم ما ينبغي أن يُحقّقه البشر والطرق التي ينبغي عليهم أن يسلكوها، وفهم النتائج التي يقصد الله تحقيقها في البشر والإنجازات التي يقصد تحقيقها فيهم. يشير "الخضوع" بالطبع إلى قبول الناس والأحداث والأشياء التي نظّمها الله وقبول سيادته، ومن خلال ذلك، معرفة كيف يأمر الخالق بمصير الإنسان وكيف يُدبّر للإنسان حياته وكيف يُوصّل الحقيقة إلى الإنسان" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (3)). أدركت كذلك أن واجبي قد تغيّر، ورُغم أنني لم أفهم مشيئة الله أو أعرف الدرس الذي يجب أن أتعلّمه، كان يَجْدر بي على الأقل أن يكون لدي سلوك خضوع، وأنتظر وأطلب مشيئة الله. إنْ بقيتُ ساخطة طوال الوقت، فذلك لم يكن يُصعّب الأمور على الآخرين، بل هو تمرّد على الله. لاحقًا، صلّيتُ إلى الله، واستعددتُ للخضوع وبذل قصارى جهدي لأكون قائدة كنيسة.

بعد شهرين، أخبرتني شريكتي، الأخت شو، أن الكنائس كانت تنتخب واعظًا، وسَمِعتْ أن قائدتها العُليا قد سَمَّت المُرَشَّحين. عند سماعي لهذا، لم أستطع تهدئة نفسي. أجبتُها على الفور: "ماذا؟ سمّت المُرَشّحين؟ تَنُصّ مبادئ الانتخابات بوضوح على أنه لا يُسمح لأحدٍ بتسمية المُرَشّحين، وهذه من نوعية الأشياء التي يفعلها الشيطان، والتنين العظيم الأحمر. والقيام بذلك يُعَدُّ انتهاكًا للمبادئ". سارعتْ شريكتي بالردّ: "هذا شيء سمعته، لكنني لا أعرف مدى صِحّته. لا تذهبي وتنشري تلك الشائعة فحسب". عندما قالت ذلك، وافقتُ شفهيًّا، لكن بداخلي ظَلَلْتُ أفكر في الأمر. لا دُخَان من دون نارٍ، لذا، إنْ لم تقم القائدة العُليا بذلك، فلماذا يَختلق شخص ما ذلك عشوائيًا؟ لا بد وأنها فعلت ذلك واكتُشِفَ الأمر، وهذا هو سبب الحديث عنه. كنتُ واعظة من قبل وقد نَقَلتْنِي من ذلك المنصب. والآن عيَّنت مُرشّحين. كانت تتصرف حقًّا بلا مبادئ. وهكذا، ذكرتُ هذا لقائدةٍ في كنيسةٍ أخرى، الأخت لين. وبعد فترة وجيزةٍ، أخبرتني الأخت لين أنها قد توصّلت لفهم المشكلة في اجتماع زملاء العمل. وأنّ القائدة العليا اختارت أناسًا، لانتخابهم بعيدًا عن قادة الكنيسة الأفضل قليلاً. لم يكن ذلك تعيين مرشحين. قالت القائدة العليا أيضًا إنه بنشري لتلك الشائعة عشوائيًا، كنتُ أعَرْقلُ عمل الكنيسة. وحينما سمعت ذلك، شعرت بظلمٍ شديدٍ، وشعرتُ أنه لم يكن لديّ ذلك النوع من الدافع. لقد أخبرت الأخت لين عمّا أعرفه بإيجازٍ فحسب. كيف ستكون صورتي بعد ما قالت القائدة العليا بأنّ لديّ دوافع، وشرحت جوهري أمام مَرْأى الجميع؟ شعرت بالظلم أكثر كلما فكّرتُ في الأمر، وعجزتُ عن كَبْح دموعي. كنتُ أصلّي إلى الله مِرارًا وتكرارًا، أطلب منه إرشادي لتَعلُّم درسٍ. أصابني الاكتئاب والبؤس لبضعة أيام، ولم يكن لديّ طاقة في أي شيء فعلته. ثمّ في اجتماع، قرأت مقطعًا من كلام الله: "تحذير لمن لا يمارسون الحق" وذلك منحني بعض الفهم عن نفسي. تقول كلمات الله، "إن الإخوة والأخوات الذين يطلقون العنان لسلبيتهم هم خدام الشيطان، ويشوشون على الكنيسة. هؤلاء الناس يجب طردهم واستبعادهم يومًا ما. إذا لم يملك الناس في إيمانهم بالله قلبًا يتقيه، ولم يملكوا قلبًا يُطيعُ الله، فلن يكونوا غير قادرين على القيام بأي عمل لله فحسب، بل على النقيض سيصبحون أناسًا يعطلون عمله ويتحدَّونه. ... الله دائمًا في قلوب من يؤمنون به بصدق، وهم يملكون بداخلهم قلبًا يتقي الله ويحبه. على أولئك الذين يؤمنون بالله أن يفعلوا الأشياء بحذرٍ وحكمة، ويجب أن يكون كل ما يفعلونه وفقًا لمتطلبات الله ويرضي قلبه. يجب ألا يكونوا أشخاصًا عنيدين يفعلون ما يحلو لهم؛ فهذا لا يلائم الاستقامة المقدسة. لا يجب أن يندفع الناس إلى الشوارع كالمجانين ملوحين بلواء الله فوق المكان، بينما يمارسون الخداع والتبجح في كل مكان؛ فهذا أكثر السلوكيات تمردًا. للعائلات قواعدها، وللأمم قوانينها، أليس الوضع أكثر حزمًا في بيت الله؟ أليست المعايير أكثر صرامة؟ أليست هناك مراسيم إدارية أكثر؟ الناس أحرار ليفعلوا ما يريدون، ولكن لا يمكن تعديل قوانين الله الإدارية وفقًا لرغبة كل شخص. الله إله لا يتسامح مع الإثم من البشر؛ فهو إله يميت الناس. ألا يعرف الناس هذا بالفعل؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله). كانت كلمات الله: "خُدّام الشيطان" و"يُشوّشون على الكنيسة" مؤثرة ومخيفة للغاية بالنسبة لي. بُناءً على كلام الله، كان إخبار الأخت لين أن القائدة العليا تُعيِّن المرشحين، دون استيعاب كامل لحقيقة الوضع، نشرًا وزرعًا للفتنة عشوائيًا. لقد حذّرتني الأخت شو بوضوحٍ، أن ذلك كان مجرد شيء سمعته، ولم تكن تعرف مدى صحته، لكنني استدرت فحسب وأخبرت الأخت لين. أردتُ أن يعتقد الناس أن القائدة العليا لم تكن تقوم بالأشياء بحسب المبدأ، وأنه في شيء مهم مثل الانتخابات، كانت تُعيِّن مُرشّحين، وتقوم بالأشياء سِرًّا، حتى يتحيّز الناس ضدّها. كان قيامي بذلك في الأساس تقويضًا للقائدة العليا، أتصرف وكأنني عميلة للشيطان، أعرقل عمل الكنيسة. لاحقًا، قرأت مقطعًا آخر من كلام الله: "من ينتمون إلى الشيطان سيرجعون إليه، بينما سيبحث من ينتمون إلى الله بالتأكيد عن الحق؛ هذا أمر تحدده طبائعهم. لِيَفنَ كل من يتبعون الشيطان! لن يتم إبداء أي شفقة على مثل هؤلاء الناس. وليحصل من يسعون إلى الحق على المعونة والتمتع بكلمة الله حتى ترضى قلوبهم. الله بار؛ ولا يُظهر أي تحيز لأحد. إن كنت إبليسًا فأنت غير قادر على ممارسة الحق. وإن كنت شخصًا يبحث عن الحق فبالتأكيد لن تكون أسيرًا للشيطان – لا شك في هذا" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تحذير لمن لا يمارسون الحق). وأنا أقرأ كلمة الله: "ليَفنَ كل مَن يتبعون الشيطان"، بدأت أرتجف خوفًا. إنْ لم أتُبْ، بل واصلت القيام بأشياءٍ تبعًا لأهوائي الخاصة، وتصرفت كعميلة للشيطان، سينتهي بي الأمر أن يكشفني الله ويَنْبُذني. وتأمّلتُ في هذا: "من ينتمون إلى الشيطان سيرجعون إليه، بينما سيبحث من ينتمون إلى الله بالتأكيد عن الحق". إذا كان بإمكاني البحث عن الحقّ لمواجهة تَعدِّياتي ومعرفة نفسي، ألا يمكنني أن أربح رحمة الله؟ ثم وجدت نفسي أتساءل: لماذا تَوَلّدَ لديّ ردّ فعل عنيف عندما أخبرتني الأخت شو أنّ القائدة العُليا قد عيّنت مُرشّحين؟ قبلها بشهرين، عندما تغيّر واجبي، لم أشعر بالسعادة حقًّا حيال ذلك، وانْحَزتُ بشدّة ضد القائدة العُليا. لذا، عندما سمعت شخصًا ما يقول إن القائدة العُليا كانت تُعيّن مرشحين، راودني شعور بأنها لم تكن تقوم بالأشياء وفقًا للمبدأ، لذا أخبرت الأخت لين بذلك، راغبة في كَسْبها في صفّي وجعلها تنحاز ضد القائدة العليا، أيضًا. كنت أطلقُ الأحكام على القائدة العليا عَمْدًا وكان هناك عنصر انتقام كذلك. لقد كان دافعًا حقيرًا وخبيثًا! لقد استبدّ بي الندم حينما رأيت ذلك الجانب القبيح من نفسي. إنْ لم تقم القائدة العليا بتشريح جوهر أفعالي على الفور حتى يتمكن الجميع من رؤية دوافعي الحقيقية، فبمجرد وصول الأخبار الكاذبة للإخوة والأخوات، كانوا سيشعرون بتحيّز ضد القائدة العُليا، ولم يكن ليتمكّنوا من التعاون معها بشكل مُثمرٍ. وكان بالإمكان أن يؤثّر ذلك على عمل الكنيسة تأثيرًا مباشرًا. بعدئذ، سارعتُ بالمجيء أمام الله لأصلّي وأتوب. قلتُ: "إلهي، لقد تصرّفتُ كعميلة للشيطان، وعرقلت وأزعجت عمل الكنيسة. لا أريد مواصلة الحديث والتصرف بدافع الفساد. أريد فَهْم تَعدِّياتي وأفعالي الشريرة، وأن أتوب بصدقٍ. أرجوك، أرشدني".

كنتُ أصلّي وأطلب أمام الله آنذاك. لماذا كنتُ مقاومة لتغيير واجبي تلك المرّة، حتى إنني كنت أعمل لمصلحة الشيطان، أفتعل خلافًا بين إخوتي وأخواتي، وأُطلِقُ الأحكام على القائدة العُليا؟ ذات يومٍ، في إحدى صلواتي، قرأت كلام الله هذا: "أولئك الذين يعلون من شأن أنفسهم في حضرة الله هم أحطّ البشر، بينما مَن يظنون أنهم وضعاء هم الأكثر إكرامًا. وأولئك الذين يظنون أنَّهم يعرفون عمل الله، بل وقادرون على إعلان عمله للآخرين بجلبة كبيرة حتى حينما يثبتون أعينهم عليه، هم أكثر البشر جهلًا. مثل هؤلاء الناس هم بلا شهادة لله، وهم متغطرسون ومملوؤون غرورًا" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. جميع الناس الذين لا يعرفون الله هم مَن يعارضونه). "أحثكم جميعًا ألا تنظروا بِعُجبٍ إلى أنفسكم. إن كان يمكن لآخرين قبول دينونة الله، فلماذا لا يمكنكم أنتم قبولها؟ هل أنتم أرفع مقامًا منهم؟ إن كان باستطاعة آخرين أن يحنوا رؤوسهم أمام الحق، فلماذا لا يمكنكم القيام بالشيء نفسه أيضًا؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. المسيح يعمل عمل الدينونة بالحق). لقد نَفَذتْ دينونة كلام الله وإعلانه إلى قلبي مباشرةً. كنتُ من ذلك النوع من الأشخاص المغرورين والمُتَعَجْرفين. لقد خدمتُ كواعظة، وتعلّمتُ بعض المبادئ، لذا شعرتُ أن لديّ قدرة جيدة وسرعة في التعلُّم، وأنني موهوبة في الكنيسة ويجب تنميتي. عندما سمعت الإخوة والأخوات وهم يُثنون على قدرتي على المعاناة، ودفع ثمن في واجبي، والسعي إلى الحقّ في هذه السِّن المبكرة، بدأتُ أفكّر كثيرًا في نفسي. وأعطيت نفسي لقب الباحثة عن الحقّ. لقد شاركت معي القائدة العُليا عن المبادئ، وقالت إن موقفي الفعليّ جعلني غير ملائمة للخدمة كواعظة، لكنني لم أتقبّل ذلك. وحتى شعوري أن واجبي قد تغيّر، كانت محاولة من القائدة العُليا لتُصَعِّب عليّ الأمور، وأنها لم تكن تتبع المبادئ. فكّرتُ كثيرًا في نفسي، وظننتُ أنني عظيمة، دون أي التفات إلى ما خُلِقتُ منه حقًّا. كنت أيضًا على قناعةٍ تامةٍ أنني ملائمة تمامًا لأن أكون واعظة، لكن في الواقع، لم أكن مؤمنة من فترة طويلة وافتقرت للخبرة الحقيقية. وبمواجهة بعض المشاكل العمليّة، مثل أن قادة الكنيسة لا يتعاونون كما ينبغي، لم يكن لديّ الخبرة العمليّة لمساعدتهم. وبعد شهرين من تغيير واجبي، كنتُ لا أزال غير راضية عن ذلك، ولم يكن لديّ حتى أبسط قبول للموقف. حتى إنني كنت أحكم سِرًّا على أفعال القائدة العُليا على أنها تتعارض مع المبادئ. ملأتني غَطْرسة تفوق العقل. وعجزتُ عن حلّ مشاكل حقيقية بالاستعانة بالحقّ وجهلتُ كيف أختبر عمل الله. كذلك، لم أمْتَثِل حقًّا أو أتعلّم دروسًا عند مواجهة المشكلات. كانت تلك الأشياء كافية فحسب لإظهار افتقاري للخبرة العمليّة، وأنني لم أفهم الحقّ، ولم يكن لديّ عِلْم بالفساد الذي أظْهَرْتُه. فكيف يمكنني حلّ المشكلات الفعليّة في تلك الكنائس؟ عندما غيَّرتْ القائدة العُليا واجبي، قالت إنه يعوزني الكثير من الخبرة الحياتية ولا يمكنني حل مشاكل حقيقية. بدون أن يكشف الواقع هذا، لم أكن لأرى أبدًا كم كنتُ مُتَغطرِسة.

ثم بعدئذ قرأتُ هذا المقطع من كلام الله: "يدينكم الله اليوم ويحكم عليكم ويوبِّخكم، ولكن يجب أن تدرك أن الهدف من إدانتك هو أن تعرف نفسك. إن الهدف من الإدانة واللعنة والدينونة والتوبيخ أن تعرف نفسك لكي تتغيَّر شخصيتك وتعرف قيمتك وترى أن جميع أعمال الله بارة ومتوافقة مع شخصيته ومتطلبات عمله، وأنه يعمل وفقًا لخطته لخلاص الإنسان، وأنه الإله البار الذي يحب الإنسان ويخلِّصه ويدينه ويوبِّخه" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. عليك أن تتخلَّى عن بركات المكانة وتفهم مشيئة الله لجلب الخلاص للإنسان). لقد تأثرتُ حقًّا بعد قراءتي لكلام الله. لو لم يتغير واجبي، لظَلَلْتُ أجهل مدى غَطْرستي. كشف القائدة العُليا لي، ودينونة كلام الله وإعلانه القاسيين، ضرباني في الصَّميم، لكنهما ساعداني على رؤية غطرستي، وافتقاري لاتقاء لله، وأنني كنت أتصرف كعميلة للشيطان من أجل مكانتي ومصلحتي، وأعَرْقِلُ عمل الكنيسة.

بعد ذلك، بذلتُ قصارى جهدي كقائدة كنيسة. كانت شريكتي، الأخت شو، تعتني بعائلتها إلى جانب القيام بواجبها. لم يكن لديّ مثل هذه الأنواع من المسؤوليات الأُسَريَّة، لذا كان لدي مُتَّسَع من الوقت قليلاً. عندما واجه الإخوة والأخوات صعوبات، كنت أذهب للشركة وحل الأمور بوَتِيرةٍ أكبر. في البداية، كنت أتفهّم وأسامح الأخت شو، لكن بعد فترةٍ، بدأت في الشعور وكأنني مُنشغلة أكثر منها. أحيانًا رأيت أنه حين تطرأ الأمور في عائلتها، كانت لا تتابع أو تتعامل مع شؤون الكنيسة على الفور، لذا كنت أشعر بالازدراء تجاهها. شعرتُ بأنها تَكِنُّ عاطفة جيّاشة لعائلتها، ومع مرور الوقت، سيُعطّل ذلك عمل الكنيسة. أحيانًا كنت أتقاسم الشركة مع الأخت شو، لكن رؤيتها وهي تبدو مُنزعِجة بعض الشيء، جعلني أتبنى نَبْرة ازدراء واحتقار تجاهها. شَعَرتْ الأخت شو أنني أقيُّدها، فهي خائفة من أنها إذا ارتكبتْ خطأً، فسأكون صعبة الطِّباع معها. وبما أنني لم يكن لدي فهم عميق لشخصيتي المُتَغَطْرِسة، سرعان ما بدأت مشاكلي القديمة في الظهور مجددًا.

لاحقًا، أصبحت الأخت شو مُرشَّحة لتكون واعظة، ثم انتُخِبَتْ. كان من الصعب عليّ تقبُّل ذلك عندما عَلِمتُ بالأمر. كنت أظن أنني لا أستطيع أن أكون مُرشّحة لمجرد حَداثة سِنّي، لكن كيف لم أرتقِ لمستوى الأخت شو؟ كانت لديّ قدرة أفضل منها، وكانت لديّ طاقة أكبر في واجبي، ولم أكن مُنْشغلة بعائلتي. كذلك، تهذّبتُ وتم التعامل معي مؤخرًا، ولقد فشلت وكُشِفتُ، واكتسبتُ بعض الفهم عن نفسي. كنتُ لا أزال أُظْهِر بعض الغطرسة، لكنني قد تغيّرت بالفعل قليلاً. والآن انتُخِبَتْ الأخت شو كواعظة، ومسؤولة عن عمل العديد من الكنائس، لكنني كنتُ مسؤولة عن كنيسة واحدة فحسب، إذًا فهل هذا يعني حقًّا أنني أفتقر إلى ذلك؟ كنتُ صغيرة جدًا – ألم يكن بقائي في تلك الكنيسة كقائدة إهدارًا لموهبتي؟ وبمقدرتي، أيمكنني تولّي مسؤولية كنيسة واحدة فحسب؟ لماذا لم تستطع قائدتي العُليا رؤية تقدّمي وتغيّري؟ كما هذّبتني وتعاملت معي الأخت الواعظة تشانغ في الاجتماعات عِدّة مرات متتالية. قالت: "في تعاملاتي الماضية معكِ، شعرتُ أنكِ تتمتعين بإنسانية حقيقية. إني مندهشة لرؤية مدى غَطْرستكِ واعتدادك بنفسكِ. بمقدرتكِ المتواضعة، تزدرين الآخرين وتُقيّدِينهم عند كل مُنْعَطَفٍ. ودَوْمًا تُظهِرين استياءكِ من الناس. الآن أرى أنكِ تفتقرين للإنسانية الحقيقية". شعرتُ بالصدمة عند سماعها تقول ذلك. لماذا تعيَّن عليها الحديث عن مشاكلي في كل اجتماع؟ ولماذا كانت قاسية عليّ؟ لقد أظهرتُ القليل من الفساد، وكنت متغطرسة بعض الشيء، لكن أكان ضروريًا مخاطبتي هكذا؟ عندما لا أقوى على التحمُّل، أركض إلى الحمَّام لأبكي سِرًّا. شعرتُ وكأنّ سِكِّينًا انْغَرَس في قلبي. كنت أدعو الله في صلاتي يوميًا، أطلب منه إرشادي لتعلّم درس.

أثناء تلك الفترة، قرأت كثيرًا من كلام الله عن دينونته وإعلانه. تَرَكَتْ إحدى تلك المقاطع لديّ انطباعًا عميقًا. تقول كلمات الله، "وسيكون من الأفضل لكم تكريس جهدٍ أكبر لحق معرفة الذات. لماذا لم تجدوا نعمة لدى الله؟ لماذا شخصيتكم مقيتة له؟ ولماذا يثير كلامكم اشمئزازه؟ حالما تُظهرون قليلاً من الولاء، تسبّحون، وتطلبون أجرة مقابل خدمة صغيرة، وتزدرون الآخرين عندما تظهرون نزرًا يسيرًا من الطاعة، وتصيرون مستهينين بالله عند إنجازكم مهمة تافهة. ولأجل قبول الله، تطلب المال والهدايا والمجاملات. وتحزن لإعطاء قطعة نقد أو قطعتين، وعندما تعطي عشر قطع، تطلب مقابلها بركات ومعاملة متميزة. إن من المزعج جداً الحديث عن طبيعة مثل طبيعتكم البشرية أو السماع عنها. وهل يوجد أي شيء يستحق المدح في كلماتكم وأفعالكم؟ أولئك الذين يؤدون واجبهم وأولئك الذين لا يؤدونه؛ أولئك الذين يقودون وأولئك الذين يتبعون؛ أولئك الذين يقبلون الله وأولئك الذين لا يقبلونه؛ أولئك الذين يتبرعون وأولئك الذين لا يتبرعون؛ أولئك الذين يعظون وأولئك الذين يتلقّون الكلمة، وهكذا: كل هؤلاء الناس يمدحون أنفسهم. ألا تجدون هذا مثيرًا للضحك؟ ومع العلم تمامًا أنكم تؤمنون بالله، فإنكم لا تستطيعون التوافق مع الله. ومع العلم تمامًا بعدم جدارتكم مطلقًا، تصرون على التفاخر بكل شيء. ألا تشعرون أن عقلكم قد فسد إلى درجة أنه لم يعد لديكم ضبط لأنفسكم؟ وبهذا المعنى، كيف َتَصلُحون للارتباط بالله؟ ألا تخشون على أنفسكم في هذه المرحلة الحرجة؟ وقد فسدت شخصيتكم بالفعل إلى درجة لا تستطيعون عندها التوافق مع الله. وهكذا، أليس إيمانكم مثيرًا للضحك؟ أليس إيمانكم مخالفًا للعقل؟ كيف ستتعامل مع مستقبلك؟ وكيف ستختار الطريق الذي ستسلكه؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أولئك الذين يخالفون المسيح هم من غير ريب معاندون لله). كشف كلام الله حالتي بدقةٍ. وبعد تعلّمي لبعض المبادئ في واجبي، شعرتُ انني أتمتع بقدرة عظيمة، وأنني موهوبة. عندما بذلتُ بعض التضحيات ودفعت ثمنًا قليلاً، أقنعتُ نفسي، وشعرتُ أنني سعيتُ للحقّ. عندما كنتُ والأخت شو شريكتين في واجبنا، قمتُ بعمل أكثر قليلاً وشعرت وكأنني أسعى أكثر منها، وأنني الأفضل. وبرؤية الأخت شو تتعطل بسبب شؤونها الأسَريَّة، لم أكن أفهمها، لكنني قلَّلْتُ من قيمتها ونظرتُ إليها بازدراءٍ، وكنتُ أجْنَح إلى رَمْقها بنظرات احتقار. لم أكِنّ لها أي محبّة إطلاقًا، لكن لطالما قمت بكَبْحِها. كان ذلك يكشف تمامًا عن شخصية متغطرسة، وكان ذلك مُقزَّزًا لله. ومع أن الأخت شو كانت تعاني من تعقيدات أُسريّة، فقد تَمَتّعتْ بإنسانية حقيقية وكانت صلبة في القيام بواجبها. كذلك، كانت شركتها عمليّة حقًّا، ويمكنها حل الصعوبات التي يواجهها الآخرون. كما هو الحال أثناء المواسم المزدحمة في الزراعة، كان يتأخر بعض الناس عن الاجتماعات أو لا يحضرون بانتظامٍ. كنت أشاركهم أن هذا هو الوقت الحاسم للسعي إلى الحقّ، وأنهم لن يربحوا شيئًا من الانشغال دائمًا بحياة الجسد، والأحمق فقط هو مَن سيُدمّر نفسه بجَشَعِه للراحة. كنت أشاركهم حول تلك التفاهات المُبْتَذلة الفارغة، ويُومِئون جميعًا برؤوسهم بالموافقة، لكن بعدئذ، كانوا يبقون منشغلين بعملهم الزراعيّ الحضور متأخرًا للاجتماعات. لكن كانت لدى الأخت شو بعض التعقيدات الأسريّة، لذا بوسعها أن تتفهّم صراعاتهم الواقعية. وتشارك الإخوة والأخوات بخبراتها لمساعدتهم. وهم يستمعون ويشعرون بذلك وكأنه عملّي حقًّا، ثمّ يعودون عادةً إلى الاجتماع بانتظام مجددًا. كان كلانا يعقد شركة مع الإخوة والأخوات. لم أتمكّن من حلّ مشاكلهم الفعلية، لكن الأخت شو تمكّنت من إحراز نتائج حقيقية بشركتها. من هذا يمكن أن نرى أن لديها بالفعل بعض الخبرة العمليّة.

لاحقًا، قرأت مقطعًا آخر من كلام الله: والذي ساعدني على فهم ماهية الواقع. تقول كلمات الله، "إن إعلاء كلام الله وقدرتك على شرحه بلا خجل لا يعنيان أنك تقتني الحقيقة؛ فالأمور ليست بالبساطة التي تتخيَّلها. ما إذا كنتَ تقتني الحقيقة من عدمه لا يعتمد على ما تقوله، بل بالحري يعتمد على ما تحياه. فقط عندما يصبح كلام الله حياتك وأسلوبك الطبيعي في التعبير، يمكن أن يُقال إنك تقتني الحقيقة، وعندئذٍ فقط تُعَد واحدًا ممَّن اكتسبوا فهمًا حقيقيًا وقامة فعلية. لا بد أن تكون قادرًا على تحمُّل الاختبار لمدد طويلة، ولا بد أن تكون قادرًا على أن تحيا الصورة التي يطلبها الله. لا يجب أن يكون ذلك مجرَّد استعراض، بل يجب أن يتدفق منك على نحو طبيعي. حينئذٍ فقط ستقتني بحقٍ الحقيقة، وحينئذٍ فقط تكون قد ربحت الحياة. ... ويل للمتعجرفين والمتكبّرين، وويل لمَنْ لا يعرفون أنفسهم؛ فمثل هؤلاء الناس ماهرون في الحديث، ولكنَّهم الأسوأ عندما تتحوَّل كلماتهم إلى سلوك؛ وما إن تلوح أقل بادرة متاعب، يبدأ أولئك الناس في الشك، ويتسلَّل فكر الانسحاب إلى عقولهم. إنَّهم لا يقتنون أي حقيقة؛ فكل ما لديهم نظريات أعلى من الدين، من دون أي حقيقة يطلبها الله الآن. أكثر ما يثير اشمئزازي هم أولئك الذين يتكلَّمون عن النظريات فحسب دون أن يقتنوا أي حقيقة. إنَّهم يصيحون بأعلى صوت عندما يضطلعون بعملهم، لكنَّهم ينهارون بمجرَّد أن يُواجَهوا بالحقيقة. أما يُظهِرُ ذلك أن أولئك الناس لا يقتنون الحقيقة؟ مهما كانت الريح والأمواج عاتية، إذا كان بوسعك أن تظل ثابتًا دون أن تدع ذرة من شك تدخل عقلك، وأن تستطيع أن تظل صامدًا وأن تبقى خاليًا من الإنكار، حتى عندما لا يبقى أحد غيرك، فعندها ستُحسب ضمن أولئك الذين يتمتَّعون بفهم حقيقي، وأنك بصدق تقتني الحقيقة. أمَّا إذا كنتَ تتغيَّر بتغير اتجاه هبوب الريح أَيَّما كان، وإذا كنت تتبع الأغلبية، وتتعلَّم ترديد حديث الآخرين، مهما كنت فصيحًا، فلن يُعَد هذا دليلًا على اقتنائك للحقيقة؛ لذلك أشير عليك ألا تسارع إلى الصياح بكلام فارغ. هل تعرف ما الذي سيقوم به الله؟ لا تتصرَّف كبطرس آخر، خشية أن تجلب على نفسك الخزي وتخسر قدرتك على رفع رأسك عاليًا؛ فلن يفيد ذلك أحدًا. ليس لدى غالبية الناس قامة حقيقية. ومع أن الله قد قام بقدرٍ كبيرٍ من العمل، لكنَّه لم يُنزل الحقيقة على الناس، أو بمعنى أدقّ، لم يوبِّخ الله أحدًا بصفة شخصية مطلقًا. لقد كشفت تلك التجارب بعض الناس، حيث راحت أياديهم الآثمة تزحف إلى الخارج أكثر فأكثر، مُعتقدين أنَّه من السهل أنّ ينالوا الأفضل من الله، وأن يفعلوا ما يحلو لهم. لمَّا كانوا غير قادرين على تحمُّل حتى هذا النوع من التجارب، تكون التجارب الأكثر صعوبة مستحيلة لهم، وكذلك يصبح اقتناء الحقيقة أيضًا أمرًا مستحيلًا. أما يحاولون خداع الله فحسب؟ إن اقتناء الحقيقة ليس بالشيء الذي يمكن تزييفه، ولا الحقيقة شيء يمكنك بلوغه من خلال معرفته، لكنَّه يعتمد على قامتك الفعلية، وعلى ما إذا كنتَ تستطيع تحمُّل كل التجارب أم لا. هل تفهم؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. ليس اقتناء الحقيقة إلَّا ممارسة الحق). إنّ كلام الله واضح تمامًا. إن امتلاك الشخص للواقع لا يتعلّق بما يقوله فحسب، لكن الأمر يتعلّق بما إذا كان يمارس الحقّ، وإذا كان يشهد لله فيما يحيا بحسبه. إنْ كنتَ تفهم العقيدة وتظن أنك تمتلك الواقع، فتلك غَطْرَسة وافتقار للمعرفة الذاتية. شعرتُ عمومًا أنني ممتلئة بالإيمان، وأنني أتعامل مع عمل الكنيسة في الوقت المحدد، لقد ملأني الحماس في واجبي وبدا أنني قادرة على الخضوع لله، ولكن بعد انتخاب الأخت شو كواعظة، فقدت اتزاني. شعرتُ أنني أفضل منها، وأكثر قدرة، فلماذا لم أُخْتَرْ؟ تضاعفت الشكاوى في قلبي، وشعرتُ بعدم الإنصاف. وبناءً على ما عَرَضْتُه، لم أكن أعرف نفسي حقًّا، ولم أكن لأخضع للموقف الذي رتّبه الله لي. لم أكن أمتلك واقع الحقّ إطلاقًا. كان لديّ بعض الحماس في واجبي ويمكنني التحدث بإسْهابٍ عن العقيدة. لقد اعتقدت بالخطأ أن هذه الأشياء هي قامتي الفعليّة، لكن في الواقع، لم أفهم حقًّا الصعوبات الفعلية التي يواجهها الإخوة والأخوات، وعجزتُ عن حلّ مشاكلهم الحقيقية. كان السماح لي بالخدمة كقائدة كنيسة يمنحني فرصة بالفعل، لكنني لم أعرف نفسي إطلاقًا وأردتُ أن أقاتل لأكون واعظة. ملأتني الغَطْرسة بشكلٍ فاق العقل. أردتُ أن أحظى بتقدير خاص من الله، مما يُعدّ مستحيلاً. إنّ الله لا يحب شخصًا خارج عن السيطرة، ومُجَرَّد من العقل. وحينما رأيت أن لديّ شخصية مُتغطرسة ولم أُجرِ أي تغييرات، وكان سلوكي مُقزَّزًا وبغيضًا لله، شعرتُ بندمٍ بالغٍ. وشعرتُ ببلادة شديدة ولم أكن أعرف نفسي حقًّا. لو لم تتعامل الأخت تشانغ معي، لما تمكنت من رؤية مشاكلي.

بعدئذ، قرأت مقطعًا آخر من كلام الله، مما ساعدني على فهم مشيئة الله. تقول كلمات الله، "لذلك عندما تعانون من قليل من القيود أو المصاعب، فهي نافعة لكم، أما لو كنتم قد مُنحتم وقتًا سهلاً، لكنتم قد تضررتم، وعندها كيف كنتم ستتمتعون بالحماية؟ إنكم اليوم تُمنحون الحماية لأنكم تُوبَّخون وتُدانون وتلعنون، وتنالون الحماية لأنكم قاسيتم الكثير، ولولا هذا، لكنتم قد سقطتم في الفساد منذ أمدٍ بعيد. هذا لا يعني تصعيب الأمور عليكم عن عمد؛ فطبيعة الإنسان يصعب تغييرها، ولا بد من أن يكون الأمر هكذا حتى تتغير شخصيته. إنكم اليوم لا تمتلكون حتى الضمير والرشد الذين تمتع بولس بهما، وليس لديكم حتى الوعي الذاتي الذي كان لديه. لا بد أن توجدوا دائمًا تحت ضغطٍ، وأن تُوبَّخوا وتُدانوا دائمًا حتى تستفيق أرواحكم. ليس هناك أفضل لحياتكم من التوبيخ والإدانة، ولا بد أن يكون هناك أيضًا – عند الضرورة – توبيخ مجيء الحقائق عليكم، حينئذٍ فقط تخضعون بالكلية. إن طبائعكم هي أنكم من دون توبيخ ولعنة سوف ترفضون أن تحنوا رؤوسكم وتخضعوا. من دون الحقائق الموجودة أمام أعينكم، لن يكون ثمة تأثير. أنتم أصحاب شخصيات وضيعة وعديمة القيمة! ومن دون توبيخ ودينونة، سوف يكون من الصعب إخضاعكم والغلب على إثمكم وعصيانكم. طبيعتكم القديمة متأصلة بعمق. هَب أنكم وُضِعتم على العرش، فلن تكون لديكم أدنى فكرة عن علو السماء وعمق الأرض، ناهيك عن أين تتجهون. إنكم حتى لا تعرفون من أين أتيتم، فكيف لكم أن تعرفوا رب الخليقة؟ لولا توبيخ اليوم ولعناته التي تأتي في حينها، لكانت أيامكم الأخيرة قد حلت منذ زمنٍ بعيد. هذا، ناهيكم عن مصيركم، أليس هذا في خطر وشيك؟ من دون التوبيخ والدينونة التي تأتي في حينها، مَنْ يدري كم كنتم ستصبحون متعجرفين، أو كم كنتم ستصبحون فاسقين؟ لقد أوصلكم هذا التوبيخ وهذه الدينونة إلى اليوم، وحَافَظَا على وجودكم. لو أنكم مازلتم "تُعلَّمون" بنفس طرق "آبائكم"، فمَن يدري أي عالم كنتم ستدخلونه. ليست لديكم قطعًا أي قدرة لتتحكموا في أنفسكم وتتأملوا فيها، لأنه لأناس مثلكم مجرد أن تتبعوا وتطيعوا دون أن تتسببوا في أي تدخل أو تشويش، فسوف تتحقق مقاصدي. أما ينبغي أن تبلوا بلاءً أفضل في قبول توبيخ اليوم ودينونته؟ أي خيار آخر لكم؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الممارسة (6)). لاحقًا، وأنا أقرأ كلام الله، وَمَضَ في ذهني مشهد بعد مشهدٍ من كوني واعظة إلى تغيير واجبي. استطعت أن أشعر حقًّا أن دينونة كلام الله وتهذيبه كانا حمايته لي. كنت مُتَعَجْرفة للغاية، لدرجة أنني لم أعرف الحقائق، إضافة إلى أنني كنت في غاية العِناد ومُتَمرِّدة في قلبي. لو لم تأتِ عليّ الحقائق مرارًا وتكرارًا بهذه الطريقة، فلا أدري إلى أي مدى كانت ستقودني غَطْرستي. بعد هذا الاختبار، يكون المعنى الحقيقي لهذه الكلمات: "اعلم أن توبيخ الله ودينونته هما النور، ونور خلاص الإنسان، وأنه لا توجد بركة أو نعمة أو حماية أفضل من ذلك للإنسان". شيء قد توصلت إلى فهمه قليلاً. إنْ أراد البشر تطهير شخصياتهم وتغييرها، فهذا لا ينفصل حقًّا عن دينونة الله وتوبيخه. وقد قدمت صلاة خضوع لله، وكنت على استعداد للبقاء في داخل هذا الواجب، وحتى وإنْ لم أتَرَقَّ أبدًا، كنتُ مُتأهِّبة وعلى استعداد للخضوع لترتيبات الله.

وبعد فترةٍ وجيزةٍ، تَلَقّيتُ رسالة من القائدة العُليا، تخبرني بأنني تَرَقّيتُ، وسأقوم بواجبي في مكان آخر. لم أتخيّل ذلك أبدًا. شعرتُ بالامتنان الشديد لله آنذاك. الحقيقة أنّ الله لم يكن يحاول أن يجعلني عالقة هناك، وغير قادرة على القيام بواجب آخر، بل كنتُ مثيرة للمشاكل وعلى النقيض في كل شيء فحسب، لذا كنتُ بحاجةٍ إلى اختبار مثل هذا الموقف لتطهيري وتغييري. ولقد اختبرتُ مقاصد الله المُخلِصة لخلاصي. شكرًا لله!

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

يمكنني الآن الحديث من القلب

عندما كنت أؤدي واجبي إلى جانب أخ أو أخت أخرى، إذا لاحظت عيبًا شخصيًا أو أنه فعل شيئًا لا يتوافق مع الحق، كنت أعلم جيدًا أنه يجب علي تقديم...

طاعة عمل الروح القدس أمر في غاية الأهمية

منذ فترة مضت، على الرغم من أنني كنت دائمًا أستوحي بعض الأفكار وأجد بعض المنفعة عندما كانت إحدى الأخوات، التي كنت أُزاملها، تشاركني الاستنارة التي اكتسبتها أثناء تناولها لكلمة الله والارتواء بها، إلّا أنني كان لديّ دائمًا شعور ثابت بأنها كانت تتباهى.

اترك رد